http://www.shamela.ws مت إعداد هذا امللف آليا بواسطة املكتبة الشاملة
الكتاب :الزواجر عن اقتراف الكبائر مصدر الكتاب :موقع اإلسالم
http://www.al-islam.com
[ الكتاب مشكول ومرقم آليا غري موافق للمطبوع ]
املؤلف :ابن حجر اهليتمي
بَلَغَنِي بَعْدَ َذلِكَ ،فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدِي إذْ أُوحِيَ إلَيْهِ فَقَالَ َأبْشِرِي وَقَ َرأَ ني ؛ لِأَنَّ َت ْوبَةَ الْقَا ِذفِ ُذكِرَتْ فِي الْآيَةِ هَذِهِ الْآيَةَ } وَقِيلَ هِيَ خَاصَّةٌ بِهَا ،وَقِيلَ بِأُمَّهَاتِ اْل ُمؤْمِنِ َ
الدنْيَا وَالْآخِرَةِ } َوهَذَا َّإنمَا يَكُونُ ِلمُنَافِقٍ الْأُولَى دُونَ هَذِهِ فَلَا َت ْوبَةَ فِيهَا لِ َق ْولِهِ تَعَالَى { :لُعِنُوا فِي ُّ
َبلْ كَافِرٍ لِ َق ْولِهِ تَعَالَى { :مَلْعُونِنيَ َأيَْنمَا ثُقِفُوا } َوَأيْضًا فَشَهَادَةُ الَْألْسِنَةِ َوغَيْ ِرهَا تَكُونُ لِ ْلمُنَافِقِ
جمَعُونَ { حَتَّى إذَا وَالْكَافِرِ لِ َق ْولِهِ تَعَالَى َ { ،وَي ْومَ ُيحْشَرُ َأعْدَاءُ اللَّهِ إلَى النَّارِ فَهُمْ يُو َزعُونَ } أَيْ ُي ْ مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ } الْآيَةَ .
َولُونَ الْقَائِلُونَ بِالْعُمُومِ بِأَنَّ هَذَا الْعِقَابَ كُلَّهُ ُيمْكِنُ َأنْ يَكُونَ لِقَا ِذفِ عَائِشَةَ َوغَيْ ِرهَا مِنْ َوأَجَابَ الْأ َّ الذْنبُ الت ْوبَةِ لِلْعِلْمِ بِ َذلِكَ مِنْ الْ َقوَاعِدِ اْلمُسْتَقِرَّةِ إذْ َّ أُمَّهَاتِ اْل ُمؤْمِنِنيَ َوغَيْ ِرهِنَّ ،إلَّا أَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِعَ َدمِ َّ ِالتوْبَةِ . كُفْرًا كَانَ َأوْ فِسْقًا يُغْفَرُ ب َّ
و َقوْله تَعَالَى َ { :ي ْومَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ َألْسِنَتُهُمْ } إَلخْ .
هَذَا قَ ْبلَ َأنْ ُيخْتَمَ عَلَى أَ ْفوَاهِهِمْ اْلمَ ْذكُورُ فِي يس فِي َقوْله تَعَالَى { :الَْي ْومَ َنخْتِمُ عَلَى أَ ْفوَاهِهِمْ }
الدنْيَا . يُ ْروَى أَنَّهُ ُيخْتَمُ عَلَى الْأَ ْفوَاهِ وَالْأَرْ ُجلِ فَتَتَكَلَّمُ الَْأيْدِي ِبمَا َعمِ َلتْ فِي ُّ وَقِيلَ :تَشْهَدُ َألْسِنَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَ ْعضٍ ،وَمَعْنَى دِينَهُمْ اْلحَقَّ جَزَا ُؤهُمْ اْلوَا ِجبُ ،وَقِيلَ حِسَابُهُمْ
الْعَدْلُ { َويَعْ َلمُونَ أَنَّ اللَّهَ ُهوَ اْلحَقُّ } أَيْ اْل َموْجُودُ وُجُودًا حَقِيقِيًّا لَا يَقَْبلُ َزوَالًا َولَا انْتِقَالًا َولَا
ابْتِدَاءً َولَا انْتِهَاءً َ ،وعِبَا َدتُهُ هِيَ اْلحَقُّ دُونَ عِبَادَةِ غَيْرِهِ { اْلمُبِنيُ } أَيْ اْلمُبِنيُ وَاْل ُمظْهِرُ لَهُمْ مَا كَانُوا عَلَيْهِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ َثوَابًا َوعِقَابًا ،وَسَيَ ْأتِي فِي الْكَبِريَةِ الْآتِيَةِ الْأَحَادِيثُ الشَّامِلَةُ لِهَذِهِ الْكَبِريَةِ َأيْضًا
. َروَى
()753/2
ِالزنَا يُقَامُ عَلَيْهِ اْلحَدُّ َي ْومَ الْقِيَامَةِ إلَّا َأنْ يَكُونَ َكمَا قَالَ } . الشَّ ْيخَانِ { :مَنْ قَ َذفَ َممْلُوكَهُ ب ِّ
صحِيحُ الْإِسْنَادِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ فِيهِ مَتْرُوكًا { :أَُّيمَا عَبْدٍ َأوْ امْ َرأَةٍ قَالَ أَوْ قَاَلتْ وَاْلحَاكِمُ وَقَالَ َ
ِل َولِي َدتِهَا يَا زَانِيَةُ َولَمْ تَطَّ ِلعْ مِنْهَا عَلَى ِزنًا جَلَ َدتْهَا َولِي َدتُهَا َي ْومَ الْقِيَامَةِ } . الدنْيَا . ؛ لِأَنَّهُ لَا حَدَّ لَهُنَّ فِي ُّ
ِالزنَا يُقَامُ عَلَيْهِ اْلحَدُّ صحِيحٌ وَاللَّفْظُ لَهُ { :مَنْ قَ َذفَ َممْلُوكَهُ ب ِّ وَالشَّ ْيخَانِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ َ
َي ْومَ الْقِيَامَةِ إلَّا َأنْ يَكُونَ َكمَا قَالَ } .
َمتْ بِهِ الْبَ ْلوَى َقوْلُ الْإِنْسَانِ لِقِنِّهِ يَا ُمخََّنثُ َأوْ يَا َقحْبَةُ ،وَلِلصَّغِريِ يَا ابْنَ الْ َقحْبَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ :وَمَا ع َّ
الزنَا َ ،وكُلُّ َذلِكَ مِنْ الْكَبَائِرِ اْلمُوجِبَةِ لِلْعُقُوبَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ،وَ َروَى ابْنُ مَرْ ُدوَيْهِ فِي يَا َولَدَ ِّ
تَفْسِريِهِ بِسَنَدٍ فِيهِ ضَعِيفٌ { :أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كََتبَ إلَى َأ ْهلِ الَْيمَنِ كِتَابًا فِيهِ َالديَاتُ َوبَ َعثَ بِهِ َعمْرَو بْنَ حَ ْزمٍ َرضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ َوكَانَ فِي الْكِتَابِ َ :وإِنَّ َأكْبَرَ الْفَرَاِئضُ و ِّ الْكَبَائِرِ عِنْدَ اللَّهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ ،وَقَ ْتلُ النَّفْسِ اْل ُمؤْمِنَةِ بِغَيْرِ اْلحَقِّ ،وَالْفِرَارُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
الربَا َ ،وَأ ْكلُ مَالِ الْيَتِيمِ } السحْرِ َ ،وَأ ْكلُ ِّ َي ْومَ الزَّحْفِ َ ،وعُقُوقُ اْلوَالِ َديْنِ ،وَرَمْيُ اْل ُمحْصَنَةِ َوتَعَلُّمُ ِّ .
ِي َوعَبْدِ وَجَاءَ فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِريَةِ َوغَيْرِهِ مِنْ عِدَّةِ طُ ُرقٍ َوَأبِي الْقَاسِمِ الْبَ َغو ِّ
الرَّزَّاقِ فِيهَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّ قَ ْذفَ اْل ُمحْصَنَةِ مِنْ الْكَبَائِرِ . ضوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ عَدُّوا ِبحَضْ َرتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ الصحَابَةِ ِر ْ وَ َروَى الطَّبَرَانِيُّ { :أَنَّ َجمَاعَةً مِنْ َّ
َرهُمْ عَلَى َذلِكَ } . وَسَلَّمَ قَ ْذفَ اْل ُمحْصَنَةِ مِنْ الْكَبَائِرِ َوأَق َّ وَ َروَى الْبَزَّارُ بِسَنَدٍ فِيهِ مَنْ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ
()753/2
َولُهُنَّ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ َوغَيْرُهُ َ ،وِإنْ ضَعَّفَهُ شُعْبَةُ َوغَيْرُهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :الْكَبَائِرُ أ َّ الربَا َ ،وَأ ْكلُ مَالِ الْيَتِيمِ ،وَفِرَارُ َي ْومِ الزَّحْفِ ،وَرَمْيُ اْل ُمحْصَنَاتِ ، وَقَ ْتلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقِّهَا َ ،وأَ ْكلُ ِّ
وَالِانْتِقَالُ إلَى الَْأعْرَابِ بَعْدَ هِجْ َرتِهِ } .
سعٌ َوعَنْ عُبَيْدِ بْنِ ُعمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ َأبِيهِ { :أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ َ :وكَمْ الْكَبَائِرُ ؟ قَالَ تِ ْ
سحْرُ َق ،وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ ،وَقَ ْذفُ اْل ُمحْصَنَةِ ،وَال ِّ َأ ْع َظمُهُنَّ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَقَ ْتلُ اْل ُمؤْمِنِ بِغَيْرِ ح ٍّ الربَا } اْلحَدِيثَ . َ ،وَأ ْكلُ مَالِ الْيَتِيمِ َوَأ ْكلُ ِّ صحِيحِ ِهمَا َ ،وأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ وَ َروَى الُْبخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي عِدَّةِ أَمَاكِنَ مِنْ َ
اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :اجْتَنِبُوا السَّ ْبعَ اْلمُوبِقَاتِ ،قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الربَا ، َرمَ اللَّهُ قَتْلَهَا إلَّا بِاْلحَقِّ َ ،وَأ ْكلُ ِّ َالسحْرُ وَقَ ْتلُ النَّفْسِ الَّتِي ح َّ وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ ،و ِّ
َالتوَلِّي يَ ْومَ الزَّحْفِ ،وَقَ ْذفُ اْل ُمحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ اْل ُمؤْمِنَاتِ } . َوَأ ْكلُ مَالِ الْيَتِي ِم ،و َّ
صحِيحِهِ { :إنَّ َأكْبَرَ الْكَبَائِرِ عِنْدَ اللَّهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ ،وَقَ ْتلُ النَّفْسِ وَ َروَى ابْنُ حِبَّانَ فِي َ
الْ ُمؤْمِنَةِ بِغَيْرِ اْلحَقِّ ،وَالْفِرَارُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ َي ْومَ الزَّحْفِ ،وَعُقُوقُ اْلوَالِ َديْنِ وَرَمْيُ اْل ُمحْصَنَةِ َ ،وتَعَلُّمُ السحْرِ } اْلحَدِيثَ . ِّ تَنْبِيهٌ :عَدُّ الْقَ ْذفِ هُوَ مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ ِلمَا عَ ِلمْت مِنْ النَّصِّ فِي الْآيَتَيْنِ الْكَرِميَتَيْنِ اْلمُتَقَدِّمَتَيْنِ عَلَى
ضمْنًا فِي الثَّانِيَةِ لِلنَّصِّ فِيهَا عَلَى أَنَّ َذلِكَ َذلِكَ صَ ِرحيًا فِي الْأُولَى لِلنَّصِّ فِيهَا عَلَى أَنَّ َذلِكَ فِسْقٌ َ ،و ِ
الدنْيَا وَالْآخِرَةِ ،وَهَذَا مِنْ أَقْبَحِ اْل َوعِي ِد َوأَشَدِّهِ َ ،وعَدُّ السُّكُوتِ عَلَيْهِ ُهوَ مَا يَلْعَنُ اللَّهُ فَاعِلَهُ فِي ُّ َذكَرَهُ
()753/2
بَعْضُهُمْ َو ُهوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي السُّكُوتِ عَلَى الْغِيبَةِ َبلْ َأ ْولَى َوتَقْيِيدِي فِي التَّرْ َجمَةِ بِ َق ْولِي بِزِنًا َأوْ
جوَا ِمعِ . ج ْمعِ اْل َ ِلوَاطٍ ُهوَ َوِإنْ َذكَرَهُ َأبُو زُ ْرعَةَ فِي شَرْحِهِ ِل َ
وَقَالَ غَيْرُهُ :إنَّهُ قَيَّدَهُ بِ َذلِكَ َمعَ ظُهُورِهِ ،لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَيْسَ شَ ْرطًا لِلْكَبِريَةِ َبلْ ِلمَزِيدِ قُ ْبحِهَا
ط، صحَابِنَا :وَالْقَ ْذفُ بِالْبَا ِطلِ َولَمْ ُيخَصَّ بِ ِزنًا َولَا بِ ِلوَا ٍ وَ ُفحْشِهَا ،وَمِنْ ثَمَّ قَالَ شُ َريْحٌ الرُّويَانِيُّ مِنْ َأ ْ ضعٍ آخَرَ وَقَ ْذفُ اْل ُمحْصَنَاتِ َ ،وبَعْضُ ُهمَا يَقُولُ وَقَ ْذفُ اْل ُمحْصَنِ وَاْلكُلُّ وَقَالَ ُهوَ َوغَيْرُهُ فِي َم ْو ِ
الذكَرِ وَالُْأنْثَى . صحِيحٌ ِلمَا مَرَّ أَنَّهُمْ أَ ْجمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي َذلِكَ بَيْنَ َّ َ
سمَعُهُ إلَّا اللَّهُ وَفِي َقوَاعِدِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ :الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ قَ َذفَ ُمحْصَنًا فِي خَ َل ْوتِهِ ِبحَيْثُ لَا يَ ْ
وَاْلحَ َفظَةُ أَنَّ َذلِكَ لَيْسَ بِكَبِريَةٍ مُوجِبَةٍ لِ ْلحَدِّ ؛ لِانْتِفَاءِ اْلمَفْسَدَةِ َولَا يُعَا َقبُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ عِقَابَ اْل ُمجَاهِرِ بِ َذلِكَ فِي وَجْهِ اْلمَقْذُوفِ َأوْ فِي مَلَإٍ مِنْ النَّاسِ َبلْ يُعَا َقبُ عِقَابَ الْكَا ِذبِنيَ غَيْرَ اْلمُفْتَرِينَ .
قَالَ الْأَذْ َرعِيُّ فِي قُوَّتِهِ :وَمَا قَالَهُ ُمحَْت َملٌ إذَا كَانَ صَادِقًا ،فَِإنْ كَانَ كَا ِذبًا فَفِيهِ َنظَرٌ لِ ْلجُ ْرأَةِ عَلَى اللَّهِ -سُ ْبحَانَهُ َوتَعَالَى -بِالْ ُفجُورِ .
َسطِهِ :وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَادِقًا فِي قَذْفِهِ فِي اْلخَلْوَةِ :إنَّهُ لَا يُعَا َقبُ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي َتو ُّ لِصِدْقِهِ َو ُهوَ بَعِيدٌ ،ثُمَّ َأوْرَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ َلوْ لَمْ يَبْ ُلغْ اْلمَقْذُوفُ الْقَ ْذفَ الَّذِي جَهَرَ بِهِ لَزِمَ ُه اْلحَدُّ َمعَ انْتِفَاءِ مَفْسَدَةِ التَّأَذِّي .
َوأَجَابَ بِأَنَّهُ َلوْ بَلَغَهُ لَكَانَ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ الْقَ ْذفِ فِي اْلخَ ْلوَةِ ،ثُمَّ قَالَ َ :وأَمَّا قَذْفُهُ فِي اْلخَلْوَةِ فَلَا فَ ْرقَ بَيْنَ إجْرَائِهِ عَلَى لِسَانِهِ وَبَيْنَ إجْرَائِهِ عَلَى قَلْبِهِ .
ا هـ .
النطْقِ بِاللِّسَانِ ، وَاْلمَُتجَاوَزُ عَنْهُ بِنَصِّ السُّنَّةِ حَدِيثُ النَّفْسِ دُونَ ُّ
()763/2
حوِ الصَّغِريِ وَالرَّقِيقِ كَبِريَةٌ فِيمَا َيظْهَرُ ثُمَّ َرَأيْت الْحَلِيمِيَّ قَالَ وَقَدَّمْت فِي الْكَلَامِ عَلَى الْآيَةِ أَنَّ قَ ْذفَ َن ْ :قَ ْذفُ اْل ُمحْصَنَةِ كَبِريَةٌ ،فَِإنْ كَاَنتْ أُمًّا َأوْ بِنْتًا َأوْ امْ َرأَةَ َأبِيهِ كَانَ فَاحِشَةً ،وَقَ ْذفُ الصَّغِريَةِ وَاْل َممْلُوكَةِ وَاْلحُرَّةِ اْلمُتَهَتِّكَةِ مِنْ الصَّغَائِرِ .
ا هـ .
جمَاعَ قَالَ اْلجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ :وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ قَذْفَ الصَّغِريَةِ َّإنمَا يَكُونُ صَغِريَةً إنْ لَمْ َتحَْت ِملْ اْل ِ
ِبحَ ْيثُ يُ ْق َطعُ بِكَذِبِ قَاذِفِهَا َ ،وأَمَّا اْل َممْلُوكَةُ فَفِي َك ْونِ قَذْفِهَا صَغِريَةً ُمطْلَقًا وَقْفَةٌ َ ،ولَا سِيَّمَا أُمَّهَاتُ الَْأ ْولَادِ ِلمَا فِيهِ مِنْ إيذَاءِ الْأَمَةِ وَسَيِّ ِدهَا َو َولَ ِدهَا َوَأهْلِهَا لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ سَيِّ ُدهَا أَحَدَ ُأصُولِهِ .
ا هـ .
وَاْلمُعْتَرِضُ الَّذِي َأبْ َهمَهُ اْلجَلَالُ ُهوَ الْأَذْ َرعِيُّ قَالَ َ :وَتخْصِيصُهُ الْقَ ْذفَ بِ َك ْونِهِ مِنْ الْكَبَائِرِ بِقَ ْذفِ
اْل ُمحْصَنَاتِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ ،فَقَ ْذفُ الرِّجَالِ اْل ُمحْصَنِنيَ َأيْضًا كَبِريَةٌ ،وَاْلحَدِيثُ َوِإنْ كَانَ فِيهِ َذلِكَ إلَّا أَنَّهُ نَبَّهَ عَلَى غَيْ ِرهِنَّ إذْ لَا قَاِئلَ بِالْفَ ْرقِ فَ ُهوَ كَ ِذكْرِهِ الْعَبْدَ فِي السِّرَايَةِ . ا هـ .
ِالزنَا أُقِيمَ عَلَيْهِ اْلحَدُّ َي ْومَ الْقِيَامَةِ إلَّا َأنْ وَمَرَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :مَنْ قَ َذفَ َممْلُوكَهُ ب ِّ
الدنْيَا يَكُونَ َكمَا قَالَ } َ ،وكَثِريُونَ مِنْ اْلجُهَّالِ وَاقِعُونَ فِي هَذَا الْكَلَامِ الْقَبِيحِ اْلمُو ِجبِ لِلْعُقُوبَةِ فِي ُّ الصحِيحَيْنِ { :إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَ ِلمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا وَالْآخِرَةِ ،وَمِنْ ثَمَّ جَاءَ فِي حَدِيثِ َّ
فِي النَّارِ َأبْعَدَ مَا بَيْنَ اْلمَشْ ِرقِ وَاْلمَغْرِبِ ،وَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ :يَا نَبِيَّ اللَّهِ َوإِنَّا َل ُمؤَاخَذُونَ ِبمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ، قَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّك َو َهلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ َأوْ قَالَ عَلَى مَنَاخِ ِرهِمْ إلَّا حَصَائِدُ
َألْسِنَتِهِمْ } .
وَفِي اْلحَدِيثِ َ { :ألَا أُخْبِ ُركُمْ بَِأيْسَرِ الْعِبَادَةِ َوَأ ْه َونِهَا عَلَى الْبَ َدنِ
()763/2
الص ْمتُ وَحُسْنُ اْلخُلُقِ } ،قَالَ -تَعَالَى { : -مَا يَلْفِظُ مِنْ َقوْلٍ إلَّا لَ َديْ ِه رَقِيبٌ عَتِيدٌ } { وَقَالَ َّ النجَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ :أَمْسِكْ عَلَيْك لِسَانَك َولْيَسَعْك بَيْتُك وَابْكِ عَلَى عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ مَا َّ
َخطِيئَتِك } .
وَ َروَى التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ ،وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ { :لَا تُكْثِرْ الْكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ
سوَةُ الْقَ ْلبِ َوإِنَّ َأبْعَدَ النَّاسِ مِنْ اللَّهِ -تَعَالَى -الْقَ ْلبُ الْقَاسِي } . فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكَلَامِ بِغَيْرِ ِذكْرِ اللَّهِ قَ ْ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :مَا مِنْ شَ ْيءٍ َأثْ َقلَ فِي مِيزَانِ اْل ُمؤْمِنِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ َوإِنَّ جمَةِ َممْدُودًا ُهوَ اْلمُتَكَلِّمُ بِالْ ُفحْشِ وَرَدِيءِ الْكَلَامِ . اللَّهَ يَبْ َغضُ الْفَاحِشَ الْبَذَّاءَ } ،بِالذَّالِ الْمُ ْع َ
()762/2
َالثمَانُونَ وَالتِّسْعُونَ وَاْلحَا ِديَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :سَبُّ اْلمُسْلِمِ وَالِاسِْتطَالَةُ ( الْكَبِريَةُ التَّاسِعَةُ و َّ فِي عِ ْرضِهِ َوتَسَُّببُ الِْإنْسَانِ فِي لَعْنِ َأوْ شَتْمِ وَالِ َديْهِ َوِإنْ لَ ْم يَسُبَّ ُهمَا َولَعْنُهُ مُسْ ِلمًا ) .
قَالَ -تَعَالَى َ { : -واَلَّذِينَ يُؤْذُونَ اْل ُمؤْمِنِنيَ وَاْل ُمؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدْ احَْتمَلُوا بُهْتَانًا َوِإْثمًا مُبِينًا } .
َوأَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ .
عَنْ ابْنِ مَسْعُو ٍد َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :سِبَابُ الْمُسْلِمِ
فِسْقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ } .
وَمُسْلِمٌ َوَأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ { :اْلمُتَسَابَّانِ مَا قَالَا فَعَلَى الْبَادِئِ مِنْ ُهمَا حَتَّى يَتَعَدَّى اْل َمظْلُومُ } .
وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ { :سِبَابُ اْلمُسْلِمِ كَاْلمُشْ ِرفِ عَلَى الْ َهلَكَةِ } . صحِيحِهِ عَنْ { ابْنِ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ :قُلْت :يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّ ُجلُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
يَشُْتمُنِي َو ُهوَ دُونِي َأعَلَيَّ مِنْهُ بَأْسٌ َأنْ َأنْتَصِرَ مِنْهُ ؟ قَالَ :اْلمُتَسَابَّانِ شَ ْيطَانَانِ يَتَهَاتَرَانِ َويَتَكَا َذبَانِ } .
صحِيحِهِ عَنْ { جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ صحِيحٌ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ َوَأبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ َ َرضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ َ :رأَيْت رَجُلًا يَصْدُرُ النَّاسُ عَنْ َرْأيِهِ لَا يَقُولُ شَيْئًا إلَّا صَدَرُوا عَنْهُ . قُلْت :مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قُلْت :عَلَيْك السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ،قَالَ لَا تَ ُقلْ عَلَيْك السَّلَامُ ،عَلَيْك السَّلَامُ َتحِيَّةُ اْل َم ْوتَى َأوْ اْلمَِّيتِ ُ ،قلْ السَّلَامُ عَلَيْك ،قَالَ :قُلْت َأنْتَ رَسُولُ اللَّهِ ؟ قَالَ َ :أنَا رَسُولُ اللَّهِ الَّذِي إذَا َأصَابَك ضُرٌّ فَ َد َعوْته كَشَفَهُ عَنْك َ ،وإِذَا َأصَابَك عَامُ سَنَةٍ -أَيْ َقحْطٌ -فَ َد َعوْته َأنْبَتَهَا لَك َ ،وإِذَا كُنْت
َدهَا عَلَيْك ،قَالَ :قُلْت ت رَاحِلَتُك فَ َد َعوْته ر َّ بِأَرْضٍ قَفْرَاءَ وَفَلَاةٍ فَض ََّل ْ
()767/2
اعْهَدْ إلَيَّ ،قَالَ :لَا تَسُبَّنَّ أَحَدًا َ ،فمَا سَبَبْت بَعْدَهُ حُرًّا َولَا عَبْدًا َولَا بَعِريًا َولَا شَاةً ،قَالَ َ :ولَا َتحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنْ اْلمَعْرُوفِ َ ،وَأنْ تُكَلِّمَ أَخَاك َوَأْنتَ مُنْبَسِطٌ إلَيْهِ وَجْهُك إنَّ َذلِكَ مِنْ اْلمَعْرُوفِ ،
وَارْ َفعْ إزَارَك إلَى نِصْفِ السَّاقِ فَِإنْ َأبَيْت فَِإلَى الْكَعْبَيْ ِن َ ،وإِيَّاكَ َوإِسْبَالَ الْإِزَارِ فَإِنَّهَا مِنْ اْل َمخِيلَةِ -
أَيْ الْكِبْرِ وَاحْتِقَارِ الْغَيْرِ َ -وإِنَّ اللَّهَ لَا ُيحِبُّ اْل َمخِيلَةَ َ ،وإِنْ امْ ُرؤٌ شََتمَك َأوْ عَيَّرَك ِبمَا يَعْلَمُ فِيك فَلَا تُعَيِّرْهُ ِبمَا تَعْلَمُ فِيهِ فَإَِّنمَا َوبَالُ َذلِكَ عَلَيْهِ } .
حوُهُ وَقَالَ فِيهِ َ { :وِإنْ امْ ُرؤٌ عَيَّرَك بِشَ ْيءٍ يَعْ َلمُهُ فِيك فَلَا تُعَيِّرْهُ بِشَ ْيءٍ تَعْ َلمُهُ وَفِي ِروَايَةٍ لِابْنِ حِبَّانَ َن ْ فِيهِ وَ َدعْهُ يَكُونُ َوبَالُهُ عَلَيْهِ وَأَجْرُهُ لَك ،فَلَا تَسُبَّنَّ شَيْئًا قَالَ َفمَا سَبَبْت بَعْدَهُ دَابَّةً َولَا إنْسَانًا } .
َوأَخْرَجَ الُْبخَارِيُّ َوغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :إنَّ مِنْ َأكْبَرِ الْكَبَائِرِ َأنْ يَلْعَنَ الرَّ ُجلُ وَالِ َديْهِ ،قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ َوكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّ ُجلُ وَالِ َديْهِ ؟ قَالَ يَسُبُّ َأبَا الرَّ ُجلِ فَيَسُبُّ َأبَاهُ َويَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ } .
َوأَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا عَنْ ثَاِبتِ بْنِ الضَّحَّاكِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :مَنْ حَلَفَ عَلَى َيمِنيٍ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ كَا ِذبًا مُتَعَمِّدًا فَ ُهوَ َكمَا قَالَ ،وَمَنْ قََتلَ نَفْسَهُ
بِشَ ْيءٍ عُذِّبَ بِهِ َي ْومَ الْقِيَامَ ِة َ ،ولَيْسَ عَلَى رَ ُجلٍ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ َ ،ولَعْنُ اْل ُمؤْمِنِ كَقَتْلِهِ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ سَ َلمَةَ بْنِ الَْأ ْك َوعِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " :كُنَّا إذَا َرَأيْنَا الرَّ ُجلَ يَلْعَنُ أَخَاهُ َرَأيْنَا َأنْ قَدْ َأتَى بَابًا مِنْ الْكَبَائِرِ " .
َوَأبُو دَاوُد { :إنَّ الْعَبْدَ إذَا لَعَنَ شَيْئًا صَعِدَتْ اللَّعْنَةُ
()763/2
السمَاءِ دُونَهَا ثُمَّ تَهْبِطُ إلَى الْأَرْضِ فَتُغْلَقُ َأْبوَابُهَا ثُمَّ تَأْخُذُ َيمِينًا وَ ِشمَالًا ، السمَاءِ فَتُغْلَقُ َأْبوَابُ َّ إلَى َّ فَِإنْ لَمْ َتجِدْ مَسَاغًا رَجَ َعتْ إلَى الَّذِي لَعَنَ فَِإنْ كَانَ َأهْلًا َوإِلَّا رَجَ َعتْ إلَى قَائِلِهَا } .
َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ { :إنَّ اللَّعْنَةَ إذَا وُجِّ َهتْ إلَى مَنْ وُجِّ َهتْ إلَيْهِ فَِإنْ َأصَاَبتْ عَلَيْهِ سَبِيلًا َأوْ وَجَدَتْ فِيهِ مَسْلَكًا َوإِلَّا قَاَلتْ :يَا رَبِّ وُجِّهْت إلَى فُلَانٍ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ مَسْلَكًا َولَمْ أَجِدْ عَلَيْهِ سَبِيلًا ،فَيُقَالُ
لَهَا ارْجِعِي مِنْ حَ ْيثُ جِ ْئتِ } . َوَأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ .
صحِيحٌ . وَقَالَ حَسَنٌ َ
صحِيحُ الْإِسْنَادِ { :لَا تَلَاعَنُوا بِلَعْنَةِ اللَّهِ َولَا بِغَضَبِهِ َولَا بِالنَّارِ } . وَاْلحَاكِمُ وَقَالَ َ وَمُسْلِمٌ { :لَا يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ َولَا شُهَدَاءَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } . وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ { :لَا يَكُونُ اْل ُمؤْمِنُ لَعَّانًا } وَفِي ِروَايَةٍ لَهُ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ { :
لَيْسَ اْل ُمؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ َولَا بِاللَّعَّانِ َولَا بِالْفَاحِشِ َولَا بِالْبَذِيِّ } أَيْ اْلمُتَكَلِّمِ بِالْ ُفحْشِ وَالْكَلَامِ الْقَبِيحِ . ض رَقِيقِهِ فَالْتَفَتَ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ { :مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَِأبِي بَكْرٍ َو ُهوَ يَلْعَنُ بَ ْع َ
ض رَقِيقِهِ ثُمَّ إلَيْهِ وَقَالَ لَعَّانِنيَ َوصِدِّيقِنيَ كَلًّا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ،فَعَتَقَ َأبُو بَ ْك ٍر َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ َيوْمَئِذٍ بَ ْع َ
جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا َأعُودُ } . وَمُسْلِمٌ { :لَا يَنْبَغِي لِصِدِّيقٍ َأنْ يَكُونَ لَعَّانًا } .
َححَهُ { :لَا َيجَْت ِمعُ َأنْ تَكُونُوا لَعَّانِنيَ صِدِّيقِنيَ } . وَاْلحَاكِمُ َوص َّ وَمُسْلِمٌ َوغَيْرُهُ :عَنْ { ِعمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :بَيَْنمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
ك رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى س ِمعَ َذلِ َ ضجِرَتْ فَلَعَنَتْهَا فَ َ وَسَلَّمَ فِي بَ ْعضِ أَسْفَارِهِ وَامْ َرأَةٌ مِنْ الَْأنْصَارِ عَلَى نَاقَةٍ فَ َ
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :خُذُوا مَا عَلَيْهَا
()765/2
وَ َدعُوهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ ،قَالَ ِعمْرَانُ فَكَأَنِّي أَرَاهَا الْآنَ َتمْشِي فِي النَّاسِ مَا يَعْرِضُ لَهَا أَحَدٌ } .
َوَأبُو يَعْلَى َوغَيْرُهُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ َأنَسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :سَا َر رَ ُجلٌ َمعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَلَعَنَ بَعِريَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :لَا تَتْبَعْنَا َأوْ قَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَسِرْ مَعَنَا عَلَى
بَعِريٍ مَلْعُونٍ } .
َوأَ ْحمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ يَسِريُ فَلَعَنَ رَجُلٌ نَاقَتَهُ فَقَالَ َأيْنَ صَا ِحبُ النَّاقَةِ ؟ فَقَالَ الرَّ ُجلُ َأنَا ،فَقَالَ أَخِّ ْرهَا فَقَدْ أُجِ ْبتَ
فِيهَا } .
َوَأبُو دَاوُد { :لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يَ ْدعُو لِلصَّلَاةِ } ،وَوَ َردَ { :فَإِنَّهُ يُوقِظُ لِلصَّلَاةِ } .
وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ لَا بَأْسَ بِهِ { :صَرَخَ دِيكٌ عِنْ َد رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَبَّهُ رَجُلٌ فَنَهَى عَنْ سَبِّ الدِّيكِ } ،وَفِي ِروَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ { :لَا تَلْعَنْهُ َولَا تَسُبَّهُ فَإِنَّهُ يَ ْدعُو لِلصَّلَاةِ } . الصحِيحِ إلَّا عَبَّادَ بْنَ مَنْصُورٍ ضَعَّفَهُ كَثِريُونَ وَحَسَّنَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ غَيْرَ مَا وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ ُروَاتُ ُه ُروَاةُ َّ
حَدِيثٍ { :أَنَّ دِيكًا صَرَخَ قَرِيبًا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَا َل رَ ُجلٌ اللَّهُمَّ الْعَنْ ُه ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :مَهْ كَلًّا إنَّهُ يَ ْدعُو إلَى الصَّلَاةِ } .
َوَأبُو يَعْلَى { ` :أَنَّ بُ ْرغُوثًا لَ َد َغتْ رَجُلًا فَلَعَنَهَا ،فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :لَا تَلْعَنْهَا فَإِنَّهَا نَبَّ َهتْ نَبِيًّا مِنْ الَْأنْبِيَاءِ لِلصَّلَاةِ } .
صلَاةِ الصُّ ْبحِ } . وَفِي ِروَايَةٍ لِلْبَزَّارِ { :لَا تَسُبَّهُ فَإِنَّهُ َأيْقَظَ نَبِيًّا مِنْ الَْأنْبِيَاءِ لِ َ
َرمَ اللَّهُ وَجْهَهُ -قَالَ :نَ َزلْنَا مَنْ ِزلًا فَآ َذتْنَا الْبَرَاغِيثُ فَسَبَبْنَاهَا فَقَالَ صَلَّى وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ { عَلِيٍّ -ك َّ اللَّهُ عَلَيْهِ
()766/2
وَسَلَّمَ :لَا تَسُبُّوهَا فَنِ ْع َمتْ الدَّابَّةُ فَإِنَّهَا َأيْ َقظَتْكُمْ لِ ِذكْرِ اللَّهِ -تَعَالَى . } -
َوصَحَّ { أَنَّ رَجُلًا لَعَنَ الرِّيحَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :لَا تَلْعَنْ الرِّيحَ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ ،مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بَِأ ْهلٍ رَجَ َعتْ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ } . الصحِيحَةِ لِ ْلحُكْمِ فِيهِ عَلَى سِبَابِ اْلمُسْلِمِ بِأَنَّهُ تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ُهوَ صَرِيحُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ َّ فِسْقٌ .
َوأَنَّهُ ُيؤَدِّي إلَى الْهَلَكَةِ َوأَنَّ فَاعِلَهُ شَ ْيطَانٌ َوغَيْرُ َذلِكَ َ ،وعَلَى لَعْنِ اْلوَالِ َديْنِ بِأَنَّهُ مِنْ َأكْبَرِ الْكَبَائِرِ ِالذكْرِ َوِإنْ دَ َخلَ فِي سِبَابِ اْلمُسْلِمِ َأوْ لَعْنِهِ َ ،وعَلَى أَنَّ لَعْنَ اْل ُمؤْمِنِ كَقَتْلِهِ َوعَلَى أَنَّ َولِذَا أَفْرَدْته ب ِّ
مَنْ لَعَنَ أَخَاهُ َأتَى بَابًا مِنْ الْكَبَائِرِ َ ،وعَلَى أَنَّ اللَّعْنَةَ تَرْجِعُ إلَى قَائِلِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ َ ،وعَلَى أَنَّ اللَّعَّانَ لَا يَكُونُ شَفِيعًا َولَا شَهِيدًا َولَا صِدِّيقًا َوهَذَا كُلُّهُ غَايَةٌ فِي اْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ َ ،فظَهَرَ بِهِ مَا َذكَرْته مِنْ عَدِّ
هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كَ َذلِكَ َوبِهِ فِي الْأَوَّلِ صَرَّحَ َجمَاعَةٌ مِنْ َأئِمَّتِنَا لَكِنَّ اْلمُعَْتمَدَ عِنْدَ َأكْثَ ِرهِمْ خِلَافُهُ .
وَ َحمَلُوا حَدِيثَ { :سِبَابُ اْلمُسْلِمِ فُسُوقٌ } عَلَى مَا إذَا َتكَرَّرَ مِنْهُ ِبحَ ْيثُ يَغْلِبُ طَاعَتَهُ ،وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ فَهِيَ ظَاهِرُ َقوْلِ شَرْحِ مُسْلِمٍ { :لَعْنُ اْلمُسْلِمِ كَقَتْلِ ِه } :أَيْ فِي الِْإثْمِ ،وَاسْتُفِيدَ مِنْ الدوَابِّ أَنَّهُ حَرَامٌ َوبِهِ صَرَّحَ َأئِمَّتُنَا . الْأَحَادِيثِ اْلمَ ْذكُورَةِ فِي لَعْنِ َّ
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صَغِريَةٌ إذْ لَيْسَ فِيهِ مَفْسَدَةٌ َعظِيمَةٌ ؛ وَمُعَاتَبَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ِلمَنْ لَعََنتْ نَاقَتَهَا
ريةٍ ،سَِّيمَا وَقَدْ عَلَّلَ الْأَمْرَ بِالتَّرْكِ فِي بِتَ ْركِهَا لَهَا تَعْزِيرًا َوتَأْدِيبًا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ َذلِكَ ُمجَرَّدُ كَبِ َ اْلحَدِيثِ الْآخَرِ بِأَنَّ َد ْع َوتَهُ بِاللَّعْنِ عَلَى دَابَّتِهِ أُجِيبَتْ . الن َووِيُّ فِي ِريَاضِهِ بَعْدَ ِذكْرِهِ حَدِيثَ { : قَالَ َّ
()763/2
خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَ َدعُوهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ } ،وَحَدِيثَ { :لَا تُصَاحِبْنَا نَاقَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ } .
قَدْ يُسْتَشْ َكلُ مَعْنَاهُ َولَا إشْكَالَ فِيهِ َ ،بلْ اْلمُرَادُ النَّهْيُ لَنْ تُصَاحِبْهُمْ تِلْكَ النَّاقَةُ وَلَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ عَنْ صحْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ َ ،بلْ كُلُّ َذلِكَ وَمَا ِسوَاهُ مِنْ بَيْعِهَا وَ َذْبحِهَا وَ ُركُوبِهَا فِي غَيْرِ ُ
التَّصَرُّفَاتِ جَائِزٌ لَا مَنْعَ مِنْهُ إلَّا مِنْ مُصَاحَبَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْ ِه وَسَلَّمَ بِهَا ؛ لِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ كُلَّهَا
كَاَنتْ جَائِزَةً َفمََنعَ بَ ْعضٌ مِنْهَا فَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى مَا كَانَ . ا هـ .
ثُمَّ َرَأيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِأَنَّ لَعْنَ الدَّابَّةِ وَالذِّمِّيِّ اْلمُعَيَّنَيْنِ كَِبريَةٌ ،وَقَيَّدَ حُرْمَةَ لَعْنِ اْلمُسْلِمِ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَ ْرعِيٍّ وَفِيمَا َذكَرَهُ وَقَيَّدَ بِهِ َنظَرٌ .
أَمَّا الْأَوَّلُ فَاَلَّذِي يَُّتجَهُ مَا َذكَرْته مِنْ أَنَّ لَعْنَ الدَّابَّةِ صَغِريَةٌ ِلمَا َذكَرْته َ ،وأَمَّا لَعْنُ الذِّمِّيِّ اْلمُعَيَّنِ صحِيحٍ إذْ لَيْسَ لَنَا فَُيحَْت َملُ أَنَّهُ كَبِريَةٌ ؛ لِاسِْتوَائِهِ َمعَ اْلمُسْلِمِ فِي حُرْمَةِ الْإِيذَاءِ َ ،وأَمَّا تَقْيِيدُهُ فَغَيْرُ َ غَرَضٌ شَ ْرعِيٌّ َيجُوزُ لَعْنُ اْلمُسْلِمِ َأصْلًا ثُمَّ َمحَلُّ حُرْمَةِ اللَّعْنِ إنْ كَانَ ِلمُعَيَّنٍ فَاْلمُعَيَّنُ لَا َيجُوزُ لَعْنُهُ َوِإنْ كَانَ فَاسِقًا ،كَيَزِيدَ بْنُ مُعَا ِويَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ َأوْ ذِمِّيًّا حَيًّا َأوْ مَيِّتًا َولَمْ يُعْلَمْ َم ْوتُهُ عَلَى الْكُفْرِ
لِاحِْتمَالِ أَنَّهُ ُيخْتَمُ لَهُ أَوْ خُتِمَ لَهُ بِالْإِسْلَامِ ِبخِلَافِ مَنْ عُلِمَ َموْتُهُ عَلَى الْكُفْرِ كَفِ ْر َع ْونَ َوَأبِي جَ ْهلٍ َوَأبِي لَ َهبٍ َوُنظَرَائِهِمْ َ ،وأَمَّا مَا وَ َقعَ لِبَعْضِهِمْ مِنْ لَعْنِ يَزِيدَ فَ ُهوَ تَهَوُّرٌ بِنَاءً عَلَى الْ َقوْلِ بِإِسْلَامِهِ َو ُهوَ
الظَّاهِرُ ،وَ َد ْعوَى َج ْمعٍ أَنَّهُ كَافِرٌ لَمْ يَثُْبتْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا َبلْ أَمْرُهُ بِقَ ْتلِ اْلحُسَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ َأيْضًا َولِهَذَا
أَفْتَى الْغَزَالِيُّ ِبحُرْمَةِ لَعْنِهِ :أَيْ َوِإنْ كَانَ فَاسِقًا سِكِّريًا مُتَهَوِّرًا فِي الْكَبَائِرِ بَلْ
()763/2
َفوَاحِشِهَا . َوأَمَّا احِْتجَاجُ شَ ْيخِ الْإِسْلَامِ السِّرَاجِ الْبُلْقِينِيِّ عَلَى َجوَازِ لَعْنِ الْعَاصِي اْلمُعَيَّنِ ِبحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ :
{ إذَا َدعَا الرَّجُلُ امْ َرَأتَهُ إلَى فِرَاشِهِ فَلَمْ تَ ْأتِهِ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْ ِهمَا لَعَنَتْهَا اْلمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصِْبحَ } .
ش َزوْجِهَا لَعَنَتْهَا اْلمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصِْبحَ } وَفِي ِروَايَةٍ لَ ُهمَا َولِلنَّسَائِيِّ { :إذَا بَاَتتْ اْلمَ ْرأَةُ هَاجِرَةً فِرَا َ
فَفِيهِ َنظَرٌ ظَاهِرٌ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ وَلَدُهُ شَ ْيخُ الْإِسْلَامِ اْلجَلَالُ الْبُ ْلقِينِيُّ َ :بحَثْت مَعَهُ فِي َذلِكَ بِاحْتِمَالِ َأنْ
يَكُونَ لَعْنُ اْلمَلَائِكَةِ لَهَا لَيْسَ بِاْلخُصُوصِ َبلْ بِالْ ُعمُومِ بَِأنْ يَقُولُوا :لَعَنَ اللَّهُ مَنْ بَاَتتْ هَاجِرَةً فِرَاشَ حمَارٍ وُسِمَ فِي َزوْجِهَا َ ،وأَقُولُ َ :لوْ اسْتَدَلَّ لِ َذلِكَ ِبخَبَرِ مُسْلِمٍ { :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ ِب ِ
وَجْهِهِ فَقَالَ :لَعَنَ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا } لَكَانَ َأظْهَرَ إذْ الْإِشَارَةُ بِ َق ْولِهِ هَذَا صَ ِرحيَةٌ فِي لَعْنِ مُعََّينٍ إلَّا َأنْ ُيؤَوَّلَ بِأَنَّ اْلمُرَادَ جِنْسُ فَا ِعلِ َذلِكَ لَا هَذَا اْلمُعَيَّنُ ،وَفِيهِ مَا فِيهِ .
حوِ لَعَنَ اللَّهُ الْكَاذِبَ َفجَائِزٌ إ ْجمَاعًا . خصِ َوإَِّنمَا عُيِّنَ بِاْل َوصْفِ بَِن ْ ِالش ْ أَمَّا لَعْنُ غَيْرِ اْلمُعَيَّنِ ب َّ قَالَ -تَعَالَى َ { : -ألَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّاِلمِنيَ } { -ثُمَّ نَبْتَ ِهلْ فََنجْ َعلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِنيَ } وَسَيَ ْأتِي عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِريٌ مِنْ هَذَا الَّن ْوعِ .
فَائِدَةٌ :لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َجمَاعَةً بِاْلوَصْفِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِنيٍ وَ َجمَاعَةً بِالتَّعْيِنيِ وَالْأَوَّلُ َأكْثَرُ ،وَقَدْ َذكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ َأئِمَّتِنَا مِنْهُ ُجمْلَةً مُسْتَكْثَرَةً مِنْ غَيْرِ سَنْدٍ فَلَا بَأْسَ بِ ِذكْرِهِ
كَ َذلِكَ ِلمَا فِيهِ مِنْ الْ َفوَائِدِ .
الربَا وَمُوكِلَهُ وَشَاهِ َديْهِ َوكَاتِبَهُ وَاْلمُصَوِّرِينَ ، فَنَقُولُ " :لَعَ َن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آ ِكلَ ِّ
وَمَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ :أَيْ حُدُو َدهَا كَاَلَّذِي
()763/2
سجِدِ فَيُدْخِلُهَا بَيْتَهُ أَوْ يَأْخُذُ مَكَانًا َموْقُوفًا فَيُعِيدُهُ َممْلُوكًا ،وَمَنْ كَمَّهَ يَأْخُذُ ِقطْعَةً مِنْ الشَّا ِرعِ َأوْ الْمَ ْ َأ ْعمَى عَنْ الطَّرِيقِ :أَيْ دَلَّهُ عَلَى غَيْ ِرهَا َوُأْلحِقَ بِهِ الْبَصِريُ اْلجَا ِهلُ ،وَمَنْ وَ َقعَ عَلَى بَهِيمَةٍ ،وَمَنْ
َع ِملَ عَ َملَ َق ْومِ لُوطٍ ،وَمَنْ َأتَى كَاهِنًا َأوْ َأتَى امْ َرأَةً فِي ُدبُرِهَا ،وَمَنْ َأتَى حَائِضًا ،وَالنَّاِئحَةَ وَمَنْ
َح ْولَهَا ،وَمَنْ أَمَّ َقوْمًا َوهُمْ لَهُ كَا ِرهُونَ ،وَامْ َرأَةً بَاَتتْ وَ َز ْوجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ َأوْ هَاجِرَةً فِرَاشَهُ ،
الصحَابَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ْم ،وَاْل ُمخََّنثَ مِنْ الرِّجَالِ ، وَمَنْ َذَبحَ لِغَيْرِ اللَّهِ ،وَالسَّارِقَ ،وَمَنْ سَبَّ َّ
وَرَجُلَةَ النِّسَاءِ ،وَاْلمُتَشَبِّهِنيَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَمِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ ،وَاْلمَ ْرأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّ ُجلِ ،وَالرَّ ُجلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ اْلمَ ْرأَةِ ،وَمَنْ سَلَّ َسخِيمَتَهُ :أَيْ تَغَوَّطَ عَلَى الطَّرِيقِ ،وَاْلمَ ْرأَةَ السَّلْتَاءَ :أَيْ
حلُ ،وَمَنْ خََّببَ :أَيْ أَفْسَدَ امْ َرأَةً عَلَى َزوْجِهَا َضبُ يَ َدهَا ،وَاْلمَ ْرهَاءَ :أَيْ الَّتِي لَا تَكَْت ِ الَّتِي لَا ُتخ ِّ َأوْ َممْلُوكًا عَلَى سَيِّدِهِ ،وَمَنْ أَشَارَ إلَى أَخِيهِ ِبحَدِيدَةٍ .
سبَ إلَى غَيْرِ َأبِيهِ أَوْ َتوَلَّى غَيْرَ َموَالِيهِ ،وَمَنْ وَسَمَ فِي اْلوَجْ ِه ،وَالشَّا ِفعَ الزكَاةِ ،وَمَنْ انْتَ َ وَمَاِنعَ َّ وَاْلمُش َِّفعَ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ -تَعَالَى -إذَا بَ َلغَ اْلحَاكِ َم ،وَاْلمَ ْرأَةَ إذَا خَرَ َجتْ مِنْ دَا ِرهَا بِغَيْرِ
خمْرَ وَشَا ِربَهَا وَسَاقِيهَا إ ْذنِ َزوْجِهَا ،وَمَنْ تَرَكَ الْأَمْرَ بِاْلمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ اْلمُنْ َكرِ إذَا أَمْكَنَهُ ،وَاْل َ حمُولَةَ إلَيْهِ وَآ ِكلَ َثمَنِهَا وَالدَّالَّ َوبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَاْلمُشْتَرَاةَ لَهُ َوعَاصِ َرهَا وَمُعْتَصِ َرهَا وَحَامِلَهَا وَاْل َم ْ عَلَيْهَا ،وَالزَّانِي ِبحَلِيلَةِ جَارِهِ ،وَالنَّا ِكحَ يَدَهُ َ ،ونَا ِكحَ الْأُمِّ َوبِنْتِهَا ،وَالرَّاشِي وَاْلمُ ْرتَشِي فِي اْلحُكْمِ ،وَالرَّائِشَ :أَيْ السَّاعِي بَيْنَهُمَا َ ،وكَاتِمَ الْعِلْمِ وَاْل ُمحْتَكِرَ ،وَمَنْ حَقَّرَ مُسْ ِلمًا :
()733/2
أَيْ خَ َذلَهُ َولَمْ يَنْصُرْهُ ،وَاْلوَالِي إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ِه رَ ْحمَةٌ ،وَاْلمُتَبَتِّلِنيَ وَاْلمُتَبَتِّلَاتِ :أَيْ تَا ِركِي النِّكَاحِ وَرَا ِكبَ الْفَلَاةِ وَحْدَهُ ،وَمَنْ جَ َعلَ ذَاتَ الرُّوحِ غَ َرضًا يَرْمِي إلَيْهِ ،وَمَنْ أَحْدَثَ فِي الدِّينِ حَ َدثًا َأوْ
سجِدًا بِاْلمَقْبَرَةِ وَزَائِرَاتِ الْقُبُورِ وَالصَّالِقَةَ آوَى ُمحْ ِدثًا ،وَمَنْ َأوْقَدَ سِرَاجًا عَلَى الْقُبُورِ ،وَمَنْ بَنَى مَ ْ
ص ْوتِهَا بِالْبُكَاءِ ،وَاْلحَالِقَةَ لِشَعْ ِرهَا ،وَالشَّاقَّةَ لَِث ْوبِهَا عِنْدَ اْلمُصِيبَةِ َ ،واَلَّذِينَ يُثَقِّفُونَ :أَيْ الرَّافِعَةَ لِ َ الْكَلَامَ تَثْقِيفَ الشِّعْرِ .
سبَ إلَى غَيْرِهِ ،وَمَنْ قَذَفَ اْل ُمحْصَنَةَ ، وَمَنْ أَفْسَدَ فِي الْأَرْضِ وَالْبِلَا ِد ،وَمَنْ انْتَفَى مِنْ َأبِيهِ َأوْ انْتَ َ
صحَابَهُ ،وَمَنْ َق َط َع رَ ِحمَهُ ،وَمَنْ كَتَمَ الْقُرْآنَ ،وَمَنْ لَعَنَ َأَب َويْهِ َأوْ أَحَ َد ُهمَا ،وَمَنْ مَكَرَ وَمَنْ لَعَنَ َأ ْ َرقَ بَيْنَ اْلوَالِدَةِ َو َولَ ِدهَا ،وَاْلمُغَنِّي بَيْنَ الْأَخِ ِبمُسْلِمٍ َأوْ ضَارَّهُ ،وَاْلمُغَنَّى لَ ُه ،وَالشَّ ْيخَ الزَّانِ َي ،وَمَنْ ف َّ جبْ . َوأَخِيهِ ،وَمَنْ جَلَسَ وَسَطَ الْحَلَقَةِ ،وَمَنْ َس ِمعَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ َولَمْ ُي ِ
وَقَا ِطعَ السِّدْرِ -قَالَ َأبُو الدَّرْدَاءِ :هَذَا فِي السِّدْرِ الَّذِي فِي الطُّرُقَاتِ وَفِي الَْبوَادِي يَسْتَظِلُّ بِهَا الس َموَاتِ السَّ ْبعَ وَالْأَ َرضِنيَ السَّبْعَ وَاْلجِبَالَ لَيَلْعَنَّ الشَّ ْيخَ الزَّانِيَ } . اْلمَارَّةُ -وَقَالَ { :إنَّ َّ
ِالشطْرَْنجِ . { َولَعَنَ اللَّهُ مَنْ يَلْ َعبُ ب ِّ
ص رَقِيقٍ بِغَيْرِ إزَارٍ بَادِي الْ َعوْرَةِ لَعَنَتْهُ اْلمَلَائِكَةُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى مَنْ ِزلِهِ َأوْ يَتُوبَ } . وَمَنْ مَشَى بِ َقمِي ٍ
صحَابِي فَعَلَى الْعَالِمِ َأنْ ُيظْ ِهرَ عِ ْلمَهُ ،فَِإنْ لَمْ يَفْ َعلْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ { َوإِذَا ظَهَرَتْ الْبِ َدعُ وَسُبَّتْ َأ ْ وَاْلمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَ ْجمَعِنيَ } .
صحَابًا َفجَ َعلَ مِنْهُمْ وُزَرَاءَ َوَأنْصَارًا َوَأصْهَارًا َ ،فمَنْ سَبَّهُمْ { إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اخْتَا َرنِي وَاخْتَارَ لِي َأ ْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَاْلمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَ ْجمَعِنيَ لَا يَقَْبلُ اللَّهُ مِنْهُ
()733/2
َي ْومَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا َولَا عَ ْدلًا } .
{ سَبْعَةٌ لَا يَ ْنظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َولَا يُزَكِّيهِمْ َويَقُولُ لَهُمْ اُدْخُلُوا النَّارَ َمعَ الدَّاخِلِنيَ :الْفَا ِعلُ
وَاْلمَفْعُولُ بِهِ َ ،ونَا ِكحُ يَدِهِ َ ،ونَا ِكحُ الْبَهِيمَةِ َ ،ونَا ِكحُ اْلمَ ْرأَةِ فِي ُدبُ ِرهَا ،وَجَامِعٌ بَيْنَ اْلمَ ْرأَةِ َوبِنْتِهَا ، وَالزَّانِي ِبحَلِيلَةِ جَارِ ِه ،وَاْل ُمؤْذِي ِلجَارِهِ ،وَمَنْ َولِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَلَمْ يَرْ َحمْهُمْ فَعَلَيْهِ بَهْلَةُ اللَّهِ
قَالُوا وَمَا بَهْلَةُ اللَّهِ ؟ قَالَ لَعْنَةُ اللَّهِ } .
{ وَمَنْ أَحْدَثَ فِي اْلمَدِينَةِ حَدَثًا َأوْ آوَى ُمحْ ِدثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَاْلمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَ ْجمَعِنيَ لَا يَقَْبلُ اللَّهُ مِنْهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا َولَا عَ ْدلًا } .
{ وَمَنْ َتوَلَّى غَيْرَ َموَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَاْلمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ َأجْمَعِنيَ } . الزوْجِ عَلَى َزوْجَتِهِ إنْ سََألَهَا َوهِيَ { وَالْهَاجِرَةُ لِفِرَاشِ َزوْجِهَا تَلْعَنُهَا اْلمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ فَإِنَّ حَقَّ َّ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ َأنْ لَا َتمْنَعَهُ نَفْسَهَا } .
شتْ َولَا يُقَْبلُ َوعًا إلَّا بِإِ ْذنِهِ فَِإنْ فَعَ َلتْ جَا َعتْ َو َعطِ َ الزوْجَةِ َأنْ لَا تَصُومَ َتط ُّ الزوْجِ عَلَى َّ { َومِنْ حَقِّ َّ مِنْهَا َولَا َتخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا إلَّا بِإِ ْذنِهِ فَِإنْ فَعَ َلتْ لَعَنَتْهَا مَلَائِكَةُ الرَّ ْحمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ حَتَّى تَرْ ِجعَ } .
{ مَنْ أَشَارَ إلَى أَخِيهِ ِبحَدِيدَةٍ مَلْعُونٌ َوِإنْ كَانَ أَخَاهُ مِنْ َأبِيهِ َوأُمِّهِ } .
{ لَعَنَ اللَّهُ اْلوَاصِلَةَ وَاْلمُسَْتوْصِلَةَ وَاْلوَا ِشمَةَ ،وَاْلمُسَْتوْ ِشمَةَ وَالنَّامِصَةَ وَاْلمُتَنَمِّصَةَ } . َرفُ لِكِتَابِ اللَّهِ } ، الد ْعوَةِ اْل ُمح ِّ { ِستَّةٌ لَعَنَتْهُمْ } ،وَفِي ِروَايَةٍ { :لَعَنَهُمْ اللَّهُ َوكُلُّ نَبِيٍّ ُمجَابُ َّ
وَفِي ِروَايَةٍ { :الزَّائِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَاْلمُكَذِّبُ بِقَدَرِ اللَّهِ وَاْلمُتَسَلِّطُ بِاْلجَبَرُوتِ لِيُعِزَّ مَنْ أَذَلَّ اللَّهُ
َويُذِلَّ مَنْ َأعَزَّ اللَّ ُه ،وَاْلمُسْتَحِلُّ حُرْمَةَ اللَّهِ ،وَاْلمُسَْتحِلُّ ِمنْ عِتْ َرتِي وَالتَّارِكُ لِسُنَّتِي } . َوأَمَّا
()732/2
الَّذِينَ لَعَنَهُ ْم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَِأعْيَانِهِمْ فَهُمْ مَا تَضَمَّنَهُ َق ْولُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
صوْا اللَّهَ وَرَسُولَهُ } فَهَذِهِ ثَلَاثُ قَبَاِئلَ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ ،لَكِنْ { اللَّهُمَّ الْعَ ْن َرعْلًا وَ َذ ْكوَانَ َوعُصَيَّةَ عَ َ َيجُوزُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ َم ْوتَهُمْ َأوْ َموْتَ َأكْثَ ِرهِمْ عَلَى الْكُفْرِ فَلَمْ يَلْعَنْ إلَّا مَنْ عَلِمَ َم ْوتَهُ حوَ لَا الدعَاءُ عَلَى الظَّالِمِ َن ْ الدعَاءُ عَلَى الِْإنْسَانِ بِالشَّرِّ حَتَّى ُّ عَلَيْهِ ،قَالَ بَعْضُهُمْ َ :ويَقْرَبُ مِنْ اللَّعْنِ ُّ
حوَ َذلِكَ َوكَ َذلِكَ كُلُّ مَذْمُومٍ َ ،ولَعْنُ َجمِيعِ اْلحََيوَانَاتِ سمَهُ َولَا س ََّلمَهُ اللَّهُ َوَن ْ َأصَحَّ اللَّهُ جِ ْ
جمَادَاتِ كُلُّهُ مَذْمُومٌ ،قَالَ بَ ْعضُ الْعُ َلمَاءِ :مَنْ لَعَ َن ،مَا لَا يَسَْتحِقُّ اللَّعْنَ فَلْيُبَادِرْ بِ َق ْولِهِ :إلَّا َأنْ وَاْل َ
ِق َ ،ولِلْآمِرِ ِبمَعْرُوفٍ وَالنَّاهِي عَنْ مُنْكَرٍ َوكُلُّ ُمؤَدِّبٍ َأنْ يَقُولَ ِلمَنْ ُيخَاطِبُهُ فِي َذلِكَ يَكُونَ لَا يَسَْتح ُّ النظَرِ لِنَفْسِهِ يَا ظَالِمَ نَفْسِهِ ، الْأَمْرِ بِقَصْدِ الزَّجْرِ وَالتَّأْدِيبِ َ :ويْلَك أَوْ يَا ضَعِيفَ اْلحَالِ يَا قَلِيلَ َّ حوَ َذلِكَ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ كَذِبٌ َولَا قَ ْذفٌ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ َأوْ تَعْرِيضٌ َوَلوْ كَانَ صَادِقًا فِيهِ . َوَن ْ
()737/2
َرؤُ الِْإنْسَانِ مِنْ نَسَبِهِ َأوْ مِنْ وَالِدِهِ وَانْتِسَابُهُ إلَى ( الْكَبِريَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :تَب ُّ غَيْرِ َأبِيهِ َمعَ عِ ْلمِهِ بُِبطْلَانِ َذلِكَ ) .
ص َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ َوَأبُو دَاوُد عَنْ سَعْدِ بْنِ َأبِي وَقَّا ٍ ادعَى إلَى غَيْرِ َأبِيهِ َو ُهوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ َأبِيهِ فَاْلجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ } . قَالَ { :مَنْ َّ
َوَأبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى ستْ مِنْ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :لَمَّا نَ َزَلتْ آيَةُ اْلمُلَاعَنَةِ أَُّيمَا امْ َرأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى َق ْومٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْ َ
ضحَهُ اللَّهِ فِي شَ ْيءٍ َولَنْ يُدْخِلَهَا جَنَّتَهُ َ ،وأَُّيمَا رَ ُجلٍ َجحَدَ َولَدَهُ وَ ُهوَ يَ ْنظُرُ إلَيْهِ احَْتجَبَ اللَّهُ عَنْهُ وَفَ َ
َولِنيَ وَالْآخِرِينَ } . عَلَى ُرءُوسِ اْلخَلَائِقِ مِنْ الْأ َّ
ادعَى مَنْ لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا ادعَى لِغَيْرِ َأبِيهِ َو ُهوَ يَعْلَمُ إلَّا كَفَرَ ،وَمَنْ َّ وَالشَّ ْيخَانِ { :لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ َّ َوأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّا ِر ،وَمَنْ َدعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ َأوْ قَالَ عَدُوُّ اللَّهِ َولَيْسَ كَ َذلِكَ إلَّا حَارَ عَلَيْهِ } َولْيَتَب َّ
ي رَ َجعَ . بِاْلمُ ْهمَلَةِ :أَ ْ ادعَى إلَى غَيْرِ َأبِيهِ َأوْ انَْتمَى إلَى غَيْرِ َموَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَاْلمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ وَالشَّ ْيخَانِ { :مَنْ َّ
أَ ْجمَعِنيَ لَا يَقَْبلُ اللَّهُ مِنْهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا َولَا عَ ْدلًا } .
وَالُْبخَارِيُّ { :لَا تَ ْرغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ َفمَنْ َر ِغبَ عَنْ َأبِيهِ فَقَدْ كَفَرَ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِريِ مِنْ حَدِيثِ َعمْرِو بْنِ شُعَ ْيبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ قَالَ :قَالَ سبٍ أَوْ رِقٍّ َأوْ ادَّعَى َرأَ مِنْ نَ َ َرأَ َأوْ كَفَرَ بِاَللَّهِ مَنْ تَب َّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :كَفَرَ مَنْ تَب َّ نَسَبًا لَا يُعْ َرفُ } .
ادعَى نَسَبًا لَا يُعْ َرفُ كَفَرَ وَ َروَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ { :مَنْ َّ
()733/2
بِاَللَّهِ َأوْ انْتَفَى مِنْ نَسَبٍ َوِإنْ دَقَّ كَفَرَ بِاَللَّهِ } .
ِن ِرحيَهَا لَيُوجَدُ مِنْ قَدْرِ سَبْعِنيَ عَامًا َأوْ ادعَى إلَى غَيْرِ َأبِيهِ لَمْ يَرِحْ رَاِئحَةَ اْلجَنَّةِ َوإ َّ َوأَ ْحمَدُ { :مَنْ َّ مَسِريَةِ سَبْعِنيَ عَامًا } .
سمِائَةِ عَامٍ } الصحِيحِ َ { :ألَا َوإِنَّ ِرحيَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِريَةِ َخمْ ِ وَفِي ِروَايَةٍ لِابْنِ مَاجَهْ وَرِجَالُهَا رِجَالُ َّ .
َوكَأَنَّهُ َيخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ اْلمُدْ ِركِنيَ َ ،فمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشُمُّهُ مِنْ مَسِريَةِ َخمْسمِائَةِ عَامٍ ،وَمِنْهُمْ مَنْ
يَشُمُّهُ مِنْ مَسِريَةِ سَبْعِنيَ سَنَةً .
ادعَى إلَى غَيْرِ َأبِيهِ أَوْ انَْتمَى إلَى غَيْرِ َموَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ اْلمُتَتَابِعَةُ إلَى َي ْومِ َوَأبُو دَاوُد { :مَنْ َّ
الْقِيَامَةِ } . ضحٌ جَلِيٌّ َ ،وِإنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ الصحِيحَةِ َ ،وهُوَ وَا ِ تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَ َذيْنِ ُهوَ صَرِيحُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ َّ
بِهِ ،وَالْكُفْرُ فِيهِ ِبمَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ ُيؤَدِّي إلَيْهِ َأوْ اسَْتحَلَّ أَوْ كَفَرَ النِّ ْعمَةَ .
()735/2
( الْكَبِريَةُ الرَّابِعَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ الثَّاِبتِ فِي ظَاهِرِ الشَّ ْرعِ ) قَالَ -
تَعَالَى َ { : -واَلَّذِينَ ُيؤْذُونَ اْلمُؤْمِنِنيَ وَاْل ُمؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدْ احَْتمَلُوا بُهْتَانًا َوِإْثمًا مُبِينًا }
. َوأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ َأبِي هُ َريْرَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :اثْنَتَانِ
فِي النَّاسِ ُهمَا بِهِمْ كُفْرٌ :الطَّعْنُ فِي الَْأنْسَابِ ،وَالنِّيَاحَةُ عَلَى اْلمَِّيتِ } .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ صَرِيحُ هَذَا اْلحَدِيثِ َو ُهوَ ظَاهِرٌ َوِإنْ لَ ْم أَرَ مَنْ َذكَرَهُ .
()736/2
طءِ ( الْكَبِريَةُ اْلخَامِسَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ َ :أنْ تُدْ ِخلَ اْلمَ ْرأَةُ عَلَى َق ْومٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ بِ ِزنًا َأوْ وَ ْ شُبْهَةٍ ) أَخْرَجَ َأبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ َ ،عنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ { أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمَّا نَ َزلَتْ آيَةُ اْلمُلَاعَنَةِ :أَُّيمَا امْ َرأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى َق ْومٍ مَنْ لَيْسَ جبَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ َولَنْ يُدْخِلَهَا جَنَّتَهُ َ ،وأَُّيمَا رَ ُجلٍ َجحَدَ َولَدَهُ َو ُهوَ يَ ْنظُرُ إلَيْهِ احَْت َ
َولِنيَ وَالْآخِرِينَ } . ضحَهُ عَلَى ُرءُوسِ اْلخَلَائِقِ مِنْ الْأ َّ اللَّهُ عَنْهُ وَفَ َ
()733/2
كِتَابُ الْعِدَدِ .
( الْكَبِريَةُ السَّادِسَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :اْلخِيَانَةُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ) .
وَذِكْرُ هَذَا مِنْ الْكَبَائِرِ غَيْرُ بَعِيدٍ ِلمَا يَتَرََّتبُ عَلَيْهِ مِنْ تَسَلُّطِ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى بَعْضِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَفِي َذلِكَ مِنْ َعظِيمِ الضَّرَرِ وَاْلمَفَاسِدِ مَا لَا ُيحْصَى .
()733/2
( الْكَبِريَةُ السَّابِعَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :خُرُوجُ اْلمُعْتَدَّةِ مِنْ اْلمَسْكَنِ الَّذِي يَلْزَمُهَا مُلَازَمَتُهُ إلَى
انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ شَ ْرعِيٍّ ) .
وَ ِذكْرُ هَذَا غَيْرُ بَعِيدٍ َأيْضًا قِيَاسًا عَلَى خُرُوجِهَا مِنْ بَيْتِ َز ْوجِهَا بِغَيْرِ إ ْذنِهِ َ ،بلْ هَذَا َأ ْولَى فِي اْلمُعْتَدَّةِ
سبِ َوغَيْرِهِ . عَنْ وَفَاةٍ ؛ لِأَنَّ فِي مُلَازَمَتِهَا اْلمَسْكَنَ حَقًّا ُمؤَكَّدًا لِلَّهِ -تَعَالَى -مِنْ حِفْظِ النَّ َ
()733/2
( الْكَبِريَةُ الثَّامِنَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :عَ َدمُ إحْدَادِ اْلمَُتوَفَّى عَنْهَا َزوْجُهَا ) وَ ِذكْرُ هَذَا غَيْرُ بَعِيدٍ ِلمَا يَتَرََّتبُ عَلَيْهِ مِنْ اْلمَفَاسِدِ الْكَثِريَةِ .
()733/2
طءُ الْأَمَةِ قَ ْبلَ اسْتِبْرَائِهَا ) وَ ِذكْرُ هَذَا غَيْرُ بَعِيدٍ َأيْضًا ؛ ( الْكَبِريَةُ التَّاسِعَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :وَ ْ
ُم َرَأيْت خَبَرَ مُسْلِمٍ ِلمَا يَتَرََّتبُ عَلَيْهِ مِنْ اخْتِلَاطِ اْلمِيَاهِ َوضَيَاعِ الَْأنْسَابِ َوغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ اْلمَفَاسِدِ ،ث َّ الصَّرِيحَ فِيهِ إنْ كَاَنتْ حَامِلًا .
سطَاطٍ فَسَأَلَ عَنْهَا ،فَقَالُوا هَذِهِ وَسَبَبُهُ { :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِامْ َرأَةٍ حَا ِملٍ عَلَى بَابِ فُ ْ أَمَةٌ لِفُلَانٍ ،فَقَالَ َألَمَّ بِهَا ؟ قَالُوا :نَعَمْ . فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :لَقَدْ َه َممْت َأنْ َألْعَنَهُ لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ ،كَيْفَ يُو ِرثُهُ َو ُهوَ لَا َيحِلُّ
لَهُ ؟ كَيْفَ يَسَْتخْدِمُهُ َو ُهوَ لَا َيحِلُّ لَهُ } :أَيْ ؛ لِأَنَّ أَمْرَ اْل َولَدِ مُشْ ِكلٌ إذْ يُحَْت َملُ أَنَّهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ ،فَِإنْ كَانَ َولَدَهُ لَمْ َيحِلَّ لَهُ نَفْيُهُ وَاسْتِرْقَاقُهُ وَاسِْتخْدَامُهُ َ ،وِإنْ كَانَ َولَدُ غَيْرِهِ لَمْ َيحِلَّ لَهُ اسْتِ ْلحَاقُهُ
َوَتوْرِيثُهُ .
َالدوَابِّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِ َذلِكَ . الزوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ وَاْل َممَالِيكِ مِنْ الرَّقِيقِ و َّ كِتَابُ النَّفَقَاتِ عَلَى َّ
()733/2
َوغٍ شَ ْرعِيٍّ ) . س َوتِهَا مِنْ غَيْرِ مُس ِّ الزوْجَةِ َأوْ كِ ْ ( الْكَبِريَةُ الثَّلَاُثمِائَةِ :مَ ْنعُ نَفَقَةِ َّ وَ ِذكْرُ هَذَا ظَاهِرٌ َنظِريَ مَا يَ ْأتِي فِي الظُّلْمِ ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أَقَْبحِهِ َ ،ويَ ْأتِي فِي الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ
َتامٌّ بِهَا .
()732/2
( الْكَبِريَةُ اْلحَا ِديَةُ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :إضَاعَةُ عِيَالِهِ كََأ ْولَادِهِ الصِّغَارِ ) أَخْرَجَ َأبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :كَفَى بِاْلمَ ْرءِ إْثمًا َأنْ
يُضَِّيعَ مَنْ يَقُوتُ } .
َححَهُ . َروَاهُ اْلحَاكِمُ َوص َّ
إلَّا أَنَّهُ قَالَ { :مَنْ يَعُولُ } . صحِيحِهِ { إنَّ اللَّهَ سَاِئلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَ ْرعَاهُ أَحَفِظَ َأمْ ضََّيعَ حَتَّى يَسْأَلَ الرَّ ُجلَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ عَنْ َأ ْهلِ بَيْتِهِ } .
وَالشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا { :كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَ ْن َرعِيَّتِهِ ،الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ َرعِيَّتِهِ ،وَالرَّ ُجلُ ت َزوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ َرعِيَّتِهَا ،وَاْلخَا ِدمُ رَاعٍ فِي َأهْلِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ َرعِيَّتِهِ وَا ْلمَ ْرأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَ ْي ِ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ َرعِيَّتِهِ َ ،وكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ َرعِيَّتِهِ } .
تَنْبِيهٌ ِ :ذكْرُ هَذَا ظَاهِرٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ ؛ لِأَنَّهُ َأيْضًا مِنْ أَقَْبحِ الظُّلْمِ َوأَ ْفحَشِهِ .
الزوْجَةِ وَالْعِيَالِ سَِّيمَا الْبَنَاتُ . فَائِدَةٌ :فِي ِذكْرِ مَا وَرَدَ مِنْ اْلحَثِّ عَلَى الْإِحْسَانِ إلَى َّ
أَخْرَجَ مُسْلِمٌ { :دِينَارٌ َأنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ،وَدِينَارٌ َأنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ ،وَدِينَارٌ تَصَدَّ ْقتَ بِهِ عَلَى مِسْكِنيٍ ،وَدِينَارٌ َأنْفَقْتَهُ عَلَى َأهْلِك َأ ْع َظمُهَا أَجْرًا الَّذِي َأنْفَقْتَهُ عَلَى َأهْلِك } .
ضلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّ ُجلُ دِينَارٌ يُنْفِ ُقهُ عَلَى عِيَالِهِ ،وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ { :أَفْ َ صحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } . سَبِيلِ اللَّهِ ،وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى َأ ْ
قَالَ َأبُو قِلَابَةَ :بَ َدأَ بِالْعِيَالِ َ ،وأَيُّ رَ ُجلٍ َأ ْعظَمُ أَجْرًا مِنْ رَ ُجلٍ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالٍ صِغَارٍ يُعِفُّهُمْ اللَّهُ َأوْ يَنْفَعُهُمْ اللَّهُ لَهُ َويُغْنِيهِمْ . حوِهِ { :عُرِضَ عَلَيَّ أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ صحِيحِهِ َ ،وكَذَا التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ بَِن ْ وَابْنُ خُ َزْيمَةَ فِي َ
اْلجَنَّةَ ،
()737/2
َوأَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ النَّارَ .
صحَ لِسَيِّدِهِ َ ،وعَفِيفٌ فَأَمَّا أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ اْلجَنَّةَ :فَالشَّهِيدُ َ ،وعَبْدٌ َممْلُوكٌ أَحْسَنَ عِبَادَ َة رَبِّهِ َونَ َ
مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ .
َوأَمَّا أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ النَّارَ فَأَمِريٌ مُسَلَّطٌ ،وَذُو ثَ ْروَةٍ مِنْ مَالٍ لَا ُيؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ مِنْ مَالِهِ ،وَفَقِريٌ
َفخُورٌ } . وَالشَّ ْيخَانِ مِنْ ُجمْلَةِ حَدِيثٍ َطوِيلٍ لِسَعْدِ بْنِ َأبِي وَقَّاصٍ َ { :وإِنَّك لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ
إلَّا أُجِرْت عَلَيْهَا حَتَّى مَا َتجْعَلُ فِي فِي امْ َرَأتِكَ } .
َوأَ ْحمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ { :مَا َأطْ َعمْت نَفْسَك فَ ُهوَ لَك صَدَقَ ٌة } -أَيْ إنْ كَانَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ بِقَصْدِ
التَّقَوِّي بِهِ عَلَى الطَّاعَةِ َكمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الْ َقوَاعِدِ الشَّ ْرعِيَّةِ { -وَمَا َأطْ َعمْت َولَدَك فَ ُهوَ لَك صَدَقَةٌ ،وَمَا َأطْ َعمْت َزوْجَتَك فَ ُهوَ لَك صَدَقَةٌ ،وَمَا َأطْ َعمْت خَادِمَك فَ ُهوَ لَك صَدَقَةٌ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ { :مَنْ َأنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ نَفَقَةً يَسْتَعِفُّ بِهَا فَهِيَ صَدَقَةٌ . مَنْ َأنْفَقَ عَلَى امْ َرَأتِهِ َو َولَدِهِ وََأ ْهلِ بَيْتِهِ فَهِيَ صَدَقَةٌ } َ ،وهَذَا مُفَسِّرٌ ِلمَا قَبْلَهُ .
ضلُ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْ َدأْ بِمَنْ تَعُولُ حوِهِ { :الْيَدُ الْعُلْيَا أَفْ َ وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَالشَّ ْيخَانِ بَِن ْ
أُمَّك َوَأبَاك َوأُخْتَك َوأَخَاك وَأَ ْدنَاك فَأَ ْدنَاك } .
صحَابِهِ { :تَصَدَّقُوا فَقَالَ رَ ُجلٌ يَا صحِيحِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ َيوْمًا لَِأ ْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي دِينَارٌ قَالَ أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِك ،قَالَ إنَّ عِنْدِي آخَرَ قَالَ َأنْفِقْهُ عَلَى َزوْجَتِك ،قَالَ إنَّ عِنْدِي آخَرَ قَالَ َأنْفِقْهُ عَلَى َولَدِك ،قَالَ إنَّ عِنْدِي آخَرَ قَالَ َأنْفِقْهُ عَلَى خَادِمِك ،قَالَ إنَّ عِنْدِي آخَرَ قَالَ َأْنتَ َأبْصَرُ بِهِ } .
صحَابِهِ الصحِيحِ { :أَنَّ رَجُلًا مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وََأ ْ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ رِجَالُ َّ فَ َرَأوْا مِنْ جَلَدِهِ َونَشَاطِهِ ،
()733/2
فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ َلوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّ ِه ،فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :إنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى رييْنِ فَهُوَ فِي عَلَى َولَدِهِ صِغَارًا فَ ُهوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ َ ،وِإنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى َأَب َويْنِ شَيْخَيْنِ كَبِ َ
سَبِيلِ اللَّهِ َ ،وِإنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يُعِفُّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ َ ،وِإنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى ِريَاءً وَمُفَاخَرَةً فَ ُهوَ فِي سَبِيلِ الشَّ ْيطَانِ } .
َححَ إسْنَادَهُ { :كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ ،وَمَا َأنْفَقَ الرَّ ُجلُ عَلَى أَهْلِهِ كُِتبَ لَهُ وَالدَّارَ ُقطْنِيُّ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ صَدَقَةٌ ،وَمَا وَقَى بِهِ اْلمَ ْرءُ عِ ْرضَهُ كُِتبَ لَهُ بِهِ صَدَقَ ٌة ،وَمَا َأنْفَقَ اْل ُمؤْمِنُ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّ خَلَفَهَا عَلَى اللَّهِ َواَللَّهُ ضَامِنٌ إلَّا مَا كَانَ فِي بُنْيَانٍ َأوْ مَعْصِيَةٍ } ،وَفُسِّرَتْ وِقَايَةُ الْعِرْضِ ِبمَا يُ ْعطَى لِلشَّاعِرِ وَذِي
اللِّسَانِ اْلمُتَّقَى .
الصحِيحِ إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ فِي كَلَامٍ مُرِيبٍ . وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ مُحْتَجٌّ بِهِمْ فِي َّ قَالَ اْلحَافِظُ اْلمُنْذِرِيُّ بَعْدَ ِذكْرِهِ َذلِكَ اْلحَدِيثَ غَرِيبٌ { :إنَّ اْلمَعُونَةَ تَ ْأتِي مِنْ اللَّهِ عَلَى قَدْرِ اْل ُم ْؤنَةِ َ ،وإِنَّ الصَّبْرَ يَ ْأتِي مِنْ اللَّهِ عَلَى قَدْرِ الْبَلَاءِ } .
ضعُ فِي مِيزَانِ الْعَبْدِ نَفَقَتُهُ عَلَى َأهْلِهِ } . وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ { :أَوَّلُ مَا يُو َ
صحِيحٍ { :كُلُّ مَا صَنَعْت إلَى أَهْلِك فَهُ َو صَدَقَةٌ عَلَيْهِمْ } . وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ َ
سمَتْهَا وَالشَّ ْيخَانِ { :أَنَّ امْ َرأَةً دَخَ َلتْ تَسْأَلُ عَائِشَةَ وَمَعَهَا بِنْتَاهَا فَلَمْ َتجِدْ إلَّا َتمْرَةً فََأ ْعطَتْهَا إيَّاهَا فَقَ َ بَيْنَ بِنْتَيْهَا َولَمْ تَ ْأ ُكلْ مِنْهَا ،فَ َذكَرَتْ عَائِشَةُ َذلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :مَنْ ُابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَ ْيءٍ فَأَحْسَنَ إلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا َأوْ ِحجَابًا مِنْ النَّارِ } .
ت ،فََأ ْع َطتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ ُهمَا تَمْرَةً ، وَمُسْلِمٌ { :إنَّ مِسْكِينَةً جَا َءتْهَا بِبِنْتَيْهَا فََأ ْعطَتْهَا ثَلَاثَ َتمَرَا ٍ
وَرَفَ َعتْ إلَى
()735/2
التمْرَةَ الَّتِي كَاَنتْ تُرِيدُ َأنْ تَ ْأكُلَهَا بَيْنَ ُهمَا فَأَ ْعجَبَهَا فِيهَا َتمْرَةً لِتَ ْأكُلَهَا فَاسَْتطْ َعمَتْهَا ابْنَتَاهَا فَشَقَّتْ َّ
شَ ْأنُهَا فَ َذكَ َرتْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :إنَّ اللَّهَ قَدْ َأوْ َجبَ لَهَا بِهَا اْلجَنَّةَ َأوْ َأعْتَقَهَا
بِهَا مِنْ النَّارِ } .
وَمُسْلِمٌ { :مَنْ عَالَ جَا ِريَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َأنَا َو ُهوَ َوضَمَّ َأصَابِعَهُ } . وَالتِّرْمِذِيُّ َولَ ْفظُهُ { :مَنْ عَالَ جَا ِريَتَيْنِ دَخَلْت َأنَا َو ُهوَ اْلجَنَّةَ كَهَاتَيْنِ َوأَشَارَ بُِأصْبُعَيْهِ } .
صحِيحِهِ َولَ ْفظُهُ { :مَنْ عَالَ ابْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أُخْتَيْنِ َأوْ ثَلَاثًا حَتَّى يَبْنِنيَ َأوْ َيمُوتَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ عَنْهُنَّ كُنْت َأنَا َو ُهوَ فِي اْلجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ َوأَشَارَ بُِأصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ َواَلَّتِي تَلِيهَا } .
صحِبَ ُهمَا إلَّا َححَهَا َجمَاعَةٌ { :مَا مِنْ مُسْلِمٍ لَهُ ابْنَتَانِ فَُيحْسِنُ إلَيْ ِهمَا مَا صَحِبَتَاهُ َأوْ َ وَفِي أُخْرَى ص َّ
أَدْخَلَتَاهُ اْلجَنَّةَ } .
وَفِي أُخْرَى َشوَاهِ ُدهَا كَثِريَةٌ { :مَا مِنْ مُسْلِمٍ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ فَيُنْفِقُ عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَبْنِنيَ َأوْ َيمُتْنَ إلَّا كُنَّ
لَهُ ِحجَابًا مِنْ النَّا ِر ،فَقَاَلتْ لَهُ امْ َرأَةٌ َأوْ بِنْتَانِ ؟ فَقَالَ َوبِنْتَانِ } .
صحْبَتَهُنَّ وَاتَّقَى اللَّهَ فِيهِنَّ فَلَهُ اْلجَنَّةُ } . وَفِي أُخْرَى لِلتِّرْمِذِيِّ { :فَأَحْسَنَ ُ ُن فَلَهُ اْلجَنَّةُ } . وَفِي أُخْرَى لَِأبِي دَاوُد َ { :فأَدَّبَهُنَّ َوأَحْسَنَ إلَيْهِنَّ وَزَوَّجَه َّ
َححَهُ { :مَنْ كَاَنتْ لَهُ أُنْثَى فَلَمْ يَئِ ْدهَا -أَيْ يَدْفِنْهَا حَيَّةً عَلَى عَادَةِ َوَأبُو دَاوُد وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
الذكَرَ عَلَيْهَا أَ ْدخَلَهُ اللَّهُ اْلجَنَّةَ } . اْلجَاهِلِيَّةِ َ -ولَمْ يُهِنْهَا َولَمْ ُيؤْثِرْ َولَدَهُ يَعْنِي َّ سبُ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا حَتَّى َوأَ ْحمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ { :مَنْ َأنْفَقَ عَلَى ابْنَتَيْنِ َأوْ أُخْتَيْنِ َأوْ َذوَاتَيْ قَرَابَةٍ َيحْتَ ِ
ضلِ اللَّهِ َأوْ يَكْفِيَ ُهمَا كَانَتَا لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ } . يُغْنِيَ ُهمَا مِنْ فَ ْ َوأَ ْحمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ جَابِرٍ
()736/2
َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّ َم { :مَنْ كُنَّ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ ُي ْؤوِيهِنَّ اللهِ َوِإنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ ؟ قَالَ َوِإنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ َويَرْ َحمُهُنَّ َويَكْفُلُهُنَّ وَجََبتْ لَهُ اْلجَنَّةُ َألْبَتَّةَ قِيلَ يَا رَسُولَ َّ .
قَالَ فَ َرأَى بَ ْعضُ الْ َق ْومِ َأنْ َلوْ قَالَ وَاحِدَةً لَقَالَ وَاحِدَةً } .
وَ َروَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ :وَزَادَ { َويُزَوِّجُهُنَّ } .
َححَهُ { :مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ يَصْبِرُ عَلَى لَ ْأوَائِهِنَّ َوضَرَّائِهِنَّ وَسَرَّائِهِنَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
اْلجَنَّةَ بِرَ ْحمَتِهِ إيَّاهُنَّ .
فَقَالَ رَ ُجلٌ :وَابْنَتَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ وَابْنَتَانِ ،قَالَ رَ ُجلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ َووَاحِدَةٌ ؟ قَالَ َووَاحِدَةٌ }.
()733/2
( الْكَبِريَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :عُقُوقُ اْلوَالِ َديْنِ َأوْ أَحَ ِد ِهمَا َوِإنْ عَلَا َوَلوْ َمعَ وُجُودِ أَقْرَبَ مِنْهُ ) قَالَ -تَعَالَى { : -وَاعْبُدُوا اللَّهَ َولَا تُشْ ِركُوا بِهِ شَيْئًا َوبِاْلوَالِ َديْنِ إحْسَانًا } قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :يُرِيدُ الْبِرَّ
النظَرَ إلَيْ ِهمَا َ ،ولَا يَرْ َفعُ جوَابِ َ ،ولَا ُيحِدُّ َّ اللطْفِ َولِنيِ اْلجَاِنبِ ،فَلَا يُغْلِظُ لَ ُهمَا فِي اْل َ بِ ِهمَا َمعَ ُّ ص ْوتَهُ عَلَيْ ِهمَا ،بَلَى يَكُونُ بَيْنَ يَ َديْ ِهمَا مِ ْثلَ الْعَبْدِ بَيْنَ يَدَيْ السَّيِّدِ تَذَلُّلًا لَ ُهمَا ،وَقَالَ -تَعَالَى { : - َ
وَقَضَى رَبُّك أَلَّا تَعْبُدُوا إلَّا إيَّاهُ َوبِاْلوَالِ َديْنِ إحْسَانًا إمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَك الْكِبَرَ أَحَ ُد ُهمَا َأوْ كِلَا ُهمَا فَلَا تَقُلْ لَ ُهمَا أُفٍّ َولَا تَنْهَ ْر ُهمَا وَ ُقلْ لَ ُهمَا َق ْولًا كَرِميًا وَاخْ ِفضْ لَ ُهمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّ ْحمَةِ وَ ُقلْ رَبِّ
ارْ َحمْ ُهمَا َكمَا رَبَّيَانِي صَغِريًا } أَمَرَ اللَّهُ -تَعَالَى -بِالْإِحْسَانِ إلَيْ ِهمَا َ ،و ُهوَ الْبِرُّ وَالشَّفَقَةُ وَالْ َعطْفُ
َالتوَدُّدُ َوإِيثَا ُر ِرضَا ُهمَا . و َّ
َونَهَى عَنْ َأنْ يُقَالَ لَ ُهمَا أُفٍّ ،إذْ ُهوَ كِنَايَةٌ عَنْ الْإِيذَاءِ بِأَيِّ َن ْوعٍ كَانَ حَتَّى بِأَقَلِّ َأْنوَاعِهِ ،وَمِنْ ثَمَّ وَرَدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :قَالَ َ { :لوْ عَلِمَ اللَّهُ شَيْئًا أَدْنَى مِنْ أُفٍّ لَنَهَى عَنْ ُه ،فَلْيَ ْع َملْ الْعَاقُّ مَا شَاءَ َأنْ يَ ْع َملَ فَلَنْ يَدْخُلَ اْلجَنَّةَ َ ،ولْيَ ْع َملْ الْبَارُّ مَا شَاءَ َأنْ يَ ْعمَلَ فَلَنْ يَدْ ُخلَ النَّارَ } .
اللطِيفُ اْل ُمشَْت ِملُ عَلَى الْ َعطْفِ وَالِاسِْتمَالَةِ وَ ُموَافَقَةِ ثُمَّ أَمَرَ بَِأنْ يُقَالَ لَ ُهمَا الْ َقوْلُ الْكَ ِرميُ :أَيْ اللَّيِّنُ َّ مُرَا ِد ِهمَا وَمَيْلِ ِهمَا وَ َمطْلُوبِ ِهمَا مَا أَمْكَنَ سَِّيمَا عِنْدَ الْكِبَ ِر َ ،فإِنَّ الْكَبِريَ يَصِريُ َكحَالِ الطِّ ْفلِ وَأَرْذَلَ ؛
ِلمَا يَغْ ِلبُ عَلَيْهِ مِنْ اْلخَ َرفِ وَفَسَادِ التَّصَوُّ ِر ،فَيَرَى الْقَبِيحَ حَسَنًا وَاْلحَسَنَ قَبِيحًا ،فَإِذَا طَلَبْت ِرعَايَتَهُ َوغَايَةَ التَّلَطُّفِ بِهِ فِي هَذِهِ اْلحَالَةِ َوَأنْ يَتَقَرَّبَ إلَيْهِ ِبمَا يُنَا ِسبُ عَقْلَهُ إلَى أَنْ
()733/2
يَ ْرضَى فَفِي غَيْرِ هَذِهِ اْلحَالَةِ َأ ْولَى .
ثُمَّ أَمَرَ -تَعَالَى -بَعْدَ الْ َقوْلِ الْكَ ِرميِ بَِأنْ َيخْ ِفضَ لَ ُهمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الْ َقوْلِ بَِأنْ لَا يُك َِّلمَهُمَا إلَّا َمعَ الِاسْتِكَانَةِ وَالذُّلِّ وَاْلخُضُوعِ َوِإظْهَارِ َذلِكَ لَ ُهمَا ،وَاحِْتمَالِ مَا يَصْدُرُ مِنْ ُهمَا َ ،ويُرِي ِهمَا أَنَّهُ فِي غَايَةِ
حوِ َذلِكَ إلَى َأنْ يُثَلِّجَ ري َ ،ولَا يَزَالُ عَلَى َن ْ ِر ِهمَا َ ،وأَنَّهُ مِنْ أَ ْجلِ َذلِكَ ذَلِيلٌ حَقِ ٌ التَّقْصِريِ فِي حَقِّ ِهمَا َوب ِّ َالدعَاءِ ؛ وَمِنْ ثَمَّ طَلَبَ مِنْهُ بَعْدَ َذلِكَ َأنْ ِالرضَا و ُّ خَاطِ َر ُهمَا َ ،ويُبَرِّدَ قَلْبَ ُهمَا عَلَيْ ِه ،فَيَنْ َعطِفَا عَلَيْهِ ب ِّ
ضتْ مُسَاوَا ٌة َ ،وإِلَّا فَشَتَّانَ يَ ْد ُعوَ لَ ُهمَا ؛ لِأَنَّ مَا سَبَقَ يَقْتَضِي ُدعَا َء ُهمَا لَهُ كَمَا تَقَرَّرَ فَلْيُكَافِئْ ُهمَا إنْ فُ ِر َ حمِلَانِ أَذَاك َوكَلَّك َو َعظِيمَ اْلمَشَقَّةِ فِي مَا بَيْنَ اْلمَ ْرتَبَتَيْ ِن َ ،وكَيْفَ تَُتوَهَّمُ اْلمُسَاوَاةُ ،وَقَدْ كَانَا َي ْ
تَ ْربِيَتِك َ ،وغَايَةَ الْإِحْسَانِ إلَيْك ،رَاجِنيَ حَيَاتَك ُ ،مؤَمَّلِنيَ سَعَا َدتَك َ ،وَأْنتَ إنْ َحمَلْت شَيْئًا مِنْ
أَذَا ُهمَا رَ َجوْت َم ْوتَ ُهمَا ،وَسَئِمْت مِنْ مُصَاحَبَتِ ِهمَا ؛ َولِ َك ْونِ الْأُمِّ أَ ْح َملَ لِ َذلِكَ َوَأصْبَرَ عَلَيْهِ َمعَ أَنَّ
عَنَا َءهَا َأكْثَرُ وَشَفَقَتَهَا َأ ْعظَمُ ِبمَا قَاسَتْهُ مِنْ َح ْملٍ َوطَلْقٍ َو ِولَادَةٍ وَ َرضَاعٍ وَسَهَرِ لَ ْيلٍ َ ،وتَلَطُّخٍ بِالْقَذَرِ ِرهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ َ ،وعَلَى بِرِّ ِلنظَافَةِ وَالتَّرَفُّهِ حَضَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ َوسَلَّمَ عَلَى ب ِّ َالنجَسِ َ ،وَتجَُّنبٍ ل َّ و َّ
الصحِيحِ { :أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الْأَبِ مَرَّةً وَاحِدَةً َكمَا فِي اْلحَدِيثِ َّ صحَابَتِي ؟ قَالَ أُمُّك ،قَالَ ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ أُمُّك ،قَالَ ثُمَّ مَنْ ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ ِبحُسْنِ َ
قَالَ :أُمُّك ،قَالَ ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ َأبُوك ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ } .
وَقَدْ َرأَى ابْنُ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا رَجُلًا َيطُوفُ بِالْكَعْبَةِ حَامِلًا أُمَّهُ عَلَى رَقَبَتِهِ فَقَالَ :يَا ابْنَ ُعمَرَ َأتَرَى أَنِّي جَ َزيْتهَا ؟ قَالَ :لَا
()733/2
َولَا ِبطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ َولَكِنَّك أَحْسَنْت َواَللَّهُ يُثِيبُك عَلَى الْقَلِي ِل كَثِريًا .
{ وَجَاءَ رَ ُجلٌ إلَى َأبِي الدَّرْدَاءِ فَقَالَ :يَا َأبَا الدَّرْدَاءِ إنَّ لِي امْ َرأَةً َوإِنَّ أُمِّيَ تَأْمُ ُرنِي ِبطَلَاقِهَا فَقَالَ ضعْ َذلِكَ َسمِعْت رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :اْلوَالِدَةُ َأوْسَطُ َأْبوَابِ اْلجَنَّةِ فَِإنْ شِئْت فََأ ِ
الْبَابَ َأوْ احْ َفظْهُ } .
وَقَالَ -تَعَالَى َ { : -أنْ اُشْكُرْ لِي َوِلوَالِ َديْكَ } فَاْنظُرْ -وَفَّقَنِي اللَّهُ َوإِيَّاكَ -كَيْفَ قَ َرنَ شُكْ َر ُهمَا بِشُكْرِهِ .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا :ثَلَاثُ آيَاتٍ نَ َزَلتْ مَقْرُونَةً بِثَلَاثٍ لَمْ تُقَْبلْ مِنْهَا وَاحِدَةٌ بِغَيْرِ
قَرِينَتِهَا .
إحْدَاهَا َ :قوْله تَعَالَى َ { :أطِيعُوا اللَّهَ َوَأطِيعُوا الرَّسُولَ } َفمَنْ َأطَاعَ اللَّهَ َولَمْ ُي ِطعْ رَسُولَهُ لَمْ يُقَْبلْ مِنْهُ . الزكَاةَ } َفمَنْ صَلَّى َولَمْ يُزَكِّ لَمْ يُقَْبلْ مِنْهُ . وَالثَّانِيَةُ َقوْله تَعَالَى َ { :وأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا َّ
الثَّالِثَةُ َقوْله تَعَالَى َ { :أنْ اُشْكُرْ لِي َوِلوَالِ َديْكَ } َفمَنْ شَكَرَ اللَّهَ َولَمْ يَشْكُرْ وَالِ َديْهِ لَمْ يُقَْبلْ مِنْهُ ، َولِذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ِ { :رضَا اللَّهِ فِي ِرضَا اْلوَالِ َديْنِ وَ َسخَطُ اللَّهِ فِي َسخَطِ اْلوَالِ َديْنِ }
.
َوصَحَّ { أَنَّ رَجُلًا جَاءَ يَسْتَأْذِنُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّ َم فِي اْلجِهَادِ مَعَهُ ،فَقَالَ أَحَيٌّ وَالِدَاك ؟ قَالَ نَعَمْ ،قَالَ فَفِي ِهمَا َفجَاهِدْ } .
الصحِيحَيْنِ َ { :ألَا َضلَ بِرَّ اْلوَالِ َديْنِ وَخِدْمَتَهُمَا عَلَى اْلجِهَادِ مَعَ ُه ،وَسَيَ ْأتِي فِي حَدِيثِ َّ فَاْنظُرْ كَيْفَ ف َّ ُأنَبِّئُكُمْ بَِأكْبَرِ الْكَبَائِرِ ؟ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ َ ،وعُقُوقُ اْلوَالِ َديْنِ } .
فَاْنظُرْ كَيْفَ قَ َرنَ الْإِسَاءَةَ إلَيْ ِهمَا َوعَ َدمَ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ إلَيْ ِهمَا بِالْإِشْرَاكِ بِاَللَّهِ -تَعَالَى ، -وَأَكَّدَ َذلِكَ بِأَمْرِهِ ِبمُصَاحَبَتِ ِهمَا بِاْلمَعْرُوفِ َوِإنْ كَانَا ُيجَاهِدَانِ اْل َولَدَ عَلَى َأنْ يُشْرِكَ بِاَللَّهِ -تَعَالَى . -
قَالَ -تَعَالَى َ { : -وِإنْ جَاهَدَاك
()733/2
الدنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَِّبعْ سَبِيلَ مَنْ عَلَى َأنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ فَلَا ُتطِعْ ُهمَا َوصَاحِبْ ُهمَا فِي ُّ
َأنَابَ إلَيَّ } فَإِذَا أَمَرَ اللَّهُ -تَعَالَى ِ -بمُصَاحَبَةِ هَ َذيْنِ بِاْلمَ ْعرُوفِ َمعَ هَذَا الْقُ ْبحِ الْ َعظِيمِ الَّذِي يَأْمُرَانِ
َولَ َد ُهمَا بِهِ َو ُهوَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ -تَعَالَى َ -فمَا الظَّنُّ بِاْلوَالِ َديْنِ اْلمُسْ ِلمَيْنِ سَِّيمَا إنْ كَانَا صَاِلحَيْنِ ، تَاللَّهِ إنَّ حَقَّ ُهمَا َلمِنْ أَشَدِّ اْلحُقُوقِ وَآكَ ِدهَا َوإِنَّ الْقِيَامَ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ َأصْ َعبُ الْأُمُورِ َوَأ ْع َظمُهَا ، فَاْل ُموَفَّقُ مَنْ هُدِيَ إلَيْهَا وَاْل َمحْرُومُ كُلُّ اْل َمحْرُومِ مَنْ صُ ِرفَ عَنْهَا .
وَقَدْ جَاءَ فِي السُّنَّةِ مِنْ التَّ ْأكِيدِ فِي َذلِكَ مَا لَا ُتحْصَى كَثْ َرتُهُ َولَا ُتحَدُّ غَايَتُهُ ؛ َفمِنْ َذلِكَ أَخْرَجَ
الشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا عَنْ َأبِي بَكْرٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ { :ألَا ُأنَبِّئُكُمْ بَِأكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا ؟ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ،قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ َ ،وعُقُوقُ اْلوَالِ َديْنِ َ ،وكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ َألَا وَ َقوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ َ ،فمَا زَالَ يُكَرِّ ُرهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَ َكتَ } .
وَالُْبخَارِيُّ { :الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ َ ،وعُقُوقُ اْلوَالِدَيْنِ ،وَقَ ْتلُ النَّفْسِ ،وَالَْيمِنيُ الْ َغمُوسُ } .
وَالشَّ ْيخَانِ عَنْ َأنَسٍ قَالَ َ :ذكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْ ِه وَسَلَّمَ الْكَبَائِرَ فَقَالَ { :الشِّرْكُ بِاَللَّهِ ،
َوعُقُوقُ اْلوَالِ َديْنِ } .
صحِيحِهِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َذكَرَ فِي كِتَابِهِ الَّذِي كَتَبَهُ إلَى َأ ْهلِ الْيَمَنِ َوبَ َعثَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
بِهِ َعمْرَو بْنَ حَ ْزمٍ َ :وإِنَّ َأكْبَرَ الْكَبَائِرِ عِنْدَ اللَّهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ ،وَقَ ْتلُ النَّفْسِ اْلمُؤْمِنَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالْفِرَارُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ َي ْومَ الزَّحْفِ َ ،وعُقُوقُ اْلوَالِ َديْنِ ،وَرَمْيُ اْل ُمحْصَنَةِ َ ،وتَعَلُّمُ السِّحْرِ ، الربَا َ ،وَأ ْكلُ مَالِ الْيَتِيمِ َوَأ ْكلُ ِّ
()733/2
} اْلحَدِيثَ .
وَالشَّ ْيخَانِ { :إنَّ مِنْ َأكْبَرِ الْكَبَائِرِ َأنْ يَلْعَنَ الرَّ ُجلُ وَالِ َديْهِ ،قِيلَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ َوكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّ ُجلُ وَالِ َديْهِ ؟ قَالَ :يَسُبُّ أَبَا الرَّ ُجلِ فَيَسُبُّ الرَّ ُجلُ َأبَاهُ } .
وَفِي ِروَايَةٍ لَ ُهمَا { :مِنْ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّ ُجلِ وَالِ َديْ ِه ،قَالُوا :يَا رَسُولَ اللَّهِ َو َهلْ يَشْتُمُ الرَّ ُجلُ
وَالِ َديْهِ ؟ قَالَ :نَعَمْ يَسُبُّ َأبَا الرَّ ُجلِ فَيَسُبُّ َأبَاهُ َويَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ } .
ت ،وَكَرِهَ لَكُمْ َرمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ َو َوأْدَ الْبَنَاتِ وَمَنْعًا َوهَا ِ وَالُْبخَارِيُّ َوغَيْرُهُ { :إنَّ اللَّهَ ح َّ السؤَالِ َوِإضَاعَةَ اْلمَالِ } . قِيلَ وَقَالَ َوكَثْرَةَ ُّ
َححَهُ { :ثَلَاثَةٌ لَا يَ ْنظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ َي ْومَ وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَزَّارُ وَاللَّفْظُ لَهُ بِإِسْنَا َديْنِ جَيِّ َديْنِ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ خمْرِ ،وَاْلمَنَّانُ َعطَاءَهُ . الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ ِلوَالِ َديْهِ ،وَمُدْمِنُ اْل َ
َوثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ اْلجَنَّةَ :الْعَاقُّ ِلوَالِ َديْهِ وَالدَّيُّوثُ وَالرَّجِلَةُ مِنْ النِّسَاءِ } ،وَالرَّجِلَةُ بِفَ ْتحٍ فَكَسْرٍ
الْمُتَرَجِّلَةُ ،أَيْ اْلمُتَشَبِّهَةُ بِالرِّجَالِ . َرمَ اللَّهُ -تَبَارَكَ َوتَعَالَى - َححَهُ { :ثَلَاثَةٌ ح َّ َوأَ ْحمَدُ وَاللَّفْظُ لَهُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَزَّارُ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
الزنَا خمْرِ ،وَالْعَاقُّ ِلوَالِدَيْهِ ،وَالدَّيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ اْلخَبَثَ فِي َأهْلِهِ } ،أَيْ ِّ عَلَيْهِمْ اْلجَنَّةَ :مُدْمِنُ اْل َ َمعَ عِ ْلمِهِ بِهِ .
سمِائَةِ عَامٍ َولَا َيجِدُ ِرحيَهُ مَنَّانٌ بِ َعمَلِهِ َولَا وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِريِ { :يُرَاحُ رِيحُ اْلجَنَّةِ مِنْ مَسِريَةِ َخمْ ِ عَاقٌّ َولَا مُدْمِنُ َخمْرٍ } وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ { :ثَلَاثَةٌ لَا يَقَْبلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ صَرْفًا َولَا عَ ْدلًا عَاقٌّ وَمَنَّانٌ وَمُكَذِّبٌ بِقَدْرٍ } .
خمْرِ ، َححَهُ { :أَ ْرَبعٌ حَقَّ عَلَى اللَّهِ َأنْ لَا يُدْخِلَهُمْ اْلجَنَّةَ َولَا يُذِيقَهُمْ نَعِيمَهَا :مُدْمِنُ اْل َ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ الربَا ،وَآ ِكلُ مَالِ الْيَتِيمِ بِغَيْرِ حَقٍّ ،وَالْعَاقُّ ِلوَالِ َديْهِ } وَآ ِكلُ ِّ
()732/2
.
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِريِ { :ثَلَاثَةٌ لَا يَنْ َفعُ مَعَهُنَّ َع َملٌ :الشِّرْكُ بِاَللَّهِ َ ،وعُقُوقُ اْلوَالِ َديْنِ ،وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ } . صحِيحَيْ ِهمَا بِاخْتِصَارٍ { : صحِيحٌ ،وَابْنَا خُ َزْيمَ َة وَحِبَّانَ فِي َ َوأَ ْحمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَا َديْنِ أَحَ ُد ُهمَا َ
جَاءَ رَ ُجلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَهِدْت َأنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ َوأَنَّك رَسُولُ صمْت رَمَضَانَ ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ َديْت َزكَاةَ مَالِي َو ُ خمْسَ َوأ َّ اللَّهِ َوصَلَّيْت اْل َ
صبَ :مَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا كَانَ َمعَ النَّبِيِّنيَ وَالصِّدِّيقِنيَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّاِلحِنيَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ هَكَذَا َ ،ونَ َ ُأصْبُعَيْهِ مَا لَمْ يَعُقَّ وَالِ َديْهِ } .
َوأَ ْحمَدُ َوغَيْرُهُ عَنْ { مُعَاذِ بْنِ جََبلٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :أَ ْوصَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ
بِعَشْرِ كَ ِلمَاتٍ ،قَالَ :لَا تُشْرِكْ بِاَللَّهِ شَيْئًا َوِإنْ قَتَلْت وَحَ َرقْت َ ،ولَا تَعُقَّنَّ وَالِ َديْك َوِإنْ أَمَرَاك َأنْ َتخْرُجَ مِنْ َأهْلِك وَمَالِكِ } اْلحَدِيثَ . وَمَرَّ َأوَاِئلَ كِتَابِ الصَّلَاةِ .
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ عَنْ { جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّ ِه َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ :خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َوَنحْنُ ُمجَْتمِعُونَ ،فَقَالَ يَا مَعْشَرَ اْلمُسْ ِلمِنيَ :اتَّقُوا اللَّهَ َوصِلُوا أَرْحَامَكُمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ َثوَابٍ أَسْ َرعَ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ َ ،وإِيَّاكُمْ وَالْبَغْيَ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عُقُوبَةٍ أَسْ َرعَ مِنْ عُقُوبَةِ بَغْيٍ ،
َوإِيَّاكُمْ َوعُقُوقَ اْلوَالِ َديْنِ فَإِنَّ رِيحَ اْلجَنَّةِ يُوجَدُ مِنْ مَسِريَةِ أَلْفِ عَامٍ َوإِنَّهُ لَا َيجِدُ ِرحيَهَا عَاقٌّ َولَا قَا ِطعُ رَحِمٍ َولَا شَيْخٌ زَانٍ َولَا جَارٍّ إزَارَهُ خُيَلَاءَ َّ ،إنمَا الْكِبْ ِريَاءُ لِلَّ ِه رَبِّ الْعَاَلمِنيَ ،وَالْكَذِبُ كُلُّهُ إثْمٌ إلَّا مَا
نَفَعْت بِهِ ُمؤْمِنًا وَدَفَعْت بِهِ عَنْ دِينٍ َ ،وإِنَّ فِي اْلجَنَّةِ لَسُوقًا مَا يُبَاعُ فِيهَا َولَا يُشْتَرَى لَيْسَ فِيهَا إلَّا الصوَرُ ُّ
()737/2
َفمَنْ أَحَبَّ صُورَةً مِنْ رَ ُجلٍ أَوْ امْ َرأَةٍ دَ َخلَ فِيهَا } . َححَهُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ فِيهِ مَتْرُوكًا { :أَ ْرَبعٌ حَقَّ عَلَى اللَّهِ َأنْ لَا يُدْخِلَهُمْ اْلجَنَّةَ َولَا وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
الربَا ،وَآ ِكلُ مَالِ الَْيتِيمِ بِغَيْرِ حَقٍّ ،وَالْعَاقُّ ِلوَالِ َديْهِ } . خمْرِ وَآ ِكلُ ِّ يُذِيقَهُمْ نَعِيمَهَا :مُدْمِنُ اْل َ َوأَ ْحمَدُ { :لَا يَلِجُ َحظِريَةَ الْقُدْسِ مُدْمِنُ َخمْرٍ َولَا الْعَاقُّ َولَا اْلمَنَّانُ َعطَاءَهُ } . وَ َروَاهُ الْبَزَّارُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ { :لَا يَ ِلجُ جِنَانَ الْفِرْ َدوْسِ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ { :لَا يَدْ ُخلُ اْلجَنَّةَ مُدْمِنُ َخمْرٍ َولَا عَاقٌّ َولَا مَنَّانٌ } .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :فَشَقَّ َذلِكَ عَلَيَّ ؛ لِأَنَّ اْل ُمؤْمِنِنيَ يُصِيبُونَ ُذنُوبًا حَتَّى وَجَدْت َذلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْعَاقِّ { :فَهَلْ عَسَيْتُمْ إنْ َتوَلَّيْتُمْ َأنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ َوتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ } الْآيَةَ . وَفِي اْلمَنَّانِ { :لَا تُ ْبطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِاْلمَنِّ وَالْأَذَى } الْآيَةَ .
خمْرُ وَاْلمَيْسِرُ وَالَْأنْصَابُ وَالْأَ ْزلَامُ رِجْسٌ مِنْ َع َملِ الشَّ ْيطَانِ } الْآيَةَ . خمْرِ َّ { :إنمَا اْل َ وَفِي اْل َ خمْرِ . حثِ اْل َ وَسَيَ ْأتِي فِي مَبْ َ
َححَهُ { :لَعَنَ اللَّهُ سَبْعَةً مِنْ َف ْوقِ سَ ْبعِ َس َموَاتِهِ وَرَدَّدَ اللَّعْنَةَ عَلَى وَاحِدٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ مِنْهُمْ ثَلَاثًا َ ،ولَعَنَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَعْنَةً تَكْفِيهِ ،قَالَ :مَلْعُونٌ مَنْ َع ِملَ َع َملَ َق ْومِ لُوطٍ . مَلْعُونٌ مَنْ َع ِملَ َع َملَ َق ْومِ لُوطٍ مَلْعُونٌ مَنْ َع ِملَ َع َملَ َق ْومِ لُوطٍ ،مَلْعُونٌ مَنْ َذَبحَ لِغَيْرِ اللَّهِ ،مَلْعُونٌ
مَنْ عَقَّ وَالِ َديْهِ } .
صحِيحِهِ { :لَعَنَ اللَّهُ مَنْ َذَبحَ لِغَيْرِ اللَّهِ َ ،ولَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ ُتخُومَ الْأَرْضِ َ ،ولَعَنَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ الديَةَ } اْلحَدِيثَ . اللَّهُ مَنْ سَبَّ ِّ
الذنُوبِ ُيؤَخِّرُ اللَّهُ مِنْهَا مَا شَاءَ إلَى َي ْومِ الْقِيَامَةِ إلَّا عُقُوقَ َححَهُ الَْأصْبَهَانِيُّ { :كُلُّ ُّ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ ا ْلوَالِ َديْنِ فَإِنَّ اللَّهَ يُعَجِّلُهُ لِصَاحِبِهِ فِي اْلحَيَاةِ
()733/2
قَ ْبلَ اْل َممَاتِ } .
الدلَاِئلِ ،وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ وَالصَّغِريِ بِسَنَدٍ فِيهِ مَنْ لَا يُعْ َرفُ عَنْ جَابِرٍ { :جَاءَ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي َّ
رَ ُجلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ َأبِي أَخَذَ مَالِي ،فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَا ْذ َهبْ فَ ْأتِنِي بَِأبِيك ،فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :إنَّ اللَّهَ عَزَّ
وَجَلَّ يُقْ ِرئُك السَّلَامَ َويَقُولُ لَك :إذَا جَاءَك الشَّ ْيخُ فَسَلْهُ عَنْ شَ ْيءٍ قَالَهُ فِي نَفْسِهِ مَا َسمِعَتْهُ أُ ُذنَاهُ ، فَلَمَّا جَاءَ الشَّيْخُ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :مَا بَالُ ابْنِك يَشْ ُكوَك تُرِيدُ َأنْ تَأْخُذَ مَالَهُ ؟ قَالَ سَلْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ َهلْ َأنْفَقْته إلَّا عَلَى عَمَّاتِهِ وَخَالَاتِهِ َأوْ عَلَى نَفْسِي ؟ .
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :إي ٍه َ ،دعْنَا مِنْ هَذَا أَخْبِ ْرنِي عَنْ شَيْءٍ قُلْته فِي نَفْسِك مَا َسمِعَتْهُ
أُ ُذنَاك ،فَقَالَ الشَّ ْيخُ َ :واَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَزَالُ اللَّهُ يَزِي ُدنَا بِك يَقِينًا ،لَقَدْ قُلْت فِي نَفْسِي شَيْئًا ي ،فَقَالَ ُقلْ َوَأنَا أَ ْس َمعُ ،فَقَالَ قُلْت َ :غ َّذ ْوتُكَ َم ْولُودًا وَمُنْتُكَ يَافِعًا تَغُلُّ بِمَا أَجْنِي مَا َسمِعَتْهُ أُ ُذنَا َ عَلَيْك َوتَنْ َهلُ إذَا لَيْلَةً ضَاقَتْك بِالسَّقَمِ لَمْ َأِبتْ لِسَ َقمِك إلَّا سَاهِرًا َأَتمَ ْل َملُ كَأَنِّي َأنَا اْل َمطْرُوقُ دُونَك
َجلٌ بِاَلَّذِي طُرِقْت بِهِ دُونِي فَعَيْنِي تَ ْه ِملُ َتخَافُ الرَّدَى نَفْسِي َعلَيْك َوإِنَّهَا لَتَعْلَمُ أَنَّ اْل َموْتَ وَ ْقتٌ ُمؤ َّ فَلَمَّا بَلَغْت السِّنَّ وَالْغَايَةَ الَّتِي إلَيْهَا مَدَى مَا كُنْت فِيهَا ُأؤ َِّملُ جَعَلْت جَزَائِي غِ ْلظَةً وَ َفظَاظَةً كَأَنَّك
ُوتِي فَعَلْت َكمَا اْلجَارُ اْل ُمجَاوِرُ يَفْ َعلُ تَرَاهُ مُعِدًّا َضلُ فَلَيْتَك إذْ لَمْ تَ ْرعَ حَقَّ ُأب َّ َأْنتَ اْلمُنْعِمُ اْلمُتَف ِّ
َكلُ قَالَ َ :فحِينَئِذٍ أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَلَابِيبِ الصوَابِ ُمو َّ لِ ْلخِلَافِ كَأَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى َأ ْهلِ َّ ابْنِهِ وَقَالَ َ :أْنتَ وَمَالُك
()735/2
لَِأبِيك } .
َو ُهوَ فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ مِنْ الْكَشَّافِ بِلَفْظِ { :شَكَا رَ ُجلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َأبَاهُ َوأَنَّهُ
يَأْخُذُ مَالَهُ فَ َدعَا بِهِ فَإِذَا ُهوَ شَ ْيخٌ يََتوَكَّأُ عَلَى عَصًا ،فَسََألَهُ فَقَالَ :إنَّهُ كَانَ ضَعِيفًا َوَأنَا َقوِيٌّ وَفَقِريًا َوَأنَا غَنِيٌّ فَكُنْت لَا أَمْنَعُهُ شَيْئًا مِنْ مَالِي ،وَالَْي ْومَ َأنَا ضَعِيفٌ َو ُهوَ َقوِيٌّ َوَأنَا فَقِريٌ َو ُهوَ غَنِيٌّ َ ،و ُهوَ
س َمعُ هَذَا إلَّا بَكَى ،ثُمَّ خلُ عَلَيَّ ِبمَالِهِ ،فَبَكَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَالَ :مَا مِنْ َحجَرٍ َولَا مَدَرٍ يَ ْ يَ ْب َ قَالَ لِ ْل َولَدِ َ :أْنتَ وَمَالُك لَِأبِيك } . قَالَ ُمخْرِجُ أَحَادِيثَهُ لَمْ أَجِدْهُ .
َوأَخْرَجَ َأبُو يَعْلَى عَنْ ابْنِ ُعمَرَ قَالَ { :جَا َء رَ ُجلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعْدِي عَلَى وَالِدِهِ فَقَالَ :إنَّهُ أَخَذَ مِنِّي مَالِي ،فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :أَمَا عَ ِلمْت أَنَّك سبِ َأبِيك } . وَمَالَك مِنْ كَ ْ
َوابْنُ مَاجَهْ قَالَ { :جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :إنَّ َأبِي َيجْتَاحُ مَالِي ،قَالَ
َأْنتَ وَمَالُك لَِأبِيك ،إنَّ َأ ْولَا َدكُمْ مِنْ َأطَْيبِ كَسْبِكُمْ فَكُلُوا مِنْ أَ ْموَالِكُمْ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ َوأَ ْحمَدُ ُمخْتَصَرًا عَنْ { عَبْدِ اللَّهِ بْنِ َأبِي َأوْفَى َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ :كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ آتٍ فَقَالَ :شَابٌّ َيجُودُ بِنَفْسِهِ قِيلَ لَهُ ُقلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَلَمْ يَسَْت ِطعْ
،فَقَالَ َأكَانَ يُصَلِّي ؟ فَقَالَ :نَعَمْ ،فَنَ َهضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َونَهَضْنَا مَعَهُ فَدَ َخلَ
عَلَى الشَّابِّ فَقَالَ لَهُ ُ :قلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّ ُه ،فَقَالَ لَا أَسَْتطِيعُ ،قَالَ ِ :لمَ ؟ قِيلَ كَانَ يَعُقُّ وَالِ َدتَهُ ،فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَيَّةٌ وَالِ َدتُهُ ؟ قَالُوا نَعَ ْم ،قَالَ اُ ْدعُوهَا فَ َد َع ْوهَا َفجَاءَتْ ،فَقَالَ هَذَا
ابْنُك ؟ فَقَاَلتْ :نَعَمْ ،فَقَالَ لَهَا أَ َرَأيْت لَوْ
()736/2
خمَةً فَقِيلَ لَك إنْ شَفَعْت لَهُ خَلَّيْنَا عَنْهُ َوإِلَّا أَحْرَقْنَاهُ بِهَذِهِ النَّارِ َأكُنْت تَشْفَعِنيَ لَهُ ؟ ضْ َججْت نَارًا َ أ َّ قَاَلتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إ َذنْ أَشْ َف ُع ،قَالَ فَأَشْهِدِي اللَّهَ َوأَشْهِدِينِي أَنَّك قَ ْد َرضَِيتْ عَنْهُ ،قَالَتْ اللَّهُمَّ
إنِّي أُشْهِدُك َوأُشْهِدُ رَسُولَك أَنِّي قَدْ رَضِيتُ عَنْ ابْنِي ،فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا
غُلَامُ ُقلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ َوأَشْهَدُ أَنَّ ُمحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَقَالَهَا . حمْدُ لِلَّهِ الَّذِي َأنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ } . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اْل َ
وَ ُر ِوَيتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ بَِأبْسَطَ مِنْ هَذَا َ ،وهِيَ { :أَنَّ َذلِكَ الشَّابَّ ا ْسمُهُ عَلْ َقمَةُ َوأَنَّهُ كَانَ كَثِريَ ض وَاشْتَدَّ مَ َرضُهُ فَأَرْسَ َلتْ امْ َرَأتُهُ إلَى رَسُولِ َالص ْومِ وَالصَّدَقَةِ َ ،فمَرِ َ الِاجْتِهَادِ فِي الطَّاعَةِ مِنْ الصَّلَاةِ و َّ
َن َزوْجِي عَلْ َقمَةَ فِي النَّزْعِ فَأَرَدْت َأنْ ُأعْ ِلمَك يَا رَسُولَ اللَّهِ ِبحَالِهِ ، اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أ َّ
فَأَرْ َسلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّارًا َوبِلَالًا َوصُهَيْبًا وَقَالَ :امْضُوا إلَيْهِ َولَقِّنُوهُ الشَّهَادَةَ َ ،فجَاءُوا إلَيْهِ
َفوَجَدُوهُ فِي النَّ ْزعِ َفجَعَلُوا يُلَقِّنُونَهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ َولِسَانُهُ لَا يَ ْنطِقُ بِهَا ،فَأَرْسَلُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِ َذلِكَ . فَقَالَ َ :هلْ مِنْ َأَب َويْهِ أَحَدٌ حَيٌّ ؟ قِيلَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُ أُمٌّ كَبِريَةُ السِّنِّ ،فَأَرْ َسلَ إلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهَا :إنْ قَدَرْت عَلَى اْلمَسِريِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َوإِلَّا
فَانَْتظِرِيهِ فِي اْلمَنْزِلِ حَتَّى يَأْتِيك َ ،فجَاءَ إلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َوأَخْبَ َرهَا بِ َذلِكَ فَقَاَلتْ نَفْسِي لِنَفْسِهِ الْفِدَاءُ َأنَا أَحَقُّ بِِإتْيَانِهِ فََتوَكَّأَتْ وَقَامَتْ عَلَى عَصًا َوَأَتتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَس ََّل َمتْ
()733/2
وَرَدَّ عَلَيْهَا السَّلَامَ وَقَالَ لَهَا :يَا أُمَّ عَلْ َقمَةَ ُاصْدُقِينِي َوِإنْ كَ َذبْتنِي جَاءَ اْلوَحْيُ مِنْ اللَّهِ -تَعَالَى ، - كَيْفَ كَانَ حَالُ َولَدِك عَلْ َقمَةَ ؟ قَاَلتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ كَثِريَ الصَّلَاةِ كَثِريَ الصِّيَامِ كَثِريَ الصَّدَقَةِ ،
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ :فمَا حَالُك ؟ قَاَلتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ َأنَا عَلَيْهِ سَا ِخطَةٌ .
قَالَ َ :ولِمَ ؟ قَاَلتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ ُي ْؤثِرُ َزوْجَتَهُ َويَعْصِينِي ،فَقَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ جبَ لِسَانَ عَلْ َقمَةَ عَنْ الشَّهَادَةِ ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :يَا وَسَلَّمَ :إنَّ َسخَطَ أُمِّ عَلْ َقمَةَ َح َ
بِلَالُ اْنطَلِقْ وَا ْج َمعْ لِي َحطَبًا كَثِريًا ،قَاَلتْ وَمَا تَصَْنعُ بِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ أُحْرِقُهُ بِالنَّارِ ،قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ َولَدِي لَا يَحَْت ِملُ قَلْبِي َأنْ ُتحْرِقَهُ بِالنَّارِ بَيْنَ يَدِي ،قَالَ :يَا أُمَّ عَلْ َقمَةَ فَعَذَابُ اللَّهِ أَشَدُّ
َوَأبْقَى ،فَِإنْ سَرَّك َأنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ فَا ْرضِي عَنْهُ َف َواَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَنْتَ ِفعُ عَلْ َقمَةُ بِصَلَاتِهِ َولَا بِصِيَامِهِ َولَا بِصَدَقَتِهِ مَا دُمْت عَلَيْهِ سَا ِخطَةً ،فَقَاَلتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ -تَعَالَى -
وَمَلَائِكَتَهُ وَمَنْ حَضَ َرنِي مِنْ اْلمُسْ ِلمِنيَ أَنِّي قَدْ َرضِيت عَنْ َولَدِي عَلْ َقمَةَ ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :اْنطَلِقْ إلَيْهِ يَا بِلَالُ فَاْنظُرْ َهلْ يَسَْتطِيعُ َأنْ يَقُولَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ َأمْ لَا ؟ فَلَعَلَّ أُمَّ
س ِمعَ عَلْ َقمَةَ يَقُولُ مِنْ دَا ِخلِ الدَّارِ لَا عَلْ َقمَةَ تَك ََّل َمتْ ِبمَا لَيْسَ فِي قَلْبِهَا حَيَاءً مِنِّي ،فَاْنطَلَقَ بِلَالٌ فَ َ ِن ِرضَاهَا جبَ لِسَانَهُ عَنْ الشَّهَادَةِ وَإ َّ إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَدَ َخلَ بِلَالٌ فَقَالَ يَا َه ُؤلَاءِ إنَّ َسخَطَ أُمِّ عَلْ َقمَةَ َح َ
َأطْلَقَ لِسَانَهُ ثُمَّ مَاتَ عَلْ َقمَةُ مِنْ َيوْمِهِ . َفحَضَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِغُسْلِهِ َوتَكْفِينِهِ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ وَحَضَرَ دَفْنَهُ ،ثُمَّ قَامَ
()733/2
ضلَ َزوْجَتَهُ عَلَى أُمِّهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى شَفِريِ قَبْرِهِ وَقَالَ :يَا مَعْشَرَ اْلمُهَاجِرِينَ وَالَْأنْصَارِ مَنْ فَ َّ
وَاْلمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَ ْجمَعِنيَ لَا يَقَْبلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا َولَا عَ ْدلًا إلَّا َأنْ يَتُوبَ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ َوُيحْسِنَ
خطِهَا } . إلَيْهَا َوَيطْ ُلبَ ِرضَاهَا فَ ِرضَا اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي ِرضَاهَا وَ َسخَطُ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فِي َس َ
وَ َروَى الَْأصْبَهَانِيُّ َوغَيْرُهُ وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ َأبُو الْعَبَّاسِ الَْأصَمُّ بِمَشْهَدٍ مِنْ اْلحُفَّاظِ فَلَمْ يُنْكِرُوهُ أَنَّ الْعَوَّامَ بْنَ َحوْ َشبَ قَالَ :نَ َزلْت مَرَّةً حَيًّا َوِإلَى جَاِنبِ َذلِكَ اْلحَيِّ مَقْبَرَةٌ ،فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ انْشَقَّ مِنْهَا قَبْرٌ َفخَرَجَ رَجُلٌ َرأْسُ ُه َرأْسُ ِحمَارٍ وَجَسَدُهُ جَسَدُ إنْسَانٍ فََنهَقَ ثَلَاثَ نَهْقَاتٍ ثُمَّ اْنطَبَقَ عَلَيْهِ الْقَبْرُ ،
فَإِذَا عَجُوزٌ تَغْزِلُ شَعْرًا َأوْ صُوفًا فَقَاَلتْ امْ َرأَةٌ :تَرِي تِلْكَ الْ َعجُوزَ ؟ قُلْت :مَا لَهَا ؟ قَاَلتْ تِلْكَ أُمُّ
خمْرَ فَإِذَا رَاحَ تَقُولُ لَهُ أُمُّهُ :يَا بُنَيَّ اتَّقِ اللَّهَ إلَى هَذَا ،قُلْت وَمَا كَانَ قَضِيَّتُهُ ؟ قَاَلتْ كَانَ يَشْرَبُ اْل َ
حمَا ُر ؛ قَاَلتْ َفمَاتَ بَعْدَ الْعَصْرِ خمْرَ ؟ فَيَقُولُ لَهَا َّ :إنمَا َأْنتِ تَنْهَقِنيَ َكمَا يَنْهَقُ اْل ِ مَتَى تَشْرَبُ هَذَا اْل َ ،قَاَلتْ فَ ُهوَ يَشُقُّ عَنْهُ الْقَبْرَ بَعْدَ الْعَصْرِ كُلَّ َي ْومٍ فَيَنْهَقُ ثَلَاثَ نَهْقَاتٍ ثُمَّ يَ ْنطَبِقُ عَلَيْهِ الْقَبْرُ " .
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :ثَلَاثُ َد َعوَاتٍ مُسَْتجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ َ :د ْعوَةُ اْل َمظْلُومِ ،وَ َد ْعوَةُ اْلمُسَافِرِ ،وَ َد ْعوَةُ اْلوَالِدِ عَلَى َولَدِهِ } .
وَجَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ { قَالَ :لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي َرَأيْت أَ ْقوَامًا فِي النَّارِ مُعَلَّقِنيَ فِي جُذُوعٍ الدنْيَا } . مِنْ نَارٍ فَقُلْت مَنْ َه ُؤلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ الَّذِينَ يَشُْتمُونَ آبَا َءهُمْ َوأُمَّهَاتِهِمْ فِي ُّ
السمَاءِ وَ ُروِيَ { أَنَّهُ مَنْ شَتَمَ وَالِ َديْهِ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فِي قَبْرِهِ َجمْرٌ مِنْ النَّارِ بَعْدَ كُلِّ َقطْرٍ يَنْزِلُ مِنْ َّ
()733/2
إلَى الْأَرْضِ } .
وَ ُروِيَ { :أَنَّهُ إذَا دُفِنَ عَاقُّ وَالِ َديْهِ عَصَرَهُ الْقَبْرُ حَتَّى تَخْتَلِفَ َأضْلَاعُهُ } .
َجلَ لَهُ الْعَذَابَ وَإِنَّ اللَّهَ َجلُ هَلَاكَ الْعَبْدِ إذَا كَانَ عَاقًّا ِلوَالِ َديْهِ لِيُع ِّ وَقَالَ كَ ْعبُ الْأَحْبَارِ :إنَّ اللَّهَ لَيُع ِّ
لَيَزِيدُ فِي ُعمُرِ الْعَبْدِ إذَا كَانَ بَارًّا ِبوَالِ َديْهِ لِيَزِيدَهُ بِرًّا وَخَيْرًا .
سمَهُ َ ،وإِذَا أَمَرَهُ بِأَمْرٍ وَسُِئلَ عَنْ عُقُوقِ اْلوَالِ َديْنِ مَا ُهوَ ؟ قَالَ :إذَا أَقْسَمَ عَلَيْهِ َأبُوهُ َأوْ أُمُّهُ لَمْ يَبَرَّ قَ َ لَمْ ُيطِعْهُ َ ،وإِذَا ائَْتمَنَهُ خَانَهُ .
َوعَنْ َو ْهبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ َ :أوْحَى اللَّهُ -تَعَالَى -إلَى مُوسَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا َوعَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَا مُوسَى وَقِّرْ وَالِ َديْك فَإِنَّهُ مَنْ وَقَّرَ وَالِ َديْهِ مَدَدْت فِي ُعمُرَهُ َو َوهَبْت لَهُ َولَدًا يَبَرُّهُ ،وَمَنْ عَقَّ وَالِ َديْهِ قَصَّرْت ُعمُرَهُ َو َوهَبْت لَهُ َولَدًا يَعُقُّهُ .
التوْرَاةِ أَنَّ مَنْ يَضْ ِربُ َأبَاهُ يُقَْتلُ . وَقَالَ َأبُو بَكْرِ بْنُ َأبِي مَ ْريَمَ :قَ َرأْت فِي َّ التوْرَاةِ عَلَى مَنْ صَكَّ وَالِ َديْهِ الرَّجْمُ . وَقَالَ َو ْهبٌ :فِي َّ
ضلُ مِنْ الَّذِي يَضْرِبُ بِسَيْفِهِ فِي سَبِيلِ س َمعُ كَلَامَهَا أَفْ َ وَقَالَ بِشْرٌ :أَُّيمَا رَ ُجلٍ يَقْرَبُ مِنْ أُمِّهِ ِبحَ ْيثُ يَ ْ
ضلُ مِنْ كُلِّ شَ ْيءٍ . َالنظَرُ إلَيْهَا أَفْ َ اللَّهِ ،و َّ صمَانِ فِي صَبِيٍّ لَ ُهمَا ،فَقَالَ الرَّ ُجلُ { وَجَاءَ رَ ُجلٌ وَامْ َرأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّ َم َيخْتَ ِ َ :ولَدِي خَرَجَ مِنْ صُلْبِي ،وَقَاَلتْ اْلمَ ْرأَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ َحمَلَهُ خَفًّا َو َوضَعَهُ شَ ْهوَةً وَ َحمَلْته كَ ْرهًا
َو َوضَعْته كَ ْرهًا َوأَ ْرضَعْته َح ْولَيْنِ فَقَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأُمِّ } ؛ وَمَا أَحْسَنَ
َقوْلَ بَعْضِهِمْ إغْرَاءً عَلَى الْبِرِّ َوَتحْذِيرًا عَنْ الْعُقُوقِ َو َوبَالِهِ َوِإعْلَامًا ِبمَا يُدْ ِحضُ الْعَاقَّ إلَى حَضِيضِ جبُ سَفَالِهِ َوَيحُطُّهُ عَنْ َكمَالِهِ :أَيُّهَا اْلمُضَِّيعُ لَِأ ْوكَدِ اْلحُقُوقِ اْلمُعْتَاضُ عَنْ الْبِرِّ بِالْعُقُوقِ النَّاسِي ِلمَا َي ِ عَلَيْهِ الْغَا ِفلُ عَمَّا بَيْنَ
()333/2
حتَ أَقْدَامِ يَ َديْهِ ،بِرُّ اْلوَالِ َديْنِ عَلَيْك َديْنٌ َوَأْنتَ تَتَعَاطَاهُ بِاتِّبَاعِ الشَّيْنِ َ ،تطْ ُلبُ اْلجَنَّةَ بِ َز ْعمِك وَهِيَ تَ ْ
ججٍ َوكَابَدَتْ عِنْدَ َوضْعِك مَا يُذِيبُ الْمُ َهجَ ، أُمِّك َ ،حمَلَتْك فِي َبطْنِهَا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ كَأَنَّهَا تِسْعُ ِح َ
َوأَ ْرضَعَتْك مِنْ ثَ ْديِهَا لَبَنًا َوَأطَارَتْ لِأَجْلِك وَسَنًا َ ،وغَسَلَتْ بَِيمِينِهَا عَنْك الْأَذَى وَآثَ َرتْك عَلَى نَفْسِهَا
بِالْغِذَاءِ َ ،وصَيَّرَتْ ِحجْ َرهَا لَك مَهْدًا َوَأنَالَتْك إحْسَانًا وَرَفْدًا ،فَِإنْ َأصَابَك مَرَضٌ َأوْ شِكَايَةٌ َأظْهَرَتْ َالنحِيبَ َوبَ َذَلتْ مَالَهَا لِلطَّبِيبِ َ ،وَلوْ خُيِّرَتْ بَيْنَ حَيَاتِك مِنْ الْأَسَفِ َف ْوقَ النِّهَايَةِ َ ،وَأطَاَلتْ اْلحُ ْزنَ و َّ ِالتوْفِيقِ ص ْوتِهَا ،هَذَا َوكَمْ عَامَلْتهَا بِسُوءِ اْلخُلُقِ مِرَارًا فَ َد َعتْ لَك ب َّ وَ َم ْوتِهَا لَآثَرَتْ حَيَاتَك بَِأعْلَى َ
سِرًّا وَجِهَارًا ،فَلَمَّا احْتَا َجتْ عِنْدَ الْكِبَرِ إلَيْك جَعَلْتهَا مِنْ َأ ْه َونِ الْأَشْيَاءِ عَلَيْك ،فَشَبِعْت َوهِيَ جَائِعَةٌ وَ ُروِيت َوهِيَ ضَائِعَةٌ ،وَقَدَّمْت عَلَيْهَا َأهْلَك َوَأ ْولَادَك فِي اْلإِحْسَانِ وَقَابَلْت َأيَادِيهَا بِالنِّسْيَانِ ،
َوصَ ُعبَ لَ َديْك أَمْ ُرهَا َو ُهوَ يَسِريٌ َوطَالَ عَلَيْك ُعمُ ُرهَا َو ُهوَ َقصِريٌ َ ،و َهجَ ْرهتَا وَمَا لَهَا ِسوَاك نَصِريٌ . هَذَا ،وَ َم ْولَاك قَدْ نَهَاك عَنْ التَّأْفِيفِ َوعَاتَبَك فِي حَقِّهَا بِعِتَابٍ َلطِيفٍ ،سَتُعَا َقبُ فِي ُدنْيَاك بِعُقُوقِ الْبَنِنيَ وَفِي أُخْرَاك بِالْبُعْدِ مِنْ رَبِّ الْعَاَلمِنيَ يُنَادِيك بِلِسَانِ التَّ ْوبِيخِ وَالتَّهْدِيدِ َ { :ذلِكَ ِبمَا قَدَّ َمتْ
َأيْدِيكُمْ َوأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ ِبظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } .
لِأُمِّك حَقٌّ َلوْ عَ ِلمْت كَبِريُ كَثِريُك يَا هَذَا لَ َديْهِ يَسِريُ فَكَمْ لَيْلَةٍ بَاَتتْ بِثِقَلِك تَشْتَكِي لَهَا مِنْ َجوَاهَا أَنَّةٌ صصٍ مِنْهَا الْ ُفؤَادُ َيطِريُ َوكَمْ غَسَ َلتْ عَنْك الْأَذَى وَزَفِريُ وَفِي اْل َوضْعِ َلوْ تَدْرِي عَلَيْهَا مَشَقَّةٌ َفمِنْ غُ َ
بَِيمِينِهَا وَمَا ِحجْ ُرهَا إلَّا لَ َديْك سَرِيرُ َوتَفْدِيك مِمَّا تَشْتَكِيهِ بِنَفْسِهَا وَمِنْ ثَ ْديِهَا شُرْبٌ لَ َديْك َنمِريُ َوكَمْ مَرَّةٍ جَا َعتْ َوَأ ْعطَتْك قُوتَهَا حُنُوًّا
()333/2
َوإِشْفَاقًا َوَأْنتَ صَغِريُ فَآهًا لِذِي عَ ْقلٍ َويَتَْبعُ الْ َهوَى وَآهًا لَِأ ْعمَى الْقَ ْلبِ َو ُهوَ بَصِريُ فَدُونَك فَارْ َغبْ
فِي َعمِيمِ ُدعَائِهَا فََأْنتَ ِلمَا تَدْعُو إلَيْهِ فَقِريُ .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ الْعُقُوقِ مِنْ الْكَبَائِرِ ُهوَ مَا اتَّفَقُوا عَلَيْ ِه َ ،وظَاهِرُ كَلَامِ َأئِمَّتِنَا َبلْ صَ ِرحيُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ
حثِ الْفِرَارِ مِنْ الزَّحْفِ إذْ الْكَافِ َريْنِ وَاْلمُسْ ِلمَيْنِ لَا يُقَالُ يُشْ ِكلُ عَلَيْهِ اْلحَدِيثُ الْحَسَنُ الْآتِي فِي مَ ْب َ
فِيهِ { :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْكَبَائِرِ فَقَالَ تِسْعٌ َأ ْع َظمُهُنَّ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ ،وَقَ ْتلُ َالسحْرُ َ ،وَأ ْكلُ مَالِ الْيَتِيمِ َ ،وَأ ْكلُ اْل ُمؤْمِنِ بِغَيْرِ حَقٍّ ،وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ ،وَقَ ْذفُ اْل ُمحْصَنَةِ ،و ِّ
الربَا َ ،وعُقُوقُ اْلوَالِ َديْنِ اْلمُسْ ِلمَيْنِ } اْلحَدِيثَ . ِّ
لِأَنَّا نَقُولُ التَّقْيِيدُ بِاْلمُسْ ِلمَيْنِ إمَّا بِأَنَّ عُقُوقَ ُهمَا أَقَْبحُ وَالْكَلَا ُم هُنَا فِي ِذكْرِ الَْأ ْعظَمِ عَلَى أَحَدِ التَّقْدِي َريْنِ فِي َعطْفِ وَقَ ْتلِ اْل ُمؤْمِنِ وَمَا بَعْدَهُ َ ،وإِمَّا ؛ لِأَنَّ ُهمَا ُذكِرَا لِلْغَاِلبِ َكمَا فِي َنظَائِرَ أُخَرَ .
َولِ ْلحَلِيمِيِّ هُنَا تَفْصِيلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى َرأْيٍ لَهُ ضَعِيفٍ مَرَّ أَوَّلَ الْكِتَابِ َ ،و ُهوَ أَنَّ الْعُقُوقَ كَبِريَةٌ فَِإنْ كَانَ حوُ سَبٍّ فَفَاحِشَةٌ َ ،وِإنْ كَانَ عُقُوقُهُ ُهوَ اسْتِثْقَالُهُ لِأَمْ ِر ِهمَا َونَهْيِ ِهمَا وَالْعُبُوسُ فِي وُجُوهِ ِهمَا مَعَهُ َن ْ
الص ْمتِ فَصَغِريَةٌ َ ،وِإنْ كَانَ مَا يَ ْأتِيهِ مِنْ َذلِكَ يُلْجِئُ ُهمَا إلَى َأنْ َرمُ بِ ِهمَا َمعَ بَذْلِ الطَّاعَةِ َولُزُومِ َّ وَالتَّب ُّ يَنْقَبِضَا فَيَتْ ُركَا أَمْرَهُ َونَهْيَهُ َويَ ْلحَقُ ُهمَا مِنْ َذلِكَ ضَرَرٌ فَكَبِريَةٌ . انْتَهَى وَفِيهِ َنظَرٌ .
وَاْلوَجْهُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ َذلِكَ كَبِريَةٌ َكمَا يُعْلَمُ مِنْ ضَابِطِ الْعُقُوقِ الَّذِي ُهوَ كَبِريَ ٌة َ ،و ُهوَ
صلَ مِنْهُ لَ ُهمَا َأوْ لِأَحَ ِد ِهمَا إيذَاءٌ لَيْسَ بِالْهَيِّنِ أَيْ عُرْفًا َ ،وُيحَْت َملُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِاْلمُتَأَذِّي َ ،ولَكِنْ َأنْ َيحْ ُ حمْقِ َأوْ سَفَاهَةِ الْعَ ْقلِ فَأَمَرَ َلوْ كَانَ فِي غَايَةِ اْل ُ
()332/2
َأوْ نَهَى َولَدَهُ ِبمَا لَا يُعَدُّ ُمخَالَفَتُهُ فِيهِ فِي الْعُ ْرفِ عُقُوقًا لَا يَفْسُقُ َولَدُهُ ِب ُمخَالَفَتِهِ حِينَئِذٍ لِعُذْرِهِ َ ،وعَلَيْهِ فَ َلوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا ِبمَنْ ُيحِبُّهَا فَأَمَرَهُ ِبطَلَاقِهَا َوَلوْ لِعَ َدمِ عِفَّتِهَا فَلَمْ َيمْتَِثلْ أَمْرَهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ َكمَا سَيَ ْأتِي ضلَ طَلَاقُهَا امْتِثَالًا لِأَمْرِ وَالِدِهِ ، التَّصْرِيحُ بِهِ عَنْ َأبِي ذَرٍّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،لَكِنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْأَفْ َ
ح َملُ اْلحَدِيثُ الَّذِي بَعْدَهُ { :أَنَّ ُعمَرَ أَمَرَ ابْنَهُ ِبطَلَاقِ َزوْجَتِهِ فََأبَى فَ َذكَرَ َذلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ َوعَلَيْهِ ُي ْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ ِبطَلَاقِهَا } .
ضتْ عَلَى أَ ْربَابِ َوكَذَا سَائِرُ َأوَامِرِهِ الَّتِي لَا حَا ِملَ عَلَيْهَا إلَّا ضَعْفَ عَقْلِهِ وَسَفَاهَةَ َرْأيِهِ َ ،وَلوْ عُ ِر َ
الْعُقُولِ لَعَدُّوهَا أُمُورًا مُتَسَاهَلًا فِيهَا َ ،ولَ َرَأوْا أَنَّهُ لَا إيذَاءَ ِل ُمخَالَفَتِهَا ،هَذَا ُهوَ الَّذِي يَُّتجَهُ إلَيْهِ فِي تَقْرِيرِ َذلِكَ اْلحَدِّ .
()337/2
ثُمَّ َرَأيْت شَيْخَ الْإِسْلَامِ السِّرَاجَ الْبُلْقِينِيَّ َأطَالَ فِي هَذَا اْل َمحَلِّ مِنْ فَتَاوِيهِ ِبمَا قَدْ ُيخَالِفُ بَعْضُهُ مَا
صلَ َذكَرْته َوعِبَا َرتُهُ :مَسَْألَةٌ قَدْ ُابْتُلِيَ النَّاسُ بِهَا وَاحْتِيجَ إلَى بَسْطِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا َوِإلَى تَفَارِيعِهَا لَِيحْ ُ
السؤَالُ عَنْ ضَابِطِ اْلحَدِّ الَّذِي يُعْ َرفُ بِهِ عُقُوقُ اْلوَالِ َديْنِ . ضمْنِ َذلِكَ َوهِيَ ُّ اْلمَقْصُودُ فِي ِ حمِلُهُمْ عَلَى َأنْ صلُ بِهِ اْلمَقْصُودُ ،إذْ النَّاسُ َأغْرَاضُهُمْ َت ْ إذْ الْإِحَالَةُ عَلَى الْعُ ْرفِ مِنْ غَيْرِ مِثَالٍ لَا َيحْ ُ
َيجْعَلُوا مَا لَيْسَ بِعُ ْرفٍ عُرْفًا .
خصٍ َأوْ أَذَاهُ ،فَلَا بُدَّ مِنْ مِثَالٍ يُنْسَجُ عَلَى مِ ْنوَالِ ِه َ ،و ُهوَ أَنَّهُ مَثَلًا لَا سَِّيمَا إنْ كَانَ قَصْ ُدهُمْ تَنْقِيصَ َش ْ
َلوْ كَانَ لَهُ عَلَى َأبِيهِ حَقٌّ شَ ْرعِيٌّ فَاخْتَارَ َأنْ يَرْفَعَهُ إلَى اْلحَاكِمِ لِيَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْهُ فَ َلوْ حَبَسَهُ فَ َهلْ يَكُونُ ضعُ قَالَ فِيهِ بَ ْعضُ الْعُ َلمَاءِ الَْأكَابِرِ إنَّهُ يَعْسُرُ ضَ ْبطُهُ . َذلِكَ عُقُوقًا َأمْ لَا ؟ أَجَابَ :هَذَا اْل َم ْو ِ
ضلِ الْفَتَّاحِ الْعَلِيمِ َأنْ يَكُونَ حَسَنًا . وَقَدْ فََتحَ اللَّهُ -سُ ْبحَانَهُ َوتَعَالَى -بِضَابِطٍ أَرْجُو مِنْ فَ ْ فَأَقُولُ :الْعُقُوقُ لِأَحَدِ اْلوَالِ َديْنِ ُهوَ َأنْ ُيؤْذِيَ اْل َولَدُ أَحَدَ وَالِ َديْهِ ِبمَا َلوْ فَعَلَهُ مَعَ غَيْرِ وَالِ َديْهِ كَانَ ُمحَرَّمًا مِنْ ُجمْلَةِ الصَّغَائِرِ ،فَيَنْتَ ِقلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَحَدِ اْلوَالِ َديْنِ إلَى الْكَبَائِرِ َأوْ ُيخَالِفُ أَمْرَهُ أَوْ نَهْيَهُ
ضوٍ مِنْ َأعْضَائِهِ مَا لَمْ يُتَّهَمْ اْل َولَدُ فِي ذَلِكَ َأوْ خ ْوفُ عَلَى اْل َولَدِ َفوَاتَ نَفْسِهِ َأوْ عُ ْ فِيمَا يَدْ ُخلُ فِيهِ اْل َ
َأنْ ُيخَالِفَهُ فِي سَفَرٍ يَشُقُّ عَلَى اْلوَالِدِ َولَيْسَ بِفَرْضٍ عَلَى اْل َولَدِ َأوْ فِي غَيْبَةٍ َطوِيلَةٍ فِيمَا لَيْسَ بِعِلْمٍ نَا ِفعٍ سبٍ َأوْ فِيهِ وَقِيعَةٌ فِي الْعِرْضِ لَهَا وَ ْقعٌ . َولَا كَ ْ
َوبَيَانُ هَذَا الضَّابِطِ أَنَّ َق ْولَنَا َأنْ ُيؤْذِيَ اْل َولَدُ أَحَدَ وَالِ َديْهِ ِبمَا َلوْ فَعَلَهُ َمعَ غَيْرِ وَالِ َديْهِ كَانَ ُمحَرَّمًا . مِثَالُهُ َلوْ شَتَمَ غَيْرَ أَحَدِ وَالِ َديْهِ َأوْ ضَ َربَهُ ِبحَ ْيثُ لَا يَنْتَهِي
()333/2
َرمُ الْمَ ْذكُو ُر إذَا فَعَلَهُ اْل َولَدُ مَعَ أَحَدِ وَالِ َديْهِ كَبِريَةً ، الشَّتْمُ َأوْ الضَّرْبُ إلَى الْكَبِريَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ اْل ُمح َّ
وَخَرَجَ بِ َق ْولِنَا َأنْ ُيؤْذِيَ مَا لَوْ أَخَذَ فَلْسًا َأوْ شَيْئًا يَسِريًا مِنْ مَالِ وَالِ َديْهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كَبِريَةً َوِإنْ كَانَ
َلوْ أَخَذَهُ مِنْ مَالِ غَيْرِ وَالِدَيْهِ بِغَيْرِ طَرِيقٍ مُعْتَبَرٍ كَانَ حَرَامًا ؛ لِأَنَّ أَحَدَ اْلوَالِ َديْنِ لَا يَتَأَذَّى ِبمِثْلِ َذلِكَ
ِلمَا عِنْدَهُ مِنْ الشَّفَقَةِ وَاْلحُنُوِّ فَِإنْ أَخَذَ مَالًا كَثِريًا بِحَ ْيثُ يَتَأَذَّى اْلمَأْخُوذُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ اْلوَالِ َدْينِ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَبِريَةً فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ ،فَكَ َذلِكَ يَكُونُ كَبِريَةً هُنَا َ ،وإَِّنمَا الضَّابِطُ فِيمَا يَكُونُ حَرَامًا
صَغِريَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ اْلوَالِ َديْنِ ،وَخَرَجَ بِ َق ْولِنَا مَا َلوْ فَعَلَهُ َمعَ غَيْرِ وَالِ َديْهِ كَانَ ُمحَرَّمًا مَا إذَا طَاَلبَ اْلوَالِدَ بِ َديْنٍ عَلَيْهِ فَإِذَا طَالَبَهُ بِهِ َأوْ رَفَعَهُ إلَى اْلحَاكِمِ لِيَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مِنْ الْعُقُوقِ فَإِنَّهُ
لَيْسَ ِبحَرَامٍ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ َ ،وإَِّنمَا يَكُونُ الْعُقُوقُ ِبمَا ُيؤْذِي أَحَدَ اْلوَالِ َديْنِ ِبمَا َلوْ فَعَلَهُ مَعَ غَيْرِ وَالِ َديْهِ كَانَ ُمحَرَّمًا َ ،وهَذَا لَيْسَ ِب َموْجُودٍ هُنَا فَافْهَمْ َذلِكَ َفإِنَّهُ مِنْ النَّفَائِسِ .
َححَهُ َجمَاعَةٌ فَقَدْ طَ َلبَ مَا ُهوَ َرعْنَا عَلَى َجوَازِ حَبْسِ اْلوَالِدِ بِ َديْنِ اْل َولَدِ َكمَا ص َّ َوأَمَّا اْلحَبْسُ فَِإنْ ف َّ
َححُ عِنْدَ آخَرِينَ ،فَإِنَّ اْلحَاكِمَ إذَا كَانَ َرعْنَا عَلَى مَ ْنعِ حَبْسِهِ َكمَا ُهوَ اْلمُص َّ جَائِزٌ فَلَا عُقُوقَ َوِإنْ ف َّ
مُعْتَقَدُهُ َذلِكَ لَا ُيجِيبُهُ إلَيْهِ َولَا يَكُونُ اْل َولَدُ الَّذِي َيطْ ُلبُ َذلِكَ عَاقًّا إذَا كَانَ مُعْتَقَدُهُ اْلوَجْهَ الْأَوَّلَ ، فَِإنْ اعْتَقَدَ اْلمَ ْنعَ َوأَقْ َدمَ عَلَيْهِ كَانَ َكمَا َلوْ طَ َلبَ حَبْسَ مَنْ لَا َيجُوزُ حَبْسُهُ مِنْ الْأَجَاِنبِ لِإِعْسَارٍ
حوِهِ ،فَإِذَا حَبَسَهُ اْل َولَدُ وَاعْتِقَادُهُ اْلمَ ْنعُ كَانَ عَاقًّا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَهُ مَعَ غَيْرِ وَالِ َديْهِ حَيْثُ لَا َيجُوزُ َوَن ْ
كَانَ
()335/2
حَرَامًا .
َوأَمَّا ُمجَرَّدُ الشَّ ْكوَى اْلجَائِزَةِ وَالطَّ َلبِ اْلجَائِزِ فَلَيْسَ مِنْ الْ ُعقُوقِ فِي شَ ْيءٍ ،وَقَدْ جَاءَ َولَدُ بَ ْعضِ الصحَابَةِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْكُو مِنْ وَالِدِهِ فِي اجْتِيَاحِ مَالِهِ وَحَضَرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ َّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َولَمْ َيجْ َعلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْ َذلِكَ عُقُوقًا َولَا عَنَّفَ اْل َولَدَ بِسََببِ الشَّ ْكوَى اْلمَ ْذكُورَةِ . َق أَحَدِ َوأَمَّا إذَا نَهَرَ اْل َولَدُ أَحَدَ وَالِ َديْهِ فَإِنَّهُ إذَا فَ َعلَ َذلِكَ مَعَ غَيْرِ وَالِ َديْهِ َوكَانَ ُمحَرَّمًا كَانَ فِي ح ِّ
اْلوَالِ َديْنِ كَبِريَةً َ ،وِإنْ لَمْ يَكُنْ ُمحَرَّمًا َ ،وكَذَا أُفٍّ فَإِنَّ َذلِكَ يَكُونُ صَغِريَةً فِي حَقِّ أَحَدِ اْلوَالِ َديْنِ وَلَا يَلْ َزمُ مِنْ النَّهْيِ عَنْ ُهمَا وَاْلحَالُ مَا ُذكِرَ َأنْ يَكُونَا مِنْ الْكَبَائِ ِر ،وَ َق ْولُنَا َأنْ ُيخَالِفَ أَمْرَهُ َأوْ نَهْيَهُ فِيمَا
خ ْوفُ عَلَى اْل َولَدِ إَلخْ . يَدْ ُخلُ فِيهِ اْل َ
ضوٍ مِنْ خطِرَةِ ِلمَا َيخَافُ مِنْ َفوَاتِ نَفْسِ اْل َولَدِ أَوْ عُ ْ حوِهِ مِنْ الْأَسْفَارِ اْل َ أَرَ ْدنَا بِهِ السَّفَرَ لِ ْلجِهَادِ َوَن ْ َجعِ اْلوَالِ َديْنِ عَلَى َذلِكَ َأوْ أَحَدِ اْلوَالِ َديْنِ . َأعْضَائِهِ لِشِدَّةِ تَف ُّ
وَقَدْ ثََبتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ُعمَرَ { فِي الرَّ ُجلِ الَّذِي جَاءَ
يَسْتَأْ ِذنُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اْلجِهَادِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :أَحَيٌّ وَالِدَاك ؟ قَالَ :نَعَمْ .
قَالَ :فَفِي ِهمَا َفجَاهِدْ } . اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ُأبَايِعُك عَلَى الْ ِهجْرَةِ وَفِي ِروَايَةٍ ِلمُسْلِمٍ { :أَقْبَلَ رَ ُجلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى َّ وَاْلجِهَادِ َأبْتَغِي الْأَجْرَ مِنْ اللَّهِ فَقَالَ :فَ َهلْ مِنْ وَالِ َديْك أَحَدٌ حَيٌّ ؟ قَالَ :نَعَمْ َبلْ كِلَا ُهمَا حَيٌّ قَالَ
صحْبَتَ ُهمَا } وَفِي ِروَايَةٍ { : فَتَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنْ اللَّهِ ؟ قَالَ :نَعَمْ ،قَالَ فَارْ ِجعْ إلَى وَالِ َديْك فَأَحْسِنْ ُ جِئْت ُأبَايِعُك عَلَى الْ ِهجْرَةِ َوتَ َركْت َأَبوَيَّ يَبْكِيَانِ
()336/2
ضحِكْ ُهمَا َكمَا َأبْكَيْتهمَا } . ،فَقَالَ ارْجِعْ إلَيْ ِهمَا فََأ ْ
َن رَجُلًا وَفِي إسْنَادِ َعطَاءِ بْنِ السَّاِئبِ لَكِنْ مِ ْن ِروَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ ُه ،وَ َروَى أَبُو سَعِيدٍ اْلخُدْرِيَّ { :أ َّ مِنْ َأ ْهلِ الَْيمَنِ هَاجَرَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ هَاجَرْت ،فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ :هلْ لَك أَحَدٌ بِالَْيمَنِ ؟ قَالَ َ :أَبوَايَ .
قَالَ :أَ ِذنَا لَك ؟ قَالَ :لَا ،قَالَ :فَارْ ِجعْ إلَيْ ِهمَا فَاسْتَأْ ِذنْ ُهمَا فَِإنْ أَ ِذنَا لَك َفجَاهِدْ َوإِلَّا فَبِرَّ ُهمَا } . الس ْمحِ اْلمِصْرِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ َسمْعَانَ ضَعَّفَهُ َأبُو حَاتِمٍ َوغَيْرُهُ وَ َروَاهُ َأبُو دَاوُد فِي إسْنَادِهِ دَرَّاجُ َأبُو َّ
َووَثَّقَهُ َيحْيَى .
وَ َق ْولُنَا مَا لَمْ يُتَّهَمْ اْلوَالِدُ فِي َذلِكَ أَخْرَجْنَا بِهِ مَا َلوْ كَانَ اْلوَالِدُ كَافِرًا فَإِنَّهُ لَا َيحْتَاجُ اْل َولَدُ إلَى إ ْذنِهِ
حوِهِ ،وَحَ ْيثُ اعْتَبَ ْرنَا إ ْذنَ اْلوَالِدِ فَلَا فَ ْرقَ بَيْنَ َأنْ يَكُونَ حُرًّا َأوْ عَبْدًا . فِي اْلجِهَادِ َوَن ْ
َوعِ حَ ْيثُ كَانَ فِيهِ مَشَقَّةٌ َوأَخْرَجْنَا بِ َذلِكَ التط ُّ وَ َق ْولُنَا َأوْ َأنْ ُيخَالِفَهُ فِي سَفَرٍ إَلخْ أَرَ ْدنَا بِهِ السَّفَرَ ِلحَجِّ َّ ب ُركُوبُهُ عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ َ ،فظَاهِرُ اْلفِقْهِ ج ُ حَجَّ الْفَرْضِ َ ،وإِذَا كَانَ فِيهِ ُركُوبُ َبحْرٍ ِبحَ ْيثُ َي ِ
خ ْوفِ فِي ُركُوبِ وَلَدِهِ الَْبحْرَ جبُ الِاسْتِئْذَا ُن َ ،وَلوْ قِيلَ ِبوُجُوبِهِ ِلمَا عِنْدَ اْلوَالِدِ مِنْ اْل َ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا َي ِ َوِإنْ غَلََبتْ السَّلَامَةُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا .
َوأَمَّا سَفَرُهُ لِلْعِلْمِ اْلمُتَعَيِّنِ َأوْ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ ؛ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ َ ،وِإنْ كَانَ ُيمْكِنُهُ التَّعَلُّمُ فِي بَلَدِهِ خِلَافًا
حوَ َذلِكَ ،فَِإنْ لَمْ ِلمَنْ اشْتَرَطَ َذلِكَ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَو ََّقعُ فِي السَّفَرِ فَرَاغَ الْقَ ْلبِ َأوْ إرْشَادَ أُسْتَاذٍ َوَن ْ يََتو ََّقعْ شَيْئًا مِنْ َذلِكَ احْتَاجَ إلَى الِاسْتِئْذَانِ وَحَ ْيثُ وَجََبتْ النَّفَقَةُ لِ ْلوَالِدِ عَلَى اْل َولَدِ َوكَانَ فِي سَفَرِهِ
الديْنِ تَضْيِيعٌ لِ ْلوَا ِجبِ ،فَلِ ْلوَالِدِ اْلمَ ْنعُ كَصَا ِحبِ َّ
()333/2
الديْنِ اْلحَالِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى َي ْومِ السَّفَرِ َوبِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ فِيهِ تَضْيِيعُ مَا تَقُومُ بِهِ الْكِفَايَةُ َولَا كَ َذلِكَ فِي َّ .
صلُ وَقِيعَةٌ فِي الْعِرْضِ لَهَا وَقْعٌ بَِأنْ يَكُونَ أَمْرَدَ َوَيخَافُ مِنْ سَفَرِهِ َوأَمَّا إذَا كَانَ اْل َولَدُ بِسَفَرِهِ يَحْ ُ
تُ ْهمَةً فَإِنَّهُ َيمَْنعُ مِنْ َذلِكَ ،وَذَلِكَ فِي الُْأنْثَى َأ ْولَى .
َوأَمَّا ُمخَالَفَةُ أَمْرِهِ َأوْ نَهْيِهِ فِيمَا لَا يَدْ ُخلُ عَلَى اْل َولَدِ فِيهِ ضَرَرٌ بِالْكُلِّيَّةِ َ ،وإَِّنمَا ُهوَ ُمجَرَّدُ إرْشَادٍ لِ ْل َولَدِ ،فَإِذَا فَ َعلَ مَا ُيخَالِفُ َذلِكَ لَمْ يَكُنْ عُقُوقًا َوعَ َدمُ ُمخَالَفَةِ اْلوَالِدِ َأ ْولَى .
انْتَ َهتْ عِبَارَةُ فَتَاوَى الْبُلْقِينِيُّ .
َرمِ الصَّغِريَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَيْرِ فِيهِ وَقْفَةٌ َ ،بلْ يَنْبَغِي أَنَّ اْلمَدَارَ عَلَى مَا َوَتخْصِيصُهُ الْعُقُوقَ بِفِعْلِهِ اْلمُح َّ َذيًا لَيْسَ بِالْهَيِّنِ عُ ْرفًا كَانَ كَبِريَةً َ ،وِإنْ لَمْ يَكُنْ ُمحَرَّمًا َلوْ قَدَّمْته مِنْ أَنَّهُ َلوْ فَ َعلَ مَعَهُ مَا يَتَأَذَّى بِهِ تَأ ِّ
حوُ َذلِكَ فَعَلَ َمعَ الْغَيْرِ كََأنْ يَلْقَاهُ فَيَقْ ِطبُ فِي وَجْهِهِ َأوْ يَقْ ُدمُ عَلَيْهِ فِي مَلَأٍ فَلَا يَقُومُ لَهُ َولَا يَعْبَأُ بِهِ َ ،وَن ْ مِمَّا يَقْضِي َأ ْهلُ الْعَ ْقلِ وَاْلمُرُوءَةِ مِنْ َأ ْهلِ الْعُ ْرفِ بِأَنَّهُ ُمؤْذٍ َتأَذِّيًا َعظِيمًا ،وَسَيَ ْأتِي فِي َقطِيعَةِ الرَّحِمِ مَا
ُيؤَيِّدُ َذلِكَ .
ضعَ ُج ِمعَ َذلِكَ مِنْهَا ، ح كَلَامِهِمْ فِي َموَا ِ وَ َق ْولُهُ َ :أوْ َأنْ ُيخَالِفَ أَمْرَهُ َأوْ نَهْيَهُ إَلخْ ظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّهُ صَرِي ُ َرمِ وَقَدْ عَ ِلمْت مَا فِيهِ . َوإَِّنمَا الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ ضَ ْبطُهُ الْأَوَّلَ بِفِ ْعلِ اْل ُمح َّ
ضلِ بِرِّ اْلوَالِ َديْنِ َوصِلَتِ ِهمَا َوتَ ْأكِيدُ طَاعَتِ ِهمَا وَالْإِحْسَانِ إلَيْ ِهمَا َوبِرِّ ( فَائِدَةٌ :فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ فِي فَ ْ
َأصْدِقَائِ ِهمَا مِنْ بَعْ ِد ِهمَا ) .
أَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ عَنْ { ابْنِ مَسْعُودٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ َ :سأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْ َع َملِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى ؟ قَالَ الصَّلَاةُ ِلوَقْتِهَا ،قُلْت ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ :بِرُّ اْلوَالِ َديْنِ ،قُلْت ثُمَّ
أَيُّ ؟
()333/2
قَالَ :اْلجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } .
وَمُسْلِمٌ َوغَيْرُهُ { :لَا َيجْزِي َولَدٌ وَالِدَهُ إلَّا َأنْ َيجِدَهُ َممْلُوكًا فَيَشْتَ ِريَهُ فَيُعْتِقَهُ } .
وَمُسْلِمٌ { :أَقَْب َل رَ ُجلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ُأبَايِعُك عَلَى الْ ِهجْرَةِ وَاْلجِهَادِ لِيَبْتَغِيَ الْأَجْرَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ،قَالَ فَ َهلْ مِنْ وَالِ َديْك أَحَدٌ حَيٌّ ؟ قَالَ :نَعَمْ َبلْ كِلَا ُهمَا حَيٌّ . قَالَ فَتَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنْ اللَّهِ ؟ قَالَ :نَعَمْ .
صحْبَتَ ُهمَا } . قَالَ فَارْ ِجعْ إلَى وَالِ َديْك فَأَحْسِنْ ُ
َوَأبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ َ { :أتَى رَ ُجلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إنِّي أَشْتَهِي
اْلجِهَادَ َولَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ ،قَالَ َ :هلْ بَقِيَ مِنْ وَالِ َديْك أَحَدٌ ؟ قَالَ :أُمِّي . ِرهَا ،فَإِذَا فَعَلْت َذلِكَ فََأْنتَ حَاجٌّ مُعَْتمِرٌ وَ ُمجَاهِدٌ } . قَالَ فَاسْأَلْ اللَّهَ فِي ب ِّ
اللهِ . وَالطَّبَرَانِيُّ { :يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُرِيدُ اْلجِهَادَ فِي سَبِيلِ َّ قَالَ :أُمُّك حَيَّةٌ ؟ قَالَ :نَعَمْ .
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :الْ َزمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ اْلجَنَّةُ } .
وَابْنُ مَاجَهْ { :يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ اْلوَالِ َديْنِ عَلَى َولَ ِد ِهمَا ؟ قَالَ ُ :همَا جَنَّتُك َونَارُك } .
َححَهُ { :يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَدْت َأنْ َأغْ ُزوَ وَقَدْ جِئْت وَابْنُ مَاجَهْ وَالنَّسَائِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
أَسْتَشِريُك ،فَقَالَ َ :هلْ لَك مِنْ أُمٍّ ؟ قَالَ :نَعَمْ ،قَالَ الْزَمْهَا فَإِنَّ اْلجَنَّةَ عِنْ َد رِجْلَيْهَا } . حتَ أَرْجُلِ ِهمَا } . صحِيحَةٍ َ { :ألَك وَالِدَانِ ؟ قَالَ :نَعَمْ ،قَالَ :الْزَمْ ُهمَا فَإِنَّ اْلجَنَّةَ َت ْ وَفِي ِروَايَةٍ َ
َححَهُ عَنْ َأبِي الدَّرْدَاءِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { :أَنَّ رَجُلًا َأتَاهُ فَقَالَ :إنَّ لِي امْ َرأَةً وَإِنَّ أُمِّي وَالتِّرْمِذِيُّ َوص َّ
تَأْمُ ُرنِي ِبطَلَاقِهَا ،فَقَالَ َ :سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :اْلوَالِدُ َأوْسَطُ َأْبوَابِ ضعْ َذلِكَ الْبَابَ َأوْ احْ َفظْهُ } . اْلجَنَّةِ ،فَِإنْ شِئْت فََأ ِ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ :
()333/2
وَرَُّبمَا قَالَ سُفْيَانُ إنَّ أُمِّي وَرَُّبمَا قَالَ إنَّ َأبِي .
صحِيحِهِ { :أَنَّ رَجُلًا َأتَى َأبَا الدَّرْدَاءِ فَقَالَ :إنَّ َأبِي لَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى زَوَّجَنِي َوإِنَّهُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
الْآنَ يَأْمُ ُرنِي ِبطَلَاقِهَا .
قَالَ :مَا َأنَا بِاَلَّذِي آمُرُك َأنْ تَعُقَّ وَالِ َديْك َ ،ولَا بِاَلَّذِي آمُرُك َأنْ ُتطَلِّقَ َزوْجَتَك ،غَيْرَ أَنَّك إنْ شِئْت َدثْتُك ِبمَا َسمِعْت مِ ْن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ ،سمِعْته يَقُولُ :اْلوَالِدُ َأوْسَطُ أَْبوَابِ ح َّ
اْلجَنَّةِ َفحَافِظْ عَلَى َذلِكَ إنْ شِئْت َأوْ َدعْ ،قَالَ َوأَحْسَبُ َعطَاءً قَالَ َفطَلِّقْهَا } .
صحِيحِهِ . صحَابُ السُّنَنِ الْأَ ْربَعَةُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ َوَأ ْ صحِيحٌ عَنْ { ابْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ :كَاَنتْ َتحْتِي امْ َرأَةٌ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ َ
أُحِبُّهَا َوكَانَ ُعمَرُ يَكْ َرهُهَا فَقَالَ لِي طَلِّقْهَا فََأبَيْت فََأتَى ُعمَرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَ َذكَرَ َذلِكَ لَهُ .
فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلِّقْهَا } .
صلْ رَ ِحمَهُ صحِيحٍ { :مَنْ سَرَّهُ َأنْ ُيمَدَّ لَهُ فِي ُعمُرِهِ َويُزَادَ فِي رِزْقِهِ فَلْيَبَرَّ وَالِ َديْهِ َولْيَ ِ َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ َ }.
َححَهُ الْحَاكِمُ { :مَنْ بَرَّ وَالِ َديْهِ طُوبَى لَهُ زَادَ اللَّهُ فِي ُعمُرِهِ } . َوَأبُو يَعْلَى َوغَيْرُهُ َوص َّ
َححَهُ { :إنَّ الرَّ ُجلَ لَُيحْ َرمُ الرِّ ْزقَ صحِيحِهِ وَاللَّفْظُ لَهُ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
الدعَاءُ َ ،ولَا يَزِيدُ الْ ُعمُرَ إلَّا الْبِرُّ } وَفِي ِروَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ وَقَالَ ِالذْنبِ يُصِيبُهُ َ ،ولَا يَرُدُّ الْقَدْرَ إلَّا ُّ ب َّ الدعَاءُ َولَا يَزِيدُ فِي الْ ُعمُرِ إلَّا الْبِرُّ } . حَسَنٌ غَرِيبٌ { :لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إلَّا ُّ
َركُمْ َأبْنَا ُؤكُ ْم ،وَمَنْ َححَهُ { :عِفُّوا عَنْ نِسَاءِ النَّاسِ تَعِفَّ نِسَا ُؤكُمْ َوبِرُّوا آبَا َءكُمْ تَب ُّ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ حوْضِ } . َأتَاهُ أَخُوهُ مُتَنَصِّلًا فَلْيَقَْبلْ َذلِكَ ُمحِقًّا كَانَ َأوْ مُ ْبطِلًا فَِإنْ لَمْ يَفْ َعلْ لَمْ يَرِدْ عَلَى اْل َ وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ
()333/2
َركُمْ َأبْنَاؤُكُمْ َ ،وعِفُّوا تَعِفَّ نِسَا ُؤكُمْ } . { :بِرُّوا آبَا َءكُمْ تَب ُّ
ِالرغَامِ َو ُهوَ التُّرَابُ مِنْ الذُّلِّ -قِيلَ ُم َرغِمَ َأنْفُهُ ثُمَّ َرغِمَ َأنْفُهُ -أَيْ لَصِقَ ب ِّ وَمُسْلِمٌ َ { :رغِمَ َأنْفُهُ ث َّ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ وَالِ َديْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ َأوْ أَحَدَ ُهمَا ثُمَّ لَمْ يَدْ ُخلْ اْلجَنَّةَ َأوْ لَا يُدْخِلَانِهِ اْلجَنَّةَ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ أَحَ ُدهَا حَسَنٌ { :صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اْلمِنْبَرَ فَقَالَ آمِنيَ آمِنيَ آمِنيَ َر ُهمَا َفمَاتَ ،ثُمَّ قَالَ َ :أتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ :يَا ُمحَمَّدُ مَنْ َأدْرَكَ أَحَدَ َأَب َويْهِ ثُمَّ لَمْ يَب َّ
فَدَ َخلَ النَّارَ فََأبْعَدَهُ اللَّهُ ُقلْ آمِنيَ فَقُلْت ،آمِنيَ ،فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَمَاتَ فَلَمْ
يُغْفَرْ لَهُ فَأُدْ ِخلَ النَّارَ فََأبْعَدَهُ اللَّهُ ُقلْ آمِنيَ فَقُلْت آمِنيَ ،قَا َل وَمَنْ ُذكِرْت عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْك َفمَاتَ فَدَ َخلَ النَّارَ فََأبْعَدَهُ اللَّهُ ُقلْ آمِنيَ فَقُلْت آمِنيَ } .
َر ُهمَا فَمَاتَ صحِيحِهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ { :وَمَنْ أَدْرَكَ َأَب َويْهِ َأوْ أَحَ َد ُهمَا فَلَمْ يَب َّ وَ َروَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي َ
فَدَ َخلَ النَّارَ فََأبْعَدَهُ اللَّهُ ُقلْ آمِنيَ ،فَقُلْت :آمِنيَ } . وَ َروَاهُ اْلحَاكِمُ َوغَيْرُهُ وَقَالَ فِي آخِرِهِ { :فَلَمَّا رَقَيْت الثَّالِثَةَ قَالَ بَعُدَ مَنْ أَدْرَكَ أََب َويْهِ الْكِبَرُ عِنْدَهُ َأوْ
أَحَ َد ُهمَا فَلَمْ يُدْخِلَاهُ اْلجَنَّةَ قُلْت آمِنيَ } .
َر ُهمَا دَ َخلَ النَّارَ فََأبْعَدَهُ اللَّهُ َوأَ ْسحَقَهُ وَ َروَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَفِيهِ { :مَنْ أَدْرَكَ وَالِ َديْهِ َأوْ أَحَ َد ُهمَا فَلَمْ يَب َّ
قُلْت آمِنيَ } .
َوأَ ْحمَدُ مِنْ طُ ُرقٍ أَحَ ُدهَا حَسَنٌ { :مَنْ َأعْتَ َق رَقَبَةً مُسْ ِلمَةً َفهِيَ فِدَاؤُهُ مِنْ النَّارِ ،وَمَنْ أَدْرَكَ أَحَدَ وَالِ َديْهِ ثُمَّ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ فََأبْعَدَهُ اللَّهُ } . زَادَ فِي ِروَايَةٍ { َوأَ ْسحَقَهُ } .
صحَابَتِي ؟ قَالَ أُمُّك ،قَالَ ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ أُمُّك وَالشَّ ْيخَانِ { :يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ َ ،قَالَ ثُمَّ
()333/2
مَنْ ؟ قَالَ أُمُّك ،قَالَ ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ َأبُوك } .
وَالشَّ ْيخَانِ عَنْ { أَ ْسمَاءَ بِ ْنتِ َأبِي بَكْرٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَاَلتْ :قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي َوهِيَ مُشْ ِركَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَفْتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،فَقُلْت قَدِ َمتْ
صلُ أُمِّي ؟ قَالَ :نَعَمْ ،صِلِي أُمَّك } . عَلَيَّ أُمِّي َوهِيَ رَاغِبَةٌ أَيْ عَنْ الْإِسْلَامِ َأوْ فِيمَا عِنْدِي أَفََأ ِ
ط مُسْلِمٍ ِ { :رضَا اللَّهِ فِي ِرضَا اْلوَالِدِ َأوْ صحِيحٌ عَلَى شَرْ ِ صحِيحِهِ وَاْلحَاكِمُ وَقَالَ َ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
َجحَ التِّرْمِذِيُّ وَقْفَهُ . قَالَ اْلوَالِ َديْنِ ،وَ َسخَطُ اللَّهِ فِي َسخَطِ اْلوَالِدِ َأوْ قَالَ اْلوَالِدَيْنِ } ،وَر َّ
وَفِي ِروَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ { :طَاعَةُ اللَّهِ فِي طَاعَةِ اْلوَالِدِ َأوْ قَالَ اْلوَالِ َديْنِ ،وَمَعْصِيَتُهُ فِي مَعْصِيَةِ اْلوَالِدِ } .
وَفِي أُخْرَى لِلْبَزَّارِ ِ { :رضَا الرَّبِّ تَبَارَكَ َوتَعَالَى فِي ِرضَا اْلوَالِ َديْنِ ،وَ َسخَطُ الرَّبِّ تَبَارَكَ َوتَعَالَى فِي صحِيحٌ عَلَى صحِيحِهِ وَاْلحَاكِمُ وَقَالَ َ َسخَطِ اْلوَالِ َديْنِ } وَالتِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
شَ ْرطِ ِهمَا َ { :أتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَ ُجلٌ فَقَالَ :إنِّي أَ ْذنَبْت َذنْبًا َعظِيمًا فَ َهلْ لِي مِنْ َت ْوبَةٍ ؟ قَالَ َ :هلْ لَك مِنْ أُمٍّ ؟ قَالَ :لَا . ِرهَا } . قَالَ :فَ َهلْ لَك مِنْ خَالَةٍ ؟ قَالَ :نَعَمْ ،قَالَ فَب َّ
َر ُهمَا بِهِ بَعْدَ َم ْوتِ ِهمَا ؟ قَالَ : َوَأبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ { :يَا رَسُولَ اللَّهِ َهلْ بَقِيَ مِنْ بِرِّ َأَبوِيَّ شَ ْيءٌ َأب ُّ
الدعَاءُ لَ ُهمَا وَالِاسْتِغْفَارُ لَ ُهمَا َ ،وِإنْفَاذُ عَهْ ِد ِهمَا مِنْ بَعْ ِد ِهمَا ،وَصِلَةُ الرَّحِمِ نَعَمْ الصَّلَاةُ عَلَيْ ِهمَا :أَيْ ُّ صلُ إلَّا بِ ِهمَا َوِإكْرَامُ صَدِيقِ ِهمَا } . الَّتِي لَا تُو َ
صحِيحِهِ بِ ِزيَادَةٍ { :قَالَ الرَّ ُجلُ :مَا َأكْثَرُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ َوَأطْيَبُهُ ؟ قَالَ وَ َروَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي َ
فَا ْع َملْ بِهِ } .
وَمُسْلِمٌ { :أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا لَقِيَ ُه رَ ُجلٌ مِنْ الَْأعْرَابِ
()332/2
ِبطَرِيقِ مَكَّةَ ،فَسَلَّمَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ُعمَرَ وَ َحمَلَهُ عَلَى ِحمَارٍ كَانَ يَ ْركَبُهُ َوَأ ْعطَاهُ ِعمَامَةً كَاَنتْ عَلَى َرأْسِهِ .
ض ْونَ بِالْيَسِريِ . قَالَ ابْنُ دِينَارٍ :فَقُلْنَا َأصْ َلحَك اللَّهُ إنَّهُمْ الَْأعْرَابُ َوهُمْ يَ ْر َ
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ُعمَرَ :إنَّ َأبَا هَذَا كَانَ وَدُودًا لِ ُعمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ َ ،وإِنِّي َسمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :إنَّ َأبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ اْل َولَدِ َأ ْهلَ وُدِّ َأبِيهِ } .
صحِيحِهِ عَنْ { َأبِي بُرْدَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَدِمْت اْلمَدِينَةَ فََأتَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
ُعمَرَ فَقَالَ َ :أتَدْرِي لِمَ َأتَيْتُك ؟ قُلْت :لَا ،قَالَ :فَإِنِّي َس ِمعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلْ إ ْخوَانَ َأبِيهِ بَعْدَهُ َوإِنَّهُ كَانَ بَيْنَ َأبِي ُعمَرَ َوبَيْنَ َأبِيك صلَ َأبَاهُ فِي قَبْرِهِ فَلْيَ ِ يَقُولُ :مَنْ أَحَبَّ َأنْ يَ ِ صلَ ذَلِكَ } . إخَاءٌ َووُدٌّ فَأَحْبَبْت َأنْ َأ ِ
الصحِيحَيْنِ َوغَيْ ِر ِهمَا اْلمَشْهُورُ بِ ِروَايَاتِ مُتَعَدِّدَةٍ { :أَنَّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَنَا وَفِي حَدِيثِ َّ
خَرَجُوا يََتمَاشُونَ َويَ ْرتَادُونَ لِأَهْلِيهِمْ فَأَخَ َذهُمْ اْل َمطَرُ حَتَّى َأ َووْا إلَى غَارٍ فِي اْلجََبلِ فَاْنحَدَرَتْ عَلَى الصخْرَةِ إلَّا َأنْ تَ ْد ُعوَا بِصَاِلحِ أَ ْعمَالِكُمْ } . َدتْهُ فَقَالُوا إنَّهُ لَا يُ ْنجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ َّ صخْرَةٌ فَس َّ َفمِهِ َ
وَفِي ِروَايَةٍ { :فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَ ْعضٍ ُاْنظُرُوا َأ ْعمَالًا َعمِلْتُمُوهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ صَاِلحَةً فَا ْدعُوا اللَّهَ بِهَا
لَعَلَّهُ يُفَرِّجُهَا } .
حجَرُ َ ،ولَا يَعْلَمُ ِبمَكَانِكُمْ إلَّا اللَّهُ فَا ْدعُوا وَفِي أُخْرَى { :فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَ ْعضٍ عَفَا الَْأثَرُ َ ،ووَ َقعَ اْل َ
اللَّهَ بَِأ ْوثَقِ َأ ْعمَالِكُمْ ،فَقَالَ أَحَ ُدهُمْ :اللَّهُمَّ إنَّهُ كَانَ لِي َأَبوَانِ شَ ْيخَانِ كَبِريَانِ َ ،وكُنْت لَا أَغْبِقُ
قَبْلَ ُهمَا َأهْلًا َولَا مَالًا فَنَأَى بِي طَ َلبُ َشجَرٍ َيوْمًا فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا َفحَلَبْت لَ ُهمَا غَبُوقَ ُهمَا َفوَجَدْهتمَا نَاِئمَيْنِ ،فَكَ ِرهْت أَنْ َأغْبِقُ
()337/2
قَبْلَ ُهمَا َأهْلًا َأوْ مَالًا فَلَبِثْت وَالْقَدَحُ عَلَى يَدِي َأنَْتظِرُ اسْتِيقَاظَ ُهمَا حَتَّى بَ ِرقَ الْ َفجْرُ فَاسْتَيْ َقظَا فَشَ ِربَا
غَبُوقَ ُهمَا .
الصخْرَةِ فَفُرِ َجتْ شَيْئًا لَا اللَّهُمَّ إنْ كُنْت فَعَلْت َذلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِك فَفَرِّجْ عَنَّا مَا َنحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ َّ
يَسَْتطِيعُونَ اْلخُرُوجَ } .
وَفِي ِروَايَةٍ َ { :ولِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ كُنْت أَ ْرعَى فَإِذَا رُحْت عَلَيْهِمْ َفحَلَبْت بَ َدأْت ِبوَالِدَيَّ أُسْقِي ِهمَا قَ ْبلَ َولَدِي َوإِنَّهُ نَأَى بِي طَ َلبُ َشجَرَةٍ َيوْمًا َفمَا َأتَيْت حَتَّى أَمْسَيْت َفوَجَدْهتمَا قَدْ نَامَا َفحَلَبْت َكمَا كُنْت
أَحْ ُلبُ َفجِئْت بِاْلحِلَابِ فَ ُقمْت عِنْدَ ُرءُوسِ ِهمَا َأكْرَهُ َأنْ أُو ِقظَ ُهمَا مِنْ َنوْمِ ِهمَا َوَأكْرَهُ َأنْ َأبْ َدأَ بِالصِّبْيَةِ قَبْلَ ُهمَا وَالصِّبْيَةُ يَتَضَا َغ ْونَ عِنْدَ قَدَمِي ،فَلَمْ يَزَلْ َذلِكَ َدْأبِي وَ َدْأبَ ُهمَا حَتَّى طَ َلعَ الْ َفجْرُ فَإِنْ كُنْت تَعْلَمُ
السمَاءَ ،فَفَرَّجَ اللَّهُ لَهُمْ حَتَّى يَ َر ْونَ أَنِّي قَدْ فَعَلْت َذلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِك فَافْرِجْ لَنَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا َّ
ت عَنْهُمْ الزنَا بِابْنَةِ عَمِّهِ ،وَالْآخَرُ تَ ْنمِيَتَهُ ِلمَالِ أَجِريِهِ فَانْفَرَ َج ْ السمَاءَ ،وَ َذكَرَ الْآخَرُ عِفَّتَهُ عَنْ ِّ مِنْهَا َّ كُلُّهَا وَخَرَجُوا يََتمَاشُونَ } .
()333/2
( الْكَبِريَةُ الثَّالِثَةُ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ َ :ق ْطعُ الرَّحِمِ ) قَالَ -تَعَالَى { : -وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَا َءلُونَ بِهِ
وَالْأَرْحَامَ } :أَيْ وَاتَّقُوا الْأَرْحَامَ َأنْ تَ ْقطَعُوهَا ،وَقَالَ -تَعَالَى { : -فَ َهلْ عَسَيْتُمْ إنْ َتوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ َوتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فََأصَمَّهُمْ َوَأ ْعمَى َأبْصَارَهُمْ } .
صلَ وَقَالَ -تَعَالَى { : -الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ َويَ ْقطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ َأنْ يُو َ َويُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمْ اْلخَاسِرُونَ } . صلَ وَقَالَ -تَعَالَى { : -الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ َويَ ْقطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ َأنْ يُو َ َويُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمْ اللَّعْنَةُ َولَهُمْ سُوءُ الدَّارِ } .
َوأَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ عَنْ َأبِي هُرَيْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :إنَّ
اللَّهَ -تَعَالَى -خَلَقَ اْلخَلْقَ حَتَّى إذَا فَ َرغَ مِنْهُمْ قَامَتْ الرَّحِمُ فَقَاَلتْ :هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ
صلَ مَنْ َوصَلَك َوأَ ْق َطعَ مَنْ َقطَعَك ؟ قَاَلتْ بَلَى ،قَالَ فَذَاكَ لَك الْ َقطِيعَةِ ،قَالَ نَعَمْ أَمَا تَ ْرضَيْنَ َأنْ َأ ِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :اقْ َرءُوا إنْ شِئْتُمْ { فَ َهلْ عَسَيْتُمْ إنْ َتوَلَّيْتُمْ َأنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ َوتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فََأصَمَّهُمْ َوَأ ْعمَى َأبْصَا َرهُمْ } } .
صحِيحُ الْإِسْنَادِ . صحِيحٌ وَابْنُ مَاجَهْ وَاْلحَاكِمُ ،وَقَالَ َ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ َ عَنْ َأبِي بَكْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :مَا مِنْ َذْنبٍ أَجْدَرُ -
الدنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْبَغْيِ وَ َقطِيعَةِ َجلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي ُّ أَيْ أَحَقُّ َ -أنْ يُع ِّ الرَّحِمِ } .
وَالشَّ ْيخَانِ { :لَا يَدْخُلُ اْلجَنَّةَ قَا ِطعٌ } . قَالَ سُفْيَانُ :يَعْنِي قَا ِط َع رَحِمٍ .
()335/2
َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ { :إنَّ َأ ْعمَالَ بَنِي آ َدمَ تُعْرَضُ كُلَّ َخمِيسٍ َولَيْلَةَ ُجمُعَةٍ فَلَا يُقَْبلُ َع َملُ قَا ِطعِ رَحِمٍ } .
وَالْبَيْهَقِيُّ { :إنَّهُ َأتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ :هَذِهِ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ َولِلَّهِ فِيهَا عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ بِعَدَدِ شَعْرِ غَنَمِ كَ ْلبٍ لَا يَ ْنظُرُ اللَّهُ فِيهَا إلَى مُشْرِكٍ َولَا إلَى مُشَاحِنٍ َولَا إلَى قَا ِطعِ رَحِمٍ َولَا إلَى مُسِْبلٍ -أَيْ إزَارَهُ خُيَلَاءَ َ -ولَا إلَى عَاقٍّ ِلوَالِ َديْهِ َولَا إلَى مُدْمِنِ َخمْرٍ } اْلحَدِيثَ .
ِالسحْرِ } . َدقٌ ب ِّ خمْ ِر وَقَا ِطعُ الرَّحِمِ وَمُص ِّ وَابْنُ حِبَّانَ َوغَيْرُهُ { :ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ اْلجَنَّةَ مُدْمِنُ اْل َ الدنْيَا وَالْبَيْهَقِيُّ { :يَبِيتُ َق ْومٌ ِمنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى طُعْمٍ وَشُرْبٍ وَلَ ْهوٍ َوأَ ْحمَدُ ُمخْتَصَرًا وَابْنُ َأبِي ُّ
سخُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ َولَيُصِيبَنَّهُمْ خَسْفٌ وَقَ ْذفٌ حَتَّى يُصْبِحَ النَّاسُ فَيَقُولُونَ َولَ ِعبٍ فَيُصِْبحُوا قَدْ مُ ِ سمَاءِ َكمَا َاص َ ،ولَتُرْسَلَنَّ عَلَيْهِمْ ِحجَارَةٌ مِنْ ال َّ خُسِفَ اللَّيْلَةَ بِبَنِي فُلَانٍ وَخُسِفَ اللَّيْلَةَ بِدَارِ فُلَانٍ َخو َّ
أُرْسِ َلتْ عَلَى َق ْومِ لُوطٍ عَلَى قَبَاِئلَ فِيهَا َوعَلَى دُورٍ َ ،ولَتُرْ َسلَنَّ عَلَيْهِمْ الرِّيحُ الْعَقِيمُ الَّتِي أَهْلَ َكتْ عَادًا الربَا خمْرَ َولُبْسِهِمْ اْلحَرِي َر َواِِّتخَا ِذهِمْ الْقَيْنَاتِ َوَأكْلِهِمْ ِّ عَلَى قَبَاِئلَ فِيهَا َوعَلَى دُورٍ بِشُ ْربِهِمْ اْل َ وَ َقطِيعَتِهِمْ الرَّحِمَ وَخَصْلَةً نَسِيَهَا جَعْفَرٌ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ :عَنْ جَابِرٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َوَنحْنُ مُجَْتمِعُونَ فَقَالَ :يَا مَعْشَرَ اْلمُسْ ِلمِنيَ اتَّقُوا اللَّهَ َوصِلُوا أَرْحَامَكُمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ َثوَابٍ
أَسْ َرعَ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ َ ،وإِيَّاكُمْ وَالْبَغْيَ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عُقُوبَةٍ أَسْ َرعَ مِنْ عُقُوبَةِ بَغْيٍ ،وَإِيَّاكُمْ َوعُقُوقَ اْلوَالِ َديْنِ فَإِنَّ رِيحَ اْلجَنَّةِ يُوجَدُ مِنْ مَسِريَةِ َألْفِ عَامٍ َواَللَّهِ لَا َيجِ ُدهَا عَاقٌّ َولَا قَا ِطعُ رَحِمٍ َولَا
()336/2
شَ ْيخٌ زَانٍ َولَا جَارٌّ إزَارَهُ خُيَلَاءَ َّإنمَا الْكِبْ ِريَاءُ لِلَّ ِه رَبِّ الْعَاَل ِمنيَ } .
َوالَْأصْبَهَانِيّ { :كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :لَا ُيجَالِسْنَا الَْيوْمَ قَا ِطعُ رَحِمٍ ،فَقَامَ فَتًى مِنْ اْلحَلْقَةِ فَأَتَى خَالَةً لَهُ قَدْ كَانَ بَيْنَ ُهمَا بَ ْعضُ الشَّ ْيءِ فَاسْتَغْفَرَ لَهَا فَاسْتَغْفَرَتْ لَهُ ثُمَّ
عَادَ إلَى اْل َمجْلِسِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ الرَّ ْحمَةَ لَا تَنْزِلُ عَلَى َق ْومٍ فِيهِمْ قَا ِطعُ رَحِمٍ } َ ،وهَذَا ُمؤَيِّدٌ ِلمَا ُروِيَ أَنَّ َأبَا هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ { :أُحَرِّجُ عَلَى كُلِّ قَا ِطعِ رَحِمٍ إلَّا قَامَ مِنْ عِنْ ِدنَا ،فَقَامَ شَابٌّ إلَى عَمَّةٍ لَهُ قَدْ صَارَمَهَا
مُنْذُ سِنِنيَ فَصَاَلحَهَا فَسََألَتْهُ عَنْ السََّببِ فَذَكَرَهُ لَهَا ،فَقَاَلتْ ارْ ِجعْ وَاسَْألْهُ لِمَ ذَاكَ ؟ فَرَجَعَ فَسََألَهُ ، فَقَالَ لِأَنِّي َسمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :إنَّ الرَّ ْحمَةَ لَا تَنْزِلُ عَلَى َق ْومٍ فِيهِمْ قَا ِطعُ
رَحِمٍ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ { :إنَّ اْلمَلَائِكَةَ لَا تَنْزِلُ عَلَى َق ْومٍ فِيهِمْ قَا ِط ُع رَحِمٍ } . صحِيحٍ عَنْ الَْأ ْعمَشِ قَالَ " :كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَالِسًا بَعْدَ الصُّ ْبحِ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ َ
السمَاءِ مُ ْرَتجَةٌ فِي حَلْقَةٍ فَقَالَ َ :أنْشُدُ اللَّهَ قَا ِطعَ رَحِمٍ َلمَا قَامَ عَنْهُ فَإِنَّا نُرِيدُ َأنْ نَ ْد ُعوَ رَبَّنَا َوإِنَّ َأْبوَابَ َّ -أَيْ بِضَمٍّ فَفَ ْتحٍ وَاْلجِيمُ ُمخَفَّفَةٌ -مُغْلَقَةٌ دُونَ قَا ِطعِ رَحِمٍ " .
وَالشَّ ْيخَانِ { :الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ :مَنْ َوصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ َقطَعَنِي َقطَعَهُ اللَّهُ } . صحِيحُهُ بِأَنَّهُ مُنْ َق ِطعٌ ،وَ ِروَايَةُ وَصْلِهِ صحِيحٌ ،وَاعْتُرِضَ تَ ْ َوَأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ َ
قَالَ الُْبخَارِيُّ َخطَأٌ عَنْ عَبْدِ الرَّ ْحمَنِ بْنِ عَ ْوفٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ َ :سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { :
()333/2
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ َ :أنَا اللَّهُ َوَأنَا الرَّ ْحمَنُ خَلَقْت الرَّحِمَ وَشَقَقْت لَهَا ا ْسمًا مِنْ ا ْسمِي َ ،فمَ ْن َوصَلَهَا
َوصَلْته وَمَنْ َقطَعَهَا َقطَعْته َأوْ قَالَ بَتَتُّهُ } أَيْ َقطَعْته .
الربَا الِاسِْتطَالَةَ فِي عِرْضِ اْلمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ َ ،وإِنَّ هَذِهِ صحِيحٍ { :إنَّ مِنْ أَ ْربَى ِّ َوأَ ْحمَدُ بِإِسْنَادٍ َ َرمَ اللَّهُ َعلَيْهِ اْلجَنَّةَ } . الرَّحِمَ ِشجْنَةٌ مِنْ الرَّ ْحمَنِ عَزَّ وَجَلَّ َفمَنْ َقطَعَهَا ح َّ صحِيحِهِ { :إنَّ الرَّحِمَ ِشجْنَةٌ مِنْ الرَّ ْحمَنِ تَقُولُ يَا رَبِّ َوأَ ْحمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ َقوِيٍّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
إنِّي ُقطِعْت ،يَا رَبِّ إنِّي أُسِيءَ إلَيَّ ،يَا رَبِّ إنِّي ظُلِمْت ،يَا رَبِّ يَا رَبِّ ،فَُيجِيبُهَا َ :ألَا تَ ْرضَيْنَ َأنْ
َولِهِ اْلمُ ْعجَمِ َوضَمِّهِ َوإِسْكَانِ الْجِيمِ : َالشجْنَةُ بِكَسْرِ أ َّ صلَ مَنْ َوصَلَك َوأَ ْق َطعَ مَنْ َقطَعَك ؟ } و ِّ َأ ِ الْقَرَابَةُ اْلمُشْتَبِكَةُ كَاشْتِبَاكِ الْعُرُوقِ ،وَمَعْنَى مِنْ الرَّ ْحمَنِ :أَيْ مُشْتَقُّ لَ ْفظِهَا مِنْ لَفْظِ ا ْسمِهِ الرَّ ْحمَنِ
َكمَا يَ ْأتِي فِي اْلحَدِيثِ عَلَى الَْأثَرِ .
صلْ مَنْ َوصَلَنِي وَالْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ { :الرَّحِمُ ُحجْنَةٌ مَُتمَسِّكَةٌ بِالْعَرْشِ تَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ ذَلْقٍ :اللَّهُمَّ ِ وَا ْق َطعْ مَنْ َقطَعَنِي ،فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ َوتَعَالَى َ :أنَا الرَّ ْحمَنُ الرَّحِيمُ َوإِنِّي شَقَقْت الرَّحِمَ مِنْ ا ْسمِي حجْنَةُ بِفَ ْتحِ اْلحَاءِ اْلمُ ْهمَلَةِ وَاْلجِيمِ َوَتخْفِيفِ النُّونِ : َفمَنْ َوصَلَهَا َوصَلْته وَمَنْ بَتَكَهَا بَتَكْتُهُ } ،اْل َ صِنَّارَةُ اْلمِغْزَلِ :أَيْ اْلحَدِيدَةُ الْعَقْفَاءُ الَّتِي يُعَلَّقُ بِهَا اْلخَيْطُ ثُمَّ يُفَْتلُ الْغَزْلُ ،وَالْبَتْكُ :الْ َق ْطعُ .
وَالْبَزَّارُ { :ثَلَاثٌ مُتَعَلِّقَاتٌ بِالْعَرْشِ :الرَّحِمُ تَقُولُ اللَّهُمَّ ِّإني بِك فَلَا أُ ْق َطعُ ،وَالْأَمَانَةُ تَقُولُ اللَّهُمَّ إنِّي بِك فَلَا أُخَانُ ،وَالنِّ ْعمَةُ تَقُولُ اللَّهُمَّ إنِّي بِك فَلَا ُأكْفَرُ } .
وَالْبَزَّارُ وَاللَّفْظُ لَهُ وَالْبَيْهَقِيُّ { :الطَّاَبعُ مُعَلَّقٌ بِقَاِئمَةِ الْعَرْشِ فَإِذَا اشْتَكَتْ الرَّحِمُ َو ُع ِملَ بِاْلمَعَاصِي وَاجْتُرِئَ عَلَى اللَّهِ -
()333/2
تَعَالَى -بَ َعثَ اللَّهُ الطَّاَبعَ فََيطَْبعُ عَلَى قَلْبِهِ فَلَا يَعْ ِقلُ بَعْدَ َذلِكَ شَيْئًا } . حةِ َبلْ اْلمُتَّفَقُ عَلَى صِحَّةِ كَثِريٍ مِنْهَا ، الصحِي َ تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ صَرِيحُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْكَثِريَةِ َّ
الن َووِيِّ لَهُ عَلَى َوبِهَذَا يُرَدُّ َتوَقُّفُ الرَّافِعِيِّ فِي َقوْلِ صَا ِحبِ الشَّا ِملِ إنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ َ ،وكَذَا تَقْرِيرُ َّ
َتوَقُّفِهِ هَذَا فَإِنَّهُ اعْتَرَضَ َتوَقُّفَهُ فِي غَيْرِهِ َولَمْ يَعْتَرِضْ َتوَقُّفَهُ هَذَا َو ُهوَ أَجْدَرُ َوأَحَقُّ بِالرَّدِّ َ ،وكَيْفَ
يََتوَقَّفُ فِي َذلِكَ َمعَ تَصْرِيحِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَ َمعَ مَا فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ لَعْنِ فَاعِلِهِ وَاسْتِ ْدلَالِهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا فِي أَوَّلِ الْأَحَادِيثِ اْلمَ ْذكُورَةِ عَلَى َقطِيعَةِ اللَّهِ لِقَا ِطعِ الرَّحِمِ ،وَ َق ْولُهُ :إنَّ الْقَا ِطعَ َجلَ عُقُوبَتُهُ مِنْ َذنْبِهِ َ ،وإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ َعمَلُهُ َوغَيْرُ َذلِكَ لَا يَدْ ُخلُ اْلجَنَّةَ َ ،وإِنَّهُ مَا مِنْ ذَْنبٍ أَجْدَرُ َأنْ يُع َّ مِمَّا مَرَّ َ ،فحِينَئِذٍ لَا مَسَاغَ لِلتَّوَقُّفِ .
ك َمعَ النَّصِّ فِي الْقُرْآنِ عَلَى لَعْنَةِ فَاعِلِهِ ، التوَقُّفُ فِي َذلِ َ ثُمَّ َرَأيْت اْلجَلَالَ الْبُلْقِينِيَّ قَالَ َ :ولَا يَنْبَغِي َّ
ثُمَّ ُروِيَ عَنْ الْبَاقِرِ أَنَّ أَبَاهُ َزيْنَ الْعَابِدِينَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ :لَا تُصَا ِحبْ قَا ِطعَ رَحِمٍ فَإِنِّي وَجَدْته ضعَ وَ َذكَرَ الْآيَاتِ الثَّلَاثَ السَّابِقَةَ ،آيَةَ الْقِتَالِ وَاللَّعْنُ فِيهَا صَرِيحٌ مَلْعُونًا فِي كِتَابِ اللَّهِ فِي ثَلَاثَةِ َموَا ِ ش َملُ الْأَرْحَامَ َوغَيْ َرهَا ،وَالْبَقَرَةَ صلَ يَ ْ الرعْدَ وَاللَّعْنُ فِيهَا ِبطَرِيقِ الْ ُعمُومِ ؛ لِأَنَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ َأنْ يُو َ ،وَ َّ وَاللَّعْنُ فِيهَا ِبطَرِيقِ الِاسْتِلْزَامِ إذْ ُهوَ مِنْ َلوَازِمِ اْلخُسْرَانِ ،وَقَدْ نَ َقلَ الْقُ ْرطُبِيُّ فِي تَفْسِريِهِ اتِّفَاقَ الْأُمَّةِ
عَلَى وُجُوبِ صِلَةِ الرَّحِمِ وَحُرْمَةِ َقطْعِهَا . ف ؛ فَقَالَ َأبُو زُ ْرعَةَ اْل َولِيُّ بْنُ الْعِرَاقِيِّ :يَنْبَغِي َأنْ َيخْتَصَّ ثُمَّ اْلمُرَادُ بِ َقطِيعَةِ الرَّحِمِ مَاذَا ؟ فِيهِ اخْتِلَا ٌ
بِالْإِسَاءَةِ .
وَقَالَ غَيْرُهُ :لَا
()333/2
يَنْبَغِي اخْتِصَاصُهُ بِ َذلِكَ بَلْ يَنْبَغِي َأنْ يَتَعَدَّى إلَى تَرْكِ الْإِحْسَانِ ؛ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ آمِرَةٌ بِالصِّلَةِ نَاهِيَةٌ عَنْ الْ َقطِيعَةِ َولَا وَا ِسطَةَ بَيْنَ ُهمَا ،وَالصِّلَةُ إيصَالُ َن ْوعٍ مِنْ َأْنوَاعِ الْإِحْسَانِ ِلمَا فَسَّ َرهَا بِ َذلِكَ غَيْرُ ِدهَا َوهِيَ تَرْكُ الْإِحْسَانِ . وَاحِدٍ فَالْ َقطِيعَةُ ض ُّ
ا هـ .
ش َملُ فِ ْعلَ اْلمَكْرُوهِ َولَك َأنْ تَقُولَ فِي كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ َنظَرٌ ،أَمَّا الْأَوَّلُ ؛ فَلِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْإِسَاءَةِ مَا يَ ْ
َرمِ َوَلوْ صَغِريَةً نَافَى مَا مَرَّ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ َوغَيْرِهِ فِي ضَابِطِ الْعُقُوقِ مِنْ َرمِ َأوْ مَا َيخْتَصُّ بِاْل ُمح َّ وَاْل ُمح َّ
أَنَّهُ إنْ يَفْ َعلْ َمعَ أَحَدِ وَالِ َديْهِ مَا َلوْ فَعَلَهُ َمعَ أَجْنَبِيٍّ كَانَ ُمحَرَّمًا صَغِريَةً فَيَنْتَ ِقلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَحَ ِد ِهمَا كَبِريَةً ،فَإِذَا كَانَ هَذَا ُهوَ ضَابِطَ الْعُقُوقِ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ حَقَّ اْلوَالِ َديْنِ آكَدُ مِنْ حَقِّ بَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ َ ،وأَنَّ الْعُقُوقَ غَيْرُ َقطِيعَةِ الرَّحِمِ َكمَا يُصَرِّحُ بِهِ
كَلَامُهُمْ ،وَمِنْهُ َتوَقُّفُ الرَّافِعِيِّ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَ َجبَ َأنْ يَكُونَ اْلمُرَادُ بِ َق ْطعِ الرَّحِمِ الْ َمحْكُومَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَبِريَةٌ مَا هُوَ أَشَدُّ فِي الْإِيذَاءِ مِنْ الْعُقُوقِ ؛ لَِيظْهَرَ مَزِيَّةُ اْلوَالِ َديْنِ ،وَمَا قَالَهُ َأبُو زُ ْرعَةَ يَلْ َزمُ عَلَيْهِ ِّاتحَا ُد ُهمَا َبلْ إنَّ الْ َقطِيعَةَ يُرَاعَى فِيهَا مَا هُوَ أَ ْدنَى فِي الْإِيذَاءِ مِنْ الْعُقُوقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِسَاءَةَ
ش َملُ فِعْلَهُ فَيََتمَيَّزُ بَقِيَّةُ الْأَقَارِبِ عَلَى الَْأَب َويْنِ حَ ْيثُ جُ ِعلَ ُمطْلَقُ الْإِيذَاءِ فِي حَقِّهِمْ كَبِريَةً . فِي كَلَامِهِ تَ ْ وَالَْأَبوَانِ لَمْ ُيجْ َعلْ الْإِيذَاءُ فِي حَقِّهِمْ كَ َذلِكَ َوهَذَا مُنَافٍ لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ َ ،فوَ َجبَ رَدُّ كَلَامِ َأبِي
زُ ْرعَةَ لِئَلَّا يَلْ َزمَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ .
َوإِذَا عُلِمَ أَنَّ كَلَامَهُمْ فِي الْعُقُوقِ يَرُدُّ مَا َذكَرَهُ َفمَا َذكَرَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّ َق ْطعَ الرَّحِمِ عَدَمُ فِعْلِ
الْإِحْسَانِ كَلَامُهُمْ يَرُدُّهُ بِالْأُولَى ،وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي يَُّتجَهُ لُِيوَافِقَ
()323/2
كَلَامَهُمْ وَفَرْقَهُمْ بَيْنَ الْعُقُوقِ وَ َق ْطعِ الرَّحِمِ أَنَّ اْلمُرَادَ بِالْأَوَّلِ مَا قَدَّمْته فِيهِ دُونَ مَا مَرَّ عَنْ الُْبلْقِينِيِّ ِلمَا يَلْ َزمُ عَلَيْهِ َأيْضًا مِنْ ِّاتحَادِ ِهمَا َ ،وبِالثَّانِي َق ْطعُ مَا َألِفَ الْقَرِيبُ مِنْهُ مِنْ سَابِقِ اْل ُوصْلَةِ وَالْإِحْسَانِ
لِغَيْرِ عُذْرٍ شَ ْرعِيٍّ ؛ لِأَنَّ َق ْطعَ ذَلِكَ ُيؤَدِّي إلَى إحيَاشِ الْقُلُوبِ َونُفْ َرتِهَا َوتَأَذِّيهَا َ ،ويَصْ ُدقُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ
صلْ إلَيْهِ مِنْهُ إحْسَانٌ الرعَايَةِ ،فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ قَرِيبَهُ لَمْ يَ ِ أَنَّهُ َق َطعَ ُوصْلَةَ رَ ِحمِهِ وَمَا يَنْبَغِي لَهَا مِنْ َعظِيمِ ِّ َولَا إسَاءَةٌ قَطُّ لَمْ يَفْسُقْ بِ َذلِكَ ؛ لِأَنَّ الَْأَب َويْنِ إذَا فُرِضَ َذلِكَ فِي حَقِّ ِهمَا مِنْ غَيْرِ َأنْ يَفْعَلَ مَعَ ُهمَا مَا
يَقْتَضِي التَّأَذِّي الْ َعظِيمَ لِغِنَا ُهمَا مَثَلًا لَمْ يَكُنْ كَبِريَةً فََأ ْولَى بَقِيَّةُ الْأَقَارِبِ . َطبَ َوَلوْ فُرِضَ أَنَّ الِْإنْسَانَ لَمْ يَ ْق َطعْ عَنْ قَرِيبِهِ مَا َألِفَهُ مِنْ الْإِحْسَانِ لَكِنَّهُ فَ َعلَ مَعَهُ ُمحَرَّمًا صَغِريَةً َأوْ ق َّ
فِي وَجْهِهِ َأوْ لَمْ يَقُمْ إلَيْهِ فِي مَلَأٍ َولَا عَبَأَ بِهِ لَمْ يَكُنْ َذلِكَ فِسْقًا ِ ،بخِلَافِهِ َمعَ أَحَدِ اْلوَالِ َديْنِ ؛ لِأَنَّ
تَأَكُّدَ حَقِّ ِهمَا اقْتَضَى َأنْ يََتمَيَّزَا عَلَى بَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ ِبمَا لَا يُوجَدُ َنظِريُهُ فِيهِمْ َ ،وعَلَى ضَبْطِ الثَّانِي ِبمَا َذكَرْته فَلَا فَ ْرقَ بَيْنَ َأنْ يَكُونَ الْإِحْسَانُ الَّذِي َألِفَهُ مِنْهُ قَرِيبُهُ مَالًا َأوْ مُكَاتَبَةً َأوْ مُرَاسَلَةً َأوْ ِزيَارَةً َأوْ غَيْرَ َذلِكَ ،فَ َق ْطعُ َذلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ فِعْلِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ كَبِريَةٌ .
الزيَارَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ ؟ قُلْت :يَنْبَغِي َأنْ يُرَادَ بِالْعُذْرِ حوِ ِّ فَِإنْ قُلْت َ :فمَا اْلمُرَادُ بِالْعُذْرِ فِي اْلمَالِ وَفِي َن ْ فِي اْلمَالِ فَقْدُ مَا كَانَ يَصِلُهُ بِهِ َأوْ َتجَدُّدُ احْتِيَاجِهِ إلَيْهِ َأوْ َأنْ يَنْ ُدبَهُ الشَّارِعُ إلَى تَقْ ِدميِ غَيْرِ الْقَرِيبِ عَلَيْهِ لِ َك ْونِ الْأَجْنَبِيِّ أَ ْحوَجَ َأوْ َأصْ َلحَ فَعَ َدمُ الْإِحْسَانِ إلَيْهِ َأوْ تَقْ ِدميُ الْأَجْنَبِيِّ عَلَيْهِ لِهَذَا الْعُذْرِ يَرْ َفعُ عَنْهُ
الْفِسْقَ َ ،وِإنْ انْ َق َطعَ
()323/2
بِسََببِ َذلِكَ مَا َألِفَهُ مِنْهُ الْقَرِيبُ ؛ لِأَنَّهُ َّإنمَا رَاعَى أَمْرَ الشَّا ِرعِ بِتَقْ ِدميِ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْقَرِيبِ .
ضحٌ أَنَّ الْقَرِيبَ َلوْ َألِفَ مِنْهُ قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْ اْلمَالِ يُ ْعطِيهِ إيَّاهُ كُلَّ سَنَةٍ مَثَلًا فَنَقَصَهُ لَا يَفْسُقُ بِ َذلِكَ َووَا ِ
ِبخِلَافِ مَا َلوْ َقطَعَهُ مِنْ َأصْلِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ .
فَِإنْ قُلْت :يَلْ َزمُ عَلَى َذلِكَ امْتِنَاعُ الْقَرِيبِ مِنْ الْإِحْسَانِ إلَى قَرِيبِهِ َأصْلًا خَشْيَةَ أَنَّهُ إذَا أَحْسَنَ إلَيْهِ
يَلْزَمُهُ الِاسِْتمْرَارُ عَلَى َذلِكَ خَوْفًا مِنْ َأنْ يَفْسُقَ َلوْ َقطَعَهُ َ ،وهَذَا خِلَافُ مُرَادِ الشَّارِعِ مِنْ اْلحَثِّ عَلَى الْإِحْسَانِ إلَى الْأَقَارِبِ .
قُلْت :لَا يَلْ َزمُ َذلِكَ ِلمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ َأنْ َيجْرِيَ عَلَى َتمَامِ الْقَدْرِ الَّذِي َألِفَهُ مِنْهُ بَلْ اللَّا ِزمُ لَهُ َأنْ حمِلُهُمْ شَفَقَةُ الْقَرَابَةِ وَ ِرعَايَةُ الرَّحِمِ عَلَى وُصْلَتِهَا فَلَيْسَ لَا يَ ْقطَعَ َذلِكَ مِنْ َأصْلِهِ َ ،وغَاِلبُ النَّاسِ َي ْ
صلِ مَا َألِفُوهُ مِنْهُمْ تَنْفِريٌ عَنْ فِعْلِهِ َبلْ حَثٌّ عَلَى َدوَامِ أَصْلِهِ َ ،وإَِّنمَا يَلْ َزمُ فِي أَمْ ِرهِمْ ِبمُدَاوَمَتِهِمْ عَلَى أَ ْ
َذلِكَ َلوْ قُلْنَا :إنَّهُ إذَا َألِفَ مِنْهُ شَيْئًا ِبخُصُوصِهِ يَلْزَمُهُ اْلجَ َريَانُ عَلَى َذلِكَ الشَّ ْيءِ اْل َمخْصُوصِ دَاِئمًا َوَلوْ َمعَ قِيَامِ الْعُذْرِ الشَّ ْرعِيِّ َ ،وَنحْنُ لَمْ نَ َقلَ َذلِكَ .
جمُعَةِ ِبجَا ِمعِ أَنَّ كُلًّا فَرْضُ عَيْنٍ َوتَ ْركُهُ كَبِريَةٌ . َوأَمَّا عُذْرُ الزِّيَارَةِ :فَيَنْبَغِي ضَ ْبطُهُ بِعُذْرِ اْل ُ َوأَمَّا عُذْرُ تَرْكِ اْلمُكَاتَبَةِ وَاْلمُرَاسَلَةِ :فَ ُهوَ َأنْ لَا َيجِدَ مَنْ يَثِقُ بِهِ فِي أَدَاءِ مَا يُرْسِلُهُ مَعَ ُه ،وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الزيَارَةَ الَّتِي ُألِ َفتْ مِنْهُ فِي وَ ْقتٍ َمخْصُوصٍ لِعُذْرٍ لَا يَلْزَمُهُ قَضَا ُؤهَا فِي غَيْرِ َذلِكَ الْوَ ْقتِ ، إذَا تَرَكَ ِّ فَتَأ ََّملْ َجمِيعَ مَا قَرَّرْته وَاسْتَفِدْهُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى شَ ْيءٍ مِنْهُ َمعَ ُعمُومِ الْبَ ْلوَى بِهِ َوكَثْرَةِ الِاحْتِيَاجِ إلَى ضَ ْبطِهِ .
َوظَاهِرٌ أَنَّ الَْأ ْولَادَ وَالَْأ ْعمَامَ مِنْ الْأَرْحَامِ َوكَذَا اْلخَالَةُ فَيَ ْأتِي
()322/2
فِيهِمْ وَفِيهَا مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْفَ ْرقِ بَيْنَ َقطْعِهِمْ َوعُقُوقِ اْلوَالِ َديْنِ .
َوأَمَّا َقوْلُ الزَّ ْركَشِيّ صَحَّ فِي اْلحَدِيثِ " أَنَّ اْلخَالَةَ ِبمَنْ ِزلَةِ الْأُمِّ َوأَنَّ عَمَّ الرَّ ُجلِ صِ ْنوُ َأبِيهِ " وَقَضِيَّتُ ُهمَا أَنَّ ُهمَا مِ ْثلُ الْأَبِ وَالْأُمِّ حَتَّى فِي الْعُقُوقِ فَبَعِيدٌ جِدًّا وَلَيْسَ قَضِيَّتُ ُهمَا َذلِكَ ،إذْ لَا ُعمُومَ فِي ِهمَا َولَا
تَعَرُّضَ ِلخُصُوصِ الْعُقُوقِ فَيَكْفِي تَشَابُهُ ُهمَا فِي أَمْرٍ مَا كَاْلحَضَانَةِ تَثُْبتُ لِ ْلخَالَةِ َكمَا تَثُْبتُ لِلْأُمِّ َوكَذَا الرعَايَةِ َوكَالِْإكْرَامِ فِي الْعَمِّ وَاْل َمحْرَمِيَّةِ َوغَيْ ِر ِهمَا مِمَّا ُذكِرَ . اْل َمحْرَمِيَّةُ َوتَأَكُّدُ ِّ
َوأَمَّا إْلحَاقُ ُهمَا بِ ِهمَا فِي أَنَّ عُقُوقَ ُهمَا كَعُقُوقِ ِهمَا فَ ُهوَ َمعَ َك ْونِهِ غَيْرَ مُصَرَّحٍ بِهِ فِي اْلحَدِيثِ مُنَافٍ
الرعَايَةِ لِكَلَامِ َأئِمَّتِنَا فَلَا مُعَوَّلَ عَلَيْهِ َ ،بلْ الَّذِي دََّلتْ عَلَيْهِ الْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ أَنَّ اْلوَالِ َديْنِ اخْتَصَّا مِنْ ِّ صلْ إلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ ، َالطوَاعِيَةِ وَالْإِحْسَانِ بِأَمْرٍ َعظِيمٍ جِدًّا َوغَايَةٍ رَفِيعَةٍ لَمْ يَ ِ وَالِاحْتِرَامِ و َّ
َويَلْ َزمُ مِنْ َذلِكَ أَنَّهُ يُكْتَفَى فِي عُقُوقِ ِهمَا َو َك ْونِهِ فِسْقًا ِبمَا لَا يُكْتَفَى بِهِ فِي عُقُوقِ غَيْ ِر ِهمَا . فَِإنْ قُلْت ُ :يؤَيِّدُ التَّفْسِريَ السَّابِقَ اْلمُقَاِبلَ لِكَلَامِ َأبِي زُ ْرعَةَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ فِي َق ْولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ { :لَا يَدْخُلُ اْلجَنَّةَ قَا ِطعٌ } أَيْ قَا ِط ُع رَحِمٍ َ ،فمَنْ قَ َطعَ أَقَا ِربَهُ الضُّعَفَاءَ َو َهجَ َرهُمْ َوتَكَبَّرَ
عَلَيْهِمْ َولَمْ يَصِلْهُمْ بِبِرِّهِ َوإِحْسَانِهِ َوكَانَ غَنِيًّا َوهُمْ فُقَرَاءُ فَ ُهوَ دَا ِخلٌ فِي هَذَا اْل َوعِيدِ مَحْرُومٌ دُخُولَ
اْلجَنَّةِ إلَّا َأنْ يَتُوبَ إلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ َ -وُيحْسِنَ إلَيْهِمْ .
وَقَدْ ُروِيَ فِي حَدِيثٍ عَ ْن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { :مَنْ كَانَ لَهُ أَقَارِبُ ضُعَفَاءُ َولَمْ ُيحْسِنْ إلَيْهِمْ َويَصْ ِرفْ صَدَقَتَهُ إلَى غَيْ ِرهِمْ لَمْ يَقَْبلْ اللَّ ُه صَدَقَتَهُ َولَا يَ ْنظُرْ إلَيْهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } ،
َوإِنْ
()327/2
كَانَ فَقِريًا َوصَلَهُمْ بِ ِزيَا َرتِهِمْ وَالتَّفَقُّدِ لِأَ ْحوَالِهِمْ لِ َقوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :صِلُوا أَرْحَامَكُمْ َوَلوْ بِالسَّلَامِ } . ا هـ .
ح َ ،وأَمَّا َق ْولُهُ َولَمْ يَصِلْهُمْ إَلخْ فَهُوَ بِِإطْلَاقِهِ ضٌ قُلْت :مَا قَالَهُ هَذَا الْقَاِئلُ مِنْ الْ َهجْرِ وَالتَّكَبُّرِ عَلَيْهِمْ وَا ِ جبُ لِ ْلوَالِ َديْنِ َوِإنْ عَ َلوْا وَالَْأ ْولَادِ َممْنُوعٌ َأيْضًا َوكَفَى فِي مَنْعِهِ وَرَدِّهِ تَصْرِيحُ َأئِمَّتِنَا بِأَنَّ الِْإنْفَاقَ َّإنمَا َي ِ ب َ ،وبِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَقَارِبِ وَالْأَرْحَامِ سُنَّةٌ لَا وَاجِبَةٌ فَلَوْ كَانَ تَرْكُ َوِإنْ سَفَلُوا دُونَ بَقِيَّةِ الْأَقَارِ ِ
ريهُمْ بِالْ َق ْطعِ ظَاهِرٌ فِي سعْ إطْلَاقَ الَْأئِمَّةِ نَدْبُ ذَلِكَ َ ،وَأيْضًا فَتَعْبِ ُ الْإِحْسَانِ إلَيْهِمْ بِاْلمَالِ كَبِريَةً لَمْ يَ َ أَنَّهُ كَانَ ثَمَّ شَ ْيءٌ فَ ُق ِطعَ َ ،وبِهِ يَتَأَيَّدُ مَا قَدَّمْته وَقَرَّرْته فِي مَعْنَى َق ْطعِ الرَّحِمِ ُمخَالِفًا فِيهِ كُلًّا مِنْ تَفْسِريِ َأبِي زُ ْرعَةَ وَمُقَابِلِهِ .
َوأَمَّا اسْتِ ْدلَالُهُ بِهَ َذيْنِ اْلحَدِيثَيْنِ فَيََتوَقَّفُ عَلَى صِحَّةِ سَنَ ِد ِهمَا ،نَعَمْ يَنْبَغِي لِ ْل ُموَفِّقِ أَنْ يُرَاعِيَ هَذَا
الْ َقوْلَ َوَأنْ يُبَاِلغَ فِيمَا قُدِّرَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِحْسَانِ إلَى أَقَا ِربِهِ ِلمَا يَأْتِي قَرِيبًا مِنْ الْأَحَادِيثِ الْكَثِريَةِ اْل ُمؤَكَّدَةِ فِي َذلِكَ وَالدَّالَّةِ عَلَى َعظِيمِ فَضْلِهِ وَرِفْعَةِ َمحَلِّهِ .
وَقَدْ حُكِيَ أَنَّ رَجُلًا غَنِيًّا حَجَّ فََأوْ َدعَ آخَرَ َموْسُومًا بِالْأَمَانَةِ وَالصَّلَاحِ َألْفَ دِينَارٍ حَتَّى يَعُودَ مِنْ عَرَفَةَ ،فَلَمَّا عَادَ وَجَدَهُ قَدْ مَاتَ ،فَسَأَلَ ذُرِّيَّتَهُ عَنْ اْلمَالِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ ،فَسَأَلَ عُ َلمَاءَ مَكَّةَ عَنْ
قَضِيَّتِهِ فَقَالُوا لَهُ :إذَا كَانَ نِصْفُ اللَّ ْيلِ فَأْتِ زَمْ َزمَ فَاْنظُرْ فِيهَا َونَادِ يَا فُلَانُ بِا ْسمِهِ ،فَإِذَا كَانَ مِنْ
َأ ْهلِ اْلخَيْرِ فَُيجِيبُك مِنْ أَوَّلِ مَرَّةٍ ،فَ َذهَبَ َونَادَى فِيهَا فَلَمْ ُيجِبْهُ أَحَدٌ ،فَأَخْبَ َرهُمْ فَقَالُوا لَهُ :إنَّا لِلَّهِ
َوإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ ؛ نَخْشَى َأنْ يَكُونَ صَاحِبُك مِنْ َأ ْهلِ النَّارِ ا ْذ َهبْ إلَى
()323/2
أَرْضِ الَْيمَنِ فَفِيهَا بِئْرٌ تُسَمَّى بِئْرَ بَ َرهُوتَ يُقَالُ إنَّهُ عَلَى فَمِ جَهَنَّمَ فَاْنظُرْ فِيهِ بِاللَّيْلِ وَنَادِ يَا فُلَانُ
فَُيجِيبُك مِنْهَا َ ،فمَضَى إلَى الَْيمَنِ وَسَأَلَ عَنْ الْبِئْرِ فَدُلَّ عَلَيْهَا ،فَ َذ َهبَ إلَيْهَا لَيْلًا َونَادَى فِيهَا :يَا ضعِ الْفُلَانِيِّ مِنْ دَارِي َولَمْ ائَْتمَنَ عَلَيْهِ َولَدِي فُلَانُ فَأَجَابَهُ ،فَقَالَ َأيْنَ ذَهَبِي ؟ فَقَالَ دَفَنْته فِي اْل َم ْو ِ
فَ ْأتِهِمْ وَاحْفِرْ هُنَاكَ َتجِدُهُ ،فَقَالَ لَهُ :مَا الَّذِي َأنْ َزلَك هَاهُنَا وَقَدْ كُنْت ُيظَنُّ بِك الْخَيْرُ ؟ قَالَ :كَانَ
لِي أُ ْختٌ فَقِريَةٌ َهجَ ْرهتَا َوكُنْت لَا أَحْنُو عَلَيْهَا فَعَاقَبَنِي اللَّهُ -تَعَالَى -بِسَبَبِهَا َوَأنْ َزلَنِي هَذِهِ اْلمَنْ ِزلَةَ ، الصحِيحِ السَّابِقِ { :لَا يَدْ ُخلُ اْلجَنَّةَ قَا ِطعٌ } أَيْ قَا ِط ُع رَ ِحمِهِ َوأَقَارِبِهِ . َوتَصْدِيقُ َذلِكَ اْلحَدِيثِ َّ
( فَائِدَةٌ :فِي ِذكْرِ أَحَادِيثَ فِيهَا اْلحَثُّ الَْأكِيدُ وَالتَّ ْأكِيدُ الشَّدِيدُ عَلَى صِلَةِ الرَّحِمِ ) َأخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ صلْ { :مَنْ كَانَ ُيؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالَْيوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْ ِرمْ ضَيْفَهُ ،وَمَ ْن كَانَ ُيؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالَْي ْومِ الْآخِرِ فَ ْليَ ِ ص ُمتْ } . رَ ِحمَهُ ،وَمَنْ كَانَ ُيؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالَْي ْومِ الْآخِرِ فَلْيَ ُقلْ خَيْرًا َأوْ لِيَ ْ
َولِهِ وَتَشْدِيدِ َوأَخْرَجَ َأيْضًا { :مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ َويُنْسَأَ } -أَيْ ُيؤَخَّرُ َو ُهوَ بِضَمِّ أ َّ صلْ رَ ِحمَهُ } . ثَالِثِهِ اْلمُ ْه َملِ َوبِالْ َهمْزِ { -لَهُ فِي َأثَرِهِ :أَيْ أَجَلِهِ -فَلْيَ ِ
َوعَنْ أَبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ َ :سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { :مَنْ سَرَّهُ
صلْ رَ ِحمَهُ } َروَاهُ الُْبخَارِيُّ ،وَالتِّرْمِذِيُّ َولَ ْفظُهُ { : َأنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ َأوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي َأثَرِهِ فَلْيَ ِ قَالَ تَع ََّلمُوا مِنْ َأنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ َمحَبَّةٌ فِي الَْأ ْهلِ مَثْرَاةٌ فِي اْلمَالِ
مِنْسَأَةٌ فِي الَْأثَرِ } :أَيْ بِهَا الزِّيَادَةُ فِي الْ ُعمْرِ .
َوعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَ ْحمَدَ فِي َزوَائِدِ
()325/2
َسعَ لَهُ فِي رِزْقِهِ َويُدْ َفعَ اْلمُسْنَدِ وَالْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَاْلحَاكِمُ { :مَنْ سَرَّهُ َأنْ ُيمَدَّ لَهُ فِي ُعمُرِهِ َوُيو َّ صلْ رَ ِحمَهُ } . عَنْهُ مَيْتَةُ السُّوءِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ َولْيَ ِ
التوْرَاةِ َححَهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :مَكْتُوبٌ فِي َّ وَالْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ ص ْل رَ ِحمَهُ } . مَنْ أَحَبَّ َأنْ يُزَادَ فِي ُعمْرِهِ وَفِي رِزْقِهِ فَلْيَ ِ
َوَأبُو يَعْلَى { :إنَّ الصَّدَقَةَ وَصِلَةَ الرَّحِمِ يَزِيدُ اللَّهُ بِ ِهمَا فِي الْ ُعمُرِ َويَدْ َفعُ بِ ِهمَا مِيتَةَ السُّوءِ َويَدْ َفعُ بِ ِهمَا اْلمَكْرُوهَ وَاْل َمحْذُورَ } .
َوَأبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ رَ ُجلٍ مِنْ خَثْعَمَ قَالَ َ { :أتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َوهُوَ فِي نَفَرٍ
صحَابِهِ فَقُلْت َ :أْنتَ الَّذِي تَ ْزعُمُ أَنَّك رَسُولُ اللَّهِ ؟ قَالَ :نَعَ ْم ،قُلْت :يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مِنْ َأ ْ
الَْأ ْعمَالِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ ؟ قَالَ الْإِميَانُ بِاَللَّهِ ،قُلْت :يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ :ثُمَّ صِلَةُ الرَّحِمِ .
قُلْت :يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الَْأ ْعمَالِ َأبْ َغضُ إلَى اللَّهِ ؟ قَالَ :الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ ،قُلْت :يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ َقطِيعَةُ الرَّحِمِ ،قُلْت :يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ ثُمَّ الْأَمْرُ بِاْلمُنْكَرِ وَالنَّهْيُ عَنْ
اْلمَعْرُوفِ } .
وَالُْبخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَاللَّفْظُ لَهُ { :عَرَضَ َأعْرَابِيٌّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َو ُهوَ فِي سَفَرٍ َربُنِي مِنْ اْلجَنَّةِ خطَامِ نَاقَتِهِ َأوْ بِزِمَامِهَا ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ َأوْ يَا ُمحَمَّدُ أَخْبِ ْرنِي ِبمَا يُق ِّ فَأَخَذَ ِب ِ
صحَابِهِ ثُمَّ قَالَ :لَقَدْ وُفِّقَ هَذَا َويُبَاعِ ُدنِي عَنْ النَّارِ ؟ فَكَفَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ َنظَرَ فِي َأ ْ
ي ،قَالَ كَيْفَ قُلْت ؟ فََأعَا َدهَا ،فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ َأوْ لَقَدْ هُدِ َ صلُ الرَّحِمَ ،دَعْ النَّاقَةَ } وَفِي شَيْئًا َوتُقِيمُ الصَّلَاةَ َوُت ْؤتِي الزَّكَاةَ َوتَ ِ
()326/2
صلُ ذَا رَ ِحمِك فَلَمَّا أَ ْدبَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :إنْ َتمَسَّكَ ِبمَا أَمَرْته ِروَايَةٍ َ { :وتَ ِ
بِهِ دَ َخلَ اْلجَنَّةَ } .
الديَارَ وَُينَمِّي لَهُمْ الْأَ ْموَالَ وَمَا َنظَرَ إلَيْهِمْ مُنْذُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ { :إنَّ اللَّهَ لَيُعَمِّرُ بِالْ َق ْومِ ِّ
خَلَقَهُمْ بُغْضًا لَهُمْ .
قِيلَ َوكَيْفَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ بِصِلَتِهِمْ أَرْحَامَهُمْ } .
الدنْيَا َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ إلَّا أَنَّ فِيهِ انْ ِقطَاعًا { :إنَّهُ مَنْ ُأ ْعطِيَ الرِّفْقَ فَقَدْ ُأ ْعطِيَ حَظَّهُ مِنْ خَيْرِ ُّ الديَارَ َويَزِ ْدنَ فِي الَْأ ْعمَارِ } . َم ْرنَ ِّ جوَارِ وَحُسْنُ اْلخُلُقِ يُع ِّ وَالْآخِرَةِ َ ،وصِلَةُ الرَّحِمِ وَحُسْنُ اْل ِ َوَأبُو الشَّ ْيخِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ { يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ ؟ قَالَ َأتْقَاهُمْ لِلرَّبِّ َوَأ ْوصَلُهُمْ
لِلرَّحِمِ ،وَآمِ ُرهُمْ بِاْلمَعْرُوفِ َوَأنْهَاهُمْ عَنْ اْلمُنْكَرِ } .
صحِيحِهِ وَاللَّفْظُ لَهُ ،عَنْ { َأبِي ذَرٍّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ َ :أ ْوصَانِي خَلِيلِي وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ِبخِصَالٍ مِنْ اْلخَيْرِ َ :أ ْوصَانِي َأنْ لَا َأْنظُرَ إلَى مَنْ ُهوَ َفوْقِي َوَأنْ َأْنظُرَ إلَى مَنْ صلَ رَ ِحمِي َ ،وِإنْ أَ ْدبَرْت ، َالدنُوِّ مِنْهُمْ َ ،وَأ ْوصَانِي َأنْ َأ ِ ُهوَ دُونِي َ ،وَأ ْوصَانِي ِبحُبِّ اْلمَسَاكِنيِ و ُّ َوَأ ْوصَانِي َأنْ لَا أَخَافَ فِي اللَّهِ َلوْمَةَ لَائِمٍ َ ،وَأ ْوصَانِي َأنْ أَقُولَ اْلحَقَّ َوِإنْ كَانَ مُرًّا َ ،وَأ ْوصَانِي َأنْ
ُأكْثِرَ مِنْ لَا َحوْلَ َولَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ اْلجََّنةِ } .
وَالشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا { :عَنْ مَ ْيمُونَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا :أَنَّهَا َأعْتَ َقتْ َولِيدَةً لَهَا َولَمْ تَسْتَأْ ِذنْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا كَانَ َيوْمُهَا الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ قَالَتْ :أَشَعَرْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي
َأعْتَقْت َولِي َدتِي ؟ قَالَ َأوَفَعَلْت ؟ فَقَاَلتْ :نَعَ ْم ،قَالَ أَمَا إنَّك َلوْ َأ ْعطَيْتهَا أَ ْخوَالَك كَانَ َأ ْعظَمَ لِأَجْرِك }.
وَابْنُ حِبَّانَ
()323/2
وَاْلحَاكِمُ َ { :أتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّ َم رَ ُجلٌ فَقَالَ :إنِّي أَ ْذنَبْت َذنْبًا َعظِيمًا فَ َهلْ لِي مِنْ َت ْوبَةٍ ِرهَا } . ؟ قَالَ َهلْ لَك مِنْ أُمٍّ ؟ قَالَ :لَا ،قَالَ َو َهلْ لَك مِنْ خَالَةٍ ؟ قَالَ نَعَمْ ،قَالَ فَب َّ
صلَ الَّذِي إذَا ُقطِ َعتْ رَ ِحمُهُ وَصَلَهَا } صلُ بِاْلمُكَافِئِ َولَكِنَّ اْلوَا ِ وَالُْبخَارِيُّ َوغَيْرُهُ { :لَيْسَ اْلوَا ِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ { :لَا تَكُونُوا إمَّعَةً تَقُولُونَ إنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا َوِإنْ ظَ َلمُوا ظَ َل ْمنَا َولَكِنْ
وَطِّنُوا َأنْفُسَكُمْ إنْ أَحْسَنَ النَّاسُ َأنْ ُتحْسِنُوا َوِإنْ أَسَاءُوا َأنْ لَا َتظْ ِلمُوا } .
وَالْإِمَّعَةُ بِكَسْرٍ فَفَ ْتحٍ وَتَشْدِيدٍ َفمُ ْهمَلَةٍ ُ :هوَ الَّذِي لَا َرأْيَ لَهُ فَ ُهوَ يَتَْبعُ كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى َرْأيِهِ .
صلُ َويَ ْقطَعُونَنِي َوأُحْسِنُ إلَيْهِمْ َويُسِيئُونَ إلَيَّ َوأَحْلُمُ وَمُسْلِمٌ { :يَا رَسُولَ اللَّهِ :إنَّ لِي قَرَابَةً َأ ِ عَلَيْهِمْ َوَيجْهَلُونَ عَلَيَّ ،فَقَالَ إنْ كُنْت َكمَا قُلْت فَكَأََّنمَا تُسِفُّهُمُ اْلمَلَّ -أَيْ بِفَ ْتحٍ َوتَشْدِيدٍ الرَّمَادُ اْلحَارُّ َ -ولَا يَزَالُ مَعَك مِنْ اللَّهِ ظَهِريٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْت عَلَى َذلِكَ } . صحِيحِهِ وَاْلحَاكِمُ . وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ خُ َزْيمَةَ فِي َ
ضلُ الصَّدَقَةِ صَدَقَةٌ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَا ِشحِ } أَيْ الَّذِي صحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ { :أَفْ َ وَقَالَ َ
شحِهِ :أَيْ خَصْرِهِ كِنَايَةً عَنْ بَاطِنِهِ َو ُهوَ فِي مَعْنَى َق ْولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ضمِرُ عَدَاوَةً فِي كَ ْ يُ ْ صلُ مَنْ َقطَعَك } . { َوتَ ِ َححَهُ . وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ فِيهِ وَاهِيًا { :ثَلَاثٌ مِنْ كُنَّ فِيهِ حَاسَبَهُ اللَّهُ حِسَابًا يَسِريًا َوأَدْخَلَهُ اْلجَنَّةَ بِرَ ْحمَتِهِ قَالُوا صلُ مَنْ َقطَعَك َ ،وتَعْفُو عَمَّنْ ظَ َلمَك ؛ فَإِذَا :وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ تُ ْعطِي مَنْ حَرَمَك َ ،وتَ ِ فَعَلْت َذلِكَ يُدْخِلُك اْلجَنَّةَ } .
َوأَ ْحمَدُ بِإِسْنَا َديْنِ أَحَ ُد ُهمَا ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ . عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِ ٍر َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :لَقِيت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
()323/2
صلْ مَنْ ضلِ الَْأ ْعمَالِ ؟ فَقَالَ يَا عُقْبَةُ ِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذْت بِيَدِهِ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِ ْرنِي بِ َفوَا ِ َقطَعَك َ ،وَأعْطِ مَنْ حَرَمَك ،وَاعْفُ عَمَّنْ ظَ َلمَك } .
صلْ رَ ِحمَهُ } . زَادَ اْلحَاكِمُ َ { :ألَا وَمَنْ أَرَادَ َأنْ ُيمَدَّ فِي ُعمُرِهِ َويُبْسَطَ فِي رِزْقِهِ فَلْيَ ِ صلَ مَنْ َقطَعَك ، الدنْيَا وَالْآخِرَةِ َ :أنْ تَ ِ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ُمحْتَجٍّ بِهِ َ { :ألَا أَدُلُّك عَلَى َأكْ َرمِ أَخْلَاقِ ُّ َوتُ ْعطِيَ مَنْ حَرَمَك َ ،وَأنْ تَعْ ُفوَ عَمَّنْ ظَ َلمَك } .
صلَ مَنْ َقطَعَك َ ،وتُ ْعطِيَ مَنْ حَرَمَك َ ،وتَصْ َفحَ عَمَّنْ ضلَ الْفَضَاِئلِ َ :أنْ تَ ِ وَالطَّبَرَانِيُّ { :إنَّ أَفْ َ شََتمَك } .
وَالْبَزَّارُ َ { :ألَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَرْ َفعُ اللَّهُ بِهِ الدَّرَجَاتِ } . وَفِي ِروَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ َ { :ألَا أُنْبِئَكُمْ ِبمَا يُشْ ِرفُ اللَّهُ بِهِ الْبُنْيَانَ َويَرْ َفعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟ قَالَ قَالُوا نَعَمْ يَا صلُ مَنْ رَسُولَ اللَّهِ ؟ تَحْلُمُ عَلَى مَنْ جَ ِهلَ عَلَيْك َ ،وتَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَك َ ،وتُ ْعطِي مَنْ حَرَمَك ،وَتَ ِ
َقطَعَك } .
وَابْنُ مَاجَهْ { :أَسْرَعُ اْلخَيْرِ َثوَابًا الْبِرُّ َوصِلَةُ الرَّحِمِ َ ،وأَسْ َرعُ الشَّرِّ عُقُوبَةً الْبَغْيُ وَ َقطِيعَةُ الرَّحِمِ } . الدنْيَا َمعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ َجلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي ُّ وَالطَّبَرَانِيُّ { :مَا مِنْ َذْنبٍ أَجْدَرُ َأنْ يُع ِّ جلَ الْبِرِّ َثوَابًا لَصِلَةُ الرَّحِمِ حَتَّى إنَّ َأ ْهلَ الْبَ ْيتِ مِنْ َقطِيعَةِ الرَّحِمِ وَاْلخِيَانَةِ وَالْكَذِبِ َ ،وإِنَّ َأ ْع َ
لَيَكُونُونَ َفجَرَةً فَتَ ْنمُو أَ ْموَالُهُمْ َويَكْثُرُ عَدَ ُدهُمْ إذَا َتوَاصَلُوا } .
()323/2
( الْكَبِريَةُ الرَّابِعَةُ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ َ :توَلِّي الِْإنْسَانِ غَيْرَ َموَالِيهِ ) أَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ مِنْ ُجمْلَةِ حَدِيثٍ { : ُدعِيَ إلَى غَيْرِ َأبِيهِ َأوْ انَْتمَى إلَى غَيْرِ َموَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَاْلمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَ ْجمَعِنيَ لَا يَقَْبلُ وَمَنْ ا ُّ
اللَّهُ مِنْهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا َولَا عَ ْدلًا } .
َوأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } . صحِيحِهِ { :مَنْ َتوَلَّى إلَى غَيْرِ َموَالِيهِ فَلْيَتَب َّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ ُدعِيَ إلَى غَيْرِ َأبِيهِ أَوْ انَْتمَى إلَى غَيْرِ َموَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ اْلمُتَتَابِعَةُ إلَى َي ْومِ َوَأبُو دَاوُد { :مَنْ ا ُّ
الْقِيَامَةِ } .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ صَرِيحُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ َو ُهوَ ظَاهِرٌ .
()373/2
صحِيحٍ وَاللَّفْظُ لَهُ ( الْكَبِريَةُ اْلخَامِسَةُ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :إفْسَادُ الْقِنِّ عَلَى سَيِّدِهِ ) أَخْرَجَ أَ ْحمَدُ بِإِسْنَادٍ َ صحِيحِهِ عَنْ بُ َريْدَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَالْبَزَّارُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
جمَةِ َوتَشْدِيدِ وَسَلَّمَ { :وَمَنْ خَبَّبَ عَلَى امْرِئٍ َزوْجَتَهُ َأوْ َممْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا } ،وَخَبَّبَ بِفَ ْتحِ اْلمُ ْع َ اْل ُموَحَّدَةِ الْأُولَى مَعْنَاهُ أَفْسَدَ وَخَ َدعَ .
َوَأبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ { :لَيْسَ مِنَّا مَنْ خََّببَ امْ َرأَةَ عَلَى َزوْجِهَا َأوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ } . صحِيحِهِ { :مَنْ خََّببَ عَبْدًا عَلَى َأهْلِهِ فَلَيْسَ مِنَّا ،وَمَنْ َوَأبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ أَفْسَدَ امْ َرأَةً عَلَى َزوْجِهَا فَلَيْسَ مِنَّا } .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ قَضِيَّةُ الْأَحَادِيثِ ،إذْ نَفْيُ الْإِسْلَامِ َوعِي ٌد شَدِيدٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْ َرعِيُّ َوغَيْرُهُ فِي َنظِريِ َذلِكَ ،ثُمَّ َرَأيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِأَنَّ َذلِكَ مِنْ الْكَبَائِرِ .
()373/2
اللهُ عَنْهُ ( الْكَبِريَةُ السَّادِسَةُ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :إبَاقُ الْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِهِ ) َأخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ جَرِي ٍر َرضِيَ َّ
قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :أَُّيمَا عَبْدٍ َأبَقَ فَقَدْ بَ ِرَئتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ } .
َوأَخْرَجَ َأيْضًا { :إذَا َأبَقَ الْعَبْدُ لَمْ تُقَْبلْ لَهُ صَلَاةٌ } ،وَفِي ِروَايَةٍ لَهُ { :فَقَدْ كَفَرَ حَتَّى يَرْ ِجعَ إلَيْهِمْ }.
وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَاْلحَاكِمُ { :اثْنَانِ لَا ُتجَاوِزُ صَلَاتُ ُهمَا ُرءُوسَ ُهمَا :عَبْدٌ َأبَقَ مِنْ َموَالِيهِ حَتَّى
صتْ َزوْجَهَا حَتَّى تَرْ ِجعَ } . يَرْ ِجعَ ،وَامْ َرأَةٌ عَ َ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ { :ثَلَاثَةٌ لَا ُتجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمْ ،الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْ ِجعَ ،وَامْ َرأَةٌ
ط َ ،وإِمَامُ َق ْومٍ َوهُمْ لَهُ كَا ِرهُونَ } . بَاَتتْ وَ َزوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِ ٌ وَالطَّبَرَانِيُّ { :أَُّيمَا عَبْدٍ مَاتَ فِي إبَاقِهِ دَ َخلَ النَّارَ َوِإنْ قُِتلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } .
صحِيحَيْ ِهمَا { :ثَلَاثَةٌ لَا يَقَْبلُ اللَّهُ لَهُمْ صَلَاةً َولَا يَصْعَدُ لَهُمْ إلَى وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنَا خُ َزْيمَةَ وَحِبَّانُ فِي َ
حوَ ،وَاْلمَ ْرأَةُ السَّاخِطُ عَلَيْهَا َزوْجُهَا ،وَالْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْ ِجعَ صُ السمَاءِ حَسَنَةٌ :السَّكْرَانُ حَتَّى يَ ْ َّ ضعَ يَدَهُ فِي يَدِ َموَالِيهِ } . فَيَ َ
جمَاعَةَ َوعَصَى إمَامَهُ َ ،وعَبْدٌ َأبَقَ صحِيحِهِ { :ثَلَاثَةٌ لَا تَسْأَلْ عَنْهُمْ :رَ ُجلٌ فَا َرقَ اْل َ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ الدنْيَا َفخَانَتْهُ بَعْدَهُ . مِنْ سَيِّدِهِ َفمَاتَ مَاتَ عَاصِيًا ،وَامْ َرأَةٌ غَابَ عَنْهَا َزوْجُهَا َوقَدْ كَفَّاهَا ُم َؤنَ ُّ
ِن رِدَاءَهُ الْكِبْرُ َوإِزَارَهُ الْعِزُّ ،وَرَ ُجلٌ فِي شَكٍّ مِنْ أَمْرِ َوثَلَاثَةٌ لَا تَسْأَلْ عَنْهُمْ :رَجُلٌ نَا َزعَ اللَّ َه رِدَاءَهُ فَإ َّ
اللَّهِ ،وَالْقَانِطُ مِنْ رَ ْحمَةِ اللَّهِ } . وَ َروَى الطَّبَرَانِيُّ وَاْلحَاكِمُ َشطْرَهُ الْأَوَّلَ .
َوعِنْدَ اْلحَاكِمِ فَتَبَرَّ َجتْ بَعْدَهُ بَدَلُ َفخَانَتْهُ ،وَقَالَ فِي حَدِيثِ ِه َ { :وأَمَةٌ َوعَبْدٌ َأبَقَ مِنْ سَيِّدِهِ } وَقَالَ
صحِيحٌ عَلَى شَ ْرطِ ِهمَا َولَا َأعْلَمُ لَهُ عِلَّةً . َ
()372/2
الصحِيحَةِ َو ُهوَ ظَاهِرٌ . تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ صَرِيحُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْكَثِريَةِ َّ
()377/2
( الْكَبِريَةُ السَّابِعَةُ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :اسِْتخْدَامُ اْلحُرِّ وَجَعْلُ ُه رَقِيقًا ) أَخْرَجَ َأبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُمْ
َالدبَارُ َأنْ يَ ْأتِيَهَا بَعْدَ َأنْ تَفُوتَهُ َدمَ َقوْمًا َوهُمْ لَهُ كَا ِرهُونَ ،وَرَ ُجلٌ َأتَى الصَّلَاةَ ِدبَارًا -و ِّ صَلَاةً :مَنْ تَق َّ -وَرَ ُجلٌ اعْتَبَدَ ُمحَرَّرًا } .
قَالَ اْلخَطَّابِيُّ :اعْتِبَادُ اْل ُمحَرَّرِ إمَّا َأنْ يُعْتِقَهُ ثُمَّ يَكْتُمَ عِتْقَهُ َأوْ يُنْكِرَهُ َ ،وهَذَا أَشَرُّ مِمَّا بَعْدَهُ َ ،وإِمَّا َأنْ يَعْتَقِلَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَيَسَْتخْدِمَهُ كُ ْرهًا . انْتَهَى .
َوبَقِيَ عَلَيْهِ َأنْ يَسَْتخْ ِدمَ عَتِيقَ غَيْرِهِ َأوْ يَسْتَرِقَّهُ كُ ْرهًا .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ صَرِيحُ هَذَا اْلحَدِيثِ َو ُهوَ ظَاهِرٌ .
()373/2
( الْكَبِريَةُ الثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالْعَاشِرَةُ وَاْلحَا ِديَةَ عَشْرَةَ وَالثَّانَِيةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :امْتِنَاعُ الْقِنِّ مِمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ خِدْمَةِ سَيِّدِهِ ،وَامْتِنَاعُ السَّيِّدِ مِمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ ُم ْؤنَةِ قِنِّهِ َوتَكْلِيفُهُ إيَّاهُ َعمَلًا لَا ُيطِيقُهُ َوضَ ْربُهُ الدوَامِ َ ،وتَعْذِيبُ الْقِنِّ بِاْلخِصَاءِ َوَلوْ صَغِريًا َأوْ بِغَيْرِهِ َأوْ الدَّابَّةِ َوغَيْ ِر ِهمَا بِغَيْرِ سََببٍ شَ ْرعِيٍّ عَلَى َّ
َالصغِريِ . َالتحْرِيشُ بَيْنَ الْبَهَائِمِ ) أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ و َّ و َّ عَنْ عَلِيٍّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :يَقُولُ اللَّهُ اشْتَدَّ غَضَبِي
عَلَى مَنْ ظَلَمَ مَنْ لَا َيجِدُ لَهُ نَاصِرًا غَيْرِي } .
َوَأبُو الشَّ ْيخِ وَابْنُ حِبَّانَ { :أُمِرَ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ يُضْرَبُ فِي قَبْرِهِ مِائَةَ جَلْدَةٍ فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُ
َويَ ْدعُو حَتَّى صَارَتْ جَلْدَةٌ وَاحِدَةٌ فَامْتَلَأَ قَبْرُهُ عَلَيْهِ نَارًا فَلَمَّا ا ْرتَ َفعَ عَنْهُ َوأَفَاقَ قَالَ :عَلَامَ جَلَ ْدُتمُونِي ؟ قَالُوا إنَّك صَلَّيْت صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ وَمَرَرْت عَلَى َمظْلُومٍ فَلَمْ تَنْصُرْهُ } ،وَمُسْلِمٌ َوغَيْرُهُ :عَنْ َأبِي
ص ْوتًا مِنْ خَلْفِي : سمِعْت َ ِالسوْطِ فَ َ ِي َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :كُنْت َأضْرِبُ غُلَامًا لِي ب َّ مَسْعُودٍ الْبَدْر ِّ ضبِ فَلَمَّا َدنَا مِنِّي إذَا ُهوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ الصوْتَ مِنْ الْغَ َ اعْلَمْ َأبَا مَسْعُودٍ فَلَمْ أَفْهَمْ َّ
وَسَلَّمَ .
فَإِذَا ُهوَ يَقُولُ :اعْلَمْ َأبَا مَسْعُودٍ أَنَّ اللَّهَ -تَعَالَى -أَقْدَرُ عَلَيْك مِنْك عَلَى هَذَا الْغُلَامِ ،فَقُلْت لَا
َأضْرِبُ َممْلُوكًا بَعْدَهُ َأبَدًا } .
وَفِي ِروَايَةٍ { :فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ ُهوَ حُرٌّ ِلوَجْهِ اللَّهِ -تَعَالَى -فَقَالَ :أَمَا َلوْ لَمْ تَفْ َعلْ لَلَ َفحَتْك النَّارُ َأوْ َلمَسَتْك النَّارُ } . َوَأبُو دَاوُد عَنْ زَاذَانَ َو ُهوَ الْكِنْدِيُّ َم ْولَاهُمْ الْكُوفِيُّ قَالَ َ { :أتَيْت ابْنَ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا وَقَدْ
َأعْتَقَ َممْلُوكًا لَهُ فَأَخَذَ مِنْ الْأَرْضِ عُودًا أَوْ شَيْئًا
()375/2
سوَى هَذَا َ ،سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُو ُل :مَنْ فَقَالَ :مَا لِي فِيهِ مِنْ الْأَجْرِ مَا يَ ْ
َلطَمَ َممْلُوكًا لَهُ َأوْ ضَ َربَهُ فَكَفَّا َرتُهُ َأنْ يُعْتِقَهُ } .
وَمُسْلِمٌ { :مَنْ ضَرَبَ َممْلُوكًا لَهُ حَدًّا لَمْ يَ ْأتِهِ َأوْ َل َطمَهُ فَإِنَّ كَفَّا َرتَهُ َأنْ يُعْتِقَهُ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ { :مَنْ ضَرَبَ َممْلُوكَهُ ظُ ْلمًا أُقِيدَ مِنْهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } . وَالشَّ ْيخَانِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ { :مَنْ قَ َذفَ َممْلُوكَهُ بَرِيئًا مِمَّا قَالَ أُقِيمَ عَلَيْهِ اْلحَدُّ َي ْومَ الْقِيَامَةِ إلَّا
َأنْ يَكُونَ َكمَا قَالَ } .
َوأَ ْحمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ َأبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :قَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْ ُخلُ اْلجَنَّةَ سَيِّئُ اْلمَلَكَةِ ،قَالُوا :يَا رَسُولَ اللَّهِ َألَيْسَ أَخْبَرْتنَا أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ َأكْثَرُ الْأُمَمِ
َممْلُوكِنيَ َويَتَامَى ؟ قَالَ نَعَمْ فََأكْرِمُوهُمْ كَرَامَةَ َأ ْولَا ِدكُمْ َوَأطْ ِعمُوهُمْ مِمَّا تَ ْأكُلُونَ ،قَالُوا َفمَا يَنْفَعُنَا مِنْ
الدنْيَا ؟ قَالَ فَرَسٌ تَ ْرتَِبطُهُ تُقَاتِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ َممْلُوكُك يَكْفِيك فَإِذَا صَلَّى فَهُوَ أَخُوك } َروَاهُ ُّ أَ ْحمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ مُقْتَصِرًا عَلَى َقوْلِهِ { :لَا يَدْ ُخلُ اْلجَنَّةَ سَيِّئُ اْلمَلَكَةِ } ،وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ .
قَالَ َأ ْهلُ اللُّغَةِ :سَيِّئُ اْلمَلَكَةِ ُهوَ الَّذِي يُسِيءُ الصَّنِيعَةَ إلَى َممَالِيكِهِ .
َوَأبُو دَاوُد { :أَنَّ َأبَا ذَرٍّ َألْبَسَ غُلَامَهُ مِثْلَهُ َوأَنَّهُ َذكَرَ أَنَّ سََببَ َذلِكَ أَنَّهُ عَيَّرَ رَجُلًا بِأُمِّهِ لِ َك ْونِهَا َذ ُن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَاهُ إلَى جمِيَّةً :أَيْ وَ َذلِكَ الرَّ ُجلُ بِلَالُ بْنُ َربَاحٍ ُمؤ ِّ َأ ْع َ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :يَا َأبَا ذَرٍّ إنَّك امْ ُرؤٌ فِيك جَاهِلِيَّةٌ ،فَقَالَ إنَّهُمْ إ ْخوَانُكُمْ َذبُوا خَلْقَ اللَّهِ } . فَضَّلَكُمْ اللَّهُ عَلَيْهِمْ َفمَنْ لَمْ يُلَاِئمْكُمْ فَبِيعُوهُ َولَا تُع ِّ
وَ َروَاهُ الشَّ ْيخَانِ
()376/2
حتَ َأيْدِيكُمْ َفمَنْ جَعَلَ اللَّهُ أَخَاهُ وَالتِّرْمِذِيُّ ِبمَعْنَاهُ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا فِيهِ { :هُمْ إ ْخوَانُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ َت ْ
حتَ يَدِهِ فَلُْيطْ ِعمْهُ مِمَّا يَ ْأ ُكلُ َولْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ َولَا يُكَلِّفُ ُه مِنْ الْ َع َملِ مَا يَغْلِبُهُ فَِإنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ َت ْ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ } . حتَ يَدِهِ حتَ َأيْدِيكُمْ َفمَنْ كَانَ أَخُوهُ َت ْ وَفِي ِروَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ { :إ ْخوَانُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ فِتْيَةً َت ْ
فَلُْيطْ ِعمْهُ مِنْ طَعَامِهِ َولْيُلْبِسْهُ مِنْ لِبَاسِهِ َولَا يُكَلِّفْهُ مِنْ الْ َع َملِ مَا يَغْلِبُهُ ،فَِإنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلُْيعِنْهُ عَلَيْهِ
}.
وَفِي أُخْرَى لَِأبِي دَاوُد { :مَنْ لَاءَمَكُمْ مِنْ َممَالِيكِكُمْ فََأطْ ِعمُوهُمْ مِمَّا تَ ْأكُلُونَ وَاكْسُوهُمْ مِمَّا
َذبُوا خَلْقَ اللَّهِ } . تَلْبَسُونَ ،وَمَنْ لَمْ يُلَاِئمْكُمْ مِنْهُمْ فَبِيعُوهُ َولَا تُع ِّ َححَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ وَاْلحَاكِمُ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي َوأَ ْحمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ ِروَايَةِ مَنْ ص َّ
حَجَّةِ اْلوَدَاعِ :أَرِقَّا ُؤكُمْ َأطْ ِعمُوهُمْ مِمَّا تَ ْأكُلُونَ وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ فَِإنْ جَاءَ بِ َذنْبٍ لَا تُرِيدُوا َأنْ َذبُوهُمْ } . تَغْفِرُوهُ فَبِيعُوا عِبَادَ اللَّهِ َولَا تُع ِّ
وَالتِّرْمِذِيُّ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْعَبِيدِ :إنْ أَحْسَنُوا فَاقْبَلُوا َ ،وِإنْ أَسَاءُوا فَاغْفِرُوا ، َوِإنْ غَلَبُوكُمْ فَبِيعُوا } .
وَالَْأصْبَهَانِيّ { :الْغَنَمُ بَ َركَةٌ عَلَى َأهْلِهَا ،وَالِْإِبلُ عِزٌّ لَِأهْلِهَا ،وَاْلخَ ْيلُ مَعْقُودٌ فِي َنوَاصِيهَا اْلخَيْرُ ، وَالْعَبْدُ أَخُوك فَأَحْسِنْ إلَيْهِ فَإِ ْن َرَأيْته مَغْلُوبًا فََأعِنْهُ } .
س َوتُهُ َولَا يُكَلَّفُ إلَّا مَا ُيطِيقُ صحِيحِهِ وَمُسْلِمٌ بِاخْتِصَارٍ { لِ ْل َممْلُوكِ طَعَا ُمهُ وَشَرَابُهُ َوكِ ْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ َذبُوا عِبَادَ اللَّهِ خَلْقًا أَمْثَالَكُمْ } . فَِإنْ كَلَّفُْتمُوهُمْ فََأعِينُوهُمْ َولَا تُع ِّ
صحِيحَيْ ِهمَا { :مَا خَفَّفْت عَنْ خَادِمِك مِنْ َعمَلِهِ كَانَ لَك أَجْرًا فِي َوَأبُو يَعْلَى وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ َموَازِينِك } .
َوَأبُو دَاوُد عَنْ
()373/2
َرمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ { :كَانَ آخِرُ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ اتَّقُوا اللَّهَ عَلِيٍّ ك َّ فِيمَا مَلَ َكتْ َأْيمَانُكُمْ } .
وَ َروَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ { :الصَّلَاةَ وَمَا مَلَ َكتْ َأْيمَانُكُمْ } .
َوبِلَفْظٍ { :كَانَ يَقُولُ فِي مَ َرضِهِ الَّذِي ُتوُفِّيَ فِيهِ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَ َكتْ َأْيمَانُكُمْ َفمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى مَا يَفِيضُ لِسَانُهُ } .
وَمُسْلِمٌ { :كَفَى بِاْلمَ ْرءِ إْثمًا َأنْ َتحْبِسَ عَمَّنْ َتمْلِكُ قُوتَهُمْ } . خمْسِ لَيَالٍ قَالَ { :لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إلَّا وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ لَا بَأْسَ بِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ ِب َ َولَهُ خَلِيلٌ مِنْ أُمَّتِهِ َوإِنَّ خَلِيلِي َأبُو بَكْرِ بْنُ َأبِي ُقحَافَ َة َ ،وإِنَّ اللَّهَ َّاتخَذَ صَاحِبَكُمْ خَلِيلًا َألَا وَإِنَّ الْأُمَمَ
قَبْلَكُمْ كَانُوا يََّتخِذُونَ قُبُورَ َأنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ َوإِنِّي َأنْهَاكُمْ َعنْ َذلِكَ . اللَّهُمَّ َهلْ بَلَّغْت ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
َوُأ ْغمِيَ عَلَيْهِ هُنَيْهَةً ثُمَّ قَالَ اللَّهَ اللَّهَ فِيمَا مَلَكْت َأْيمَانُكُمْ أَشْبِعُوا ُبطُونَهُمْ وَاكْسُوا ظُهُو َرهُمْ َوَألِينُوا الْ َقوْلَ لَهُمْ } . سخِ حَسَنٌ صَحِيحٌ { :يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ َوَأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ ،وَفِي بَ ْعضِ النُّ َ
َأعْفُو عَنْ اْلخَا ِدمِ قَالَ كُلَّ َي ْومٍ سَبْعِنيَ مَرَّةً } .
وَفِي ِروَايَةٍ :سَنَ ُدهَا جَيِّدٌ { :إنَّ خَادِمِي يُسِيءُ َوَيظْلِمُ أَفََأضْ ِربُهُ ؟ قَالَ :تَعْفُو عَنْهُ كُلَّ َي ْومٍ سَبْعِنيَ مَرَّةً } .
ِي ،فَ َقوْلُ التِّرْمِذِيِّ إنَّهُ غَرِيبٌ َممْنُوعٌ . صحِيحٍ احْتَجَّ بِ ُروَاتِهِ الُْبخَار ُّ َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ َ عَنْ عَائِشَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا { :أَنَّ رَجُلًا قَعَدَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :إنَّ
لِي َممْلُوكِنيَ يَكْ ِذبُونَنِي َوَيخُونُونَنِي َويَعْصُونَنِي َوأَشُْتمُهُمْ َوَأضْ ِربُهُمْ فَكَيْفَ َأنَا مِنْهُمْ ،فَقَالَ رَسُولُ سبُ مَا اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :إذَا كَانَ َي ْومُ الْقِيَامَةِ ُيحْ َ
()373/2
خَانُوك َوعَصَوْك َوكَ َذبُوك َوعِقَابَك إيَّاهُمْ ،فَإِنْ كَانَ عِقَابُك بِقَدْرِ ُذنُوبِهِمْ كَانَ كَفَافًا لَا لَك َولَا
ضلُ فَتَنَحَّى الرَّ ُجلُ وَجَ َعلَ يَهْتِفُ عَلَيْك َ ،وِإنْ كَانَ عِقَابُك إيَّاهُمْ َف ْوقَ ُذنُوبِهِمْ اُقْتُصَّ لَهُمْ مِنْك الْفَ ْ ضعُ َويَبْكِي ،فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :أَمَا تَقْ َرأُ َقوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ َوتَعَالَى َ { :ونَ َ اْل َموَازِينَ الْقِسْطَ لَِي ْومِ الْقِيَامَةِ فَلَا ُتظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا َوِإنْ كَا َن مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ َأتَيْنَا بِهَا َوكَفَى بِنَا
حَاسِبِنيَ } فَقَالَ الرَّ ُجلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَجِدُ لِي َولِ َه ُؤلَاءِ خَيْرًا مِنْ مُفَارَقَتِهِمْ أُشْهِدُك أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ أَحْرَارٌ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ { :مَنْ ضَرَبَ َس ْوطًا ظُ ْلمًا اُقْتُصَّ مِنْهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } .
َوَأبُو يَعْلَى بِأَسَانِيدَ أَحَ ُدهَا جَيِّدٌ { عَنْ أُمِّ سَ َلمَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَاَلتْ :كَا َن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ ضبُ فِي وَجْهِهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي َوكَانَ بِيَدِهِ ِسوَاكٌ فَ َدعَا َوصِيفَةً لَهُ أَوْ َلهَا حَتَّى اسْتَبَانَ الْغَ َ
حجُرَاتِ َفوَجَدَتْ الْ َوصِيفَةُ َوهِيَ تَلْ َعبُ بِبَهِيمَةٍ فَقَاَلتْ أَرَاك تَلْعَبِنيَ بِهَذِهِ وَخَرَ َجتْ أُمُّ سَ َلمَةَ إلَى اْل ُ الْبَهِيمَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَ ْدعُوك فَقَاَلتْ لَا َواَلَّذِي بَعَثَك بِاْلحَقِّ مَا َسمِعْتُك ،فَقَالَ
السوَاكِ } ،وَفِي ِروَايَةٍ { : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ :ل ْولَا خَشْيَةُ الْ َقوَدِ لََأوْجَعْتُك بِهَذَا ِّ السوَاكِ } . لَضَ َربْتُك بِهَذَا ِّ
وَالشَّ ْيخَانِ { :مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ } . وَالُْبخَارِيُّ َوغَيْرُهُ { :دَخَ َلتْ امْ َرأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ َرَبطَتْهَا فَلَمْ ُتطْ ِعمْهَا َولَمْ تَ َدعْهَا تَ ْأ ُكلُ مِنْ خَشَاشِ
ُذَبتْ امْ َرأَةٌ فِي هِرَّةٍ َسجَنَتْهَا حَتَّى مَاَتتْ لَا هِيَ َأطْ َعمَتْهَا وَسَقَتْهَا إذْ هِيَ الْأَرْضِ } ،وَفِي ِروَايَةٍ { :ع ِّ حَبَسَتْهَا َولَا هِيَ تَ َركَتْهَا تَ ْأ ُكلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ } . زَادَ أَ ْحمَدُ َ { :فوَجََبتْ لَهَا النَّارُ بِ َذلِكَ } .
وَخَشَاشُ
()373/2
ريهَا مُثَلَّثَةُ اْلخَاءِ . حوُ عَصَافِ ِ جمَاتٍ :حَشَرَاتُهَا َوَن ْ الْأَرْضِ ِبمُ ْع َ صحِيحِهِ { :دَخَلْت اْلجَنَّةَ فَ َرَأيْت َأكْثَرَ َأهْ ِلهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْت فِي النَّارِ فَ َرأَيْت َأكْثَرَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
َذبُونَ :امْ َرأَةٌ مِنْ ِحمْيَرَ ُطوَالَةً َرَب َطتْ هِرَّةً لَهَا لَمْ ُتطْ ِعمْهَا َولَمْ َأهْلِهَا النِّسَاءَ وَ َرَأيْت فِيهَا ثَلَاثَةً يُع َّ
تُسْقِهَا َولَمْ تَ َدعْهَا تَ ْأ ُكلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ فَهِيَ تَنْهَشُ قُبُلَهَا وَ ُدبُ َرهَا ،وَ َرَأيْت فِيهَا أَخَا بَنِي َدعْ َدعٍ
حجَنِي َ ،واَلَّذِي سَ َرقَ بَدَنَتَيْ رَسُولِ حجَنِهِ فَإِذَا َفطِنَ لَهُ قَالَ َّإنمَا تَعَلَّقَ ِب ِم ْ الَّذِي كَانَ يَسْ ِرقُ اْلحَاجَّ ِب ِم ْ
ضتْ عَلَيَّ النَّارُ فَ َل ْولَا اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } وَفِي ِروَايَةٍ لَهُ َذكَرَ فِيهَا الْكُسُوفَ قَالَ َ { :وعُ ِر َ َذبُونَ امْ َرأَةٌ ِحمْيَرِيَّةٌ َسوْدَاءُ َطوِيلَةٌ تُعَذَّبُ فِي هِرَّةٍ أَنِّي دَفَعْتهَا عَنْكُمْ لَغَشِيَتْكُمْ ،وَ َرَأيْت فِيهَا ثَلَاثَةً يُع َّ
لَهَا َأ ْوثَقَتْهَا فَلَمْ تَ َدعْهَا تَ ْأ ُكلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ َولَمْ ُتطْ ِعمْهَا حَتَّى مَاَتتْ فَهِيَ إذَا أَقْبَلَتْ نَهَشَتْهَا َوإِذَا
أَ ْدبَرَتْ نَهَشَتْهَا } اْلحَدِيثَ .
حجَنُ بِكَسْرِ اْلمِيمِ وَسُكُونِ اْلحَاءِ اْلمُ ْهمَلَةِ بَعْ َد ُهمَا جِي ٌم مَفْتُوحَةٌ :هِيَ عَصًا َمحْنِيَّةُ الرَّأْسِ . اْل ِم ْ وَالُْبخَارِيُّ عَنْ أَ ْسمَاءَ بِ ْنتِ َأبِي بَكْرٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةَ
الْكُسُوفِ فَقَالَ َ :دنَتْ النَّارُ مِنِّي حَتَّى قُلْت أَيْ رَبِّ َوَأنَا َمعَهُمْ فَإِذَا امْ َرأَةٌ حَسِبَتْ أَنَّهُ قَالَ َتخْدِشُهَا هِرَّةٌ قَالَ مَا شَ ْأنُ هَذِهِ ؟ قَالُوا حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا } . س َرضِيَ َوَأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ مُتَّصِلًا وَمُرْسَلًا عَنْ ُمجَاهِدٍ وَقَالَ فِي الْمُرْ َسلِ ُهوَ َأصَحُّ عَنْ ابْنِ عَبَّا ٍ
التحْرِيشِ بَيْنَ الْبَهَائِمِ } . اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ { :نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ َّ
خمْسِ ظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ لِلسَّيِّدِ َ ،بلْ أَحَادِيثُ الِْإبَاقِ السَّابِقَةُ تَنْبِيهٌ :عَدُّ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْ َ
()333/2
شمَلُهُ ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ خِدْمَةِ السَّيِّدِ اْلوَاجِبَةِ وَالتَّقْصِريَ فِيهَا كَالِْإبَاقِ فِي اْلمَعْنَى ،وَسَيَ ْأتِي فِي تَ ْ شمَلُهُ ،وَعَدُّ الْأَ ْربَعَةِ الْبَاقِيَةِ ُهوَ صَرِيحُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي َذكَ ْرهتَا َو ُهوَ ظَاهِ ٌر حَتَّى فِي أَحَادِيثِ الظُّلْمِ مَا يَ ْ التحْرِيشِ ،إذْ ُهوَ ُجمْلَةُ التَّعْذِيبِ :وَقَدْ قَالَ الْأَذْ َرعِيُّ َ :وُيشْبِهُ َأنْ يَكُونَ قَ ْتلُ الْهِرِّ الَّذِي لَيْسَ ِب ُمؤْذٍ َّ
َعمْدًا مِنْ الْكَبَائِرِ ؛ لِأَنَّ امْ َرأَةً دَخَ َلتْ النَّارَ فِي هِرَّةٍ . اْلحَدِيثَ َ ،ويَ ْلحَقُ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا انْتَهَى .
وَالْقَ ْتلُ لَيْسَ بِشَرْطٍ َبلْ الْإِيذَاءُ الشَّدِيدُ كَالضَّرْبِ اْل ُم ْؤلِمِ كَ َذلِكَ ،ثُمَّ َرَأيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِأَنَّ تَعْذِيبَ الْحََيوَانِ مِنْ غَيْرِ مُو ِجبٍ وَخِصَاءَ الْعَبْدِ َوتَعْذِيبَهُ ظُ ْلمًا َأوْ بَغْيًا مِنْ الْكَبَائِرِ َويُقَاسُ بِالْعَبْدِ غَيْرُهُ حمِهِ َ ،وبِأَنَّ سُوءَ الْمَلَكَةِ ،نَعَمْ اْلحََيوَانُ اْلمَ ْذكُورُ َيجُوزُ خِصَاءُ صَغِريِهِ ِلمَصْ َلحَةِ َسمْنِهِ َوطِيبِ َل ْ
لِلرَّقِيقِ وَالْبَهَائِمِ مِنْ الْكَبَائِرِ أَيْضًا . ث َرَأيْت بَعْضَهُمْ َأطَالَ فِي ِه ،فَأَحْبَبْت تَ ْلخِيصَ مَا زَادَ بِهِ عَلَى مَا قَدَّمْته ح ِ َولَمَّا فَ َرغْت مِنْ هَذَا اْلمَ ْب َ
َوِإنْ كَانَ فِي خِلَالِهِ شَ ْيءٌ مِمَّا قَدَّمْته .
َالزوْجَةِ وَالدَّابَّةِ ، ف وَاْل َممْلُوكِ وَاْلجَا ِريَةِ و َّ خمْسُونَ الِاسِْتطَالَةُ عَلَى الضَّعِي ِ قَالَ :الْكَبِريَةُ اْلحَا ِديَةُ وَاْل َ
لِأَنَّ اللَّهَ -تَعَالَى -قَدْ أَمَرَ بِالْإِحْسَانِ إلَيْهِمْ بِ َق ْولِهِ -تَعَالَى { : -وَاعْبُدُوا اللَّهَ َولَا تُشْ ِركُوا بِهِ شَيْئًا َوبِاْلوَالِ َديْنِ إحْسَانًا َوبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَاْلمَسَاكِنيِ وَاْلجَارِ ذِي الْقُ ْربَى وَاْلجَارِ اْلجُُنبِ وَالصَّا ِحبِ بِاْلجَ ْنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَ َكتْ َأْيمَانُكُمْ إنَّ اللَّهَ لَا ُيحِبُّ مَنْ كَانَ ُمخْتَالًا َفخُورًا } فَالْإِحْسَانُ
الرأْسِ َ ،وبِاْلمَسَاكِنيِ بِِإ ْعطَاءِ الْيَسِريِ سحِ َّ لِ ْلوَالِ َديْنِ وَالْأَقَارِبِ بِالْبِرِّ َ ،وبِالْيَتَامَى بِالرِّفْقِ وَالتَّقْرِيبِ وَمِ ْ
جمِيلِ ،وَاْلجَارِ ذِي الْقُ ْربَى ُهوَ مَنْ بَيْنَك َأوْ الرَّدِّ اْل َ
()333/2
جوَارِ وَالْإِسْلَامِ ،وَاْلجَارُ اْلجُُنبِ ُهوَ الْأَجْنَبِيُّ َولَهُ اْلحَقَّانِ الْأَخِريَانِ ، َوبَيْنَهُ قَرَابَةٌ فَلَهُ حَقُّهَا وَحَقُّ الْ ِ
وَالصَّا ِحبُ بِاْلجَ ْنبِ .
الصحْبَ ِة ،وَمَا مَلَ َكتْ َأْيمَانُكُمْ جوَارِ وَحَقُّ ُّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ ُمجَاهِدٌ ُ :هوَ الرَّفِيقُ فِي السَّفَرِ فَلَهُ حَقُّ اْل ِ خطِئُ ،وَمِنْ ثَمَّ رَ َفعَ َأبُو هُ َريْرَةَ َس ْوطًا عَلَى أَمَةٍ لَهُ :يُرِيدُ اْل َممْلُوكَ ُيحْسِ ُن رِزْقَهُ َويَعْفُو عَنْهُ فِيمَا ُي ْ ِزْنجِيَّةٍ ثُمَّ قَالَ َ :ل ْولَا الْقِصَاصُ لََأغْشَيْتَكِي ِه َ ،ولَكِنْ سَأَبِيعُك لِمَنْ يُوفِينِي َثمَنَك ا ْذهَبِي فََأْنتِ حُرَّةٌ
ِلوَجْهِ اللَّهِ .
{ وَجَاءَتْ امْ َرأَةٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَاَلتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ :إنِّي قُلْت لِأَمَتِي يَا زَانِيَةُ . قَالَ َ :و َه ْل َرَأيْت عَلَيْهَا َذلِكَ ؟ قَاَلتْ :لَا ،قَالَ :أَمَا إنَّهَا سَتُقِيدُ مِنْك َي ْومَ الْقِيَامَةِ ،فَرَجَ َعتْ اْلمَ ْرأَةُ ُم رَجَ َعتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ إلَى جَا ِريَتِهَا فََأ ْعطَتْهَا َس ْوطًا وَقَاَلتْ اجْلِدِينِي فََأبَتْ اْلجَا ِريَةُ فَأَعْتَقَتْهَا ،ث َّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَ َرتْهُ بِعِتْقِهَا فَقَالَ عَسَى } أَيْ عَسَى َأنْ يُكَفِّرَ عِتْقُك إيَّاهَا مَا قَذَفْتهَا بِهِ ، الدنْيَا َكمَا مَرَّتْ أَحَادِيثُهُ ،ثُمَّ يَقُولُ { : َوكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوصِي بِهِمْ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ ُّ َذبُوا خَلْقَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ مَلَّكَكُمْ إيَّاهُمْ َوَلوْ شَاءَ َلمَلَّكَهُمْ إيَّاكُمْ } . َولَا تُع ِّ
وَدَ َخلَ َجمَاعَةٌ عَلَى سَ ْلمَانَ الْفَارِسِيِّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ َوهُوَ أَمِريٌ عَلَى اْلمَدَائِنِ َفوَجَدُوهُ يَ ْعجِنُ َعجِنيَ َأهْلِهِ ،فَقَالُوا َ :ألَا تَتْرُكُ اْلجَارِيَةَ تَ ْعجِنُ ؟ فَقَا َل َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :إنَّا أَرْسَلْنَاهَا فِي َع َملٍ فَكَ ِر ْهنَا َأنْ
ج ِمعَ عَلَيْهَا َعمَلًا آخَرَ . ُن ْ
قَالَ بَ ْعضُ السَّلَفِ :لَا تَضْرِبْ اْل َممْلُوكَ فِي كُلِّ َذْنبٍ َولَكِنْ احْفَظْ لَهُ َذلِكَ ،فَإِذَا عَصَى اللَّهَ - الذنُوبَ الَّتِي بَيْنَك َوبَيْنَهُ . تَعَالَى -فَاضْ ِربْهُ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ ،وَذَكِّرْهُ ُّ وَمِنْ َأ ْعظَمِ الْإِسَاءَةِ عَلَى
()332/2
َوعَهُ لِ َق ْولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :كَفَى بِاْلمَ ْرءِ إْثمًا َأنْ َيحْبِسَ اْلجَا ِريَةِ َأوْ الْعَبْدِ َأوْ الدَّابَّةِ َأنْ ُتج ِّ عَمَّنْ َيمْلِكُ قُوتَهُ } .
وَمِنْ َذلِكَ َأنْ يَضْرِبَ الدَّابَّةَ ضَ ْربًا وَجِيعًا َأوْ َيحْبِسَهَا أَوْ لَا يَقُومَ بِكِفَايَتِهَا َأوْ ُيحَمِّلَهَا َفوْقَ الطَّاقَةِ .
فَقَدْ ُروِيَ فِي تَفْسِريِ َ -قوْله تَعَالَى { : -وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ َولَا طَائِرٍ َيطِريُ ِبجَنَاحَيْهِ إلَّا أُمَمٌ َرطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَ ْيءٍ ثُمَّ إلَى رَبِّهِمْ ُيحْشَرُونَ } قِيلَ أَيْ َبلْ وَرَدَ فِي السُّنَّةِ { : أَمْثَالُكُمْ مَا ف َّ
ُي ْؤتَى بِهِمْ وَالنَّاسُ وُقُوفٌ َي ْومَ الْقِيَامَةِ فَيُقْضَى بَيْنَهُمْ حَتَّى إنَّهُ يُقْتَصُّ لِلشَّاةِ اْلجَ ْلحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَ ْرنَاءِ حَتَّى يُقَادَ مِنْ الذَّرَّةِ لِلذَّرَّةِ ،ثُمَّ يُقَالُ كُونُوا تُرَابًا ؛ فَهُنَاكَ َيقُولُ الْكَافِرُ { :يَا لَيْتَنِي كُنْت تُرَابًا } } الدلِيلِ عَلَى الْقِصَاصِ بَيْنَ الْبَهَائِمِ َوبَيْنَهَا َوبَيْنَ بَنِي آ َدمَ ،حَتَّى الِْإنْسَانِ َلوْ ضَرَبَ دَابَّةً بِغَيْرِ فَهَذَا مِنْ َّ
َوعَهَا َأوْ عَطَّشَهَا َأوْ كَلَّفَهَا َف ْوقَ طَاقَتِهَا فَإِنَّهَا تَقْتَصُّ مِنْهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ بَِنظِريِ مَا ظَ َلمَهَا َأوْ حَقٍّ َأوْ ج َّ َوعَهَا َ ،ويَدُلُّ لِ َذلِكَ حَدِيثُ الْهِرَّةِ السَّابِقُ ِبطُرُقِهِ . ج َّ
الصحِيحِ { :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّ َم َرأَى اْلمَ ْرأَةَ مُعَلَّقَةً فِي النَّارِ وَالْهِرَّةُ َتخْدِشُهَا فِي وَجْهِهَا وَفِي َّ الدنْيَا بِاْلحَبْسِ وَاْلجُوعِ } . َذبَتْهَا فِي ُّ َذبُهَا َكمَا ع َّ َوصَدْ ِرهَا َوتُع ِّ
ت َ ،وكَ َذلِكَ إذَا حَمَّلَهَا َف ْوقَ طَاقَتِهَا تَقْتَصُّ مِنْهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ ِلحَدِيثِ َوهَذَا عَامٌّ فِي سَائِرِ اْلحََيوَانَا ِ
الصحِيحَيْنِ { :بَيَْنمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إ ْذ َركِبَهَا فَضَ َربَهَا فَقَاَلتْ إنَّا لَمْ ُنخْلَقْ لِهَذَا َّإنمَا خُلِقْنَا َّ الدنْيَا تُدَا ِفعُ عَنْ نَفْسِهَا بِأَنَّهَا لَا ُتؤْذَى َولَا تُسْتَ ْع َملُ فِي غَيْرِ مَا لِ ْلحَرْثِ ،فَهَذِهِ بَقَرَةٌ َأْنطَقَهَا اللَّهُ فِي ُّ خُلِ َقتْ لَهُ َ ،فمَنْ كَلَّفَهَا َف ْوقَ طَاقَتِهَا َأوْ ضَ َربَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ ،
()337/2
فََي ْومَ الْقِيَامَةِ يُقْتَصُّ مِنْهُ بِقَدْرِ ضَ ْربِهِ َوتَعْذِيبِهِ } .
َرتَيْنِ َأوْ ثَلَاثًا ،فَرَ َفعَ َرأْسُهُ َوَنظَرَ إلَيَّ وَقَالَ : قَالَ َأبُو سُلَ ْيمَانَ الدَّارَانِيُّ :رَكِبْت مَرَّةً ِحمَارًا فَضَ َربْته م َّ
يَا َأبَا سُلَ ْيمَانَ ُهوَ الْقِصَاصُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ ؛ فَِإنْ شِئْت فَأَقْ ِللْ َوِإنْ شِئْت فََأكْثِرْ ،قَالَ فَقُلْت لَا َأضْ ِربُهُ شَيْئًا بَعْدَهُ َأبَدًا .
وَمَرَّ ابْنُ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا بِصِبْيَانٍ مِنْ قُ َريْشٍ قَدْ نَصَبُوا طَائِرًا َوهُمْ يَرْمُونَهُ وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِهِ
كُلَّ خَاطِئَةٍ مِنْ نَبْلِهِ ْم ،فَلَمَّا رََأوْا ابْنَ ُعمَرَ تَفَرَّقُوا .
إن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ مَنْ فَقَالَ ابْنُ ُعمَرَ مَنْ فَ َعلَ هَذَا ؟ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ فَ َعلَ هَذَا َّ
َّاتخَذَ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَ َرضًا أَيْ هَدَفًا يُرْمَى إلَيْهِ . َونَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ :أَيْ َأنْ ُتحْبَسَ لِلْقَ ْتلِ ،فَِإنْ كَاَنتْ مِمَّا نُدِبَ قَتْلُهُ
خمْسِ قُتِ َلتْ دُفْعَةً مِنْ غَيْرِ تَعْذِيبٍ لِ ْلحَدِيثِ { :إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ } َ ،وكَذَا لَا كَالْ َفوَاسِقِ اْل َ
الصحِيحِ { :إنِّي كُنْت أَمَ ْرتُكُمْ َأ ْن ُتحَرِّقُوا فُلَانًا وَفُلَانًا بِالنَّارِ َوإِنَّ النَّارَ لَا ُيحَرِّقُهَا بِالنَّارِ لِ ْلحَدِيثِ َّ يُعَذِّبُ بِهَا إلَّا اللَّهُ فَِإنْ وَجَ ْدُتمُو ُهمَا فَاقْتُلُو ُهمَا } .
{ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :كُنَّا َمعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَاْنطَلَقَ
ِلحَاجَتِهِ ،فَ َرَأيْنَا حُمَّرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ فَأَخَ ْذنَا فَرْخَيْهَا َفجَاءَتْ اْلحُمَّرَةُ َفجَعَ َلتْ تُرَفْ ِرفُ فَجَاءَ النَّبِيُّ جعَ هَذِهِ ِب َولَ َديْهَا رُدُّوا عَلَيْهَا َولَ َديْهَا . صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :مَنْ َف َ وَ َرأَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَ ْريَةَ َن ْملٍ -أَيْ مَكَانَهُ -قَدْ حَرَّقْنَاهَا .
َرقَ هَذِهِ ؟ قُلْنَا َنحْنُ ،فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :إنَّهُ لَا يَنْبَغِي َأنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إلَّا رَبُّ فَقَالَ مَنْ ح َّ
النَّارِ } ،وَفِيهِ النَّهْيُ عَنْ
()333/2
الن ْملِ وَالْبُ ْرغُوثِ . التَّعْذِيبِ بِالنَّارِ حَتَّى فِي َّ
()335/2
كِتَابُ اْلجِنَايَاتِ ( الْكَبِريَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :قَتْلُ اْلمُسْلِمِ َأوْ الذِّمِّيِّ اْلمَعْصُومِ عَمْدًا َأوْ َرمَ اللَّهُ إلَّا بِاْلحَقِّ وَمَا شِبْهَ َعمْدٍ ) قَالَ -تَعَالَى { : -وَمَنْ يَفْ َعلْ َذلِكَ } أَيْ قَ ْتلَ النَّفْسِ الَّتِي ح َّ
بَعْدَهُ وَمَا قَبْلَهُ { يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َوَيخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إلَّا مَنْ تَابَ } وَقَالَ - تَعَالَى { : -مِنْ أَ ْجلِ َذلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قََتلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ َأوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ
فَكَأَنَّمَا قََتلَ النَّاسَ َجمِيعًا ،وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأََّنمَا أَحْيَا النَّاسَ َجمِيعًا } اخْتَلَفُوا فِي مُتَعَلَّقِ " مِنْ أَ ْجلِ " صلِ اْلجِنَايَةُ ،يُقَالُ أَ َجلَ وَالَْأظْهَرُ أَنَّهُ " كَتَبْنَا " وَ َذلِكَ إشَارَةٌ إلَى قَ ْتلِ ابْنِ آدَمَ لِأَخِيهِ ،وَالْأَ ْجلُ فِي الَْأ ْ الْأَمْرَ أَجْلًا َوإِجْلًا بِفَ ْتحِ الْ َهمْزَةِ َوكَسْ ِرهَا :إذَا جَنَاهُ وَحْدَهُ َ ،فمَعْنَى فَعَلْته مِنْ أَجَلِك َأوْ لِأَجْلِك :أَيْ
بِسَبَبِك لِأَنَّك جَنَيْت فِعْلَهُ َوأَوْجَبْته َ ،وكَذَا فَعَلْته مِنْ جَرَّاك وَجَرَّائِك :أَيْ مِنْ َأنْ جَرَرْته ثُمَّ صَارَ
يُسْتَ ْع َملُ ِبمَعْنَى السَّبَبِ .
وَمِنْهُ اْلحَدِيثُ { :مِنْ جَرَّايَ مِنْ أَجْلِي } وَمِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ :أَيْ نَشَأَ الْكَ ْتبُ وَابْتُدِئَ مِنْ جِنَايَةِ الْقَ ْتلِ .
َووَجْهُ اْلمُنَاسَبَةِ بَيْنَ مَا بَعْدَ مِنْ أَ ْجلِ َو ُهوَ كَ ْتبُ الْقِصَاصِ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ وَمَا قَبْلَهَا َو ُهوَ قِصَّةُ قَابِيلَ َوهَابِيلَ مَا قَالَهُ اْلحَسَنُ وَالضَّحَّاكُ أَنَّ ُهمَا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ لَا َولَدُ آ َدمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِصُلْبِهِ .
ستْ ِل ُمجَرَّدِ قَ ْتلِ قَابِيلَ لِهَابِيلَ َبلْ ِلمَا تَرَتَّبَ عَلَى َذلِكَ َوعَلَى الَْأصَحِّ أَنَّ ُهمَا َولَدَاهُ لِصُلْبِهِ ،فَالْإِشَارَةُ لَيْ َ صلَ لَهُ َرمِ لِ َق ْولِهِ تَعَالَى { :فََأصَْبحَ مِنْ اْلخَاسِرِينَ } أَيْ حَ َ مِنْ اْلمَفَاسِدِ اْلحَاصِلَةِ بِسََببِ الْقَ ْتلِ اْل ُمح َّ صلَ لَهُ َأْنوَاعُ ني } أَيْ حَ َ َالدنْيَا َ ،قوْله تَعَالَى { :فََأصْبَحَ مِنْ النَّادِمِ َ خَسَارَةُ الدِّينِ و ُّ
()336/2
صلُ النَّ َدمِ وَاْلحَسْرَةِ وَاْلحُ ْزنِ مِنْ غَيْرِ َأنْ َيجِدَ دَافِعًا لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَنْهُ َوهَكَذَا كُلُّ قَاِتلٍ ظُ ْلمًا فََيحْ ُ
لَهُ َذلِكَ اْلخَسَارُ وَالنَّ َدمُ الَّذِي لَا دَا ِفعَ لَهُ َ ،وإَِّنمَا خُصَّ الْكَتْبُ بِبَنِي إسْرَائِيلَ َمعَ أَنَّهُ جَارٍ فِي َأكْثَرِ الْأُمَمِ تَغْلِيظًا عَلَى الْيَهُودِ َوبَيَانًا ِلخَسَا ِرهِمْ الَْأكْبَرِ ؛ لِأَنَّهُمْ َمعَ عِ ْلمِهِمْ ِبمَا وَ َقعَ لِقَابِيلَ مِنْ الْخَسَارِ
وَالنَّ َدمِ َمعَ أَنَّ أَخَاهُ اْلمَقْتُولَ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا أَقْدَمُوا عَلَى قَ ْتلِ الَْأنْبِيَاءِ وَالرُّ ُسلِ ،وَ َذلِكَ يَدُلُّ عَلَى غَايَةِ قَسَاوَةِ قُلُوبِهِمْ َوبُعْ ِدهَا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ -تَعَالَى . -
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا وَ َقعَ مِنْهُمْ مِنْ الْعَ ْزمِ صصِ تَسْلِيَةُ نَبِيِّنَا صَلَّى َّ َوَأيْضًا فَالْغَرَضُ مِنْ ِذكْرِ هَذِهِ الْقِ َ
ِالذكْرِ لِ َذلِكَ ،ثُمَّ َقوْله تَعَالَى { :مِنْ أَ ْجلِ َذلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي صحَابِهِ َفخُصُّوا ب ِّ عَلَى الْفَتْكِ بِهِ َوبَِأ ْ
إسْرَائِيلَ } اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِالْقِيَاسِ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَهُ -تَعَالَى -قَدْ تُع ََّللُ .
وَاْلمُعْتَ ِزلَةُ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَهُ -تَعَالَى -مُعَلَّلَةٌ ِبمَصَاِلحِ الْعِبَادِ ،فََيمْتَِنعُ خَلْقُهُ لِلْكُفْرِ وَالْقَبَاِئحِ فِيهِمْ َوإِرَا َدتُهُ وُقُوعَهَا مِنْهُمْ ،لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مُرَاعِيًا ِلمَصَاِلحِهِمْ .
َوأَجَابَ الْقَائِلُونَ بِاسِْتحَالَةِ تَعْلِيلِ أَحْكَامِهِ -تَعَالَى -بِأَنَّ الْعِلَّةَ إنْ كَانَتْ قَدِميَةً لَ ِزمَ قِ َدمُ اْلمَعْلُولِ َأوْ
ُمحْ َدثَةً لَ ِزمَ تَعْلِيلُهَا بِعِلَّةٍ أُخْرَى َولَ ِزمَ التَّسَلْسُلُ َوبِأَنَّهَا َلوْ كَاَنتْ مُعَلَّلَةً بِعِلَّةٍ َفوُجُودُ تِلْكَ الْعِلَّةِ َوعَدَمُهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى اللَّهِ -تَعَالَى -إنْ كَانَ َسوَاءٌ امْتََنعَ َك ْونُهُ عِلَّةً أَوْ غَيْرَ َسوَاءٍ فَأَحَ ُد ُهمَا بِهِ َأ ْولَى ،وَ َذلِكَ سلِ فِي الدوَاعِي َوَيمْتَِنعُ وُقُوعُ التَّسَلْ ُ يَقْتَضِي َك ْونَهُ مُسْتَفِيدًا تِلْكَ الَْأ ْوَلوِيَّةَ مِنْ َذلِكَ الْفِ ْعلِ عَلَى َّ
جبُ انْتِهَا ُؤهَا إلَى الدَّاعِيَةِ الْأُولَى الَّتِي حَ َدَثتْ فِي الْعَبْدِ لَا مِنْهُ َبلْ مِنْ اللَّهِ - الدوَاعِي بَلَى َي ِ َّ
()333/2
تَعَالَى ، -وَحِينَئِذٍ فَالْكُلُّ مِنْهُ فََيمْتَِنعُ تَعْلِيلُ أَحْكَامِهِ -تَعَالَى َ -وأَفْعَالُهُ بِ ِرعَايَةِ اْلمَصَاِلحِ َ ،فظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ غَيْرُ مُرَا ٍد َ ،وإَِّنمَا ذَلِكَ حِ ْكمَةُ شَ ْرعِ هَذَا اْلحُكْ ِم لَهُمْ :وَقَدْ قَالَ -تَعَالَى ُ { : -قلْ َفمَنْ َيمْلِكُ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا إنْ أَرَادَ َأنْ يُهْلِكَ اْلمَسِيحَ ابْنَ مَ ْريَمَ َوأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ َجمِيعًا } َفهَذَا نَصٌّ
فِي أَنَّهُ َيحْسُنُ مِنْ اللَّهِ كُلُّ شَ ْيءٍ لَا يََتوَقَّفُ خَلْقُهُ وَحُ ْكمُهُ عَلَى ِرعَايَةِ اْلمَصَاِلحِ َألْبَتَّةَ ،و َقوْله تَعَالَى :
جمْهُورِ َعطْفًا عَلَى نَفْسٍ :أَيْ َأوْ بِغَيْرِ فَسَادٍ احْتِرَازًا مِنْ الْقَ ْتلِ { َأوْ فَسَادٍ } ُهوَ بِاْلجَرِّ عِنْدَ اْل ُ حوِهِ . َالزنَا بَعْدَ الْإِحْصَانِ وَ َق ْطعِ الطَّرِيقِ وََن ْ لِلْفَسَادِ كَالْ َقوَدِ وَالْكُفْرِ و ِّ
وَجُ ِعلَ قَ ْتلُ النَّفْسِ اْلوَاحِدَةِ كَقَ ْتلِ َجمِيعِ النَّاسِ مُبَالَغَةً فِي تَ ْعظِيمِ أَمْرِ الْقَتْلِ الظُّلْمِ َوتَفْخِيمًا لِشَ ْأنِهِ :
جبُ َأنْ يَكُونَ أَيْ َكمَا أَنَّ قَ ْتلَ َجمِيعِ النَّاسِ أَمْرٌ َعظِيمُ الْقُ ْبحِ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ فَكَ َذلِكَ قَ ْتلُ اْلوَاحِدِ َي ِ رييْنِ بِالْآخَرِ لَا النظِ َ صلِ الِاسْتِ ْعظَامِ لَا فِي قَدْرِ ِه ،إذْ تَشْبِيهُ أَحَدِ َّ كَ َذلِكَ ،فَاْلمُرَادُ مُشَا َركَتُ ُهمَا فِي َأ ْ
يَقْتَضِي مُسَاوَاتَ ُهمَا مِنْ كُلِّ اْلوُجُوهِ َ ،وَأيْضًا فَالنَّاسُ َلوْ عَ ِلمُوا مِنْ إنْسَانٍ أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَهُمْ جَدُّوا فِي دَفْعِهِ وَقَتْلِ ِه ،فَكَذَا يَلْزَمُهُمْ إذَا عَ ِلمُوا مِنْ إنْسَانٍ أَنَّهُ يُرِيدُ قَ ْتلَ آخَرَ ظُ ْلمًا َأنْ َيجِدُّوا فِي دَفْعِ ِه ،
ضبِ عَلَى دَاعِيَةِ الطَّاعَةِ ،وَمَنْ ُهوَ كَ َذلِكَ َوَأيْضًا مَنْ فَ َعلَ قَتْلًا ظُ ْلمًا رَجَّحَ دَاعِيَةَ الشَّرِّ وَالشَّ ْهوَةِ وَالْغَ َ
يَكُونُ ِبحَ ْيثُ َلوْ نَا َزعَهُ كُلُّ إنْسَانٍ فِي َمطْلُوبِهِ وَقَدَرَ عَلَى قَ ْتلِهِ قَتَلَهُ َ ،ونِيَّةُ اْل ُمؤْمِنِ فِي اْلخَيْرَاتِ خَيْرٌ مِنْ َعمَلِهِ َكمَا وَرَدَ ،فَكَ َذلِكَ نِيَّتُهُ فِي الشَّرِّ شَرٌّ مِنْ َعمَلِ ِه َ ،فمَنْ قََتلَ إنْسَانًا ظُ ْلمًا فَكَأَنَّمَا قََتلَ َجمِيعَ
النَّاسِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :مَنْ قَتَلَ نَبِيًّا َأوْ
()333/2
إمَامَ عَدْلٍ فَكَأََّنمَا قََتلَ النَّاسَ َجمِيعًا ،وَمَنْ شَدَّ عَضُدَ أَحَدٍ فَكَأََّنمَا أَحْيَا النَّاسَ َجمِيعًا . وَقَالَ ُمجَاهِدٌ :مَنْ قَتَلَ نَفْسًا ُمحَرَّمَةً يَصْلَى النَّارَ بِقَتْلِهَا َكمَا يَصْلَاهَا َلوْ قََتلَ النَّاسَ َجمِيعًا وَمَنْ
أَحْيَاهَا :أَيْ مَنْ سَلِمَ مِنْ قَتْلِهَا فَكَأََّنمَا سَلِمَ مِنْ قَتْلِ النَّاسِ َجمِيعًا .
وَقَالَ قَتَادَةُ َ :أ ْعظَمَ اللَّهُ أَجْ َرهَا َوَأ ْعظَمَ وِزْ َرهَا :أَيْ مَنْ قَتَلَ مُسْ ِلمًا ظُ ْلمًا فَكَأََّنمَا قََتلَ النَّاسَ َجمِيعًا فِي الِْإثْمِ ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْ َلمُونَ مِنْهُ ،وَمَنْ أَحْيَاهَا َوَتوَرَّعَ عَنْ قَتْلِهَا فَكَأََّنمَا أَحْيَا النَّاسَ َجمِيعًا فِي
الثوَابِ لِسَلَامَتِهِمْ مِنْهُ وَقَالَ اْلحَسَنُ :فَكَأَنَّمَا قََتلَ النَّاسَ جَمِيعًا ،أَيْ أَنَّهُ َيجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْقِصَاصِ مَا َّ جبُ عَلَيْهِ َلوْ قََتلَ الْكُلَّ ،وَمَنْ أَحْيَاهَا أَيْ عَفَا عَمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ َقوَدٌ فَكَأََّنمَا أَحْيَا النَّاسَ َجمِيعًا . َي ِ
قَالَ سُلَ ْيمَانُ بْنُ عَلِيٍّ لِلْحَسَنِ :يَا َأبَا سَعِيدٍ َأهِيَ لَنَا َكمَا كَاَنتْ لِبَنِي إسْرَائِيلَ ؟ قَالَ َ :واَلَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ مَا كَاَنتْ دِمَاءُ بَنِي إسْرَائِيلَ َأكْ َرمَ عَلَى اللَّهِ مِنْ دِمَائِنَا .
وَمَنْ أَحْيَا النَّفْسَ بِتَخْلِيصِهَا مِنْ اْلمُهْلِكَاتِ كَالْحَ ْرقِ وَالْغَ َرقِ وَاْلجُوعِ اْلمُفْرِطِ وَاْلحَرِّ وَالْبَرْدِ اْلمُفْ ِرطَيْنِ .
ضبَ اللَّهُ عَلَيْهِ َولَعَنَهُ وَقَالَ -تَعَالَى { : -وَمَنْ يَقُْتلُ ُمؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا َفجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا َوغَ ِ
َوَأعَدَّ لَهُ عَذَابًا َعظِيمًا } . َالديَةِ ،وَقَدْ ُذكِرَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي آيَةِ { :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اعْلَمْ أَنَّ الْقَ ْتلَ لَهُ أَحْكَامٌ كَالْ َقوَدِ و ِّ
كُِتبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ } وَاقْتَصَرَ فِي هَذِهِ الِْإثْمَ وَاْل َوعِيدَ اعْتِنَاءً بِشَ ْأنِ ِهمَا َ ،وبَيَانًا لِ َعظِيمِ َخطْبِ ِهمَا ، وَمُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ عَنْ سَبَبِ ِهمَا .
وَسََببُ نُزُولِهَا { أَنَّ قَيْسَ بْنَ ضَبَابَةَ الْكِنَانِيَّ أَسْلَمَ ُهوَ َوأَخُوهُ هِشَامٌ َفوَجَدَ هِشَامًا قَتِيلًا فِي بَنِي النَّجَّارِ فََأتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
()333/2
وَسَلَّمَ ،فَ َذكَرَ َذلِكَ لَهُ ،فَأَرْ َسلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ ُه رَجُلًا مِنْ بَنِي فِهْرٍ إلَى بَنِي
النَّجَّارِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَ َركُمْ إنْ عَلِمْتُمْ قَاِتلَ هِشَامِ بْنِ ضَبَابَةَ َأنْ تَدْفَعُوهُ إلَى قَيْسٍ فَيَقْتَصَّ مِنْهُ َ ،وِإنْ لَمْ تَعْ َلمُوهُ َأنْ تَدْفَعُوا إلَيْهِ ِديَتَ ُه ،فََأبْلَغَهُمْ الْفِهْرِيُّ َذلِكَ فَقَالُوا َسمْعًا َوطَاعَةً
لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا نَعْلَمُ لَهُ قَاتِلًا َولَكِنَّا ُنؤَدِّي ِديَتَهُ ،فََأ ْع َطوْهُ مِائَةً مِنْ الِْإِبلِ ثُمَّ انْصَرَفَا رَاجِعَيْنِ إلَى اْلمَدِينَةِ ،فََأتَى الشَّ ْيطَانُ قَيْسًا ُيوَ ْسوِسُ إلَيْهِ فَقَالَ تَقَْبلُ ِديَةَ أَخِيك فَتَكُونُ عَلَيْك مَسَبَّةٌ اُقْتُلْ الَّذِي
صخْرَةٍ فَشَدَخَهُ ،ثُمَّ َر ِكبَ الديَةُ ،فَقَتَلَ الْفِ ْهرِيَّ ،فَرَمَاهُ بِ َ ضلُ ِّ س َ ،وتَفْ ُ مَعَك فَتَكُونُ نَفْسًا مَكَانَ نَفْ ٍ
بَعِريًا مِنْهَا وَسَاقَ بَقِيَّتَهَا رَاجِعًا إلَى مَكَّةَ كَافِرًا فَنَزَلَ فِيهِ { :وَمَنْ يَقُْتلْ ُمؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا َفجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا } أَيْ بِكُفْرِهِ وَا ْرتِدَادِهِ َ ،و ُهوَ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َي ْومَ فَتْحِ مَكَّةَ
ضبَ اللَّهُ عَلَيْهِ َولَعَنَهُ َوَأعَدَّ لَهُ عَذَابًا َعظِيمًا } مِمَّنْ أَمَّنَهُ فَقُِتلَ َو ُهوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ } َ { ،وغَ ِ
خطَأَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا َولَمْ يَ ْذكُرْ فِي كِتَابِهِ شِبْهَ الْعَمْدِ ،فَلِذَا وَ َذكَرَ -تَعَالَى -الْ َعمْدَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَاْل َ اخْتَلَفَ الَْأئِمَّةُ فِي إثْبَاتِهِ ؛ فََأثْبَتَهُ الشَّافِعِيُّ كَالَْأكْثَرِينَ َ ،ونَفَاهُ مَالِكٌ وَ َجمَاعَةٌ وَقَالُوا فِيمَنْ قُِتلَ ِبمَا لَا
سوْطٍ إنَّهُ َعمْدٌ وَفِيهِ الْ َق َودُ َأيْضًا . يَقُْتلُ غَالِبًا كَعَضَّةٍ َوَل ْطمَةٍ َوضَ ْربَةٍ بِ َ خطَأِ َعلَى الْعَاقِلَةِ ،وَاخْتَلَفُوا فِي ِديَةِ شِبْهِ الْ َعمْدِ َوأَ ْجمَعُوا عَلَى أَنَّ ِديَةَ الْ َعمْدِ فِي مَالِ اْلجَانِي وَدِيَةَ اْل َ فَقَالَ َج ْمعٌ إنَّهَا عَلَى اْلجَانِي وَالَْأكْثَرُونَ أَنَّهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ .
فَ ُروِيَ
()353/2
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا { :أَنَّ قَاِتلَ اْل ُمؤْمِنِ َعمْدًا لَا َت ْوبَةَ لَهُ ،فَقِيلَ لَهُ َألَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ -
َرمَ اللَّهُ إلَّا بِاْلحَقِّ } إلَى َق ْولِهِ { وَمَنْ يَفْ َعلْ تَعَالَى -فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ َ { :ولَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي ح َّ َذلِكَ يَلْقَ َأثَامًا } ثُمَّ قَالَ -تَعَالَى { : -إلَّا مَنْ تَابَ } فَقَالَ :كَانَ َذلِكَ فِي اْلجَاهِلِيَّةِ ،وَ َذلِكَ أَنَّ
نَاسًا مِنْ َأ ْهلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَتَلُوا وَ َزَنوْا ،فََأَتوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا إنَّ الَّذِي
تَ ْدعُو إلَيْهِ َلحَسَنٌ َلوْ تُخْبِ ُرنَا أَنَّ ِلمَا َعمِلْنَاهُ كَفَّارَةً فَنَزَلَ َ { :واَلَّذِينَ لَا يَ ْدعُونَ َمعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ } إلَى َقوْله تَعَالَى { إلَّا مَنْ تَابَ } فَهَذِهِ لِأُولَئِكَ .
َوأَمَّا الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ فَالرَّ ُجلُ إذَا عَ َرفَ الْإِسْلَامَ وَشَرَائِعَهُ ثُمَّ قَتَلَ َفجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ } . وَقَالَ َزيْدُ بْنُ ثَاِبتٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :لَمَّا نَ َزَلتْ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ :أَيْ َوهِيَ اْلمَ ْذكُورَةُ َعجِبْنَا مِنْ
ختْ اللَّيِّنَةُ . سَ لِينِهَا ،فَلَبِثْنَا سَبْعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ نَزََلتْ الْغَلِيظَةُ :أَيْ آيَةُ النِّسَاءِ بَعْدَ اللَّيِّنَةِ فَنُ ِ
سخْهَا شَ ْيءٌ ،وَ َذهَبَ َأ ْهلُ السُّنَّةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :آيَةُ الْفُرْقَانِ آيَةٌ مَكِّيَّةٌ َوهَذِهِ مَ َدنِيَّةٌ نَ َزَلتْ وَلَمْ يَنْ َ
إلَى قَبُولِ َت ْوبَةِ الْقَاِتلِ ُمطْلَقًا لِ َق ْولِهِ تَعَالَى َ { :وإِنِّي لَغَفَّارٌ ِلمَنْ تَابَ وَآمَنَ َو َع ِملَ صَاِلحًا ثُمَّ اهْتَدَى }
و َقوْله تَعَالَى { :إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ َأنْ يُشْرَكَ بِهِ َويَغْفِرُ مَا دُونَ َذلِكَ ِلمَنْ يَشَاءُ } َوأَجَابُوا عَمَّا ُروِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ عَنْهُ َّإنمَا أَرَادَ بِهِ اْلمُبَالَغَةَ وَالزَّجْرَ وَالتَّنْفِريَ عَنْ الْقَ ْتلِ َ ،ولَيْسَ
حوِهِمْ مِمَّنْ يَقُولُ بِتَخْلِيدِ مُ ْرتَكِبِ الْكَبِريَةِ فِي النَّارِ ؛ لِأَنَّهَا نَ َزَلتْ فِي قَاِتلِ فِي الْآيَةِ َدلِيلٌ لِ ْلمُعْتَ ِزلَةِ َوَن ْ كَافِرٍ َكمَا مَرَّ َ ،وعَلَى التَّنَزُّلِ ِلمَا يَ ْأتِي فَهِيَ فِيمَنْ قََتلَ مُسَْتحِلًّا
()353/2
َرمِ بِالْإِ ْجمَاعِ اْلمَعْلُومِ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَاسِْتحْلَالُ َذلِكَ كُفْرٌ َكمَا مَرَّ َأوَاِئلَ الْكِتَابِ : لِلْقَ ْتلِ اْل ُمح َّ قِيلَ جَاءَ َعمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ إلَى أَبِي َعمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ فَقَالَ َهلْ ُيخْلِفُ اللَّهُ َوعْدَهُ ؟ فَقَالَ :لَا .
جمَةِ َأتَيْت يَا َأبَا فَقَالَ َألَيْسَ قَدْ قَالَ -تَعَالَى { : -وَمَنْ يَقُْتلْ ُمؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا } إَلخْ فَقَالَ لَهُ مِنْ الْ ُع ْ عُ ْثمَانَ ،إنَّ الْعَرَبَ لَا تُعِدُّ الْإِخْلَافَ فِي اْل َوعِيدِ خَلْفًا وَذَمًّا َوإَِّنمَا تُعِدُّ إخْلَافَ اْل َوعْدِ خَلْفًا َوَأنْشَدَ :
َوإِنِّي َوِإنْ َأ ْوعَدْته َأوْ َوعَدْته لَ ُمخْلِفٌ إيعَادِي وَمُ ْنجِزٌ َم ْوعِدِي .
التخْلِيدَ فِي النَّارِ َ -قوْله تَعَالَى { : -إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ َأنْ َالدلِيلُ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الشِّرْكِ لَا يُو ِجبُ َّ و َّ
يُشْرَكَ بِهِ } الْآيَةَ .
الصحِيحِ { :مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاَللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ اْلجَنَّةَ َوِإنْ وَ َق ْولُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي اْلحَدِيثِ َّ َزنَى َوِإنْ سَ َرقَ } اْلحَدِيثَ .
صحَابَهُ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ عَلَى َأنْ لَا يُشْ ِركُوا الصحِيحِ { :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاَيعَ َأ ْ وَفِي اْلحَدِيثِ َّ بِاَللَّهِ شَيْئًا َولَا يَسْرِقُوا َولَا يَ ْزنُوا َوأَشْيَاءَ أُخَرَ ،ثُمَّ قَالَ َ :فمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ َأصَابَ الدنْيَا فَ ُهوَ كَفَّارَةٌ لَهُ ،وَمَنْ َأصَابَ مِنْ َذلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ فَ ُهوَ إلَى اللَّهِ مِنْ َذلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي ُّ
إنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ َوِإنْ شَاءَ عَاقَبَهُ فَبَايَعُوهُ عَلَى َذلِكَ } .
جوَابِ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ طُرُقًا كَثِريَةً َولَا أَ ْرتَضِي شَيْئًا مِنْهَا ؛ قَالَ اْلوَاحِدِيُّ :وَسَلَكَ الَْأصْحَابُ فِي اْل َ ك ،قَالَ : ضمَارٌ ،وَاللَّفْظُ لَا يَدُلُّ عَلَى شَ ْيءٍ مِنْ ذَلِ َ لِأَنَّ مَا َذكَرُوهُ إمَّا َتخْصِيصٌ وَإِمَّا مُعَا َرضَةٌ َوإِمَّا إ ْ َواَلَّذِي َأعَْتمِدُهُ وَجْهَانِ :الْأَوَّلُ :إ ْجمَاعُ اْلمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ نَ َزَلتْ فِي كَافِرٍ قََتلَ ُمؤْمِنًا ثُمَّ َذكَرَ
الْقِصَّةَ .
وَالثَّانِي :أَنَّ َقوْله تَعَالَى َ { :فجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ } مَعْنَاهُ
()352/2
الِاسْتِقْبَالُ وَالتَّقْدِيرُ أَنَّهُ سَُيجْزَى ِبجَهَنَّمَ َوهَذَا َوعِيدٌ وَخَلْفُ الْ َوعِيدِ كَ َرمٌ . ظ لَا ِبخُصُوصِ السََّببِ َوبِالْقَاعِدَةِ اْلمُقَرَّرَةِ َوضَعَّفَ الْ َفخْرُ الرَّازِيّ أَوَّلَ وَجْهَيْهِ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِ ُعمُومِ اللَّفْ ِ
فِي ُأصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ تَ ْرتِيبَ الْحُكْمِ عَلَى اْل َوصْفِ اْلمُنَا ِسبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ َذلِكَ الْ َوصْفَ عِلَّةٌ لِ َذلِكَ
اْلحُكْمِ كَ َق ْولِهِ -تَعَالَى { : -وَالسَّا ِرقُ وَالسَّارِقَةُ فَا ْقطَعُوا َأيْ ِديَ ُهمَا } { -الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا َالزنَا ،فَكَذَا هُنَا يَدُلُّ عَلَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ ُهمَا } فَ َكمَا دَلَّ عَلَى أَنَّ سََببَ الْ َق ْطعِ وَاْلجَلْدِ ُهوَ السَّرِقَةُ و ِّ
أَنَّ اْلمُو ِجبَ لِهَذَا اْل َوعِيدِ ُهوَ الْقَ ْتلُ الْ َعمْدُ ؛ لِأَنَّهُ اْل َوصْفُ اْلمُنَا ِسبُ لِ ْلحُكْمِ َوإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَبْقَ لِ َك ْونِ الْآيَةِ َمخْصُوصَةً بِالْكَافِرِ ،وَجْهٌ َأيْضًا ،فَاْلمُوجِبُ إنْ كَانَ الْكُفْرُ لَمْ يَبْقَ لِلْقَتْلِ الْ َعمْدِ َأثَرٌ َألْبَتَّةَ صلَ هَذَا صلَ حَ َ فِي هَذَا اْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ َوهُوَ بَا ِطلٌ َ ،وِإنْ كَانَ ُهوَ الْقَ ْتلَ الْ َعمْدَ لَ ِزمَ أَنَّهُ مَتَى حَ َ
اْل َوعِيدُ َفوَجْهُهُ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ .
َوأَمَّا وَجْهُهُ الثَّانِي فَ ُهوَ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ َأيْضًا ؛ لِأَنَّ اْل َوعِيدَ قِسْمٌ مِنْ أَقْسَامِ اْلخَبَرِ فَإِذَا جَوَّ ْزنَا اْلخَلْفَ فِيهِ عَلَى اللَّهِ -تَعَالَى -فَقَدْ جَوَّ ْزنَا الْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ ،وَهَذَا َخطَأٌ َعظِيمٌ َبلْ يَقْرَبُ مِنْ الْ ُكفْرِ
لِإِ ْجمَاعِ الْعُقَلَاءِ عَلَى أَنَّهُ -تَعَالَى -مُنَزَّهٌ عَنْ الْكَذِبِ . صلُ كَلَامِ الرَّازِيِّ . ا هـ حَا ِ
َووَجْهُ اْلوَاحِدِيِّ الثَّانِي لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ َبلْ سَبَقَهُ إلَيْهِ مَنْ ُهوَ أَجَلُّ مِنْهُ كََأبِي َعمْرِو بْنِ الْ َعلَاءِ َكمَا مَرَّ عَنْهُ َوغَيْرِهِ فَيَتَعَيَّنُ تَ ْأوِيلُ َذلِكَ لِيَسْلَمَ قَائِلُوهُ الَْأئِمَّةُ مِنْ هَذَا الشَّنِيعِ الْ َعظِيمِ بَِأنْ يُقَالَ :لَمْ يُرِيدُوا بِ َذلِكَ
وُقُوعَ خَلْفٍ فِي اْلخَبَرِ َّإنمَا مُرَا ُدهُمْ أَنَّ التَّقْدِيرَ سَُيجَازِيهِ ِبجَهَنَّمَ إنْ لَمْ َيحْلُمْ عَلَيْهِ َويَغْفِرْ لَهُ َأوْ إنْ لَمْ
يَُتبْ َأوْ يُقْتَصَّ مِنْهُ أَوْ
()357/2
َالدلِيلُ عَلَى َذلِكَ ظَاهِرٌ . يُعْفَ عَنْهُ ،و َّ
أَمَّا الْأَوَّلُ فَ ُهوَ َقطْعِيُّ الصِّ ْدقِ َ ،وأَمَّا الثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ فَالسُّنَّةُ قَاضِيَةٌ بِهَا َ ،ولَيْسَ فِي تَقْرِيرِ الْأَوَّلِ مَا ُيخْرِجُ الْآيَةَ عَنْ اْل َوعِيدِ ،إذْ لَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ لَا عَاقَبْتُك عَلَى كَذَا إلَّا إنْ حَ َلمْت عَلَيْك َأوْ فَعَلْت مَا
يُكَفِّرُ إْثمَك َأوْ يَشْ َفعُ فِيك كَانَ َوعِيدًا ،ثُمَّ الْخَلْفُ فِي الْآيَةِ َّإنمَا ُهوَ مِنْ حَيْثُ إنَّ تِلْكَ التَّقْدِيرَاتِ ضمَرَةً فَ ُهوَ خَلْفٌ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ ،وَفِي اْلحَقِيقَةِ لَا خَلْفَ فَاسْتَفِدْ ستْ فِيهَا لَ ْفظًا َوِإنْ كَاَنتْ مُ ْ لَيْ َ جوَابَ عَمَّا شَنَّعَ بِهِ الْإِمَامُ الرَّازِيّ عَلَى قَائِلِي تِلْكَ اْلمَقَالَةِ وَمَا َألْزَمَهُمْ بِهِ مِمَّا لَمْ َذلِكَ لِتَعْلَمَ بِهِ اْل َ
يَقُولُوهُ َولَا َخطَرَ بِبَالِهِمْ إلَّا غَايَةُ التَّنْزِيهِ عَنْهُ .
جوَابِ غَيْرَ مَا َذكَرْته َكمَا يُعْ َرفُ بِالتَّأَمُّلِ فَقَالَ : ثُمَّ َرَأيْت الْقَفَّالَ حَكَى فِي تَفْسِريِهِ وَجْهًا آخَرَ فِي اْل َ صلُ هَذَا اْلجَزَاءَ إلَيْهِ َأمْ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَزَاءَ الْقَ ْتلِ ُهوَ مَا ُذكِرَ لَكِنْ لَيْسَ فِيهَا أَنَّهُ -تَعَالَى -يُو ِ
لَا ؟ وَقَدْ يَقُولُ الرَّ ُجلُ لِعَبْدِهِ جَزَاؤُك َأنْ أَفْ َعلَ بِك كَذَا إلَّا أَنِّي لَمْ أَفْعَلْهُ .
َوضَعُفَ َأيْضًا بِأَنَّهُ ثََبتَ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ جَزَاءَ الْقَ ْتلِ الْ َعمْدِ ُهوَ مَا ُذكِرَ َوثََبتَ بِسَائِرِ الْآيَاتِ أَنَّ ُه -تَعَالَى صلُ اْلجَزَاءَ إلَى اْلمُسَْتحِقِّنيَ . -يُو ِ
قَالَ -تَعَالَى { : -مَنْ يَ ْع َملْ سُوءًا ُيجْزَ بِهِ } وَقَالَ َ { :ومَنْ يَ ْع َملْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } َويَرُدُّ بِأَنَّ اْلمُرَادَ مِنْ َ -قوْله تَعَالَى ُ { : -يجْزَ بِهِ } وَ َق ْولُهُ { :يَرَهُ } مَا لَمْ يَ َقعْ عَ ْفوٌ بِ َدلِيلِ { َويَغْفِرُ مَا دُونَ َذلِكَ ِلمَنْ يَشَاءُ } َفجَزَاءُ الشَّرْطِ فِي " ُيجْزَ " وَ " يَرَهُ " اْلمُرَادُ بِهِ أَنَّ هَذَا مُتَرَتِّبٌ عَلَى شَرْطِهِ َولَا
يَلْ َزمُ مِنْ التَّرَتُّبِ اْلوُقُوعُ ،وَكَذَا فِي الْآيَةِ اْلمُرَادُ َفجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا مُتَرَتِّبًا عَلَى الْقَ ْتلِ الْ َعمْدِ َ ،ولَا يَلْزَمُ مِنْ
()353/2
التَّرَُّتبِ اْلوُقُوعُ َألَا تَرَى أَنَّك َلوْ قُلْت :إنْ جِئْتنِي َأكْرَمْتُك لَمْ تَكُنْ مَرِيدًا بِهِ إلَّا أَنَّ الِْإكْرَامَ مُتَرَِّتبٌ
صلَ اْلمَجِيءُ فَقَدْ يَ َقعُ الِْإكْرَامُ وَقَدْ لَا َ ،وهَذَا لِ َك ْونِهِ قَرِيبًا مِمَّا أَجَبْت بِهِ َأيْضًا عَلَى اْل َمجِيءِ فَإِذَا حَ َ َولًا يَصِحُّ َأنْ يَكُونَ َجوَابًا عَنْ مَقَالَةِ اْلوَاحِدِيِّ َوغَيْرِهِ السَّابِقَ ِة َ ،ويَكُونُ مَعْنَى اْلخَلْفِ أَنَّ ذَلِكَ أ َّ
حوُهُ ،وَقَدْ لَا إنْ وَ َقعَ َذلِكَ فَلَمْ يَكُنْ صلُ إنْ لَمْ يَ َقعْ عَ ْفوٌ َوَن ْ التَّ ْرتِيبَ الَّذِي دََّلتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ قَدْ َيحْ ُ فِي اْلخَلْفِ بِهَذَا اْلمَعْنَى خَلْفٌ فِي اْلخَبَرِ َ ،ولَا يُوهِمُ دُخُولَ اْلخَلْفِ فِي خَبَرِ اللَّهِ -تَعَالَى . -
َولًا َو ُهوَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ َمخْصُوصَةٌ فِي َم ْوضِعَيْنِ ثُمَّ َرَأيْت الْ َفخْرَ الرَّازِيَّ أَجَابَ ِبمَا يَرْ ِجعُ ِلمَا َذكَرْته أ َّ صلُ فِيهِ هَذَا اْل َوعِيدُ َألْبَتَّةَ . :أَحَ ُد ُهمَا َ :أنْ يَكُونَ الْقَ ْتلُ الْ َعمْدُ غَيْرَ عُ ْدوَانٍ كَالْقِصَاصِ فَإِنَّهُ لَا َيحْ ُ التخْصِيصُ فِي صلُ فِيهِ هَذَا اْل َوعِيدُ َوإِذَا دَخَلَهُ َّ َوالثَّانِي :الْقَ ْتلُ الْ َعمْدُ الْعُ ْدوَانُ إذَا تَابَ مِنْهُ لَا َيحْ ُ
صلَ الْعَ ْفوُ عَنْهُ بِ َدلِيلِ َقوْله تَعَالَى َ { :ويَغْفِرُ مَا دُونَ هَاتَيْنِ الصُّو َرتَيْنِ فَيَدْخُلُهُ التَّخْصِيصُ فِيمَا إذَا حَ َ
َذلِكَ ِلمَنْ يَشَاءُ } .
فَِإنْ قُلْت :مَا َذكَرُوهُ ُهوَ َمحَلُّ النِّزَاعِ َو ُهوَ أَنَّ الْقَاِتلَ َهلْ لَهُ َت ْوبَةٌ َأمْ لَا ؟ َو َهلْ يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ َأمْ لَا ؟ جوَابُ بِ َذلِكَ ؟ قُلْت :لِأَنَّ السُّنَّةَ لَمَّا صَرَّ َحتْ بِ َذلِكَ وَ َجبَ َح ْملُ الْآيَةِ عَلَيْهِ َولَمْ فَكَيْفَ صَحَّ لَهُ اْل َ
يُلْتَ َفتْ إلَى اْل ُمخَالِفِنيَ فِي َذلِكَ لِضَعْفِ شُبْهَتِهِمْ وَسَفْسَافِ طَرِيقَتِهِمْ .
َن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { : َوأَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ عَنْ َأبِي هُرَيْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أ َّ
اجْتَنِبُوا السَّ ْبعَ اْلمُوبِقَاتِ -أَيْ اْلمُهْلِكَاتِ -قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ :الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ ، الربَا ، َرمَ اللَّهُ إلَّا بِاْلحَقِّ َ ،وَأ ْكلُ ِّ َالسحْرُ ،وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي ح َّ و ِّ
()355/2
َالتوَلِّي يَ ْومَ الزَّحْفِ ،وَقَ ْذفُ اْل ُمحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ اْل ُمؤْمِنَاتِ } . َوَأ ْكلُ مَالِ الْيَتِي ِم ،و َّ
َوأَخْرَجَا َأيْضًا عَنْ َأنَسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ َ { :ذكَ َر رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَبَائِرَ فَقَالَ :الشِّرْكُ بِاَللَّهِ َوعُقُوقُ اْلوَالِ َديْنِ وَقَ ْتلُ النَّفْسِ } . اْلحَدِيثَ .
َوأَخْرَجَا َأيْضًا عَنْ { ابْنِ مَسْعُودٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :سََألْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ
الذْنبِ َأ ْعظَمُ عِنْدَ اللَّهِ -تَعَالَى -؟ قَالَ َ :أنْ َتجْ َعلَ لِلَّهِ نِدًّا َو ُهوَ خَلَقَك قُلْت :إنَّ َذلِكَ لَ َعظِيمٌ ثُمَّ َّ
أَيُّ ؟ قَالَ َ :أنْ تَقُْتلَ َولَدَك مَخَافَةَ َأنْ َيطْعَمَ مَعَك ،قُلْت :ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ َ :أنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِك } .
وَالُْبخَارِيُّ { :الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ َوعُقُوقُ اْلوَالِ َديْنِ وَقَ ْتلُ النَّفْسِ وَالَْيمِنيُ الْ َغمُوسُ } . َوأَ ْحمَدُ وَالنَّسَائِيُّ َوغَيْ ُر ُهمَا { :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْكَبَائِرِ ،قَالَ :الْإِشْرَا ُك بِاَللَّهِ وَقَ ْتلُ النَّفْسِ اْلمُسْ ِلمَةِ وَالْفِرَارُ َي ْومَ الزَّحْفِ } .
َولُهُنَّ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَقَ ْتلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ َوَأ ْكلُ وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ فِيهِ ُمخْتَلَفٌ فِي َت ْوثِيقِهِ { :الْكَبَائِرُ أ َّ
الربَا } اْلحَدِيثَ . ِّ
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ { :اجْتَنِبُوا الْكَبَائِرَ السَّ ْبعَ :الشِّرْكَ بِاَللَّهِ وَقَ ْتلَ النَّفْسِ وَالْفِرَارَ مِنْ
الزَّحْفِ } اْلحَدِيثَ . وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ َعمْرِو بْنِ الْعَاصِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّهُ َس ِم َع رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَ ْذكُرُ
الْكَبَائِرَ :عُقُوقَ اْلوَالِ َديْنِ وَالشِّرْكَ بِاَللَّهِ وَقَ ْتلَ النَّفْسِ وَقَذْفَ اْل ُمحْصَنَاتِ } اْلحَدِيثَ .
وَالطَّبَرَانِيُّ { :الْكَبَائِرُ سَ ْبعٌ :الْإِشْرَاكُ وَقَ ْتلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِاْلحَقِّ وَقَ ْذفُ اْل ُمحْصَنَةِ }
اْلحَدِيثَ .
وَفِي كِتَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى َأ ْهلِ الَْيمَنِ َ { :وإِنَّ َأكْبَرَ الْكَبَائِرِ عِنْدَ اللَّهِ َيوْمَ
()356/2
َدمَ . الْقِيَامَةِ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَقَ ْتلُ النَّفْسِ اْل ُمؤْمِنَةِ بِغَيْرِ اْلحَقِّ } اْلحَدِيثَ وَقَدْ تَق َّ
صبْ دَمًا حَرَامًا } . سحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُ ِ وَالُْبخَارِيُّ َوغَيْرُهُ { :لَنْ يَزَالَ اْل ُمؤْمِنُ فِي فُ ْ الدمِ الْحَرَامِ قَالَ ابْنُ ُعمَرَ رَاوِيهِ :مِنْ وَ ْرطَاتِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا َمخْرَجَ ِلمَنْ َأوْ َقعَ نَفْسَهُ فِيهَا سَفْكُ َّ
النجَاةُ مِنْهُ . بِغَيْرِ حِلِّهِ َوهِيَ َج ْمعُ وَ ْرطَةٍ بِسُكُونِ الرَّاءِ :الْهَلَكَةُ َوكُلُّ أَ ْمرٍ يَعْسُرُ َّ
الدنْيَا َأ ْه َونُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَ ْتلِ ُمؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ } . وَابْنُ حِبَّانَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ { :لَ َزوَالُ ُّ زَادَ الْبَيْهَقِيُّ وَالَْأصْبَهَانِيّ َ { :وَلوْ أَنَّ َأ ْهلَ َس َموَاتِهِ َوَأ ْهلَ أَ ْرضِهِ اشْتَ َركُوا فِي َدمِ ُمؤْمِنٍ لَأَدْخَلَهُمْ النَّارَ
}.
الدنْيَا جَمِيعًا َأ ْه َونُ عَلَى اللَّهِ مِنْ َدمٍ سُفِكَ بِغَيْرِ حَقٍّ } . وَالْبَيْهَقِيُّ { :لَ َزوَالُ ُّ الدنْيَا َأ ْه َونُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ } . وَمُسْلِمٌ َوغَيْرُهُ { :لَ َزوَالُ ُّ
الدنْيَا } . وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ { :قَتْلُ مُؤْمِنٍ َأ ْعظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ َزوَالِ ُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ َ { :رَأيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
َيطُوفُ بِالْكَعْبَةِ َويَقُولُ :مَا َأطْيَبَك وَمَا َأطْيَبَ ِرحيَك ،مَا َأ ْعظَمَك وَمَا َأ ْعظَمَ حُرْمَتَك َ ،واَلَّذِي نَفْسُ ُمحَمَّدٍ بِيَدِهِ َلحُرْمَةُ اْل ُمؤْمِنِ عِنْدَ اللَّهِ َأ ْعظَمُ مِنْ حُرْمَتِك مَالِهِ وَدَمِهِ } .
السمَاءِ َوَأ ْهلَ الْأَرْضِ اشْتَ َركُوا فِي َدمِ ُمؤْمِنٍ لََأكَبَّهُمُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ َ { :لوْ أَنَّ َأ ْهلَ َّ اللَّهُ فِي النَّارِ } .
وَالْبَيْهَقِيُّ { :قُِتلَ بِاْلمَدِينَةِ قَتِيلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعْلَمْ مَنْ قَتَلَهُ ، فَصَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اْلمِنْبَرَ فَقَالَ :أَيُّهَا النَّاسُ يُقَْتلُ قَتِيلٌ َوَأنَا فِيكُمْ َولَا يُعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ ، السمَاءِ وَالْأَرْضِ عَلَى قَتْلِ امْرِئٍ ُمؤْمِنٍ َلوْ اجَْت َمعَ َأ ْهلُ َّ
()353/2
َذبَهُمْ اللَّهُ إلَّا َأنْ يَفْ َعلَ مَا يَشَاءُ } . لَع َّ
الس َموَاتِ وَالْأَرْضِ اجَْتمَعُوا عَلَى قَ ْتلِ مُسْلِمٍ لَكَبَّهُمْ اللَّهُ َجمِيعًا وَ َروَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ َ { :لوْ أَنَّ َأ ْهلَ َّ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ } . وَابْنُ مَاجَهْ وَالَْأصْبَهَانِيّ { :مَنْ َأعَانَ عَلَى قَ ْتلِ ُمؤْمِنٍ َوَلوْ َشطْرَ كَ ِلمَةٍ لَقِيَ اللَّهَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَ ْحمَةِ اللَّهِ } .
زَادَ الَْأصْبَهَانِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ُهوَ َأنْ يَقُولَ ُ :اقْ ،يَعْنِي لَا يُتِمُّ كَ ِلمَةَ اُقُْتلْ . شطْرِ كَ ِلمَةٍ كُِتبَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ آيِسٌ مِنْ وَالْبَيْهَقِيُّ { :مَنْ َأعَانَ عَلَى دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ َوَلوْ بِ َ رَ ْحمَةِ اللَّهِ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ { :مَنْ اسَْتطَاعَ مِنْكُمْ َأنْ لَا َيحُولَ بَيْنَهُ َوبَيْنَ اْلجَنَّةِ ِم ْلءُ كَفٍّ مِنْ دَمِ
امْرِئٍ مُسْلِمٍ َأنْ يُهْرِيقَهُ َكمَا يَ ْذَبحُ دَجَاجَةً ك َُّلمَا تَعَرَّضَ لِبَابٍ مِنْ َأْبوَابِ اْلجَنَّةِ حَالَ اللَّهُ بَيْنَ ُه َوبَيْنَ ُه ،
وَمَنْ اسَْتطَاعَ مِنْكُمْ َأنْ لَا َيجْ َعلَ فِي َبطْنِهِ إلَّا طَيِّبًا فَإِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنْ الِْإنْسَانِ َبطْنُهُ } . الصحِيحُ وَقْفُهُ أَيْ وَ َمعَ َذلِكَ لَهُ حُكْمُ اْلمَرْفُوعِ إذْ وَ َروَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مَرْفُوعًا هَكَذَا وَ َموْقُوفًا ،وَقَالَ َّ
الرأْيِ . مِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قَِبلِ َّ
وَالشَّ ْيخَانِ { :لَا تُقَْتلُ نَفْسٌ ظُ ْلمًا إلَّا كَانَ عَلَى ابْ ِن آ َدمَ الْأَوَّلِ كِ ْفلٌ مِنْ دَمِهَا لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ
الْقَ ْتلَ } .
وَالشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا { :أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ } .
وَالنَّسَائِيُّ { :أَوَّلُ مَا ُيحَا َسبُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الصَّلَاةُ َوأَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ } َ ،ولَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ أَوَّلَ مَا ُيحَا َسبُ الِْإنْسَانُ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ الصَّلَاةُ لِأَنَّهَا آكَدُ حُقُوقِهِ َ ،وأَوَّلَ مَا ُيحَا َسبُ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّنيَ الْقَ ْتلُ لِأَنَّهُ أَشَدُّ حُقُوقِهِمْ . َححَهُ { :كُلُّ َذْنبٍ عَسَى وَالنَّسَائِيُّ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
()353/2
اللَّهُ َأنْ يَغْفِرَهُ إلَّا الرَّ ُجلَ َيمُوتُ كَافِرًا َأوْ الرَّ ُجلَ يَقُْتلُ ُمؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا } .
الصحِيحِ { :أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا سََألَهُ َوالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَ ٍد ُروَاتُهُ ُروَاةُ َّ َجبِ مِنْ شَ ْأنِهِ :مَاذَا تَقُولُ ؟ سَاِئلٌ فَقَالَ :يَا ابْنَ عَبَّاسٍ َهلْ لِلْقَاِتلِ مِنْ َت ْوبَةٍ ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَاْلمُتَع ِّ َرتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ َ :سمِعْت نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ فََأعَادَ عَلَيْهِ مَسْأَلَتَهُ فَقَالَ :مَاذَا تَقُولُ م َّ
خبُ َأوْدَاجُهُ شَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :يَ ْأتِي اْلمَقْتُولُ مُعَلَّقًا َرأْسُهُ بِإِحْدَى يَدَيْهِ مُتَلَبِّبًا قَاتِلَهُ بِالْيَدِ الْأُخْرَى تَ ْ دَمًا حَتَّى يَ ْأتِيَ بِهِ الْعَرْشَ فَيَقُولُ اْلمَقْتُولُ لِرَبِّ الْعَاَلمِنيَ :هَذَا قَتَلَنِي فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَاِتلِ :تَعِسْت
َويُ ْذ َهبُ بِهِ إلَى النَّارِ } . شخَبُ دَمًا عِنْدَ ذِي الْعِزَّةِ فَيَقُولُ :يَا رَبِّ َسلْ وَالطَّبَرَانِيُّ َ { :يجِيءُ اْلمَقْتُولُ آخِذًا قَاتِلَهُ َوَأوْدَاجُهُ تَ ْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :فِيمَ قَتَلْته ؟ قَالَ قَتَلْته لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِفُلَانٍ ،قِيلَ هِيَ ل َِّلهِ } .
صحِيحِهِ { :إذَا َأصَْبحَ إبْلِيسُ بَثَّ جُنُودَهُ فَيَقُولُ :مَنْ خَذَلَ الَْي ْومَ مُسْ ِلمًا أُلْبِسُهُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ التَّاجَ قَالَ فََيجِيءُ هَذَا فَيَقُولُ لَمْ أَزَلِ بِهِ حَتَّى طَلَّقَ امْ َرَأتَهُ فَيَقُولُ يُوشِكُ َأنْ يَتَزَوَّجَ ؛ َوَيجِيءُ هَذَا
َر ُهمَا ؛ َوَيجِيءُ هَذَا فَيَقُولُ لَمْ أَزَلِ بِهِ حَتَّى فَيَقُولُ لَمْ أَزَلِ بِهِ حَتَّى عَقَّ وَالِ َديْهِ ،فَيَقُولُ يُوشِكُ َأنْ يَب َّ أَشْرَكَ فَيَقُولُ َأْنتَ َأْنتَ ؛ َويَجِيءُ هَذَا فَيَقُولُ لَمْ أَزَلِ بِهِ حَتَّى قَتَلَ نَفْسًا فَيَقُولُ َأنْتَ َأْنتَ َويُلْبِسُهُ التَّاجَ } .
َوَأبُو دَاوُد { :مَنْ قََتلَ ُمؤْمِنًا فَاغْتَبَطَ بِقَتْلِهِ لَمْ يَقَْبلْ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا َولَا عَ ْدلًا } ،أَيْ فَ ْرضًا َولَا نَفْلًا ، وَقِيلَ غَيْرُ َذلِكَ ،ثُمَّ نُ ِقلَ عَنْ الْغَسَّانِيِّ أَنَّ مَعْنَى اغْتَبَطَ بِقَتْ ِلهِ َأنْ يَقْتُلَهُ فِي الْفِتْنَةِ ظَانًّا أَنَّهُ
()353/2
عَلَى هُدًى فَلَا يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ .
َوأَ ْحمَدُ َ { :يخْرُجُ عُنُقٌ مِنْ النَّارِ يَتَكَلَّمُ يَقُولُ وُكِّلْت الَْي ْومَ بِثَلَاثَةٍ :بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ،وَمَنْ جَ َعلَ َمعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ ،وَمَنْ قََتلَ نَفْسًا بِغَيْرِ حَقٍّ فَيَ ْن َطوِي عَلَيْهِمْ فَيَقْذِفُهُمْ فِي َجمْرِ جَهَنَّمَ } .
صحِيحٌ َ { :يخْرُجُ عُُنقٌ مِنْ النَّارِ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ طَلْقٍ ذَلْقٍ لَهُ وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَا َديْنِ أَحَ ُد ُهمَا َ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِ ِهمَا َولِسَانٌ يَتَكَلَّمُ بِهِ فَيَقُولُ إنِّي أُمِرْت ِبمَنْ جَ َعلَ َمعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ َوبِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ سمِائَةِ عَامٍ } . َوِبمَنْ قََتلَ نَفْسًا بِغَيْرِ حَقٍّ ،فَيَ ْنطَلِقُ بِهِمْ قَ ْبلَ سَائِرِ النَّاسِ ِبخَمْ ِ
وَالُْبخَارِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ { :مَنْ قََتلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ } -أَيْ بِفَ ْتحِ الرَّاءِ لَمْ َيجِدْ َولَمْ يَشُمَّ { -رَاِئحَةَ اْلجَنَّةِ َ -وإِنَّ ِرحيَهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِريَةِ أَ ْربَعِنيَ عَامًا } ،وَ َروَاهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ { :مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا مِنْ
َأ ْهلِ الذِّمَّةِ } .
َرمَ اللَّهُ َوَأبُو دَاوُد { :مَنْ قََتلَ مُعَاهَدًا فِي غَيْرِ كُنْهِهِ أَيْ وَقْتِهِ الَّذِي َيجُوزُ قَتْلُهُ فِيهِ حِنيَ لَا عَهْدَ ح َّ عَلَيْهِ اْلجَنَّةَ } .
ُم ِرحيَهَا } . زَادَ النَّسَائِيُّ { َأنْ يَش َّ
وَالنَّسَائِيُّ { :مَنْ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ َأ ْهلِ الذِّمَّةِ لَمْ َيجِدْ رِيحَ الْجَنَّةِ َوإِنَّ ِرحيَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِريَةِ سَبْعِنيَ
عَامًا } .
صحِيحِهِ { :مَنْ قََتلَ نَفْسًا مُعَاهَدَةً بِغَيْرِ حَقِّهَا لَمْ يَرَحْ رَاِئحَةَ اْلجَنَّةِ َوإِنَّ رِيحَ اْلجَنَّةِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ سمِائَةِ َألْفٍ فِي ِروَايَةٍ مَرَّتْ ج َمعُ بَيْنَ أَ ْربَعِنيَ وَسَبْعِنيَ وَ َخمْ ِ سمِائَةِ عَامٍ } َ ،وُي ْ لَيُوجَدُ مِنْ مَسِريَةِ َخمْ ِ
بِاخْتِلَافِ وُجْدَانِ ِرحيِهَا بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَمَرَاتِبِهِمْ .
َححَهُ َ { :ألَا مَنْ قََتلَ نَفْسًا مُعَاهَدَةً لَهَا ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ فَقَدْ أَخْفَرَ ذِمَّةَ اللَّهِ َولَا وَالتِّرْمِذِيُّ َوص َّ يَرَحْ رَاِئحَةَ اْلجَنَّةِ َوإِنَّ ِرحيَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِريَةِ أَ ْربَعِنيَ خَرِيفًا } فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي
()363/2
قَ ْتلِ مُعَاهَدٍ َو ُهوَ الْكَافِرُ اْل ُمؤَمَّنُ إلَى مُدَّةٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ َفمَا ظَنُّك بِقَاِتلِ اْلمُسْلِمِ ؟ .
الصحِيحَةُ َكمَا عَ ِلمْت ،وَمِنْ ثَمَّ أَ ْجمَعُوا عَلَيْهِ فِي الْقَ ْتلِ تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ مَا صَرَّحَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ َّ الْ َعمْدِ . َالصحِيحُ اْلمَنْصُوصُ أَنَّ َأكْبَ َرهَا بَعْدَ الشِّرْكِ الْقَ ْت ُل . وَاخْتَلَفُوا فِي َأكْبَرِ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الشِّرْكِ ،و َّ
الزنَا . وَقِيلَ ِّ
وَمَا َذكَرْته مِنْ عَدِّ شِبْهِ الْ َعمْدِ ُهوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْهَ َروِيُّ وَشُ َرْيحٌ الرُّويَانِيُّ َ ،وعِبَارَةُ الْأَوَّلِ َوتَبِعَهُ الثَّانِي :وَحَدُّ الْكَبِريَةِ أَ ْربَعَةُ أَشْيَاءَ :أَحَ ُدهَا مَا يُو ِجبُ حَدًّا أَوْ قَتْلًا َأوْ قُدْرَةً مِنْ الْفِ ْعلِ وَالْعُقُوبَةُ سَا ِقطَةٌ
لِلشُّبْهَةِ َو ُهوَ عَامِدٌ .
ثُمَّ قَالَ اْلجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ َ :ق ْولُهُ َأوْ قَتْلًا يَعْنِي قَ ْتلَ الْقِصَاصِ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى حَدًّا إلَّا قَ ْتلَ قَاطِعِ الطَّرِيقِ سبِ مَا فَإِنَّ فِي اْلمُغ ََّلبِ فِيهِ خِلَافًا َ ،هلْ ُهوَ مَعْنَى الْقِصَاصِ َأوْ مَعْنَى اْلحَدِّ َ ،وَيخْتَلِفُ اْلحُكْمُ ِبحَ ْ النظَرَ فِيهِ ،وَ َق ْولُهُ َأوْ قُدْرَةً إَلخْ يُشِريُ بِهِ إلَى أَنَّ شِبْهَ الْ َعمْدِ يَدْ ُخلُ الْفِ ْعلُ فِيهِ بِحَسَبِ اسْمِ يُقَوِّي َّ خطَأِ فَإِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ بِاخْتِيَارِهِ . الْكَبِريَةِ لِقُدْ َرتِهِ عَلَى الْفِ ْعلِ ِبخِلَافِ الْ َ
َوكَ َذلِكَ مَا سَقَطَ الْقِصَاصُ فِيهِ لِلشُّبْهَةِ كَبِريَةٌ َ ،وإَِّنمَا سَقَطَ الْقِصَاصُ ِلمَاِنعٍ .
وَقَدْ قَالَ الْهَ َروِيُّ قَ ْبلَ َذلِكَ :يُشْتَرَطُ فِي الْعَدْلِ َأنْ لَا يَقْتَرِفَ الْكَبَائِرَ اْلمُوجِبَاتِ لِلْحُدُودِ مِ ْثلَ َالزنَا وَ َق ْطعِ الطَّرِيقِ َأوْ قُدْرَةً مِنْ الْفِ ْعلِ َوِإنْ لَمْ َيجِبْ اْلحَدُّ فِيهَا لِشُبْهَةٍ َأوْ عَ َدمِ حِرْزٍ وَالْقَ ْتلَ السَّرِقَةِ و ِّ َعمْدًا مِنْ غَيْرِ حَقٍّ أَوْ شِبْهَ َعمْدٍ .
وَقَدْ أَشَارَ الرَّافِعِيُّ إلَى َذلِكَ بِ َق ْولِهِ :يُو ِجبُ جِنْسُهَا حَدًّا مِنْ قَ ْتلٍ َأوْ غَيْرِهِ . قَالَ اْلخَطَّابِيُّ َق ْولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :إذَا الْتَقَى اْلمُسْ ِلمَانِ بِسَيْفَيْ ِهمَا فَالْقَاِتلُ وَاْلمَقْتُولُ فِي
النَّارِ ،قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
()363/2
هَذَا الْقَاِتلُ َفمَا بَالُ اْلمَقْتُولِ ؟ قَالَ :إنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَ ْتلِ صَاحِبِهِ } :هَذَا َّإنمَا يَكُونُ كَ َذلِكَ ح ِوهَا ؛ فَأَمَّا مَنْ قَاَتلَ َأ ْهلَ الْبَغْيِ بِالصِّفَةِ إذَا لَمْ يَتَقَاتَلَا بِتَ ْأوِيلٍ َبلْ بِعَدَاوَةٍ َأوْ عُصْبَةٍ َأوْ طَلَبِ ُدنْيَا أَوْ َن ْ جبُ قِتَالُهُمْ عَلَيْهَا فَقََتلَ َأوْ دَ َفعَ عَنْ نَفْسِهِ وَحَرِميِهِ فَإِنَّهُ لَا يَدْ ُخلُ فِي هَذَا اْل َوعِيدِ ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ الَّتِي َي ِ
بِالْقِتَالِ لِلذَّبِّ عَنْ نَفْسِهِ غَيْرُ قَاصِدٍ بِهِ قَتْلَ صَاحِبِهِ َ ،ألَا تَرَاهُ يَقُولُ { :إنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَ ْتلِ صَاحِبِهِ } .
وَمَنْ قَاَتلَ بَاغِيًا َأوْ قَا ِطعَ طَرِيقٍ مِنْ اْلمُسْ ِلمِنيَ فَإِنَّهُ لَا َيحْرِصُ عَلَى قَتْلِهِ َّإنمَا يَدْفَعُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَِإنْ انْتَهَى صَاحِبُهُ كَفَّ عَنْهُ َولَمْ يَتْبَعْهُ ،فَاْلحَدِيثُ لَمْ يَرِدْ فِي َأهْلِ هَذِهِ الصِّفَةِ فَلَا يَدْخُلُونَ فِيهِ ِبخِلَافِ مَنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصِّفَةِ فَإِنَّهُمْ اْلمُرَادُونَ مِنْهُ .
()362/2
( الْكَبِريَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ :قَتْلُ الِْإنْسَانِ لِنَفْسِهِ ) قَالَ -تَعَالَى َ { : -ولَا تَقْتُلُوا
س ْوفَ نُصْلِيهِ نَارًا َوكَانَ َذلِكَ َأنْفُسَكُمْ إنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُ ْم رَحِيمًا وَمَنْ يَفْ َعلْ َذلِكَ عُ ْدوَانًا وَظُ ْلمًا فَ َ عَلَى اللَّهِ يَسِريًا } أَيْ لَا يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا َوإَِّنمَا قَالَ َأنْفُسَكُمْ لِ َق ْولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :
اْل ُمؤْمِنُونَ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ } ؛ َولِأَنَّ الْعَرَبَ يَقُولُونَ :قُتِلْنَا َورَبِّ الْكَعْبَةِ إذَا قُِتلَ بَعْضُهُمْ ؛ لِأَنَّ قَ ْتلَ بَعْضِهِمْ يَجْرِي َمجْرَى قَتْلِهِمْ ؛ َأوْ اْلمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ قَ ْتلِ الِْإنْسَانِ لِنَفْسِهِ حَقِيقَةً َو ُهوَ الظَّاهِرُ َوِإنْ كَانَ ُم َرَأيْت مَا يُصَرِّحُ بِالثَّانِي َو ُهوَ أَنَّ { َعمْرَو بْنَ الْأَوَّلُ ُهوَ اْلمَنْقُولَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالَْأكْثَرِينَ ،ث َّ
الْعَاصِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ احْتَلَمَ فِي غَ ْزوَةِ ذَاتِ السَّلَا ِسلِ َفخَافَ الْهَلَاكَ مِنْ الْبَرْدِ إنْ اغْتَسَلَ فَتَيَمَّمَ
صحَابِك صحَابِهِ الصُّ ْبحَ ثُمَّ ذَكَرَ َذلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ :صَلَّيْت بَِأ ْ َوصَلَّى بَِأ ْ
َوَأْنتَ جُُنبٌ فَأَخْبَرَهُ بِعُذْرِهِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ وَقَالَ :إنِّي َسمِعْت اللَّهَ يَقُول َ { :ولَا تَقْتُلُوا َأنْفُسَكُمْ إنَّ اللَّهَ ضحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َولَمْ يَ ُقلْ شَيْئًا } ،فَدَلَّ هَذَا اْلحَدِيثُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } فَ َ عَلَى أَنَّ َعمْرًا تَأَوَّلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَ ْتلَ نَفْسِهِ لَا نَفْسِ غَيْرِهِ َولَمْ يُنْكِرْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قِيلَ :اْل ُمؤْمِنُ َمعَ إميَانِهِ لَا َيجُوزُ َأنْ يُنْهَى عَنْ قَ ْتلِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ مَ ْلجَأٌ إلَى َأنْ لَا يَقْتُلَهَا ِلوُجُودِ الصَّا ِرفِ َو ُهوَ شِدَّةُ الَْألَمِ َو ِعظَمُ الذَّمِّ َ ،فحِينَئِذٍ لَا فَائِدَةَ لِلنَّهْيِ عَنْهُ .
َوإَِّنمَا يَكُونُ هَذَا النَّهْيُ فِيمَنْ يَعْتَقِدُ فِي قَ ْتلِ نَفْسِهِ مَا يَعْتَقِدُهُ أَ ْهلُ الْهِنْدِ وَ َذلِكَ لَا يَتَأَتَّى فِي اْل ُمؤْمِنِ ، وَ َجوَابُهُ مَ ْنعُ مَا ُذكِرَ مِنْ الِْإْلجَاءِ َبلْ اْل ُمؤْمِنُ َمعَ إميَانِهِ َوعِ ْل ِمهِ
()367/2
َهلُ قَتْلَهُ نَفْسَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْ ِه َ ،ولِ َذلِكَ تَرَى بِقُ ْبحِ َذلِكَ َو ِعظَمِ َأَلمِهِ قَدْ يَلْحَقُهُ مِنْ الْغَمِّ وَالْأَذِيَّةِ مَا يُس ِّ كَثِريًا مِنْ اْلمُسْ ِلمِنيَ يَقْتُلُونَ نُفُوسَهُمْ .
َالزنَا بَعْدَ الْإِحْصَانِ وَالرِّدَّةِ ،ثُمَّ بَيَّنَ -تَعَالَى -أَنَّهُ رَحِيمٌ بِهَذِهِ َأوْ اْلمُرَادُ لَا تَفْعَلُوا مَا يُو ِجبُ الْقَ ْتلَ ك ِّ الْأُمَّةِ َولِأَ ْجلِ رَ ْحمَتِهِ نَهَاهُمْ عَنْ كُلِّ مَا يَ ْلحَقُهُمْ بِهِ مَشَقَّةٌ َأوْ ِمحْنَةٌ َولَمْ يُكَلِّفْهُمْ بِالتَّكَالِيفِ وَالْآصَارِ
صوْهُ تَ ْوبَةً لَهُمْ َكمَا فَ َعلَ بِبَنِي إسْرَائِيلَ الَّتِي كَلَّفَ بِهَا مَنْ قَبْلَهُمْ ،فَلَمْ يَأْمُ ْرهُمْ بِقَتْلِهِمْ نُفُوسَهُمْ إنْ عَ َ الت ْوبَةِ بِ َق ْولِهِ تَبَارَكَ َوتَعَالَى { :فَتُوبُوا إلَى بَا ِرئِكُمْ فَاقْتُلُوا َأنْفُسَكُمْ حَ ْيثُ أَمَ َرهُمْ بِقَ ْتلِ نُفُوسِهِمْ فِي َّ
َذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَا ِرئُكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إنَّهُ ُهوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } فَفَعَلُوا َذلِكَ حَتَّى قُِتلَ مِنْهُمْ فِي حوُ سَبْعِنيَ َألْفًا . سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ َن ْ
وَالْإِشَارَةُ فِي " وَمَنْ يَفْ َعلْ َذلِكَ " إلَى قَ ْتلِ النَّفْسِ فَيَتَرََّتبُ عَلَيْهِ هَذَا اْل َوعِيدُ الشَّدِيدُ ،وَقِيلَ :يَعُودُ إلَى َأ ْكلِ اْلمَالِ بِالْبَا ِطلِ َأيْضًا لِ ِذكْ ِر ِهمَا فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ . ضعِ . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :يَعُودُ إلَى كُلِّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ إلَى هَذَا اْل َم ْو ِ
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ :يَعُودُ إلَى كُلِّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ كَ ِلمَةٍ قُ ِرنَ بِهَا َوعِيدٌ ،
َبلْ مِنْ َق ْولِهِ { :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا َيحِلُّ لَكُمْ َأنْ تَ ِرثُوا النِّسَاءَ كَ ْرهًا } إلَى هُنَا ؛ لِأَنَّهُ لَا َوعِيدَ بَعْدَهُ إلَّا هَذَا ،وَقُيِّدَ اْل َوعِيدُ بِ ِذكْرِ الْعُ ْدوَانِ وَالظُّلْمِ ؛ لَِيخْرُجَ مِنْهُ فِ ْعلُ السَّ ْهوِ وَالْغَلَطِ ،وَاْلجَ ْهلُ
اْلمَعْذُورُ بِهِ َمعَ تَقَارُبِ مَعْنَا ُهمَا لِاخْتِلَافِ لَ ْفظِ ِهمَا كَبُعْدًا وَ ُسحْقًا َ ،وكَ َقوْلِ يَعْقُوبَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَى
نَبِيِّنَا َوعَلَيْهِ َوعَلَى بَنِيهِ وَآبَائِهِ وَسَلَّمَ َّ { : ( -إنمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُ ْزنِي إلَى اللَّهِ }
()363/2
) َوكَ َقوْلِ الشَّاعِرِ َ :وَألْفَى َقوْلَهَا كَ ِذبًا وَمَيْنَا وَالْعُ ْدوَانُ بِالضَّمِّ وَقُرِئَ بِالْكَسْرِ ُ :مجَاوَزَةُ الْحَدِّ .
ضعُ الشَّ ْيءِ فِي غَيْرِ َمحَلِّهِ . وَالظُّلْمُ َ :و ْ
َرهَا . َونُصْلِيهِ نَارًا :نُدْخِلُهُ إيَّاهَا َوَنمَسُّهُ ح َّ
صلِيته َوبِالنُّونِ لِلتَّ ْعظِيمِ ،وَقُرِئَ بِاْليَاءِ أَيْ َولِهِ مِنْ ُأصْلِي ،وَقُرِئَ بِفَ ْتحِهَا مِنْ َ جمْهُورُ بِضَمِّ أ َّ وَقَ َرأَ اْل ُ
اللَّهُ َ ،وتَنْكِريُ نَارًا لِلتَّ ْعظِيمِ َ ،ويَسِريًا أَيْ هَيِّنًا . َوأَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا عَنْ َأبِي هُ َريْرَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ { :مَنْ تَرَدَّى مِنْ جََبلٍ فَقََتلَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهَا خَالِدًا ُمخَلَّدًا فِيهَا َأبَدًا ،
وَمَنْ َتحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يََتحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا َأبَدًا ،وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ ِبحَدِيدَةٍ َفحَدِي َدتُهُ فِي يَدِهِ يََتوَجَّأُ بِهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا ُمخَلَّدًا فِيهَا َأبَدًا } . ي رَمَى نَفْسَهُ مِنْ عَالٍ َكجََبلٍ فَهَلَكَ . َوتَرَدَّى :أَ ْ
َويََتوَجَّأُ بِالْ َهمْزِ .
أَيْ يَضْرِبُ بِهَا نَفْسَهُ . وَالُْبخَارِيُّ { :الَّذِي َيخْنُقُ نَفْسَهُ َيخْنُقُهَا فِي النَّارِ َ ،واَلَّذِي َيطْعَنُ نَفْسَهُ َيطْعَنُهَا فِي النَّارِ َ ،واَلَّذِي يَقَْتحِمُ يَقَْتحِمُ فِي النَّارِ } .
سجِدِ َفمَا نَسِينَا مِنْهُ َدثَنَا جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي هَذَا اْلمَ ْ وَالشَّ ْيخَانِ عَنْ اْلحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ :ح َّ حَدِيثًا وَمَا َنخَافُ َأنْ يَكُونَ جُنْدُبٌ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّ ِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :كَانَ
رَ ُجلٌ بِهِ جِرَاحٌ فَقََتلَ نَفْسَهُ ،فَقَالَ اللَّهُ :بِدَ َرنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ َفحَرَّمْت عَلَيْهِ اْلجَنَّةَ } .
الدمُ وَفِي ِروَايَةٍ { :كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَ ُجلٌ بِهِ جُرْحٌ َفجَ ِزعَ فَأَخَذَ سِكِّينًا َفحَزَّ بِهَا يَدَهُ َفمَا رَقَأَ َّ ت ،فَقَالَ اللَّهُ -تَعَالَى : -بَادَ َرنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ } . حَتَّى مَا َ
َولَفْظُ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَالَ { :إنَّ رَجُلًا كَانَ مِمَّنْ قَبْلَكُمْ
()365/2
َولِهِ جَعْبَةُ النُّشَّابِ -فَنَكََأهَا خَرَ َجتْ ِبوَجْهِهِ قُرْحَةٌ ،فَلَمَّا آ َذتْهُ انْتَ َزعَ سَ ْهمًا مِنْ كِنَانَتِهِ -أَيْ بِكَسْرِ أ َّ الدمُ -أَيْ يَسْكُنُ -حَتَّى مَاتَ ،قَالَ رَبُّكُمْ :قَدْ -بِالْ َهمْزِ :أَيْ َنخَسَهَا وَفَجَّ َرهَا -فَلَمْ يَرْقَأْ َّ
حَرَّ َمتْ عَلَيْهِ اْلجَنَّةَ } .
صحِيحِهِ { أَنَّ رَجُلًا كَاَنتْ بِهِ جِرَاحَةٌ فََأتَى قَ َرنًا لَهُ -أَيْ بِفَتْحَتَيْنِ جَعْبَةُ النُّشَّابِ - وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ صلٌ عَرِيضٌ -فَ َذَبحَ بِهِ نَفْسَهُ ف سَهْمٌ فِيهِ نَ ْ جمَةِ فَفَ ْتحِ الْقَا ِ فَأَخَذَ مِشْقَصًا -أَيْ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ لِ ْلمُ ْع َ ،فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } .
وَالشَّ ْيخَانِ { :مَنْ حَلَفَ عَلَى َيمِنيٍ بِمِلَّةِ غَيْرِ الْإِسْلَامِ كَا ِذبًا مُتَعَمِّدًا فَ ُهوَ َكمَا قَالَ ،وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ
بِشَ ْيءٍ عُذِّبَ بِهِ َي ْومَ الْقِيَامَ ِة َ ،ولَيْسَ عَلَى رَ ُجلٍ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ َ ،ولَعْنُ اْل ُمؤْمِنِ كَقَتْلِهِ ،وَمَنْ رَمَى ُمؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَ ُهوَ كَقَتْلِهِ ،وَمَنْ َذَبحَ نَفْسَهُ بِشَ ْيءٍ عُذِّبَ بِهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } . َححَهُ { :لَيْسَ عَلَى رَ ُجلٍ نَذْرٌ فِيمَا لَا َيمْلِكُ َولَاعِنُ اْل ُمؤْمِنِ كَقَاتِلِهِ ،وَمَنْ قَ َذفَ وَالتِّرْمِذِيُّ َوص َّ َذبَهُ اللَّهُ ِبمَا قََتلَ بِهِ نَفْسَهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } . ُمؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَ ُهوَ كَقَاتِلِهِ ،وَمَنْ قََتلَ نَفْسَهُ بِشَ ْيءٍ ع َّ
وَالشَّ ْيخَانِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْتَقَى ُهوَ وَاْلمُشْ ِركُونَ فَاقْتَتَلُوا فَلَمَّا مَالَ إلَى عَسْكَرِهِ وَمَالَ صحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَ ُجلٌ لَا يَ َدعُ لَهُمْ شَاذَّةً َولَا الْآخَرُونَ إلَى عَسْكَ ِرهِمْ وَفِي َأ ْ جمَةِ فِي ِهمَا مَا انْفَرَدَ عَنْ إلَّا اتَّبَعَهَا جمَةِ وَالْفَاءِ َوتَشْدِيدِ الذَّالِ اْلمُ ْع َ فَاذَّةً -أَيْ َو ُهمَا بِالشِّنيِ اْلمُ ْع َ
اللهُ عَلَيْهِ يَضْ ِربُهَا بِسَيْفِهِ ،فَقَالُوا :مَا أَجْ َزأَ مِنَّا الَْي ْومَ أَحَدٌ َكمَا أَجْ َزأَ فُلَانٌ ،فَقَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى َّ وَسَلَّمَ :أَمَا إنَّهُ مِنْ َأ ْهلِ النَّارِ } .
وَفِي ِروَايَةٍ { :فَقَالُوا :أَيُّنَا مِنْ أَ ْهلِ اْلجَنَّةِ إنْ كَانَ
()366/2
هَذَا مِنْ َأ ْهلِ النَّارِ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْ َق ْومِ َأنَا صَاحِبُهُ َأبَدًا ،قَالَ َ :فخَرَجَ مَعَهُ ك َُّلمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ ضعَ سَيْفَهُ بِالْأَرْضِ جلَ اْل َموْتَ ؛ َف َو َ َوإِذَا أَسْ َرعَ أَسْ َرعَ مَعَهُ قَالَ َ :فجُرِحَ الرَّ ُجلُ جُرْحًا شَدِيدًا فَاسْتَ ْع َ وَ ُذبَابُهُ بَيْنَ ثَ ْديَيْهِ ثُمَّ َتحَا َملَ عَلَى سَيْفِهِ فَقَتَلَ نَفْسَ ُه َ ،فخَرَجَ الرَّ ُجلُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ :أَشْهَدُ أَنَّك رَسُولُ اللَّهِ قَالَ :وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ :الرَّ ُجلُ الَّذِي َذكَرْت آنِفًا أَنَّهُ مِنْ َأ ْهلِ جلَ النَّارِ فََأ ْعظَمَ النَّاسُ َذلِكَ فَقُلْت َ :أنَا لَكُمْ بِهِ َفخَرَجْت فِي طَلَبِهِ حَتَّى جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا فَاسْتَ ْع َ
صلَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ وَ ُذبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ َتحَا َملَ عَلَيْهِ فَقََتلَ نَفْسَهُ ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ضعَ نَ ْ اْل َموْتَ َف َو َ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :إنَّ الرَّ ُجلَ لَيَ ْع َملُ َع َملَ َأ ْهلِ اْلجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ َو ُهوَ مِنْ َأ ْهلِ النَّا ِر َ ،وإِنَّ
الرَّجُلَ لَيَ ْع َملُ َع َملَ َأ ْهلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ َو ُهوَ مِنْ َأ ْهلِ اْلجَنَّةِ } .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ َذلِكَ ُهوَ صَرِيحُ الْآيَةِ وَالْأَحَادِيثِ الَّتِي بَعْ َدهَا ،وَ ُهوَ ظَاهِرٌ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ ،وَالظَّاهِرُ
أَنَّهُ يَدْ ُخلُ فِيهِ وَفِيمَا يَتَرََّتبُ عَلَيْهِ مِنْ اْل َوعِيدِ قَ ْتلُ اْلمُهْدَرِ لِنَفْسِهِ :كَالزَّانِي اْل ُمحْصَنِ وَقَا ِطعِ الطَّرِيقِ اْلمَُتحَتِّمِ قَتْلُهُ لِأَنَّ الِْإنْسَانَ َوِإنْ ُأهْدِرَ دَمُهُ لَا يُبَاحُ لَهُ ُهوَ إرَاقَتُهُ َ ،بلْ َلوْ أَرَاقَهُ لَا يَكُونُ كَفَّارَةً لَهُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َّإنمَا حُكِمَ بِالْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ عُو ِقبَ بِ َذنْبِهِ َ ،وأَمَّا مَنْ عَا َقبَ نَفْسَهُ فَ ُهوَ لَيْسَ
فِي مَعْنَى مَنْ عُو ِقبَ . .
()363/2
َرمِ َأوْ مُقَدِّمَاتِهِ ( الْكَبِريَةُ اْلخَامِسَةَ عَشْرَةَ وَالسَّادِسَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :الِْإعَانَةُ عَلَى الْقَ ْتلِ اْل ُمح َّ وَحُضُورُهُ َمعَ الْقُدْرَةِ عَلَى دَفْعِهِ فَلَمْ يَدْفَعْهُ ) أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ وَالَْأصْبَهَانِيّ عَنْ َأبِي هُ َريْرَ َة َرضِيَ اللَّهُ
شطْرِ كَ ِلمَةٍ لَقِيَ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :مَنْ َأعَانَ عَلَى قَ ْتلِ ُمؤْمِنٍ َوَلوْ بِ َ اللَّهَ َو ُهوَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَ ْحمَةِ اللَّهِ } ،وَمَرَّ هَذَا اْلحَدِيثُ قَرِيبًا َمعَ بَيَانِ مَعْنَا ُه .
وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ { :لَا يَقِفَنَّ أَحَ ُدكُمْ َموْقِفًا يُقَْتلُ فِيهِ رَ ُجلٌ ظُ ْلمًا فَإِنَّ اللَّعْنَةَ تَنْزِلُ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ حِنيَ لَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ } . وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ { :مَنْ جَرَحَ ظَهْرَ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لَقِيَ اللَّهَ َو ُهوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ } ،وَفِي ِروَايَةٍ لَهُ { :ظَهْرُ اْل ُمؤْمِنِ ِحمًى إلَّا ِبحَقِّهِ } .
الصحِيحِ إلَّا ابْنَ لَهِيعَةَ { :لَا يَشْهَدُ أَحَ ُدكُمْ قَتِيلًا لَعَلَّهُ َأنْ يَكُونَ َمظْلُومًا َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ رِجَالُ َّ
خطَةُ } . الس ْ فَتُصِيبُهُ َّ
خطَةُ الس ْ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدِ رِجَالِهِ كَ َذلِكَ { :لَا يَشْهَدُ أَحَ ُدكُمْ قَتِيلًا َفعَسَى َأنْ يُقَْتلَ َمظْلُومًا فَتَنْزِلَ َّ
عَلَيْهِمْ فَتُصِيبَهُ مَعَهُمْ } .
َتنْبِيهٌ :عَدُّ الْأُولَى مِنْ هَ َذيْنِ هُوَ صَرِيحُ اْلحَدِيثِ الْأَوَّلِ ،وَالثَّانِيَةِ ُهوَ صَرِيحُ اْلحَدِيثِ الثَّانِي وَمَا ُم َرَأيْت اْلحَلِيمِيَّ َذكَرَ مَا ُيخَالِفُ َذلِكَ فَقَالَ " :إذَا دَلَّ عَلَى بَعْدَهُ َولَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِ َذلِكَ ،ث َّ
َرمٌ لِدُخُولِهِ فِي َقوْله تَعَالَى َ { :ولَا َمطْلُوبٍ لِيُقَْتلَ ظُ ْلمًا َأوْ أَحْضَرَ ِلمُرِيدِ الْقَ ْتلِ سِكِّينًا فَهَذَا كُلُّهُ ُمح َّ
تَعَا َونُوا عَلَى الِْإثْمِ وَالْعُ ْدوَانِ } لَكِنَّهَا صَغَائِرُ ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا لَيْسَ لَِأنْفُسِهَا بَلْ لِ َك ْونِهَا ذَرَاِئعَ إلَى التمْكِنيِ مِنْ ظُ ْلمِهِ فََأكْثَرُ مَا فِي إعَانَةِ الْقَاِتلِ بِهَا أَنَّ اْلمُعِنيَ يَصِريُ مُشَا ِركًا لَهُ فِي الْقَصْدِ َّ
()363/2
،وَالْقَصْدُ إذَا خَلَا عَنْ الْفِ ْعلِ لَا يَكُونُ كَبِريَةً َوكَ َذلِكَ ُسؤَالُ الرَّ ُجلِ غَيْرَهُ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ طَاعَتُهُ َأنْ
يَقُْتلَ آخَرَ لَيْسَ مِنْ الْكَبَائِرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا إرَادَةُ هَلَاكِهِ مِنْ غَيْرِ َأنْ يَكُونَ مَعَهُ فِ ْعلٌ انْتَهَى .
صطِلَاحِهِ الْغَرِيبِ الْآتِي عَلَى الَْأثَرِ ،وَاْل ُموَافِقِ لِكَلَامِهِمْ وَالْأَحَادِيثِ مَا َذكَرْته َ ،وِإنْ َو ُهوَ مَبْنِيٌّ عَلَى ا ْ
َولَهَا ضَعِيفٌ َو ُهوَ { :مَنْ َأعَانَ عَلَى قَ ْتلِ ُمؤْمِنٍ } ،إَلخْ . س ََّلمْنَا أَنَّ أ َّ
الدلَالَةَ عَلَى الْقَ ْتلِ مِنْ الصَّغَائِرِ مُشْ ِكلٌ لَا ثُمَّ َرَأيْت الْأَذْ َرعِيَّ اعْتَرَضَ اْلحَلِيمِيَّ فَقَالَ مَا َذكَرَهُ مِنْ أَنَّ َّ َالدلَالَةُ عَلَى قَ ْتلِ صحَابُ ِب ُموَافَقَتِهِ عَلَيْهِ ،وَقَدْ عَدُّوا مِنْ الْكَبَائِرِ السِّعَايَةَ إلَى السُّ ْلطَانِ ،و َّ س َمحُ الَْأ ْ يَ ْ اْلمَعْصُومِ ظُ ْلمًا أَقَْبحُهَا .
شطْرِ كَ ِلمَةٍ لَقِيَ اللَّهَ مَكْتُوبًا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفِي اْلحَدِيثِ اْلمَشْهُورِ { :مَنْ َأعَانَ عَلَى قَ ْتلِ مُسْلِمٍ َوَلوْ بِ َ آيِسٌ مِنْ رَ ْحمَةِ اللَّهِ } ،وَمَا َذكَرَهُ فِي ُسؤَالِ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ طَاعَتُهُ فِيهِ َنظَرٌ سَِّيمَا إذَا عُلِمَ أَوْ ظُنَّ أَنَّهُ
ُيطِيعُهُ َويُبَادِرُ إلَى امْتِثَالِ أَمْرِهِ . انْتَهَى .
الصوَابُ مَا َذكَرْته . َو ُهوَ ظَاهِرٌ ،فَاْلوَجْهُ َبلْ َّ
()363/2
( الْكَبِريَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :ضَرْبُ اْلمُسْلِمِ َأوْ الذِّمِّيِّ بِغَيْرِ مُسَوِّغٍ شَ ْرعِيٍّ ) أَخْرَجَ
الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ َأبِي أُمَامَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { : مَنْ جَرَحَ ظَهْرَ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لَقِيَ اللَّهَ َو ُهوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ } ،وَ ُروِيَ َأيْضًا { :ظَهْرُ اْل ُمؤْمِنِ ِحمًى
إلَّا ِبحَقِّهِ } .
الدنْيَا } . َذبُونَ النَّاسَ فِي ُّ وَمُسْلِمٌ { :إنَّ اللَّهَ يُعَذَّبُ الَّذِينَ يُع ِّ
وَفِي ِروَايَةٍ { :الَّذِينَ يَقْذِفُونَ النَّاسَ } وَالْأُولَى َأعَمُّ .
وَ ُروِيَ َ { :ولَا يَقِفَنَّ أَحَ ُدكُمْ َموْقِفًا يُضْرَبُ فِي ِه رَ ُجلٌ ظُ ْلمًا فَإِنَّ اللَّعْنَةَ تَنْزِلُ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ حِنيَ لَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ } .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا َو ُهوَ ظَاهِرٌ لِهَذَا اْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ الَّذِي فِيهِ لَكِنَّ ُهمَا قَيَّدَاهُ بِاْلمُسْلِمِ ،وَاعْتَ َرضَهُ َج ْمعٌ مُتَأَخِّرُونَ بِأَنَّ اْلوَجْهَ أَنَّهُ لَا فَ ْرقَ بَيْنَهُ َوبَيْنَ الذِّمِّيِّ .
َسطِهِ فِي التَّقْيِيدِ بِاْلمُسْلِمِ َنظَرٌ َولَا سَِّيمَا إذَا كَانَ اْلمَضْرُوبُ ذَا رَحِمٍ َ ،ولَا َوعِبَارَةُ الْأَذْ َرعِيِّ فِي َتو ُّ خَفَاءَ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ لَهُ ذِمَّةٌ َأوْ عَهْدٌ مُعْتَبَرٌ َ ،وَأطْلَقَ اْلحَلِيمِيُّ أَنَّ اْلخَدْشَةَ وَالضَّ ْربَةَ وَالضَّ ْربَتَيْنِ مِنْ
الصَّغَائِرِ .
َالدنَاءَةِ انْتَ َهتْ ِدهَا ،وَمِنْ حَيْثُ الشَّ َرفِ و َّ صلُ بَيْنَ مَضْرُوبٍ وَمَضْرُوبٍ مِنْ حَيْثُ الْقُوَّةِ َوض ِّ وَقَدْ يُفْ َ
.
الضرْبِ ح َملَ كَلَامُ الْعُدَّةِ :أَيْ اْل ُمطْلَقُ لِ َك ْونِ َّ وَقَالَ فِي اْلخَا ِدمِ بَعْدَ إيرَادِ كَلَامِ اْلحَلِيمِيِّ إلَّا َأنْ ُي ْ
كَبِريَةً َوأَقَرَّهُ الشَّ ْيخَانِ عَلَى الزَّائِدِ عَلَى َذلِكَ ،ثُمَّ إنَّ التَّقْيِيدَ بِاْلمُسْلِمِ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَالذِّمِّيُّ كَ َذلِكَ انْتَهَى ،وَمَا ُذكِرَ عَنْ اْلحَلِيمِيِّ ُهوَ مَا َذكَرَهُ أَوَّلَ كَلَامِهِ فِي مِنْهَاجِهِ ،وَ َذكَرَهُ فِي آخِرِهِ عَلَى وَجْهٍ
أَشْ َكلَ مِنْ الْأَوَّلِ فَقَالَ َ :وِإنْ تَرَكَ الْقَ ْتلَ إلَى شَ ْيءٍ دُونَهُ مِنْ إيلَامٍ بِضَرْبٍ
()333/2
ضوًا َولَا يُعَطِّلُ عَلَيْهِ مِنْ مَنَافِعِ بَ َدنِهِ مَنْفَعَةً لَمْ يَكُنْ غَيْرِ مُنْتَهِكٍ َأوْ جُرْحٍ لَا يُنْ ِقصُ مِنْ اْل َمجْرُوحِ عُ ْ كَبِريَةً ،فَإِنْ فَ َعلَ َذلِكَ بِأَبٍ أَوْ أُمٍّ َأوْ ذِي رَحِمٍ َأوْ فَعَلَهُ فِي حَ َرمٍ َأوْ شَهْرٍ حَرَامٍ َأوْ اسْتِضْعَافًا ِلمُسْلِمٍ
َأوْ اسْتِعْلَاءً عَلَيْهِ فَ َذلِكَ كَبِريَةٌ . انْتَهَى كَلَامُهُ .
َو ُهوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا أَسَّسَهُ قَ ْبلُ وَاخْتَارَهُ مِنْ الْفَ ْرقِ بَيْنَ الْفَاحِشَةِ الْكَبِريَةِ وَالصَّغِريَةِ َ ،وأَنَّهُ مَا مِنْ َذْنبٍ إلَّا وَفِيهِ صَغِريَةٌ َوكَبِريَ ٌة ،وَقَدْ تَنْقَ ِلبُ الصَّغِريَةُ كَبِريَةً بِقَرِينَ ٍة تُضَمُّ إلَيْهَا وَالْكَبِريَةُ فَاحِشَةٌ بِذَلِكَ إلَّا
الْكُفْرَ فَإِنَّهُ أَ ْفحَشُ الْكَبَائِرِ َولَيْسَ مِنْ َن ْوعِهِ صَغِريَةٌ ،ثُمَّ َذكَرَ لِ َذلِكَ أَمْثِلَةً مِنْهَا الْقَ ْتلُ كَبِريَةٌ َولَِنحْوِ صطِلَاحٌ ُمخَالِفٌ ِلمَا عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ رَحِمٍ فَاحِشَةٌ وَمَا دُونَهُ بِقَيْدِهِ الَّذِي قَدَّمْته عَنْهُ صَغِريَةٌ َوهَذَا ا ْ حوِهِ اْل ُمؤْذِيَ إيذَاءٌ لَهُ وَ َقعَ كَبِريَةً . وَالشَّ ْيخَانِ وَاْلمُتَأَخِّرُونَ ،فَاْلوَجْهُ أَنَّ ضَرْبَ اْلمَعْصُومِ َوَن ْ
ثُمَّ َرَأيْت الْأَذْ َرعِيَّ َذكَرَ مَا ُيؤَيِّدُ مَا َذكَرْته حَيْثُ اعْتَرَضَ اْلحَلِيمِيُّ فَقَالَ :اْلخَدْشَةُ وَالضَّ ْربَةُ إذَا َعظُمَ َأَلمُ ُهمَا َأوْ كَانَ إحْدَا ُهمَا ِلوَالِدٍ َأوْ َولِيٍّ يَنْبَغِي َأنْ تُ ْلحَقَا بِالْكَبَائِرِ .
()333/2
( الْكَبِريَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ وَالتَّاسِعَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :تَ ْروِيعُ اْلمُسْلِمِ وَالْإِشَارَةُ إلَيْهِ بِسِلَاحٍ َأوْ حوِهِ ) أَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ َوَأبُو الشَّ ْيخِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ عَامِرِ بْ ِن َربِيعَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { :أَنَّ َن ْ
رَجُلًا أَخَذَ نَ ْعلَ رَ ُجلٍ فَغَيَّبَهَا َو ُهوَ َيمْزَحُ فَ ُذكِرَ َذلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ
سلِمِ ظُلْمٌ َعظِيمٌ } . َوعُوا اْلمُسْلِمَ فَإِنَّ َر ْوعَةَ اْلمُ ْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :لَا تُر ِّ
وَالطَّبَرَانِيُّ { :مَنْ أَخَافَ ُمؤْمِنًا كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ َأنْ لَا ُيؤَمِّنَهُ مِنْ أَفْزَاعِ َي ْومِ الْقِيَامَةِ } . وَالطَّبَرَانِيُّ َوَأبُو الشَّ ْيخِ { :مَنْ َنظَرَ إلَى مُسْلِمٍ َنظْرَةً ُيخِيفُ ُه فِيهَا بِغَيْرِ حَقٍّ أَخَافَهُ اللَّهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } . ُوعَ َوعَ مُسْ ِلمًا } ،قَالَهُ لَمَّا ر ِّ َوَأبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَ ٍد ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ { :لَا َيحِلُّ ِلمُسْلِمٍ َأنْ يُر ِّ صحَابِهِ بِأَخْذِ حَ ْبلٍ مَعَهُ َو ُهوَ نَائِمٌ فَانْتَبَهَ فَفَ ِزعَ . رَ ُجلٌ مِنْ َأ ْ
َوَأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ { :لَا يَأْخُذَنَّ أَحَ ُدكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لَاعِبًا َولَا جَادًّا } .
وَمُسْلِمٌ { :مَنْ أَشَارَ إلَى أَخِيهِ ِبحَدِيدَةٍ فَإِنَّ اْلمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ َوِإنْ كَانَ أَخَاهُ لَِأبِيهِ َوأُمِّهِ } .
وَالشَّ ْيخَانِ { :إذَا َتوَجَّهَ اْلمُسْ ِلمَانِ بِسَيْفَيْ ِهمَا فَالْقَاِتلُ وَاْلمَقْتُولُ فِي النَّارِ } . وَفِي ِروَايَةٍ لَ ُهمَا { :إذَا اْلمُسْ ِلمَانِ َح َملَ أَحَ ُد ُهمَا عَلَى أَخِيهِ السِّلَاحَ فَ ُهمَا عَلَى حَ ْرفِ جَهَنَّمَ فَإِذَا
قََتلَ أَحَ ُد ُهمَا صَاحِبَهُ دَخَلَاهَا َجمِيعًا ،قَالَ فَقُلْنَا َأوْ قِيلَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاِتلُ َفمَا بَالُ اْلمَقْتُولِ
؟ قَالَ إنَّهُ كَانَ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ } . ،
وَالشَّ ْيخَانِ { :لَا يُشِرْ أَحَ ُدكُمْ إلَى أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ الشَّ ْيطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ فَيَ َقعُ فِي
حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ } َويَنْزِعُ بِاْلمُ ْهمَلَةِ َوكَسْرِ الزَّايِ يَرْمِي َأوْ
()332/2
صلُ النَّ ْزعِ الطَّعْنُ وَالْفَسَادُ . جمَةِ َمعَ فَ ْتحِ الزَّايِ وَمَعْنَاهُ يَرْمِي َويَفْسُدُ َوَأ ْ بِاْلمُ ْع َ ضبِ َوغَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ وَاللَّعْنِ َوغَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي ، تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَ َذيْنِ ُهوَ صَرِيحُ حَدِيثِ الْغَ َ َصلُ َخوْفًا يَشُقُّ َتحَمُّلُهُ عَادَةً ، َويَتَعَيَّنُ َح ْملُ اْلحُرْمَةِ فِي الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا عُلِمَ أَنَّ التَّ ْروِيعَ ُيح ِّ
خ ْوفَ ُيؤَدِّي بِهِ إلَى ضَرَرٍ فِي بَ َدنِهِ أَوْ عَقْلِهِ ،وَ ُح ِملَ الثَّانِي وَالْكَبِريَةُ فِيهِ عَلَى مَا إذَا عُلِمَ أَنَّ َذلِكَ اْل َ عَلَى َذلِكَ َأيْضًا َولَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِ َذلِكَ .
()337/2
السحْرُ الَّذِي لَا كُفْرَ فِيهِ الْكَبِريَةُ الْعِشْرُونَ وَاْلحَا ِديَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ ِّ :
َوتَعْلِيمُهُ كَتَع َُّلمِهِ َ ،وطَ َلبُ َعمَلِهِ ) قَالَ -تَعَالَى { : -وَاتََّبعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِنيُ عَلَى مُلْكِ سُلَ ْيمَانَ
السحْرَ وَمَا ُأنْزِلَ عَلَى اْلمَلَكَيْنِ بِبَاِبلَ وَمَا كَفَرَ سُلَ ْيمَانُ َولَكِنَّ الشَّيَاطِنيَ كَفَرُوا يُع َِّلمُونَ النَّاسَ ِّ
هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُع َِّلمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا َّإنمَا َنحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَع ََّلمُونَ مِنْ ُهمَا مَا يُفَرِّقُونَ
ُرهُمْ َولَا يَنْفَعُهُمْ َولَقَدْ بِهِ بَيْنَ اْلمَرْءِ وَ َزوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إلَّا بِإِ ْذنِ اللَّهِ َويَتَع ََّلمُونَ مَا يَض ُّ عَ ِلمُوا َلمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ َولَبِئْسَ مَا شَ َروْا بِهِ َأنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْ َلمُونَ } .
السحْرِ َوأَنَّهُ إمَّا كُفْرٌ َأوْ كَبِريَةٌ َكمَا يَ ْأتِي فِي الْأَحَادِيثِ . فِي هَذِهِ الْآيَاتِ َدلَالَاتٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى قُبْحِ ِّ َسعَ اْلمُفَسِّرُونَ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْآيَاتِ َوأَرَدْت تَ ْلخِيصَهُ لِكَثْرَةِ َفوَائِدِهِ َو َعظِيمِ جَدْوَاهُ . وَقَدْ و َّ
َقوْله تَعَالَى { :وَاتَّبَعُوا } مَ ْعطُوفٌ عَلَى ُجمْلَةِ " َولَمَّا جَا َءهُمْ " إَلخْ .
وَ َزعْمُ خِلَافِهِ فَاسِدٌ " وَمَا " َم ْوصُولَةٌ وَ َزعْمُ أَنَّهَا نَافِيَةٌ غَلَطٌ " َوتَتْلُوا " ِبمَعْنَى تَ َلتْ وَ " عَلَى " ِبمَعْنَى
َولُهُ َوتَكْذِبُ بِهِ عَلَى شَ ْرعِهِ ، فِي :أَيْ فِي زَمَنِ مُلْكِهِ :أَيْ شَ ْرعِهِ َأوْ تَتْلُوا مُضَمَّنٌ تَتَقَوَّ ُل :أَيْ مَا تَتَق َّ التجَوُّزُ فِي الْأَفْعَالِ َأ ْولَى مِنْهُ فِي اْلحُرُوفِ ،وَأَ ْحوَجَ إلَى َذلِكَ أَنَّ " تَلَا " إذَا تَعَدَّى َوهَذَا َأ ْولَى إذْ َّ
بِعَلَى يَكُونُ اْل َمجْرُورُ بِهَا مَتْلُوًّا عَلَيْهِ وَاْلمُلْكُ لَيْسَ كَ َذلِكَ ،وَقَالَ َأبُو مُسْلِمٍ :يُقَالُ تَلَا عَلَيْهِ إذَا كَذَبَ َ ،وعَنْهُ إذَا صَ َدقَ فَِإنْ ُأطْلِقَ جَازَ الْأَمْرَانِ .
قَالَ الْ َفخْرُ الرَّازِيّ َ :ولَا َيمْتَِنعُ أَنَّ الَّذِي كَانُوا ُيخْبِرُونَ بِهِ عَنْ سُلَ ْيمَانَ مَا يُتْلَى َويُقْ َرأُ ،فَتَجَْت ِمعُ كُلُّ
()333/2
الَْأ ْوصَافِ وَالتِّلَاوَةُ الِاتِّبَاعُ أَوْ الْقِرَاءَةُ َوهَذَا فِي الْيَهُو ِد ،قِيلَ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَنِ نَبِيَِّنا صَلَّى اللَّهُ
ُوتَهُ السحَرَةِ ؛ لِأَنَّ َأكْثَرَ الْيَهُودِ يُنْكِرُونَ نُب َّ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،وَقِيلَ :الَّذِي كَانُوا فِي زَمَنِ سُلَ ْيمَانَ مِنْ َّ
السحْرِ ،وَالَْأ ْولَى أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْفِرْقَتَيْنِ . الدنْيَا َويَعْتَقِدُونَ أَنَّ مُلْكَهُ نَشَأَ عَنْ ِّ َويَعُدُّونَهُ مِنْ ُجمْلَةِ مُلُوكِ ُّ
السحْرِ قَالَ السُّدِّيُّ :عَا َرضُوا نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّوْرَاةِ فَوَافَ َقتْ الْقُرْآنَ فَفَرُّوا إلَى ِّ
اْلمَنْقُولِ عَنْ آصَفَ َوهَارُوتَ وَمَارُوتَ فَهَذَا ُهوَ قَوْله تَعَالَى َ { :ولَمَّا جَا َءهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ َدقٌ ِلمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُو ِرهِمْ } إَلخْ . مُص ِّ
السمَاءِ َويَضُمُّونَ إلَيْهِ َأكَاذِيبَ يُلْقُونَهَا الس ْمعَ مِنْ َّ وَالشَّيَاطِنيُ هُنَا مَرَدَةُ اْلجِنِّ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَرِقُونَ َّ ب َ ،وع ََّلمُوهَا النَّاسَ ،وَفَشَا ذَلِكَ فِي زَمَنِ سُلَ ْيمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالُوا َونُوهَا فِي كُُت ٍ إلَى الْكَهَنَةِ فَد َّ
إنَّ اْلجِنَّ تَعْلَمُ الْغَيْبَ َوكَانُوا يَقُولُونَ هَذَا عِلْمُ سُلَ ْيمَانَ وَمَا تَمَّ مُلْكُهُ إلَّا بِهِ وَ َسحَرَ اْلجِنَّ وَالْإِنْسَ
وَالطَّيْرَ وَالرِّيحَ الَّتِي َتجْرِي بِأَمْرِهِ وَمَرَدَةَ اْلجِنِّ ؛ ِلمَا ُروِيَ أَنَّ سُلَ ْيمَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا َوعَلَيْهِ
حتَ سَرِيرِ مُلْكِهِ َخوْفًا عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ قَدْ دَفَنَ كَثِريًا مِنْ الْعُلُومِ الَّتِي خَصَّهُ اللَّهُ -تَعَالَى -بِهَا َت ْ َصلَ مُنَافِقُونَ إلَى َأنْ كَتَبُوا فِي هَلَكَ الظَّاهِرُ مِنْ تِلْكَ الْعُلُومِ يَبْقَى هَذَا اْلمَدْفُونُ مِنْهَا فَبَعْدَ مُدَّةٍ َتو َّ السحْرِ تُنَا ِسبُ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ مِنْ بَ ْعضِ اْلوُجُوهِ ثُمَّ بَعْدَ َم ْوتِهِ وَاطِّلَاعِ النَّاسِ عَلَى خِلَالِهَا أَشْيَاءَ مِنْ ِّ
صلَ إلَّا بِهِ . تِلْكَ الْكُُتبِ َأ ْو َهمُوا النَّاسَ أَنَّهُ مِنْ َع َملِ سُلَ ْيمَانَ َوأَنَّهُ مَا َوصَلَ إلَى مَا َو َ السحْرَ لِسُلَ ْيمَانَ إمَّا لِتَ ْفخِيمِ شَ ْأنِ ثُمَّ إضَافَتُهُمْ ِّ
()335/2
ِالسحْرِ َ ،وإِمَّا لِأَنَّهُ لَمَّا سُخِّرَ السحْرِ لِتَقْبَلَهُ النَّاسُ َ ،وإِمَّا لِقَوْلِ الْيَهُودِ إنَّهُ مَا وُجِدَ َذلِكَ اْلمُلْكُ إلَّا ب ِّ ِّ لَهُ مَا مَرَّ كَالْجِنِّ َوكَانَ ُيخَاِلطُهُمْ َويَسْتَفِيدُ مِنْهُمْ أَسْرَارًا َعجِيبَةً غَ َلبَ عَلَى الظُّنُونِ الْفَاسِدَةِ أَنَّهُ -
َرأَهُ اللَّهُ -تَعَالَى -بِ َق ْولِهِ السحْ ُر كُفْرٌ فَلِ َذلِكَ ب َّ السحْرَ مِنْهُمْ وَ َذلِكَ ِّ حَاشَاهُ اللَّهُ مِنْ َذلِكَ -اسْتَفَادَ ِّ
{ :وَمَا كَفَرَ سُلَ ْيمَانُ } الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُمْ نَسَبُوهُ لِلْكُفْرِ َكمَا ُروِيَ عَنْ بَ ْعضِ أَحْبَارِ الْيَهُودِ أََّنهُمْ قَالُوا
َألَا تَ ْعجَبُونَ مِنْ ُمحَمَّدٍ يَ ْزعُمُ أَنَّ سُلَ ْيمَانَ كَانَ نَبِيًّا وَمَا كَانَ سَاحِرًا .
َرأَهُ اللَّهُ مِنْ َذلِكَ َوبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ السحْرَ عَنْ سُلَيْمَانَ فَب َّ وَ ُروِيَ أَنَّ َسحَرَةَ الْيَهُودِ َز َعمُوا أَنَّهُمْ أَخَذُوا ِّ السحْرُ :لُغَةً الْكُفْرَ الْقَبِيحَ َّإنمَا ُهوَ لَاحِقٌ بِهِمْ بِ َق ْولِهِ تَبَارَكَ َوتَعَالَى َ { :ولَكِنَّ الشَّيَاطِنيَ كَفَرُوا } ،وَ ِّ كُلُّ مَا َلطَفَ وَدَقَّ ،مِنْ َسحَرَهُ إذَا َأبْدَى لَهُ أَمْرًا فَدَقَّ عَلَيْهِ وَخَفِيَ ،وَمِنْهُ { :فَلَمَّا َألْ َقوْا َسحَرُوا
َأعْيُنَ النَّاسِ } َو ُهوَ مَصْدَرٌ شَاذٌّ إذْ لَمْ يَأْتِ مَصْدَرٌ لِفِ ْعلِ يَفْ َعلُ بِفَ ْتحِ عَيْنِهِ فِي ِهمَا عَلَى فِعْلٍ بِكَسْرٍ َالرئَةُ وَمَا تَعَلَّقَ بِاْلحُلْقُومِ َو ُهوَ يَرْ ِجعُ َولِهِ الْغِذَاءُ ِلخَفَائِهِ و ِّ َالسحْرُ بِفَ ْتحِ أ َّ فَسُكُونٍ إلَّا هَذَا وَفَ َعلَ و َّ
ِلمَعْنَى اْلخَفَاءِ َأيْضًا ،وَمِنْهُ قَوْلُ عَائِشَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ُ { :توُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ َسحْرِي َوَنحْرِي } ،و َقوْله تَعَالَى َّ { :إنمَا َأْنتَ مِنْ اْل ُمسَحَّرِينَ } مَعْنَاهُ مِنْ اْل َمخْلُوقِنيَ الَّذِي
ُيطْ َعمُونَ َويَشْ َربُونَ بِ َدلِيلِ َق ْولِهِ { :مَا َأْنتَ إلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا } أَيْ وَمَا َأْنتَ إلَّا ذُو ِسحْرٍ مِثْلُنَا . الت ْموِيهِ وَاْلخِدَاعِ ، وَشَ ْرعًا َيخْتَصُّ بِكُلِّ أَمْرٍ َيخْفَى سَبَبُهُ َو ُع ِملَ عَلَى غَيْرِ حَقِيقَتِ ِه َ ،وَيجْرِي َمجْرَى َّ
وَحَ ْيثُ ُأطْلِقَ فَهُوَ مَذْمُومٌ ،وَقَدْ يُسْتَ ْعمَلُ مُقَيَّدًا فِيمَا يَنْفَعُ
()336/2
ضحُ سحْرًا } :أَيْ لِأَنَّ صَاحِبَهُ يُو ِ َوُيمْدَحُ ،وَمِنْهُ َق ْولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :إنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَ ِ
اْلمُشْ ِكلَ َويَكْشِفُ عَنْ حَقِيقَتِهِ ِبحُسْنِ بَيَانِهِ َوبَلِيغِ عِبَا َرتِهِ ،وَالْ َقوْلُ بِأَنَّهُ خَرَجَ َمخْرَجَ الذَّمِّ لِلْفَصَاحَةِ ِالسحْرِ بَعِيدٌ وَاسْتُدِلَّ ِبمَا لَا َدلَالَةَ فِيهِ َو ُهوَ َق ْولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :فَلَعَلَّ وَالْبَلَاغَةِ إذْ شَبَهُهُ ب ِّ
بَعْضَكُمْ َأنْ يَكُونَ َأْلحَنَ ِبحُجَّتِهِ مِنْ بَ ْعضٍ } .
وَ َق ْولُهُ { :إنَّ َأبْغَضَكُمْ إلَيَّ الثَّ ْرثَارُونَ اْلمُتَفَيْهِقُونَ } .
حوُهُ ،وَيُقَالُ الثَّ ْرثَرَةُ :كَثْرَةُ الْكَلَامِ َوتَرْدِيدُهُ ،يُقَالُ ثَ ْرثَرَ الرَّ ُجلُ فَ ُهوَ ثَ ْرثَارٌ مِهْذَارٌ ،وَاْلمُتَفَيْهِقُونَ َن ْ
َطعَ ،نَعَمْ . َسعَ َوتَن َّ فُلَانٌ يَتَفَيْهَقُ فِي كَلَامِهِ إذَا َتو َّ نُ ِقلَ هَذَا الْ َقوْلُ َأعْنِي أَنَّ َذلِكَ ذَمٌّ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ رَاوِي اْلحَدِيثِ َوصَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ فَقَالَ :
سحْرًا } ،فَالرَّ ُجلُ يَكُونُ عَلَيْهِ اْلحَقُّ َو ُهوَ َأْلحَنُ أَمَّا َق ْولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :إنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَ ِ
حمَدُ الْعُ َلمَاءُ سحَرُ الْ َق ْومَ بِبَيَانِهِ فَيَ ْذ َهبُ بِالْحَقِّ َو ُهوَ عَلَيْهِ َ ،وإَِّنمَا َي ْ ججِ مِنْ صَا ِحبِ اْلحَقِّ فَيَ ْ حَ بِاْل ُ َق ؛ َوعَلَى صوِيرِ الْبَا ِطلِ فِي صُورَةِ اْلح ِّ الْبَلَاغَةَ وَاللِّسَانَ مَا لَمْ َتخْرُجْ إلَى حَدِّ الِْإطْنَابِ وَالْإِسْهَابِ وَتَ ْ ضحُ الْ َقوْلِ الْأَوَّلِ َأعْنِي أَنَّ َذلِكَ مَدْحٌ لِلْفَصَاحَةِ اْلمُبَيِّنَةِ لِ ْلحَقِّ وَالرَّافِعَةِ لِأَشْكَالِهِ فَإَِّنمَا سُمِّيَ مَا يُو ِ
الْحَقَّ ِسحْرًا َو ُهوَ َّإنمَا قُصِدَ بِهِ إظْهَارُ اْلخَفَاءِ لَا إخْفَاءُ الظَّاهِرِ عَكْسُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ السِّحْرِ ؛ لِأَنَّ السحْرَ َّالذِي يَسَْتمِيلُ الْقُلُوبَ مِنْ هَذَا اْلوَجْهِ . َذلِكَ الْقَدْرَ لِ ُلطْفِهِ وَحُسْنِهِ اسَْتمَالَ الْقُلُوبَ فَأَشْبَهَ ِّ
السحْرَ مِنْ َوَأيْضًا فَالْقَادِرُ عَلَى الْبَيَانِ يَكُونُ غَالِبًا قَادِرًا عَلَى َتحْسِنيِ اْلقَبِيحِ َوتَقْبِيحِ اْلحَسَنِ فَأَشْبَهَ ِّ هَذَا اْلوَجْهِ َأيْضًا .
السحْرَ لَهُ حَقِيقَةٌ وَاخْتَلَفَ الْعُ َلمَاءُ فِي أَنَّ ِّ
()333/2
َأمْ لَا ؟ فَقَالَ بَ ْعضُ الْعُ َلمَاءِ إنَّهُ َتخْيِيلٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ لِ َق ْولِهِ تَعَالَى ُ { :يخََّيلُ إلَيْهِ مِنْ ِسحْ ِرهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى } وَقَالَ الَْأكْثَرُونَ َو ُهوَ الَْأصَحُّ الَّذِي دََّلتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ لَهُ حَقِيقَةٌ لِأَنَّ { اللَّعِنيَ لَبِيدَ بْنَ الَْأعْصَمِ
الْيَهُودِيَّ السَّاحِرَ َسحَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َوأَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِخْرَاجِ ِسحْرِهِ
مِنْ بِئْرِ ذِي أَ ْروَانَ بِ َدلَالَةِ اْلوَحْيِ لَهُ عَلَى َذلِكَ فَأُخْرِجَ مِنْهَا ،فَكَانَ ذَا عُقَدٍ َفحُلَّتْ عُقَدُهُ فَكَانَ ك َُّلمَا ح َُّلتْ مِنْهُ عُقْدَةٌ خَفَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى َأنْ فَ َر َغتْ فَصَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأََّنمَا
نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ } .
سحَرَهُ الْيَهُودُ فَانْكَتَ َفتْ يَدُهُ فَأَجْلَاهُمْ وَ َذ َهبَ ابْنُ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا إلَى خَيْبَرَ لَِيخْرُصَ َثمَ َرهَا فَ َ
ُعمَرُ .
ريهَا ؟ وَجَاءَتْ امْ َرأَةٌ إلَى عَائِشَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَاَلتْ :يَا أُمَّ اْل ُمؤْمِنِنيَ مَا عَلَى اْلمَ ْرأَةِ إذَا عَقَ َلتْ بَعِ َ فَقَاَلتْ عَائِشَةُ َولَمْ تَفْهَمْ مُرَادَهَا :لَيْسَ عَلَيْهَا شَ ْيءٌ ،فَقَاَلتْ :إنِّي عَقَلْت َزوْجِي عَنْ النِّسَاءِ ،
فَقَاَلتْ عَائِشَةُ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا :أَخْرِجُوا عَنِّي هَذِهِ السَّاحِ َرةَ .
السحْرِ مَا ُهوَ َتخْيِيلٌ َبلْ مِنْهُ َذلِكَ وَمَا لَهُ حَقِيقَةٌ . جوَابُ عَنْ الْآيَةِ أَنَّا لَا َنمَْنعُ أَنَّ مِنْ ِّ وَاْل َ
صمُكَ مِنْ النَّاسِ السحْرُ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ َقوْله تَعَالَى َ { :واَللَّهُ يَعْ ِ َوإَِّنمَا أَثَّرَ ِّ
حوَادِثِ صمَةِ اْلجَسَدِ عَمَّا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ اْل َ صمَةُ الْقَ ْلبِ ،وَالْإِميَانِ دُونَ عِ ْ } إمَّا لِأَنَّ اْلمُرَادَ مِنْهُ عِ ْ ت ُربَاعِيَّتُهُ وَ ُرمِيَ عَلَيْهِ الْكَرِشُ وَالتُّرَابُ وَآذَاهُ جَمَاعَةٌ الدنَْيوِيَّةِ ،وَمِنْ ثَمَّ ُسحِرَ وَشُجَّ وَجْهُهُ َوكُسِرَ ْ ُّ
صمَةُ النَّفْسِ عَنْ الِافْتِلَاتِ دُونَ الْ َعوَارِضِ الَّتِي تَعْرِضُ لِلْبَدَنِ َمعَ مِنْ قُ َريْشٍ َ ،وإِمَّا لِأَنَّ اْلمُرَادَ عِ ْ
سَلَامَةِ النَّفْسِ . الصوَابُ َوهَذَا َأ ْولَى َبلْ ُهوَ َّ
()333/2
لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ ُيحْرَسُ فَلَمَّا نَ َزَلتْ الْآيَةُ أَمَ َر بِتَرْكِ اْلحَرْسِ .
الدهْرِ يَعْبُدُونَ الْ َكوَا ِكبَ َولُهَا ِ :سحْرُ الْكَسَدَانِيِّنيَ الَّذِينَ كَانُوا فِي قَ ِدميِ َّ السحْرُ عَلَى أَقْسَامٍ :أ َّ ثُمَّ ِّ َويَ ْز ُعمُونَ أَنَّهَا اْلمُدَبِّرَةُ لِلْعَالَمِ ،وَمِنْهَا يَصْدُرُ كُلُّ َمظْهَرِ خَ ْيرٍ وَشَرٍّ َوهُمْ اْلمَبْعُوثُ إلَيْهِمْ إبْرَاهِيمُ ث فِ َرقٍ : صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا َوعَلَيْهِ َوعَلَى آبَائِهِ َوَأبْنَائِهِ وَسَلَّمَ مُ ْبطِلًا مَقَالَتَهُمْ وَرَادًّا عَلَيْهِمْ َوهُمْ ثَلَا ُ
الْأُولَى :الَّذِينَ يَ ْز ُعمُونَ أَنَّ الْأَفْلَاكَ وَالْ َكوَا ِكبَ وَاجِبَةُ اْلوُجُودِ لِ َذوَاتِهَا غَنِيَّةٌ عَنْ مُوجِدٍ وَمُدَبِّرٍ وَخَالِقٍ الدهْرِيَّةُ . َوهِيَ اْلمُدَبِّرَةُ لِعَالَمِ الْ َك ْونِ وَالْفَسَادِ َوهُمْ الصَّابِئَةُ َّ
َركِهَا فَعَبَدُوهَا حوَادِثِ بِاسْتِدَا َرتِهَا َوَتح ُّ وَالثَّانِيَةُ :الْقَائِلُونَ بِِإلَهِيَّةِ الْأَفْلَاكِ َز َعمُوا أَنَّهَا هِيَ اْل ُمؤَثِّرَةُ لِ ْل َ َوعَظَّمُوهَا َواَِّتخَذُوا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا هَيْكَلًا َمخْصُوصًا َوصََنمًا مُعَيَّنًا وَاشْتَغَلُوا ِبخِدْمَتِهَا فَهَذَا دِينُ
عَبَدَةِ الَْأصْنَامِ وَالَْأ ْوثَانِ .
النجُومِ وَالْأَفْلَاكِ فَاعِلًا ُمخْتَارًا َأوْجَ َدهَا بَعْدَ الْعَ َدمِ إلَّا أَنَّهُ -تَعَالَى َ -أ ْعطَاهَا وَالثَّالِثَةُ َ :أثْبَتُوا لِهَذِهِ ُّ قُوَّةً غَالِبَةً نَافِذَةً فِي هَذَا الْعَالَمِ وَفَوَّضَ تَ ْدبِريَهُ إلَيْهَا .
صحَابِ الَْأ ْوهَامِ وَالنُّفُوسِ الْ َقوِيَّةِ . الن ْوعُ الثَّانِي ِ :سحْرُ َأ ْ َّ الثَّاِلثُ :الِاسْتِعَانَةُ بِالْأَ ْروَاحِ الْأَ ْرضِيَّةِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْ َقوْلَ بِاْلجِنِّ مِمَّا َأنْكَرَهُ بَ ْعضُ مُتَأَخِّرِي الْفَلَاسِفَةِ وَاْلمُعْتَ ِزلَةِ َ ،وأَمَّا َأكَابِرُ الْفَلَاسِفَةِ فَلَمْ
َم ْوهُمْ الْأَ ْروَاحَ الْأَ ْرضِيَّةَ َوهِيَ فِي نَفْسِهَا مُخْتَلِفَةٌ ،مِنْهَا خَيِّرَةٌ َوهُمْ ُمؤْمِنُوهُمْ يُنْكِرُوهُ إلَّا أَنَّهُمْ س َّ وَشِرِّيرَةٌ َوهُمْ كُفَّا ُرهُمْ .
ِن رَا ِكبَ السَّفِينَةِ يَ ْنظُ ُرهَا الرَّاِبعُ :التَّخْيِيلَاتُ وَالْأَخْذُ بِالْعُيُونِ ،وَ َذلِكَ لِأَنَّ أَخْلَاطَ الْبَصَرِ كَثِريَ ٌة ،فَإ َّ وَاقِفَةً وَالشَّطَّ
()333/2
َالذبَالَةُ تُدَارُ بِسُ ْرعَةٍ تُرَى َركًا وَاْلمَُتحَرِّكُ يُرَى سَاكِنًا ،وَالْ َقطْرَةُ النَّا ِزلَةُ تُرَى خَطًّا مُسْتَقِيمًا ،و ُّ مَُتح ِّ دَائِرَةً َوأَمْثَالُ َذلِكَ .
سبِ الْهَنْدَسِيَّةِ مِ ْثلَ صُورَةِ فَرَسٍ اْلخَامِسُ :الَْأ ْعمَالُ الْ َعجِيبَةُ الَّتِي َتظْهَرُ مِنْ تَ ْركِيبِ الْآلَاتِ عَلَى النِّ َ ضتْ سَاعَةٌ مِنْ النَّهَارِ صَوَّتَ الْبُوقُ مِنْ غَيْرِ َأنْ َيمَسَّهُ أَحَدٌ ،وَمِ ْثلُ تَصَاوِيرِ الرُّومِ فِي يَدِهِ بُوقٌ فَإِذَا مَ َ ضحِكِ ضحِكِ السُّرُورِ َو َ َرقَ بَيْنَ َ الصوَرِ مِنْ َك ْونِهَا ضَاحِكَةً َوبَاكِيَةً حَتَّى يُف َّ عَلَى اخْتِلَافِ أَ ْحوَالِ ُّ
ضحِكِ الشَّا ِمتِ َوكَانَ ِسحْرُ َسحَرَةِ فِ ْر َع ْونَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ ؛ َويَنْدَرِجُ فِي هَذَا عِلْمُ جَرِّ جلِ َو َ خَ اْل َ َد مِنْ بَابِ الَْأثْقَالِ َو ُهوَ َأنْ َيجُرَّ شَيْئًا ثَقِيلًا َعظِيمًا بِآلَةٍ خَفِيفَةٍ سَهْلَةٍ ،وَهَذَا فِي اْلحَقِيقَةِ لَا يَنْبَغِي َأنْ يُع َّ
السحْرِ ؛ لِأَنَّ لَهَا أَسْبَابًا مَعْلُومَةً يَقِينِيَّةً مَنْ اطَّ َلعَ عَلَيْهَا قَدَرَ عَلَيْهَا . ِّ
ح ِوهَا . خوَاصِّ الْأَ ْد ِويَةِ اْلمُبَلِّدَةِ وَاْلمُزِيلَةِ لِلْعَ ْقلِ َوَن ْ السَّادِسُ :الِاسْتِعَانَةُ ِب َ
َدعِيَ إنْسَانٌ أَنَّهُ يَعْ ِرفُ الِاسْمَ الَْأ ْعظَمَ َ ،وأَنَّ اْلجِنَّ ُتطِيعُهُ َويَنْقَادُونَ السَّاِبعُ :تَعْلِيقُ الْقَ ْلبِ َو ُهوَ َأنْ ي َّ صلَ فِي نَفْسِهِ التمْيِيزِ اعْتَقَدَ أَنَّ ُه حَقٌّ َوتَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِ َذلِكَ وَحَ َ لَهُ ،فَإِذَا كَانَ السَّامِعُ ضَعِيفَ الْعَ ْقلِ قَلِيلَ َّ
خ ْوفِ َ ،فحِينَئِذٍ يََتمَكَّنُ السَّاحِرُ مِنْ َأ ْن يَفْ َعلَ فِيهِ مَا شَاءَ . الر ْعبِ وَاْل َ َن ْوعٌ مِنْ ُّ
السحْرُ ُيخِْبلُ َوُيمْرِضُ َويَقُْتلُ َ ،وَأوْ َجبَ الْقِصَاصَ وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ ِّ : عَلَى مَنْ قَتَلَ بِهِ فَ ُهوَ مِنْ َعمَلِ الشَّ ْيطَانِ يَتَلَقَّاهُ السَّاحِرُ مِنْهُ بِتَعْلِيمِهِ إيَّاهُ فَإِذَا تَلَقَّاهُ مِنْهُ اسْتَ ْعمَلَهُ فِي
غَيْرِهِ .
وَقِيلَ :إنَّهُ ُيؤَثِّرُ فِي قَلْبِ الَْأعْيَانِ ،وَقِيلَ ؛ الَْأصَحُّ أَنَّهُ َتخْيِيلٌ لَكِنَّهُ ُيؤَثِّرُ فِي الَْأبَدَانِ بِالْأَمْرَاضِ وَاْل َموْتِ وَاْلجُنُونِ ؛ َولِلْكَلَامِ تَ ْأثِريٌ فِي الطِّبَاعِ وَالنُّفُوسِ َكمَا إذَا َس ِمعَ
()333/2
ضبُ وَرَُّبمَا حُمَّ مِنْهُ ،وَقَدْ مَاتَ َق ْومٌ بِكَلَامٍ َسمِعُوهُ فَ ُهوَ ِبمَنْزِلَةِ الْعِ َللِ الَّتِي حمَرُّ َويَغْ َ إنْسَانٌ مَا يَكْرَهُ فََي ْ
ُتؤَثِّرُ فِي الَْأبْدَانِ .
قَالَ الْقُ ْرطُبِيُّ :قَالَ عُ َلمَا ُؤنَا :لَا يُنْكَرُ َأنْ َيظْهَرَ عَلَى يَدِ السَّاحِرِ خَ ْرقُ الْعَادَاتِ ِبمَا لَيْسَ فِي مَقْدُورِ الدلِيلُ عَلَى اسِْتحَالَةِ الْبَشَرِ مِنْ مَرَضٍ َوتَفْرِيقٍ وَ َزوَالِ عَ ْقلٍ َوتَ ْعوِيجِ عَضُدٍ إلَى غَ ْيرِ َذلِكَ مِمَّا قَامَ َّ
َك ْونِهِ مِنْ مَقْدُورَاتِ الْعِبَادِ . السحْرِ َأنْ يُسْتَدَقَّ جِسْمُ السَّاحِرِ حَتَّى يََتوََّلجَ فِي الْكُوَّاتِ وَالِانْتِصَابِ عَلَى َرأْسِ قَالُوا َ :ولَا يَبْعُدُ فِي ِّ قَصَبَةٍ ،وَاْلجَرْيِ عَلَى خَيْطٍ مُسْتَدَقٍّ ،وَالطَّيَرَانِ فِي الْ َهوَاءِ ،وَاْلمَشْيِ عَلَى اْلمَاءِ ،وَ ُركُوبِ كَ ْلبٍ
السحْرُ عِلَّةً لِ َذلِكَ َولَا مُوجِبًا لَهُ َوإَِّنمَا َيخْلُقُ اللَّهُ -تَعَالَى -هَذِهِ الْأَشْيَاءَ َوغَيْرِ َذلِكَ َ ،ولَا يَكُونُ ِّ السحْرِ َكمَا َيخْلُقُ الشَِّبعَ عِنْدَ الَْأ ْكلِ وَالرَّيَّ عِنْدَ شُرْبِ اْلمَاءِ . عِنْدَ وُجُودِ ِّ
الذهَبِيِّ أَنَّ سَاحِرًا كَانَ عِنْدَ اْل َولِيدِ بْنِ عُقْبَةَ َيمْشِي عَلَى اْلحَ ْبلِ َويَ ْد ُخلُ فِي وَ َروَى سُفْيَانُ عَنْ عَامِرٍ َّ
حمَارِ َوَيخْرُجُ مِنْ فِيهِ فَاشَْت َملَ جُنْدُبٌ عَلَى سَيْفِهِ وَقَتَلَهُ بِهِ َ ،و ُهوَ جُنْدُبُ بْنُ كَ ْعبٍ الْأَزْدِيُّ ا ْستِ اْل ِ
َويُقَالُ الَْبجَلِيُّ َ ،و ُهوَ الَّذِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَقِّهِ { :يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَ ُجلٌ يُقَالُ
َرقُ بِهَا بَيْنَ اْلحَقِّ وَالْبَا ِطلِ } فَكَانُوا يَ َر ْونَهُ جُنْ ُدبًا هَذَا قَاِتلَ لَهُ جُنْدُبٌ يَضْرِبُ ضَ ْربَةً بِالسَّيْفِ يُف ِّ السَّاحِرِ .
قَالَ عَلِيُّ بْنُ اْلمَدِينِيِّ َ :روَى عَنْهُ حَا ِرثَةُ بْنُ مُصْ ِرفٍ َ ،وَأنْكَرَ اْلمُعْتَ ِزلَةُ الَْأْنوَاعَ الثَّلَاثَةَ الُْأوَلَ ،قِيلَ َولَعَلَّهُمْ كَفَّرُوا مَنْ قَالَ بِهَا َوبِوُجُو ِدهَا َ :وأَمَّا َأ ْهلُ السُّنَّةِ َفجَوَّزُوا الْكُلَّ ،وَقُدْرَةُ السَّاحِرِ عَلَى َأنْ
حمَارَ إنْسَانًا َ ،وغَيْرِ َذلِكَ مِنْ َأْنوَاعِ الشَّعْبَذَةِ إلَّا أَنَّهُمْ َيطِريَ فِي الْ َهوَاءِ َوَأنْ يَقْ ِلبَ الِْإنْسَانَ ِحمَارًا وَاْل ِ
()333/2
قَالُوا إنَّ اللَّهَ -تَعَالَى ُ -هوَ اْلخَالِقُ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ عِنْدَ إلْقَاءِ السَّاحِرِ كَ ِلمَاتِهِ اْلمُعَيَّنَ َة ؛ َويَدُلُّ لِ َذلِكَ َقوْله تَعَالَى { :وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إلَّا بِإِ ْذنِ اللَّهِ } .
السحْرُ حَتَّى قَالَ إنَّهُ لَيُخََّيلُ إلَيَّ أَنِّي أَقُولُ الشَّ ْيءَ وَمَرَّ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ُسحِرَ َو ُع ِملَ فِيهِ ِّ َوأَفْعَلُهُ َولَمْ أَقُلْهُ َولَمْ أَفْعَلْهُ ،وَالسَّاحِرُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِيدُ بْنُ الَْأعْصَمِ َوبَنَاتُهُ جَعَلُوا تِلْكَ حتَ رَاعُوفَةِ اْلبِئْرِ الْعُقْدَةَ الَّتِي نَفَثْنَ عَلَيْهَا فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعِ َنخْ َلةٍ َو َوضَعُوا َذلِكَ َت ْ
الن ْومِ يَقُولُ أَحَ ُد ُهمَا لِلْآخَرِ : السَّافِلَةِ فَأَثَّرَ فِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَامَ َذلِكَ حَتَّى َرأَى مَلَكَيْنِ فِي َّ سحُورٌ ،قَالَ مَنْ طَبَّهُ ؟ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الَْأ ْعصَمِ قَالَ مَا مَرَضُ الرَّ ُجلِ ؟ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ َمطْبُوبٌ :أَيْ مَ ْ فِيمَ ذَا ؟ قَالَ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَ ْلعِ َنخْلَةٍ .
قَالَ فََأيْنَ ُهوَ ؟ قَالَ فِي بِئْرِ ذِي أَ ْروَانَ } .
َروَاهُ الشَّ ْيخَا ِن َ ،ولَ ْفظُ ُهمَا عَنْ عَائِشَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا { :يَا عَائِشَةُ :أَشَعَرْت أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا
َي ،فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ َرأْسِي اسْتَفْتَيْته فِيهِ ؟ جَا َءنِي رَجُلَانِ فَقَعَدَ أَحَ ُد ُهمَا عِنْدَ َرأْسِي وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْل َّ
لِلَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ َ ،أوْ الَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ لِلَّذِي عِنْدَ َرأْسِي مَا وَ َجعُ الرَّ ُجلِ ؟ قَالَ َ :مطْبُوبٌ ،قَالَ : مَنْ طَبَّهُ ؟ قَالَ :لَبِيدُ بْنُ الَْأعْصَمِ . قَالَ فِي أَيِّ شَ ْيءٍ .
؟ قَالَ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةِ َذكَرٍ . قَالَ فََأيْنَ ُهوَ ؟ قَالَ فِي بِئْرِ ذِي أَ ْروَانَ َ ،ولَمَّا أُخْبِرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِ َذلِكَ َذ َهبَ إلَى تِلْكَ الْبِئْرِ
السحْرَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي نُعَِتتْ لَ ُه ،وَمُسِخَ مَا ُؤهَا حَتَّى صَارَ كَنُقَاعَةِ اْلحِنَّاءِ َوطَ َلعَ ،فَأَخْرَجَ َذلِكَ ِّ خلُ الَّذِي َح ْولَهَا حَتَّى صَارَ كَ ُرءُوسِ الشَّيَاطِنيِ َ ،وَأنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ َوتَعَالَى الن ْ َّ
()332/2
السحْرِ } . اْلمُعَوِّ َذتَيْنِ فَكَانَتَا شِفَاءً لَهُ َولِأُمَّتِهِ مِنْ ِّ وَ ُروِيَ " :أَنَّ امْ َرأَةً َأَتتْ عَائِشَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَتْ إنِّي سَاحِرَةٌ َهلْ لِي مِنْ َت ْوبَةٍ ؟ قَاَلتْ :وَمَا
السحْرِ ،فَقَالَا :يَا ضعِ الَّذِي فِيهِ هَارُوتُ وَمَارُوتُ َأطْ ُلبُ عِلْمَ ِّ ِسحْرُك ؟ فَقَاَلتْ :سِرْت إلَى اْل َم ْو ِ
الدنْيَا فََأبَيْت ،فَقَالَا لِي :ا ْذهَبِي فَبُولِي عَلَى َذلِكَ الرَّمَادِ ، أَمَةَ اللَّهِ لَا َتخْتَارِي عَذَابَ الْآخِرَةِ بِأَمْرِ ُّ
َف َذهَبْت لَِأبُولَ عَلَيْهِ فَفَكَّرْت فِي نَفْسِي فَقُلْت لَا فَعَلْت وَجِئْت إلَيْ ِهمَا فَقُلْت قَدْ فَعَلْت ،فَقَالَا لِي : مَا َرَأيْت ِلمَا فَعَلْت ؟ فَقُلْت مَا َرَأيْت شَيْئًا ،فَقَالَا لِي :ا ْذهَبِي فَاتَّقِي اللَّهَ َولَمْ تَفْعَلِي فَأَبَيْت ،فَقَالَا
لِي :ا ْذهَبِي فَافْعَلِي فَذَهَبْت وَفَعَلْت ،فَ َرَأيْت كَأَنَّ فَارِسًا مُقَنَّعًا بِاْلحَدِيدِ قَدْ خَرَجَ مِنْ فَرْجِي فَصَعِدَ السمَاءِ َ ،فجِئْتهمَا فَأَخْبَرْهتمَا فَقَالَا لِي :ذَاكَ إميَانُك قَدْ خَرَجَ مِنْك قَدْ أَحْسَنْتِ السِّحْرَ . إلَى َّ قُلْت وَمَا ُهوَ ؟ قَالَا لَا تُرِيدِينَ شَيْئًا فَتُصَوِّرِينَهُ فِي َو ْهمِك إلَّا كَانَ ،فَتَصَوَّرْت فِي نَفْسِي حَبًّا مِنْ
حِ ْنطَةٍ فَإِذَا َأنَا ِبحَبٍّ ،فَقُلْت انْزَ َرعَ فَانْزَرَعَ َ ،فخَرَجَ مِنْ سَاعَتِهِ سُنْبُلًا ،فَقُلْت اْن َطحِنْ فَاْن َطحَنَ مِنْ سَاعَتِهِ وَاْنخَبَزَ َ ،وَأنَا لَا أُرِيدُ شَيْئًا ُأصَوِّرُهُ فِي نَفْسِي إلَّا حَصَلَ .
فَقَاَلتْ عَائِشَةُ لَيْسَ لَك َت ْوبَةٌ .
السحْرِ مَا يَفْ َعلُ اللَّهُ عِنْدَهُ :إنْزَالَ اْلجَرَادِ ، قَالَ الْقُ ْرطُبِيُّ ،أَ ْج َمعَ اْلمُسْ ِلمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي ِّ جمَاءِ وَأَمْثَالَ َذلِكَ ُملِ ،وَالضَّفَا ِدعِ ،وَفَلْقَ الَْبحْرِ ،وَقَ ْلبَ الْعَصَا َ ،وإِحْيَاءَ اْل َم ْوتَى َ ،وِإْنطَاقَ الْ َع ْ وَالْق َّ
ضلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ . مِنْ آيَاتِ الرُّ ُسلِ عَلَيْهِمْ أَفْ َ
السحْرَ يَ ْأتِي بِهِ السَّاحِرُ َوغَيْرُهُ أَيْ مِنْ كُلِّ مَنْ تَعَلَّمَ طَرِيقَةً وَقَدْ السحْرِ وَاْلمُ ْعجِزَةِ أَنَّ ِّ وَالْفَ ْرقُ بَيْنَ ِّ يَكُونُ َجمَاعَةٌ يُع َِّلمُونَهُ َويَ ْأتُونَ بِهِ فِي وَ ْقتٍ وَاحِدٍ َ ،وأَمَّا اْلمُ ْعجِزَةُ فَلَا ُيمَكِّنُ
()337/2
اللَّهُ -تَعَالَى َ -أنْ يَ ْأتِيَ ِبمِثْلِهَا وَمُعَا َرضَتِهَا . حظُورٍ ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ لِذَاتِهِ ِالسحْرِ لَيْسَ بِقَبِيحٍ َولَا َم ْ قَالَ الْ َفخْرُ :وَاتَّفَقَ اْل ُمحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ ب ِّ
السحْرُ شَرِيفٌ لِ ُعمُومِ َقوْله تَعَالَى َ { :هلْ يَسَْتوِي الَّذِينَ يَعْ َلمُونَ َواَلَّذِينَ لَا يَعْ َلمُونَ } َوَلوْ لَمْ يُعْلَمْ ِّ
َلمَا أَمْكَنَ الْفَ ْرقُ بَيْنَهُ َوبَيْنَ اْلمُ ْعجِزَةِ ،وَالْعِلْمُ بِ َك ْونِ اْلمُ ْعجِزِ مُ ْعجِزًا وَا ِجبٌ ،وَمَا يََتوَقَّفُ اْلوَا ِجبُ ِالسحْرِ وَاجِبًا ،وَمَا يَكُونُ وَاجِبًا يَكُونُ عَلَيْهِ فَ ُهوَ وَا ِجبٌ ،فَهَذَا يَقْتَضِي َأنْ يَكُونَ َتحْصِيلُ الْعِلْمِ ب ِّ
حَرَامًا وَقَبِيحًا . َونَ َقلَ بَعْضُهُمْ وُجُوبَ تَع َُّلمِهِ عَلَى اْلمُفْتِي حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَقُْت ُل مِنْهُ وَمَا لَا يَقْتُلُ فَيُفْتِي بِهِ فِي وُجُوبِ
الْقِصَاصِ . انْتَهَى .
وَمَا قَالَهُ فِيهِ َنظَ ٌر َ ،وبِتَسْلِيمِهِ فَ ُهوَ لَا يُنَافِي مَا قَدَّمْنَاهُ فِي التَّرْ َجمَةِ مِنْ أَنَّ تَع َُّلمَهُ وَتَعْلِيمَهُ كَبِريَتَانِ ؛ لِأَنَّ
خصٍ تَع ََّلمَهُ جَاهِلًا ِبحُرْمَتِهِ َأوْ تَع ََّلمَهُ عَاِلمًا بِهَا ثُمَّ تَابَ َ ،فمَا الْكَلَامَ لَيْسَ فِي ِهمَا َ ،وإَِّنمَا ُهوَ فِي َش ْ
السحْرِ الَّذِي لَا كُفْرَ فِيهِ َهلْ ُهوَ قَبِيحٌ فِي ذَاتِهِ َ ،وظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ قَبِيحًا لِذَاتِهِ ، عِنْدَهُ الْآنَ مِنْ عِلْمِ ِّ
صحِيحٍ ؛ لِأَنَّ إفْتَاءَهُ ِبوُجُوبِ الْ َقوَدِ َأوْ عَدَمِهِ َوإَِّنمَا قُ ْبحُهُ ِلمَا يَتَرََّتبُ عَلَيْهِ ؛ وَمَا نُ ِقلَ عَنْ بَعْضِهِمْ غَيْرُ َ السحْرَ َوتَابَا مِنْهُ أَنَّهُ يَقُْتلُ السحْرِ ؛ لِأَنَّ صُورَةَ إفْتَائِهِ إنْ شَهِدَ عَ ْدلَانِ عَرَفَا ِّ لَا يَسْتَلْ ِزمُ مَعْرِفَتَهُ عِلْمَ ِّ
ِالسحْرِ ؛ لِأَنَّ َأكْثَرَ غَالِبًا قَ ْتلَ السَّاحِرِ َ ،وإِلَّا فَلَا َ ،وكَذَا الْعِلْمُ بِاْلمُ ْعجِزَةِ لَا يََتوََّقفُ عَلَى الْعِلْمِ ب ِّ
السحْرِ َ ،وكَفَى فَارِقًا بَيْنَ ُهمَا أَنَّ الْعُ َلمَاءِ َأوْ كُلَّهُمْ إلَّا النَّادِرَ عَرَفُوا الْفَ ْرقَ بَيْنَ ُهمَا َولَمْ يَعْرِفُوا عِلْمَ ِّ
السحْرِ ،فََب َطلَ قَوْلُ الْ َفخْرِ لَمَّا أَمْكَنَ الْفَ ْرقُ إلَخْ . ِالتحَدِّي ِبخِلَافِ ِّ اْلمُ ْعجِزَةَ تَكُونُ مَقْرُونَةً ب َّ َوأَمَّا َك ْونُهُ خَارِقًا ؛ فَ ُهوَ
()333/2
ِالتحَدِّي بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ لَا ُيمْكِنُ ظُهُورُهُ السحْرُ وَاْلمُ ْعجِزَةُ َ ،وإَِّنمَا يَفْتَرِقَانِ بِاقْتِرَابِهَا ب َّ أَمْرٌ يَشْتَرِكُ فِيهِ ِّ
صبِ اْلجَلِيلِ ص ْونًا لِهَذَا اْلمَنْ ِ ُدعِي نُبُوَّةٍ كَا ِذبًا َكمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ اْلمُسَْتمِرَّةُ َ عَلَى يَدِ م َّ
عَنْ َأنْ يَتَسَوَّرَ ِحمَاهُ الْكَذَّابُونَ .
السحْرِ مَا يَفْ َعلُ اللَّهُ عِنْدَهُ إنْزَالَ وَقَدْ مَرَّ عَنْ الْقُ ْرطُبِيِّ أَنَّ اْلمُسْ ِلمِنيَ أَ ْجمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي ِّ جبُ الْ َق ْطعُ بِأََّنهُ لَا يَكُونُ َولَا يَفْعَلُهُ اللَّهُ عِنْدَ إرَادَةِ حوُهُ مِمَّا َي ِ اْلجَرَادِ َوغَيْرِهِ مِمَّا سَبَقَ ،فَهَذَا َوَن ْ
السَّاحِرِ .
قَالَ الْقَاضِي الْبَاقِلَّانِيُّ َ :وإَِّنمَا مَنَعْنَا َذلِكَ لِلْإِ ْجمَاعِ َوَل ْولَاهُ لَأَجَ ْزنَاهُ ؛ انْتَهَى . َوَأوْرَدَ عَلَيْهِ الْقُ ْرطُبِيُّ َقوْله تَعَالَى عَنْ حِبَالِ َسحَرَةِ فِ ْر َع ْونَ َ { :وعِصِيُّهُمْ ُيخََّيلُ إلَيْهِ مِنْ ِسحْ ِرهِمْ أَنَّهَا
ج َمعَ عَلَيْهِ صحِيحٍ ؛ لِأَنَّ اْل ُم ْ تَسْعَى } فَأَخْبَرَ عَنْ الْعِصِيِّ وَاْلحِبَالِ بِأَنَّهَا حَيَّاتٌ َ ،ولَيْسَ هَذَا الْإِيرَادُ بِ َ نَفْيُ الِانْقِلَابِ حَقِيقَةً وَهَذَا َتخْيِيلٌ .
َألَا تَرَى إلَى َقوْله تَعَالَى { :يُخََّيلُ إلَيْهِ } . َولَانِ مِنْ َأْنوَاعِ الن ْوعَانِ الْأ َّ وَاخْتَلَفَ الْعُ َلمَاءُ فِي السَّاحِرِ َهلْ يَكْفُرُ َأوْ لَا ؟ َولَيْسَ مِنْ َمحَلِّ اْلخِلَافِ َّ صلُ السحَرِ السَّابِقَةِ إذْ لَا نِزَاعَ فِي كُفْرِ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْ َكوَا ِكبَ ُمؤَثِّرَةٌ لِهَذَا الْعَالَمِ َ ،أوْ أَنَّ الِْإنْسَانَ يَ ِ َّ
بِالتَّصْفِيَةِ إلَى َأنْ تَصِريَ نَفْسُهُ ُمؤَثِّرَةً فِي إجيَادِ جِسْمٍ َأوْ حَيَا ٍة َأوْ تَغْيِريِ شَ ْكلٍ .
الن ْوعُ الثَّاِلثُ َو ُهوَ َأنْ يَعْتَقِدَ السَّاحِرُ أَنَّهُ بَ َلغَ فِي التَّصْفِيَةِ وَقِرَاءَةِ الرُّقَى َوتَدْخِنيِ بَ ْعضِ الْأَ ْد ِويَةِ َوأَمَّا َّ إلَى أَنَّ اْلجِنَّ ُتطِيعُهُ فِي تَغْيِريِ الْبِنْيَةِ وَالشَّ ْكلِ ،فَاْلمُعْتَ ِزلَةُ يُقِرُّونَهُ دُونَ غَيْ ِرهِمْ .
السحْرَ لِسُلَ ْيمَانَ صَلَّى اللَّهُ َوأَمَّا بَقِيَّةُ أَْنوَاعِهِ :فَقَالَ َجمَاعَةٌ إنَّهَا كُفْرٌ ُمطْلَقًا ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ لَمَّا َأضَافُوا ِّ
عَلَى نَبِيِّنَا
()335/2
َوعَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ -تَعَالَى -تَنْزِيهًا لَهُ عَنْهُ { :وَمَا كَفَرَ ُسلَيْمَانُ َولَكِنَّ الشَّيَاطِنيَ كَفَرُوا يُعَِّلمُونَ
السحْرَ ،لِأَنَّ تَ ْرتِيبَ اْلحُكْمِ عَلَى اْل َوصْفِ السحْرَ } َفظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُمْ َّإنمَا كَفَرُوا بِتَعْلِيمِهِمْ ِّ النَّاسَ ِّ اْلمُنَا ِسبِ يُشْعِرُ بِعَلِيَّتِهِ َ ،وتَعْلِيمُ مَا لَا يَكُونُ كُفْرًا لَا يُو ِجبُ الْكُفْرَ .
السحْرَ عَلَى الِْإطْلَاقِ كُفْرٌ َ ،وكَذَا يَقْتَضِي َذلِكَ َقوْله تَعَالَى عَنْ اْلمَلَكَيْنِ { :وَمَا َوهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ ِّ
يُع َِّلمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا َّإنمَا َنحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ } َوأَجَابَ الْقَائِلُونَ بِعَ َدمِ الْكُفْرِ كَالشَّافِعِيِّ َرضِيَ ح َملُ عَلَى ِسحْرِ مَنْ اعْتَقَدَ صحَابِهِ بِأَنَّ حِكَايَةَ اْلحَالِ يَكْفِي فِي صِدْقِهَا صُورَةٌ وَاحِدَةٌ ،فَُي ْ اللَّهُ عَنْهُ َوَأ ْ
النجُومِ َ ،وَأيْضًا فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ َذلِكَ فِيهِ تَ ْرتِيبُ حُكْمٍ عَلَى َوصْفٍ يَقْتَضِي إشْعَارَهُ بِالْعَلَِّيةِ ،لِأَنَّ إلَهِيَّةَ ُّ السحْرَ . اْلمَعْنَى أَنَّهُمْ كَفَرُوا َوهُمْ َمعَ ذَلِكَ يَعْ َلمُونَ ِّ
َولَانِ َفمُعْتَقِدُ أَحَ ِد ِهمَا مُ ْرتَدٌّ ،فَِإنْ تَابَ فَذَاكَ َوإِلَّا الن ْوعَانِ الْأ َّ وَاخْتَلَفُوا َهلْ تُقَْبلُ َت ْوبَةُ السَّاحِرِ ؟ فَأَمَّا َّ
قُِتلَ . وَقَالَ مَالِكٌ َوَأبُو حَنِيفَةَ لَا تُقْبَلُ َت ْوبَتُ ُهمَا .
جمَعِ عَلَى َرمِ اْلمُ ْ الن ْوعُ الثَّاِلثُ وَمَا بَعْدَهُ :فَِإنْ اعْتَقَدَ أَنَّ فِعْلَهُ مُبَاحٌ قُِت َل لِكُفْرِهِ لِأَنَّ َتحْلِيلَ اْل ُمح َّ َوأَمَّا َّ
َتحْرِميِهِ اْلمَعْلُومِ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ كُفْرٌ َكمَا مَرَّ َ ،وِإنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ حَرَامٌ ؛ فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ جِنَايَةٌ فَإِذَا فَعَلَهُ بِالْغَيْرِ َوأَقَرَّ أَنَّهُ يَقُْتلُ غَالِبًا قُِتلَ بِهِ لِأَنَّهُ َعمْدٌ َأوْ نَادِرٌ فَ ُهوَ شِبْهُ َعمْدٍ َأوْ أَ ْخطَأَ َالديَةُ فِي ِهمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ صَدَّقَتْهُ إذْ لَا يُقَْبلُ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ ْم . مِنْ اسْمِ غَيْرِهِ إلَيْهِ فَهُوَ َخطَأٌ ،و ِّ
َوعَنْ َأبِي حَنِيفَةَ أَنَّ السَّاحِرَ يُقْتَلُ ُمطْلَقًا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ سَاحِرٌ بِإِقْرَارِهِ َأوْ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ سَاحِرٌ
()336/2
حرَ َوَأتُوبُ عَنْهُ ،فَِإنْ أَقَرَّ بِأَنِّي كُنْت الس ْ َويَصِفُونَهُ بِصِفَةٍ تُعْلِمُ أَنَّهُ سَاحِرٌ َ ،ولَا يُقَْبلُ َق ْولُهُ َأتْرُكُ ِّ أَ ْسحَرُ مُدَّةً وَقَدْ تَ َركْت َذلِكَ مُنْذُ زَمَانٍ قُِبلَ مِنْهُ َولَمْ يُقْتَلْ .
وَسُِئلَ َأبُو حَنِيفَةَ لِمَ لَمْ يَكُنْ السَّاحِرُ ِبمَنْ ِزلَةِ اْلمُ ْرتَدِّ حَتَّى تُ ْقَبلَ َت ْوبَتُهُ ؟ فَقَالَ :لِأَنَّهُ َج َمعَ مَعَ كُفْرِهِ
السَّعْيَ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ وَمَنْ ُهوَ كَ َذلِكَ يُقَْتلُ ُمطْلَقًا .
وَرُدَّ مَا قَالَهُ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُْتلْ الْيَهُودِيَّ الَّذِي َسحَرَ ُه ،فَاْل ُمؤْمِنُ مِثْلُهُ لِ َقوْلِهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :لَهُمْ مَا لِ ْلمُسْ ِلمِنيَ َوعَلَيْهِمْ مَا عَلَى اْلمُسْ ِلمِنيَ } .
وَاحْتَجَّ َأبُو حَنِيفَةَ ِبمَا ُروِيَ أَنَّ جَا ِريَةً ِلحَفْصَةَ أُمِّ اْل ُمؤْمِنِنيَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا َسحَ َرتْهَا فَأَخَذُوهَا
فَاعْتَرَ َفتْ بِ َذلِكَ فَأَمَرَتْ عَبْدَ الرَّ ْحمَنِ بْنَ َزيْدٍ فَقَتَلَهَا ،فَبَ َل َغ َذلِكَ أَمِريَ اْل ُمؤْمِنِنيَ عُ ْثمَانَ فََأنْكَرَهُ ، َفجَاءَهُ ابْنُ ُعمَرَ فَأَخْبَرَهُ بِأَمْ ِرهَا َ ،وكَأَنَّ عُ ْثمَانَ َّإنمَا َأنْكَرَ َذلِكَ لِأَنَّهَا قَتَلَتْهَا بِغَيْرِ إ ْذنِهِ .
َوِبمَا ُروِيَ عَنْ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ :اُقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ ،فَقَتَلُوا ثَلَاثَ َسوَاحِرَ . صحَابُنَا عَنْ َذلِكَ بِأَنَّ هَ َذيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِ ِهمَا ُيحَْت َملُ أَنَّ الْقَ ْتلَ فِي ِهمَا بِكُفْرِ السَّاحِرِ َوأَجَابَ َأ ْ
َولَيْنِ فِيهِ وَ َذلِكَ لَيْسَ مِنْ َمحَلِّ اْلخِلَافِ َكمَا مَرَّ َ ،وأَيُّ َدلِيلٍ قَامَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ النوْعَيْنِ الْأ َّ ِلوُجُودِ أَحَدِ َّ بَقِيَّةِ الَْأْنوَاعِ الَّتِي هِيَ َمحَلُّ الْخِلَافِ كَالشَّعْبَذَةِ وَالْآلَاتِ الْ َعجِيبَةِ اْلمَبْنِيَّةِ عَلَى الْهَنْدَسَةِ وََأْنوَاعِ خوِيفِ وَالتَّقْرِيعِ وَاْل َوهْمِ . الت ْ َّ
()333/2
سحُورِ ؟ قَالَ الُْبخَارِيُّ ،عَنْ سَعِيدِ بْنِ السحْرِ عَنْ اْلمَ ْ تَنْبِيهٌ :قَالَ الْقُ ْرطُبِيُّ َ :هلْ يُسْأَلُ السَّاحِرُ حِلَّ ِّ اْلمُسَِّيبِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :قِيلَ َيجُوزُ َ ،وإِلَيْهِ مَالَ اْلمَازِرِيُّ َ ،وكَ ِرهَهُ اْلحَسَنُ الْبَصْرِيُّ .
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ :لَا بَأْسَ بِالنُّشْرَةِ .
قَالَ :ابْنُ بَطَّالٍ :وَفِي كِتَابِ َو ْهبِ بْنِ مُنَبِّهٍ َ :أنْ يَأْخُذَ سَ ْبعَ وَرَقَاتٍ مِنْ سِدْرٍ أَخْضَرَ فَيَدُقَّهُ بَيْنَ سلَ بِهِ فَإِنَّهُ سوَاتٍ َويَغْتَ ِ َحجَ َريْنِ ثُمَّ يَضْ ِربَهُ بِاْلمَاءِ َويَقْ َرأَ عَلَيْهِ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ثُمَّ َيحْسُوَ مِنْهُ ثَلَاثَ حَ َ
يُ ْذ ِهبُ عَنْهُ مَا بِهِ إنْ شَاءَ -تَعَالَى َ -و ُهوَ جَيِّدٌ لِلرَّ ُجلِ إذْ حُبِسَ عَنْ َأهْلِهِ .
َقوْله تَعَالَى { :وَمَا ُأنْزِلَ عَلَى اْلمَلَكَيْنِ } فِيهَا أَ ْربَعَةُ أَ ْقوَالٍ َ :أظْهَ ُرهَا أَنَّهَا َم ْوصُولَةٌ َعطْفًا عَلَى
السحْرَ وَاْلمُنَزَّلَ عَلَى اْلمَلَكَيْ ِن ،وَقِيلَ نَافِيَةٌ :أَيْ وَمَا ُأنْزِلَ عَلَى السحْرِ :أَيْ يُع َِّلمُونَ النَّاسَ ِّ ِّ
السحْرِ ،وَقِيلَ َم ْوصُولَةٌ َمحَلُّهَا جُرَّ َعطْفًا َعلَى مُلْكِ سُلَ ْيمَانَ ؛ لِأَنَّ َعطْفَهَا عَلَى اْلمَلَكَيْنِ إبَاحَةُ ِّ السحْرَ نَازِلٌ عَلَيْ ِهمَا ،فَيَكُونُ مُنْ ِزلُهُ ُهوَ اللَّهُ ،وَ َذلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ َ ،و َكمَا لَا َيجُوزُ السحْرِ يَقْتَضِي أَنَّ ِّ ِّ
السحْرِ فَاْلمَلَائِكَةُ َأ ْولَى َ ،وكَيْفَ يُضَافُ إلَى اللَّهِ مَا ُهوَ كُفْرٌ ؟ َوإَِّنمَا فِي الَْأنْبِيَاءِ َأنْ يُبْعَثُوا لِتَعْلِيمِ ِّ
السحْرَ إلَى مُلْكِ سُلَ ْيمَانَ وَاْلمُنَزَّلِ عَلَى يُضَافُ لِ ْلمَرَدَةِ وَالْكَفَرَةِ َ ،وإَِّنمَا اْلمَعْنَى أَنَّ الشَّيَاطِنيَ نَسَبُوا ِّ السحْرِ َبلْ اْلمُنَزَّلُ عَلَيْ ِهمَا ُهوَ الشَّرْعُ وَالدِّينُ . اْلمَلَكَيْنِ َمعَ أَنَّ مُلْكَهُ وَاْلمُنَزَّلَ عَلَيْ ِهمَا بَرِيئَانِ مِنْ ِّ
َالتمَسُّكَ بِهِ ،فَكَاَنتْ طَائِفَةٌ تَتَمَسَّكُ َوأُخْرَى ُتخَالِفُ . َوكَانَا يُع َِّلمَانِ النَّاسَ قَبُولَهُ و َّ
انْتَهَى .
وَاعْتَ َرضَهُ الْ َفخْرُ بِأَنَّ َعطْفَهُ عَلَى " مُلْكٍ " بَعِيدٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ َدلِيلٍ . وَ َزعَمَ أَنَّهُ َلوْ كَانَ نَا ِزلًا عَلَيْ ِهمَا لَكَانَ مُنْ ِزلُهُ ُهوَ اللَّهُ لَا يَضُرُّ ؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَ
()333/2
صِفَةِ الشَّ ْيءِ قَدْ يَكُونُ لِأَ ْجلِ التَّ ْرغِيبِ فِيهِ حَتَّى يُوجِدَهُ اْلمُكَلِّفُ ،وَقَدْ يَكُونُ لِأَ ْجلِ التَّنْفِريِ عَنْهُ حَتَّى
ُيحْتَرَزُ عَنْهُ َكمَا قِيلَ :عَرَفْت الشَّرَّ لَا لِلشَّرِّ َبلْ لَِتوَقِّيهِ .
وَ َزعَمَ أَنَّهُ لَا َيجُوزُ بَعْثَةُ الَْأنْبِيَاءِ لِتَعْلِيمِهِ لَا ُيؤَثِّرُ َأيْضًا ؛ لِأَنَّ اْلمُرَادَ هُنَا تَعْلِيمُ فَسَادِهِ َوِإْبطَالِهِ ،وَ َزعْمُ أَنَّ تَعْلِيمَهُ كُفْرٌ َممْنُوعٌ َ ،وبِتَسْلِيمِهِ هِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ يَكْفِي فِي صِدْقِهَا صُورَةٌ وَاحِدَةٌ ،وَ َزعْ ُم أَنَّهُ َّإنمَا
جوَازِ َأنْ يَكُونَ الْ َعمَلُ مَنْهِيًّا عَنْهُ يُضَافُ لِ ْلمَرَدَةِ وَالْكَفَرَةِ َّإنمَا يَصِحُّ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْ َع َملُ لَا التَّعْلِيمُ ِل َ َوتَعْلِيمُهُ لِغَرَضِ التَّنْبِيهِ عَلَى فَسَادِهِ مَأْمُورٌ بِهِ ،وَمَا تَقَرَّرَ أَنَّ ُهمَا مَلَكَانِ ُهوَ الَْأصَحُّ الَّذِي عَلَيْهِ
الَْأكْثَرُونَ .
وَقُرِئَ شَاذًّا بِكَسْرِ اللَّامِ فَيَكُونَانِ إنْسِيَّيْنِ وَسَيَ ْأتِي مَا فِي ِه ،وَالْبَاءُ فِي بِبَاِبلَ مَعْنًى فِي ،سُمِّيَتْ بِ َذلِكَ قِيلَ لِتَبَلُْبلِ َألْسِنَةِ الْخَلْقِ بِهَا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ -تَعَالَى -أَمَرَ ِرحيًا َفحَشَ َرتْهُمْ بِهَذِهِ الْأَرْضِ فَلَمْ يَدْرِ أَحَ ُدهُمْ مَا يَقُولُ الْآخَرُ ،ثُمَّ فَرَّقَهُمْ الرِّيحُ فِي الْبِلَادِ فَتَكَلَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ بِلُغَةٍ ،وَالْبَلْبَلَةُ :التَّفْرِقَةُ ،وَقِيلَ لَمَّا
صحَابِ السَّفِينَةِ فََأصْبَحَ ذَاتَ َي ْومٍ أَرْ َستْ سَفِينَةُ نُوحٍ بِاْلجُودِيِّ نَزَلَ فَبَنَى قَ ْريَةً وَسَمَّاهَا َثمَانِنيَ بِاسْمِ َأ ْ وَقَدْ تَبَلْبَ َلتْ َألْسِنَتُهُمْ عَلَى َثمَانِنيَ لُغَةً ،وَقِيلَ لِتَبَلْبُلِ َألْسِنَةِ اْلخَلْقِ بِهَا عِنْدَ سُقُوطِ صَرْحِ ُنمْرُوذَ ،
َوهِيَ بَاِبلُ الْعِرَاقِ .
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ :بَاِبلُ أَرْضُ الْكُوفَةِ .
جمْهُورُ عَلَى فَ ْتحِ تَاءِ هَارُوتَ وَمَارُوتَ َو ُهمَا بِنَاءً عَلَى فَ ْتحِ لَامِ اْلمَلَكَيْنِ بَدَلٌ مِنْ ُهمَا ،وَقِيلَ مِنْ وَاْل ُ
النَّاسِ بَدَلُ بَ ْعضٍ مِنْ كُلٍّ . وَقِيلَ َبلْ ُهمَا بَدَلٌ مِنْ الشَّيَاطِنيِ ،وَقِيلَ نَصْبًا عَلَى الذَّمِّ :أَيْ أَذُمُّ هَارُوتَ وَمَارُوتَ مِنْ بَيْنِ
الشَّيَاطِنيِ كُلِّهَا ،وَمَنْ كَسَرَ لَامَ ُهمَا أَجْرَى
()333/2
فِي ِهمَا مَا ُذكِرَ ،نَعَمْ إنْ فُسِّرَ اْلمَلَكَانِ بِدَاوُد وَسُلَ ْيمَانَ َكمَا َذكَرَهُ بَ ْعضُ اْلمُفَسِّرِينَ وَ َجبَ فِي
السمَاءِ هَارُوتَ وَمَارُوتَ َأنْ يَكُونَا بَ َدلًا مِنْ الشَّيَاطِنيِ َأوْ النَّاسِ َو َعلَى فَ ْتحِ اللَّامِ قِيلَ ُهمَا مَلَكَانِ مِنْ َّ
خمْرِ حثِ اْل َ الصحِيحِ الْآتِي فِي َب ْ الصحِيحُ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ فِي اْلحَدِيثِ َّ ا ْسمُ ُهمَا هَارُوتُ وَمَارُوتُ َوهُوَ َّ ،وَقِيلَ ُهمَا جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا َوعَلَيْ ِهمَا وَسَلَّمَ َ ،وعَلَى كَسْ ِرهَا قِيلَ ُهمَا قَبِيلَتَانِ مِنْ اْلجِنِّ ،وَقِيلَ دَاوُد وَسُلَ ْيمَانُ ،وَقِي َل رَجُلَانِ صَاِلحَانِ ؛ وَقِيلَ رَجُلَانِ سَاحِرَانِ ،وَقِيلَ عِ ْلجَانِ
السحْرَ َويُع َِّلمَانِ عَلَى بَابِهِ مِنْ التَّعْلِيمِ ،وَقِيلَ يُع َِّلمَانِ مِنْ َأعْلَمَ إذْ الْ َهمْزَةُ أَقْلَفَانِ بِبَاِبلَ يُع َِّلمَانِ النَّاسَ ِّ السحْرَ َّإنمَا يُعْ ِلمَانِ بِقُ ْبحِهِ . وَالتَّضْعِيفُ يَتَعَاقَبَانِ إذْ اْلمَلَكَانِ لَا يُع َِّلمَانِ ِّ
وَمِمَّنْ حَكَى َأنْ يُعَلِّمُ ِبمَعْنَى أَعْلَمَ ابْنَا الَْأعْرَابِيِّ وَالَْأنْبَارِيِّ ،ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ ُهمَا لَيْسَا مِنْ اْلمَلَائِكَةِ
السحْ ِر َ ،وبِ َق ْولِهِ -تَعَالَى َ { : -وَلوْ َأنْ َزلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ احْتَجُّوا بِأَنَّ اْلمَلَائِكَةَ لَا يَلِيقُ بِهِمْ تَعْلِيمُ ِّ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُ ْنظَرُونَ } َوبِأَنَّ ُهمَا َلوْ نَ َزلَا فِي صُو َرتَ ْي رَجُلَيْنِ كَانَ تَلْبِيسًا َو ُهوَ لَا َيجُو ُز َ ،وإِلَّا لَجَازَ فِي َولًا فِي كُلِّ مَنْ شُوهِدَ مِنْ آحَادِ النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ رَجُلًا حَقِيقَةً لِاحِْتمَالِ أَنَّهُ مَلَكٌ مِنْ اْلمَلَائِكَةِ أ َّ
صُو َرتَيْ رَجُلَيْنِ نَافَى َقوْله تَعَالَى َ { :وَلوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا َلجَعَلْنَاهُ رَجُلًا } .
َوُيجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ ِبمَا مَرَّ أَنَّ اْل َمحْذُورَ تَعْلِيمُهُ لِلْ َع َملِ بِهِ لَا لِبَيَانِ فَسَادِهِ . َوعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ اْلمُرَادَ َلوْ َأنْ َزلْنَا مَلَكًا رَسُولًا دَاعِيًا إلَى النَّاسِ َلجَعَلْنَا ُه رَجُلًا حَتَّى ُيمْكِنَهُمْ الْأَخْذُ عَنْهُ وَالتَّلَقِّي مِنْهُ ،وَمَا هُنَا لَيْسَ كَ َذلِكَ فَلَا َمحْذُورَ فِي َك ْونِ اْلمَلَكِ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الرَّ ُجلِ .
َوعَنْ الثَّاِلثِ
()333/2
بِأَنَّا َنخْتَارُ أَنَّ ُهمَا لَيْسَا فِي صُورَتَيْ رَجُلَيْنِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ َذلِكَ َوتِلْكَ الْآيَةِ َكمَا بَيَّنَّاهُ َ ،وعَلَى أَنَّ ُهمَا فِي ك فِي زَمَنٍ َيجُوزُ فِيهِ إنْزَالُ اْلمَلَائِكَةِ َ ،كمَا صُورَةِ رَ ُجلٍ فَإَِّنمَا َيجُوزُ اْلحُكْمُ عَلَى كُلِّ ذَاتٍ بِأَنَّ ُهمَا مَلَ ٌ
أَنَّ صُورَةَ دِحْيَةَ مَنْ كَانَ يَرَاهَا بَعْدَ عِ ْلمِهِ أَنَّ جِبْرِيلَ يَنْزِلُ فِيهَا لَا يَ ْق َطعُ بِأَنَّهَا صُورَةُ دِحْيَةَ لِاحِْتمَالِ ججِ ِبمَا لَا ُيجْدِي َبلْ ِبمَا فِيهِ َنظَرٌ ظَاهِرٌ . حَ أَنَّهَا جِبْرِيلُ ،وَقَدْ أَجَابَ بَعْضُ اْلمُفَسِّرِينَ عَنْ تِلْكَ اْل ُ وَاعْلَمْ أَنَّ اْلمُفَسِّرِينَ َذكَرُوا لِهَ َذيْنِ اْلمَلَكَيْنِ قِصَّةً َعظِيمَةً َطوِيلَةً .
حَاصِلُهَا أَنَّ اْلمَلَائِكَةَ لَمَّا اعْتَ َرضُوا بِ َق ْولِهِمْ { َأَتجْ َعلُ فِيهَا َمنْ يُفْسِدُ فِيهَا َويَسْفِكُ الدِّمَاءَ } وَمَدَحُوا
حمْدِك َونُقَدِّسُ لَك } أَرَاهُمْ اللَّهُ -تَعَالَى -مَا يَدْ َفعُ دَ ْعوَاهُمْ ، َأنْفُسَهُمْ بِ َق ْولِهِمْ َ { :وَنحْنُ نُسَِّبحُ ِب َ ِالزهْرَةِ مُثِّ َلتْ لَ ُهمَا َكبَ فِي هَارُوتَ وَمَارُوتَ مِنْهُمْ شَ ْهوَةً َ ،وَأنْ َزلَ ُهمَا حَا ِكمَيْنِ فِي الْأَرْضِ فَافْتُتِنَا ب َّ فَر َّ َذبَانِ الدنْيَا فَ ُهمَا يُع َّ الدنْيَا وَالْآخِرَةِ ،فَاخْتَارَا عَذَابَ ُّ مِنْ أَ ْج َملِ النِّسَاءِ فَلَمَّا وَقَعَا بِهَا خُيِّرَا بَيْنَ عَذَابَيْ ُّ
إلَى َي ْومِ الْقِيَامَةِ .
صلِ ثُبُوتِ هَذِهِ الْقِصَّةِ َ ،ولَيْسَ َكمَا َز َعمُوا ِلوُرُودِ اْلحَدِيثِ َبلْ صِحَّتُهُ بِهَا ، َونَا َزعَ َجمَاعَةٌ فِي َأ ْ حثِ اْلخَمْرِ ،وَمِنْ ُجمْلَتِهِ أَنَّهَا لَمَّا مُثِّلَتْ لَ ُهمَا وَرَاوَدَاهَا عَنْ نَفْسِهَا أَمَرَتْ ُهمَا وَسَيَ ْأتِي لَ ْفظُهُ فِي مَ ْب َ
خمْرِ فَشَ ِربَاهَا ثُمَّ وَقَعَا بِهَا وَقُتِلَا ،ثُمَّ أَخْبَ َرتْ ُهمَا ِبمَا بِالشِّرْكِ فَامْتَنَعَا ،ثُمَّ بِالْقَ ْتلِ فَامْتَنَعَا ثُمَّ بِشُرْبِ اْل َ فَعَلَتَاهُ َفخُيِّرَا َكمَا ُذكِرَ .
وَمِنْ اْلمُنَا َزعِنيَ الْ َفخْرُ قَالَ :هَذِهِ الْقِصَّةُ ِروَايَةٌ فَاسِدَةٌ مَرْدُودَةٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا َبلْ ُل َذْنبٍ . صمَةُ اْلمَلَائِكَةِ مِنْ ك ِّ فِيهِ مَا يُبْطِلُهَا مِنْ وُجُوهٍ :الْأَوَّلُ :عِ ْ
َوُيجَابُ بِأَنَّ َمحَلَّ
()333/2
صمَةِ مَا دَامُوا ِب َوصْفِ اْلمَلَائِكَةِ ،أَمَّا إذَا انْتَقِلُوا إلَى َوصْفِ الِْإنْسَانِ فَلَا . الْعِ ْ
التمْثِيلِ لَا اْلحَقِيقَةِ ؛ لِأَنَّ عَلَى أَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ اْلحَدِيثِ اْلمَ ْذكُورِ أَنَّ مَا وَ َقعَ لَ ُهمَا َّإنمَا هُوَ مِنْ بَابِ َّ الزهْرَةَ َتمَثَّ َلتْ لَ ُهمَا امْ َرأَةً وَفَعَ َلتْ بِ ِهمَا مَا مَرَّ دَفْعًا لِ َق ْولِهِمْ َ { :أَتجْ َعلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا َويَسْفِكُ َّ
حمْدِك وَنُقَدِّسُ لَك } َكمَا يَ ْأتِي ِذكْرُ ذَلِكَ فِي اْلحَدِيثِ اْلمَ ْذكُورِ . الدِّمَاءَ َوَنحْنُ نُسَِّبحُ ِب َ
الت ْوبَةِ وَالْعَذَابِ لِأَنَّ اللَّهَ الثَّانِي َ :زعْمُ أَنَّ ُهمَا خُيِّرَا بَيْنَ الْعَذَابَيْنِ فَاسِدٌ َ ،بلْ كَانَ الَْأ ْولَى َأنْ ُيخَيَّرَا بَيْنَ َّ خَيَّرَ بَيْنَ ُهمَا مَنْ أَشْرَكَ َطوَالَ ُعمُرِهِ فَهَذَانِ َأ ْولَى .
التوْقِيعِيَّةَ َوُيجَابُ بِأَنَّ َذلِكَ َّإنمَا فُ ِعلَ تَغْلِيظًا فِي الْعُقُوبَةِ عَلَيْ ِهمَا َ ،ولَا يُقَاسَانِ ِبمَنْ أَشْرَكَ ؛ لِأَنَّ الْأُمُورَ َّ
لَا َمجَالَ فِيهَا .
َذبَانِ َويَ ْد ُعوَانِ إلَيْهِ َو ُهمَا السحْرَ فِي حَالِ َك ْونِ ِهمَا يُع َّ جبْ الْأُمُورِ أَنَّ ُهمَا يُع َِّلمَانِ النَّاسَ ِّ الثَّاِلثُ :مِنْ َأ ْع َ
جبَ فِي َذلِكَ . يُعَاقَبَانِ َ ،وُيجَابُ بِأَنَّهُ لَا َع َ إذْ لَا مَاِنعَ أَنَّ الْعَذَابَ يَفْتُرُ عَنْ ُهمَا فِي سَاعَاتٍ فَيُع َِّلمَانِ فِيهَا لِأَنَّ ُهمَا ُأنْ ِزلَا فِتْنَةً عَلَيْ ِهمَا ِلمَا وَ َقعَ لَهُمَا السحْرَ . مِمَّا ُذكِرَ َوعَلَى النَّاسِ لِتَع َُّلمِهِمْ مِنْ ُهمَا ِّ
السحَرَةَ كَثُرَتْ فِي َذلِكَ الزَّمَنِ وَاسْتَنَْب َطتْ قَالَ بَعْضُهُمْ :وَاْلحِ ْكمَةُ فِي إنْزَالِ ِهمَا أُمُورٌ :أَحَ ُدهَا :أَنَّ َّ
َأْنوَاعًا َعجِيبَةً غَرِيبَةً فِي النُّبُوَّ ِة َ ،وكَانُوا يَ ْدعُونَهَا َويََّتحِدُونَ النَّاسَ بِهَا ،فََأنْزَلَ اللَّهُ اْلمَلَكَيْنِ ؛ لِيُع َِّلمَا ُدعِنيَ لِلنُّبُوَّةِ كَ ِذبًا َوهَذَا غَرَضٌ ظَاهِرٌ . السحَرَةِ اْلم َّ السحْرَ حَتَّى يََتمَكَّنُوا مِنْ مُعَا َرضَةِ أُولَئِكَ َّ النَّاسَ ِّ
ِلسحْرِ يََتوَقَّفُ عَلَى عِلْمِ مَاهِيَّتِ ِهمَا وَالنَّاسُ كَانُوا جَاهِلِنيَ ثَانِيهَا :أَنَّ الْعِلْمَ بِأَنَّ اْلمُ ْعجِزَ ُمخَالِفٌ ل ِّ السحْرِ ،فَبَ َعثَ السحْرِ فَتَعَذَّرَتْ عَلَيْهِمْ مَعْرِفَةُ حَقِيقَةِ ِّ مَاهِيَّةَ ِّ
()332/2
السحْرِ لِأَ ْجلِ هَذَا الْغَرَضِ . اللَّهُ هَ َذيْنِ اْلمَلَكَيْنِ لِتَعْرِيفِ مَاهِيَّةِ ِّ
السحْرَ الَّذِي يُو ِقعُ الْفُرْقَةَ بَيْنَ َأعْدَاءِ اللَّ ِه ،وَالُْألْفَةَ بَيْنَ َأ ْولِيَاءِ اللَّهِ كَانَ مُبَاحًا ثَالِثُهَا :لَا َيمْتَِنعُ أَنَّ ِّ
عِنْ َدهُمْ َأوْ مَنْدُوبًا فَبَعَثَ ُهمَا اللَّهُ لِتَعْلِيمِهِ لِهَذَا الْغَرَضِ ،فَتَعَلَّمَ الْ َق ْومُ َذلِكَ مِنْ ُهمَا وَاسْتَ ْعمَلُوهُ فِي الشَّرِّ
َوإِيقَاعِ الْفُرْقَةِ بَيْنَ َأ ْولِيَاءِ اللَّهِ وَالُْألْفَةِ بَيْنَ َأعْدَاءِ اللَّهِ . السحْرُ مَنْهِيًّا عَنْهُ وَ َجبَ َأنْ يَكُونَ مَعْلُومًا رَابِعُهَا َ :تحْصِيلُ الْعِلْمِ بِكُلِّ شَ ْيءٍ حَسَنٍ َ ،ولَمَّا كَانَ ِّ
مُتَصَوَّرًا َوإِلَّا لَمْ يُنْهَ عَنْهُ .
السحْرِ لَمْ يَقْدِرْ الْبَشَرُ عَلَى الِْإتْيَانِ ِبمِثْلِهَا فَبَعَثَ ُهمَا اللَّهُ خَامِسُهَا :لَعَلَّ اْلجِنَّ كَانَ عِنْ َدهُمْ َأْنوَاعٌ مِنْ ِّ -تَعَالَى -لِيُع َِّلمَا الْبَشَرَ أُمُورًا يَقْدِرُونَ بِهَا عَلَى مُعَا َرضَةِ الْجِنِّ .
َصلَ بِهِ إلَى سَادِسُهَا َ :أنْ يَكُونَ َذلِكَ تَشْدِيدًا فِي التَّكَالِيفِ مِنْ حَ ْيثُ إنَّهُ إذَا عُلِّمَ مَا ُيمَكِّنُهُ َأنْ يََتو َّ الثوَابَ الزَّائِدَ ؛ اللَّذَّاتِ الْعَاجِلَةِ ثُمَّ مَنَعَهُ مِنْ اسْتِ ْعمَالِهَا كَانَ َذلِكَ فِي نِهَايَةِ الْمَشَقَّةِ يَسَْتوْجِبُ بِهِ َّ
السحْرِ . فَثََبتَ بِهَذِهِ اْلوُجُوهِ أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ مِنْ اللَّهِ -تَعَالَى -إنْزَالُ اْلمَلَكَيْنِ لِتَعْلِيمِ ِّ
قَالَ بَعْضُهُمْ َ :وهَذِهِ اْلوَاقِعَةُ كَاَنتْ زَمَنَ إدْرِيسَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا َوعَلَيْهِ َوعَلَى سَائِرِ الَْأنْبِيَاءِ وَاْلمُرْسَلِنيَ وَسَلَّمَ ؛ وَاْلمُرَادُ بِالْفِتْنَةِ فِي الْآيَةِ اْل َمحَبَّةُ الَّتِي يََتمَيَّزُ بِهَا اْلحَقُّ مِنْ الْبَا ِطلِ وَاْل ُمطِيعُ مِنْ
الْعَاصِي َ ،وإَِّنمَا قَالَا َّ { :إنمَا َنحْنُ فِتْنَةٌ } إَلخْ بَ ْذلًا لِلنَّصِيحَةِ قَ ْبلَ التَّعْلِيمِ ،أَيْ هَذَا الَّذِي نِصْفُهُ لَك َصلَ بِهِ إلَى اْلمَفَاسِدِ السحْرِ مِنْ اْلمُ ْعجِزِ َولَكِنَّهُ ُيمْكِنُك َأنْ تََتو َّ َوِإنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْهُ َتمْيِيزَ ِّ
وَاْلمَعَاصِي ،فَإِيَّاكَ َأنْ تَسْتَ ْعمِلَهُ فِيمَا نُهِيت عَنْهُ . وَاخْتَلَفُوا فِي اْلمُرَادِ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ اْلمَ ْرءِ
()337/2
وَ َزوْجِهِ فِي َقوْله تَعَالَى { :فَيَتَع ََّلمُونَ مِنْ ُهمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ اْلمَ ْرءِ وَ َزوْجِهِ } فَقِيلَ :اْلمُرَادُ أَنَّ هَذَا السحْرَ ُمؤَثِّرٌ فِيهِ َ ،وهَذَا كُفْرٌ َوإِذَا كَفَرَ بَاَنتْ َزوْجَتُهُ مِنْهُ . التَّفْرِيقَ َّإنمَا يَكُونُ إنْ اعْتَقَدَ أَنَّ ِّ
ِالت ْموِيهِ وَاْلحَِيلِ ،وَ َذكَرَ التَّفْرِيقَ دُونَ سَائِرِ مَا يَتَع ََّلمُونَهُ تَنْبِيهًا عَلَى َرقُ بَيْنَ ُهمَا ب َّ وَقِيلَ :اْلمُرَادُ أَنَّهُ يُف َّ ِالسحْرِ إلَى هَذَا الْأَمْرِ صلَ ب ِّ ِن ُركُونَ الِْإنْسَانِ إلَى َزوْجَتِ ِه زَائِدٌ عَلَى َموَدَّةِ قَرِيبِهِ ،فَإِذَا َو َ الْبَاقِي ،فَإ َّ
ِدتِهِ فَغَيْرُهُ َأ ْولَى َ ،ويَدُلُّ لَهُ َقوْله تَعَالَى { :وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ } فَإِنَّهُ َأطْلَقَ الضَّرَرَ ، َمعَ ش َّ ِالذكْرِ لِ َك ْونِهِ َأعْلَى مَرَاِتبِ الضَّرَرِ . َولَمْ يَقْصُرْهُ عَلَى التَّفْرِيقِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ َّإنمَا خُصَّ ب ِّ
ِالسحْرِ ؛ لِأَنَّهُ ذَمَّهُمْ عَلَيْهِ َ ،وَلوْ أَمَ َرهُمْ بِهِ َلمَا قَالَ الْ َفخْرُ :وَالْإِ ْذنُ حَقِيقَةً فِي الْأَمْرِ َواَللَّهُ لَا يَأْمُرُ ب ِّ ذَمَّهُمْ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّ ْأوِيلِ فِي َقوْله { :إلَّا بِإِ ْذنِ اللَّهِ } وَفِيهِ وُجُوهٌ :أَحَ ُدهَا :قَالَ اْلحَسَنُ :
التخْلِيَةُ ،يَعْنِي إذَا ُسحِرَ الِْإنْسَانُ فَِإنْ شَاءَ اللَّهُ مَنَعَهُ مِنْهُ َ ،وِإنْ شَاءَ خَلَّى بَيْنَهُ َوبَيْنَ ضَرَرِ اْلمُرَادُ مِنْهُ َّ
السحْرِ . ِّ
ثَانِيهَا :قَالَ الَْأصَمُّ :إلَّا بِعِلْمِ اللَّهِ إذْ الْأَذَانُ وَالْإِ ْذنُ الِْإعْلَامُ . السحْرِ لَا يَكُونُ إلَّا ِبخَلْقِهِ -تَعَالَى . - صلُ عِنْدَ فِ ْعلِ ِّ ثَالِثُهَا :بِخَلْقِهِ إذْ الضَّرَرُ اْلحَا ِ
رَابِعُهَا :بِأَمْرِهِ بِنَاءً عَلَى تَفْسِريِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ اْلمَ ْرءِ وَ َزوْجِهِ بِالْكُفْرِ ،لِأَنَّ هَذَا حُكْمٌ شَ ْرعِيٌّ َوهُوَ لَا
يَكُونُ إلَّا بِأَمْرِهِ -تَعَالَى . -
ِلسحَرَةِ إذْ لَا أَخْسَرَ َولَا أَ ْفحَشَ َ ،ولَا أَحْقَرَ وَاْلخَلَاقُ :النَّصِيبُ ،فِي هَذَا آكَدُ ذَمٍّ َوأَقَْبحُ عَذَابٍ ل َّ َولَا أَذَلَّ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ نَصِيبٌ فِي نَعِيمِ الْآخِرَ ِة ،وَمِنْ ثَمَّ ع ََّقبَ -تَعَالَى َ -ذلِكَ بِ َق ْولِهِ عَزَّ وَجَلَّ قَائِلًا َ { :ولَبِئْسَ مَا شَ َروْا }
()333/2
ِالسحْرِ َ { :أنْفُسَهُمْ َلوْ كَانُوا يَ ْعلَمُونَ } أَيْ َلوْ عَ ِلمُوا ذَمَّ َذلِكَ هَذَا الذَّمَّ أَيْ بَاعَ الْيَهُودُ ( بِهِ ) أَيْ ب ِّ َولًا بِ َق ْولِهِ -تَعَالَى َ { : -ولَقَدْ عَ ِلمُوا } َونَفَاهُ الْ َعظِيمَ لَمَا بَاعُوا بِهِ َأنْفُسَهُمْ َ ،وَأثَْبتَ لَهُمْ الْعِلْمَ أ َّ
عَنْهُمْ بِ َق ْولِهِ ثَانِيًا َ { :لوْ كَانُوا يَعْ َلمُونَ } لِأَنَّ مَعْنَى الثَّانِي َلوْ كَانُوا يَعْ َلمُونَ بِعِ ْلمِهِمْ ،جَعَلَهُمْ حِنيَ لَمْ يَ ْعمَلُوا بِهِ كَأَنَّهُمْ مُنْسَ ِلخُونَ عَنْهُ َ ،أوْ اْلمُرَادُ بِعِلْمِ الثَّانِي الْ َع ْقلُ ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ مِنْ َثمَ َرتِهِ ،فَلَمَّا انْتَفَى صلُ انْتَ َفتْ َثمَ َرتُهُ فَصَارَ وُجُودُ الْعِلْمِ كَالْعَ َدمِ حَيْثُ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِهِ َ ،كمَا سَمَّى اللَّهُ -تَعَالَى - الَْأ ْ حوَاسِّهِمْ َ ،أوْ تَغَايَرَ بَيْنَ مُتَعَلِّقِ الْعِ ْلمَيْنِ :أَيْ عَلِمُوا ضَرَرَهُ الْكُفَّارَ ُعمْيًا َوبُ ْكمًا َوصُمًّا إذْ لَمْ يَنْتَفِعُوا ِب َ
الدنْيَا ،هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ فَا ِعلُ عَ ِلمُوا َويَعْ َلمُونَ وَاحِدًا َكمَا ُهوَ فِي الْآخِرَةِ َولَمْ يَعْ َلمُوا نَفْعَهُ فِي ُّ
ضمِريُ " شَ َروْا " الضمِريُ " عَ ِلمُوا " لِ ْلمَلَكَيْنِ َأوْ الشَّيَاطِنيِ َ ،و َ الظَّاهِرُ ،فَِإنْ قُدِّرَ مُخْتَلِفًا كََأنْ ُيجْ َعلَ َّ
وَمَا بَعْدَهُ لِلْيَهُودِ فَلَا إشْكَالَ .
شؤُهُ وَحَقِيقَُتهُ َوَأْنوَاعُهُ َوضَرَرُهُ وَقُ ْبحُهُ وَمَا يَتَرََّتبُ السحْرِ وَمُنْ َ صلُ ِّ َوِبمَا تَقَرَّرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عُلِمَ َأ ْ عَلَيْهِ مِنْ اْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ فَلَا يَنَْتحِلُهُ إلَّا كُلُّ شَ ْيطَانٍ مَرِيدٍ أَوْ جَبَّارٍ عَنِيدٍ .
وَجَاءَ فِي السُّنَّةِ أَحَادِيثُ كَثِريَةٌ فِي ذَمِّهِ َأيْضًا .
أَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { :
اجْتَنِبُوا السَّ ْبعَ اْلمُوبِقَاتِ َ :أيْ اْلمُهْلِكَاتِ ،قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ :الشِّرْكُ بِاَللَّهِ ،
التوَلِّي َي ْومَ الربَا َ ،وَأ ْكلُ مَالِ الْيَتِيمِ ،وَ َّ َرمَ اللَّهُ إلَّا بِاْلحَقِّ َ ،وَأ ْكلُ ِّ َالسحْرُ ،وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي ح َّ و ِّ
الزَّحْفِ ،وَقَذْفُ اْل ُمحْصَنَاتِ اْل ُمؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ } .
()335/2
صحِيحِهِ أَنَّهُ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كََتبَ إلَى َأ ْهلِ وَابْنُ مَرْ ُد َويْهِ بِسَنَدٍ فِيهِ ضَعِيفٌ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
َالزكَاةُ َوكَانَ فِيهِ :إنَّ َأكْبَرَ الْكَبَائِرِ عِنْدَ اللَّهِ -تَعَالَى الَْيمَنِ كِتَابًا فِيهِ الْفَرَاِئضُ وَالسُّنَنُ وَالدِّيَاتُ و َّ : -الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ -تَعَالَى ، -وَقَ ْتلُ النَّفْسِ اْل ُمؤْمِنَةِ بِغَيْرِ اْلحَقِّ ،وَالْفِرَارُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ َي ْومَ
الربَا َ ،وَأ ْكلُ مَالِ الْيَتِيمِ } السحْرِ َ ،وَأ ْكلُ ِّ الزَّحْفِ َ ،وعُقُوقُ اْلوَالِدَيْنِ ،وَرَمْيُ اْل ُمحْصَنَاتِ َ ،وتَعَلُّمُ ِّ . وَالطَّبَرَانِيُّ { :أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ َوكَمْ الْكَبَائِرُ ؟ قَالَ :تِسْعٌ َأ ْع َظمُهُنَّ :الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ ،
َالسحْ ُر َ ،وَأ ْكلُ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَقَ ْتلُ اْل ُمؤْمِنِ بِغَيْرِ حَقٍّ ،وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ ،وَقَ ْذفُ اْل ُمحْصَنَةِ ،و ِّ
الربَا } اْلحَدِيثَ . َوَأ ْكلُ ِّ جمْهُورِ { :مَنْ سمَعْ مِنْهُ عِنْدَ اْل ُ وَالنَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ عَنْ اْلحَسَنِ عَنْ َأبِي هُ َريْرَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَمْ يُ ْ
ُكلَ إلَيْهِ } :أَيْ مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَ َفثَ فِيهَا فَقَدْ َسحَرَ وَمَنْ َسحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ ،وَمَنْ تَعَلَّقَ بِشَ ْيءٍ و ِّ
يُعَلِّقُ عَلَى نَفْسِهِ اْلحُرُوزَ وَالْ ُعوَذَ يُو َكلُ إلَيْهَا .
َوأَ ْحمَدُ عَنْ عَلِيِّ بْ ِن َزيْدٍ عَنْ اْلحَسَنِ عَنْ عُ ْثمَانَ بْنِ َأبِي الْعَاصِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَاخْتُلِفَ فِي َسمَاعِ اْلحَسَنِ عَنْ عُ ْثمَانَ قَالَ َ :سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { :
كَانَ لِدَاوُدَ نَبِيِّ اللَّهِ سَاعَةٌ يُوقِظُ فِيهَا أَهْلَهُ يَقُولُ :يَا آلَ دَاوُد قُومُوا فَصَلُّوا فَإِنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ
الدعَاءَ إلَّا لِسَاحِرٍ َأوْ عَاشِرٍ } . يَسَْتجِيبُ اللَّهُ فِيهَا ُّ
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِريِ وَالَْأوْسَطِ بِسَنَدٍ فِيهِ مُخْتَلَفٍ فِيهِ َ { :ثلَاثٌ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ فَإِنَّ
اللَّهَ يَغْفِرُ لَهُ مَا ِسوَى َذلِكَ ِلمَنْ يَشَاءُ :مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاَللَّهِ شَيْئًا َ ،ولَمْ يَكُنْ سَاحِرًا يَتْبَعُ السحَرَةَ َ ،ولَمْ َيحْقِدْ عَلَى أَخِيهِ } . َّ
وَابْنُ حِبَّانَ فِي
()336/2
سحْ ٍر َ ،ولَا قَا ِط ُع رَحِمٍ } . صحِيحِهِ { :لَا يَدْ ُخلُ اْلجَنَّةَ مُدْمِنُ َخمْرٍ َ ،ولَا ُمؤْمِنٌ بِ ِ َ
َححَهُ { :ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ اْلجَنَّةَ :مُدْمِنُ صحِيحِهِ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ َوأَ ْحمَدُ َوَأبُو يَعْلَى وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
ِالسحْرِ } اْلحَدِيثَ . َدقٌ ب ِّ َخمْرٍ ،وَقَا ِطعُ الرَّحِمِ ،وَمُص ِّ
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذِهِ الْأَ ْربَعَةِ الَّتِي جَ َريْت عَلَيْهِ كَشَ ْيخِ الْإِسْلَامِ اْلجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ َوغَيْرِهِ ُهوَ صَرِيحُ الْآيَةِ فِي بَعْضِهَا وَالْأَحَادِيثِ فِي بَعْضِهَا َو ُهوَ ظَاهِرٌ ِلمَا مَرَّ أَنَّ فِيهَا َق ْولًا قَالَ بِهِ كَثِريُونَ إنَّهَا كُلَّهَا كُفْرٌ فَلَا أَقَلَّ َدمْته فِي مِنْ َك ْونِهَا كَبِريَةً لَا سَِّيمَا مَعَ مَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ اْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ وَالزَّجْرِ الْغَلِيظِ الَْأكِيدِ َكمَا ق َّ
الْكَلَامِ عَلَى الْآيَةِ الْكَرِميَةِ َو َكمَا عُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ َ ،أعَا َذنَا اللَّهُ مِنْ غَضَبِهِ وَمَعَاصِيهِ ِبمَنِّهِ َوكَرَمِهِ آمِنيَ .
()333/2
( الْكَبِريَةُ الرَّابِعَةُ وَاْلخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ وَالثَّلَاثُونَ ،وَاْلحَا ِديَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَاْلخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَ ِة :الْكِهَانَةُ وَالْعِرَافَةُ وَالطِّيَرَةُ وَالطَّ ْرقُ
وَالتَّ ْنجِيمُ وَالْعِيَافَةُ َ ،وِإتْيَانُ كَاهِنٍ َوِإتْيَانُ عَرَّافٍ َ ،وِإتْيَانُ طَا ِرقٍ َ ،وِإتْيَانُ مُنَجِّمٍ َ ،وِإتْيَانُ ذِي طِيَرَةٍ الس ْمعَ وَالْبَصَرَ لِيََتطَيَّرَ لَهُ َ ،أوْ ذِي عِيَافَةٍ لَِيخُطَّ لَهُ ) قَالَ تَعَالَى َ { :ولَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ إنَّ َّ وَالْ ُفؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا } أَيْ لَا تَ ُقلْ فِي شَ ْي ٍء مِنْ الْأَشْيَاءِ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ فَإِنَّ َحوَاسَّك مَسْئُولَةٌ عَنْ َذلِكَ . وَقَالَ تَعَالَى { :عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا ُيظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إلَّا َم ْن ا ْرتَضَى مِنْ رَسُولٍ } أَيْ عَالِ ُم الْغَ ْيبِ ُهوَ اللَّهُ وَحْدَهُ فَلَا ُيطْلِعُ عَلَيْهِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ إلَّا مَنْ ا ْرتَضَا ُه لِلرِّسَالَةِ فَإِنَّهُ ُمطْلِعُهُ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ
غَيْبِهِ وَقِيلَ ُهوَ مُنْ َق ِطعٌ :أَيْ لَكِنْ مَنْ ا ْرتَضَاهُ لِلرِّسَالَةِ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَ َديْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ َرصَدًا .
َالصحِيحُ ُهوَ الْأَوَّلُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى َأطْ َلعَ َأنْبِيَاءَهُ َبلْ وُرَّاثَهُ ْم عَلَى مُغَيَّبَاتٍ كَثِريَةٍ لَكِنَّهَا جُ ْزئِيَّاتٌ قَلِيلَةٌ و َّ
بِالنِّسْبَةِ إلَى عِ ْلمِهِ تَعَالَى ،فَهُوَ اْلمُنْفَرِدُ بِعِلْمِ اْلمُغَيَّبَاتِ عَلَى الِْإطْلَاقِ كُلِّيِّهَا وَجُ ْزئِيِّهَا دُونَ غَيْرِهِ .
اللهُ عَنْهُ قَالَ :قَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ َوأَخْرَجَ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ ِعمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ َرضِيَ َّ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :لَيْسَ مِنَّا مَنْ َتطَيَّرَ َأوْ ُتطُيِّرَ لَهُ أَوْ تَكَهَّنَ َأوْ تُكُهِّنَ لَهُ َأوْ َسحَرَ َأوْ ُسحِرَ لَ ُه ،وَمَنْ َأتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ ِبمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ ِبمَا ُأنْزِلَ عَلَى ُمحَمَّدٍ } .
وَ َروَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ دُونَ َق ْولِهِ " وَمَنْ َأتَى " إَلخْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ .
()333/2
وَالْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ قَوِيٍّ { :مَنْ َأتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ ِبمَا قَالَ فَقَدْ كَفَرَ ِبمَا ُأنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ { :مَنْ َأتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ ِبمَا يَقُولُ فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا َأنْزَلَ اللَّهُ عَلَى ُمحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ َدقٍ لَهُ لَمْ تُقَْبلْ لَهُ صَلَاةً أَ ْربَعِنيَ لَيْلَةً } . وَسَلَّمَ ،وَمَنْ َأتَاهُ غَيْرَ مُص ِّ
الت ْوبَةُ أَ ْربَعِنيَ لَيْلَةً فَِإنْ صَدَّقَهُ ِبمَا قَالَ فَقَدْ وَالطَّبَرَانِيُّ { :مَنْ َأتَى كَاهِنًا فَسََألَهُ عَنْ شَ ْيءٍ ُحجِبَتْ عَنْهُ َّ
كَفَرَ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَا َديْنِ أَحَ ُد ُهمَا ثِقَاتٌ { :لَنْ يَنَالَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنْ تَكَهَّنَ َأوْ اسْتَقْسَمَ َأوْ رَ َجعَ مِنْ سَفَرٍ َتطَيُّرًا } .
وَمُسْلِمٌ { :مَنْ َأتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَ ْيءٍ فَصَدَّقَهُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَ ْربَعِنيَ َيوْمًا } .
َدقَ ِبمَا يَقُولُ صحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ { :مَنْ َأتَى عَرَّافًا َأوْ كَاهِنًا فَص َّ وَالْأَ ْربَعَةُ وَاْلحَاكِمُ وَقَالَ َ فَقَدْ كَفَرَ ِبمَا ُأنْزِلَ عَلَى ُمحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } .
وَالْبَزَّارُ َوَأبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ َموْقُوفٍ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ { :مَنْ َأتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا َأوْ سَاحِرًا َدقَ ِبمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ ِبمَا ُأنْزِلَ عَلَى ُمحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } . فَسََألَهُ فَص َّ
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِريِ بِسَنَ ٍد ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ { :مَنْ َأتَى عَرَّافًا َأوْ سَاحِرًا َأوْ كَاهِنًا ُيؤْمِنُ ِبمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ ِبمَا ُأنْزِلَ عَلَى ُمحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } . لسحْرِ زَادَ مَا زَادَ } . النجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ ا ِّ َوَأبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ { :مَنْ اقْتَبَسَ عِ ْلمًا مِنْ ُّ
صحِيحِهِ { :الْعِيَافَةُ وَالطِّيَرَةُ وَالطَّ ْرقُ مِنْ اْلجِ ْبتِ } َو ُهوَ بِكَسْرِ َوَأبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
اْلجِيمِ كُلُّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذِهِ اْلمَ ْذكُورَاتِ هُوَ َوِإنْ لَمْ أَرَهُ كَ َذلِكَ صَرِيحُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي َأكْثَ ِرهَا
()333/2
وَقِيَاسًا فِي الْبَقِيَّةِ َو ُهوَ ظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّ اْلمَ ْلحَظَ فِي الْكُلِّ وَاحِ ٌد ،وَالْكَاهِنُ ُهوَ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْ بَ ْعضِ
خطِئُ َأكْثَ َرهَا َويَ ْزعُمُ أَنَّ اْلجِنَّ ُتخْبِرُهُ بِ َذلِكَ . ضمَرَاتِ فَيُصِيبُ بَعْضَهَا َوُي ْ اْلمُ ْ
وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ الْكِهَانَةَ ِبمَا يَرْ ِجعُ لِ َذلِكَ فَقَالَ :هِيَ تَعَاطِي الْإِخْبَارِ عَنْ اْلمُغَيَّبَاتِ فِي مُسْتَقَْبلِ الزَّمَانِ
َادعَاءُ عِلْمِ الْغَ ْيبِ وَ َزعْمُ أَنَّ اْلجِنَّ ُتخْبِرُهُ بِ َذلِكَ . و ِّ
وَالْعَرَّافُ بِفَ ْتحِ اْلمُ ْهمَلَةِ َوتَشْدِيدِ الرَّاءِ قِيلَ الْكَاهِنُ َ ،ويَرُدُّهُ اْلحَدِيثُ السَّابِقُ :عَرَّافًا َأوْ كَاهِنًا ،
وَقِيلَ السَّاحِرُ .
َدعِي مَعْرِفَةَ الْأُمُورِ ِبمُقَدِّمَاتِ أَسْبَابٍ يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى َموَاقِعِهَا كَاْلمَسْرُوقِ وَقَالَ الْبَ َغوِيّ ُ :هوَ الَّذِي ي َّ حوِ َذلِكَ ،وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّي اْلمُنَجِّمَ كَاهِنًا . مِنْ الَّذِي سَرَقَهُ وَمَعْرِفَةِ مَكَانِ الضَّالَّةِ َوَن ْ
ي َزجْرُ الطَّيْرِ لِيَتَيَمَّنَ َأوْ يَتَشَا َءمَ ِبطَيَرَانِهِ فَِإنْ قَالَ َأبُو دَاوُد :وَالطَّ ْرقُ ،أَيْ بِفَ ْتحٍ فَسُكُونٍ الزَّجْرُ :أَ ْ الشمَالِ تَشَا َءمَ . طَارَ إلَى جِهَةِ الَْيمِنيِ تَيَمَّنَ َأوْ إلَى جِهَةِ ِّ
وَقَالَ ابْنُ فَارِسَ :الضَّرْبُ بِاْلحَصَى َو ُهوَ َن ْوعٌ مِنْ التَّكْهِنيِ . الزمَانِ حوَادِثِ الْآتِيَةِ فِي مُسْتَقَْبلِ َّ َدعِيهِ َأهْلُهَا مِنْ مَعْرِفَةِ اْل َ النجُومِ ُهوَ مَا ي َّ وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ مِنْ عِلْمِ ُّ حوِ َذلِكَ ،يَ ْز ُعمُونَ أَنَّهُمْ يُدْ ِركُونَ الريَاحِ َوتَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ َوَن ْ َك َمجِيءِ الْ َمطَرِ َووُقُوعِ الثَّ ْلجِ َوهُبُوبِ ِّ
َذلِكَ بِسَيْرِ الْ َكوَا ِكبِ لِاقْتِرَانِهَا وَافْتِرَاقِهَا َوظُهُو ِرهَا فِي بَ ْعضِ الْأَزْمَانِ َ ،وهَذَا عِلْمٌ اسْتَ ْأثَرَ اللَّهُ بِهِ لَا
ادعَى عِ ْلمَهُ بِ َذلِكَ فَ ُهوَ فَاسِقٌ َبلْ رَُّبمَا يُؤَدِّي بِهِ ذَلِكَ إلَى الْكُفْرِ ؛ أَمَّا مَنْ يَعْ َلمُهُ أَحَدٌ غَيْرُ ُه َ ،فمَنْ َّ يَقُولُ :إنَّ الِاقْتِرَانَ وَالِافْتِرَاقَ الَّذِي ُهوَ كَذَا جَعَلَهُ اللَّهُ عَلَامَةً ِبمُقْتَضَى مَا اطَّرَدَتْ بِهِ عَا َدتُهُ الِْإلَهِيَّةُ ك َ ،وكَذَا عَلَى وُقُوعِ كَذَا وَقَدْ يَتَخَلَّفُ فَإِنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ بِ َذلِ َ
()533/2
الزوَالُ وَجِهَةُ الْقِبْلَةِ َوكَمْ النجُومِ الَّذِي يُعْ َرفُ بِهَا َّ الْإِخْبَارُ عَمَّا يُدْرَكُ ِبطَرِيقِ اْلمُشَاهَدَةِ مِنْ عِلْمِ ُّ مَضَى َوكَمْ بَقِيَ مِنْ اْلوَ ْقتِ فَإِنَّهُ لَا إثْمَ فِيهِ َبلْ ُهوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ .
الصحِيحَيْنِ عَ ْن زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ اْلجُهَنِيِّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ وَفِي حَدِيثِ َّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّ ْبحِ فِي َأثَرِ َسمَاءٍ -أَيْ َم َطرٍ -كَاَنتْ مِنْ اللَّ ْيلِ فَلَمَّا انْصَ َرفَ أَقَْبلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ َ :أتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ َأعْلَمُ .
ضلِ اللَّهِ وَرَ ْحمَتِهِ فَذَلِكَ ُمؤْمِنٌ قَالَ :قَالَ َ :أصْبَحَ مِنْ عِبَادِي ُمؤْمِنٌ بِي َوكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ ُمطِ ْرنَا بِفَ ْ بِي كَافِرٌ بِالْ َكوَا ِكبِ .
النجْمِ الْفُلَانِيِّ -فَ َذلِكَ كَافِرٌ بِي ُمؤْمِنٌ بِالْ َكوَا ِكبِ } . َوأَمَّا مَنْ قَالَ ُمطِ ْرنَا بَِنوْءِ كَذَا -أَيْ وَقْتِ َّ الن ْوءَ ُهوَ اْل ُمحْدِثُ وَاْلمُوجِدُ فَ ُهوَ كَافِرٌ َأوْ أَنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى قَالَ الْعُ َلمَاءُ :مَنْ قَالَ َذلِكَ مُرِيدًا أَنَّ َّ
نُزُولِ اْل َمطَرِ وَمُنْ ِزلُهُ ُهوَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَمْ يَكْفُ ْر َ ،ويُكْرَهُ لَهُ َقوْلُ َذلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ َألْفَاظِ الْكُفْرِ وَ َروَى
الشَّ ْيخَانِ { :أَنَّ نَاسًا سََألُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكَاهِنِ َأوْ الْكُهَّانِ فَقَالَ :لَيْسُوا بِشَ ْيءٍ َدثُونَا أَحْيَانًا بِشَ ْيءٍ َأوْ بِالشَّ ْيءِ فَيَكُونُ حَقًّا ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى ،فَقَالُوا :يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُمْ ُيح ِّ
ِرهَا -أَيْ يُلْقِيهَا فِي أُ ُذنِ وَلِيِّهِ - خطَفُهَا اْلجِنِّيُّ فَيُق ُّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :تِلْكَ الْكَ ِلمَةُ مِنْ اْلوَحْيِ َي ْ فََيخْلِطُ مَعَهَا مِائَةَ كَ ِذبَةٍ } .
السمَاءِ فَيَسْتَ ِرقُ السحَابُ فَتَ ْذكُرُ الْأَمْرَ قُضِيَ فِي َّ وَالُْبخَارِيُّ { :إنَّ اْلمَلَائِكَةَ تَنْزِلُ مِنْ الْعَنَانِ َو ُهوَ َّ سمَعُهُ فَُيوَجِّهُ إلَى الْكُهَّانِ فَيَكْ ِذبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَ ِذبَةٍ مِنْ عِنْدِ َأنْفُسِهِمْ } . الس ْمعَ فَيَ ْ الشَّ ْيطَانُ َّ
()3/7
بَابُ الْبُغَاةِ ( الْكَبِريَةُ السَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :الَْبغْيُ أَيْ اْلخُرُوجُ عَلَى الْإِمَامِ َوَلوْ جَائِرًا بِلَا تَ ْأوِيلٍ َأوْ َمعَ تَ ْأوِيلٍ يُ ْق َطعُ بُِبطْلَانِهِ ) قَالَ تَعَالَى َّ { :إنمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ َيظْ ِلمُونَ النَّاسَ َويَبْغُونَ فِي
الْأَرْضِ بِغَيْرِ اْلحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ َألِيمٌ } . َوأَخْرَجَ مُسْلِمٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :إنَّ اللَّهَ َأوْحَى إلَيَّ َأنْ َتوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ
عَلَى أَحَدٍ َولَا يَ ْفخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ } .
صحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ َأبِي بَكْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ صحِيحٌ وَابْنُ مَاجَهْ وَاْلحَاكِمُ وَقَالَ َ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ َ
َجلَ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :مَا مِنْ َذْنبٍ أَجْدَرُ -أَيْ أَحَقُّ -مِنْ َأنْ يُع ِّ الدنْيَا َمعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ ِمنْ الْبَغْيِ وَ َقطِيعَةِ الرَّحِمِ } . اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي ُّ وَفِي حَدِيثِ الْبَيْهَقِيّ الْآتِي فِي الَْيمِنيِ الْ َغمُوسِ { :لَيْسَ شَ ْيءٌ مِمَّا عُصِيَ اللَّهُ بِهِ ُهوَ َأعْدَلُ عِقَابًا مِنْ
الْبَغْيِ } .
وَفِي الَْأثَرِ َ { :لوْ بَغَى جََبلٌ عَلَى جََبلٍ َلجَ َعلَ اللَّهُ الْبَاغِيَ مِنْهُمَا دَكًّا } وَقَدْ خَسَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَارُونَ اللَّعِنيِ الْأَرْضَ لَمَّا بَغَى عَلَى قَوْمِهِ .
َكمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِ َق ْولِهِ عَزَّ قَائِلًا { :إنَّ قَارُونَ كَا َن مِنْ َق ْومِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ } إلَى َق ْولِهِ
َ { :فخَسَفْنَا بِهِ َوبِدَارِهِ الْأَرْضَ } الْآيَةَ .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :مِنْ بَغْيِهِ َأنْ جَ َعلَ لِبَغِيَّةٍ جُعْلًا عَلَى َأنْ تَقْ ِذفَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا َوعَلَيْهِ َرأَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ بِنَفْسِهَا فَفَعَلَتْ ،فَاسَْتحْلَفَهَا مُوسَى عَلَى مَا قَالَتْ فَأَخْبَ َرتْهُ بِأَنَّ قَارُونَ ُهوَ وَسَلَّمَ اْلمُب َّ
ضبَ مُوسَى فَ َدعَا عَلَيْهِ ،فََأوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ :إنِّي قَدْ أَمَرْت اْلأَرْضَ اْلمُغْرِي لَهَا عَلَى َذلِكَ فَغَ ِ ُتطِيعُك َفمُ ْرهَا ،فَقَالَ مُوسَى :يَا أَرْضُ خُذِيهِ فَأَخَ َذتْهُ حَتَّى غَيََّبتْ
()2/7
سَرِيرَهُ ،فَلَمَّا رَأَى قَارُونُ َذلِكَ نَاشَدَ مُوسَى بِالرَّحِمِ فَقَالَ :يَا أَرْضُ خُذِيهِ فَأَخَ َذتْهُ حَتَّى غَيَّبَتْ قَدَمَيْهِ ِزتِي وَجَلَالِي َلوْ َ ،فمَا زَالَ مُوسَى يَقُولُ يَا أَرْضُ خُذِيهِ حَتَّى غَيَّبَتْهُ ،فََأوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ :يَا مُوسَى َوع َّ
اسْتَغَاثَ بِي لَُأغِيثَنَّهُ َ ،فخُسِفَتْ بِهِ الْأَرْضُ إلَى الْأَرْضِ السُّفْلَى . وَقَالَ َسمُرَةُ :يُخْسَفُ بِهِ كُلَّ َي ْومٍ قَامَةٌ .
َولَمَّا خُسِفَ بِهِ قِيلَ َّإنمَا َأهْلَكَهُ مُوسَى لِيَأْخُذَ مَالَهُ وَدَارَهُ ،فَخَسَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِ ِهمَا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ،
وَقِيلَ :بَغْيُهُ :كِبْرُهُ ،وَقِيلَ كُفْرُهُ ،وَقِيلَ ِزيَا َدتُهُ فِي طُولِ ثِيَابِهِ شِبْرًا ،وَقِيلَ إنَّهُ كَانَ َيخْ ُدمُ فِ ْر َع ْونَ فَتَعَدَّى عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ َوظَ َلمَهُمْ .
خمْسُونَ الْبَغْ ُي َ ،و ُهوَ مُشْكِ ٌل تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ مَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ ،لَكِنَّهُ َأطْلَقَ فَقَالَ الْكَبِريَةُ اْل َ
فَقَدْ قَالَ َأئِمَّتُنَا :إنَّ الْبَغْيَ لَيْسَ بِاسْمِ ذَمٍّ إذْ الْبُغَاةُ لَيْسُوا فَسَقَةً َ ،فمِنْ ثَمَّ قَيَّدْته فِي التَّرْ َجمَةِ بَِأنْ يَكُونَ بِلَا تَ ْأوِيلٍ َأوْ بِتَ ْأوِيلٍ َقطْعِيِّ الُْبطْلَانِ ،وَحِينَئِذٍ اُُّتجِهَ َك ْونُهُ كَبِريَةً ِلمَا يَتَرََّتبُ عَلَى َذلِكَ مِنْ
اْلمَفَاسِدِ الَّتِي لَا ُيحْصَى ضَرَرُهَا َولَا يَ ْنطَفِئُ شَرَ ُرهَا َمعَ عَ َدمِ عُذْرِ اْلخَارِجِنيَ حِينَئِذٍ ِ ،بخِلَافِ اْلخَارِجِ
ضمَنُوا مَا َأتْلَفُوهُ حَالَ اْلحَرْبِ َولَمْ يُقَْتلْ بِتَ ْأوِيلٍ ظَنِّيِّ الُْبطْلَانِ فَإِنَّ لَهُمْ َن ْوعَ عُذْرٍ ،وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَ ْ مُدَبَّ ُرهُمْ .
()7/7
( الْكَبِريَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :نَ ْكثُ بَيْعَةِ الْإِمَامِ لِ َفوَاتِ غَرَضٍ ُدنَْيوِيٍّ ) أَخْرَجَ
الشَّ ْيخَانِ عَنْ َأبِي هُ َريْرَ َة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :ثَلَاثَةٌ لَا ضلِ مَاءٍ بِالْفَلَاةِ يُك َِّلمُهُمْ اللَّهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َولَا يَ ْنظُرُ إلَيْهِمْ َولَا يُزَكِّيهِمْ َولَهُمْ عَذَابٌ َألِيمٌ :رَجُلٌ عَلَى فَ ْ
َيمْنَعُهُ ابْنَ السَّبِيلِ ،وَرَ ُجلٌ بَايَعَ رَجُلًا سِلْعَةً بَعْدَ الْعَصْرِ َفحَلَفَ بِاَللَّهِ لَأَخَ َذهَا بِكَذَا َوكَذَا فَصَدَّقَهُ َو ُهوَ عَلَى غَيْرِ َذلِكَ ،وَرَ ُجلٌ بَاَيعَ إمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إلَّا لِ ُدنْيَا ،فَِإنْ َأ ْعطَاهُ مِنْهَا وَفَّى َوِإنْ لَمْ يُ ْعطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ
}.
َرمَ اللَّهُ وَجْهَهُ { :الْكَبَائِرُ :الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ ،وَقَ ْتلُ النَّفْسِ َ ،وَأ ْكلُ َوأَخْرَجَ ابْنُ َأبِي حَاتِمٍ عَنْ عَلِيٍّ ك َّ َالسحْرُ َ ،وعُقُوقُ مَالِ الْيَتِيمِ ،وَقَ ْذفُ اْل ُمحْصَنَةِ ،وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ ،وَالتَّعَرُّبُ بَعْدَ الْ ِهجْرَ ِة ،و ِّ جمَاعَةِ َ ،ونَ ْكثُ الْبَيْعَةِ } . الربَا ،وَفِرَاقُ اْل َ اْلوَالِ َديْنِ َ ،وَأ ْكلُ ِّ
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ صَرِيحُ الْحَدِيثِ وَالَْأثَرِ اْلمَ ْذكُو َريْنِ َ ،وِبهِ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ اْلمُتَأَخِّرِينَ َو ُهوَ قَرِيبٌ ِلمَا يَتَرََّتبُ عَلَيْهِ مِنْ اْلمَفَاسِدِ الْكَثِريَةِ الَّتِي لَا نِهَايَةَ لَهَا .
()3/7
بَابُ الْإِمَامَةِ الْ ُع ْظمَى ( الْكَبِريَةُ الثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ وَالْأَ ْربَعُونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ َ :توَلِّي الْإِمَامَةِ َأوْ الْإِمَارَةِ َمعَ عِ ْلمِهِ ِبخِيَانَةِ نَفْسِهِ َأوْ عَزْمِهِ عَلَيْهَا وَ ُسؤَالُ َذلِكَ وَبَذْلُ مَالٍ عَلَيْهِ َمعَ الْعِلْمِ َأوْ الْعَ ْزمِ
الصحِيحِ عَنْ َع ْوفِ بْنِ مَالِكٍ اْلمَ ْذكُو َريْنِ ) أَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِريِ بِسَنَدٍ ُروَاُت ُه ُروَاةُ َّ
َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :إنْ شِئْتُمْ َأنْبَ ْأتُكُمْ عَنْ الْإِمَارَةِ وَمَا هِيَ ،
َولُهَا مَلَامَةٌ َ ،وثَانِيهَا نَدَامَةٌ َ ،وثَالِثُهَا عَذَابٌ ص ْوتِي وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ :أ َّ فَنَا َديْت بَِأعْلَى َ
َي ْومَ الْقِيَامَةِ إلَّا مَنْ عَدَ َل َ ،وكَيْفَ يَعْدِلُ َمعَ أَقْ َربِيهِ } . َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ إلَّا يَزِيدَ بْنَ َأبِي مَالِكٍ { :مَا مِنْ رَ ُجلٍ يَلِي أَمْرَ عَشَرَةٍ َفمَا َف ْوقَ َذلِكَ إلَّا
َأتَى اللَّهَ تَعَالَى مَغْلُولًا َي ْومَ الْقِيَامَةِ يَدَاهُ إلَى عُنُقِ ِه ،فَكَّهُ بِرُّهُ َ ،أوْ َأ ْوثَقَهُ إْثمُهُ . َولُهَا مَلَامَةٌ َ ،وَأوْ َسطُهَا نَدَامَ ٌة ،وَآخِ ُرهَا خِزْيٌ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } . أ َّ
وَمُسْلِمٌ عَنْ َأبِي ذَرٍّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { :قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ َألَا تَسْتَ ْعمِلُنِي ؟ قَالَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى
مَنْكِبَيَّ ثُمَّ قَالَ :يَا َأبَا ذَرٍّ إنَّك ضَعِيفٌ َوإِنَّهَا إمَارَ ٌة َ ،وإِنَّهَا َيوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ َونَدَامَةٌ إلَّا مَنْ أَخَ َذهَا ِبحَقِّهَا َوأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا } .
صحِيحٌ عَلَى شَ ْرطِ ِهمَا عَنْهُ { :إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُسْلِمٌ َوَأبُو دَاوُد وَاْلحَاكِمُ وَقَالَ َ
قَالَ لَهُ يَا َأبَا ذَرٍّ إنِّي أَرَاك ضَعِيفًا َوإِنِّي أُحِبُّ لَك مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي ،لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ ،وَلَا تَلِيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ } .
وَالُْبخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ { :إنَّكُمْ سََتحْ ِرصُونَ عَلَى الْإِمَارَ ِة ،وَسَتَكُونُ نَدَامَةً َي ْومَ الْقِيَامَةِ ،فَنِعْ َمتْ
اْلمُ ْرضِعَةُ َوبِئْسَ الْفَا ِطمَةُ } . صحِيحِهِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
()5/7
وَاْلحَاكِمُ وَاللَّفْظُ لَهُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ َ { :وْيلٌ لِلْأُمَرَا ِء َ ،وْيلٌ لِلْعُرَفَاءِ َ ،وْيلٌ لِلْأُمَنَاءِ لَيََتمَنَّيَنَّ
السمَاءِ وَالْأَرْضِ َوأَنَّهُمْ لَمْ يَلُوا عَمَلًا } . أَ ْقوَامٌ َي ْومَ الْقِيَامَةِ أَنَّ َذوَائِبَهُمْ مُعَلَّقَةٌ بِالثُّرَيَّا يُ ْدلُونَ بَيْنَ َّ
َححَ إسْنَادَهُ { :لَيُوشِكَنَّ رَ ُجلٌ َأنْ يََتمَنَّى أَنَّهُ خَرَّ مِنْ الثُّرَيَّا َولَمْ َيلِ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
}. سلْ الْإِمَارَةَ فَإِنَّك إنْ ُأ ْعطِيتهَا مِنْ غَيْرِ مَسَْألَةٍ ُأعِنْت عَلَيْهَا ، وَالشَّ ْيخَانِ { :يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ َسمُرَةَ لَا تَ َ َوِإنْ ُأ ْعطِيتهَا عَنْ مَسَْألَةٍ ُوكِلْتَ إلَيْهَا } .
َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ إلَّا ابْنَ لَهِيعَةَ { :جَاءَ َحمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اْلمُطَّ ِلبِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،فَقَالَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْنِي عَلَى شَ ْيءٍ َأعِيشُ بِهِ ،فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ :يَا َحمْزَةُ نَفْسٌ ُتحْيِيهَا أَحَبُّ إلَيْك َأمْ نَفْسٌ ُتمِيتُهَا ؟ قَالَ نَفْسٌ أُحْيِيهَا ،قَالَ عَلَيْك نَفْسُكَ } .
َوَأبُو دَاوُد بِسَنَدٍ فِي ُروَاتِهِ كَلَامٌ قَرِيبٌ لَا يَقْدَحُ { :أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ
عَلَى مَنْ ِكبِ اْلمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ ثُمَّ قَالَ :أَفْ َلحْت يَا قَ ِدميُ إنْ مِتَّ َولَمْ تَكُنْ أَمِريًا َ ،ولَا كَاتِبًا َولَا عَرِيفًا } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ شَرِيكٌ لَا أَدْرِي أَرَفَعَهُ َأمْ لَا قَالَ { :
َولُهَا نَدَامَةٌ َ ،وَأوْ َسطُهَا غَرَامَةٌ ،وَآخِ ُرهَا عَذَابٌ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } . الْإِمَارَةُ أ َّ
وَالطَّبَرَانِيُّ { :أَنَّ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَ ْع َملَ بِشْرَ بْنَ عَاصِمٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى صَدَقَاتِ َهوَا ِزنَ فََتخَلَّفَ بِشْرٌ فَلَقِيَهُ ُعمَرُ ،فَقَالَ مَا خَلَّفَكَ ؟ أَمَا لَنَا َسمْعًا َوطَاعَةً ؟ قَالَ :بَلَى َولَكِنْ َسمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :مَنْ َولِيَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ اْلمُسْ ِلمِنيَ ُأتِيَ بِهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ حَتَّى
()6/7
يُوقَفَ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ ،فَِإنْ كَانَ ُمحْسِنًا َنجَا َ ،وِإنْ كَانَ مُسِيئًا اْنخَ َرقَ بِهِ اْلجِسْرُ فَ َهوَى فِيهِ سَبْعِنيَ خَرِيفًا } .
َفخَرَجَ ُعمَرُ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَئِيبًا َمحْزُونًا ،فَلَقِيَهُ َأبُو ذَرٍّ ،فَقَالَ :مَا لِي أَرَاك كَئِيبًا حَزِينًا ؟ فَقَالَ :
مَا لِي لَا َأكُونُ كَئِيبًا حَزِينًا ،وَقَدْ َسمِعْت بِشْرَ بْنَ عَاصِمٍ َيقُولُ َ :سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ { :مَنْ َولِيَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ اْلمُسْ ِلمِنيَ ُأتِيَ بِهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُوقَفَ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ ، فَِإنْ كَانَ ُمحْسِنًا َنجَا َ ،وِإنْ كَانَ مُسِيئًا اْنخَ َرقَ بِهِ اْلجِسْرُ فَهَوَى فِيهِ سَبْعِنيَ خَرِيفًا فَقَالَ َأبُو ذَرٍّ :
َوَأنَا َسمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :مَنْ َولِيَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ اْلمُسْ ِلمِنيَ ُأتِيَ بِهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُوقَفَ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ ،فَِإنْ كَانَ ُمحْسِنًا َنجَا َ ،وِإنْ كَانَ مُسِيئًا اْنخَ َرقَ بِهِ اْلجِسْرُ
فَ َهوَى فِيهِ سَبْعِنيَ خَرِيفًا َوهِيَ َسوْدَاءُ ُمظْ ِلمَةٌ فَأَيُّ اْلحَدِيثَيْنِ َأوْ َجعُ لِقَلْبِك ؟ قَالَ كِلَا ُهمَا أَوْ َجعَ قَلْبِي
َفمَنْ يَأْخُ ُذهَا ِبمَا فِيهَا ؟ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ مَنْ سَلَتَ ؟ أَيْ ِبمُ ْهمَلَةٍ فَلَامٍ مَفْتُوحَةٍ فَ َفوْقِيَّةٍ :جَدَعَ اللَّهُ َأنْفَهُ جوَ مِنْ َوَألْصَقَ خَدَّهُ بِالْأَرْضِ ،أَمَّا إنَّا لَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا َ ،أوْ عَسَى إنْ وَلَّيْتهَا مَنْ لَا يَعْدِلُ فِيهَا َأنْ لَا تَ ْن ُ
إْثمِهَا } .
َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ فِيهِ َمجْهُولٌ { :سَتُفَْتحُ عَلَيْكُمْ مَشَا ِرقُ الْأَرْضِ وَمَغَا ِربُهَا َوإِنَّ عُمَّالَهَا فِي النَّارِ إلَّا مَنْ
اتَّقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ َوأَدَّى الْأَمَانَةَ } .
وَمُسْلِمٌ َوَأبُو دَاوُد َوغَيْ ُر ُهمَا عَنْ عَدِيِّ بْنِ َعمِريَةَ َرضِيَ اللَّ ُه عَنْهُ َسمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { :مَنْ اسْتَ ْعمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى َع َملٍ فَكََتمْنَا ِمخْيَطًا َفمَا َفوْقَهُ كَانَ غُلُولًا يَ ْأتِي بِهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ ،فَقَامَ إلَيْهِ رَ ُجلٌ أَ ْسوَدُ مِنْ الَْأنْصَارِ كَأَنِّي َأْنظُرُ إلَيْهِ ،فَقَالَ
()3/7
يَا رَسُولَ اللَّهِ اقَْبلْ عَنِّي َعمَلَك ،قَالَ وَمَالَك ؟ قَالَ َ :سمِعْتُك تَقُولُ كَذَا َوكَذَا . قَالَ ؛ َوَأنَا أَقُولُهُ الْآنَ :مَنْ اسْتَ ْعمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى َع َملٍ فَلَْيجِئْ بِقَلِيلِهِ َوكَثِريِهِ َ ،فمَا أُوتِيَ مِنْ ُه أَخَذَ ،
وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى } .
وَالشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا { :اسْتَعْ َملَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ الْأَزْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ
اللُّتْبِيَّةِ -أَيْ نِسْبَةٌ لِبَنِي لُتْبٍ بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِ التَّاءِ َ -علَى الصَّدَقَةِ ،فَلَمَّا قَ ِدمَ قَالَ :هَذَا لَكُمْ حمِدَ اللَّهَ َوَأثْنَى عَلَيْهِ ،ثُمَّ قَالَ :أَمَّا بَعْدُ َوهَذَا ُأهْدِيَ إلَيَّ ،فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َف َ
فَإِنِّي أَسْتَ ْع ِملُ الرَّ ُجلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعَ َملِ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ َوهَذَا ُأهْدِيَ إلَيَّ ،أَفَلَا جَلَسَ فِي بَ ْيتِ َأبِيهِ َوأُمِّهِ حَتَّى تَ ْأتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إنْ كَانَ صَادِقًا ؟ َواَللَّهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ إلَّا لَقِيَ حمِلُهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } . اللَّهَ َي ْ اْلحَدِيثَ .
صحِيحِهِ عَنْ َأبِي رَا ِف ٍع َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا صَلَّى الْعَصْرَ َذ َهبَ إلَى بَنِي عَبْدِ الْأَشْ َهلِ ،فَيََتحَدَّثُ عِنْ َدهُمْ حَتَّى يَ ْنحَدِرَ لِلْمَغْرِبِ . قَالَ َأبُو رَا ِفعٍ :فَبَيَْنمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْ ِرعًا إلَى اْلمَغْرِبِ مَرَ ْرنَا بِالْبَقِيعِ فَقَالَ أُفٍّ لَك أُفٍّ لَك ،فَكَبُرَ َذلِكَ فِي َر ْوعِي ،فَاسْتَأْخَرْت َوظَنَنْت أَنَّهُ يُرِي ُدنِي .
فَقَالَ :مَالَك امْشِ ،فَقُلْت أَحْ َدثْت حَ َدثًا ؟ قَالَ وَمَالَك قَالَ أَفَّفْت بِي ؟ قَالَ لَا َ ،ولَكِنْ هَذَا فُلَانٌ
َالنمِرَةُ بِكَسْرِ اْلمِيمِ كِسَاءٌ مِنْ صُوفٍ ُرعَ مِثْلَهَا مِنْ النَّارِ } و َّ بَعَثْته سَاعِيًا إلَى بَنِي فُلَانٍ فَغَلَّ َنمِرَةً فَد ِّ ُمخَطَّطٍ .
الصحِيحَةِ َ ،و ُهوَ ظَاهِرٌ َولَمْ أَرَ مَنْ َذكَرَ ُه َ ،وهِيَ تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ُهوَ صَرِيحُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ َّ
()3/7
حمُولَةٌ عَلَى مَا َذكَ ْرنَاهُ بِقَرَائِنَ َوأَحَادِيثَ أُخَرَ . َوِإنْ كَاَنتْ ُمطْلَقَةً إلَّا أَنَّهَا َم ْ
()3/7
( الْكَبِريَةُ اْلحَا ِديَةُ وَالْأَ ْربَعُونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ َ :ت ْولِيَةُ جَائِرٍ أَوْ فَاسِقٍ أَمْرًا مِنْ أُمُورِ اْلمُسْ ِلمِنيَ ) أَخْرَجَ اْلحَاكِمُ أَيْ لَكِنْ فِيهِ مَنْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِنيٍ فِي ِروَايَةٍ َووَهَّاهُ غَيْرُهُ َ ،وأَ ْحمَدُ بِاخْتِصَارٍ وَفِي ِه رَجُلٌ لَمْ يُسَمَّ
عَنْ يَزِيدَ بْنِ َأبِي سُفْيَانَ قَالَ { :قَالَ لِي َأبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِنيَ بَعَثَنِي إلَى الشَّامِ يَا
يَزِيدُ إنَّ لَك قَرَابَةً عَسَيْت َأنْ ُت ْؤثِ َرهُمْ بِالْإِمَارَةِ ،وَ َذلِكَ َأكْثَرُ مَا أَخَافُ عَلَيْك بَعْدَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ اْلمُسْ ِلمِنيَ شَيْئًا فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَحَدًا ُمحَابَاةً فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ لَا
يَقَْبلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا َولَا عَ ْدلًا حَتَّى يُدْخِلَهُ جَهَنَّمَ } . َححَهُ :أَيْ لَكِنْ فِيهِ وَاهٍ إلَّا أَنَّ ابْنَ ُنمَيْرٍ وَثَّقَ ُه وَحَسَّنَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ غَيْرَ مَا حَدِيثٍ . وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
َححَ لَهُ اْلحَاكِمُ َولَا يَضُرُّ فِي اْلمُتَابَعَاتِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ اْلحَافِظُ اْلمُنْذِرِيُّ بَعْدَ ِذكْرِهِ َذلِكَ َوص َّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :مَنْ اسْتَ ْع َملَ رَجُلًا مِنْ عِصَابَةٍ وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ أَ ْرضَى لِلَّهِ مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاْل ُمؤْمِنِنيَ } .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ صَرِيحُ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ لِلتَّصْرِيحِ فِيهِ بِاللَّعْنِ َ ،وظَاهِرُ اْلحَدِيثِ الثَّانِي وَ ُهوَ ظَاهِرٌ
َوِإنْ لَمْ أَرَهُ َ ،وأَشَرْت َكمَا ذَكَرْته فِي التَّرْ َجمَةِ إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي َح ْملُ اْلحَدِيثَيْنِ عَلَيْهِ َ ،وإِلَّا َفظَاهِرُ ُهمَا ُم َرَأيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بَعْدَ َذلِكَ فَقَالَ َأنْ ُيوَلِّيَ الْقَاضِي َأوْ الْإِمَامُ مَنْ لَا يَصْ ُلحُ مُشْ ِكلٌ جِدًّا ،ث َّ
صحْبَتِهِ . لِقَرَابَتِهِ َأوْ ُ
()33/7
( الْكَبِريَةُ الثَّانِيَةُ وَالْأَ ْربَعُونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :عَزْلُ الصَّاِلحِ َوَت ْولِيَةُ مَنْ هُوَ دُونَهُ ) وَ َذكَرَ هَذَا أَشَارَ إلَيْهِ
بَعْضُهُمْ َ ،ويُسْتَدَلُّ لَهُ بِاْلحَدِيثِ اْلمَ ْذكُورِ " فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَحَدًا ُمحَابَاةً فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ " إلَخْ .
()33/7
( الْكَبِريَةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَاْلخَامِسَةُ وَالْأَ ْربَعُونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِاَئةِ َ :جوْرُ الْإِمَامِ َأوْ الْأَمِريِ َأوْ الْقَاضِي
َوغِشُّهُ لِ َرعِيَّتِهِ وَاحِْتجَابُهُ عَنْ قَضَاءِ َحوَاِئجِهِمْ اْلمُهِمَّةِ الْمُضْطَرِّينَ إلَيْهَا بِنَفْسِهِ َأوْ نَائِبِهِ ) أَخْرَجَ
الصحِيحِ بَعْضُهُ عَنْ ابْنِ َمسْعُودٍ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَ ٍد ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ َف ُمخْتَلَفٌ فِيهِ ،وَفِي َّ
َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّ َم { :إنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا َي ْومَ اْلقِيَامَةِ مَنْ قََتلَ نَبِيًّا َأوْ قَتَلَهُ نَبِيٌّ َوإِمَامٌ جَائِرٌ } .
وَ َروَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ إلَّا أَنَّهُ قَالَ َ { :وإِمَامُ ضَلَالَةٍ } . صحِيحِهِ { :أَ ْربَعَةٌ يُبْغِضُهُمْ اللَّهُ :الْبَيَّاعُ اْلحَلَّافُ ،وَالْفَقِريُ اْل ُمخْتَالُ ، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
وَالشَّ ْيخُ الزَّانِي ،وَالْإِمَامُ اْلجَائِرُ } .
حوِهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ { :وَمَلِكٌ كَذَّابٌ َ ،وعَاِئلٌ مُسْتَكْبِرٌ } . وَ َروَاهُ مُسْلِمٌ بَِن ْ
َححَهُ ،وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ فِيهِ وَاهِيًا مُبْ َهمًا عَنْ طَ ْلحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ َس ِمعَ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ َ { :ألَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ جَائِرٍ } . وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ { :ثَلَاثَةٌ لَا يَقَْبلُ اللَّهُ مِنْهُمْ شَهَادَةَ َأنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّ ُه ،فَ َذكَرَ مِنْهُمْ الْإِمَامَ
اْلجَائِرَ } .
وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَزَّارُ وَاللَّفْظُ لَهُ { :السُّ ْلطَانُ ظِلُّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْأَرْضِ يَ ْأوِي إلَيْهِ كُلُّ َمظْلُومٍ مِنْ
الرعِيَّةِ الشُّ ْك ُر َ ،وِإنْ جَارَ أَوْ حَافَ َأوْ ظَلَمَ كَانَ عَلَيْهِ عِبَادِهِ ،فَإِنْ عَدَلَ كَانَ لَهُ الْأَجْرُ َ ،وكَانَ عَلَى َّ الزكَاةُ هَلَكَتْ اْل َموَاشِي السمَاءُ َوإِذَا مُنِ َعتْ َّ ح َطتْ َّ الرعِيَّةِ الصَّبْرُ ،وَإِذَا جَارَتْ اْل ُولَاةُ َق َ اْلوِزْرُ َوعَلَى َّ
ح َوهَا } . الزنَا ظَهَرَ الْفَقْرُ وَاْلمَسْكَنَةُ َ ،وإِذَا أَخْفَرَتْ الذِّمَّةُ أُدِيلَ الْكُفَّارُ َأوْ كَ ِلمَةً َن ْ َ ،وإِذَا ظَهَرَ ِّ
()32/7
صحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا حوِهِ وَقَالَ َ وَالْبَيْهَقِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَاْلحَاكِمُ بَِن ْ
قَالَ { :كُنَّا عِنْ َد رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :كَيْفَ َأنْتُمْ إذَا وَ َقعَ فِيكُمْ خَمْسٌ َوَأعُوذُ
بِاَللَّهِ َأنْ تَكُونَ فِيكُمْ َأوْ تُدْ ِركُوهُمْ :مَا ظَهَرَتْ الْفَاحِشَةُ فِي َق ْومٍ قَطُّ يُ ْع َملُ بِهَا فِيهِمْ عَلَانِيَةً إلَّا ظَهَرَ
السمَاءِ الزكَاةَ إلَّا مُنِعُوا الْ َقطْرَ مِنْ َّ فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالَْأوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي أَسْلَافِهِ ْم ،وَمَا مََنعَ َق ْومٌ َّ َوَل ْولَا الْبَهَائِمُ لَمْ ُي ْمطَرُوا ،وَمَا َبخَسَ َق ْومٌ اْلمِكْيَالَ وَاْلمِيزَانَ إلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِنيَ وَشِدَّةِ اْل ُم ْؤنَةِ وَ َجوْرِ ُوهُمْ فَاسْتَنْفَذُوا بَ ْعضَ السُّ ْلطَانِ َ ،ولَا حَكَمَ أُمَرَا ُؤهُمْ بِغَيْرِ مَا َأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَد َّ
مَا فِي َأيْدِيهِمْ ،وَمَا عَطَّلُوا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ }
.
َوأَ ْحمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَاللَّفْظُ لَهُ َوَأبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ بُكَيْرِ بْنُ َو ْهبٍ قَالَ { :قَالَ لِي أَنَسٌ
إن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى بَابِ الْبَ ْيتِ َوَنحْنُ َدثُهُ كُلَّ أَحَدٍ َّ : َدثُك حَدِيثًا مَا أُح ِّ أُح ِّ فِيهِ ،فَقَالَ :الَْأئِمَّةُ مِنْ قُ َريْشٍ إنَّ لِي عَلَيْكُمْ حَقًّا َوإِنَّ لَهُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا مِثْلَ َذلِكَ مَا إنْ اُسْتُرْ ِحمُوا رَ ِحمُوا َ ،وِإنْ عَاهَدُوا وَفُّوا َ ،وِإنْ حَ َكمُوا عَ َدلُوا َ ،فمَنْ لَمْ يَفْ َعلْ َذلِكَ مِنْهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ
وَاْلمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَ ْجمَعِنيَ } . صحِيحَةٍ { :إنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُ َريْشٍ مَا إذَا اُسُْترْ ِحمُوا رَ ِحمُوا َ ،وإِذَا حَ َكمُوا عَ َدلُوا ، وَفِي ِروَايَةٍ َ
سطُوا َ ،فمَنْ لَمْ يَفْ َعلْ َذلِكَ مِنْهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَاْلمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَ ْجمَعِنيَ ،لَا يَقَْبلُ سمُوا أَقْ َ َوإِذَا قَ َ
اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا َولَا عَ ْدلًا } .
وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ مُعَا ِويَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْهُ
()37/7
بِإِسْنَادٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ .
َوعَنْ ابْنِ مَسْعُو ٍد َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ قَالَا :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :لَا
يُقَدِّسُ اللَّهُ أُمَّةً لَا يُقْضَى فِيهَا بِاْلحَقِّ َ ،ويَأْخُذُ الضَّعِيفُ حَقَّ ُه مِنْ الْ َقوِيِّ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ } .
وَالَْأصْبَهَانِيّ { :يَا َأبَا هُ َريْرَةَ عَدْلُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّنيَ سَنَةً ،قِيَامُ لَيْلِهَا َ ،وصِيَامُ نَهَا ِرهَا ؛ َويَا
َأبَا هُ َريْرَةَ :جَوْرُ سَاعَةٍ فِي حُكْمٍ أَشَدُّ َوَأعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ مَعَاصِي سِتِّنيَ سَنَةً } . ضلُ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّنيَ سَنَةً } . وَفِي ِروَايَةٍ { :عَدْلُ َي ْومٍ وَاحِدٍ أَفْ َ
ضلُ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّنيَ سَنَةً ،وَحَدٌّ يُقَامُ وَ َروَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ بِلَفْظِ َ { :ي ْومٌ مِنْ إمَامٍ عَادِلٍ أَفْ َ فِي الْأَرْضِ ِبحَقِّهِ أَ ْزكَى فِيهَا مِنْ َمطَرِ أَ ْربَعِنيَ صَبَاحًا } .
وَالطَّبَرَانِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ { :أَحَبُّ النَّاسِ إلَى اللَّهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َوأَ ْدنَاهُمْ مِنْهُ مَجْلِسًا إمَامٌ عَادِلٌ َ ،وَأبْ َغضُ النَّاسِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى َوَأبْعَ ُدهُمْ مِنْهُ مَجْلِسًا إمَامٌ جَائِرٌ } .
ضلُ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْ ِزلَةً َي ْومَ ت { :أَفْ َ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ فِي اْلمُتَابَعَا ِ الْقِيَامَةِ إمَامٌ عَادِلٌ رَفِيقٌ ،وَشَرُّ عِبَادِ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْ ِزلَةً َي ْومَ الْقِيَامَةِ إمَامٌ جَائِرٌ خَ ِرقٌ } . َححَهُ َولَمْ يُبَالِ صحِيحِهِ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
بِتَضْعِيفِ بَعْضِهِمْ بَ ْعضَ ُروَاتِهِ ؛ لِأَنَّ الَْأكْثَرِينَ عَلَى َت ْوثِيقِهِ { :إنَّ اللَّهَ َمعَ الْقَاضِي مَا لَمْ َيجُرْ فَإِذَا جَارَ َتخَلَّى عَنْهُ َولَزِمَهُ الشَّ ْيطَانُ } .
َرأَ اللَّهُ مِنْهُ } . وَ ِروَايَةُ اْلحَاكِمِ { :فَإِذَا جَارَ تَب َّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَزَّارُ وَاللَّفْظُ لَهُ ُ { :ي ْؤتَى بِالْقَاضِي َي ْومَ الْقِيَا َمةِ فَيُوقَفُ لِ ْلحِسَابِ عَلَى شَفِريِ جَهَنَّمَ فَِإنْ أُمِرَ بِهِ دُ ِفعَ فَ َهوَى فِيهَا سَبْعِنيَ خَرِيفًا } . وَابْنُ َأبِي
()33/7
الدنْيَا َوغَيْرُهُ عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ :أَنَّ بِشْرَ بْنَ عَاصِمٍ حَدَّثَ ُع َم َر َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُ َس ِمعَ رَسُولَ اللَّهِ ُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { :لَا يَلِي أَحَدٌ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا إلَّا وَقَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ
فَيُزَلْزِلُ بِهِ اْلجِسْرُ َزلْ َزلَةً فَنَاجٍ َأوْ غَيْرُ نَاجٍ فَلَا يَبْقَى مِنْهُ َعظْمٌ إلَّا فَا َرقَ صَاحِبَهُ فَِإنْ ُهوَ لَمْ يَنْجُ َذ َهبَ بِهِ فِي جُبٍّ ُمظْلِمٍ كَالْقَبْرِ فِي جَهَنَّمَ يَبْ ُلغُ قَعْرُهُ سَبْعِنيَ خَرِيفًا َ ،وإِنَّ ُعمَرَ سَأَلَ سَلْمَانَ َوَأبَا ذَرٍّ َهلْ َسمِعُْتمَا َذلِكَ مِ ْن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَا َنعَمْ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ { مَنْ َولِيَ أُمَّةً مِنْ أُمَّتِي قَلَّتْ َأوْ كَثُرَتْ فَلَمْ يَعْ ِدلْ فِيهِمْ كَبَّهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ } .
َححَهُ { :مَا مِنْ أَحَدٍ يَكُونُ عَلَى شَ ْيءٍ مِنْ أُمُورِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَلَا يَعْدِلُ فِيهِمْ إلَّا كَبَّهُ اللَّهُ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ فِي النَّارِ } .
َححَهُ { :إنَّ فِي جَهَنَّمَ وَا ِديًا وَفِي اْلوَادِي بِئْرٌ يُقَالُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ َوَأبُو يَعْلَى وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
لَهُ هَبْ َهبُ حَقًّا عَلَى اللَّهِ َأنْ يُسْكِنَهُ كُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } .
الصحِيحِ { :مَا مِنْ أَمِريِ عَشَرَةٍ إلَّا ُي ْؤتَى بِهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولًا لَا َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ وَرِجَالُ ُه رِجَالُ َّ
يَفُكُّهُ إلَّا الْعَدْلُ } . صحِيحَةٍ لَهُ َأيْضًا { :مَا مِنْ أَمِريِ عَشَرَةٍ إلَّا ُي ْؤتَى َي ْومَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولًا لَا يَفُكُّهُ مِنْ َذلِكَ وَفِي ِروَايَةٍ َ
الْغُلِّ إلَّا الْعَدْلُ } .
صحِيحَةٍ َأيْضًا { مَا مِنْ أَمِريِ عَشَرَةٍ إلَّا ُي ْؤتَى بِهِ يَ ْومَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولًا حَتَّى يَفُكَّهُ الْعَدْلُ َأوْ وَفِي أُخْرَى َ
جوْرُ } . يُوثِقَهُ اْل َ
صحِيحٍ { :مَا مِنْ وَفِي ِروَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ َ { :وِإنْ كَانَ مُسِيئًا زِيدَ غُلًّا إلَى غُلِّهِ } ،وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ َ رَ ُجلٍ َولِيَ عَشَرَةً إلَّا ُأتِيَ بِهِ َيوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولَةً يَدَاهُ إلَى عُنُ ِقهِ حَتَّى يَقْضِيَ بَيْنَهُ َوبَيْنَهُمْ } .
وَابْنُ
()35/7
صحِيحِهِ { :مَا مِنْ وَالِي ثَلَاثَةٍ إلَّا لَقِيَ اللَّهَ مَغْلُولَةً َيمِينُهُ فَكَّهُ عَ ْدلُهُ َأوْ غَلَّهُ َجوْرُهُ } . حِبَّانَ فِي َ صحِيحَيْ ِهمَا { :عُرِضَ عَلَيَّ أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ النَّارَ :أَمِريٌ مُسَلَّطٌ ،وَذُو وَابْنَا خُ َزْيمَةَ وَحِبَّانَ فِي َ
ثَ ْروَةٍ مِنْ مَالٍ لَا ُيؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ فِيهِ ،وَفَقِريٌ فَخُورٌ } .
وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ إلَّا وَاحِدًا اُخْتُلِفَ فِي َتوْثِيقِهِ وَاحْتَجَّ بِهِ التِّرْمِذِيُّ .
َوأَخْرَجَ لَهُ ابْنُ خُ َزْيمَةَ فِي صَحِيحِهِ { :إنِّي أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي مِنْ َأ ْعمَالٍ ثَلَاثَةٍ ،قَالُوا وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ :زَلَّةُ عَالِمٍ ،وَحُكْمُ جَائِرٍ َ ،و َهوًى مُتََّبعٌ } . وَمُسْلِمٌ { :اللَّهُمَّ مَنْ َولِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْ ِه ،وَمَنْ َولِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي
شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ } .
صحِيحِهِ وَقَالَ فِيهِ { :وَمَنْ َولِيَ مِنْهُ ْم شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَعَلَيْهِ بَهْلَةُ اللَّهِ ،قَالُوا وَ َروَاهُ َأبُو َعوَانَةَ فِي َ
يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا بَهْلَةُ اللَّهِ ؟ قَالَ لَعْنَةُ اللَّهِ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ { :مَا مِنْ أُمَّتِي أَحَدٌ َولِيَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا لَ ْم َيحْ َفظْهُمْ ِبمَا َيحْفَظُ بِهِ نَفْسَهُ إلَّا لَمْ َيجِدْ رَاِئحَةَ اْلجَنَّةِ } .
َرمَ اللَّهُ تَعَالَى وَالشَّ ْيخَانِ { :مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَ ْرعِيهِ اللَّ ُه َرعِيَّةً َيمُوتُ َي ْومَ َيمُوتُ َو ُهوَ غَاشٌّ َرعِيَّتَهُ إلَّا ح َّ صحِهِ لَمْ يَرَحْ رَاِئحَةَ اْلجَنَّةِ } . حطْهَا بِنُ ْ عَلَيْهِ اْلجَنَّةَ } ،وَفِي ِروَايَةٍ لَ ُهمَا { :فَلَمْ ُي ِ
صحُ لَهُمْ إلَّا لَمْ يَدْ ُخلْ مَعَهُمْ اْلجَنَّةَ وَمُسْلِمٌ { :مَا مِنْ أَمِريٍ يَلِي أُمُورَ اْلمُسْ ِلمِنيَ ثُمَّ لَا َيجْهَدُ لَهُمْ َويَنْ َ
}.
صحِهِ وَجَهْدِهِ لِنَفْسِهِ } ،وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَ ٍد ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ إلَّا وَاحِدًا وَ َروَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَزَادَ { :كَنُ ْ
اُخْتُلِفَ فِيهِ { :مَنْ َولِيَ مِنْ أَمْرِ اْلمُسْ ِلمِنيَ شَيْئًا فَغَشَّهُمْ فَ ُهوَ فِي النَّارِ } ،وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ : { مَا مِنْ إمَامٍ َولَا وَالٍ
()36/7
َرمَ اللَّهُ عَلَيْهِ اْلجَنَّةَ } . بَاتَ لَيْلَةً َسوْدَاءَ غَاشًّا لِ َرعِيَّتِهِ إلَّا ح َّ
َرمَ اللَّهُ عَلَيْهِ اْلجَنَّ َة َ ،وعَرْفُهَا يُوجَدُ يَ ْومَ الْقِيَامَةِ وَفِي ِروَايَةٍ لَهُ { :مَا مِنْ إمَامٍ يَبِيتُ غَاشًّا لِ َرعِيَّتِهِ إلَّا ح َّ مِنْ مَسِريَةِ سَبْعِنيَ عَامًا } . الصحِيحِ إلَّا وَاحِدًا اخْتَلَفَ فِيهِ { :مَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ اْلمُسْ ِلمِنيَ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ رِجَالُ َّ
لَمْ يَ ْنظُرْ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ حَتَّى يَ ْنظُرَ فِي َحوَاِئجِهِمْ } .
َوَأبُو دَاوُد عَنْ َعمْرِو بْنِ مُرَّةَ اْلجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ ِلمُعَا ِويَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا َ :سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى جبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { :مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ اْلمُسْ ِلمِنيَ فَاحَْت َ جبَ اللَّهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َفجَ َعلَ مُعَا ِويَةُ رَجُلًا عَلَى َحوَائِجِ وَفَقْ ِرهِمْ احَْت َ
اْلمُسْ ِلمِنيَ } .
َححَهُ ،وَالتِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ { :مَا مِنْ إمَامٍ يُغْلِقُ بَابَهُ دُونَ َذوِي اْلحَاجَةِ حوِ َذلِكَ َوص َّ وَاْلحَاكِمُ بَِن ْ
السمَاءِ دُونَ خَلَّتِهِ وَحَاجَتِهِ وَمَسْكَنَتِهِ } . وَاْلخُلَّةِ وَاْلمَسْكَنَةِ إلَّا َأغْلَقَ اللَّهُ تَعَالَى َأْبوَابَ َّ جبَ عَنْ أُولِي الضَّعْفِ وَاْلحَاجَةِ َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ { :مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ اْلمُسْ ِلمِنيَ شَيْئًا فَاحَْت َ
جبَ اللَّهُ عَنْهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } . احَْت َ
صحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ َأتَى مُعَا ِويَةَ َوعَنْ َأبِي الشَّمَّاخِ الْأَزْدِيِّ عَنْ ابْنِ عَمٍّ لَهُ مِنْ َأ ْ
فَدَ َخلَ عَلَيْهِ فَقَالَ َ :سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { :مَنْ َولِيَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا
ب رَ ْحمَتِهِ دُونَ ثُمَّ َأغْلَقَ بَابَهُ دُونَ اْلمِسْكِنيِ وَاْل َمظْلُومِ وَذِي اْلحَاجَةِ َأغْلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ َوتَعَالَى َأْبوَا َ حَاجَتِهِ وَفَقْرِهِ أَفْقَرَ مَا يَكُونُ إلَيْهَا } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ إلَّا شَ ْيخَهُ خَيْرُونَ ،قَالَ اْلحَا ِفظُ اْلمُنْذِرِيُّ :لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى جَرْحٍ َولَا تَعْدِيلٍ ،
()33/7
عَنْ َأبِي ُجحَيْفَةَ { :أَنَّ مُعَا ِويَةَ بْنَ َأبِي سُفْيَانَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ضَرَبَ عَلَى النَّاسِ بَعْثًا َفخَرَجُوا فَرَ َجعَ
َأبُو الدَّحْدَاحِ فَقَالَ لَهُ مُعَا ِويَةُ َ :ألَمْ تَكُنْ خَرَجْت ؟ قَالَ بَلَى َولَكِنْ َسمِعْت مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا أَحْبَبْت َأنْ َأضَعَهُ عِنْدَك َمخَافَةَ َأنْ لَا تَلْقَانِي َ ،سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ جبَ بَابَهُ عَنْ ذِي حَاجَةٍ َأوْ قَالَ دُونَ حَاجَةِ حَ وَسَلَّمَ يَقُولُ :يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ َولِيَ عَلَيْكُمْ َعمَلًا َف َ َرمَ اللَّهُ عَلَيْهِ جِوَارِي فَإِنِّي الدنْيَا ح َّ اْلمُسْ ِلمِنيَ َحجَبَهُ اللَّهُ َأنْ يَ ِلجَ بَابَ اْلجَنَّةِ ،وَمَنْ كَاَنتْ هِمَّتُهُ ُّ
الدنْيَا َولَمْ ُأبْ َعثْ بِ ِعمَا َرتِهَا } . بُعِثْت ِبخَرَابِ ُّ
الصحِيحَةِ َو ُهوَ ظَاهِرٌ َوِإنْ لَمْ أَرَ مَنْ َذكَرَ ُه ، تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ُهوَ صَرِيحُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ َّ حوَاِئجِ اْل ُمطْلَقَةِ فِي ضحٌ أَنَّهُ اْلمُرَادُ مِنْ اْل َ حوَاِئجُ ِبمَا قَدَّمْته فِي التَّرْ َجمَةِ ِلمَا ُهوَ وَا ِ وَقُيِّدَتْ اْل َ الْأَحَادِيثِ ،لَكِنْ أُشِريُ إلَى ذَلِكَ التَّقْيِيدِ بِالتَّعْبِريِ فِي بَ ْعضِ الْأَحَادِيثِ بِاْلمِسْكَيْنِ وَاْل َمظْلُومِ ،ثُمَّ َرَأيْت
الرعِيَّةَ ِلحَدِيثِ اْلجَلَالَ الْبُلْقِينِيَّ صَرَّحَ ِبمَا ذَكَرْته فِي الْغِشِّ فَقَالَ :الْكَبِريَةُ السِّتُّونَ غِشُّ اْل ُولَاةِ َّ
َرمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الشَّ ْيخَيْنِ { :مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَ ْرعِيهِ اللَّهُ َرعِيَّةً َيمُوتُ َي ْومَ َيمُوتُ َو ُهوَ غَاشٌّ لِ َرعِيَّتِهِ إلَّا ح َّ الْجَنَّةَ } .
وَ َرَأيْت غَيْرَهُ َذكَرَ َجوْرَ اْلحُكَّامِ َوغِشَّهُمْ لِ َرعِيَّتِهِمْ وَاحِْتجَابَهُمْ عَنْ أُولِي اْلحَاجَاتِ وَاْلمَسْكَنَةِ .
()33/7
خمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :ظُلْمُ السَّلَاطِنيِ ( الْكَبِريَةُ السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالْأَ ْربَعُونَ وَاْل َ وَالْأُمَرَاءِ وَالْقُضَاةِ َوغَيْ ِرهِمْ مُسْ ِلمًا َأوْ ذِمِّيًّا بَِنحْوِ َأ ْكلِ مَالٍ َأوْ ضَرْبٍ َأوْ شَتْمٍ َأوْ غَيْرِ ذَلِكَ ،وَخِ ْذلَانُ
الرضَا ِبظُ ْلمِهِمْ َوِإعَانَتُهُمْ عَلَى الظُّلْمِ اْل َمظْلُومِ َمعَ الْقُدْرَةِ عَلَى نُصْ َرتِهِ ،وَالدُّخُولُ عَلَى الظَّ َلمَةِ مَعَ ِّ
َخ ُرهُمْ لَِي ْومٍ وَالسِّعَايَةُ إلَيْهِمْ بِبَا ِطلٍ ) قَالَ تَعَالَى َ { :ولَا َتحْسَبَنَّ اللَّهَ غَا ِفلًا عَمَّا يَ ْع َملُ الظَّاِلمُونَ َّإنمَا ُيؤ ِّ خصُ فِيهِ الَْأبْصَارُ } . شَ تَ ْ
وَقَالَ تَعَالَى { :وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَ َلمُوا أَيَّ مُنْقَ َلبٍ يَنْقَلِبُونَ } ،وَقَالَ تَعَالَى َ { :ولَا تَ ْركَنُوا إلَى الَّذِينَ لركُونُ إلَى الشَّ ْيءِ ظَ َلمُوا فََتمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ َأ ْولِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ } وَا ُّ
ضيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا فِي الْآيَةِ " :لَا َتمِيلُوا إلَيْهِمْ س َر ِ السُّكُونُ وَاْلمَ ْيلُ إلَيْهِ بِاْل َمحَبَّةِ ،وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّا ٍ
كُلَّ اْلمَ ْيلِ فِي اْل َمحَبَّةِ َولِنيِ الْكَلَامِ وَاْل َموَدَّةِ " . وَقَالَ السُّدِّيُّ وَابْنُ َزيْدٍ :لَا تُدَاهِنُوهُمْ ،وَقَالَ عِكْرِمَةُ :لَا تُطِيعُوهُمْ َوَتوَدُّوهُمْ ،وَقَالَ َأبُو الْعَالِيَةِ :
ضوْا بَِأ ْعمَالِهِمْ ،وَالظَّاهِرُ أَنَّ َذلِكَ كُلَّهُ مُرَادٌ مِنْ الْآيَةِ . لَا تَ ْر َ
وَقَالَ تَعَالَى { :اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَ َلمُوا َوأَ ْزوَاجَهُمْ } أَيْ أَشْبَاهَهُمْ َوَأتْبَاعَهُمْ .
َوأَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا عَنْ ابْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ { الظُّلْمُ ظُ ُلمَاتٌ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } . وَمُسْلِمٌ َوغَيْرُهُ { :اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُ ُلمَاتٌ َي ْومَ الْقِيَامَةِ ،وَاتَّقُوا الشُّحَّ فَإِنَّ الشُّحَّ َأهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ َحمَلَهُمْ عَلَى َأنْ سَفَكُوا دِمَا َءهُمْ وَاسَْتحَلُّوا َمحَارِمَهُمْ } .
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَ ْروِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ
()33/7
أَنَّهُ قَالَ { :يَا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ ُمحَرَّمًا فَلَا تَظَّاَلمُوا } الْحَدِيثَ . صحِيحِهِ وَاْلحَاكِمُ { :إيَّاكُمْ وَالظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ُهوَ الظُّ ُلمَاتُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َ ،وإِيَّاكُمْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ وَالْ ُفحْشَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُحِبُّ الْفَاحِشَ وَاْلمُتَفَحِّشَ َ ،وإِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ فَإِنَّ الشُّحَّ َدعَا مَنْ كَانَ
قَبْلَكُمْ فَسَفَكُوا دِمَا َءهُمْ وَاسْتَحَلُّوا َمحَارِمَهُمْ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِريِ وَالَْأوْسَطِ َولَهُ َشوَاهِدُ كَثِريَةٌ { :إيَّاكُمْ وَاْلخِيَانَةَ فَإِنَّهَا بِئْسَ الِْبطَانَةُ َ ،وإِيَّاكُمْ وَالظُّلْمُ فَإِنَّهُ ظُلُمَاتٌ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َ ،وإِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ فَإَِّنمَا أَهْ َلكَ مَنْ كَانَ مِنْ قَبْلِكُمْ الشُّحُّ حَتَّى سَفَكُوا دِمَا َءهُمْ وَ َقطَعُوا أَرْحَامَهُمْ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ { :لَا تَظَّاَلمُوا فَتَ ْد ُعوَا فَلَا يُسَْتجَابُ لَكُمْ َوتَسْتَسْقُوا فَلَا تُسْ َقوْا َوتَسْتَنْصِرُوا فَلَا تُنْصَرُوا } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ { :صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَنْ تَنَالَ ُهمَا شَفَاعَتِي :إمَامٌ ظَلُومٌ غَشُو ٌم َ ،وكُلُّ
غَالٍ مَا ِرقٍ } .
َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ { :اْلمُسْلِمُ أَخُو اْلمُسْلِمِ لَا َيظْ ِلمُهُ َولَا
َيخْ ُذلُهُ َويَقُولُ َ :واَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا َتوَادَّ اثْنَانِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِ َذْنبٍ ُيحْ ِدثُهُ أَحَ ُد ُهمَا } وَالشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا { :إنَّ اللَّهَ لَُيمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ثُمَّ قَ َرأَ َ { :وكَ َذلِكَ أَخْذُ رَبِّك إذَا أَخَذَ الْقُرَى َوهِيَ ظَاِلمَةٌ إنَّ أَخْذَهُ َألِيمٌ شَدِيدٌ } } .
صحِيحَيْ ِهمَا َوَأبُو يَعْلَى وَاللَّفْظُ لَهُ بِسَنَدٍ فِيهِ ُمخْتَلَفٌ فِي َت ْوثِيقِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ ابْنُ خُ َزْيمَةَ وَحِبَّانَ فِي َ
حوَهُ بِاخْتِصَارٍ { :الشَّ ْيطَانُ قَدْ يَئِسَ َأنْ أَحَادِيثَ عَامَّتُهَا مُسْتَقِيمَةٌ َوأَ ْحمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ َن ْ تُعْبَدَ الَْأصْنَامُ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ َولَكِنَّهُ سَيَ ْرضَى مِنْكُمْ بِدُونِ ذَلِكَ
()23/7
بِاْل ُمحَقَّرَاتِ َ :وهِيَ اْلمُوبِقَاتُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ :اتَّقُوا الظُّلْمَ مَا اسَْتطَعْتُمْ فَإِنَّ الْعَبْدَ َيجِيءُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ
بِاْلحَسَنَاتِ يَرَى أَنَّهَا سَتُ ْنجِيهِ َفمَا زَالَ عَبْدٌ يَقُومُ يَقُولُ يَا رَبِّ ظَ َلمَنِي عَبْدُك َمظْ ِلمَةً فَيَقُولُ اُ ْمحُوا مِنْ الذنُوبِ -أَيْ مِنْ أَجْلِهَا َ -وإِنَّ مِ ْثلَ َذلِكَ حَسَنَاتِهِ َفمَا يَزَالُ كَ َذلِكَ حَتَّى مَا يَبْقَى بِهِ حَسَنَةٌ مِنْ ُّ
كَسَفْرٍ نَ َزلُوا بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ لَيْسَ مَعَهُمْ َح َطبٌ فَتَفَرَّقَ الْ َق ْومُ لَِيحَْتطِبُوا فَلَمْ يَلْبَثُوا َأنْ احَْتطَبُوا الذنُوبُ } . فََأ ْع َظمُوا النَّارَ َوطََبخُوا مَا أَرَادُوا َوكَ َذلِكَ ُّ
وَالُْبخَارِيُّ { :مَنْ كَاَنتْ عِنْدَهُ َمظْ ِلمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عَرَضٍ َأوْ مِنْ شَ ْيءٍ فَلْيََتحَلَّلْهُ مِنْهُ الَْي ْومَ مِنْ قَ ْبلِ َأنْ
لَا يَكُونَ دِينَارٌ َولَا دِ ْرهَمٌ إنْ كَانَ لَهُ َع َملٌ صَاِلحٌ أُخِذَ مِنْهُ ِبقَدْرِ َمظْ ِلمَتِهِ لِأَخِيهِ مِنْ عَرْضٍ أَوْ مِنْ شَ ْيءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الَْي ْومَ مِنْ قَبْلِ َأنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ َولَا دِ ْرهَمٌ إنْ كَانَ لَهُ َع َملٌ صَاِلحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ ح ِملَ عَلَيْهِ } . َمظْ ِلمَتِهِ َوِإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَ ُ
وَمُسْلِمٌ َوغَيْرُهُ َ { :أتَدْرُونَ مَنْ اْلمُفْلِسُ ؟ قَالُوا اْلمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِ ْرهَمَ لَهُ َولَا مَتَاعَ ،فَقَالَ إنَّ
اْلمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَ ْأتِي َي ْومَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ َوصِيَامٍ وَ َزكَا ٍة وَيَ ْأتِي وَقَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا َوَأ َكلَ
مَالَ هَذَا وَسَفَكَ َدمَ هَذَا َوضَرَبَ هَذَا فَيُ ْعطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ َوهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ،فَِإنْ فَنَِيتْ حَسَنَاتُهُ قَ ْبلَ َأنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ َخطَايَاهُمْ َفطُرِ َحتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ } .
وَالشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا أَنَّهُ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ِلمُعَا ٍذ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الَْيمَنِ :اتَّقِ َد ْعوَةَ اْل َمظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا َوبَيْنَ اللَّهِ ِحجَابٌ } .
صحِيحَيْهِمَا { : َوأَ ْحمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنَا خُ َزْيمَةَ وَحِبَّانَ فِي َ
()23/7
ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ َد ْع َوتُهُمْ :الصَّائِمُ حَتَّى يُ ْفطِرَ ،وَالْإِمَامُ الْعَادِ ُل ،وَ َد ْعوَةُ اْل َمظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ َف ْوقَ الْ َغمَامِ ِزتِي لََأنْصُرَنَّك َوَلوْ بَعْدَ حِنيٍ } . السمَاءِ َويَقُولُ الرَّبُّ َ :وع َّ َوتُفََّتحُ لَهَا َأْبوَابُ َّ
وَالْبَزَّارُ { :ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ َأنْ لَا يَرُدَّ لَهُمْ َد ْعوَةً :الصَّائِمُ حَتَّى يُ ْفطِرَ ،وَاْل َمظْلُومُ حَتَّى يَنْتَصِرَ ، وَاْلمُسَافِرُ حَتَّى يَرْ ِجعَ } .
وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ { :ثَلَاثُ َد َعوَاتٍ لَا شَكَّ فِي إجَابَتِهِنَّ َ :د ْعوَةُ اْل َمظْلُومِ وَ َد ْعوَةُ اْلمُسَافِرِ ،
وَ َد ْعوَةُ اْلوَالِدِ عَلَى اْل َولَدِ } .
وَاْلحَاكِمُ وَقَالَ ُروَاتُهُ مُتَّفَقٌ عَلَى الِاحِْتجَاجِ بِهِمْ إلَّا عَاصِمَ ْبنَ كُلَ ْيبٍ فَاحْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ وَحْدَهُ { : السمَاءِ كَأَنَّهَا شَرَارَةٌ } . اتَّقُوا َد ْعوَةَ اْل َمظْلُومِ فَإِنَّهَا تَصْعَدُ إلَى َّ
صحِيحٍ { :ثَلَاثٌ تُسَْتجَابُ َد ْع َوتُهُمْ :اْل َولَدُ وَاْلمُسَافِرُ وَاْل َمظْلُومُ } . وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ َ َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ َ { :د ْعوَةُ اْل َمظْلُومِ مُسَْتجَابَةٌ َوِإنْ كَانَ فَاجِرًا فَ ُفجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ لَهُ َشوَاهِدُ كَثِريَةٌ َ { :د ْع َوتَانِ لَيْسَ بَيْنَ ُهمَا وَبَيْنَ اللَّهِ ِحجَابٌ َ :د ْعوَةُ اْل َمظْلُومِ ، وَ َد ْعوَةُ اْلمَ ْرءِ لِأَخِيهِ ِبظَهْرِ الْغَ ْيبِ } . ح َملُ عَلَى الْ َغمَامِ ،يَقُولُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ لَا بَأْسَ بِهِ فِي اْلمُتَابَعَاتِ { :اتَّقُوا َد ْعوَةَ اْل َمظْلُومِ فَإِنَّهَا ُت ْ
ِزتِي وَجَلَالِي لَِأنْصُرَنَّك َوَلوْ بَعْدَ ِحنيٍ } . اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ َ : -وع َّ
َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ُمحْتَجٌّ بِهِمْ إلَّا وَاحِدًا ،قَالَ اْلمُنْذِرِيُّ :لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى جَرْحٍ َولَا تَعْدِيلٍ { : َد ْعوَةُ اْل َمظْلُومِ َوَلوْ كَانَ كَافِرًا لَيْسَ دُونَهَا ِحجَابٌ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِريِ وَالَْأوْسَطِ { :يَقُولُ اللَّهُ اشْتَدَّ غَضَبِي عَلَى مَنْ ظَلَمَ مَنْ لَا َيجِدُ لَهُ نَاصِرًا غَيْرِي } .
وَمُسْلِمٌ { :اْلمُسْلِمُ أَخُو اْلمُسْلِمِ لَا َيظْ ِلمُهُ َولَا َيخْ ُذلُهُ َولَا َيحْقِرُهُ التَّ ْقوَى هَاهُنَا التَّ ْقوَى هَاهُنَا
()22/7
َويُشِريُ إلَى صَدْرِهِ ِبحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ َأنْ َيحْقِرَ أَخَاهُ اْلمُسْلِمَ ،كُلُّ اْلمُسْلِمِ عَلَى اْلمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ َوعِ ْرضُهُ وَمَالُهُ } .
َر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ َححَهُ عَنْ َأبِي ذ ٍّ صحِيحِهِ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
صحُفُ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ؟ قَالَ :كَاَنتْ أَمْثَالًا كُلُّهَا :أَيُّهَا اْلمَلِكُ اْلمُسَلَّطُ اْلمُبْتَلَى مَا كَاَنتْ ُ
الدنْيَا بَعْضَهَا عَلَى بَ ْعضٍ َولَكِنِّي بَعَثْتُك لِتَرُدَّ عَنِّي َد ْعوَةَ اْل َمظْلُومِ فَإِنِّي لَا ج َمعَ ُّ اْلمَغْرُورُ لَمْ َأبْعَثك لَِت ْ
ُدهَا َوِإنْ كَاَنتْ مِنْ كَافِرٍ . أَر ُّ
َوعَلَى الْعَا ِقلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ َأنْ يَكُونَ لَهُ سَاعَاتٌ :سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ ،وَسَاعَةٌ ُيحَا ِسبُ فِيهَا نَفْسَهُ ،وَسَاعَةٌ يَتَفَكَّرُ فِيهَا فِي صُ ْنعِ اللَّهِ ،وَسَاعَةٌ َيخْلُو فِيهَا ِلحَاجَتِهِ مِنْ اْل َمطْعَمِ وَاْلمَشْرَبِ .
َرمٍ َوعَلَى َوعَلَى الْعَا ِقلِ َأنْ لَا يَكُونَ ظَاعِنًا إلَّا لِثَلَاثٍ :تَزَوُّدٍ ِلمَعَادٍ َأوْ مَرَمَّةٍ ِلمَعَاشٍ َأوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُح َّ سبَ كَلَامَهُ مِنْ َعمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ الْعَا ِقلِ َأنْ يَكُونَ بَصِريًا بِزَمَانِهِ مُقْبِلًا عَلَى شَ ْأنِهِ حَا ِفظًا لِلِسَاِنهِ وَمَنْ حَ َ
إلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ . صحُفُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ؟ قَالَ كَاَنتْ عِبَرًا كُلَّهَا َ :عجِبْت ِلمَنْ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ َفمَا كَاَنتْ ُ
ضحَكُ َعجِبْت ِلمَنْ َأيْقَنَ بِالْقَدَرِ َأيْقَنَ بِاْل َموْتِ كَيْفَ ُهوَ ثُمَّ يَفْرَحُ َ ،عجِبْت ِلمَنْ َأيْقَنَ بِالنَّارِ ثُمَّ ُهوَ يَ ْ الدنْيَا َوتَقَلُّبَهَا بَِأهْلِهَا ثُمَّ ا ْطمَأَنَّ إلَيْهَا َ ،عجِبْت ِلمَنْ َأيْقَنَ صبُ َ ،عجِبْت ِلمَنْ يَرَى ُّ ثُمَّ ُهوَ يَنْ َ
بِاْلحِسَابِ غَدًا ثُمَّ لَا يَ ْع َملُ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ َأ ْوصِنِي ،قَالَ :أُوصِيك بِتَ ْقوَى اللَّهِ فَإِنَّهَا َرأْسُ الْأَمْرِ كُلِّهِ . قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ زِ ْدنِي ،قَالَ عَلَيْك بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَ ِذكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ نُورٌ لَك فِي الْأَرْضِ وَ ِذكْرٌ
السمَاءِ . لَك فِي َّ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ زِ ْدنِي ،قَالَ :إيَّاكَ َوكَثْرَةَ
()27/7
الضحِكِ فَإِنَّهُ ُيمِيتُ الْقَ ْلبَ وَيَ ْذ َهبُ بِنُورِ اْلوَجْهِ . َّ
قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ زِ ْدنِي ،قَالَ :عَلَيْك بِاْلجِهَادِ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي . قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ زِ ْدنِي ،قَالَ :أَحِبَّ اْلمَسَاكِنيَ وَجَالِسْهُمْ . قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ زِ ْدنِي ،قَالَ ُ :اْنظُرْ إلَى مَنْ ُهوَ َتحْتَك َولَا تَ ْنظُرُ إلَى مَنْ ُهوَ َفوْقَك فَإِنَّهُ أَجْدَرُ َأنْ
لَا تَزْدَرِيَ نِ ْعمَةَ اللَّهِ عِنْدَك .
قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ زِ ْدنِي ،قَالَ ُ :قلْ اْلحَقَّ َوِإنْ كَانَ مُرًّا .
قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ زِ ْدنِي ،قَالَ :لَا يَرُدُّك عَنْ النَّاسِ مَا تَعْ َلمُهُ عَنْ نَفْسِك َولَا َتجِدْ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَ ْأتِي َ ،وكَفَى بِك عَيْبًا َأنْ تَعْ ِرفَ مِنْ النَّاسِ مَا َتجْهَلَهُ مِنْ نَفْسِك وََتجِدَ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَ ْأتِيَ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ
عَلَى صَدْرِي وَقَالَ :يَا َأبَا ذَرٍّ لَا عَ ْقلَ كَالتَّ ْدبِريِ َ ،ولَا وَرَعَ كَالْكَفِّ َ ،ولَا حُسْنَ َكحُسْنِ اْلخُلُقِ } صحِيحُ الْإِسْنَادِ . صحِيحِهِ وَاللَّفْظُ لَهُ وَاْلحَاكِمُ وَقَالَ َ َروَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي َ
قَالَ اْلحَافِظُ اْلمُنْذِرِيُّ عَ ِقبَ ِذكْرِهِ هَذَا اْلحَدِيثَ :انْفَرَدَ بِهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ َيحْيَى الْغَسَّانِيُّ عَنْ
َأبِيهِ َو ُهوَ حَدِيثٌ َطوِيلٌ فِي أَوَّلِهِ ِذكْرُ الَْأنْبِيَاءِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ َذكَرْت مِنْهُ هَذِهِ الْ ِقطْعَةَ ِلمَا فِيهَا مِنْ اْلحِكَمِ الْ َعظِيمَةِ وَاْل َموَاعِظِ اْلجَسِيمَةِ ،وَ َروَاهُ اْلحَاكِمُ َأيْضًا مِنْ طَرِيقِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ كِلَا ُهمَا عَنْ
َدثَنَا عَبْدُ اْلمَلِكِ بْنُ جُرَْيجٍ عَنْ َعطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ ُعمَ ْيرٍ عَنْ َيحْيَى بْنِ سَعِيدٍ السُّدِّيِّ الْبَصْرِيِّ :ح َّ حوِهِ َ ،وَيحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِيهِ كَلَامٌ ،وَاْلحَدِيثُ مُنْكَرٌ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ وَحَدِيثُ إبْرَاهِيمَ بْنِ َأبِي ذَرٍّ بَِن ْ هِشَامٍ ُهوَ اْلمَشْهُورُ .
ضعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ َويُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ انْتَهَى َوَأبُو دَاوُد { :مَا مِنْ مُسْلِمٍ َيخْذُلُ امْ َرأً مُسْ ِلمًا فِي مَ ْو ِ عِ ْرضِهِ إلَّا خَ َذلَهُ اللَّهُ فِي َم ْوطِنٍ ُيحِبُّ فِيهِ نُصْ َرتَهُ ،وَمَا مِنْ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَنْصُرُ امْ َرأً مُسْ ِلمًا
()23/7
ضعٍ يُنْتَ َقصُ فِيهِ مِنْ عِ ْرضِهِ َويُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي َم ْوطِنٍ ُيحِبُّ فِيهِ نُصْ َرتَهُ } فِي َم ْو ِ .
َوَأبُو الشَّ ْيخِ وَابْنُ حِبَّانَ { :أَمَرَ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى يُضْرَبُ فِي قَبْرِهِ مِائَةَ جَلْدَةٍ فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُ اللَّهَ َويَ ْدعُو حَتَّى صَارَتْ جَلْدَةً وَاحِدَةً فَامْتَلَأَ قَبْرُهُ عَلَيْهِ نَارًا فَلَمَّا ا ْرتَ َفعَ عَنْهُ َوأَفَاقَ قَالَ :عَلَامَ جَلَ ْدُتمُونِي ؟ قَالُوا إنَّك صَلَّيْت صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ وَمَرَرْت عَلَى َمظْلُومٍ فَلَمْ تَنْصُرْهُ } .
ِزتِي وَجَلَالِي لََأنْتَ ِقمَنَّ مِنْ الظَّالِمِ فِي عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ ، َوَأبُو الشَّ ْيخِ َأيْضًا ،قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ َ { :وع َّ َولََأنْتَ ِقمَنَّ مِمَّنْ َرأَى َمظْلُومًا فَقَدَرَ َأنْ يَنْصُرَهُ َولَمْ يَفْ َعلْ } .
وَالُْبخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ ُ { :انْصُرْ أَخَاك ظَاِلمًا َأوْ َمظْلُومًا َ ،فقَالَ رَ ُجلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ َأنْصُرُهُ إذَا كَانَ حجِزُهُ َأوْ َتمْنَعُهُ عَنْ الظُّلْمِ فَإِنَّ َذلِكَ نَصْرُهُ } . َمظْلُومًا أَفَ َرَأيْت إنْ كَانَ ظَاِلمًا كَيْفَ َأنْصُرُهُ ؟ قَالَ َت ْ
وَمُسْلِمٌ َ { :ولْيَنْصُرْ الرَّ ُجلُ أَخَاهُ ظَاِلمًا َأوْ َمظْلُومًا إنْ كَانَ ظَاِلمًا فَلْيَنْهَهُ فَإِنَّهُ لَهُ نُصْرَةٌ فَإِنْ كَانَ َمظْلُومًا فَلْيَنْصُرْهُ } .
حمَهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ مِنْ نَارِ حمِي َل ْ َوَأبُو دَاوُد { :مَنْ َحمَى ُمؤْمِنًا مِنْ مُنَافِقٍ ،أَرَاهُ قَالَ بَ َعثَ اللَّهُ مَلَكًا َي ْ جَهَنَّمَ } اْلحَدِيثَ . صحِيحٌ { :مَنْ بَدَا جَفَا ،وَمَنْ تَِبعَ الصَّيْدَ غَ َفلَ ،وَمَنْ َأتَى َأْبوَابَ َوأَ ْحمَدُ بِإِسْنَا َديْنِ :أَحَ ُد ُهمَا َ السُّ ْلطَانِ اُفْتُتِنَ ،وَمَا ازْدَادَ عَبْدٌ مِنْ السُّ ْلطَانِ قُ ْربًا إلَّا ازْدَادَ مِنْ اللَّهِ بُعْدًا } .
َوَأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالنَّسَائِيُّ { :مَنْ بَدَا جَفَا ،وَمَنْ اتََّبعَ الصَّيْدَ غَ َفلَ ،وَمَنْ أَتَى السُّ ْلطَانَ اُفْتُتِنَ } .
الصحِيحِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّ ِه َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا َوأَ ْحمَدُ وَاللَّفْظُ لَهُ وَالْبَزَّارُ وَرُوَاتُ ُهمَا ُمحْتَجٌّ بِهِمْ فِي َّ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
()25/7
لِكَ ْعبِ بْنِ ُعجْرَةَ َ :أعَاذَك اللَّهُ مِنْ إمَارَةِ السُّفَهَاءِ ،قَالَ وَمَا إمَارَةُ السُّفَهَاءِ ؟ قَالَ أُمَرَاءُ يَكُونُونَ
بَعْدِي لَا يَهْتَدُونَ بِهَ ْديِي َولَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي َ ،فمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَ ِذبِهِمْ َوَأعَانَهُمْ عَلَى ظُ ْلمِهِمْ فَأُولَئِكَ لَيْسُوا مِنِّي َولَسْت مِنْهُمْ َولَا يَرِدُونَ عَلَى َح ْوضِي ،وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَ ِذبِهِمْ َولَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُ ْلمِهِمْ فَأُولَئِكَ مِنِّي َوَأنَا مِنْهُمْ وَسَيَرِدُونَ عَلَى َح ْوضِي .
خطِيئَةَ وَالصَّلَاةُ قُ ْربَانٌ َأوْ قَالَ بُ ْرهَانٌ . يَا كَ ْعبُ بْنَ ُعجْرَةَ :الصِّيَامُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ ُتطْفِئُ اْل َ
يَا كَ ْعبُ بْنَ ُعجْرَةَ :النَّاسُ غَا ِديَانِ َفمُبْتَاعٌ نَفْسَهُ َفمُعْتِقُهَا َأوْ بَاِئعٌ نَفْسَهُ َفمُوبِقُهَا } . صحِيحِهِ { سَتَكُونُ أُمَرَاءُ مَنْ دَ َخلَ عَلَيْهِمْ َفَأعَانَهُمْ عَلَى ظُ ْلمِهِمْ َوصَدَّقَهُمْ بِكَ ِذبِهِمْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
حوْضِ ،وَمَنْ لَمْ يَ ْد ُخلْ عَلَيْهِمْ َولَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ َولَمْ فَلَيْسَ مِنِّي َولَسْت مِنْهُ َولَنْ يَرِدَ عَلَى اْل َ
حوْضِ } اْلحَدِيثَ . يُصَدِّقْهُمْ بِكَ ِذبِهِمْ فَ ُهوَ مِنِّي َوَأنَا مِنْهُ وَسَيَرِدُ عَلَى اْل َ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ كَ ْعبِ بْنِ ُعجْرَةَ ُ { :أعِيذُك يَا كَ ْعبُ بْنَ ُعجْرَةَ مِنْ أُمَرَاءَ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِي َفمَنْ غَشِيَ َأْبوَابَهُمْ فَصَدَّقَهُمْ فِي كَ ِذبِهِمْ َوَأعَانَهُمْ عَلَى ظُ ْلمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي َولَسْت مِنْهُ َولَا
حوْضَ ،وَمَنْ غَشِيَ َأْبوَابَهُمْ َأوْ لَمْ يَغْشَ فَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ فِي كَ ِذبِهِمْ َولَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُ ْلمِهِمْ يَرِدُ عَلَيَّ اْل َ حوْضَ } اْلحَدِيثَ . فَ ُهوَ مِنِّي َوَأنَا مِنْهُ وَسَيَرِدُ عَلَيَّ اْل َ
وَاللَّفْظُ لِلتِّرْمِذِيِّ :وَفِي ِروَايَةٍ لَهُ َأيْضًا عَنْ كَ ْعبِ بْنِ ُعجْرَ َة قَالَ { :خَرَجَ إلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َوَنحْنُ تِسْعَةٌ وَ َخمْسَةٌ َوأَ ْربَعَةٌ أَحَدُ الْعَدَ َديْنِ مِنْ الْعَرَبِ وَالْآخَرُ مِنْ الْعَجَمِ فَقَالَ :
ا ْسمَعُوا َهلْ َسمِعْتُمْ أَنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ ؟ َفمَنْ دَ َخلَ َعلَيْهِمْ فَصَدَّقَهُمْ بِكَ ِذبِهِمْ َوَأعَانَهُمْ عَلَى
()26/7
حوْضَ وَمَنْ لَمْ يَدْ ُخلْ عَلَيْهِمْ َولَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُ ْلمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي َولَسْت مِنْهُ َولَيْسَ ِبوَارِدٍ عَلَيَّ اْل َ حوْضَ } ،قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ ظُ ْلمِهِمْ َولَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَ ِذبِهِمْ فَ ُهوَ مِنِّي َوَأنَا مِنْهُ َو ُهوَ وَارِدٌ عَلَيَّ اْل َ
صحِيحٌ . غَرِيبٌ َ
الصحِيحِ إلَّا رَا ِويًا لَمْ يُسَمَّ . َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ مُحْتَجٌّ بِهِمْ فِي َّ
عَنْ النُّ ْعمَانِ بْنِ بَشِريٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ { :خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َوَنحْنُ لسمَاءِ السمَاءِ ثُمَّ خَ َفضَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ حَدَثَ فِي ا َّ سجِدِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَرَ َفعَ بَصَرَهُ إلَى َّ فِي اْلمَ ْ أَمْرٌ فَقَالَ َ :ألَا إنَّهُ سَتَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ َيظْ ِلمُونَ َويَكْ ِذبُونَ فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَ ِذبِهِمْ وَمَالََأهُمْ عَلَى
ظُ ْلمِهِمْ فَلَيْسَ مِنَى َولَا َأنَا مِنْهُ ،وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَ ِذبِهِمْ َولَمْ ُيمَالِئْهُمْ عَلَى ظُ ْلمِهِمْ فَ ُهوَ مِنِّي َوَأنَا
مِنْهُ } اْلحَدِيثَ .
صحِيحِهِ وَاللَّفْظُ لَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ُعمَرَ عَنْ َأبِيهِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { : َوالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ كُنَّا قُعُودًا عَلَى بَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َفخَرَجَ عَ َليْنَا فَقَالَ :ا ْسمَعُوا قُلْنَا قَدْ َسمِعْنَا ،قَالَ ا ْسمَعُوا ،قُلْنَا قَدْ َسمِعْنَا ،قَالَ إنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ بِكَ ِذبِهِمْ َولَا تُعِينُوهُمْ عَلَى
حوْضِ } . ظُ ْلمِهِمْ ،فَإِنَّهُ مَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَ ِذبِهِمْ َوَأعَانَهُمْ عَلَى ظُ ْلمِهِمْ لَمْ يَرِدْ عَلَى اْل َ
َوأَ ْحمَدُ { :يَكُونُ أُمَرَاءُ تَغْشَاهُمْ َغوَاشٍ َأوْ َحوَاشٍ مِنْ النَّاسِ يَكْ ِذبُونَ َوَيظْ ِلمُونَ َ ،فمَنْ دَ َخلَ عَلَيْهِمْ فَصَدَّقَهُمْ بِكَ ِذبِهِمْ َوَأعَانَهُمْ عَلَى ظُ ْلمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي َولَسْت مِنْهُ ،وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ َولَمْ يُصَدِّقْهُمْ
بِكَ ِذبِهِمْ َ ،ولَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَ ُهوَ مِنِّي َوَأنَا مِنْهُ } .
صحِيحِهِ َ { ،فمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَ ِذبِهِمْ َوَأعَانَهُمْ عَلَى ظُ ْلمِهِمْ وَفِي ِروَايَةٍ لَِأبِي يَعْلَى وَابْنِ حِبَّانَ فِي َ
()23/7
فََأنَا مِنْهُ بَرِيءٌ َو ُهوَ مِنِّي بَرِيءٌ } . وَابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ { :إنَّ نَاسًا مِنْ أُمَّتِي سَيَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ يَقْ َرءُونَ الْقُرْآنَ يَقُولُونَ
نَ ْأتِي الْأُمَرَاءَ فَنُصِيبُ مِنْ دُنْيَاهُمْ َونَعْتَزِلُهُمْ بِدِينِنَا َولَا يَكُونُ ذَلِكَ َ ،كمَا لَا يُجْتَنَى مِنْ الْقَتَادِ إلَّا الشوْكُ كَ َذلِكَ لَا ُيجْتَنَى مِنْ قُ ْربِهِمْ إلَّا } . َّ
خطَايَا . قَالَ ابْنُ الصَّبَّاحِ :كَأَنَّهُ يَعْنِي اْل َ
َن رَسُولَ اللَّهِ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ عَنْ َث ْوبَانَ َم ْولَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :أ َّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َدعَا لِأَهْلِهِ ،فَ َذكَرَ عَلِيًّا وَفَا ِطمَةَ َوغَيْرَ ُهمَا ،فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ َأنَا مِنْ َأ ْهلِ
حوِهِ َ -أوْ تَ ْأتِي أَمِريًا تَسَْألُهُ } . الْبَ ْيتِ ؟ قَالَ نَعَمْ مَا لَمْ تَقُمْ عَلَى بَابِ سُدَّةٍ -أَيْ سُ ْلطَانٍ َأوْ َن ْ ص مَرَّ بِرَ ُجلٍ لَهُ شَ َرفٌ مِنْ َأ ْهلِ اْلمَدِينَةِ ، صحِيحَيْ ِهمَا { :أَنَّ عَلْ َقمَةَ بْنَ وَقَّا ٍ وَابْنَا مَاجَهْ وَحِبَّانَ فِي َ
فَقَالَ لَهُ إنَّ لَك حُرْمَةً وَحَقًّا َ ،وإِنِّي َرَأيْتُك تَدْ ُخلُ عَلَى َه ُؤلَاءِ الْأُمَرَاءِ فَتَكَلَّمُ عِنْ َدهُمْ َ ،وإِنِّي َسمِعْت ب رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :قَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِلَالَ بْنَ اْلحَارِثِ صَا ِح َ ضوَانِ اللَّهِ مَا َيظُنُّ َأنْ تَبْ ُلغَ مَا بَلَ َغتْ فَيَكُْتبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا وَسَلَّمَ :إنَّ أَحَ َدكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَ ِلمَةِ مِنْ ِر ْ ضوَانَهُ إلَى َي ْومِ يَلْقَا ُه َ ،وإِنَّ أَحَ َدكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَ ِلمَةِ مِنْ َسخَطِ اللَّهِ مَا َيظُنُّ َأنْ تَبْلُغَ مَا بَلَ َغتْ ِر ْ خطَهُ إلَى َي ْومِ الْقِيَامَةِ ُ ،اْنظُرْ َوْيحَك مَاذَا تَقُولُ وَمَا تَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَرُبَّ كَلَامٍ قَدْ فَيَكُْتبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا َس َ
َححَاهُ وَ َروَاهُ مَنَعَنِيهِ مَا َسمِعْت مِنْ بِلَالِ بْنِ اْلحَارِثِ } وَ َروَى التِّرْمِذِيُّ وَاْلحَاكِمُ اْلمَرْفُوعَ مِنْهُ َوص َّ الَْأصْبَهَانِيُّ إلَّا أَنَّهُ قَالَ :عَنْ بِلَالِ بْنِ اْلحَارِثِ أَنَّهُ قَالَ لِبَنِيهِ { :إذَا حَضَ ْرتُمْ عِنْدَ ذِي سُ ْلطَانٍ فَأَحْسِنُوا
()23/7
اْل َمحْضَرَ ،فَإِنِّي َسمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :فَ َذكَرَهُ } . وَابْنُ الَْأثِريِ فِي نِهَايَتِهِ :السَّاعِي مُثَلِّثٌ :أَيْ مُهْلِكٌ بِسِعَايَتِهِ نَفْسَهُ وَاْلمَسْعِيَّ بِهِ َوِإلَيْهِ .
الصحِيحَةِ َو ُهوَ ظَاهِرٌ َوِإنْ لَمْ أَرَ مَنْ خمْسَةِ ُهوَ صَرِيحُ هَذِهِ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ َّ تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذِهِ اْل َ َذكَرَ غَيْرَ الْأُولَى وَالْأَخِريَةِ ،ثُمَّ َرَأيْت بَعْضَهُمْ َذكَرَ الرَّابِعَةَ وَعَبَّرَ عَنْهَا بِ َق ْولِهِ " :وَالدُّخُولُ عَلَى
صحِيحٍ َبلْ إعَانَةً َأوْ َتوْقِريًا َأوْ َمحَبَّةً " . الظَّ َلمَةِ بِغَيْرِ قَصْدٍ َ
قَالَ الْأَذْ َرعِيُّ :فَإِطْلَاقُ َك ْونِ السِّعَايَةِ كَبِريَةً مُشْ ِكلٌ إذَا كَانَ مَا يَنْشَأُ عَنْهَا صَغِريَةً إلَّا َأنْ يُقَالَ تَصِريُ الر ْعبِ لِ ْلمَسْعِيِّ عَلَيْهِ َأوْ َخ ْوفُ َأهْلِهِ َأوْ تَ ْروِيعُهُمْ ِبطَ َلبِ السُّ ْلطَانِ ،ثُمَّ كَبِريَةً ِبمَا يَنْضَمُّ لِ َذلِكَ مِنْ ُّ
َذكَرَ كَلَامَ اْلحَلِيمِيِّ السَّابِقَ فِي إعَانَةِ الْقَاِتلِ وَ َدلَالَتَهُ عَلَى مَنْ يُرِيدُ قَتْلَهُ وَقَالَ :لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي
ستْ كَبِريَةً . أَنَّ السِّعَايَةَ لَيْ َ انْتَهَى .
لصوَابُ أَنَّهَا وَمَرَّ أَنَّ كَلَامَ اْلحَلِيمِيِّ هَذَا مَرْدُودٌ لَا مُعَوِّلَ عَلَيْهِ فَلَا َنظَرَ ِلمَا اقْتَضَاهُ ،فَاْلوَجْهُ َبلْ ا َّ
النمِيمَةِ سمِيَةُ َّ الصحِيحِ تَ ْ النمِيمَةِ ،وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ َّ كَبِريَةٌ لِأَنَّهَا َنمِيمَةٌ َبلْ هِيَ أَقَْبحُ َأْنوَاعِ َّ
كَبِريَةً ،ثُمَّ اْلمُرَادُ َكمَا َذكَرْته فِي التَّرْ َجمَةِ السَّعْيُ إلَى السُّ ْلطَانِ َأوْ غَيْرِهِ مِنْ اْل ُولَاةِ بِالْبَرِيءِ ؛ فَأَمَّا مَا جَازَتْ فِيهِ شَهَادَةُ اْلحِسْبَةِ فَلَيْسَ مِنْ َذلِكَ َبلْ يَجِبُ الرَّ ْفعُ فِيهِ إلَّا لِعُذْرٍ .
النمِيمَةِ حَاجَةٌ فَلَا مَ ْنعَ مِنْهَا الن َووِيُّ فَ َلوْ َد َعتْ إلَى َّ النمِيمَةِ :قَالَ َّ جوَاهِرِ فِي َّ وَقَدْ قَالَ الْ َقمُولِيُّ فِي اْل َ َ ،كمَا إذَا أَخْبَرَهُ أَنَّ إنْسَانًا يُرِيدُ الْفَتْكَ بِهِ َأوْ بَِأهْلِهِ أَوْ ِبمَالِ ِه َ ،أوْ أَخْبَرَ الْإِمَامَ أَوْ مَنْ لَهُ ِولَايَةٌ بِأَنَّ فُلَانًا
يَسْعَى ِبمَا فِيهِ مَفْسَدَ ٌة َ ،وَيجِبُ عَلَى اْلمَُتوَلِّي الْكَشْفُ عَنْ ذَلِكَ
()23/7
سبِ اْل َموَاطِنِ . جبُ تَارَةً َويُنْدَبُ أُخْرَى ِبحَ َ َوإِزَالَتُهُ َ ،وكَذَا مَا أَشْبَهَ َذلِكَ فَكُلُّهُ لَا حُرْمَةَ فِيهِ بَلْ قَدْ َي ِ
وَ َق ْولِي فِي التَّرْ َجمَةِ فِي الْأَخِريَةِ بِبَا ِطلٍ ُهوَ مَا صَرَّحُوا بِهِ
()73/7
جبُ وَقَالَ بَ ْعضُ اْلمُتَأَخِّرِينَ :السِّعَايَةُ ِبمَا يَضُرُّ اْلمُسْلِمَ كَبِريَةٌ َوِإنْ كَانَ صَادِقًا َو ُهوَ ُمحَْت َملٌ َبلْ َي ِ اْلجَ ْزمُ بِهِ إذَا اشْتَدَّ الضَّرَرُ بِهِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ يَعْتَادُ الدُّخُولَ عَلَى الظَّ َلمَةِ قَدْ َيحْتَجُّ بِأَنَّ قَصْدَهُ نُصْرَةُ َمظْلُومٍ َ ،أوْ مُسَاعِدَةُ ضَعِيفٍ ، َأوْ رَدُّ ظَلَّامَةٍ َ ،أوْ التَّسَُّببُ فِي مَعْرُوفٍ ؛ وَ َجوَابُهُ أَنَّهُ مَتَى تَنَاوَلَ مِنْ َمطْ َعمِهِمْ ،أَوْ شَا َركَهُمْ فِي
مَقَاصِ ِدهِمْ َ ،أوْ فِي شَ ْيءٍ مِنْ أَ ْموَالِهِمْ اْل ُمحَرَّمَةِ َ ،أوْ دَاهَنَهُمْ فِي مُنْكَرٍ ،فَهَذَا لَا َيحْتَاجُ النَّظَرُ فِي
سُوءِ حَالِهِ إلَى دَلِيلٍ ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذِي بَصِريَةٍ يَشْهَدُ أَنَّهُ ضَالٌّ عَنْ َسوَاءِ السَّبِي ِل َ ،وأَنَّهُ عَبْدُ َبطْنِهِ َو َهوَاهُ ،فَ ُهوَ مِمَّنْ َأضَلَّهُ اللَّهُ وَأَرْدَاهُ ،فَ ُهوَ مِنْ الْأَخْسَرِينَ َأ ْعمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي اْلحَيَاةِ الدُّْنيَا َوهُمْ
َيحْسَبُونَ أَنَّهُمْ ُيحْسِنُونَ صُنْعًا . وَمِنْ الَّذِينَ يَ ْز ُعمُونَ أَنَّهُمْ مُصْ ِلحُونَ { َألَا إنَّهُمْ هُمْ اْلمُفْسِدُونَ َولَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ } وَمَتَى تَنَزَّهَ عَنْ َذلِكَ كُلِّهِ فَ ُهوَ َمحَلُّ اشْتِبَاهٍ َ ،وِلحَالِهِ مِيزَانٌ يَقْضِي بِ َكمَالِهِ تَارَةً َونَقْصِهِ أُخْرَى َ ،فمَتَى َرأَى أَنَّهُ
صحْبَتِهِمْ ، جحُ بِ ُ سوَاهُ َولَا يَتَبَ َّ َكمُكْرَهٍ فِي دُخُولِهِ عَلَيْهِ ْم ،وََيوَدُّ أَنَّهُ َلوْ كُفِيَ بِغَيْرِهِ وَانْتَصَرَ اْل َمظْلُومُ بِ ِ
َدمَ السُّ ْلطَانُ عَلَيْهِ حوَهُ َ ،وَلوْ ق َّ فَلَا َيجْرِي فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ قُلْت لِلسُّ ْلطَانِ مَثَلًا َولَا انْتَصَرَ بِي فُلَانٌ َوَن ْ َربَهُ وَاعْتَقَدَهُ وَقَامَ ِبمَا كَانَ قَاِئمًا بِهِ َلمَا شَقَّ عَلَيْهِ بَلْ َيجِدُ لَهُ انْشِرَاحًا إذْ أَجَارَهُ اللَّ ُه تَعَالَى أَحَدًا وَق َّ
الثوَابَ اْلجَزِيلَ ،وَمَتَى لَمْ تُوجَدْ فِيهِ َجمِيعُ صحِيحُ الْقَصْدِ مَأْجُورٌ مُثَابٌ َّ مِنْ هَذِهِ الْفِتْنَةِ الْ َعظِيمَةِ فَ ُهوَ َ َالتمْيِيزُ عَلَى الْأَقْرَانِ . هَذِهِ اْلخِصَالِ ،فَ ُهوَ فَاسِدُ النِّيَّةِ هَالِكٌ ،إذْ قَصْدُهُ طَ َلبُ اْلمَنْزِلَةِ و َّ
حثَ بِ ِذكْرِ أَحَادِيثَ وَآثَارٍ أُخْرَى َذكَ َرهَا بَعْضُهُمْ َولِنُتَمَّمَ هَذَا اْلمَ ْب َ
()73/7
َوضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَهُمْ النَّارُ َي ْومَ َوعُهْدَةُ َأكْثَ ِرهَا عَلَيْهِ َ ،كحَدِيثِ { :إنَّ رِجَالًا يََتخ َّ
الْقِيَامَةِ } .
وَحَدِيثِ { :مَنْ ظَلَمَ شِبْرًا مِنْ أَرْضٍ طَوَّقَهُ اللَّهُ مِنْ سَ ْبعِ أَ َرضِنيَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } . وَفِي بَ ْعضِ الْكُُتبِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى { :اشْتَدَّ غَضَبِي عَلَى مَنْ ظَلَمَ مَنْ لَا َيجِدُ لَهُ نَاصِرًا غَيْرِي } .
وَمَا أَحْسَنَ َقوْلَ بَعْضِهِمْ :لَا َتظْ ِلمَنَّ إذَا مَا كُ ْنتَ مُقْتَدِرًا فَالظُّلْمُ تَرْ ِجعُ عُقْبَاهُ إلَى النَّ َدمِ تَنَامُ عَيْنَاك
وَاْل َمظْلُومُ مُنْتَبِهٌ يَ ْدعُو عَلَيْك َوعَيْنُ اللَّهِ لَمْ تَنِمْ وَ َقوْلُ الْآخَ ِر :إذَا مَا الظَّلُومُ اسَْت ْوطَأَ الْأَرْضَ مَ ْركَبًا َولَجَّ غُلُوًّا فِي قَبِيحِ اكْتِسَابِهِ فَكِلْهُ إلَى صَ ْرفِ الزَّمَانِ فَإِنَّهُ سَيُبْدِي لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي حِسَابِهِ وَقَالَ
بَ ْعضُ السَّلَفِ :لَا َتظْ ِلمَنَّ الضُّعَفَاءَ فَتَكُنْ مِنْ شِرَارِ الْأَ ْق ِويَاءِ :وَقَالَ َأبُو هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :إنَّ اْلحُبَارَى لََتمُوتُ َه ْولًا فِي َوكْ ِرهَا مِنْ ظُلْمِ الظَّالِمِ .
التوْرَاةِ :يُنَادِي مُنَادٍ مِنْ وَرَاءِ اْلجِسْرِ يَعْنِي الصِّرَاطَ يَا مَعْشَرَ اْلجَبَابِرَةِ الطُّغَاةِ ، وَقِيلَ مَكْتُوبٌ فِي َّ
ِزتِهِ َأنْ لَا ُيجَاوِزَ هَذَا اْلجِسْرَ الَْي ْومَ ظُلْمُ ظَالِمٍ . َويَا مَعْشَرَ اْلمُتْرَفِنيَ الْأَشْقِيَاءِ ،إنَّ اللَّهَ َيحْلِفُ بِع َّ َوعَنْ جَابِرٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :لَمَّا رَجَ َعتْ مُهَاجِرَةُ اْلحَبَشَةِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
جبَ مَا َرَأيْتُمْ فِي أَرْضِ اْلحَبَشَةِ ؟ فَقَالَ قُتَيْبَةُ َوكَانَ مِنْهُمْ :بَلَى يَا وَسَلَّمَ قَالَ َ :ألَا ُتخْبِرُونِي بَِأ ْع َ ح ِملُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَْنمَا َنحْنُ َيوْمًا جُلُوسًا إذْ مَرَّتْ بِنَا َعجُوزٌ مِنْ َعجَائِ ِزهِمْ َت ْ
ت اْلمَ ْرأَةُ عَلَى َرأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ َفمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ َفجَ َعلَ إحْدَى يَ َديْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا ،ثُمَّ دَفَعَهَا فَخَرَّ ْ ضعَ ُم قَاَلتْ َس ْوفَ تَعْلَمُ يَا غُدَرُ إذَا َو َ عَلَى ُركْبَتَيْهَا وَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا ،فَلَمَّا قَامَتْ الْتَفََتتْ إلَيْهِ ث َّ
()72/7
َولِنيَ وَالْآخِرِينَ َ ،وتَك ََّل َمتْ الَْأيْدِي وَالْأَرْ ُجلُ ِبمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ سَ ْوفَ تَعْلَمُ ج َمعَ الْأ َّ اللَّهُ الْكُرْسِيَّ َف َ مَا أَمْرِي َوأَمْرُك عِنْدَهُ غَدًا ،قَالَ :فَقَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ َقوْمًا
لَا ُيؤْخَذُ مِنْ شَدِي ِدهِمْ لِضَعِيفِهِمْ ؟ } .
ضبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ إنْ شَاءَ أَمْضَى وَ ُروِيَ عَ ْن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ َ { :خمْسَةٌ غَ ِ
الدنْيَا َوإِلَّا ثَوَّى بِهِمْ فِي الْآخِرَةِ إلَى النَّارِ :أَمِريُ َق ْومٍ يَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْ َرعِيَّتِهِ َولَا غَضَبَهُ عَلَيْهِمْ فِي ُّ
يُنْصِفُهُمْ مِنْ نَفْسِهِ َولَا يَدْ َفعُ الظُّلْمَ عَنْهُمْ ،وَ َزعِيمُ َق ْومٍ ُيطِيعُونَهُ َولَا يُسَوِّي بَيْنَ الْ َقوِيِّ وَالضَّعِيفِ َويَتَكَلَّمُ بِالْ َهوَى ،وَرَ ُجلٌ لَا يَأْمُرُ َأهْلَهُ َو َولَدَهُ ِبطَاعَةِ اللَّهِ َولَا يُع َِّلمُهُمْ أَمْرَ دِينِهِمْ ،وَرَ ُجلٌ اسْتَأْجَرَ
أَجِريًا فَاسْتَ ْعمَلَهُ َولَمْ ُيوَفِّهِ أَجْرَهُ ،وَرَجُلٌ ظَلَمَ امْ َرأَةً فِي صَدَاقِهَا } .
َوعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَا ٍم َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ :إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ اْلخَلْقَ وَاسَْت َووْا عَلَى
أَقْدَامِهِمْ رَفَعُوا ُرءُوسَهُمْ إلَى اللَّهِ وَقَالُوا يَا رَبِّ مَعَ مَنْ َأْنتَ ؟ قَالَ َمعَ اْل َمظْلُومِ حَتَّى ُيؤَدَّى إلَيْهِ حَقُّهُ . َوعَنْ َو ْهبِ بْنِ مُنَبِّهٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :بَنَى جَبَّارٌ مِنْ اْلجَبَابِرَ ِة قَصْرًا وَشَيَّدَهُ َفجَاءَتْ َعجُوزٌ فَقِريَةٌ
فَبََنتْ إلَى جَانِبِهِ شَيْئًا تَ ْأوِي إلَيْهِ ،فَ َر ِكبَ اْلجَبَّارُ َيوْمًا َوطَافَ َحوْلَ الْقَصْرِ فَ َرأَى بِنَا َءهَا ،فَقَالَ ِلمَنْ
هَذَا ؟ فَقِيلَ :لِامْ َرأَةٍ فَقِريَةٍ تَأْوِي إلَيْهِ فَأَمَرَ بِهَدْمِهِ فَهُدِمَ َفجَاءَتْ الْ َعجُوزُ فَ َرَأتْهُ مَهْدُومًا ،فَقَاَلتْ :مَنْ
السمَاءِ وَقَاَلتْ يَا رَبِّ َأنَا لَمْ َأكُنْ هَدَمَهُ ؟ فَقِيلَ لَهَا الْمَلِكُ رَآهُ فَهَدَمَهُ ،فَرَفَعَتْ الْ َعجُوزُ َرأْسَهَا إلَى َّ حَاضِرَةً فََأْنتَ َأيْنَ كُنْت ؟ قَالَ :فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جِبْرِي َل َأنْ يَقْ ِلبَ الْقَصْرَ عَلَى مَنْ فِيهِ فَقَلَبَهُ . وَقِيلَ لَمَّا حُبِسَ
()77/7
بَ ْعضُ الْبَرَامِكَةِ َو َولَدُهُ قَالَ :يَا َأَبتِ بَعْدَ الْعِزِّ صِ ْرنَا فِي الْقَيْدِ وَاْلحَبْسِ .
فَقَالَ :يَا بُنَيَّ َد ْعوَةُ َمظْلُومٍ سَرَتْ بِلَيْلٍ غَفَلْنَا عَنْهَا َولَمْ يَغْ ُفلْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا .
َوكَانَ يَزِيدُ بْنُ حَكِيمٍ يَقُولُ :مَا هِبْت أَحَدًا قَطُّ هَيْبَتِي رَجُلًا ظَ َلمْته َوَأنَا َأعْلَمُ أَنَّهُ لَا نَاصِرَ لَهُ إلَّا اللَّهُ
يَقُولُ لِي حَسْبِي اللَّهُ ،اللَّهُ بَيْنِي َوبَيْنَك .
َوعَنْ َأبِي أُمَامَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ َ :يجِيءُ الظَّالِمُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ حَتَّى إذَا كَانَ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ فَلَقِيَهُ اْل َمظْلُومُ َوعَ َرفَ مَا ظَ َلمَهُ َفمَا يَبْرَحُ الَّذِينَ ظُ ِلمُوا بِاَلَّذِينَ ظَ َلمُوا حَتَّى يَنْ ِزعُوا مَا بَِأيْدِيهِمْ مِنْ
اْلحَسَنَاتِ ،فَِإنْ لَمْ َيجِدُوا لَهُمْ حَسَنَاتٍ َحمَلُوا عَلَيْهِمْ مِ ْن سَيِّئَاتِهِمْ مِ ْثلَ مَا ظَ َلمُوهُمْ ،حَتَّى يَرِدُوا الدَّرْكَ الْأَسْ َفلَ مِنْ النَّارِ .
َوعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ُأنَيْسٍ قَالَ َ :سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { :يُحْشَرُ الْعِبَادُ َي ْومَ سمَعُهُ مَنْ قَرُبَ َ :أنَا سمَ ُعهُ مَنْ بَعُدَ َكمَا يَ ْ صوْتٍ يَ ْ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُ ْرلًا بُ ْهمًا ،فَيُنَادِيهِمْ مُنَادٍ بِ َ اْلمَلِكُ الدَّيَّانُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ َأ ْهلِ اْلجَنَّةِ َأنْ يَدْ ُخلَ اْلجَنَّةَ َوأَحَدٌ مِنْ َأ ْهلِ النَّارِ َيطْلُبُهُ ِب َمظْ ِلمَةٍ حَتَّى الل ْطمَةُ َفمَا الل ْطمَةِ َفمَا َفوْقَهَا َ ،ولَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ َأ ْهلِ النَّارِ َأنْ يَدْ ُخلَ النَّارَ َوعِنْدَهُ َمظْ ِلمَةٌ حَتَّى َّ َّ
َفوْقَهَا { َولَا َيظْلِ ُم رَبُّك أَحَدًا } قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ َوإَِّنمَا نَ ْأتِي حُفَاةً عُرَاةً غُ ْرلًا بُ ْهمًا ؟ قَالَ
بِاْلحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ جَزَاءً وِفَاقًا { َولَا َيظْلِ ُم رَبُّك أَحَدًا } } َوعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { مَنْ ضَرَبَ َس ْوطًا ظُ ْلمًا اُقْتُصَّ مِنْهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } .
ضلِ وَالْأَدَبِ َدبُهُ ،فَلَمَّا بَ َلغَ اْل َولَدُ الْغَايَةَ فِي الْفَ ْ َدبًا ِل َولَدِهِ يُع َِّلمُهُ َوُيؤ ِّ وَمِمَّا ُذكِرَ أَنَّ كِسْرَى َّاتخَذَ مُؤ ِّ
اسَْتحْضَرَهُ اْل ُمؤَدِّبُ َيوْمًا
()73/7
َوضَ َربَهُ ضَ ْربًا وَجِيعًا مِنْ غَيْرِ جُ ْرمٍ َولَا سََببٍ َ ،فحَقَدَ اْل َولَدُ عَلَى اْلمُعَلِّمِ إلَى َأنْ كَبِرَ وَمَاتَ أَبُوهُ ، فََتوَلَّى اْلمُلْكَ بَعْدَهُ ،فَاسَْتحْضَرَ اْلمُعَلِّمَ وَقَالَ لَهُ :مَا َحمَلَك عَلَى َأنْ ضَ َربْتنِي فِي َي ْومِ كَذَا ضَ ْربًا
ضلِ وَجِيعًا مِنْ غَيْرِ جُ ْرمٍ َولَا سَبَبٍ ؟ فَقَالَ لَهُ اْلمُعَلِّمُ ؟ اعْلَمْ أَيُّهَا اْلمَلِكُ أَنَّك لَمَّا بَلَغْت الْغَايَةَ فِي الْفَ ْ وَالْأَدَبِ ،عَ ِلمْت أَنَّك تَنَالُ اْلمُلْكَ بَعْدَ َأبِيك ،فَأَرَدْت َأنْ أُذِيقَك طَعْمَ الضَّرْبِ َوَألَمَ الظُّلْمِ حَتَّى لَا َتظْلِمَ أَحَدًا بَعْدُ ،فَقَالَ لَهُ :جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا ثُمَّ أَمَرَ لَهُ ِبجَائِزَةٍ َوصَرَفَهُ .
وَمِنْ الظُّلْمِ َكمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْته فِي التَّرْ َجمَةِ اْلمَكْسُ َوَأ ْك ُل مَالِ الْيَتِيمِ ،وَمَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا
الصحِيحَيْنِ َ { :م ْطلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ } . مُسَْتوْفًى ،وَاْل ُممَاطَلَةُ ِبحَقٍّ عَلَيْهِ َمعَ قُدْ َرتِهِ عَلَى وَفَائِهِ ِلخَبَرِ َّ وَفِي ِروَايَةٍ { :لَيُّ اْلوَاجِدِ ظُلْمٌ ُيحِلُّ عِ ْرضَهُ َوعُقُوبَتَهُ } َ :أيْ شِكَايَتَهُ َوتَعْزِيرَهُ بِالْحَبْسِ وَالضَّرْبِ
َكمَا مَرَّ َأيْضًا .
سوَةٍ َو ُهوَ دَا ِخلٌ فِي لَيِّ اْلوَاجِدِ . وَمِنْهُ َتظَلُّمُ اْلمَ ْرأَةِ فِي َنحْوِ صَدَاقٍ َأوْ نَفَقَةٍ َأوْ كِ ْ
َوعَنْ ابْنِ مَسْعُو ٍد َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ ُ :يؤْخَذُ بِيَدِ الْعَبْدِ َأوْ الْأَمَةِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ فَيُنَادَى بِهِ عَلَى ُرءُوسِ اْلخَلَائِقِ هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ فَلْيَأْتِ إلَى حَقِّهِ قَالَ :فَتَفْرَحُ اْلمَ ْرأَةُ َأنْ يَكُونَ لَهَا حَقٌّ عَلَى ابْنِهَا َأوْ أَخِيهَا َأوْ زَوْجِهَا ثُمَّ قَ َرأَ { :فَلَا َأنْسَابَ بَيْنَهُمْ َيوْمَئِذٍ َولَا يَتَسَا َءلُونَ } قَالَ فَيَغْفِرُ
صبُ الْعَبْدُ لِلنَّاسِ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اللَّهُ مِنْ حَقِّهِ مَا شَاءَ َ ،ولَا يَغْفِرُ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ شَيْئًا فَيُنْ َ
الدنْيَا َفمِنْ َأيْنَ أُوتِيَهُمْ صحَابِ اْلحُقُوقِ :ائْتُوا إلَى حُقُوقِكُمْ قَالَ :فَيَقُولُ الْعَبْدُ يَا رَبِّ فَنِيَتْ ُّ لَِأ ْ حةِ حُقُوقَهُمْ ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ ِلمَلَائِكَتِهِ :خُذُوا مِنْ َأ ْعمَالِهِ الصَّاِل َ
()75/7
ضلَ لَهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ ضَاعَفَهَا اللَّهُ فََأ ْعطُوا كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ بِقَدْرِ طِلْبَتِهِ ،فَِإنْ كَانَ عَبْدًا َولِيًّا لِلَّهِ وَفَ َ
ضلْ لَهُ شَ ْيءٌ ،فَتَقُولُ اْلمَلَائِكَ ُة رَبَّنَا تَعَالَى لَهُ حَتَّى يَدْخُلَهُ اْلجَنَّةَ بِهَا َ ،وِإنْ كَانَ عَبْدًا شَقِيًّا َولَمْ يَفْ ُ فَنَِيتْ حَسَنَاتُهُ وَبَقِيَ طَالِبُونَ ،فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :خُذُوا مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ فََأضِيفُوا إلَى سَيِّئَاتِهِ ثُمَّ
صُكُّوا بِهِ صَكًّا إلَى النَّارِ . انْتَهَى .
َوُيؤَيِّدُ َذلِكَ اْلخَبَرُ السَّابِقُ َ { :أتَدْرُونَ مَنْ اْلمُفْلِسُ ؟ } فَ َذكَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنَّ اْلمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِهِ مَنْ يَ ْأتِي َي ْومَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَ َزكَاةٍ َوصِيَامٍ َويَ ْأتِي وَ َقدْ شَتَمَ هَذَا َوضَرَبَ هَذَا وَأَخَذَ مَالَ هَذَا ،فَيَأْخُذُ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ َوهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ،فَِإنْ فَنَِيتْ حَسَنَاتُهُ قَ ْبلَ َأنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ
َخطَايَاهُمْ َفطُرِ َحتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ } .
وَمِنْ الظُّلْمِ َأيْضًا :عَ َدمُ إيفَاءِ الْأَجِريِ حَقَّهُ َكمَا مَرَّ بِ َدلِيلِهِ َوهُوَ َق ْولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :يَقُولُ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :ثَلَاثَةٌ َأنَا خَصْمُهُمْ َي ْومَ الْقِيَامَةِ :رَ ُجلٌ ُأ ْعطِ َي بِي ثُمَّ غَدَ َر ،وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فََأ َكلَ َثمَنَهُ ،وَرَ ُجلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِريًا فَاسَْتوْفَى مِنْهُ الْ َع َملَ َولَمْ يُ ْعطِهِ أَجْرَ ُه } . َديًا لِ َق ْوِلهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :مَنْ ظَلَمَ ذِمِّيًّا حوِ أَخْذِ مَالِهِ تَع ِّ وَمِنْهُ َأنْ َيظْلِمَ يَهُودِيًّا َأوْ نَصْرَانِيًّا بَِن ْ
الصحِيحَيْنِ { :مَنْ اقَْت َطعَ حَقَّ صمُهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َوَأنْ يَقَْت ِطعَ حَقَّ غَيْرِهِ بَِيمِنيٍ فَاجِرَةٍ } ِلخَبَرِ َّ فََأنَا خَ ْ
َرمَ عَلَيْهِ اْلجَنَّةَ ،قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ َوِإنْ كَانَ شَيْئًا امْرِئٍ مُسْلِمٍ بَِيمِينِهِ فَقَدْ َأوْ َجبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَح َّ يَسِريًا ؟ قَالَ َ :وِإنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ } .
وَ ُروِيَ { :إنَّهُ لَا َأكْرَهَ إلَى الْعَبْدِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ مِنْ َأنْ يَرَى مَنْ يَعْرِفُهُ خَشْيَةَ َأنْ ُيطَالِبَهُ ِب َمظْ ِلمَةٍ
()76/7
الدنْيَا } َكمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :لَتُؤَدُّنَّ اْلحُقُوقَ إلَى َأهْلِهَا َي ْومَ الْقِيَامَةِ حَتَّى ظَ َلمَهُ بِهَا فِي ُّ
يُقَادَ لِلشَّاةِ اْلجَ ْلحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَ ْرنَاءِ } .
وَجَاءَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :مَنْ كَاَنتْ عِنْدَهُ َمظْ ِلمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِ ْرضِهِ َأوْ مِنْ شَ ْيءٍ
فَلْيَتَح ََّللْ مِنْهُ الَْي ْومَ قَ ْبلَ َأنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ َولَا دِ ْرهَمٌ ،إنْ كَانَ لَهُ َع َملٌ صَاِلحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ َمظْ ِلمَتِهِ ح ِملَ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ } . َ ،وِإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ َف ُ
َن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الدنْيَا بِسَنَدِهِ إلَى َأبِي أَيُّوبَ الَْأنْصَارِيِّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أ َّ وَ َروَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ َأبِي ُّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :أَوَّلُ مَنْ َيخْتَصِمُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ الرَّ ُجلُ وَامْ َرَأتُهُ َواَللَّهِ مَا يَتَكَلَّمُ لِسَانُهَا َولَكِنْ
الدنْيَا َ ،ويَشْهَدُ عَلَى الرَّ ُجلِ يَدَاهُ يَدَاهَا وَرِجْلَاهَا يَشْهَدَانِ عَلَيْهَا ِبمَا كَاَنتْ تُعَِّنتُ لِ َزوْجِهَا فِي ُّ
وَرِجْلَاهُ ِبمَا كَانَ يُولِي َزوْجَتَهُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ ثُمَّ يُ ْدعَى بِالرَّ ُجلِ وَخَدَمِهِ مِ ْثلُ َذلِكَ َفمَا ُيؤْخَ ُذ مِنْهُمْ ح َملُ عَلَى الظَّالِمِ َدوَانِيقُ َولَا قَرَارِيطُ َ ،ولَكِنْ حَسَنَاتُ الظَّالِمِ تُدْفَعُ إلَى اْل َمظْلُومِ وَسَيِّئَاتُ اْل َمظْلُومِ ُت ْ
،ثُمَّ ُي ْؤتَى بِاْلجَبَّارِينَ ِبمَقَا ِطعَ مِنْ حَدِيدٍ فَيُقَالُ سُوقُوهُمْ إلَى النَّارِ } .
َوكَانَ شُ َرْيحٌ الْقَاضِي يَقُولُ :سَيَعْلَمُ الظَّاِلمُونَ حَقَّ مَنْ انْتَقَصُوا ،إنَّ الظَّالِمَ لَيَنَْتظِرُ الْعِقَابَ ، َالثوَابَ . وَاْل َمظْلُومُ يَنَْتظِرُ النَّصْرَ و َّ
وَ ُروِيَ :إذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا سَلَّطَ عَلَيْهِ مَنْ ظَ َلمَهُ دَ َخ َل طَاوُسٌ الَْيمَانِيُّ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ اْلمَلِكِ فَقَالَ لَهُ :اتَّقِ َي ْومَ الْأَذَانِ ؛ قَالَ هِشَامٌ .
َذنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّاِلمِنيَ } فَصَعِقَ َذنَ ُمؤ ِّ وَمَا َي ْومُ الْأَذَانِ ؟ قَالَ :و َقوْله تَعَالَى { :فَأ َّ هِشَامٌ ،فَقَالَ طَاوُسٌ :هَذَا ذُلُّ الصِّفَةِ فَكَيْفَ
()73/7
َرأَ مِمَّنْ َأعَانَ الظَّالِمَ . اْلمُعَايَنَةُ ؟ وَمَرَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَب َّ وَفِي حَدِيثٍ { :مَنْ َأعَانَ ظَالِمًا سُلِّطَ عَلَيْهِ } .
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ اْلمُسَِّيبِ :لَا َتمْلَئُوا َأعْيُنَكُمْ مِنْ َأ ْعوَانِ الظَّ َلمَةِ إلَّا بِِإنْكَارٍ مِنْ قُلُوبِكُمْ لِئَلَّا تَحْبَطَ
َأ ْعمَالُكُمْ الصَّاِلحَةُ .
وَقَالَ مَ ْكحُولٌ الدِّمَشْقِيُّ :يُنَادِي مُنَادٍ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َ :أيْنَ الظَّ َلمَةُ َوَأ ْعوَانُهُمْ ؟ َفمَا يَبْقَى أَحَدٌ حَبَّرَ لَهُمْ جمَعُونَ فِي تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ فَيُلْ َق ْونَ فِي جَهَنَّمَ َدوَاةً َأوْ بَرَى لَهُمْ قَ َلمًا َفمَا َف ْوقَ َذلِكَ إلَّا حَضَرَ مَعَهُمْ فَُي ْ
.
الثوْرِيِّ رَ ِحمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ :إنِّي أَخِيطُ ثِيَابَ السُّ ْلطَانِ أَفَتَرَانِي مِنْ َأ ْعوَانِ وَجَاءَ خَيَّاطٌ إلَى سُفْيَانَ َّ الظَّ َلمَةِ ؟ فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ َ :بلْ َأْنتَ مِنْ الظَّ َلمَةِ َأنْفُسِهِمْ َ ،ولَكِنْ َأ ْعوَانُ الظَّ َلمَةِ مَنْ يَبِيعُ مِنْك الِْإبْرَةَ
وَاْلخُيُوطَ .
وَ ُروِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { :أَوَّلُ مَنْ يَدْ ُخلُ النَّارَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ السَّوَّاطُونَ
الَّذِينَ يَكُونُ مَعَهُمْ الْأَ ْسوَاطُ يَضْ ِربُونَ بِهَا النَّاسَ بَيْنَ يَدَيْ الظَّلَمَةِ .
} َوعَنْ ابْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ :اْلجَلَاوِزَةُ ،أَيْ َأ ْعوَانُ الظَّ َلمَةِ ،وَالشُّرَطُ أَيْ بِضَمِّ جمَةِ وَفَ ْتحِ الرَّاءِ ُ :ولَاةُ الشُّ ْرطَةِ َوهُمْ َأ ْعوَانُ اْل ُولَاةِ وَالظَّ َلمَةِ ،اْلوَاحِدُ مِنْهُمْ شُ ْرطِيٌّ :بِضَمٍّ فَفَ ْتحٍ اْلمُ ْع َ -كِلَابُ النَّارِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ .
ضلَ وَ ُروِيَ :إنَّ اللَّهَ تَعَالَى َأوْحَى إلَى مُوسَى صَلَّى عَلَى نَبِيِّنَا َوعَلَيْهِ َوعَلَى سَائِرِ الَْأنْبِيَاءِ وَاْلمُرْسَلِنيَ أَفْ َ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ َ { :أنْ مُرْ ظَ َلمَةَ بَنِي إسْرَائِيلَ َأنْ يُقِلُّوا مِ ْن ِذكْرِي ،فَإِنِّي أَ ْذكُرُ مَنْ َذكَ َرنِي َوإِنَّ
ِذكْرِي إيَّاهُمْ َأنْ َألْعَنَهُمْ } . وَفِي ِروَايَةٍ { :فَإِنِّي أَ ْذكُرُ مَنْ َذكَ َرنِي مِنْهُمْ بِاللَّعْنَةِ } .
وَجَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { :لَا يَقِفَنَّ أَحَ ُدكُمْ
()73/7
فِي َموْقِفٍ يُضْرَبُ فِي ِه رَ ُجلٌ ظُ ْلمًا فَإِنَّ اللَّعْنَةَ تَنْزِلُ عَلَى مَ ْن حَضَرَهُ حِنيَ لَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ } .
وَجَاءَ َكمَا مَرَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :أُمِرَ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ يُضْرَبُ فِي قَبْرِهِ مِائَةَ جَلْدَ ٍة ،فَلَمْ يَزَلْ يَسَْألُهُ وَيَ ْدعُو حَتَّى صَارَتْ جَلْدَةً وَاحِدَةً فَامْتَلَأَ قَبْرُهُ عَلَيْهِ نَارًا ،فَلَمَّا ا ْرتَ َفعَ
عَنْهُ َوأَفَاقَ قَالَ :عَلَامَ جَلَ ْدُتمُونِي ؟ قِيلَ :إنَّك صَلَّيْت بِغَيْرِ طَهُورٍ ،وَمَرَرْت عَلَى َمظْلُومٍ فَلَمْ
تَنْصُرْهُ } فَهَذَا حَالُ مَنْ لَمْ يَنْصُرْ اْل َمظْلُومَ َمعَ قُدْ َرتِهِ عَلَى َنصْرِهِ فَكَيْفَ حَالُ الظَّالِمِ ؟ . قَالَ بَعْضُهُمْ َ :رَأيْت فِي اْلمَنَا ِم رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ َيخْ ُدمُ الظَّ َلمَةَ وَاْلمَكَّاسِنيَ بَعْدَ َم ْوتِهِ َو ُهوَ فِي حَالَةٍ
قَبِيحَةٍ فَقُلْت لَهُ :مَا حَالُك ؟ فَقَالَ شَرُّ حَا ٍل ،فَقُلْت لَهُ :إلَى َأيْنَ صِرْت ؟ فَقَالَ إلَى عَذَابِ اللَّهِ ،
قُلْت َ :فمَا حَالُ الظَّ َلمَةِ عِنْدَ رَبِّهِمْ ؟ قَالَ شَرُّ حَالٍ ،أَمَا َسمِعْت َقوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ { :وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَ َلمُوا أَيَّ مُنْقَ َلبٍ يَنْقَلِبُونَ } .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ َ :رَأيْت رَجُلًا مَ ْقطُوعَ الْيَدِ مِنْ الْكَتِفِ َو ُهوَ يُنَادِي مَنْ رَآنِي فَلَا َيظْ ِلمَنَّ أَحَدًا ، فَتَقَدَّمْت إلَيْهِ وَقُلْت لَهُ :يَا أَخِي مَا قِصَّتُك ؟ فَقَالَ يَا أَخِي قِصَّتِي َعجِيبَةٌ ،وَ َذلِكَ أَنِّي كُنْت مِنْ
صطَادَ َسمَكَةً كَبِريَةً فََأ ْعجَبَتْنِي َ ،فجِئْت إلَيْهِ فَقُلْت َ :أ ْعطِنِي َأ ْعوَانِ الظَّ َلمَةِ ،فَ َرَأيْت َيوْمًا صَيَّادًا قَدْ ا ْ السمَكَةَ ،فَقَالَ لَا ُأ ْعطِيكَهَا َأنَا آخُذُ بَِثمَنِهَا قُوتًا لِعِيَالِي ،فَضَ َربْته َوأَخَ ْذهتَا مِنْهُ قَهْرًا وَمَضَيْت هَذِهِ َّ
َضتْ عَلَى إبْهَامِي عَضَّةً َقوِيَّةً فَلَمَّا جِئْت بِهَا إلَى بَيْتِي بِهَا ،قَالَ :فَبَيَْنمَا َأنَا مَاشٍ بِهَا حَامِلَهَا إذْ ع َّ َوَألْقَيْتهَا مِنْ يَدِي ضَ َرَبتْ عَلَيَّ إبْهَامِي وَآَلمَتْنِي َأَلمًا شَدِيدًا حَتَّى لَمْ َأنَمْ مِنْ شِدَّةِ اْلوَ َجعِ َووَرِ َمتْ
يَدِي فَلَمَّا َأصَْبحْت َأتَيْت الطَّبِيبَ وَشَ َكوْت إلَيْهِ الَْألَمَ فَقَالَ :
()73/7
هَذِهِ بُدُوُّ َأكَلَةٍ ا ْقطَعْهَا َوإِلَّا تَلِ َفتْ يَدُك كُلُّهَا فَ َقطَعْت إبْهَامِي ثُمَّ ضَ َرَبتْ يَدِي فَلَمْ ُأطِقْ الَّن ْومَ َولَا
الْقَرَارَ مِنْ شِدَّةِ الَْألَمِ ،فَقِيلَ لِي ا ْق َطعْ كَفَّك فَ َقطَعْتهَا وَانْتَشَرَ الَْألَمُ إلَى السَّاعِدِ وَآَلمَنِي َأَلمًا شَدِيدًا الن ْومَ َولَا الْقَرَارَ وَجَعَلْت أَسْتَغِيثُ مِنْ شِدَّةِ الَْألَ ِم ،فَقِيلَ لِي :ا ْقطَعْهَا مِنْ اْلمِرْفَقِ فَانْتَشَرَ َولَمْ ُأطِقْ َّ
الَْألَمُ إلَى الْعَضُدِ َوضَ َرَبتْ عَلَيَّ عَضُدِي أَشَدَّ مِنْ الْأَلَمِ فَقِي َل لِي :ا ْق َطعْ يَدَك مِنْ كَتِفِك َوإِلَّا سَرَى السمَكَةِ ،فَقَالَ إلَى جَسَدِك كُلِّهِ فَ َقطَعْتهَا فَقَالَ لِي بَ ْعضُ النَّاسِ :مَا سَبَبُ َأَلمِك فَ َذكَرْت لَهُ قِصَّةَ َّ السمَكَةِ فَاسَْتحْلَلْت مِنْهُ وَاسْتَ ْرضَيْته َولَا لِي َ :لوْ كُنْت رَجَعْت مِنْ أَوَّلِ مَا َأصَابَك الَْألَمُ إلَى صَا ِحبِ َّ صلَ الَْألَمُ إلَى بَ َدنِك . َقطَعْت يَدَك ،فَا ْذ َهبْ الْآنَ إلَيْهِ وَاطْ ُلبْ ِرضَاهُ قَبْلَ َأنْ يَ ِ
قَالَ :فَلَمْ أَزَلْ َأطْلُبُهُ فِي الْبَلَدِ حَتَّى وَجَدْته َفوَقَعْت عَلَى رِجْلَيْهِ أُقَبِّلُ ُهمَا َوَأبْكِي وَقُلْت :يَا سَيِّدِي
سََألْتُك بِاَللَّهِ إلَّا مَا عَ َفوْت عَنِّي ،فَقَالَ لِي :وَمَنْ َأْنتَ ؟ فَقُلْت َأنَا الَّذِي أَخَذْت مِنْك السَّمَكَةَ غَصْبًا ني رَآهَا ثُمَّ قَا َل :يَا أَخِي قَدْ حَالَلْتُكَ مِنْهَا ِلمَا قَدْ َرَأيْت ،وَ َذكَرْت لَهُ مَا جَرَى َوأَ َريْته يَدِي فَبَكَى حِ َ
بِك مِنْ هَذَا الْبَلَاءِ ،فَقُلْت لَهُ :بِاَللَّهِ يَا سَيِّدِي َهلْ كُنْت َد َعوْت عَلَيَّ لَمَّا أَخَ ْذهتَا مِنْك ؟ قَالَ :نَعَمْ .
ُوتِهِ عَلَى ضَعْفِي َوأَخَذَ مِنِّي مَا رَزَقْتَنِي ظُ ْلمًا فَأَ ِرنِي فِيهِ قُدْرَتَك ، قُلْت :اللَّهُمَّ هَذَا تَقَوَّى عَلَيَّ بِق َّ فَقُلْت لَهُ :يَا سَيِّدِي قَدْ أَرَاك اللَّهُ قُدْ َرتَهُ فِي َوَأنَا تَاِئبٌ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَمَّا كُنْت عَلَيْهِ مِنْ خِدْمَةِ الظَّ َلمَةِ َولَا عُدْت أَقِفُ لَهُمْ عَلَى بَابٍ َولَا َأكُونُ مِنْ َأ ْعوَانِهِمْ مَا دُمْت حَيًّا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ،
التوْفِيقُ . َوبِاَللَّهِ َّ
()33/7
خمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :إيوَاءُ اْل ُمحْ ِدثِنيَ أَيْ مَنْعُهُمْ مِمَّنْ يُرِيدُ اسْتِيفَاءَ اْلحَقِّ ( الْكَبِريَةُ اْلحَا ِديَةُ وَاْل َ مِنْهُمْ وَاْلمُرَادُ بِهِمْ مَنْ يَتَعَاطَى مَفْسَدَةً يَلْزَمُهُ بِسَبَبِهَا أَمْرٌ شَ ْرعِيٌّ ) َوعَدُّ هَذَا هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ اْلجَلَالُ َدثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى َرمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ { :ح َّ الْبُلْقِينِيُّ َو ُهوَ صَرِيحُ خَبَرِ مُسْلِمٍ َوغَيْرِهِ عَنْ عَلِيٍّ ك َّ
ت ،قُلْت مَا هُنَّ يَا أَمِريَ اْل ُمؤْمِِننيَ ؟ قَالَ :لَعَنَ اللَّهُ مَنْ َذَبحَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَ ْرَبعِ كَ ِلمَا ٍ
لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِ َديْهِ ،لَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى ُمحْ ِدثًا ،لَعَنْ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ } .
()33/7
خمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ َ :قوْلُ إنْسَانٍ ِلمُسْلِمٍ :يَا كَافِرُ َأوْ يَا كِتَابُ الرِّدَّةِ ( الْكَبِريَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَاْل َ سمِيَةَ الْإِسْلَامِ كُفْرًا َوإَِّنمَا أَرَادَ ُمجَرَّدَ السَّبِّ ) أَخْرَجَ عَدُوَّ اللَّهِ حَ ْيثُ لَمْ يُكَفِّرْهُ بِهِ بَِأنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ تَ ْ
الشَّ ْيخَانِ فِي ُجمْلَةِ حَدِيثٍ { :وَمَنْ َدعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ َأوْ قَالَ عَدُوُّ اللَّهِ َولَيْسَ كَ َذلِكَ إلَّا حَارَ عَلَيْهِ
} أَيْ رَ َجعَ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ .
وَفِي ِروَايَةٍ لَ ُهمَا { :مَنْ رَمَى ُمؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَ ُهوَ كَقَتْلِهِ } .
تَنْبِيهٌ :هَذَا َوعِيدٌ شَدِيدٌ َو ُهوَ رُجُوعُ الْكُفْرِ عَلَيْهِ َأوْ عَدَاوَةُ اللَّهِ لَهُ َ ،و َك ْونُهُ كَِإثْمِ الْقَ ْتلِ فَلِذَلِكَ كَاَنتْ إحْدَى هَاتَيْنِ اللَّ ْفظَتَيْنِ إمَّا كُفْرًا بَِأنْ يُسَمَّى اْلمُسْلِمُ كَافِرًا َأوْ عَدُوَّ اللَّهِ مِنْ جِهَةِ َوصْفِهِ بِالْإِسْلَامِ ،فَيَكُونُ قَدْ سَمَّى الْإِسْلَامَ كُفْرًا وَمُقْتَضِيًا لِعَدَاوَةِ اللَّهِ َوهَذَا كُفْرٌ َ ،وإِمَّا كَبِريَةً بَِأنْ لَا يَقْصِدَ َذلِكَ فَرُجُوعُ َذلِكَ إلَيْهِ حِينَئِذٍ كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ الْعَذَابِ وَالِْإثْمِ عَلَيْهِ َوهَذَا مِنْ أَمَارَاتِ الْكَبِريَةِ ،فَلِذَا
ضحَ عَدُّ هَ َذيْنِ مِنْ الْكَبَائِرِ وَِإنْ لَمْ أَرَ مَنْ َذكَرَهُ ،ثُمَّ َرَأيْت بَعْضَهُمْ عَدَّ مِنْ الْكَبَائِ ِر رَمْيَ اْلمُسْلِمِ اتَّ َ
َجحَهُ بَ ْعضُ اْلمُتَأَخِّرِينَ وَمَرَّ أَوَّلَ حوَهُ كَفَرَ عَلَى مَا ر َّ بِالْكُفْرِ َ ،وَلوْ قَالَ ِلمُسْلِمٍ :سَلَبَهُ اللَّهُ الْإِميَانَ َأوْ َن ْ الْكِتَابِ خِلَافُهُ .
()32/7
اللهِ تَعَالَى خمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :الشَّفَاعَةُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ َّ كِتَابُ اْلحُدُودِ ( الْكَبِريَةُ الرَّابِعَةُ وَاْل َ ) أَخْرَجَ َأبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ ابْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ َ :سمِ َعتْ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { :مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ،وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَا ِطلٍ َو ُهوَ يَعْلَمُ لَمْ يَزَلْ فِي َسخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْ ِزعَ ،وَمَنْ قَالَ
فِي ُمؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَ ْدغَةَ اْلخَبَالِ حَتَّى َيخْرُجَ مِمَّا قَالَ } . زَادَ الطَّبَرَانِيُّ َ { :ولَيْسَ ِبخَارِجٍ } .
َولًا وَقَالَ وَفِي كُلٍّ مِنْ ُهمَا صَحِيحُ الْإِسْنَادِ َ ،ولَفْظُ اْل ُمخْتَصَرِ { :مَنْ وَ َروَاهُ اْلحَاكِمُ ُمخْتَصَرًا وَ ُمط َّ
َأعَانَ عَلَى خُصُومَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ كَانَ فِي َسخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ } . ضبِ اللَّهِ } الرَّ ْدغَةُ -بِفَ ْتحِ الرَّاءِ وَفِي ِروَايَةٍ لَِأبِي دَاوُد { :مَنْ َأعَانَ عَلَى خُصُومَةٍ ِبظُلْمٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَ َ جمَةِ َوبِاْل ُموَحَّدَةِ -عُصَارَةُ جمَةِ :اْلوَ ْحلُ ،وَاْلخَبَالُ -بِفَ ْتحِ اْلمُ ْع َ وَسُكُونِ اْلمُ ْهمَلَةِ وَفَ ْتحِهَا َوبِالْمُ ْع َ
صحِيحِ مُسْلِمٍ َوغَيْرِهِ . َأ ْهلِ النَّارِ َوعَرَقُهُمْ َ ،كمَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي َ
ضبِ اللَّهِ حَتَّى يَنْ ِزعَ وَالطَّبَرَانِيُّ { :أَُّيمَا رَ ُجلٍ حَاَلتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ لَمْ يَزَلْ فِي غَ َ َ ،وأَُّيمَا رَ ُجلٍ شَدَّ غَضَبًا عَلَى مُسْلِمٍ فِي خُصُومَةٍ لَا عِلْمَ لَهُ بِهَا فَقَدْ عَانَدَ اللَّهَ حَقَّهُ وَحَرَصَ عَلَى خطِهِ َوعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ تَتَاَبعُ إلَى َي ْومِ الْقِيَامَةِ َ ،وأَُّيمَا رَ ُجلٍ أَشَاعَ عَلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِكَ ِلمَةٍ َو ُهوَ مِنْهَا َس َ
الدنْيَا كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ َأنْ يُذِيبَهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ فِي النَّارِ حَتَّى يَ ْأتِيَ بِنَفَاذِ مَا قَالَ } بَرِيءٌ يَشِينُهُ بِهَا فِي ُّ .
وَالطَّبَرَانِيُّ { :مَنْ حَاَلتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ فِي مُلْكِهِ ،وَمَنْ َأعَانَ عَلَى
()37/7
خُصُومَةٍ لَا يَعْلَمُ أَفِي حَقٍّ َأوْ بَا ِطلٍ فَهُوَ فِي َسخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْ ِزعَ ،وَمَنْ مَشَى مَعَ َق ْومٍ يَرَى أَنَّهُ شَاهِدٌ َولَيْسَ بِشَاهِدٍ فَهُوَ كَشَاهِدِ زُورٍ ،وَمَنْ َتحَلَّمَ كَا ِذبًا كُلِّفَ َأنْ يَعْقِدَ بَيْنَ طَرَفَيْ شَعِريَةٍ ،
وَسِبَابُ اْلمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ } .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ صَرِيحُ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَمَا بَعْدَهُ َو ُهوَ ظَاهِرٌ َوِإنْ لَمْ أَرَ مَنْ َذكَرَهُ ؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِ إقَامَةِ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى مَفْسَدَةً َعظِيمَةً جِدًّا ،وَمِنْ ثَمَّ مَرَّ فِي اْلحَدِيثِ اْلحَسَنِ { :وَحَدٌّ
يُقَامُ فِي الْأَرْضِ ِبحَقِّهِ أَ ْزكَى فِيهَا مِنْ َمطَرِ أَ ْربَعِنيَ صَبَاحًا } .
وَمَرَّ فِي الَّتِي قَ ْبلَ هَذِهِ عَنْ اْلجَلَالِ مَا ُيؤَيِّدُ مَا َذكَرْته هُنَا ثُمَّ َرَأيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ ِبمَا َذكَرْته .
()33/7
ضحَهُ َويُذِلَّهُ بِهَا سلِمِ َوتَتَُّبعُ َعوْرَاتِهِ حَتَّى يَفْ َ خمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :هَتْكُ اْلمُ ْ ( الْكَبِريَةُ اْلخَامِسَةُ وَاْل َ س َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بَيْنَ النَّاسِ ) أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ ابْنِ عَبَّا ٍ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { :مَنْ سَتَرَ َعوْرَةَ أَخِيهِ اْلمُسْلِمِ سَتَرَ اللَّهُ َعوْرَتَهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ ،وَمَنْ كَشَفَ َعوْرَةَ
ضحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ } . أَخِيهِ اْلمُسْلِمِ كَشَفَ اللَّهُ َعوْرَتَهُ حَتَّى يَفْ َ
وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ { :صَعِ َد رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اْلمِنْبَرَ ت رَفِيعٍ فَقَالَ :يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ َولَمْ يَ ِفضْ الْإِميَانُ إلَى قَلْبِهِ لَا تُؤْذُوا اْلمُسْ ِلمِنيَ صوْ ٍ فَنَادَى بِ َ َولَا تَتَّبِعُوا َعوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ تَتََّبعْ َعوْرَةَ أَخِيهِ اْلمُسْلِمِ تَتََّبعْ اللَّهُ َعوْ َرتَهُ ،وَمَنْ تَتَبَّعْ اللَّهُ َعوْ َرتَ ُه يُوشِكْ
ضحَهُ َوَلوْ فِي َج ْوفِ رَحْلِهِ } . َأنْ يَفْ َ َوَنظَرَ ابْنُ ُعمَرَ َيوْمًا إلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ :مَا َأ ْع َظمَك وَمَا َأ ْعظَمَ حُرْمَتِك ،وَاْل ُمؤْمِنُ َأ ْعظَمُ حُ ْرمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْك .
صحِيحِهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ { :يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ َولَمْ يَدْ ُخلْ الْإِميَانُ قَلْبَهُ لَا وَ َروَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي َ
ُتؤْذُوا اْلمُسْ ِلمِنيَ َولَا تُعَيِّرُوهُمْ َولَا َتطْلُبُوا عَثَرَاتِهِمْ } ،اْلحَدِيثَ .
َوَأبُو دَاوُد َوَأبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ { :يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ َولَمْ يَدْ ُخلْ الْإِميَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا ضحْهُ اْلمُسْ ِلمِنيَ َولَا تَتَّبِعُوا َعوْرَاتِهِمْ فَإِنَّ مَنْ تَتَبَّعْ َعوْرَاتِهِمْ تَتَبَّعْ اللَّهُ َعوْ َرتَهُ وَمَنْ تَتَبَّعْ اللَّهُ َعوْ َرتَهُ يَفْ َ
فِي بَيْتِهِ } .
َوَأبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُعَا ِويَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ َ :سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { :إنَّك إنْ اتَّبَعْت َعوْرَاتِ النَّاسِ أَفْسَدْهتمْ َأوْ كِدْت تُفْسِ ُدهُمْ } . َوَأبُو دَاوُد { :إنَّ
()35/7
الْأَمِريَ إذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَ َدهُمْ } .
وَمُسْلِمٌ َوَأبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ { :مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُ ْربَةً
اللهُ فِي الدنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُ ْربَةً مِنْ كُرَبِ َي ْومِ الْقِيَامَةِ ،وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَهُ َّ مِنْ كُرَبِ ُّ الدنْيَا وَالْآخِرَةِ َواَللَّهُ فِي َع ْونِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي َع ْونِ أَخِيهِ } . ُّ
َوَأبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ { :اْلمُسْلِمُ أَخُو اْلمُسْلِمِ لَا َيظْ ِلمُهُ َولَا يُسْ ِلمُهُ ،مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ ،وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُ ْربَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُ ْربَةً مِنْ كُرَبِ يَ ْومِ الْقِيَامَةِ ،وَمَنْ سَتَرَ مُسْ ِلمًا سَتَرَهُ اللَّهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } .
الدنْيَا إلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } . وَمُسْلِمٌ { :لَا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فِي ُّ
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ وَالصَّغِريِ { :لَا يَرَى ُمؤْمِنٌ مِنْ أَخِيهِ َعوْرَةً فَيَسْتُ ُرهَا عَلَيْهِ إلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا
اْلجَنَّةَ } . صحِيحُ الْإِسْنَادِ أَنَّ كَاِتبَ صحِيحِهِ وَاللَّفْظُ لَهُ وَاْلحَاكِمُ وَقَالَ َ َوَأبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
خمْرَ َوَأنَا دَاعٍ الشُّرَطَ ، عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ :قُلْت لِعُقْبَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " :إنَّ لَنَا جِريَانًا يَشْ َربُونَ اْل َ أَيْ َج ْمعُ شُ ْرطِيٍّ -بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فِي ِهمَا َ -وهُمْ َأ ْعوَانُ اْل ُولَاةِ وَالظَّ َلمَةِ لِيَأْخُذُوهُمْ ،فَقَالَ عُقْبَةُ :لَا
تَفْ َعلْ َو ِعظْهُمْ َوهَدِّ ْدهُمْ ،قَالَ :إنِّي نَهَيْتهمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا َوَأنَا دَاعٍ الشُّرَطَ لِيَأْخُذُوهُمْ ،قَالَ عُقْبَةُ : َوْيحَك لَا تَفْ َعلْ ،فَإِنِّي َسمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { :مَنْ سَتَرَ َعوْرَةً فَكَأََّنمَا
أَحْيَا َم ْوءُودَةً فِي قَبْ ِرهَا } .
َوَأبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ َأبِيهِ { أَنَّ مَاعِزًا َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ َأتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
()36/7
فَأَقَرَّ عِنْدَهُ أَ ْرَبعَ مَرَّاتٍ فَأَمَرَ بِرَ ْجمِهِ وَقَالَ لِهَزَّالٍ َ :لوْ سَتَرْته بَِث ْوبِك لَكَانَ خَيْرًا لَك } َونُعَيْمٌ الرَّاوِي
ُهوَ ابْنُ هَزَّالٍ ،قِيلَ لَا صُحْبَةَ لَهُ َوإَِّنمَا هِيَ لَِأبِيهِ ،وَسََببُ َق ْولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهَزَّالٍ َذلِكَ مَا
َروَاهُ َأبُو دَاوُد َوغَيْرُهُ { أَنَّ هَزَّالًا أَمَرَ مَاعِزًا َأنْ يَ ْأتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } . ضعٍ آخَرَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ عَنْ َأبِيهِ قَالَ { :كَانَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ يَتِيمًا فِي وَ ُروِيَ فِي َم ْو ِ
ِحجْرِ َأبِي فََأصَابَ جَا ِريَةً مِنْ اْلحَيِّ ،فَقَالَ لَهُ َأبِي :اْئتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبِرْهُ
ِبمَا صَنَعْت لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ لَك } . وَ َذكَرَ اْلحَدِيثَ فِي قِصَّةِ رَ ْجمِهِ وَاسْمُ الَّتِي َزنَى بِهَا مَاعِزٌ فَا ِطمَةُ ،وَقِيلَ غَيْرُ َذلِكَ َوكَاَنتْ أَمَةً لِهَزَّالٍ
.
الصحِيحِ { :مَنْ عَلِمَ مِنْ أَخِيهِ سَيِّئَةً فَسَتَ َرهَا سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ َي ْومَ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ رِجَالُ َّ
الْقِيَامَةِ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ { :مَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ َعوْرَةً فَكَأََّنمَا أَحْيَا َم ْوءُودَةً } . تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ ظَاهِرُ اْلحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَمَا بَعْدَهُ ؛ لِأَنَّ َكشْفَ الْ َعوْرَةِ وَالِافْتِضَاحَ فِي ِهمَا مِنْ اْلوَعِيدِ حمُولٌ عَلَى مَا قَرَّرْته فِي التَّرْ َجمَةِ حَتَّى لَا يُنَافِيَ َذلِكَ كَلَامَ َأصْحَابِنَا ،فَإِنَّهُمْ قَالُوا مَا لَا َيخْفَى َو ُهوَ َم ْ
:يُسَْتحَبُّ لِلزَّانِي َوكُلُّ مَنْ ارْتَ َكبَ مَعْصِيَةً اْلحَقُّ فِيهَا لِلَّهِ َتعَالَى َأنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ بَِأنْ لَا ُيظْهِ َرهَا
لُِيحَدَّ َأوْ لِيُعَزَّرَ .
ِلخَبَرِ اْلحَاكِمِ وَالْبَيْهَقِيِّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ { :مَنْ َأتَى شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ تَعَالَى } ،فَإِنَّ مَنْ َأبْدَى لَنَا صَ ْفحَتَهُ أَقَمْنَا عَلَيْهِ اْلحَدَّ ِبخِلَافِ مَنْ قََتلَ َأوْ قَ َذفَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لِيَسَْتوْفِيَ
التحَدُّثِ بِاْلمَعْصِيَةِ ِمنْهُ ِلمَا فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّ مِنْ التَّضْيِيقِ َ ،وِبخِلَافِ َّ
()33/7
الصحِيحَةِ فِي ِه َ ،وكَذَا يُسَنُّ لِلشَّاهِدِ السِّتْرُ بَِأنْ يَ ْترُكَ تَفَكُّهًا َأوْ ُمجَاهَرَةً فَإِنَّهُ حَرَامٌ َقطْعًا لِلْأَخْبَارِ َّ
الشَّهَادَةَ بِهَا إ ْن رَآهُ مَصْ َلحَةً ،فَِإنْ َرأَى اْلمَصْ َلحَةَ فِي الشَّهَادَةِ بِهَا شَهِدَ ،فَِإنْ لَمْ يَرَ مَصْلَحَةً فِي ضعٍ آخَرَ عَ َدمَ نَدْبِ تَرْكِ شَ ْيءٍ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَشْهَدُ َ ،وعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ ُح ِملَ إطْلَاقُهُمْ فِي َم ْو ِ
الشَّهَادَةِ ثُمَّ ُح ِملَ نَدْبُ تَ ْركِهَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِتَ ْركِهَا إجيَابُ حَدٍّ عَلَى الْغَيْرِ ،فَِإنْ تَعَلَّقَ بِهِ َذلِكَ كََأنْ ِالتوَقُّفِ َويَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ . ِالزنَا فَيَ ْأثَمُ الرَّاِبعُ ب َّ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ ب ِّ
صحَابُ مِنْ أَنَّ مَ ْن ا ْرتَ َكبَ مَا يُو ِجبُ اْلحَدَّ يَلْزَمُ ُه َأنْ يُقِرَّ َوأَمَّا َقوْلُ إمَامِ اْلحَرَمَيْنِ :مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الَْأ ْ ِالت ْوبَ ِة ،وَرَدَّهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ بِهِ حَتَّى َيجِدَ فِيهِ احِْتمَالًا بِنَاءً عَلَى الْ َقوْلِ الضَّعِيفِ :إنَّ اْلحَدَّ لَا يَسْقُطُ ب َّ
ِالت ْوبَةِ عَلَى َذلِكَ الْ َقوْلِ الضَّعِيفِ فِي الظَّاهِرِ َ ،وأَمَّا الصوَابَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ َذلِكَ َوإَِّنمَا لَا يَسْقُطُ اْلحَدُّ ب َّ َّ
َالت ْوبَةُ تُسْقِطُ اْلمَعْصِيَةَ . فِي الْبَاطِنِ ف َّ ا هـ
()33/7
خمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :إظْهَارُ زِيِّ الصَّاِلحِنيَ فِي اْلمَلَأِ وَانْتِهَاكُ اْل َمحَا ِرمِ َوَلوْ ( الْكَبِريَةُ السَّادِسَةُ وَاْل َ
صَغَائِرَ فِي اْلخَ ْلوَةِ ) أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَ ٍد ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ عَنْ َث ْوبَانَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { :لََأعْ َلمَنَّ أَ ْقوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَ ْأتُونَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ بَِأ ْعمَالٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ
بَيْضَاءَ فََيجْعَلُهَا اللَّهُ هَبَاءً مَنْثُورًا .
قَالَ َث ْوبَانُ صِفْهُمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ َأوْ جَلِّهِمْ لَنَا لِئَلَّا نَكُونَ مِنْهُمْ َوَنحْنُ لَا نَعْلَمُ قَالَ :أَمَا إنَّهُمْ إ ْخوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْ َدتِكُمْ َويَأْخُذُونَ مِنْ اللَّ ْيلِ َكمَا تَأْخُذُونَ َ ،ولَكِنَّهُمْ أَ ْقوَامٌ إذَا خَ َلوْا ِب َمحَا ِرمِ اللَّهِ
انْتَهَكُوهَا } .
وَالْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ { :الطَّاِبعُ مُعَلَّقٌ بِقَاِئمَةِ عَرْشِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا ُانْتُهِكَتْ اْلحُرْمَةُ
َو ُع ِملَ بِاْلمَعَاصِي وَاجْتُرِئَ عَلَى اللَّهِ سُ ْبحَانَهُ َوتَعَالَى بَ َعثَ اللَّهُ الطَّاِبعَ فََيطَْبعُ عَلَى قَلْبِهِ فَلَا يَ ْع ِقلُ بَعْدَ
َذلِكَ شَيْئًا } . وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ { :إنَّ اللَّهَ ضَرَبَ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا عَلَى كَتِفَيْ الصِّرَاطِ -أَيْ جَانِبَيْهِ - دَارَانِ لَ ُهمَا َأْبوَابٌ مُفََّتحَةٌ عَلَى الَْأْبوَابِ سُتُورٌ وَدَاعٍ يَ ْدعُو َفوْقَهُ { َواَللَّهُ يَ ْدعُو إلَى دَارِ السَّلَامِ
َويَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } وَالَْأْبوَابُ الَّتِي عَلَى كَتِفَيْ الصِّرَاطِ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا يَ َقعُ أَحَدٌ فِي حُدُودِ اللَّهِ حَتَّى يُكْشَفَ السِّتْ ُر َ ،واَلَّذِي يَ ْدعُو مِنْ َفوْقِهِ وَاعِظُ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ } .
وَرَزِينٌ { :ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا َوعَنْ جَنْبَتَيْ الصِّرَاطِ سُورَانِ فِي ِهمَا َأْبوَابٌ مُفََّتحَةٌ ،
َوعَلَى الَْأْبوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ َوعِنْدَ َرأْسِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ اسْتَقِيمُوا عَلَى الصِّرَاطِ َولَا تَعْوَجُّوا ، وَ َف ْوقَ َذلِكَ دَاعٍ يَ ْدعُو ك َُّلمَا هَمَّ عَبْدٌ َأنْ يَفْتَحَ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الَْأْبوَابِ قَالَ َوْيحَك لَا
()33/7
تَفَْتحْهُ فَإِنَّك إنْ تَفَْتحْهُ تَ ِلجْهُ } .
ثُمَّ فَسَّرَهُ فَأَخْبَرَ أَنَّ الصِّرَاطَ ُهوَ الْإِسْلَامُ َ ،وأَنَّ الَْأْبوَابَ اْلمُفََّتحَةَ َمحَا ِرمُ اللَّهِ جَلَّ َوعَلَا ،وَأَنَّ السُّتُورَ اْلمُرْخَاةَ حُدُودُ اللَّهِ ،وَالدَّاعِي عَلَى َرأْسِ الصِّرَاطِ هُوَ الْقُرْآنُ ،وَالدَّاعِي مِنْ َفوْقِهِ ُهوَ وَاعِظُ اللَّهِ
فِي قَ ْلبِ كُلِّ ُمؤْمِنٍ . وَ َروَاهُ أَ ْحمَدُ وَالْبَزَّارُ مُخْتَصَرًا بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ ،وَالتِّرْمِذِيُّ َوَأعَلَّهُ .
وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ َوغَيْ ُر ُهمَا { :مَنْ يَأْخُذُ مِنِّي هَذِهِ الْكَ ِلمَاتِ فَيَ ْع َملُ بِهِنَّ أَوْ يُعَلِّمُ مَنْ يَ ْع َملُ بِهِنَّ ؟
فَقَالَ َأبُو هُ َريْرَةَ قُلْت َأنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخَذَ بِيَدَيَّ َوعَدَّ َخمْسًا قَالَ :اتَّقِ اْل َمحَا ِرمَ تَكُنْ َأعْبَدَ النَّاسِ ،وَارْضَ ِبمَا قَسَمَ اللَّهُ لَك تَكُنْ َأغْنَى النَّاسِ َ ،وأَحْسِنْ إلَى جَارِك تَكُنْ ُمؤْمِنًا َ ،وأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا
الضحِكِ ُتمِيتُ الْقَ ْلبَ } . الضحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ َّ ُتحِبُّ لِنَفْسِك تَكُنْ مُسْ ِلمًا َ ،ولَا تُكْثِرْ َّ
حجَ ِزكُمْ أَقُولُ إيَّاكُمْ وَجَهَنَّمَ إيَّاكُمْ وَاْلحُدُودَ إيَّاكُمْ وَجَهَنَّمَ إيَّاكُمْ وَاْلحُدُودَ وَالْبَزَّارُ َ { :أنَا آخُذُ ِب ُ حوْضِ َفمَنْ وَرَدَ أَفْ َلحَ } اْلحَدِيثَ . ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ،فَإِذَا َأنَا مِتُّ تَرَكَتْكُمْ َوَأنَا فَ َرطُكُمْ عَلَى اْل َ َرمَ اللَّهُ عَلَيْهِ } . وَالشَّ ْيخَانِ { :إنَّ اللَّهَ يَغَارُ وَغَيْرَةُ اللَّهِ َأنْ يَ ْأتِيَ اْل ُمؤْمِنُ مَا ح َّ تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ ظَاهِرُ اْلحَدِيثِ الْأَوَّلِ َولَيْسَ بِبَعِيدٍ َوِإنْ لَمْ أَرَ مَنْ َذكَرَهُ ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ َدأْبُهُ إظْهَارَ خ ْوفِ مِنْ عُنُقِهِ . اْلحَسَنِ َوإِسْرَارَ الْقَبِيحِ يَ ْعظُمُ ضَرَرُهُ َوإِ ْغوَاؤُهُ لِ ْلمُسْ ِلمِنيَ ؛ لِاْنحِلَالِ ِربْقَةِ التَّ ْقوَى وَاْل َ
()53/7
خمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :اْلمُدَاهَنَةُ فِي إقَامَةِ حَدٍّ مِنْ اْلحُدُودِ ) أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ ( الْكَبِريَةُ السَّابِعَةُ وَاْل َ
مَرْفُوعًا وَ َموْقُوفًا عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :
َلحَدٌّ يُقَامُ فِي الْأَرْضِ خَيْرٌ لَِأهْلِ الْأَرْضِ مِنْ َأنْ ُي ْمطَرُوا ثَلَاثِنيَ صَبَاحًا } وَفِي ِروَايَةٍ { :إقَامَةُ حَدٍّ فِي الْأَرْضِ خَيْرٌ لَِأهْلِهَا مِنْ َمطَرِ أَرْبَعِنيَ لَيْلَةً } . وَابْنُ مَاجَهْ { :حَدٌّ يُ ْع َملُ بِهِ فِي الْأَرْضِ خَيْرٌ لَِأ ْهلِ الْأَرْضِ مِنْ َأنْ ُي ْمطَرُوا أَ ْربَعِنيَ صَبَاحًا } .
صحِيحِهِ { :إقَامَةُ حَدٍّ بِأَرْضٍ خَيْرٌ لَِأهْلِهَا مِنْ َمطَرِ أَ ْربَعِنيَ صَبَاحًا } . َوأَ ْحمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
وَابْنُ مَاجَهْ { :إقَامَةُ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ َمطَرِ أَ ْربَ ِعنيَ لَيْلَةً فِي بِلَادِ اللَّهِ } .
ضلُ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّنيَ سَنَةً ،وَحَدٌّ يُقَامُ فِي الْأَرْضِ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ َ { :ي ْومٌ مِنْ إمَامٍ عَادِلٍ أَفْ َ
ِبحَقِّهِ أَ ْزكَى فِيهَا مِنْ َمطَرِ أَ ْربَعِنيَ عَامًا } . اللهِ َلوْمَةُ وَابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ { :أَقِيمُوا حُدُودَ اللَّهِ فِي الْ َقرِيبِ وَالْبَعِيدِ َولَا تَأْخُ ُذكُمْ فِي َّ
لَائِمٍ } .
وَالشَّ ْيخَانِ وَالْأَ ْربَعَةُ { :إنَّ قُرَيْشًا َأهَمَّهُمْ شَ ْأنُ اْل َمخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَ َقتْ ،فَقَالُوا مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالُوا وَمَنْ َيجْتَرِئُ عَلَيْهِ إلَّا أُسَامَةُ بْ ُن َزيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّ َم ،فَك ََّلمَهُ أُسَامَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :يَا أُسَامَةُ َأتَشْ َفعُ فِي حَدٍّ
خ َطبَ فَقَالَ َّ :إنمَا َأهْلَكَ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إذَا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى ؟ ثُمَّ قَامَ َف َ
َد َ ،وَأيْمُ اللَّهِ َلوْ أَنَّ فَا ِطمَةَ سَ َرقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَ َركُوهُ َ ،وإِذَا سَ َرقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ اْلح َّ
بِ ْنتَ ُمحَمَّدٍ سَرَ َقتْ لَ َقطَ ْعتُ يَ َدهَا } . وَالُْبخَارِيُّ َوغَيْرُهُ { :مَثَلُ
()53/7
الْقَائِمِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالرَّاِتعِ فِيهَا َكمََثلِ َق ْومٍ اسْتَ َهمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فََأصَابَ بَعْضُهُمْ َأعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ
أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِي فِي أَسْفَلِهَا إذَا اسْتَ َقوْا مِنْ اْلمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ َفوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي
نَصِيبِنَا خَرْقًا َولَمْ ُنؤْذِ مَنْ َفوْقَنَا ،فَِإنْ تَ َركُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا َجمِيعًا َ ،وِإنْ أَخَذُوا عَلَى َأيْدِيهِمْ جوْا وَسَ ِلمُوا َجمِيعًا } . َن َ
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ ظَاهِرُ اْلحَدِيثِ الْأَخِريِ وَمَا قَبْلَهُ َو ُهوَ ظَاهِرٌ َوِإنْ لَمْ أَرَ مَنْ َذكَرَهُ َ ،وإِذَا سَبَقَ فِي الشَّفَاعَةِ فِي اْلحَدِّ مَا مَرَّ فَكَيْفَ بِاْلحَاكِمِ إذَا تَ َركَهُ مُدَاهَنَةً َأوْ تَسَاهُلًا .
()52/7
الزنَا َأعَا َذنَا اللَّهُ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ ِبمَنِّهِ َوكَرَمِهِ ) قَالَ خمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ ِّ : ( الْكَبِريَةُ الثَّامِنَةُ وَاْل َ
الزنَا إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا } . تَعَالَى َ { :ولَا تَقْ َربُوا ِّ
وَقَالَ تَعَالَى َ { :واَللَّاتِي يَ ْأتِنيَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَ ْربَعَةً مِنْكُمْ فَِإنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يََتوَفَّاهُنَّ اْل َموْتُ َأوْ َيجْ َعلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا َواَللَّذَانِ يَ ْأتِيَانِهَا مِنْكُمْ
فَآذُو ُهمَا فَِإنْ تَابَا َوَأصْ َلحَا فََأعْ ِرضُوا عَنْ ُهمَا إنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا } .
وَقَالَ تَعَالَى َ { :ولَا تَنْ ِكحُوا مَا نَ َكحَ آبَا ُؤكُمْ مِنْ النِّسَاءِ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ َالزنَا فِي الْآيَةِ سَبِيلًا } َ ،وصَفَ تَعَالَى النِّكَاحَ الَّذِي ُه َو ِزنًا فِي الْآيَةِ الْأَخِريَةِ بَِأ ْوصَافٍ ثَلَاثَةٍ ،و ِّ
َن َزوْجَةَ الْأَبِ تُشْبِهُ الْأُمَّ فَكَاَنتْ مُبَاشَ َرُتهَا مِنْ الْأُولَى ِب َوصْفَيْنِ فَقَطْ ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ أَ ْفحَشُ َوأَقَْبحُ ؛ لِأ َّ أَ ْفحَشِ الْ َفوَاحِشِ ،لِأَنَّ نِكَاحَ الْأُمَّهَاتِ مِنْ أَقْبَحِ الْأَشْيَاءِ حَتَّى عِنْدَ اْلجَاهِلِيَّةِ اْلجُهَلَاءِ .
فَالْفَاحِشَةُ أَقَْبحُ اْلمَعَاصِي ،وَاْلمَ ْقتُ بُ ْغضٌ مَقْرُونٌ بِاسِْتحْقَارٍ فَ ُهوَ أَخَصُّ مِنْ الْفَاحِشَةِ َو ُهوَ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي حَقِّ الْعَبْدِ يَدُلُّ عَلَى غَايَةِ اْلخِزْيِ وَاْلخَسَارِ َ ،وإَِّنمَا قِيلَ فِيهِ َذلِكَ َمعَ َقوْله تَعَالَى { :
وَسَاءَ سَبِيلًا } لِأَنَّ َذلِكَ قَ ْبلَ النَّهْيِ عَنْهُ كَانَ مُنْكَرًا فِي قُلُوبِهِمْ َممْقُوتًا عِنْ َدهُمْ َ ،وكَانُوا يَقُولُونَ ِل َولَدِ الرَّ ُجلِ مِنْ امْ َرأَةِ َأبِيهِ مَقِيتٌ َ ،وكَانَ فِي الْعَرَبِ قَبَاِئلُ اعْتَادَتْ َأنْ َيخْلُفَ الرَّ ُجلُ عَلَى امْرَأَةِ َأبِيهِ
َوكَاَنتْ هَذِهِ السِّريَةُ فِي الَْأنْصَارِ لَازِمَةً وَفِي قُ َريْشٍ مُبَاحَةً َمعَ التَّرَاضِي . وَاعْلَمْ أَنَّ مَرَاِتبَ الْقُ ْبحِ ثَلَاثَةٌ :عَقْلِيٌّ وَشَ ْرعِيٌّ َوعَادِيٌّ ؛ { فَاحِشَةً } إشَارَةٌ لِلْأَوَّ ِل { ،وَمَقْتًا }
إشَارَةٌ لِلثَّانِي { ،وَسَاءَ سَبِيلًا } إشَارَةٌ
()57/7
لِلثَّاِلثِ ،وَمَنْ اجَْتمَ َعتْ فِيهِ هَذِهِ اْلوُجُوهُ فَقَدْ بَ َلغَ الْغَايَةَ فِي الْقُ ْبحِ .
وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي " إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ " قِيلَ مُنْ َق ِطعٌ إذْ اْلمَاضِي لَا ُيجَا ِمعُ الِاسْتِقْبَالَ :أَيْ لَكِنْ مَا سَلَفَ الزنَا ؛ الصحِيحُ َوبِالِاسْتِثْنَاءِ مَا كَانَ بَعْضُهُمْ يَتَعَاطَاهُ مِنْ ِّ فَلَا إثْمَ فِيهِ ،وَقِيلَ اْلمُرَادُ بِالنِّكَاحِ الْعَقْدُ َّ
فَاْلمَعْنَى َولَا تَعْقِدُوا عَلَى مَنْ عَقَدَ عَلَيْهِ آبَا ُؤكُمْ فِي اْلجَاهِلَِّيةِ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ مِنْ ِزنَاهُمْ فَإِنَّهُ لَا َيحْ ُرمُ
عَلَيْكُمْ مَنْ َزَنوْا بِهِنَّ .
طءِ :أَيْ لَا َتطَئُوا مَا َوطِئَ آبَا ُؤكُمْ َوطْئًا مُبَاحًا بِالتَّ ْروِيجِ إلَّا مَنْ ح ْملِ النِّكَاحِ عَلَى اْلوَ ْ صلٌ ِب َ وَقِيلَ مُتَّ ِ طءَ ِزنًا فِي اْلجَاهِلِيَّةِ . كَانَ َو ْط ُؤهَا فِيمَا مَضَى وَ ْ
َدمَ مِنْكُمْ وَقِيلَ ( مَا ) مَصْدَرِيَّةٌ ؛ وَاْلمَعْنَى َولَا تَنْ ِكحُوا مِثْلَ نِكَاحِ آبَائِكُمْ فِي اْلجَاهِلِيَّةِ إلَّا مَا قَدْ تَق َّ مِنْ تِلْكَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ َفمُبَاحٌ لَكُمْ الْإِقَامَةُ عَلَيْهَا فِي الْإِسْلَامِ إذَا كَاَنتْ مِمَّا يُقَرُّ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ . صلٌ َ ،وأَنَّ اْلمَعْنَى َولَا تَنْ ِكحُوا مَا نَ َكحَ آبَا ُؤكُمْ إلَّا اللَّاتِي مَضَيْنَ صلُ كَلَامِ الزَّمَخْشَرِيِّ أَنَّهُ مُتَّ ِ وَحَا ِ وَفَنِنيَ َو َك ْونُ هَذَا ُمحَالًا لَا َيمَْنعُ صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ َولَا ُيخْرِجُهُ عَنْ الِاتِّصَالِ .
وَقِيلَ إلَّا ِبمَعْنَى بَعْدَ َنحْوُ { إلَّا اْل َم ْوتَةَ الْأُولَى } وَقِيلَ { إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ التَّحْ ِرميِ فَإِنَّهُ َرهُمْ عَلَيْهِنَّ مُدَّةً ثُمَّ أَمَ َرهُمْ ِبمُفَارَقَتِهِنَّ لِيَكُونَ إخْرَا ُجهُمْ عَنْ مُقَرَّرٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَق َّ
الْعَادَةِ الرَّدِيئَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّدْرِيجِ . وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ أَحَدًا عَلَى نِكَاحِ امْ َرأَةِ َأبِيهِ ُمطْلَقًا ؛ َبلْ قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ { :مَرَّ بِي خَالِي َأبُو
بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ وَمَعَهُ ِلوَاءٌ ،قُلْت َأيْنَ تَ ْذ َهبُ ؟ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى رَ ُجلٍ تَزَوَّجَ بِامْ َرأَةِ َأبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ آتِيهِ
()53/7
بِ َرأْسِهِ وَآخُذُ مَالَهُ } ،وَفِي الرَّدِّ بِ َذلِكَ َنظَرٌ لِأَنَّهُ َيحَْت ِملُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ الْأَمْرِ ِبمُفَارَقَتِهِنَّ فَلَا َدلِيلَ ُدعَى . فِيهِ عَلَى نَفْيِ َذلِكَ اْلم َّ
َرهُمْ مُدَّةً َوأَحْسَنُ مَا يُرَدُّ بِهِ عَلَى قَائِلِ ذَلِكَ أَنَّهُ ُيطَاَلبُ بِِإثْبَاتِ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَق َّ
ثُمَّ أَمَ َرهُمْ ِبمُفَارَقَتِهِنَّ .
وَ " كَانَ فِي " إنَّهُ كَانَ " لَا تَدُلُّ هُنَا عَلَى اْلمَاضِي فَقَطْ لِأَنَّهَا ِبمَعْنَى لَمْ يَزَلْ فِي عِ ْلمِهِ وَحُ ْكمِهِ ادعَاءِ ِزيَا َدتِهَا َفمُرَادُهُ بِ ِزيَا َدتِهَا َم ْوصُوفًا بِهَذَا اْل َوصْفِ ،قِيلَ َوهَذَا اْلمَعْنَى ُهوَ الَّذِي َأْلجَأَ اْلمُبَرِّدَ إلَى ِّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى اْلمَاضِي فَقَطْ َوإِلَّا فَشَرْطُ الزَّائِدَةِ مِنْ عَ َدمِ ِذكْرِ اْلخَبَرِ غَيْرُ َموْجُودٍ هُنَا .
َووَجْهُ انِْتظَامِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ ِبمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ فِي الْآيَاتِ اْلمُتَقَدِّمَةِ بِالْإِحْسَانِ إلَى النِّسَاءِ أَمَرَ
فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِالتَّغْلِيظِ عَلَيْهِنَّ فِيمَا يَ ْأتِينَهُ مِنْ الْفَاحِشَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ إحْسَانٌ إلَيْهِنَّ فِي الْحَقِيقَةِ َ ،وَأيْضًا
فَ ُهوَ تَعَالَى َكمَا يَسَْتوْفِي ِلخَلْقِهِ يَسَْتوْفِي عَلَيْهِنَّ إذْ لَيْسَ فِي أَحْكَامِهِ تَعَالَى ُمحَابَاةٌ َ ،وَأيْضًا فَلِئَلَّا
ِن فِي ُيجْ َعلَ أَمْرُ اللَّهِ بِالْإِحْسَانِ إلَيْهِنَّ سَبَبًا لِتَرْكِ إقَامَةِ اْلحُدُودِ عَلَيْهِنَّ فَيَكُونُ َذلِكَ سَبَبًا ِلوُقُوعِه َّ
َأْنوَاعِ اْلمَفَاسِدِ .
الزنَا كَذَا قِي َل َ ،ويُنَافِيهِ مَا يَ ْأتِي عَنْ َأبِي مُسْلِمٍ إلَّا َأنْ يُقَالَ لَا َوأَ ْجمَعُوا عَلَى أَنَّ اْلمُرَادَ بِالْفَاحِشَةِ هُنَا ِّ يُعْتَدُّ ِبخِلَافِ ِه َ ،وُأطْلِقَتْ عَلَيْهِ لِ ِزيَا َدتِهِ فِي الْقُ ْبحِ عَلَى كَثِريٍ مِنْ الْقَبَاِئحِ . لَا يُقَالُ الْكُفْرُ أَقَْبحُ مِنْهُ َوكَذَا الْقَ ْتلُ َولَا يُسَمَّى أَحَ ُد ُهمَا فَاحِشَةً .
سمِيَتُ ُهمَا بِ َذلِكَ . الصوَابُ َأنْ يُقَالَ َولَمْ تَرِدْ تَ ْ سمِيَةِ كُلٌّ مِنْهَا فَاحِشَةً َوإَِّنمَا َّ لِأَنَّا نَقُولُ َممْنُوعٌ عَ َدمُ تَ ْ وَ َجوَابُهُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْكُفْرَ لَا يَسْتَقِْبحُهُ الْكَافِرُ مِنْ نَفْسِهِ
()55/7
الزنَا فَكُلُّ فَا ِعلٍ صوَابًا وَكَ َذلِكَ الْقَ ْتلُ َويَفَْتخِرُ بِهِ الْقَاِتلُ َويَعُدُّهُ َشجَاعَةً َ ،وأَمَّا ِّ َولَا يَعْتَقِدُهُ قَبِيحًا َبلْ َ
لَهُ يَعْتَقِدُهُ فُحْشًا وَقَبِيحًا َوعَارًا إلَى الْغَايَةِ .
َوَأيْضًا فَالْ ُقوَى اْلمُدَبِّرَةُ لِ ُقوَى الِْإنْسَانِ ثَلَاثَةٌ نَاطِقَةٌ َوغَضَبِيَّةٌ وَشَ ْهوَانِيَّةٌ ،فَفَسَادُ الْأُولَى بِالْكُفْرِ وَالْبِ َدعِ
حوِهِ َ ،وأَخَسُّ هَذِهِ الْ ُقوَى الثَّلَاثَةِ الشَّ ْهوَانِيَّةُ فَلَا جَ َرمَ كَانَ فَسَا ُدهَا أَخَسَّ ح ِوهَا ،وَالثَّانِيَةُ بِالْقَتْلِ َوَن ْ َوَن ْ َأْنوَاعِ الْفَسَادِ ،فَلِهَذَا السََّببِ خُصَّ هَذَا الْفِ ْعلُ بِاسْمِ الْفَا ِحشَةِ .
ُدعِي الزنَا أَ ْربَعَةً دُونَ غَيْرِهِ تَغْلِيظًا عَلَى اْلم َّ " وَمِنْكُمْ " أَيْ اْلمُسْ ِلمِنيَ َوإِنَّمَا جَ َعلَ تَعَالَى الشَّهَادَةَ عَلَى ِّ التوْرَاةِ وَالِْإْنجِيلِ َأيْضًا كَ َذلِكَ . وَسِتْرًا عَلَى الْعِبَادِ َ ،وهَذَا اْلحُكْمُ ثَاِبتٌ فِي َّ
أَخْرَجَ َأبُو دَاوُد َوغَيْرُهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّ ِه َرضِيَ اللَّهُ عَ ْن ُهمَا قَالَ { :جَاءَتْ الْيَهُودُ بِرَ ُجلٍ وَامْ َرأَةٍ مِنْهُمْ زَنَيَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ائْتُونِي بَِأعْلَمِ رَ ُجلٍ
التوْرَاةِ إذَا شَهِدَ التوْرَاةِ ؟ قَالَا َنجِدُ فِي َّ مِنْكُمْ فََأَتوْهُ بِاثْنَيْنِ فَنَشَ َد ُهمَا كَيْفَ َتجِدَانِ أَمْرَ هَ َذيْنِ فِي َّ أَ ْربَعَةٌ أَنَّهُمْ َرَأوْا َذكَرَهُ فِي فَرْجِهَا مِ ْثلَ اْلمِيلِ فِي اْلمُ ْكحُلَةِ ُر ِجمَا ،قَالَ َفمَا َيمْنَعُكُمْ َأنْ تَرْ ُجمُو ُهمَا ؟ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّهُودِ فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ قَالَ َذ َهبَ سُ ْلطَانُنَا فَكَ ِرهْنَا الْقَ ْتلَ فَ َدعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى َّ َرَأوْا َذكَرَهُ فِي فَرْجِهَا مِ ْثلَ اْلمِيلِ فِي اْلمُ ْكحُلَةِ ،فَأَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَ ْجمِ ِهمَا } . الزنَا أَ ْربَعَةً لِيَكُونَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّانِيَيْنِ شَاهِدَانِ كَسَائِرِ وَقَالَ َق ْومٌ َّ :إنمَا كَانَ الشُّهُودُ فِي ِّ اْلحُقُوقِ إذْ ُهوَ حَقٌّ ُيؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ مِنْ ُهمَا .
ق. وَرُدَّ بِأَنَّ الَْيمِنيَ لَا مَدْخَلَ لَهَا هُنَا فَلَيْسَ ُهوَ كَسَائِرِ اْلحُقُو ِ قَالَ ُجمْهُورُ
()56/7
الزنَا . اْلمُفَسِّرِينَ :وَاْلمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ اْلمَ ْرأَةَ إذَا نُسَِبتْ إلَى ِّ
فَِإنْ شَهِدَ عَلَيْهَا أَ ْربَعَ ُة رِجَالٍ أَحْرَارٍ عُدُولٍ أَنَّهَا َزنَتْ أُمْسِ َكتْ فِي بَ ْيتٍ مَحْبُوسَةً إلَى َأنْ َتمُوتَ َ ،أوْ
َيجْ َعلَ اللَّهُ لَهَا سَبِيلًا .
السحَاقُ وَحَدُّ فَاعِلَتِهِ اْلحَبْسُ إلَى اْل َموْتِ . وَقَالَ َأبُو مُسْلِمٍ :اْلمُرَادُ مِنْ الْفَاحِشَةِ هُنَا ِّ
َد ُهمَا الْأَذَى بِالْ َقوْلِ وَالْفِ ْعلِ . اللوَاطِ وَح ُّ وَمِنْ َقوْله تَعَالَى َ { :واَللَّذَانِ يَ ْأتِيَانِهَا مِنْكُمْ } َأ ْهلُ ِّ
الزنَا بَيْنَ الرَّ ُجلِ وَاْلمَ ْرأَةِ وَحَدُّهُ فِي الْبِكْرِ اْلجَلْدُ ،وَفِي اْل ُمحْصَنِ الرَّجْمُ . وَاْلمُرَادُ بِآيَةِ النُّورِ ِّ
وَاحْتَجَّ لِ َذلِكَ بِأَنَّ اللَّاتِي لِلنِّسَاءِ َواَللَّذَانِ لِ ْلمُذَكَّ َريْنِ . سخَ فِي شَ ْيءٍ مِنْ ك َ ،وبِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا نَ ْ َولَا يُقَالُ غ ََّلبَ اْلمُذَكَّرَ ؛ لِأَنَّ إفْرَادَ النِّسَاءِ مِنْ قَ ْبلُ يَرُدُّ َذلِ َ
صلِ َ ،وبِأَنَّهُ يَلْ َزمُ عَلَى خِلَافِهِ سخُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَالنَّسْخُ خِلَافُ الَْأ ْ الْآيَاتِ َ ،وعَلَى خِلَافِهِ يَلْزَمُ النَّ ْ الزنَا َرتَيْنِ َوأَنَّهُ قَبِيحٌ َ ،وبِأَنَّ الْقَائِلِنيَ بِأَنَّ هَذِهِ فِي ِّ َأيْضًا تَكْرِيرُ الشَّ ْيءِ اْلوَاحِدِ فِي اْل َمحَلِّ اْلوَاحِدِ م َّ فَسَّرُوا السَّبِيلَ بِاْلجَلْدِ وَالتَّغْرِيبِ وَالرَّجْمِ َ ،وهَذِهِ الْأَشْيَاءُ عَلَيْهِنَّ لَا لَهُنَّ . َوأَمَّا َنحْنُ فَنُفَسِّرُ بِتَسْهِيلِ اللَّهِ لَهَا قَضَاءَ الشَّ ْهوَةِ ِبطَرِيقِ النِّكَاحِ . قَالَ َ :ويَدُلُّ ِلمَا َذكَ ْرنَاهُ َق ْولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا أَتَى الرَّ ُجلُ الرَّ ُجلَ فَ ُهمَا زَانِيَانِ َ ،وإِذَا َأَتتْ اْلمَ ْرأَةُ اْلمَ ْرأَةَ فَ ُهمَا زَانِيَتَانِ } وَرَدُّوا عَلَيْهِ بِأَنَّ مَا قَالَهُ لَمْ يَ ُقلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ مُتَقَدِّمِي اْلمُفَسِّرِي َن َ ،وبِأَنَّهُ
الزنَا . جَاءَ فِي حَدِيثٍ تَفْسِريُ السَّبِيلِ بِرَجْمِ الثَِّّيبِ وَجَلْدِ الْبِكْرِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ فِي حَقِّ ِّ اللوَاطِ َولَمْ يََتمَسَّكْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ ،فَعَ َدمُ َتمَسُّكِهِمْ بِهَا َمعَ الصحَابَةَ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ ِّ َوبِأَنَّ َّ
شِدَّةِ احْتِيَاجِهِمْ إلَى
()53/7
اللوَاطِ . ستْ فِي ِّ الدلَاِئلِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَيْ َ نَصٍّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا اْلحُكْمَ مِنْ أَ ْقوَى َّ
َوأَجَابَ َأبُو مُسْلِمٍ بِأَنَّ ُمجَاهِدًا قَالَ بِ َذلِكَ َو ُهوَ مِنْ َأكَابِرِ مُتَقَدِّمِي اْلمُفَسِّرِينَ َوبِأَنَّهُ ثََبتَ فِي ُأصُولِ
الْفِقْهِ أَنَّ اسْتِنْبَاطَ تَ ْأوِيلٍ جَدِيدٍ فِي الْآيَةِ لَمْ يَ ْذكُرْهُ اْلمُفَسِّرُونَ جَائِزٌ َ ،وبِأَنَّ مَا َذكَرُوهُ يُفْضِي إلَى
سخِ الْقُرْآنِ ِبخَبَرِ اْلوَاحِدِ وَ ُهوَ َممْنُوعٌ َ ،وبِأَنَّ َمطْلُوبَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ َهلْ يُقَامُ اْلحَدُّ عَلَى اللُّوطِيِّ نَ ْ َولَيْسَ فِي الْآيَةِ َذلِكَ فَلَمْ يَرْجِعُوا إلَيْهَا .
َويُرَدُّ بِأَنَّ الَّذِي يَ ْأتِي عَنْ ُمجَاهِدٍ خِلَافُ ذَلِكَ َوبِأَنَّهُ لَا َمحْذُورَ فِي نَسْخِ الْقُرْآنِ ِبخَبَرِ اْلوَاحِدِ ؛ لِأَنَّ سخَ فِي ذَلِكَ ، التحْقِيقَ أَنَّهُ لَا نَ ْ الدلَالَةِ َوهِيَ ظَنِّيَّةٌ فِي ِهمَا ،عَلَى أَنَّهُ سَيَ ْأتِي أَنَّ َّ سخَ َّإنمَا ُهوَ فِي َّ النَّ ْ
وَ َز ْعمُهُ أَنَّ تَفْسِريَ السَّبِيلِ بِاْلجَلْدِ َأوْ الرَّجْمِ عَلَيْهَا لَا لَهَا مَرْدُودٌ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَّرَ
السَّبِيلَ بِ َذلِكَ َكمَا مَرَّ ،فَقَالَ { :خُذُوا عَنِّي قَدْ جَ َعلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ،الثَِّّيبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ حجَارَةِ وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ َوتَغْرِيبُ عَامٍ } . وَرَجْمٌ بِاْل ِ
َوبَعْدَ َأنْ فَسَّرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّبِيلَ بِ َذلِكَ َيجِبُ قَبُولُهُ عَلَى أَنَّ وَجْهَهُ ظَاهِرٌ لُغَةً أَيْضًا لِأَنَّ
اْل َمخْ َلصَ مِنْ الشَّ ْيءِ سَبِيلٌ لَهُ َسوَاءٌ كَانَ أَخَفَّ َأمْ َأثْ َقلَ .
الزوْجَاتُ وَقِيلَ الثَّيِّبَاتُ . وَاْلمُرَادُ بِنِسَائِكُمْ فِيهَا َّ
الزنَا عِنْدَ اْلخُرُوجِ وَالْبُرُوزِ . َولًا أَنَّ اْلمَ ْرأَةَ َّإنمَا تَ َقعُ فِي ِّ وَحِ ْكمَةُ إجيَابِ اْلحَبْسِ أ َّ فَإِذَا حُبِسَتْ فِي الْبَيْتِ .
الزنَا . لَمْ تَقْدِرْ عَلَى ِّ
قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّا ِمتِ وَاْلحَسَنُ وَ ُمجَاهِدٌ :كَانَ هَذَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ حَتَّى نُسِخَ بِالْأَذَى الَّذِي
بَعْدَهُ ثُمَّ نُسِخَ َذلِكَ بِالرَّجْمِ فِي الثَِّّيبِ .
َولًا ثُمَّ نُسِخَ بِالْإِمْسَاكِ َولَكِنْ وَقِيلَ كَانَ الْإِيذَاءُ أ َّ
()53/7
التِّلَاوَةُ أُخِّرَتْ .
قَالَ ابْنُ فُورَكٍ َ :وهَذَا الْإِمْسَاكُ وَاْلحَبْسُ فِي الْبُيُوتِ كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ قَ ْبلَ َأنْ يَكْثُرَ الْخَنَا فَلَمَّا ُوتُهُمْ اُُّتخِذَ لَهُمْ ِسجْنٌ . كَثُرُوا وَخُشِيَ ق َّ
وَمَعْنَى { يََتوَفَّاهُنَّ اْل َموْتُ } يَأْخُ ُذهُنَّ أَوْ يََتوَفَّاهُنَّ مَلَائِكَتُ ُه ،لِ َق ْولِهِ تَعَالَى { :الَّذِينَ تََتوَفَّاهُمْ اْلمَلَائِكَةُ طَيِّبِنيَ } َوَأوْ فِي ( َأوْ َيجْ َعلَ ) إمَّا عَاطِفَةٌ فَاْلجَ ْعلُ غَايَةٌ لِإِمْسَاكِهِنَّ َأيْضًا َ ،أوْ ِبمَعْنَى إلَّا فَلَيْسَ غَايَةً . جمُعَةِ ُم رَ َجمَهَا َي ْومَ اْل ُ خمِيسِ مِائَةً ،ث َّ َرمَ اللَّهُ وَجْهَهُ :أَنَّهُ جَلَدَ سُرَاحَةَ الْ َهمْدَانِيَّةَ َي ْومَ اْل َ َوعَنْ عَلِيٍّ ك َّ وَقَالَ :جَلَ ْدهتَا بِكِتَابِ اللَّ ِه ،وَرَ َجمْتهمَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ .
َوعَامَّةُ الْعُ َلمَاءِ عَلَى أَنَّ اْلجَلْدَ يَدْ ُخلُ فِي الرَّجْمِ { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ مَاعِزًا وَاْلغَامِدِيَّةَ َولَمْ َيجْلِ ْد ُهمَا .
وَقَالَ لُِأنَيْسٍ :ا ْمضِ إلَى امْ َرأَةِ هَذَا فَِإنْ اعْتَرَ َفتْ فَارْ ُجمْهَا َولَمْ يَأْمُرْهُ بِاْلجَلْدِ } . َوعِنْدَ َأبِي حَنِيفَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :أَنَّ التَّغْرِيبَ مَنْسُوخٌ فِي حَقِّ الْبِكْرِ َ ،وَأكْثَرُ الْعُ َلمَاءِ عَلَى ثُبُوتِهِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ َوغَرَّبَ َ ،وكَذَا َأبُو بَكْرٍ َو ُع َمرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا .
وَاخْتَلَفُوا فِي اْلحَبْسِ فِي الْبَيْتِ ،فَقِيلَ كَانَ َتوَعُّدًا بِاْلحَدِّ لَا حَدًّا .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَاْلحَسَنُ :إنَّهُ حَدٌّ ،زَادَ ابْنُ َزيْدٍ َوأَنَّهُنَّ مُنِعْنَ مِنْ النِّكَاحِ حَتَّى َيمُتْنَ عُقُوبَةً لَهُنَّ حِنيَ طَلَبْنَ النِّكَاحَ مِنْ غَيْرِ وَجْهِهِ َ ،و ُهوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ حَدًّا َبلْ أَشَدُّ غَيْرَ أَنَّهُ حَدٌّ إلَى غَايَةٍ هِيَ
الْأَذَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى عَلَى اخْتِلَافِ التَّ ْأوِيلَيْنِ السَّابِقَيْنِ َ ،وكِلَا ُهمَا َممْدُودٌ إلَى غَايَةٍ هِيَ اْلجَلْدُ أَوْ
الرَّجْمُ َكمَا بَيَّنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِ َق ْولِهِ فِي اْلحَدِيثِ السَّابِقِ { :خُذُوا عَنِّي } إَلخْ . سخَ فِي الْآيَةِ عِنْدَ وَحِينَئِذٍ فَلَا نَ ْ
()53/7
اْل ُمحَقِّقِنيَ مِنْ اْلمُتَأَخِّرِينَ لِأَنَّهَا عَلَى حَدِّ { ثُمَّ َأتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّ ْيلِ } فِيهِ يَ ْرتَ ِفعُ حُكْمُ الصِّيَامِ
سخُهُ . لِانْتِهَاءِ غَايَتِهِ لَا نَ ْ
ج ْمعُ ُممْكِنٌ بَيْنَ اْلحَبْسِ وَالتَّغْرِيبِ وَاْلجَلْدِ َأوْ الرَّجْمِ ج ْمعِ َ ،وهُنَا اْل َ سخِ تَعَذُّرُ اْل َ َوَأيْضًا فَشَرْطُ النَّ ْ سخَ هُنَا َتجَوُّزٌ . َكمَا تَقَرَّرَ ،فَإِطْلَاقُ اْلمُتَقَدِّمِنيَ النَّ ْ
خصٍ وَاحِدٍ حمَلَانِ عَلَى شَ ْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ :الْأَذَى وَالتَّغْرِيبُ بَاقِيَانِ َمعَ اْلجَلْدِ لِأَنَّ ُهمَا لَا يَتَعَا َرضَانِ َبلْ ُي ْ
. َوأَمَّا اْلحَبْسُ َفمَنْسُوخٌ بِالْإِ ْجمَاعِ :أَيْ عَلَى مَا فِيهِ َكمَا عُ ِرفَ مِمَّا تَقَرَّرَ . وَاخْتَلَفُوا فِي وَجْهِ تَكْرِيرِ اللَّذَانِ إَلخْ .
فَقَالَ ُمجَاهِدٌ :الْأُولَى فِي النِّسَاءِ َوهَذِهِ فِي الرِّجَا ِل ،وَخُصَّ الْإِيذَاءُ بِهِمْ لِأَنَّ اْلمَ ْرأَةَ َّإنمَا تَ َقعُ فِي
ضطِرَارِهِ إلَى اْلخُرُوجِ ك ،وَالرَّ ُجلُ يَتَعَذَّرُ حَبْسُهُ لِا ْ الزنَا عِنْدَ اْلخُرُوجِ غَالِبًا فَِبحَبْسِهَا تَنْ َق ِطعُ مَادَّةُ َذلِ َ ِّ لِِإصْلَاحِ مَعَاشِهِ . وَقِيلَ كَانَ الْإِيذَاءُ مُشْتَ َركًا بَيْنَ ُهمَا وَاْلحَبْسُ ُمخْتَصًّا بِاْلمَ ْرأَةِ .
وَقَالَ السُّدِّيُّ :هَذِهِ فِي الْبِكْرِ مِنْ ُهمَا وَالْأُولَى فِي الثَّيِّبِ .
حوُهُ ،وَقَالَ ُمجَاهِدٌ :سَبُّو ُهمَا قَالَ َعطَاءٌ وَقَتَادَةُ :فَآذُو ُهمَا عَيِّرُو ُهمَا بِاللِّسَانِ أَمَا خِفْت اللَّهَ َوَن ْ وَاشُْتمُو ُهمَا ،وَقِيلَ قُولُوا لَ ُهمَا َفجَ ْرُتمَا وَفَسَقُْتمَا .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :آذُو ُهمَا بِالتَّعْيِريِ وَاضْ ِربُو ُهمَا بِالنِّعَالِ .
َرمَ اللَّهُ إلَّا بِاْلحَقِّ َولَا وَقَالَ تَعَالَى َ { :واَلَّذِينَ لَا يَ ْدعُونَ َمعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ َولَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي ح َّ يَ ْزنُونَ وَمَنْ يَفْ َعلْ َذلِكَ يَلْقَ َأثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َوَيخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إلَّا مَنْ تَابَ } َالزنَا ،فَقَالُوا يَا ُمحَمَّدُ مَا تَ ْدعُو إلَيْهِ حَسَنٌ سََببُ نُزُولِهَا أَنَّ نَاسًا مِنْ اْلمُشْ ِركِنيَ َأكْثَرُوا مِنْ الْقَ ْتلِ و ِّ
َلوْ ُتخْبِ ُرنَا أَنَّ ِلمَا َعمِلْنَاهُ كَفَّارَةً فَنَ َزَلتْ َونَزَلَ ُ { :قلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا
()63/7
ب َجمِيعًا } . الذنُو َ عَلَى َأنْفُسِهِمْ لَا تَقَْنطُوا مِ ْن رَ ْحمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ ُّ
الذْنبِ َأ ْعظَمُ عِنْدَ اللَّهِ ،قَالَ َأنْ َتجْ َعلَ لِلَّهِ نِدًّا َوهُوَ خَلَقَك { وَجَاءَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ َّ ي ؟ قَالَ ،قَالَ إنَّ َذلِكَ لَ َعظِيمٌ ،قَالَ ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ َأنْ تَقُْتلَ َولَدَك َمخَافَةَ َأنْ َيطْعَمَ مَعَك ،قَالَ ثُمَّ أَ ٌّ
َأنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِك } فََأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى تَصْدِيقَ َذلِكَ هَ ِذهِ الْآيَةَ . وَسَيَ ْأتِي فِي الْأَحَادِيثِ مَا ُيؤَيِّدُ َذلِكَ َوُيوَافِقُهُ .
وَ َذلِكَ إشَارَةٌ إلَى َجمِيعِ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ ِبمَعْنَى مَا ُذكِرَ فَلِذَلِكَ حَدٌّ .
وَالَْأثَامُ :الْعُقُوبَةُ ،وَقِيلَ الِْإثْمُ نَفْسُهُ ؟ أَيْ مُلَاقٍ جَزَاءَ إثْمٍ ،وَقَالَ اْلحَسَنُ ُ :هوَ اسْمٌ مِنْ أَ ْسمَاءِ جَهَنَّمَ .
وَقَالَ ُمجَاهِدٌ اسْمُ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ :وَقِيلَ بِئْرٌ فِيهَا .
َويُضَاعَفُ َوَيخْلُدُ بِالرَّ ْفعِ حَالًا َأوْ اسْتِئْنَافًا َوبِاْلجَ ْزمِ بَدَلٌ مِنْ يَلْقَ بَدَلُ اشِْتمَالٍ وَمُهَانًا مِنْ َأهَانَهُ أَذَلَّهُ َوأَذَاقَهُ الْ َهوَانَ .
وَفِيهِ أَيْ الْعَذَابِ َأوْ التَّعْذِيبِ َأوْ تَضْعِيفِهِ ،وَسَبَبُ هَذَا التَّضْعِيفِ أَنَّ اْلمُشْرِكَ ضَمَّ تِلْكَ اْلمَعَاصِيَ
إلَى شِ ْركِهِ فَعُو ِقبَ عَلَيْهِ َوعَلَيْهَا .
وَقَالَ تَعَالَى { :الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ ُهمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ َولَا تَأْخُ ْذكُمْ بِ ِهمَا َرأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إنْ كُنْتُمْ ُتؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالَْي ْومِ الْآخِرِ َولْيَشْهَدْ عَذَابَ ُهمَا طَائِفَةٌ مِنْ اْل ُمؤْمِنِنيَ } اْلجَلْدُ الضَّرْبُ اللحْ َم ،وَالرَّأْفَةُ الرَّ ْحمَةُ وَالرِّقَّةُ . َوأُوثِرَ لِيُفْهَمَ أَنَّ اْلمَقْصُودَ مِنْهُ َأنْ يُبَرِّحَ َولَا يَبْلُغَ َّ
وَسََببُ النَّهْيِ ا ْرتِكَابُ فَاعِلِهِ لِهَذِهِ الْكَبِريَةِ الْفَاحِشَةِ َبلْ هِيَ َأكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْقَ ْتلِ َكمَا يَ ْأتِي ،وَمِنْ ثَمَّ قَ َرنَهُ تَعَالَى بِالشِّرْكِ وَالْقَ ْتلِ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ .
الدنْيَا الزنَا فَإِنَّ فِيهِ سِتَّ خِصَالٍ ثَلَاثٌ فِي ُّ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :يَا مَعْشَرَ النَّاسِ اتَّقُوا ِّ
َوثَلَاثٌ
()63/7
الدنْيَا :فَيُ ْذ ِهبُ الْبَهَاءَ َويُورِثُ الْفَقْرَ َويَنْ ُقصُ الْ ُعمُرَ ؛ َوأَمَّا الَّتِي فِي الْآخِرَةِ فِي الْآخِرَةِ ،أَمَّا الَّتِي فِي ُّ سخَطُ اللَّهِ وَسُوءُ اْلحِسَابِ َوعَذَابُ النَّارِ } ،قَالَ ُمجَاهِدٌ وَ َجمَاعَةٌ مِنْ َأئِمَّةِ عَصْرِهِ { َولَا تَأْخُ ْذكُمْ فَ َ
التخْفِيفِ َوأَمَرَ بَِأنْ يُوجِعَا ضَ ْربًا ، بِ ِهمَا َرأْفَةٌ } فَتُعَطِّلُوا اْلحُدُودَ َولَا تُقِيمُوهَا ،وَقِيلَ إنَّهُ نَهَى عَنْ َّ َو ُهوَ َقوْلُ ابْنِ اْلمُسَِّيبِ وَاْلحَسَنِ ؛ وَمَعْنَى { فِي دِينِ اللَّهِ } فِي حُ ْكمِهِ .
جَلَدَ ابْنُ ُعمَرَ أَمَةً لَهُ َزَنتْ فَقَالَ لِ ْلجَلَّادِ اضْرِبْ ظَهْ َرهَا وَرِجْلَيْهَا فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ َ { :ولَا تَأْخُ ْذكُمْ بِ ِهمَا
َرأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ } فَقَالَ يَا بُنَيَّ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُ ْرنِي بِقَتْلِهَا وَقَدْ ضَ َربْت فََأوْجَعْت . وَمِنْ ثَمَّ قَالَ َأئِمَّتُنَا يَضْرِبُ هُنَا وَفِي بَقِيَّةِ اْلحُدُودِ بِسَوْطٍ مُعْتَدِلٍ لَا حَدِيدٍ َيجْرَحُ َولَا خَلَقٍ لَا ُي ْؤلِمُ وَلَا
ُيمَدُّ َولَا يُ ْربَطُ َبلْ يُتْرَكُ َوِإنْ اتَّقَى بِيَ َديْهِ َ ،ويُضْرَبُ الرَّ ُجلُ قَاِئمًا َولَا ُيجَرِّدُ إلَّا مِمَّا يَمَْنعُ وُصُولَ الَْألَمِ
َرقُ السِّيَاطُ عَلَى َأعْضَائِهِ َولَا إلَيْهِ ،وَاْلمَ ْرأَةُ جَالِسَةً َوتُ ْربَطُ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا حَتَّى لَا يَبْ ُدوَ مِنْهَا شَ ْيءٌ َ ،وتُف َّ
ضعٍ وَاحِدٍ َ ،وتَتَّقِي اْلمَهَالِكَ كَاْلوَجْهِ وَالرَّقَبَةِ وَالَْبطْنِ وَالْفَرْجِ . جمَعُهَا فِي َم ْو ِ َي ْ
الزنَا وَاخْتُلِفَ فِي الطَّائِفَةِ هُنَا :فَقِيلَ وَاحِدٌ وَقِيلَ اثْنَانِ وَقِيلَ ثَلَاَثةٌ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَ ْربَعَةٌ عَدَدُ شُهُودِ ِّ َو ُهوَ الَْأصَحُّ وَقِيلَ عَشَرَةٌ ،وَظَاهِرُ " َولْيَشْهَدْ " وُجُوبُ الْحُضُورِ َ ،ولَمْ يَ ُقلْ بِهِ الْفُقَهَاءُ َبلْ َحمَلُوهُ
عَلَى النَّدْبِ ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إعْلَانُ إقَامَةِ اْلحَدِّ ِلمَا فِيهِ مِنْ الرَّ ْدعِ ،وَدَ ْفعِ التُّ ْهمَ ِة ،وَقِيلَ اْلمُرَادُ بِالطَّائِفَةِ
الشُّهُودُ يُسَْتحَبُّ حُضُو ُرهُمْ لِيُعْلَمَ بَقَا ُؤهُمْ عَلَى الشَّهَادَةِ . الزنَا بِالْبَيِّنَةِ لَ ِزمَ الشُّهُودَ َأنْ يَبْ َدءُوا بِالرَّمْيِ ثُمَّ الْإِمَامُ وَقَالَ َأبُو حَنِيفَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :إنْ ثَبَتَ ِّ
()62/7
ثُمَّ النَّاسُ ،أَوْ بِالْإِقْرَارِ بَ َدأَ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ .
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ َوسَلَّمَ { أَمَرَ بِرَجْمِ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ َولَمْ
َيحْضُرْ } ،ثُمَّ مَا ُذكِرَ مِنْ الْجَلْدِ بَيََّنتْ السُّنَّةُ أَنَّهُ فِي غَيْرِ اْل ُمحْصَنِ َ ،وأَمَّا اْل ُمحْصَنُ َو ُهوَ اْلحُرُّ حجَارَةِ إلَى َأنْ َيمُوتَ . صحِيحٍ َوَلوْ مَرَّةً فِي ُعمُرِهِ فَحَدُّهُ الرَّجْمُ بِاْل ِ اْلمُكَلَّفُ الَّذِي َوطِئَ فِي نِكَاحٍ َ
قَالَ الْعُ َلمَاءُ :وَمَنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ حَدٍّ َولَا َت ْوبَةٍ عُذِّبَ فِي النَّارِ بِسِيَاطٍ مِنْ نَارٍ َ ،كمَا وَرَدَ أَنَّ فِي
الزنَاةَ يُعَلَّقُونَ بِفُرُوجِهِمْ فِي النَّارِ َويُضْ َربُونَ عَلَيْهَا بِسِيَاطٍ مِنْ حَدِيدٍ فَإِذَا اسْتَغَاثَ الزبُورِ مَكْتُوبًا :أَنَّ ُّ َّ
ضحَكُ َوتَفْرَحُ َوَتمْرَحُ َولَا تُرَا ِقبُ الصوْتُ َوَأْنتَ تَ ْ الزبَانِيَةُ َأيْنَ كَانَ هَذَا َّ أَحَ ُدهُمْ مِنْ الضَّرْبِ نَا َدتْهُ َّ اللَّهَ جَلَّ َوعَلَا َولَا تَسَْتحِي مِنْهُ .
وَجَاءَ فِي السُّنَّةِ تَغْلِيظٌ َعظِيمٌ فِي الزَّانِي لَا سَِّيمَا ِبحَلِيلَةِ اْلجَارِ َواَلَّتِي غَابَ عَنْهَا َزوْجُهَا . َالديَاتِ وَاْل ُمحَا ِربِنيَ ،وَمُسْلِمٌ فِي الْإِميَانِ وَأَ ْحمَدُ َالتوْحِيدِ و ِّ أَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ فِي التَّفْسِريِ وَالْأَدَبِ و َّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ َرضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ { :سََألْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ الذْنبِ َأ ْعظَمُ عِنْدَ اللَّهِ ؟ قَالَ َأنْ َتجْ َعلَ لِلَّهِ نِدًّا َو ُهوَ خَلَقَك :قُلْت إنَّ َذلِكَ لَ َعظِيمٌ ،قُلْت وَسَلَّمَ أَيُّ َّ
ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ َ :أنْ تَقُْتلَ َولَدَك َمخَافَةَ َأنْ َيطْعَمَ مَعَك ،قُلْت ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ َ :أنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِك } .
زَادَ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي ِروَايَةٍ َ { :وتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ َ { :واَلَّذِينَ لَا يَ ْدعُونَ َمعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ َولَا َرمَ اللَّهُ إلَّا بِاْلحَقِّ َولَا يَ ْزنُونَ وَمَنْ يَفْ َعلْ َذلِكَ يَلْقَ َأثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ َي ْومَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي ح َّ الْقِيَامَةِ َوَيخْلُدْ فِيهَا مُهَانًا إلَّا مَنْ تَابَ }
()67/7
الزوْجَةُ } . اْلحَلِيلَةُ بِفَ ْتحِ اْلحَاءِ اْلمُ ْهمَلَةِ َّ :
وَمُسْلِمٌ َوأَ ْحمَدُ وَالنَّسَائِيُّ { :ثَلَاثَةٌ لَا يُك َِّلمُهُمْ اللَّهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َولَا يُزَكِّيهِمْ َولَا يَ ْنظُرُ إلَيْهِمْ َولَهُمْ
خ زَانٍ ،وَمَلِكٌ كَذَّابٌ َ ،وعَاِئلٌ -أَيْ فَ ِقريٌ -مُسْتَكْبِرٌ } . عَذَابٌ َألِيمٌ :شَ ْي ٌ وَالطَّبَرَانِيُّ { :لَا يَ ْنظُرُ اللَّهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ إلَى الشَّ ْيخِ الزَّانِي َولَا إلَى الْ َعجُوزِ الزَّانِيَةِ } .
صحِيحِهِ { :أَ ْربَعَةٌ يُبْغِضُهُمْ اللَّهُ :الْبَيَّاعُ اْلحَلَّافُ ،وَالْفَقِريُ اْل ُمخْتَالُ ، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
وَالشَّ ْيخُ الزَّانِي ،وَالْإِمَامُ اْلجَائِرُ } .
وَالْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ { :ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ اْلجَنَّةَ :الشَّيْخُ الزَّانِي ،وَالْإِمَامُ الْكَذَّابُ ،وَالْعَاِئلُ اْلمَ ْزهُوُّ }. صحِيحٍ { :الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يُبْغِضُهُمْ اللَّهُ :الشَّ ْيخُ الزَّانِي ،وَالْفَقِريُ اْل ُمخْتَالُ وَالْغَنِيُّ وَفِي حَدِيثٍ َ الظَّلُومُ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ إلَّا ابْنَ لَهِيعَةَ ،وَحَدِيثُهُ حَسَ ٌن فِي اْلمُتَابَعَاتِ { :لَا يَ ْنظُرُ اللَّهُ إلَى
الْأُشَ ْيمِطِ الزَّانِي ،وَالْعَاِئلِ اْلمَ ْزهُوِّ } .
وَالْأُشَ ْيمِطُ تَصْغِريُ أَ ْشمَطَ َ :و ُهوَ مَنْ اخْتَلَطَ شَعْرُ َرأْسِهِ الْأَسْوَدُ بِالَْأبَْيضِ .
وَالشَّ ْيخَانِ َوَأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ { :لَا يَ ْزنِي الزَّانِي حِنيَ يَ ْزنِي َو ُهوَ ُمؤْمِنٌ َ ،ولَا يَسْ ِرقُ خمْرَ حِنيَ يَشْ َربُهَا َو ُهوَ ُمؤْمِنٌ } ،زَادَ النَّسَائِيُّ { : السَّا ِرقُ حِنيَ يَسْ ِرقُ َو ُهوَ ُمؤْمِنٌ َ ،ولَا يَشْرَبُ اْل َ فَإِذَا فَ َعلَ َذلِكَ فَقَدْ خَلَ َع ِربْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ فَِإنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ } .
وَالْبَزَّارُ { :لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ َو ُهوَ ُمؤْمِنٌ َ ،ولَا يَ ْزنِي الزَّانِي َو ُهوَ ُمؤْمِنٌ ،الْإِميَانُ َأكْ َرمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ َذلِكَ } .
وَالشَّ ْيخَانِ َوَأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ { :لَا َيحِلُّ َدمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ َأنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ َوأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ :الثَِّّيبُ الزَّانِي ،وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ
()63/7
،وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ اْلمُفَا ِرقُ لِ ْلجَمَاعَةِ } .
َوَأبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ { :لَا يَحِلُّ َدمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ َأنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ َوأَنَّ ُمحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إلَّا فِي إحْدَى ثَلَاثٍ ِ :زنًا بَعْدَ إحْصَانٍ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ ،وَرَجُلٍ خَرَجَ ُمحَا ِربًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّهُ يُقَْتلُ َأوْ
ض َ ،أوْ يَقُْتلُ نَفْسًا فَيُقَْتلُ بِهَا } . يُصْ َلبُ َأوْ يُنْفَى مِنْ الْأَرْ ِ لزنَا صحِيحٌ { :يَا بَغَايَا الْعَرَبِ إنَّ مِنْ أَ ْخ َوفِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ ا ِّ وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَا َديْنِ أَحَ ُد ُهمَا َ
َالتحْتِيَّةِ . وَالشَّ ْهوَةُ اْلخَفِيَّةُ } َ ،وضََبطَهُ بَ ْعضُ اْلحُفَّاظِ بِالرَّاءِ و َّ
السمَاءِ نِصْفَ اللَّ ْيلِ فَيُنَادِي مُنَادٍ هَلْ مِنْ دَاعٍ َوأَ ْحمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ { :تُفَْتحُ َأْبوَابُ َّ فَيُسَْتجَابُ لَهُ ؟ َهلْ مِنْ سَاِئلٍ فَيُ ْعطَى ؟ َهلْ مِنْ مَكْرُوبٍ فَيُفَرَّجُ عَنْهُ ؟ فَلَا يَبْقَى مُسْلِمٌ يَ ْدعُو َد ْعوَةً إلَّا اسَْتجَابَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ إلَّا زَانِيَةً تَسْعَى بِفَرْجِهَا َأوْ عَشَّارًا } .
َوأَ ْحمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ { :إنَّ اللَّهَ يَ ْدنُو مِنْ خَلْقِهِ -أَيْ بِ ُلطْفِهِ وَرَ ْحمَتِهِ -فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَسْتَغْفِرُ
إلَّا لِبَغِيٍّ بِفَرْجِهَا َأوْ عَشَّارٍ } .
الزنَاةَ تَشْتَ ِعلُ وُجُوهُهُمْ نَارًا } . وَالطَّبَرَانِيُّ { :إنَّ ُّ الزنَا يُورِثُ الْفَقْرَ } . وَالْبَيْهَقِيُّ ِّ { :
َدمَ ِبطُولِهِ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ َ { :رَأيْت اللَّيْلَ َة رَجُلَيْنِ َأتَيَانِي فَأَخْرَجَانِي إلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ وَالُْبخَارِيُّ َوتَق َّ
فَ َذكَرَ اْلحَدِيثَ إلَى َأنْ قَالَ :فَاْنطَلَقْنَا إلَى نَ ْقبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ َأعْلَاهُ ضَيِّقٌ َوأَسْفَلُهُ وَا ِسعٌ يََتوَقَّ ُد َتحْتَهُ نَارٌ
فَإِذَا ا ْرتَفَ َعتْ ا ْرتَفَعُوا حَتَّى كَادُوا َأنْ َيخْرُجُوا َوإِذَا َخمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا ،وَفِيهَا رِجَالٌ َونِسَاءٌ عُرَاةٌ }
اْلحَدِيثَ .
صوَاتٌ ،قَالَ سبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ َوَأ ْ وَفِي ِروَايَةٍ { فَاْنطَلَقْنَا إلَى مِ ْثلِ التَّنُّورِ ،قَالَ فَأَحْ َ فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِي ِه رِجَالٌ َونِسَاءٌ عُرَاةٌ َوإِذَا هُمْ يَ ْأتِيهِمْ
()65/7
ضوْا َ -أيْ صَاحُوا } اْلحَدِيثَ . ض ْو َ لَ َهبٌ مِنْ أَسْ َفلَ مِنْهُمْ فَإِذَا َأتَاهُمْ َذلِكَ اللَّهَبُ َ
َالزوَانِي } . الزنَاةُ و َّ وَفِي آخِرِهِ َ { :وأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ هُمْ فِي مِ ْثلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ ُّ صحِيحَيْ ِهمَا :قَالَ اْلمُنْذِرِيُّ َولَا عِ َّلةَ لَهُ عَنْ َأبِي أُمَامَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : وَابْنَا خُ َزْيمَةَ وَحِبَّانَ فِي َ َسمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { :بَيَْنمَا َأنَا نَائِمٌ َأتَانِي رَجُلَانِ فَأَخَذَا بِضَبْعَيَّ فََأتَيَا
بِي جَبَلًا َوعْرًا ،فَقَالَا اصْعَدْ ،فَقُلْت إنِّي لَا ُأطِيقُهُ فَقَالَا إنَّا سَنُسَهِّلُهُ لَك فَصَعِدْت حَتَّى إذَا كُنْت فِي صوَاتُ ؟ قَالُوا هَذَا ُعوَاءُ َأ ْهلِ النَّارِ ،ثُمَّ صوَاتٍ شَدِيدَةٍ ،فَقُلْت مَا هَذِهِ الَْأ ْ َسوَاءِ اْلجََبلِ فَإِذَا َأنَا بَِأ ْ
اْنطَلَقَ بِي فَإِذَا َأنَا بِ َق ْومٍ مُعَلَّقِنيَ بِعَرَاقِيبِهِمْ مُشَقَّقَةً أَشْدَاقُهُمْ تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا ،قَالَ :قُلْت مَنْ
صوْمِهِ ْم ،فَقَالَ خَاَبتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى } قَالَ سُلَيْمٌ : َه ُؤلَاءِ ؟ قِيلَ َه ُؤلَاءِ الَّذِينَ يُ ْفطِرُونَ قَ ْبلَ َتحِلَّةِ َ
مَا أَدْرِي أَ َسمِعَهُ َأبُو أُمَامَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َأمْ شَ ْيءٌ مِ ْن َرْأيِهِ { ثُمَّ اْنطَلَقَ بِي فَإِذَا َأنَا بِ َق ْومٍ أَشَدُّ شَ ْيءٍ انْتِفَاخًا َوَأنْتَنُ ِرحيًا َوأَ ْس َوأُ مَ ْنظَرًا ،فَقُلْت مَنْ َه ُؤلَاءِ ؟ فَقَالَ َه ُؤلَاءِ قَتْلَى الْكُفَّارِ ،
َن ِرحيَهُمْ اْلمَرَاحِيضُ ،قُلْت مَنْ َه ُؤلَاءِ ؟ ثُمَّ اْنطَلَقَ بِي فَإِذَا َأنَا بِ َق ْومٍ أَشَدُّ شَ ْيءٍ انْتِفَاخًا َوَأنْتَنُهُ ِرحيًا كَأ َّ
ت ،قُلْت مَا بَالُ َالزوَانِي ،ثُمَّ اْنطَلَقَ بِي فَإِذَا َأنَا بِنِسَاءٍ تَنْهَشُ ثَ ْديَهُنَّ اْلحَيَّا ُ قَالَ َه ُؤلَاءِ الزَّانُونَ و َّ َه ُؤلَاءِ ؟ قِيلَ َه ُؤلَاءِ َيمْنَعْنَ َأ ْولَا َدهُنَّ َألْبَانَهُنَّ ،ثُمَّ اْنطَلَقَ بِي فَإِذَا َأنَا بِغِ ْلمَانٍ يَلْعَبُونَ بَيْنَ نَهْ َريْ ِن ،قُلْت
مَنْ َه ُؤلَاءِ ؟ قِيلَ َه ُؤلَاءِ ذَرَارِيُّ اْل ُمؤْمِنِنيَ ثُمَّ شَ َرفَ بِي شَرَفًا فَإِذَا َأنَا بِثَلَاثَةٍ يَشْ َربُونَ مِنْ َخمْرٍ لَهُمْ ، قُلْت مَنْ َه ُؤلَاءِ ؟
()66/7
قَالَ َه ُؤلَاءِ جَعْفَرٌ وَ َزيْدٌ وَابْنُ َروَاحَةَ ثُمَّ شَ َرفَ بِي شَرَفًا آخَرَ فَإِذَا َأنَا بِنَفَرٍ ثَلَاثَةٍ ،قُلْت مَنْ َه ُؤلَاءِ ؟ قَالَ هَذَا إبْرَاهِيمُ وَمُوسَى َوعِيسَى َوهُمْ يَنَْتظِرُونَك } .
َوَأبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ { :إذَا َزنَى الرَّ ُجلُ أُخْرِجَ مِنْهُ الْإِميَانُ َوكَانَ عَلَيْهِ كَالظُّلَّةِ فَإِذَا أَقْ َلعَ رَجَعَ إلَيْهِ الْإِميَانُ } .
خمْرَ نَ َزعَ اللَّهُ مِنْهُ الْإِميَانَ َكمَا َيخْ َلعُ الِْإنْسَانُ الْ َقمِيصَ مِنْ َرأْسِهِ } وَاْلحَاكِمُ { :مَنْ َزنَى َأوْ شَرِبَ اْل َ .
وَالْبَيْهَقِيُّ { :إنَّ الْإِميَانَ سِ ْربَالٌ يُسَ ْربِلُهُ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ فَإِذَا زَنَى الْعَبْدُ نُ ِزعَ مِنْهُ سِ ْربَالُ الْإِميَانِ فَِإنْ تَابَ رُدَّ عَلَيْهِ } . وَرَزِينٌ ُ { :أتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَ ُجلٍ قَدْ شَرِبَ ،فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ َأنْ تَنْتَهُوا
ستَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَ ْفحَتَهُ نُقِمْ عَنْ حُدُودِ اللَّهِ َفمَنْ َأصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَ ْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ وَقَ َرَأ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ { :واَلَّذِينَ لَا يَ ْدعُونَ َمعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ َولَا
الزنَا َرمَ اللَّهُ إلَّا بِاْلحَقِّ َولَا يَ ْزنُونَ وَمَنْ يَفْ َعلْ َذلِكَ يَلْقَ َأثَامًا } ،وَقَالَ :قُ ِرنَ ِّ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي ح َّ َمعَ الشِّرْكِ . وَقَالَ :لَا يَ ْزنِي الزَّانِي حِنيَ يَزْنِي َو ُهوَ ُمؤْمِنٌ } .
صحِيحِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :تَعَبَّدَ عَابِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ فَعَبَدَ اللَّهَ فِي وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ صوْمَعَتِهِ فَقَالَ لَوْ نَ َزلْت صوْمَعَتِهِ سِتِّنيَ عَامًا فَأَ ْمطَرَتْ الْأَرْضُ فَاخْضَرَّتْ فَأَشْرَفَ الرَّا ِهبُ مِنْ َ َ
فَ َذكَرْت اللَّهَ فَازْدَدْت خَيْرًا ،فَنَزَلَ وَمَعَهُ َرغِيفٌ أَوْ َرغِيفَانِ فَبَيَْنمَا ُهوَ فِي الْأَرْضِ لَقِيَتْهُ امْ َرأَةٌ فَلَمْ
يَزَلْ يُك َِّلمُهَا َوتُك َِّلمُهُ حَتَّى غَشِيَهَا ثُمَّ ُأ ْغمِيَ عَلَيْهِ فَنَزَلَ الْغَدِيرَ لِيَسَْتحِمَّ َفجَاءَ سَاِئلٌ فََأوْمَأَ إلَيْهِ َأنْ الرغِيفَيْنِ ،ثُمَّ مَاتَ يَأْخُذَ َّ
()63/7
الرغِيفَانِ َمعَ الرغِيفُ َأوْ َّ ضعَ َّ الزنْيَةُ ِبحَسَنَاتِهِ ،ثُمَّ ُو ِ حتْ َّ الزنْيَةِ فَرَ َج َ َفوُ ِزَنتْ عِبَادَةُ سِتِّنيَ سَنَةً بِتِلْكَ َّ
حَسَنَاتِهِ فَرَ َجحَتْ حَسَنَاتُهُ فَغُفِرَ لَهُ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ ِروَايَةِ الصَّبَّاحِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ َأبِي أُمَيَّةَ عَنْ نَافِعٍ َم ْولَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
سكِنيٌ وَ ُروَاتُهُ إلَى الصَّبَّاحِ ثِقَاتٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ َوسَلَّمَ قَالَ { :لَا يَدْ ُخلُ اْلجَنَّةَ مِ ْ مُسْتَكْبِرٌ َولَا شَيْخٌ زَانٍ َولَا مَنَّانٌ عَلَى اللَّهِ بِ َعمَلِهِ } .
اللهُ عَلَيْهِ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ { :خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى َّ
وَسَلَّمَ َوَنحْنُ ُمجَْتمِعُونَ فَقَالَ فَ َذكَرَ اْلحَدِيثَ إلَى َأنْ قَالَ :إيَّاكُمْ َوعُقُوقَ اْلوَالِ َديْنِ فَإِنَّ رِيحَ اْلجَنَّةِ
يُوجَدُ مِنْ مَسِريَةِ َألْفِ عَامٍ َواَللَّهِ لَا َيجِ ُدهَا عَاقٌّ َولَا قَاطِعُ رَحِمٍ وَلَا شَيْخٌ زَانٍ َولَا جَارٍّ إزَارَهُ خُيَلَاءَ َّإنمَا الْكِبْ ِريَاءُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَاَلمِنيَ } .
الزنَاةِ لَيُ ْؤذِي أَ ْهلَ الس َموَاتِ السَّ ْبعَ وَالْأَ ْرضِنيَ السَّبْعَ لَيَلْعَنَّ الشَّ ْيخَ الزَّانِيَ َوإِنَّ فُرُوجَ ُّ وَالْبَزَّارُ { :إنَّ َّ النَّارِ نَتَنُ ِرحيِهَا } .
َرمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ { :إنَّ النَّاسَ يُرْ َسلُ عَلَيْهِمْ َي ْومَ الدنْيَا وَاْلخَرَاِئطِيُّ َوغَيْ ُر ُهمَا عَنْ عَلِيٍّ ك َّ وَابْنُ َأبِي ُّ
سمِعُهُمْ الْقِيَامَةِ رِيحٌ مُنْتِنَةٌ فَيَتَأَذَّى مِنْهَا كُلُّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ حَتَّى إذَا بَلَ َغتْ مِنْهُمْ كُلَّ مَبْ َلغٍ نَادَاهُمْ مُنَادٍ يُ ْ
الصوْتَ َويَقُولُ لَهُمْ َ :هلْ تَدْرُونَ هَذِهِ الرِّيحَ الَّتِي قَدْ آ َذتْكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ لَا نَدْرِي َواَللَّهِ َألَا إنَّهَا قَدْ َّ الزنَاةِ الَّذِي َن لَقُوا اللَّهَ بِ ِزنَاهُمْ َولَمْ يَتُوبُوا مِنْهُ ثُمَّ بَلَ َغتْ مِنَّا كُلَّ مَبْ َل ٍغ ،فَيُقَالُ َألَا إنَّهَا رِيحُ فُرُوجِ ُّ
خمْرِ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى يَنْصَ ِرفُ بِهِمْ َولَمْ يَ ْذكُرْ عِنْدَ الصَّ ْرفِ بِهِمْ جَنَّةً َولَا نَارًا وَسَيَأْتِي فِي شُرْبِ اْل َ خمْرِ سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ وَفِيهِ :وَمَنْ مَاتَ مُدْمِنَ اْل َ
()63/7
نَهْرِ الْ َغ ْوطَةِ ،قِيلَ وَمَا نَهْرُ الْغَ ْوطَةِ ؟ قَالَ نَهْرٌ َيجْرِي مِنْ فُرُوجِ اْلمُومِسَاتِ -يَعْنِي الزَّانِيَاتِ -
ُيؤْذِي َأ ْهلَ النَّارِ رِيحُ فُرُوجِهِمْ } .
الزنَا كَعَابِدِ َوثَنٍ } . وَاْلخَرَاِئطِيُّ َوغَيْرُهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :اْلمُقِيمُ عَلَى ِّ الزنَا أَشَدُّ َوَأ ْعظَمُ عِنْدَ خمْرِ إذَا مَاتَ لَقِيَ اللَّهَ كَعَابِدِ َوثَنٍ َ ،ولَا شَكَّ أَنَّ ِّ َوُيؤَيِّدُهُ مَا صَحَّ أَنَّ مُدْمِنَ اْل َ خمْرِ . اللَّهِ مِنْ شُرْبِ اْل َ
وَالْبَيْهَقِيُّ { :لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْت بِرِجَالٍ تُقْرَضُ جُلُو ُدهُمْ ِبمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ ،فَقُلْت مَنْ َهؤُلَاءِ يَا
صوَاتًا شَدِيدَةً ، سمِعْت فِيهِ َأ ْ جِبْرِيلُ ؟ قَالَ الَّذِينَ يَتَزَيَّنُونَ لِلزِّينَةِ ،قَالَ ثُمَّ مَرَرْت ِبجُبٍّ مُنْتِنِ الرِّيحِ فَ َ فَقُلْت مَنْ َه ُؤلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ نِسَاءٌ كُنَّ يَتَزَيَّنَّ لِلزِّينَةِ َويَفْعَلْنَ مَا لَا َيحِلُّ لَهُنَّ } .
الزنَا فََأوْشَكَ َأنْ الزنَا فَإِذَا فَشَا فِيهِمْ ِّ َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ { لَا تَزَالُ أُمَّتِي ِبخَيْرٍ مَا لَمْ يَفْشُ فِيهِمْ ِّ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعَذَابٍ } .
الزنَا } . َوَأبُو يَعْلَى { :لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَُتمَاسِكٌ أَمْ ُرهَا مَا لَمْ َي ْظهَرْ فِيهِمْ َولَدُ ِّ
الزنَا ظَهَرَ الْفَقْرُ وَاْلمَسْكَنَةُ } . وَالْبَزَّارُ { :إذَا ظَهَرَ ِّ َالربَا إلَّا أَحَلُّوا بَِأنْفُسِهِمْ عَذَابَ اللَّهِ } . الزنَا و ِّ َوَأبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ حَسَنٍ { :مَا ظَهَرَ فِي َق ْومٍ ِّ
صحِيحِهِ عَنْ َأبِي هُ َريْ َر َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّهُ َس ِمعَ رَسُولَ اللَّهِ َوَأبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِنيَ نَ َزَلتْ آيَةُ اْلمُلَاعَنَةِ :أَُّيمَا امْ َرأَةٍ أَدْخَ َلتْ عَلَى َق ْومٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ
جبَ فَلَيْسَتْ مِنْ اللَّهِ فِي شَ ْيءٍ َولَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ َ ،وأَُّيمَا رَ ُجلٍ َجحَدَ َولَدَهُ َو ُهوَ يَ ْنظُرُ إلَيْهِ احَْت َ
َولِنيَ وَالْآخِرِينَ } . ضحَهُ عَلَى ُرءُوسِ الْأ َّ اللَّهُ مِنْهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ وَفَ َ
صحَابِهِ { : َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَِأ ْ
()63/7
الزنَا ؟ قَالُوا حَرَامٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ،فَهُوَ حَرَامٌ إلَى َي ْومِ الْقِيَامَةِ ،فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ مَا تَقُولُونَ فِي ِّ
سوَةٍ َأيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ َأنْ يَ ْزنِيَ بِامْ َرأَةِ جَارِهِ } . صحَابِهِ :لََأنْ يَزْنِيَ الرَّ ُجلُ بِعَشَرَةِ نِ ْ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَِأ ْ
الدنْيَا وَاْلخَرَاِئطِيُّ َوغَيْ ُر ُهمَا { :الزَّانِي ِبحَلِيلَةِ جَارِهِ لَا يَ ْنظُرُ اللَّهُ إلَيْهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َولَا يُزَكِّيهِ وَابْنُ َأبِي ُّ
َويَقُولُ لَهُ اُدْ ُخلْ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِنيَ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ وَالْكَبِريِ { :مَنْ قَعَدَ عَلَى فِرَاشِ مُغِيبَةٍ } -أَيْ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ َأوْ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ مَنْ غَابَ عَنْهَا َزوْجُهَا { -قََّيضَ اللَّهُ لَهُ ثُعْبَانًا َي ْومَ الْقِيَامَةِ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ { :مََثلُ الَّذِي َيجْلِسُ عَلَى فِرَاشِ اْلمُغِيبَةِ مََثلُ الَّذِي يَنْهَشُهُ أَ ْسوَدُ مِنْ أَسَاوِدِ } أَيْ حَيَّاتِ َي ْومِ الْقِيَامَةِ .
وَمُسْلِمٌ { :حُرْمَةُ نِسَاءِ اْل ُمجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ َكحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ ،مَا مِ ْن رَ ُجلٍ مِنْ الْقَاعِدِينَ
َيخْلُفُ رَجُلًا مِنْ اْل ُمجَاهِدِينَ فِي َأهْلِهِ فََيخُونُهُ فِيهِمْ إلَّا وَقَفَ لَهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ فَيَأْخُذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شَاءَ حَتَّى يَ ْرضَى ثُمَّ الْتَفَتَ إلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَس ََّلمَ فَقَالَ َ :فمَا ظَنُّكُمْ ؟ } وَ َروَاهُ َأبُو دَاوُد
ُصبَ لَهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ ،فَقِيلَ هَذَا خَلَفُك فِي َأهْلِك َفخُذْ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شِئْت إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ { :إلَّا ن ِّ } وَ َروَاهُ النَّسَائِيُّ كََأبِي دَاوُد وَزَادَ َ { :أتَرَ ْونَهُ يَ َدعُ لَهُ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْئًا ؟ } .
()33/7
الصحِيحِ أَنَّهُ ِبحَلِيلَةِ اْلجَارِ مِنْ َأكْبَرِ الْكَبَائِرِ الزنَا هُوَ مَا أَ ْجمَعُوا عَلَيْهِ َبلْ مَرَّ فِي اْلحَدِيثِ َّ تَنْبِيهٌ :عَدُّ ِّ الزنَا ُمطْلَقًا َأكْبَرُ مِنْ الْقَ ْتلِ ،فَهُوَ الَّذِي يَلِي الشِّرْكَ وَالَْأصَحُّ أَنَّ الَّذِي يَلِي الشِّرْكَ ُهوَ الْقَ ْتلُ ،وَقِيلَ ِّ
اللوَاطِ ،لِأَنَّ َالزنَا َأكْبَرُ مِنْ ِّ الزنَا ِبحَلِيلَةِ اْلجَارِ ،قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ :و ِّ الزنَا ؛ َوأَ ْفحَشُ َأْنوَاعِهِ ِّ ثُمَّ ِّ الشَّ ْهوَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ مِنْ اْلجَانِبَيْنِ فَيَكْثُرُ وُقُوعُهُ َويَ ْعظُمُ الضَّرَرُ بِكَثْ َرتِهِ أَيْ َولِأَنَّهُ يَتَرََّتبُ عَلَيْهَا اخْتِلَاطُ
الَْأنْسَابِ وَقَدْ يُعَا ِرضُهُ مَا يَ ْأتِي أَنَّ حَدَّهُ َأغْلَظُ بِ َدلِيلِ َقوْلِ مَالِكٍ َوأَ ْحمَدَ وَآخَرِينَ بِرَجْمِ اللُّوطِيِّ َوَلوْ
غَيْرَ ُمحْصَنٍ ِبخِلَافِ الزَّانِي َ ،وبِ َدلِيلِ مَا يَ ْأتِي َأيْضًا أَنَّ َجمَاعَةً آخَرِينَ شَدَّدُوا فِي حَدِّ اللُّوطِيِّ مَا لَمْ
الزنَا ،وَقَدْ ُيجَابُ بِأَنَّ اْلمَفْضُولَ قَدْ يَكُونُ فِيهِ مَزِيَّةٌ وَفِيهِ مَا فِيهِ َ ،ولِلْحَلِيمِيِّ يُشَدِّدُوا بِهِ فِي حَدِّ ِّ صحَابُ عَلَى خِلَافِهِ . كَلَامٌ هُنَا مَرَّ عَنْهُ َنظَائِرُهُ َ ،و ُهوَ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ لَهُ وَالَْأ ْ
َالزنَا كَبِريَةٌ َوِإنْ كَانَ ِبحَلِيلَةِ اْلجَارِ َأوْ بِذَاتِ رَحِمٍ أَوْ بِأَجْنَبِيَّةٍ لَكِنْ فِي شَهْرِ َوعِبَارَةُ مِنْهَاجِهِ :و ِّ الزنَا الْمُو ِجبِ لِ ْلحَدِّ فَإِنَّهُ مِنْ الصَّغَائِرِ فَِإنْ كَانَ رَمَضَانَ َأوْ فِي الْبَلَدِ اْلحَرَامِ فَ ُهوَ فَاحِشَةٌ ؛ َوأَمَّا دُونَ ِّ َمعَ امْ َرأَةِ الْأَبِ َأوْ حَلِيلَةِ الِابْنِ َأوْ َمعَ أَجْنَبِيَّةٍ عَلَى سَبِيلِ الْقَهْرِ وَالِْإكْرَاهِ كَانَ كَبِريَةً انْتَ َهتْ .
الزنَا إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً } الزنَا فَاحِشَةٌ ُمطْلَقًا َكمَا أَفَادَهُ َقوْله تَعَالَى َ { :ولَا تَقْ َربُوا ِّ وَرَدَّهُ الْأَذْ َرعِيُّ بِأَنَّ ِّ
سمِيَتَهُ فَاحِشَةً عَلَى الزِّنَا ِبحَلِيلَةِ اْلجَارِ وَمَا َذكَرَهُ مَعَهُ َممْنُوعٌ ،وَ َذكَرَ بَعْضُهُمْ هُنَا أُمُورًا فَقَصْرُهُ تَ ْ
عُهْ َدتُهَا عَلَيْهِ َ ،وهِيَ عَنْ َعطَاءٍ فِي تَفْسِريِ َقوْله تَعَالَى عَنْ َجهَنَّمَ { :لَهَا سَبْعَةُ َأْبوَابٍ } أَشَدُّ تِلْكَ
الَْأْبوَابِ غَمًّا َوكَرْبًا
()33/7
ِلزنَاةِ . وَحَرًّا َوَأنْتَنُهَا ِرحيًا ل ُّ
َوعَنْ مَ ْكحُولٍ قَالَ َ :يجِدُ َأ ْهلُ النَّارِ رَاِئحَةً مُنْتِنَةً ،فَيَقُولُو َن مَا وَجَ ْدنَا َأنْتَنَ مِنْ هَذِهِ الرَّاِئحَ ِة ،فَيُقَالُ
الزنَاةِ . لَهُمْ هَذِ ِه رِيحُ فُرُوجِ ُّ
الزنَاةِ ،فَفِي الْعَشْرِ الْآيَاتِ الَّتِي وَقَالَ ابْنُ َزيْدٍ أَحَدُ َأئِمَّةِ التَّفْسِريِ :إنَّهُ لَُيؤْذِي َأ ْهلَ النَّارِ رِيحُ فُرُوجِ ُّ
جبْ ضلُ الصَّلَا ِة وَالسَّلَامِ َ :ولَا تَسْرِقْ َولَا تَ ْزنِ فَأَ ْح ُ كَتَبَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ِلمُوسَى عَلَى نَبِيِّنَا َوعَلَيْهِ أَفْ َ اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا َوعَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ ؟ خطَابُ لَِنجِيِّهِ مُوسَى صَلَّى َّ وَجْهِي عَنْك فَإِذَا كَانَ هَذَا الْ ِ
.
وَجَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :إنَّ إبْلِيسَ يَبُثُّ جُنُودَهُ فِي الْأَرْضِ َويَقُولُ لَهُمْ أَيُّكُمْ َأضَلَّ مُسْ ِلمًا ُألْبِسُهُ التَّاجَ عَلَى َرأْسِهِ فََأ ْع َظمُهُمْ فِتْنَةً أَقْ َربُهُمْ إلَيْهِ مَنْزِلَةً ،فََيجِيءُ إلَيْهِ أَحَ ُدهُمْ فَيَقُو ُل لَمْ أَزَلْ
بِفُلَانٍ حَتَّى طَلَّقَ امْ َرَأتَهُ فَيَقُولُ مَا صَنَعْت شَيْئًا َس ْوفَ يَتَزَوَّجُ غَيْ َرهَا ،ثُمَّ َيجِيءُ الْآخَرُ فَيَقُولُ لَمْ أَزَلْ بِفُلَانٍ حَتَّى َألْقَيْت بَيْنَهُ َوبَيْنَ أَخِيهِ الْعَدَاوَةَ فَيَقُولُ مَا صَنَعْت شَيْئًا َس ْوفَ يُصَاِلحُهُ ،ثُمَّ يَجِي ُء الْآخَرُ ضعُ التَّاجَ عَلَى َرأْسِهِ نَعُوذُ فَيَقُولُ لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى َزنَى فَيَقُولُ إبْلِيسُ نِعْمَ مَا فَعَلْت ،فَيُدْنِيهِ مِنْهُ َويَ َ
بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّ الشَّ ْيطَانِ وَجُنُودِهِ } .
وَجَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { :مَا مِنْ َذْنبٍ بَعْدَ الشِّرْكِ َأ ْعظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ نُطْفَةٍ
َوضَعَهَا رَ ُجلٌ فِي رَحِمٍ لَا َيحِلُّ لَهُ } .
سعُ تَارِكَ الصَّلَاةِ فَيَ ْغلِي سُمُّهَا َوعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ { :فِي جَهَنَّمَ وَادٍ فِيهِ حَيَّاتٌ كُلُّ حَيَّةٍ ُثخْ ُن َرقَبَةِ الْبَعِريِ تَلْ َ ت حمُهُ َ ،وإِنَّ فِي جَهَنَّمَ وَا ِديًا ا ْسمُهُ جُبُّ اْلحُ ْزنِ ،فِيهِ حَيَّا ٌ سمِهِ سَبْعِنيَ سَنَةً ثُمَّ يَتَهَرَّأُ َل ْ فِي جِ ْ َوعَقَارِبُ كُلُّ عَقْرَبٍ مِنْهَا بِقَدْرِ الْبَ ْغلِ لَهَا سَبْعُونَ َش ْوكَةً فِي كُلِّ َش ْوكَةٍ
()32/7
حمُهُ سمِهِ َيجِدُ مَرَارَةَ وَجَعِهَا َألْفَ سَنَةٍ ثُمَّ يَتَهَرَّأُ لَ ْ َرعُ سُمَّهَا فِي جِ ْ زَا ِويَةُ سُمٍّ تَضْرِبُ الزَّانِي َوتُف ِّ
َويَسِيلُ مِنْ فَرْجِهِ الْقَ ْيحُ وَالصَّدِيدُ } .
َووَرَدَ َأيْضًا { :إنَّ مَنْ َزنَى بِامْ َرأَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ كَانَ عَلَيْهِ َوعَلَيْهَا فِي الْقَبْرِ نِصْفُ عَذَابِ هَذِهِ اْلأُمَّةِ ، فَإِذَا كَانَ َي ْومُ الْقِيَامَةِ ُيحَكِّمُ اللَّهُ تَعَالَى َزوْجَهَا فِي حَسَنَاتِهِ ،هَذَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ عِ ْلمِهِ ،فَِإنْ عَلِمَ
َرمَ اللَّهُ عَلَيْهِ اْلجَنَّةَ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ عَلَى بَابِهَا َأْنتِ حَرَامٌ عَلَى الدَّيُّوثِ } وَ ُهوَ وَسَ َكتَ ح َّ
ضعَ يَدَهُ عَلَى امْ َرأَةٍ لَا الَّذِي يَعْلَمُ بِالْفَاحِشَةِ فِي َأهْلِهِ َويَسْ ُكتُ َولَا يَغَارُ وَوَرَدَ َأيْضًا { :إنَّهُ مَنْ َو َ
ضتْ شَفَتَاهُ فِي النَّارِ ،فَِإنْ َزنَى َتحِلُّ لَهُ بِشَ ْهوَةٍ جَاءَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولَةً يَدُهُ إلَى عُنُقِهِ فَِإنْ قَبَّلَهَا قُ ِر َ ضبِ بِهَا َنطَ َقتْ َفخِذُهُ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ وَقَاَلتْ َأنَا لِ ْلحَرَامِ َركِبْت ،فَيَ ْنظُرُ اللَّهُ إلَيْهِ بِعَيْنِ الْغَ َ فَيَ َقعُ َلحْمُ وَجْهِهِ فَيُكَابِرُ َويَقُولُ مَا فَعَلْت فَيَشْهَدُ عَلَيْهِ لِسَاُنهُ َويَقُولُ َأنَا ِبمَا لَا َيحِلُّ لِي َنطَقْت َوتَقُولُ
يَدَاهُ َأنَا لِ ْلحَرَامِ تَنَا َولْت َ ،وتَقُولُ عَيْنُهُ َأنَا لِ ْلحَرَامِ َنظَرْت َ ،وتَقُولُ رِجْلُهُ َأنَا ِلمَا لَا َيحِ ُّل لِي مَشَيْت ،
َويَقُولُ فَرْجُهُ َأنَا فَعَلْت َ ،ويَقُولُ اْلحَافِظُ مِنْ اْلمَلَائِكَةِ َوَأنَا َسمِعْت َ ،ويَقُولُ اْلمَلَكُ الْآخَرُ وََأنَا كَتَبْت َ ،ويَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى َوَأنَا اطَّلَعْت وَسَتَرْت ،ثُمَّ يَقُولُ يَا مَلَائِكَتِي خُذُوهُ وَمِنْ عَذَابِي أَذِيقُوهُ
فَقَدْ اشْتَدَّ غَضَبِي عَلَى مَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ مِنِّي } .
َوتَصْدِيقُ َذلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ َ { :ي ْومَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ َألْسِنَتُهُمْ َوَأيْدِيهِمْ َوأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا
َححَ اْلحَاكِمُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزنَا بِاْل َمحَا ِرمِ فَقَدْ ص َّ يَ ْعمَلُونَ } َوَأ ْعظَمُ الزِّنَا عَلَى الِْإطْلَاقِ ِّ قَالَ { :مَنْ وَ َقعَ عَلَى ذَاتِ َمحْ َرمٍ فَاقْتُلُوهُ } ا
()37/7
هـ . الزنَا لَهُ َثمَرَاتٌ قَبِيحَةٌ :مِنْهَا أَنَّهُ يُورِدُ النَّارَ وَالْعَذَابَ الشَّدِيدَ َ ،وأَنَّهُ َوعُلِمَ مِمَّا ُذكِرَ َوغَيْرِهِ أَنَّ ِّ
يُورِثُ الْفَقْرَ َوأَنَّهُ ُيؤْخَذُ ِبمِثْلِهِ مِنْ ذُرِّيَّةِ الزَّانِي َ ،ولَمَّا قِيلَ لِبَ ْعضِ اْلمُلُوكِ َذلِكَ أَرَادَ َتجْ ِربَتَهُ بِابْنَةٍ لَهُ جمَالِ َأنْ َزلَهَا َمعَ امْ َرأَةٍ فَقِريَةٍ َوأَمَ َرهَا َأنْ لَا َتمَْنعَ أَحَدًا أَرَادَ التَّعَرُّضَ لَهَا بِأَيِّ شَيْءٍ َوكَاَنتْ غَايَةً فِي اْل َ شَاءَ ثُمَّ أَمَ َرهَا بِكَشْفِ وَجْهِهَا َوأَنَّهَا َتطُوفُ بِهَا فِي الْأَ ْسوَاقِ فَامْتَثَلَتْ َفمَا مَرَّتْ بِهَا عَلَى أَحَدٍ إلَّا
َوَأطْ َرقَ َرأْسَهُ عَنْهَا حَيَاءً وَ َخجَلًا ،فَلَمَّا طَا َفتْ بِهَا اْلمَدِينَةَ كُلَّهَا َولَمْ َيمُدَّ أَحَدٌ َنظَرَهُ إلَيْهَا حَتَّى قَ ُرَبتْ بِهَا مِنْ دَارِ اْلمَلِكِ لِتُرِيدَ الدُّخُولَ بِهَا فَأَمْسَكَهَا إنْسَانٌ وَقَبَّلَهَا ثُمَّ َذهَبَ عَنْهَا ،فَأَدْخَلَتْهَا عَلَى اْلمَلِكِ حمْدُ لِلَّهِ مَا وَ َقعَ مِنِّي فِي ُعمْرِي قَطُّ سجَدَ لِلَّهِ شُكْرًا وَقَالَ اْل َ فَسََألَهَا عَمَّا وَ َقعَ فَ َذكَرَتْ لَهُ الْقِصَّةَ فَ َ
إلَّا قِبْلَةٌ لِامْ َرأَةٍ وَقَدْ قُوصِصْت بِهَا .
الزنَا لَهُ مَرَاِتبُ :فَهُوَ بِأَجْنَبِيَّةٍ لَا َزوْجَ لَهَا َعظِيمٌ َ ،وَأ ْعظَمُ مِنْهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ لَهَا َوعُلِمَ مِنْ َذلِكَ َأيْضًا أَنَّ ِّ َديْ ِهمَا ،وَ ِزنَا الشَّ ْيخِ َزوْجٌ َ ،وَأ ْعظَمُ مِنْهُ ِب َمحْ َرمٍ ،وَ ِزنَا الثَّيِّبِ أَقَْبحُ مِنْ الْبِكْرِ بِدَلِيلِ اخْتِلَافِ ح َّ لِ َكمَالِ عَقْلِهِ أَقَْبحُ مِنْ ِزنَا الشَّابِّ ،وَاْلحُرِّ وَالْعَالِمِ لِ َكمَالِ ِهمَا أَقَْبحُ مِنْ الْقِنِّ وَاْلجَا ِهلِ .
()33/7
خَاِتمَةٌ :فِيمَا جَاءَ فِي حِفْظِ الْفَرْجِ .
أَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ { :مِنْ السَّبْعَةِ الَّذِينَ ُيظِلُّهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ َي ْومَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ :رَجُلٌ َدعَتْهُ صبٍ وَ َجمَالٍ ،فَقَالَ إنِّي أَخَافُ اللَّهَ } . امْ َرأَةٌ ذَاتُ مَنْ ِ
َححَهُ عَنْ ابْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا ،قَالَ صحِيحِهِ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ َرتَيْنِ حَتَّى عَدَّ َ :سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ُيحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ لَمْ أَ ْسمَعْهُ إلَّا مَرَّةً َأوْ م َّ
سَ ْبعَ مَرَّاتٍ َولَكِنْ َسمِعْته َأكْثَرَ مِنْ َذلِكَ َ ،سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :يَقُولُهُ { كَانَ َرعُ مِنْ َذْنبٍ َعمِلَ ُه َ ،فَأتَتْهُ امْ َرأَةٌ فََأ ْعطَاهَا سِتِّنيَ دِينَارًا عَلَى َأنْ الْكِ ْفلُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ َوكَانَ لَا يََتو َّ
َيطََأهَا فَلَمَّا قَعَدَ مِنْهَا مَقْعَدَ الرَّ ُجلِ مِنْ امْ َرَأتِهِ ا ْرتَعَدَتْ َوبَ َكتْ ،فَقَالَ مَا يُبْكِيك ؟ َأكْ َرهْتُك ؛ قَاَلتْ لَا َولَكِنَّهُ َع َملٌ مَا َعمِلْته قَطُّ وَمَا َحمَلَنِي عَلَيْهِ إلَّا اْلحَاجَةُ ،فَقَالَ تَفْعَلِنيَ َأْنتِ هَذَا مِنْ َمخَافَةِ اللَّهِ فََأنَا أَحْرَى ،اذْهَبِي فَلَكَ مَا َأ ْعطَيْتُك َووَاللَّهِ لَا َأعْصِيهِ بَعْ َدهَا َأبَدًا َ ،فمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ فََأصَْبحَ مَكْتُوبًا عَلَى جبَ النَّاسُ مِنْ َذلِكَ } . بَابِهِ إنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لِلْكِ ْفلِ ،فَ َع ِ
الصخْرَةِ إلَّا وَالشَّ ْيخَانِ حَدِيثُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ اْنطَبَقَ عَلَيْهِمْ الْغَارُ :فَقَالُوا { :إنَّهُ لَا يُ ْنجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ َّ
َأنْ تَ ْد ُعوَا اللَّهَ بِصَاِلحِ َأ ْعمَالِكُمْ :فَقَالَ أَحَ ُدهُمْ :اللَّهُمَّ إنَّهُ كَاَنتْ لِي ابْنَةُ عَمٍّ َوكَاَنتْ أَحَبَّ النَّاسِ
َمتْ بِهَا سَنَةٌ مِنْ السِّنِنيَ -أَيْ نَزَلَ بِهَا حَاجَةٌ وَفَقْرٌ لِشِدَّةِ إلَيَّ ،فَرَاوَ ْدهتَا عَنْ نَفْسِهَا فَامْتَنَ َعتْ حَتَّى َأل َّ
الْ َقحْطِ َ -فجَا َءتْنِي ؟ فََأ ْعطَيْتهَا مِائَةً َوعِشْرِينَ دِينَارًا عَلَى َأنْ ُتخَلِّيَس بَيْنِي َوبَيْنَ نَفْسِهَا فَفَعَ َلتْ حَتَّى إذَا قَدَرْت عَلَيْهَا قَالَتْ لَا أُحِلُّ لَك َأنْ تَفُضَّ اْلخَاتَمَ -أَيْ َتطَأَ -إلَّا
()35/7
ِبحَقِّهِ -أَيْ بِالنِّكَاحِ -فََتحَرَّجْت مِنْ اْلوُقُوعِ عَلَيْهَا فَانْصَرَفْت عَنْهَا َوهِيَ أَحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ َوتَ َركْت الذ َهبَ الَّذِي َأ ْعطَيْتهَا ،اللَّهُمَّ إنْ كُنْت فَعَلْت َذلِكَ ابِْتغَاءَ وَجْهِك فَافْرِجْ عَنَّا مَا َنحْنُ فِيهِ لَهَا َّ الصخْرَةُ } اْلحَدِيثَ . فَانْفَرَ َجتْ َّ
َححَهُ عَلَى شَ ْرطِ ِهمَا وَالْبَيْهَقِيُّ { :يَا شَبَابَ قُرَيْشٍ احْ َفظُوا فُرُوجَكُمْ لَا تَ ْزنُوا َألَا مَنْ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ حَفِظَ فَرْجَهُ فَلَهُ اْلجَنَّةُ } .
وَفِي ِروَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ { :يَا فِتْيَانَ قُ َريْشٍ لَا تَ ْزنُوا فَإِنَّهُ مَنْ سَلِمَ لَهُ شَبَابُهُ دَخَلَ اْلجَنَّةَ } . صحِيحِهِ { :إذَا ص ََّلتْ اْلمَ ْرأَةُ َخمْسَهَا وَحَصََّنتْ فَرْجَهَا َوَأطَا َعتْ بَعْلَهَا دَخَ َلتْ مِنْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
أَيِّ َأْبوَابِ اْلجَنَّةِ شَاءَتْ } .
ضمِنْت لَهُ ضمَنُ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ -أَيْ لِسَانَهُ -وَمَا بَيْ َن رِجْلَيْهِ أَيْ فَرْجَهُ َ - وَالُْبخَارِيُّ { :مَنْ يَ ْ اْلجَنَّةَ } .
وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ .
{ مَنْ وَقَاهُ اللَّهُ شَرَّ مَا بَيْنَ َلحْيَيْهِ وَشَرَّ مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ دَ َخلَ اْلجَنَّةَ } . وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ { :مَنْ حَفِظَ لِي مَا بَيْنَ فَ ْقمَيْهِ -أَيْ بِسُكُونِ الْقَافِ َلحْيَيْهِ -وَ َفخِذَيْهِ دَ َخلَ
صحِيحَةٍ { :مَا بَيْنَ فَ ْقمَيْهِ وَفَرْجِهِ } . اْلجَنَّةَ } ،وَفِي ِروَايَةٍ َ
َححَهُ . صحِيحِهِ ،وَاْلحَاكِمُ َوص َّ الدنْيَا ،وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ َوأَ ْحمَدُ وَابْنُ َأبِي ُّ
َدثْتُ ْم ، ضمَنْ لَكُمْ اْلجَنَّةَ ُ :اصْدُقُوا إذَا ح َّ ضمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ َأنْفُسِكُمْ َأ ْ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ فِيهِ انْ ِقطَاعًا { :ا ْ َوَأوْفُوا إذَا َوعَ ْدتُمْ َ ،وأَدُّوا إذَا ُا ْؤُتمِنْتُمْ ،وَاحْ َفظُوا فُرُوجَكُمْ َ ،وغُضُّوا َأبْصَا َركُمْ َ ،وكُفُّوا أَيْ ِديَكُمْ } .
َوعَشِقَ بَ ْعضُ الْعَرَبِ امْ َرأَةً َوأَنْفَقَ عَلَيْهَا أَ ْموَالًا كَثِريَةً حَتَّى مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَلَمَّا جَلَسَ بَيْنَ شُعْبَتَيْهَا التوْفِيقَ فَفَكَّرَ ثُمَّ أَرَادَ الْقِيَامَ عَنْهَا ،فَقَاَلتْ لَهُ مَا شَ ْأنُك ؟ فَقَالَ إنَّ مَنْ يَبِيعُ جَنَّةً َوأَرَادَ الْفِ ْعلَ ُألْهِمَ َّ
الس َموَاتُ وَالْأَرْضُ بِقَدْرِ فِتْرٍ عَ ْرضُهَا َّ
()36/7
لَقَلِيلُ اْلخِبْرَةِ بِاْلمِسَاحَةِ ثُمَّ تَ َركَهَا وَ َذ َهبَ .
َدثَتْهُ بِفَاحِشَةٍ َوكَانَ عِنْدَهُ فَتِيلَةٌ ،فَقَالَ لِنَفْسِهِ يَا نَفْسُ إنِّي أُدْ ِخلُ َووَ َقعَ لِبَ ْعضِ الصَّاِلحِنيَ أَنَّ نَفْسَهُ ح َّ
َرهَا مَكَّنْتُك مِمَّا تُرِيدِينَ ،ثُمَّ أَدْ َخلَ ُأصْبُعَهُ فِي نَارِ الْفَتِيلَةِ ُأصْبُعِي فِي هَذِهِ الْفَتِيلَةِ فَِإنْ صَبَرْت عَلَى ح ِّ َرهَا فِي قَلْبِهِ َو ُهوَ يَتَجَلَّدُ عَلَى ذَلِكَ َستْ نَفْسُهُ أَنَّ الرُّوحَ كَادَتْ تَ ْزهَقُ مِنْهُ مِنْ شِدَّةِ ح ِّ حَتَّى أَح َّ
َويَقُولُ لِنَفْسِهِ َهلْ تَصْبِرِينَ ؟ َوإِذَا لَمْ تَصْبِرِي عَلَى هَذِهِ النَّارِ الْيَسِريَةِ الَّتِي طَفِئَتْ بِاْلمَاءِ سَبْعِنيَ مَرَّةً
الدنْيَا عَلَى مُقَابَلَتِهَا فَكَيْفَ تَصْبِرِينَ عَلَى حَرِّ نَارِ جَهَنَّمَ اْلمُتَضَاعِفَةِ حَرَا َرتُهَا عَلَى هَذِهِ حَتَّى قَدَرَ َأ ْهلُ ُّ خطِرْ لَهَا بَعْدُ . سَبْعِنيَ ضِعْفًا ؟ فَرَجَ َعتْ نَفْسُهُ عَنْ َذلِكَ اْلخَاطِرِ َولَمْ َي ْ
()33/7
اللوَاطُ َوِإتْيَانُ الْبَهِيمَةِ ، خمْسُونَ وَالسِّتُّونَ وَاْلحَا ِديَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ ِّ : ( الْكَبِريَةُ التَّاسِعَةُ وَاْل َ وَاْلمَ ْرأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ فِي ُدبُ ِرهَا ) .
َححَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّ ِه رَضِيَ ب ،وَاْلحَاكِمُ َوص َّ أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِي ٌ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ :قَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :إنَّ أَ ْخ َوفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي َع َملُ
َق ْومِ لُوطٍ } . صحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ { :مَا نَقَضَ َق ْومٌ الْعَهْدَ إلَّا كَانَ الْقَ ْتلُ بَيْنَهُمْ َ ،ولَا ظَهَرَتْ وَاْلحَاكِمُ وَقَالَ َ الزكَاةَ إلَّا حَبَسَ اللَّهُ عَنْهُمْ الْ َقطْرَ } . الْفَاحِشَةُ فِي َق ْومٍ إلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ اْل َموْتَ َ ،ولَا مََنعَ َق ْومٌ َّ
وَابْنُ مَاجَهْ { أَقَْبلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :يَا مَعْشَرَ اْلمُهَاجِرِينَ خَمْسُ
خِصَالٍ إذَا ُابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ َوَأعُوذُ بِاَللَّهِ َأنْ تُدْ ِركُوهُنَّ ،لَمْ َتظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي َق ْومٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إلَّا
ضوْا } اْلحَدِيثَ . فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالَْأوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَ َ الزنَا كَثُرَ السِّبَاءُ َ ،وإِذَا ُو َ ،وإِذَا كَثُرَ ِّ الد ْولَةُ َد ْولَةَ الْعَد ِّ وَالطَّبَرَانِيُّ { :إذَا ظُلِمَ َأ ْهلُ الذِّمَّةِ كَاَنتْ َّ
كَثُرَ اللُّوطِيَّ ُة رَ َفعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَدَهُ عَنْ الْخَلْقِ فَلَا يُبَالِي فِي أَيِّ وَادٍ هَلَكُوا } .
الصحِيحِ إلَّا ُمحْرِزًا بِالرَّاءِ وَالزَّايِ وَقَدْ حَسَّنَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ رِجَالُ َّ
َححَهُ ،وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ وَاهٍ كَأَخِيهِ لَكِنْ وَمَشَّاهُ بَعْضُهُمْ ،وَ َروَاهُ اْلحَاكِمُ مِ ْن رِوَايَةِ أَخِي ُمحْرِزٍ َوص َّ أَخُوهُ َأصْ ُلحُ حَالًا مِنْهُ .
عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :لَعَنَ اللَّهُ سَبْعَةً مِنْ خَلْقِهِ مِنْ َف ْوقِ سَ ْبعِ َس َموَاتِهِ ،وَرَدَّدَ اللَّعْنَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلَاثًا وَلَعَنَ كُلَّ وَاحِدٍ
()33/7
مِنْهُمْ لَعْنَةً تَكْفِيهِ ،قَالَ :مَلْعُونٌ مَنْ َع ِملَ َع َملَ َق ْومِ لُوطٍ ،مَلْعُونٌ مَنْ َع ِملَ َع َملَ َق ْومِ لُوطٍ ،مَلْعُونٌ مَنْ َع ِملَ َع َملَ َق ْومِ لُوطٍ ،مَلْعُونٌ مَنْ َذَبحَ لِغَيْرِ اللَّهِ ،مَلْعُونٌ مَنْ َأتَى شَيْئًا مِنْ الْبَهَائِمِ ،مَلْعُونٌ مَنْ
ُدعِيَ عَقَّ وَالِ َديْهِ ،مَلْعُونٌ مَنْ َج َمعَ بَيْنَ امْ َرأَةٍ وَابْنَتِهَا ،مَلْعُونٌ مَنْ غَيَّرَ حُدُودَ الْأَرْضِ ،مَلْعُونٌ مَنْ ا ُّ إلَى غَيْرِ َموَالِيهِ } . صحِيحِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ { :لَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ ُتخُومَ الْأَرْضِ َ ،ولَعَنَ اللَّهُ مَنْ َكمَهَ َأ ْعمَى وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
عَنْ السَّبِي ِل َ ،ولَعَنَ اللَّهُ مِنْ سَبَّ وَالِ َديْهِ َ ،ولَعَنَ اللَّهُ مَنْ َتوَلَّى غَيْرَ َموَالِيهِ َ ،ولَعَنَ اللَّهُ مَنْ َع ِملَ عَ َملَ َق ْومِ لُوطٍ قَالَهَا ثَلَاثًا فِيمَنْ َع ِملَ َع َملَ َق ْومِ لُوطٍ فَقَطْ } .
وَالنَّسَائِيُّ { :لَعَنَ اللَّهُ مَنْ َع ِملَ َع َملَ َق ْومِ لُوطٍ ،لَعَنَ اللَّهُ مَنْ َعمِلَ َع َملَ َق ْومِ لُوطٍ ،لَعَنَ اللَّهُ مَنْ َع ِملَ عَ َملَ َق ْومِ لُوطٍ } . ضبِ اللَّهِ تَعَالَى َوُيمْسُونَ فِي َسخَطِ اللَّهِ ؟ قُلْت :مَنْ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ { :أَ ْربَعَةٌ يُصِْبحُونَ فِي غَ َ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ :اْلمُتَشَبِّهُونَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَاْلمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَا ِل ،
َواَلَّذِي يَ ْأتِي الْبَهِيمَ َة َ ،واَلَّذِي يَ ْأتِي الرِّجَالَ } . صحِيحٍ لَكِنْ ُأنْكِرَ عَلَى بَ ْعضِ ُروَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ : َوَأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ َ
{ مَنْ وَجَ ْدُتمُوهُ يَ ْع َملُ َع َملَ قَ ْومِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَا ِعلَ وَاْلمَفْعُولَ بِهِ } .
َوَأبُو دَاوُد َوغَيْرُهُ بِالْإِسْنَادِ اْلمَ ْذكُورِ { :مَنْ َأتَى بَهِيمَةً فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوهَا مَعَهُ } .
َوالطَّبَرَانِيُّ { :ثَلَاثَةٌ لَا تُقَْبلُ لَهُمْ شَهَادَةُ َأنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ :الرَّا ِكبُ وَاْلمَ ْركُوبُ ،وَالرَّاكِبَةُ وَاْلمَ ْركُوبَةُ ،وَالْإِمَامُ اْلجَائِرُ } . صحِيحِهِ { :لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إلَى رَ ُجلٍ َأتَى رَجُلًا َأوْ امْ َرأَةً وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
فِي
()33/7
ُدبُ ِرهَا } .
صحِيحٍ قَالَ :هِيَ اللُّوطِيَّةُ الصُّغْرَى ،يَعْنِي الرَّ ُجلَ يَ ْأتِي امْ َرَأتَهُ فِي ُدبُرِهَا . َوأَ ْحمَدُ وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ َ
َوَأبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ { :اسَْتحْيُوا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ اْلحَقِّ َ ،ولَا تَ ْأتُوا النِّسَاءَ فِي أَ ْدبَا ِرهِنَّ } . وَابْنُ مَاجَهْ وَاللَّفْظُ لَهُ وَالنَّسَائِيُّ بِأَسَانِيدَ أَحَ ُدهَا جَيِّدٌ { :إنَّ اللَّهَ لَا يَسَْتحْيِي مِنْ اْلحَقِّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا
تَ ْأتُوا النِّسَاءَ فِي أَ ْدبَا ِرهِنَّ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ :أَنَّهُ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ َمحَاشِّ النِّسَاءِ } وَالدَّارَ ُقطْنِيُّ :
{ اسَْتحْيُوا مِنْ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَسَْتحْيِي مِنْ اْلحَقِّ لَا َيحِلُّ مَ ْأتَاك النِّسَاءَ فِي حُشُوشِهِنَّ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ { :لَعَنَ اللَّهُ الَّذِينَ يَ ْأتُونَ النِّسَاءَ فِي َمحَاشِّهِنَّ } :أَيْ َج ْمعُ ِمحَشَّةٍ بِفَ ْتحِ اْلمِيمِ َوكَسْ ِرهَا جمَةٍ َوهِيَ الدُّبُرُ . َفمُ ْهمَلَةٍ َفمُ ْع َ
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ { :مَنْ َأتَى النِّسَاءَ فِي َأ ْعجَا ِزهِنَّ فَقَدْ كَفَرَ } . وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ { :لَا يَ ْنظُرُ اللَّهُ إلَى رَ ُجلٍ جَا َمعَ امْ َرأَةً فِي ُدبُ ِرهَا } .
َوأَ ْحمَدُ { :مَلْعُونٌ مَنْ َأتَى امْ َرأَةً فِي ُدبُ ِرهَا } .
َوأَ ْحمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ { :مَنْ َأتَى حَائِضًا أَوْ امْ َرأَةً فِي ُدبُ ِرهَا َأوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ فَقَدْ كَفَرَ ِبمَا ُأنْزِلَ عَلَى ُمحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } .
َوَأبُو دَاوُد { :مَنْ َأتَى حَائِضًا َأوْ امْ َرأَةً فِي ُدبُ ِرهَا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا ُأنْزِلَ عَلَى ُمحَمَّدٍ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } . َوأَ ْحمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ { :لَا تَ ْأتُوا النِّسَاءَ فِي أَسْتَاهِهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَسَْتحْيِي مِنْ اْلحَقِّ } . صحِيحِهِ ِبمَعْنَاهُ . َروَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ُهوَ مَا أَ ْجمَعُوا عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ فَاحِشَةً وَخَبِيثَةً َكمَا يَ ْأتِي وَ َذكَرَ عُقُوبَةَ َقوْمٍ
()33/7
الزنَا عَلَى اْلمَشْهُورِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ثُبُوتُ اللُّغَةِ قِيَاسًا حتَ اسْمِ ِّ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ َ ،و ُهوَ دَا ِخلٌ َت ْ
وَفِيهِ اْلحَدُّ عِنْدَ ُجمْهُورِ الْعُ َلمَاءِ َكمَا يَ ْأتِي ،وَ َذكَرَهُ َجمَاعَةٌ مِنْ َأئِمَّتِنَا فِي الثَّانِي وَالثَّاِلثِ كَاْلأَوَّلِ َكمَا ِي َ ،و ُهوَ مِنْ فِ ْعلِ َق ْومِ لُوطٍ َأيْضًا ،وَقَدْ قَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ ُهوَ ظَاهِرٌ جَل ٌّ
ضعٍ . قِصَّتَهُمْ َتحْذِيرًا لَنَا مِنْ َأنْ نَسْلُكَ سَبِيلَهُمْ فَيُصِيبَنَا مَا َأصَابَهُمْ فِي غَيْرِ َم ْو ِ
قَالَ تَعَالَى { :فَلَمَّا جَاءَ أَمْ ُرنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا } أَيْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى جِبْرِيلَ بَِأنْ يَقْ َلعَ قُرَاهُمْ مِنْ
صوَاتَ حَيَوَانَاتِهِمْ الدنْيَا َأ ْ َأصْلِهَا فَاقْتَلَعَهَا َوصَعِدَ بِهَا عَلَى خَافِقَةٍ مِنْ جَنَاحِهِ إلَى َأنْ َسمِعَ َأ ْهلُ َسمَاءِ ُّ ثُمَّ قَلَبَهَا بِهِمْ . { َوأَ ْمطَ ْرنَا عَلَيْهَا ِحجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ } أَيْ مِنْ طِنيٍ ُمحَرَّقٍ بِالنَّارِ { مَنْضُودٍ } أَيْ مُتَتَاِبعٍ يَتْلُو بَعْضُهُ
ستْ مِنْ بَعْضًا { مُسَوَّمَةً } أَيْ مَكْتُوبًا عَلَى كُلٍّ مِنْهَا اسْمَ مَنْ يُصِيبُهُ َأوْ مُع ََّلمَةً بِعَلَامَةٍ يُعْلَمُ بِهَا أَنَّهَا لَيْ َ َرفُ فِيهَا إلَّا بِإِ ْذنِهِ { وَمَا هِيَ مِنْ الظَّاِلمِنيَ الدنْيَا { عِنْ َد رَبِّكَ } أَيْ فِي خَزَائِنِهِ الَّتِي لَا يُتَص َّ ِحجَارَةِ ُّ
صحَابُ تِلْكَ الْقُرَى مِنْ الْكَافِرِينَ الظَّاِلمِنيَ بِبَعِيدٍ ،وَقِيلَ مَا هِيَ بِبَعِيدٍ مِنْ ظَاِلمِي بِبَعِيدٍ } أَيْ وَمَا َأ ْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إذَا فَعَلُوا فِعْلَهُمْ َأنْ َيحِلَّ بِهِمْ مَا حَلَّ بِأُولَئِكَ مِنْ الْعَذَابِ َ ،ولِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َكمَا مَرَّ { :إنَّ أَ ْخ َوفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي َع َملُ َق ْومِ لُوطٍ َولَعَنَ مَنْ فَ َعلَ فِعْلَهُمْ ثَلَاثًا } .
الذكْرَانَ مِنْ الْعَاَلمِنيَ َوتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَ ْزوَاجِكُمْ بَلْ َأنْتُمْ َق ْومٌ وَقَالَ تَعَالَى َ { :أتَ ْأتُونَ ُّ عَادُونَ } أَيْ مُتَعَدُّونَ ُمجَاوِزُونَ اْلحَلَالَ إلَى اْلحَرَامِ .
وَقَالَ تَعَالَى َ { :ونَجَّيْنَاهُ } أَيْ لُوطًا { مِنْ الْقَ ْريَةِ الَّتِي كَاَنتْ تَ ْعمَلُ
()33/7
الذكُورِ فِي أَ ْدبَا ِرهِمْ ِبحَضْرَةِ بَعْضِهِمْ اْلخَبَاِئثَ إنَّهُمْ كَانُوا َق ْومَ َس ْوءٍ فَاسِقِنيَ } فََأ ْعظَمُ خَبَائِثِهِمْ إتْيَانُ ُّ .
وَمِنْهَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَضَا َرطُونَ فِي َمجَالِسِهِمْ َوَيمْشُونَ َوَيجْلِسُونَ كَاشِفِي َعوْرَاتِهِمْ َكمَا يَ ْأتِي ،
َوكَانُوا يَُتحََّن ْونَ َويَتَزَيَّنُونَ كَالنِّسَاءِ َوكَانُوا يَفْعَلُونَ خَبَاِئثَ ُأخَرَ .
وَ ُذكِرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا مِنْ خَبَائِثِهِمْ عَشْرٌ تَصْفِيفُ الشَّعْرِ ،وَحَلُّ الْإِزَارِ ،وَرَمْيُ
حمَامِ الطَّيَّارَةِ ،وَالصَّفِريُ بِالَْأصَاِبعِ ،وَفَرْقَعَةُ الْعِلْكِ ، الْبُنْ ُدقِ ،وَاْلحَ ْذفُ بِاْلحَصَى ،وَاللَّ ِعبُ بِاْل َ الذكُورِ . خمْرِ َوِإتْيَانُ ُّ َوإِسْبَالُ الْإِزَارِ :أَيْ إذَا لَبِسُوهُ وَحَلُّ أَزْرَارَ الْأَقْبِيَ ِة َ ،وإِدْمَا ُن شُرْبِ اْل َ َقالَ :وَسَتَزِيدُ عَلَيْهَا هَذِهِ الْأُمَّةُ مُسَاحَقَةُ النِّسَاءِ النِّسَاءَ .
ب ،وَاْلمُنَا َطحَةَ بِالْكِبَاشِ ، وَ ُروِيَ :إنَّ مِنْ َأ ْعمَالِهِمْ َأيْضًا اللَّ ِعبَ بِالنَّرْدِ ،وَاْلمُهَارَشَةَ بَيْنَ الْكِلَا ِ ِالديُوكِ ،وَدُخُولَ اْلحَمَّامِ بِلَا مِئْزَرٍ َ ،ونَ ْقصَ اْل ِمكْيَالِ وَاْلمِيزَانِ َوْيلٌ ِلمَنْ فَعَلَهَا . وَاْلمُنَاقَرَةَ ب ُّ
ج َمعْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أُمَّةٍ وَفِي اْلخَبَرِ { :مَنْ لَ ِعبَ بِاْلحَمَامِ لَمْ َي ُمتْ حَتَّى يَذُوقَ َألَمَ الْفَقْرِ } َ ،ولَمْ َي ْ
مِنْ الْعَذَابِ مَا َج َمعَ عَلَى َق ْومِ لُوطٍ ؛ فَإِنَّهُ َطمَسَ َأبْصَا َرهُمْ وَسَوَّدَ وُجُوهَهُمْ َوأَمَرَ جِبْرِيلَ بِقَ ْلعِ قُرَاهُمْ السمَاءِ مِنْ مِنْ َأصْلِهَا ثُمَّ بِقَلْبِهَا لِيَصِريَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا ثُمَّ خَسَفَ بِهِمْ ثُمَّ أَ ْمطَرَ عَلَيْهِمْ ِحجَارَةً مِنْ َّ الصحَابَةُ عَلَى قَ ْتلِ فَا ِعلِ َذلِكَ َ ،وإَِّنمَا اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ قَتْلِهِ َكمَا يَأْتِي . سِجِّيلٍ ؛ َوأَ ْجمَ َعتْ َّ
وَقَالَ ُمجَاهِدٌ :قَالَ َأبُو هُ َريْرَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :مَنْ َأتَى صَبِيًّا فَقَدْ كَفَرَ .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا :إنَّ اللُّوطِيَّ إذَا مَاتَ مِنْ غَيْرِ َت ْوبَةٍ مُسِخَ فِي قَبْرِهِ خِنْزِيرًا . وَقِيلَ :فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ َق ْومٌ يُقَالُ لَهُمْ اللُّوطِيَّةُ َوهُمْ ثَلَاثَةُ
()32/7
َأصْنَافٍ :صِنْفٌ يَ ْنظُرُونَ َ ،وصِنْفٌ يُصَا ِفحُونَ َ ،وصِنْفٌ يَ ْعمَلُونَ َذلِكَ الْ َع َملَ اْلخَبِيثَ .
َالنظَرُ بِالشَّهْوَةِ إلَى اْلمَ ْرأَةِ وَالْأَمْرَدِ ِزنًا َكمَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ بَعْضُهُمْ :و َّ
خ ْطوُ ،وَالْقَ ْلبُ النطْقُ ،وَ ِزنَا الْيَدِ الَْبطْشُ ،وَ ِزنَا الرِّ ْجلِ اْل َ النظَرُ ،وَ ِزنَا اللِّسَانِ ُّ قَالَ ِ { :زنَا الْعَيْنِ َّ
َذبُهُ } . َدقُ َذلِكَ الْفَرْجُ َأوْ يُك ِّ يَ ْهوَى َويََتمَنَّى َويُص ِّ
النظَرِ إلَيْهِمْ َوعَنْ ُمخَاَلطَتِهِمْ وَمُجَالَسَتِهِمْ َولِأَ ْجلِ َذلِكَ بَاَلغَ الصَّاِلحُونَ فِي الِْإعْرَاضِ عَنْ اْلمُرْدِ َوعَنْ َّ .
صوَرِ الْعَذَارَى َوهُمْ أَشَدُّ فِتْنَةً صوَرًا كَ ُ وَقَالَ اْلحَسَنُ بْنُ َذ ْكوَانَ :لَا ُتجَالِسْ َأ ْولَادَ الَْأغْنِيَاءِ فَإِنَّ لَهُمْ ُ
مِنْ النِّسَاءِ . وَقَالَ بَ ْعضُ التَّابِعِنيَ :مَا َأنَا بِأَ ْخ َوفَ عَلَى الشَّابِّ النَّاسِكِ مِنْ سَُبعٍ ضَارٍ مِنْ الْغُلَامِ الْأَمْرَدِ يَ ْقعُدُ إلَيْهِ .
()37/7
حوِ بَ ْيتٍ َأوْ دُكَّانٍ كَاْلمَ ْرأَةِ ؛ لِ َق ْولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ َرمَ كَثِريٌ مِنْ الْعُ َلمَاءِ اْلخَلْوَةَ بِالْأَمْرَدِ فِي َن ْ وَح َّ
َوسَلَّمَ { :مَا خَلَا رَجُلٌ بِامْ َرأَةٍ إلَّا دَ َخلَ الشَّ ْيطَانُ بَيْنَ ُهمَا } َبلْ فِي اْلمُرْدِ مَنْ يَفُوقُ النِّسَاءَ بِحُسْنِهِ َهلُ فِي حَقِّهِ مِنْ فَالْفِتْنَةُ بِهِ َأ ْعظَمُ َولِأَنَّهُ ُيمْكِنُ فِي حَقِّهِ مِنْ الشُّهْرَةِ مَا لَا ُيمْ ِكنُ فِي حَقِّ النِّسَاءِ َويَتَس َّ ِالتحْ ِر ِمي َأ ْولَى َ ،وأَقَاوِيلُ السَّلَفِ فِي التَّ ْنفِريِ عَنْهُمْ طُ ُرقِ الرِّيبَةِ وَالشَّرِّ مَا لَا يَتَيَسَّرُ فِي حَقِّ اْلمَ ْرأَةِ فَهُوَ ب َّ
َالتحْذِيرِ مِنْ ُر ْؤيَتِهِمْ َأكْثَرُ مِنْ َأنْ ُتحْصَرَ ،وَسَمُّوهُمْ الَْأنْتَانَ ؛ لِأَنَّهُمْ مُسْتَقْذَرُونَ شَ ْرعًا وَسَوَاءٌ فِي و َّ النظَرَ إلَيْهِمْ اعْتِبَارًا لَا َمحْذُورَ فِيهِ كُلِّ مَا ُذكِرَ َنظَرُ اْلمَنْسُوبِ إلَى الصَّلَاحِ َوغَيْرِهِ ؛ وَمَا قِيلَ إنَّ َّ
فَدَسِيسَةٌ شَ ْيطَانِيَّةٌ َ ،وِإ ْن زَلَّ بِهَا قَلَمُ بَعْضِهِمْ َ ،وَلوْ َنظَرَ الشَّا ِرعُ الَّذِي ُهوَ َأعْلَمُ بِالنَّاسِ مِنْ َأنْفُسِهِمْ َصلْ عَ ِلمْنَا أَنَّهُ لَا فَ ْرقَ ،وَاْلمُعْتَبَرَاتُ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ إلَى َذلِكَ لَأَشَارَ إلَيْهِ فَلَمَّا َأطْلَقَهُ َولَمْ يُف ِّ
جبُ مِنْهُ كَثِريَةٌ َ ،ولَكِنْ مَنْ خَبَُثتْ نُفُوسُهُمْ وَفَسَدَتْ عُقُولُهُمْ َوأَ ْديَانُهُمْ َولَمْ يَتَقَيَّدُوا بِالشَّ ْرعِيَّاتِ َأ ْع َ يُزَيِّنُ الشَّ ْيطَانُ لَهُمْ َذلِكَ حَتَّى يُوقِعَهُمْ فِيمَا ُهوَ أَقْبَحُ مِنْهُ َكمَا ُهوَ َدأْبُ اللَّعِنيِ مَعَ مُسَاخَرَةِ الْقَاصِرِينَ ضحْكَةً الَْأغْنِيَاءَ اْلجَاهِلِنيَ ،وَمَنْ فَتَحَ عَلَى نَفْسِهِ أَ ْدنَى مَ ْغمَزٍ لِلشَّ ْيطَانِ اسْتَهَانَ بِهِ وَاسْتَرْ َذلَهُ وَاَِّتخَذَهُ ُ
يَلْ َعبُ بِهِ لَ ِعبَ الصِّبْيَانِ بِالْكُرَ ِة ؛ فَعَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَا ِقلُ اْلحَا ِزمُ الْبَصِريُ النَّاقِدُ الْكَا ِملُ َأنْ تََتجَنَّبَ طُرُقَهُ
ريهَا خَفِيَّهَا َوظَاهِ َرهَا َ ،وَأنْ تَسَْتحْضِرَ أَنَّهُ لَا يَفْتَحُ لَك بَابًا لَمْ يَفَْتحْهُ سوِيلَاتِهِ َوَتحْسِينَاتِهِ قَلِيلَهَا َوكَثِ َ َوتَ ْ
الشَّ ْرعُ فَ ْتحًا ظَاهِرًا مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ َولَا شُبْهَةٍ إلَّا َو ُهوَ يُرِيدُ َأ ْن يُوقِعَك فِيمَا ُهوَ شَرٌّ مِنْهُ ؛
()33/7
لِأَنَّك تَتَيَقَّنُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لَك بِنَصِّ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ َوبِإِ ْجمَاعِ الْأُمَّ ِة ،وَالْعَدُوُّ لَا يُ ْرضِيهِ إلَّا هَلَاكُ عَدُوِّهِ
َأصْلًا وَ َرأْسًا .
الثوْرِيُّ َ -ونَاهِيك بِهِ مَعْرِفَةً َوعِ ْلمًا وَ ُزهْدًا َوتَقَدُّمًا -اْلحَمَّامَ فَدَ َخلَ عَلَيْهِ صَبِيٌّ حَسَنُ دَ َخلَ سُفْيَانُ َّ
اْلوَجْهِ فَقَالَ أَخْرِجُوهُ عَنِّي أَخْرِجُوهُ عَنِّي فَإِنِّي أَرَى مَعَ كُلِّ امْ َرأَةٍ شَ ْيطَانًا وَ َمعَ كُلِّ صَبِيٍّ بِضْعَةَ عَشَرَ
شَ ْيطَانًا .
وَجَاءَ رَ ُجلٌ إلَى الْإِمَامِ أَ ْحمَدَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَعَهُ صَبِيٌّ حَسَنُ اْلوَجْهِ فَقَالَ لَهُ الْإِمَامُ :مَنْ هَذَا مِنْك ؟ قَالَ ابْنُ أُخْتِي ،قَالَ :لَا تَجِئْ بِهِ إلَيْنَا مَرَّةً أُخْرَى َ ،ولَا تَمْشِ مَعَهُ فِي طَرِيقٍ لِئَلَّا َيظُنَّ بِك مَنْ لَا
يَعْرِفُك َويَعْرِفُهُ سُوءًا .
وَ ُروِيَ { أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِيهِمْ أَمْرُدُ حَسَنُ
النظَرِ } ، اْلوَجْهِ ،فَأَجْلَسَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَ ظَهْرِهِ وَقَالَ َّإنمَا كَاَنتْ فِتْنَةُ دَاوُد مِنْ َّ
النظَرِ وَمُ ْعظَمُ النَّارِ ِمنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ وَاْلمَ ْرءُ مَا دَامَ ذَا عَيْنٍ حوَادِثِ مَبْ َد ُؤهَا مِنْ َّ َوَأنْشَدُوا :كُلُّ اْل َ ت فِي قَ ْلبِ صَاحِبِهَا فِ ْعلَ السِّهَامِ بِلَا َقوْسٍ خطَرِ كَمْ َنظْرَةٍ فَعَ َل ْ يُقَلِّبُهَا فِي َأعْيُنِ الْعَيْنِ َموْقُوفٌ عَلَى اْل َ النظَرُ بَرِيدُ الزِّنَا . َولَا َوتَرِ يَسُرُّ نَاظِرُهُ مَا ضَرَّ خَاطِرَهُ لَا مَرْحَبًا بِسُرُورٍ عَادَ بِالضَّرَرِ َوكَانَ يُقَالُ َّ :
سمُومٌ مِنْ سِهَامِ إبْلِيسَ ،مَنْ تَ َركَهَا مِنْ َمخَافَتِي َأبْ َدلْته إميَانًا َيجِدُ النظْرَةُ سَهْمٌ مَ ْ وَفِي اْلحَدِيثِ َّ { : حَلَا َوتَهُ فِي قَلْبِهِ } .
وَمِمَّا ُروِيَ { :أَنَّ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا َوعَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ فِي سِيَاحَتِهِ عَلَى نَارٍ تََتوَقَّدُ عَلَى رَ ُجلٍ فَأَخَذَ مَاءً لُِيطْفِئَهَا عَنْهُ فَانْقَلَبَتْ النَّارُ صَبِيًّا وَانْقَ َلبَ الرَّ ُجلُ نَارًا ،فَتَعَجَّبَ عِيسَى مِنْ ذَلِكَ ،فَقَالَ يَا
الدنْيَا لِأَسْأَلَ ُهمَا عَنْ ُد ُهمَا إلَى حَالِ ِهمَا فِي ُّ َب ر َّ ر ِّ
()35/7
ِي ،فَقَالَ لَ ُهمَا عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا َوعَلَيْهِ خَبَ ِر ِهمَا فَأَحْيَا ُهمَا اللَّهُ تَعَالَى فَإِذَا ُهمَا رَ ُجلٌ َوصَب ٌّ
الدنْيَا مُبْتَلًى ِبحُبِّ هَذَا وَسَلَّمَ ،مَا خَبَ ُر ُكمَا وَمَا أَمْ ُر ُكمَا ؟ فَقَالَ الرَّ ُجلُ :يَا رُوحَ اللَّهِ إنِّي كُ ْنتُ فِي ُّ حمَلَتْنِي الشَّ ْهوَةُ َأنْ فَعَ ْلتُ بِهِ الْفَاحِشَةَ فَلَمَّا مِتُّ َومَاتَ الصَّبِيُّ صَيَّرَ اللَّهُ الصَّبِيَّ نَارًا الصَّبِيِّ َف َ
ُيحْرِقُنِي مَرَّةً َوصَيَّ َرنِي نَارًا أُحْرِقُهُ أُخْرَى فَهَذَا عَذَابُنَا إلَى َي ْومِ الْقِيَامَةِ } ،نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِهِ َالتوْفِيقَ ِلمَ ْرضَاتِهِ . َونَسَْألُهُ الْعَافِيَةَ و َّ
()36/7
تَنْبِيهٌ ثَانٍ :مَرَّ اْلحَدِيثُ فِي مَنْ َأتَى الْبَهِيمَةَ أَنَّهَا تُقَْتلُ مَعَهُ ،قَالَ اْلخَطَّابِيُّ :قَدْ عَارَضَ هَذَا اْلحَدِيثُ صحِيحٌ فَلَا تُقَْتلُ غَيْرُ اْلمَ ْأكُولَةِ وَلَا تُ ْذَبحُ { نَهْيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَ ْتلِ اْلحََيوَانِ } وَمَا قَالَهُ َ اْلمَ ْأكُولَةُ خِلَافًا ِلمَنْ َز َعمَهُ .
وَمَرَّ َأيْضًا فِي اْلحَدِيثِ قَ ْتلُ اللَّائِطِ وَاْلمُلُوطِ بِهِ . وَ َروَى الْبَيْهَقِيُّ َوغَيْرُهُ { :اُقْتُلُوا الْفَا ِعلَ وَاْلمَفْعُولَ بِهِ َواَلَّذِي يَ ْأتِي الْبَهِيمَةَ } .
الزنَا َوِإنْ قَالَ الْبَ َغوِيّ :اخْتَلَفَ َأ ْهلُ الْعِلْمِ فِي حَدِّ اللُّوطِيِّ ،فَ َذ َهبَ قَ ْومٌ إلَى أَنَّ حَدَّ الْفَا ِعلِ حَدُّ ِّ كَانَ ُمحْصَنًا يُرْجَمُ َوِإنْ لَمْ يَكُنْ ُمحْصَنًا ُيجْلَدُ مِائَةً َ ،و ُهوَ قَوْلُ ابْنِ اْلمُسَِّيبِ َو َعطَاءٍ وَاْلحَسَنِ
الثوْرِيُّ وَالَْأوْزَاعِيُّ َو ُهوَ َأظْهَرُ َقوْلَيْ الشَّافِعِيِّ َ ،وُيحْكَى َأيْضًا عَنْ َأبِي َالنخَعِيِّ َ ،وبِهِ قَالَ َّ وَقَتَادَةَ و َّ يُوسُفَ وَ ُمحَمَّدِ بْنِ اْلحَسَنِ َ ،وعَلَى اْلمَفْعُولِ بِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى هَذَا الْ َقوْلِ جَلْدُ مِائَةٍ َوتَغْرِيبُ عَامٍ رَجُلًا كَانَ َأوْ امْ َرأَةً ُمحْصَنًا كَانَ َأوْ غَيْرَ ُمحْصَنٍ .
وَ َذ َهبَ َق ْومٌ إلَى أَنَّ اللُّوطِيَّ يُرْجَمُ َوَلوْ غَيْرَ ُمحْصَنٍ َ ،روَاهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَ ُمجَاهِدٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ . الزهْرِيُّ َو ُهوَ َقوْلُ مَالِكٍ َوأَ ْحمَدَ َوإِ ْسحَاقَ . وَ ُروِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ َوبِهِ قَالَ ُّ
النخَعِيّ قَالَ َ :لوْ كَانَ أَحَدٌ يَسْتَقِيمُ َأنْ يُرْجَمَ مَرَّتَيْنِ لَرُجِمَ وَ َروَى حَمَّادُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ إبْرَاهِيمَ يَعْنِي َّ اللُّوطِيُّ .
وَالْ َقوْلُ الْآخَرُ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُقَْتلُ الْفَا ِعلُ وَاْلمَفْعُولُ بِهِ َكمَا جَاءَ فِي اْلحَدِيثِ .
ا هـ . الزبَيْرِ قَالَ اْلحَافِظُ اْلمُنْذِرِيُّ :حَرَّقَ اللُّوطِيَّةَ بِالنَّارِ أَ ْربَعَةٌ مِنْ اْلخُ َلفَاءِ َأبُو بَكْرٍ َوعَلِيٌّ َوعَبْدُ اللَّهِ بْنُ ُّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ َوهِشَامُ بْنُ عَبْدِ اْلمَلِكِ .
الدنْيَا وَمِنْ طَرِيقِهِ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ ،عَنْ ُمحَمَّدِ بْنِ اْلمُنْكَدِرِ أَنَّ خَالِدَ بْنَ وَ َروَى ابْنُ َأبِي ُّ
()33/7
ضوَاحِي اْل َولِيدِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،كََتبَ إلَى َأبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ وَجَ َد رَجُلًا فِي بَعْضِ َ صحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ج َمعَ لِ َذلِكَ َأبُو بَكْرٍ َأ ْ الْعَرَبِ يُنْ َكحُ َكمَا تُنْ َكحُ اْلمَ ْرأَةُ َ ،ف َ فِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ َأبِي طَاِلبٍ ،فَقَالَ إنَّ هَذَا َذْنبٌ لَمْ تَ ْع َملْ بِهِ أُمَّةٌ إلَّا أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ فَفَعَلَ اللَّهُ بِهِمْ مَا قَدْ
َرقَ صحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َأنْ ُيح َّ عَ ِلمْتُمْ أَرَى َأنْ ُنحَرِّقَهُ بِالنَّارِ ،فَاجَْت َمعَ َرأْيُ َأ ْ
َرقَ بِالنَّارِ َ ،فحَرَّقَهُ خَالِدٌ . بِالنَّارِ ،فَأَمَرَ بِهِ َأبُو بَكْرٍ َأنْ يُح َّ
َرمَ اللَّهُ وَجْهَهُ :مَنْ أَمْكَنَ مِنْ نَفْسِهِ طَائِعًا حَتَّى يُنْ َكحَ َألْقَى اللَّهُ عَلَيْهِ شَ ْهوَةَ النِّسَاءِ وَقَالَ عَلِيٌّ ك َّ وَ َحمَلَهُ شَ ْيطَانًا رَجِيمًا إلَى َي ْومِ الْقِيَامَةِ .
َوأَ ْجمَ َعتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ مَنْ فَ َعلَ ِب َممْلُوكِهِ فِ ْعلَ َق ْومِ لُوطٍ مِنْ اللُّوطِيَّةِ اْل ُمجْرِمِنيَ الْفَاسِقِنيَ اْلمَلْعُونِنيَ
فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ ثُمَّ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ ثُمَّ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَاْلمَلَائِ َكةِ وَالنَّاسِ أَ ْجمَعِنيَ ،وَقَدْ فَشَا ذَلِكَ فِي التُّجَّارِ وَاْلمُتْرَفِنيَ ،فَاَِّتخَذُوا حِسَانَ اْل َممَالِيكِ سُودًا َوبِيضًا لِ َذلِكَ فَعَلَيْهِمْ أَشَدُّ اللَّعْنَةِ الدَّاِئمَةِ
الدنْيَا وَالْآخِرَةِ مَا دَامُوا عَلَى هَذِهِ الْقَبَائِحِ الشَّنِيعَةِ الظَّاهِرَةِ َ ،وَأ ْعظَمُ اْلخِزْيِ وَالَْبوَارِ وَالْعَذَابِ فِي ُّ
الْبَشِيعَةِ الْ َفظِيعَةِ اْلمُوجِبَةِ لِلْفَقْرِ َوهَلَاكِ الْأَ ْموَالِ وَاْن ِمحَاقِ الْبَ َركَاتِ وَاْلخِيَانَةِ فِي اْلمُعَامَلَاتِ
وَالْأَمَانَاتِ .
َولِ َذلِكَ َتجِدُ َأكْثَ َرهُمْ قَدْ افْتَقَرَ مِنْ سُوءِ مَا جَنَاهُ وَقَبِيحِ مُعَامَلَتِهِ ِلمَنْ َأنْعَمَ عَلَيْهِ َوَأ ْعطَاهُ َ ،ولَمْ يَرْ ِجعْ إلَى بَا ِرئِهِ وَخَالِقِهِ وَمُوجِدِهِ وَرَازِقِهِ َبلْ بَارَزَهُ بِهَذِهِ اْلمُبَارَزَةِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى خَلْعِ جِلْبَابِ اْلحَيَاءِ
َالتحَلِّي بِصِفَاتِ الْبَهَائِمِ ، َالتخَلِّي عَنْ سَائِرِ صِفَاتِ َأ ْهلِ الشَّهَامَةِ وَالْفُتُوَّةِ و َّ وَاْلمُرُوءَةِ و َّ
()33/7
َبلْ بِأَقَْبحِ َوأَ ْف َظعِ صِفَةٍ وَخُلَّةٍ ،إذْ لَا َنجِدُ حََيوَانًا َذكَرًا يَنْ ِكحُ مِثْلَهُ ،فَنَاهِيكَ بِرَذِيلَةٍ تَعَفَّ َفتْ عَنْهَا
حمِريُ فَكَيْفَ يَلِيقُ فِعْلُهَا ِبمَنْ ُهوَ فِي صُورَةِ َرئِيسٍ َأوْ كَبِريٍ ،كَلًّا َبلْ ُهوَ أَسْ َفلُ مِنْ قَذَرِهِ وَأَشَْأمُ مِنْ اْل َ خَبَرِهِ َوَأنْتَنُ مِنْ اْلجِيَفِ َوأَحَقُّ بِالشَّرَرِ وَالسَّرَفِ َ ،وأَخُو اْلخِزْيِ وَاْلمَهَانَةِ وَخَائِنُ عَهْدِ اللَّهِ وَمَا لَهُ
عِنْدَهُ مِنْ الْأَمَانَةِ فَبُعْدًا لَهُ وَسُحْقًا َوهَلَاكًا فِي جَهَنَّمَ وَحَرْقًا .
()33/7
( الْكَبِريَةُ الثَّانِيَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :مُسَاحَقَةُ النِّسَاءِ َو ُهوَ َأنْ تَفْ َعلَ اْلمَ ْرأَةُ بِاْلمَ ْرأَةِ مِ ْثلَ صُورَةِ
مَا يَفْ َعلُ بِهَا الرَّ ُجلُ ) .
السحَاقُ ِزنَا النِّسَاءِ بَيْنَهُنَّ } وَ َق ْولُهُ : كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِ َق ْولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّ َم ِّ { : { ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُمْ شَهَادَةَ َأنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ :الرَّا ِكبُ وَاْلمَ ْركُوبُ ،وَالرَّاكِبَةُ وَاْلمَ ْركُوبَةُ ، وَالْإِمَامُ اْلجَائِرُ } .
()33/7
طءُ الْكَبِريَةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَاْلخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :وَ ْ طءُ فِي نِكَاحٍ بِلَا َولِيٍّ َولَا شُهُودٍ وَفِي الزوْجِ لِ َزوْجَتِهِ اْلمَيِّتَةِ ،وَاْلوَ ْ الشَّرِيكِ لِلْأَمَةِ اْلمُشْتَ َركَةِ ،وَ َّ
طءُ اْلمُسْتَأْجَرَةِ َوإِمْسَاكُ امْ َرأَةٍ ِلمَنْ يَ ْزنِي بِهَا ) . نِكَاحِ اْلمُتْعَةِ َ ،ووَ ْ
خمْسَةِ لَمْ أَرَهُ َولَكِنَّهُ ظَاهِرٌ َوإِنْ سُلِّمَ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى ِزنًا إذْ لَا يُو ِجبُ اْلجَلْدَ َولَا الرَّجْمَ َوعَدُّ هَذِهِ اْل َ
عِنْدَ بَ ْعضِ الَْأئِمَّةِ :كَالشَّافِعِيَّةِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالرَّابِعَةِ َوكَغَيْ ِرهِمْ فِي الْبَاقِي .
صلُ :أَنَّ كُلَّ شُبْهَةٍ لَمْ تَقَْتضِ الِْإبَاحَةَ لَا تُفِيدُ إلَّا رَ ْفعَ اْلحَدِّ دُونَ َزوَالِ اسْمِ الْكَبِريَ ِة ؛ لِأَنَّ وَاْلحَا ِ َالزنَا مِنْ حَ ْيثُ اْلحُرْمَةُ اْلمُغ ََّلظَةُ ِ ،لمَا يَتَرََّتبُ عَلَيْهِ مِنْ الْ ُفحْشِ الشَّنِيعِ وَاخْتِلَاطِ َذلِكَ فِي اْلمَعْنَى ك ِّ
الَْأنْسَابِ .
َوأَمَّا عَدُّ السَّادِسَةِ فَ ُهوَ مَا َذكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَا ِم ،فَقَالَ :مَنْ أَمْسَكَ امْ َرأَةً ُمحْصَنَةً ِلمَنْ يَزْنِي بِهَا ، َأوْ أَمْسَكَ مُسْ ِلمًا ِلمَنْ قَتَلَهُ فَلَا شَكَّ أَنَّ مَفْسَ َدتَهُ َأ ْعظَمُ مِنْ مَفْسَدَةِ َأ ْكلِ مَالِ الْيَتِيمِ .
ا هـ .
وَالظَّاهِرُ ؛ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِاْل ُمحْصَنَةِ غَيْرُ مُرَا ٍد ،فَلِذَا حَذَفْتُهُ إذْ اْلمَفْسَدَةُ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا لَا تَتَقَيَّدُ بِاْل ُمحْصَنَةِ . الزنَا لَا يُبَاحُ بِالِْإكْرَاهِ َوِإنْ ُتصُوِّرَ فِيهِ ،إذْ الِانْتِشَارُ عِنْدَ ُر ْؤيَةِ صحَابَنَا صَرَّحُوا بِأَنَّ ِّ وَاعْلَمْ أَنَّ َأ ْ
الزنَا اْلمُشْتَهَى أَمْرٌ طَبِيعِيٌّ لَا يََتوَقَّفُ عَلَى دَاعِيَةِ الِاخْتِيَارِ َ ،وصَرَّحُوا َأيْضًا بِأَنَّ الِْإكْرَاهَ َ ،وإِنْ لَمْ ُيِبحْ ِّ
الزنَا كَبِريَةً َ ،أوْ َك ْونُهُ كَبِريَةً لَكِنَّهُ شُبْهَةٌ يَسْقُطُ بِهَا اْلحَدُّ ،وَحِينَئِذٍ فَهَلْ ُهوَ شُبْهَةٌ يَسْقُطُ بِهَا َك ْونُ ِّ
ِلنظَرِ فِيهِ َمجَالٌ َ ،ولَا يَبْعُدُ َأنْ يُقَالَ إنَّهُ بَاقٍ ِبحَالِهِ َوِإْثمِهِ َ ،وَلوْ َمعَ الِْإكْرَاهِ ؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ َول َّ
صَغِريَةٌ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ
()33/7
َن الْقَ ْتلَ لَا إلَّا لِدَاعِيَةِ الِْإكْرَاهِ َولَيْسَ كَالْقَ ْتلِ إكْرَاهًا لِأَنَّهُ ثَمَّ آثَرَ نَفْسَهُ بِالْبَقَاءِ ،وَمِنْ ثَمَّ أَجْمَعُوا عَلَى أ َّ
يُبَاحُ بِالِْإكْرَاهِ .
الزنَا يُبَاحُ بِهِ ،فَعَ ِلمْنَا فَ ْرقَ مَا بَيْنَ ُهمَا . وَقَالَ َجمَاعَةٌ :إنَّ ِّ َرقُ بِأَنَّ الشُّبْهَةَ خمْسِ اْلمَ ْذكُورَةِ ؟ قُلْت :يُف َّ الصوَرِ اْل َ فَِإنْ قُ ْلتُ :لِمَ آثَرْتَ الشُّبْهَةَ هُنَا َولَمْ ُت ْؤثِرْ فِي ُّ
ثَمَّ لَا قَاِئلَ بِأَنَّهَا عُذْرٌ مُفْضِيَةٌ لِ ْلحِلِّ ،أَمَّا الْأُولَيَانِ وَاْلخَامِسَةُ َفظَاهِرٌ .
َوأَمَّا الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ فَلِأَنَّ الْقَاِئلَ بِِإبَاحَتِ ِهمَا يَشْتَرِطُ تَقْلِيدَ الْقَاِئلِ بِالِْإبَاحَةِ ،أَمَّا اْلمُقَلِّدُ لِلْقَاِئلِ بِاْلحُرْمَةِ
فَلَا يُبَاحَ لَهُ َذلِكَ إ ْجمَاعًا . وَالْكَلَامُ إنَّمَا ُهوَ فِي اْلمُقَلِّدِ لِلْقَاِئلِ بِاْلحُرْمَةِ .
الصوَرِ إلَى الزِّنَا وَالْقَ ْتلِ فَلَمْ َوأَمَّا الِْإكْرَاهُ فَ ُهوَ يُعَدُّ عُذْرًا مُسْ ِقطًا لِلِْإثْمِ فِي مَسَاِئلَ كَثِريَةٍ َبلْ فِي سَائِرِ ُّ
يَبْعُدْ َأنْ يَكُونَ عُذْرًا مُسْ ِقطًا لِلْكَبِريَةِ هُنَا َ ،وِإنْ لَمْ يُسْقِطْ الِْإثْمَ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْأَمْرِ فِي الْأَمْرِ التَّاِبعِ مَا صلٌ لِلِْإثْمِ . لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَمْرِ اْلمَقْصُودِ َو ُهوَ َأ ْ
َوأَمَّا َوصْفُهُ بِ َك ْونِهِ كَبِريَةً َأوْ صَغِريَةً فَأَمْرٌ تَابِعٌ لَهُ .
()32/7
( الْكَبِريَةُ التَّاسِعَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ :السَّرِقَةُ ) قَالَ َتعَالَى { :وَالسَّا ِرقُ وَالسَّارِقَةُ فَا ْقطَعُوا َكلَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْ َق ْطعِ َأيْ ِديَ ُهمَا جَزَاءً ِبمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنْ اللَّهِ َواَللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } قَالَ ابْنُ شِهَابٍ :ن َّ فِي السَّرِقَةِ مِنْ أَ ْموَالِ النَّاسِ { َواَللَّهُ عَزِيزٌ } :أَيْ فِي انْتِقَامِهِ مِنْ السَّارِقِ { ،حَكِيمٌ } :أَيْ فِيمَا
الصحِيحِ { :لَا يَزْنِي الزَّانِي حِنيَ يَ ْزنِي َو ُهوَ ُمؤْمِنٌ ، َأوْجَبَهُ مِنْ َق ْطعِ يَدِهِ ،وَمَرَّ قَرِيبًا فِي اْلحَدِيثِ َّ خمْرَ حِنيَ يَشْ َربُهَا َو ُهوَ ُمؤْمِنٌ } . َولَا يَسْ ِرقُ السَّا ِرقُ حِنيَ يَسْرِقُ َو ُهوَ ُمؤْمِنٌ َ ،ولَا يَشْرَبُ اْل َ
َروَاهُ الُْبخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ َ -وَأبُو دَاوُد -وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ ،وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي ِروَايَةٍ َوَأبُو دَاوُد بَعْدَ الت ْوبَةَ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ } . خمْرَ حِنيَ يَشْ َربُهَا َو ُهوَ ُمؤْمِنٌ َولَكِنَّ َّ َق ْولِهِ َ { :ولَا يَشْرَبُ اْل َ
وَفِي ِروَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ { :فَإِذَا فَ َعلَ َذلِكَ فَقَدْ خَ َلعَ ِربْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِ ِه ،فَِإنْ تَابَ تَابَ اللَّ ُه عَلَيْهِ }
.
وَمَرَّ َأيْضًا خَبَرُ الْبَزَّارِ { :لَا يَسْ ِرقُ سَارِقٌ َو ُهوَ ُمؤْمِنٌ َ ،ولَا يَ ْزنِي الزَّانِي َو ُهوَ ُمؤْمِنٌ ،الْإِميَانُ َأكْ َرمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ َذلِكَ } . وَفِي ِروَايَةٍ َ { :لا يَ ْزنِي الزَّانِي حِنيَ يَ ْزنِي َو ُهوَ ُمؤْمِنٌ َ ،ولَا يَسْ ِرقُ السَّا ِرقُ حِنيَ يَسْرِقُ َو ُهوَ ُمؤْمِنٌ ، الت ْوبَةَ مَعْرُوضَةٌ } . َولَكِنَّ َّ
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَعَنَ اللَّهُ السَّا ِرقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُ ْق َطعُ يَدُهُ َويَسْرِقُ اْلحَ ْبلَ فَتُ ْق َطعُ يَدُهُ
} قَالَ الَْأ ْعمَشُ :كَانُوا يَ َر ْونَ أَنَّهُ بَ ْيضُ اْلحَدِيدِ وَاْلحَ ْبلُ كَانُوا يَ َر ْونَ أَنَّهُ يُسَاوِي َثمَنُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ . تَنْبِيهٌ :عَدُّ السَّرِقَةِ ُهوَ مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ َو ُهوَ صَرِيحُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ،وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي َك ْونِهَا سجِدٍ كَبِريَةً بَيْنَ اْلمُوجِبَةِ لِلْ َق ْطعِ َوعَ َدمِ اْلمُوجِبَةِ لَهُ لِشُبْهَةٍ لَا تَقْتَضِي حِلَّ الْأَخْذِ كََأنْ سَ َرقَ حُصْرَ مَ ْ
َأوْ
()37/7
صحَابِنَا صَرَّحَ بِ َذلِكَ ،فَقَالَ َوتَبِعَهُ شُرَْيحٌ ُم َرَأيْت الْهَ َروِيَّ مِنْ َأئِمَّةِ َأ ْ ح ِوهَا َأوْ لِعَ َدمِ حِرْزٍ ؛ ث َّ َن ْ الرُّويَانِيُّ فِي َر ْوضَتِهِ .
وَحَدُّ الْكَبِريَةِ أَ ْربَعَةُ أَشْيَاءَ :أَحَ ُدهَا مَا يُو ِجبُ حَدًّا أَوْ قَتْلًا َأوْ قُدْرَةً مِنْ الْفِ ْعلِ وَالْعُقُوبَةُ سَا ِقطَةٌ لِلشُّبْهَةِ َو ُهوَ عَامِدٌ آثِمٌ .
قَالَ اْلجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ .
َق ْولُهُ َ :أوْ قُدْرَةً إَلخْ يُشِريُ بِهِ إلَى أَنَّ سَرِقَةَ مَا لَا يُو ِجبُ الْ َق ْطعَ لِ َك ْونِهِ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ أَوْ لِشُبْهَةٍ فَإِنَّهُ
كَبِريَةٌ َولَكِنْ سَ َق َطتْ الْعُقُوبَةُ ِلمَاِنعٍ ؛ وَ َذلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ قَ ْبلَ ذَلِكَ إنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعَدْلِ َأنْ لَا يَقْتَ ِرفَ َالزنَا وَ َق ْطعَ الطَّرِيقِ َأوْ قُدْرَةً مِنْ الْفِ ْعلِ َوِإنْ لَمْ َيجِبْ اْلحَدُّ الْكَبَائِرَ اْلمُوجِبَاتِ لِ ْلحُدُودِ مِ ْثلَ السَّرِقَةِ و ِّ فِيهَا لِشُبْهَةٍ َأوْ عَ َدمِ حِرْزٍ .
ا هـ .
صبَ اْلحَبَّةِ وَسَرِقَتَهَا كَبِريَ ٌة ،وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذِهِ دَ ْعوَى لَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ :أَ ْجمَعُوا عَلَى أَنَّ غَ ْ
تَصِحُّ ،فَقَدْ اعْتَبَرَ الْبَ َغوِيّ َوغَيْرُهُ فِي اْلمَالِ اْلمَغْصُوبِ َأنْ يَبْ ُلغَ ُرُبعَ دِينَارٍ ،وَمُقْتَضَاهُ اشْتِرَاطُهُ فِي السَّرِقَةِ . صبِ ِزيَادَةُ بَسْطٍ فِي َذلِكَ فَرَاجِعْهُ . حثِ الْغَ ْ وَمَرَّ فِي مَ ْب َ
وَقَالَ اْلحَلِيمِيُّ :وَالسَّرِقَةُ كَبِريَةٌ َوأَخْذُ اْلمَالِ فِي َق ْطعِ الطَّرِيقِ فَاحِشَةٌ وَالْقَ ْتلُ فِي َق ْطعِ الطَّرِيقِ فَاحِشَةٌ وَسَرِقَةُ الشَّ ْيءِ التَّافِهِ صَغِريَةٌ ،فَِإنْ كَانَ اْلمَسْرُوقُ مِنْهُ مِسْكِينًا لَا غِنَى بِهِ عَمَّا أُخِذَ مِنْهُ فَ َذلِكَ
جبْ اْلحَدُّ . كَبِريَةٌ َوِإنْ لَمْ َي ِ انْتَهَى .
وَ َق ْولُهُ مِسْكِينًا لَا غِنَى بِهِ عَنْهُ فِيهِ َنظَرٌ َبلْ َلوْ كَانَ غَنِيًّا لَا غِنَى بِهِ عَنْهُ َكمَائِهِ َأوْ َرغِيفِهِ ِبمَفَازَةٍ لَا َيجِدُ
غَيْرَهُ كَانَ كَبِريَةً َأيْضًا ،قَالَ َ :وأَخْذُ أَ ْموَالِ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ كَبِريَ ٌة ،فَِإنْ كَانَ اْلمَأْخُوذُ مَالُهُ فَقِريًا َأوْ َأصْلًا لِلْآخِذِ أَوْ أَخَذَ بِالْكُرْهِ وَالْقَهْرِ مِنْهُ فَهُوَ فَاحِشَ ٌة َ ،وكَذَا إذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْ ِقمَارِ ،فَِإنْ كَانَ
()33/7
اْلمَأْخُوذُ شَيْئًا تَافِهًا وَاْلمَأْخُوذُ مِنْهُ غَنِيًّا لَا يَتَبَيَّنُ عَلَيْهِ مِنْ ضَرَرٍ فَ َذلِكَ صَغِريَةٌ ،انْتَهَى . صبِ َوغَيْرِهِ ،وَاْلمُعَْتمَدُ خِلَافُ َذلِكَ . َوُيوَافِقُهُ مَا مَرَّ فِي الْغَ ْ
فَائِدَةٌ :جَاءَ فِي ِروَايَةٍ { :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َق َطعَ فِيمَا َثمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ } ،وَفِي أُخْرَى { : َق َطعَ فِي ُرُبعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا لَا أَقَلَّ } َ ،ولَا تَنَافِيَ ؛ لِأَنَّ ُرُبعَ الدِّينَارِ كَانَ َيوْمَئِذٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ َ ،وكَانَ
الدِّينَارُ اثْنَيْ عَشَرَ دِ ْر َهمًا ،وَعَنْ عَبْدِ الرَّ ْحمَنِ بْنِ ُمحَيْرِي ٍز ،قَالَ سَأَلْنَا فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ عَنْ تَعْلِيقِ الْيَدِ
فِي عُنُقِ السَّا ِرقِ أَمِنَ السُّنَّةِ ؟ فَقَالَ ُ { :أتِ َي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَارِقٍ فَ ُقطِ َعتْ يَدُهُ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَعُلِّ َقتْ فِي عُنُقِهِ } .
صبَ َوغَيْ َر ُهمَا مِنْ كُلِّ مَنْ أَخَذَ مَالًا بِغَيْرِ وَجْهِهِ قَالَ الْعُ َلمَاءُ رَ ِحمَهُمُ اللَّهُ َ :ولَا يَنْ َفعُ السَّارِقَ وَالْغَا ِ
الت ْوبَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . حثِ َّ َت ْوبَةٌ إلَّا َأنْ يَرُدَّ مَا أَخَذَهُ َكمَا يَ ْأتِي فِي مَ ْب َ
()35/7
الْكَبِريَةُ السَّبْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ َ :ق ْطعُ الطَّرِيقِ أَيْ إخَافَتُهَا وَِإنْ لَمْ يَقُْتلْ نَفْسًا َولَا أَخَذَ مَالًا ) .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى َّ { :إنمَا جَزَاءُ الَّذِينَ ُيحَا ِربُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ َويَسْ َع ْونَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا َأنْ يُقَتَّلُوا َأوْ
َطعَ َأيْدِيهِمْ َوأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ َأوْ يُنْ َفوْا مِنْ الْأَرْضِ َذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا َولَهُمْ فِي يُصَلَّبُوا َأوْ تُق َّ الْآخِرَةِ عَذَابٌ َعظِيمٌ إلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَ ْبلِ َأنْ تَقْدِرُوا عَلَ ْيهِمْ فَاعْ َلمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُو ٌر رَحِيمٌ } لَمَّا َذكَرَ تَعَالَى تَغْلِيظَ الِْإثْمِ فِي قَتْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ َأتْبَعَهُ بِبَيَانِ َنوْعٍ مِنْ َأْنوَاعِ
الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ ،فَقَالَ { َّإنمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَا ِربُونَ اللَّ َه وَرَسُولَهُ } أَيْ َأ ْولِيَاءَهُ كَذَا قَرَّرَهُ
جمْهُورُ . اْل ُ
وَقَالَ الزَّ َمخْشَرِيُّ ُ :يحَا ِربُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَ ُمحَا َربَةُ اْلمُسْ ِلمِنيَ فِي حُكْمِ ُمحَا َربَتِهِ ،يَعْنِي أَنَّ الْقَصْدَ ُمحَا َربَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ َعلَيْهِ وَسَلَّمَ وَ َذكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى تَ ْعظِيمًا
ح ِملَ اْل ُمحَا َربَةَ عَلَى حوُ { :إنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ َّإنمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ } َولَك َأنْ َت ْ ِل ُمحَا َربَةِ رَسُولِهِ َن ْ ُمخَالَفَةِ الْأَمْرِ َّإنمَا جَزَاءُ الَّذِينَ ُيخَالِفُونَ أَحْكَامَ اللَّهِ َوأَحْكَامَ رَسُولِهِ .
{ َويَسْ َع ْونَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا } الْقَ ْتلُ َأوْ الصَّ ْلبُ َأوْ َق ْطعُ الَْأيْدِي وَالْأَرْ ُجلِ { مِنْ خِلَافٍ } َأوْ النَّفْيُ ك َ ،وبِالنِّسْبَةِ إلَى رَسُولِهِ وَخُلَفَائِهِ عَلَى مِنْ الْأَرْضِ َوِإنْ َتحَمَّلَهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى َذلِ َ اْلمُقَاتَلَةِ َويَسْ َع ْونَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا :أَيْ بِالْقَتْلِ َأوْ أَخْذِ اْلمَالِ َأوْ إخَافَةِ السَّبِيلِ ،فَكُلُّ مَنْ شَهَرَ
السِّلَاحَ عَلَى اْلمُسْ ِلمِنيَ كَانَ ُمحَا ِربًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ،قِيلَ نَ َزلَتْ فِي َق ْومٍ مِنْ َأ ْهلِ الْكِتَابِ نَقَضُوا عَهْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَ َقطَعُوا السَّبِيلَ
()36/7
َوأَفْسَدُوا ،وَقِيلَ فِي { َق ْومِ هِلَالٍ الْأَسْ َلمِيِّ :وَا َدعَ ُه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى َأنْ لَا
يُعِينَهُ َولَا يُعِنيَ عَلَيْهِ وَمَنْ مَرَّ بِهِ إلَيْهِ فَ ُهوَ آمِنٌ َ ،فمَرَّ بِ َقوْمِهِ فِي غَيْبَتِهِ َق ْومٌ مِنْ كِنَانَةَ يُرِيدُونَ اْلإِسْلَامَ فَقَتَلَهُمْ َقوْمُهُ َوأَخَذُوا أَ ْموَالَهُمْ } ،فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْقِصَّةِ ،وَقِيلَ فِي { َق ْومٍ مِنْ عُ َريْنَةَ َوعُ َكلٍ َأَتوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َوبَايَعُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ َوهُمْ كَ َذبَةٌ ،فَاسَْتوْ َخمُوا اْلمَدِينَةَ ،
فَبَعَثَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى إِبلِ الصَّدَقَةِ لِيَشْ َربُوا مِنْ َألْبَانِهَا فَا ْرتَدُّوا وَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا
حلِ َدهُمْ وَأَمَرَ بِ َق ْطعِ َأيْدِيهِمْ َوأَرْجُلِهِمْ َو َك ْ الِْإِبلَ ،فَبَ َعثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَيْهِمْ مَنْ ر َّ
حمَاةٍ بِالنَّارِ َوطَرَحَهُمْ فِي اْلحِرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلَا يُسْ َق ْونَ حَتَّى مَاتُوا } . َأعْيُنِهِمْ ِبمَسَامِريَ ُم ْ
قَالَ َأبُو قِلَابَةَ :فَ َه ُؤلَاءِ قَتَلُوا وَسَرَقُوا :أَيْ أَخَذُوا اْلمَالَ وَحَا َربُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَسَ َعوْا فِي الْأَرْضِ فَسَادًا فَنَ َزَلتْ هَذِهِ الْآيَةُ نَا ِسخَةً لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَ ُهوَ مِنْ نَسْخِ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ .
سخَ السُّنَّةَ سُنَّةٌ أُخْرَى َ ،وهَذِهِ الْآيَةُ ُمطَابِقَةٌ لِلسُّنَّةِ النَّا ِسخَةِ ثُمَّ اْلمَنْسُوخُ َّإنمَا وَمَنْ مَنَعَهُ قَالَ َّإنمَا نَ َ حلُ الَْأعْيُنِ وَاْلمُثْلَةُ َوأَمَّا الْقَ ْتلُ فَبَاقٍ . ُهوَ َك ْ
َوعَنْ ابْنِ سِريِينَ :أَنَّ َذلِكَ قَ ْبلَ َأنْ تَنْزِلَ اْلحُدُودُ . الزنَادِ :لَمَّا فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َذلِكَ بِهِمْ َأنْزَلَ اللَّهُ اْلحُدُودَ َونَهَاهُ عَنْ اْلمُثْلَةِ . قَالَ َأبُو ِّ
قَالَ قَتَادَةُ :بَلَغَنَا { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ َذلِكَ كَانَ َيحُثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ َويَنْهَى عَ ْن اْلمُثْلَةِ } .
سخَ ،وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ الرعَاةِ ،فَِإنْ صَحَّ فَلَا نَ ْ َوعَنْ َأنَسٍ َّ :إنمَا َس َملَ َأعْيُنَهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ َسمَلُوا َأعْيُنَ ُّ
يَصِحَّ ،
()33/7
فَقَدْ قَالَ اللَّ ْيثُ بْنُ سَعْدٍ :نَ َزَلتْ هَذِهِ الْآيَةُ مُعَاتَبَةً لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َوتَ ْعظِيمًا لَهُ بِعُقُوبَتِهِمْ ، فَقَالَ َّإنمَا جَزَا ُؤهُمْ هَذَا لَا اْلمُثْلَةُ َولِ َذلِكَ مَا قَامَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َخطِيبًا إلَّا نَهَى عَنْ اْلمُثْلَةِ ،
وَقِيلَ نَ َزَلتْ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ مِنْ اْلمُسْ ِلمِنيَ َ ،وعَلَيْهِ َأكْثَرُ الْفُقَهَاءِ ،قَالُوا :وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا ف عَلَى اْل ُمحَا َربَةِ َ ،ولَا عَلَى إظْهَارِ الْفَسَادِ َيجُوزُ َح ْملُ الْآيَةِ عَلَى اْلمُ ْرتَدِّينَ ،أَنَّ قَ ْتلَ اْلمُ ْرتَدِّ لَا يََتوَقَّ ُ فِي دَا ِرنَا .
ِالت ْوبَةِ َ ،وَلوْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ َ ،وأَنَّ َولَا َيجُوزُ الِاقْتِصَارُ فِيهِ عَلَى َق ْطعٍ َولَا عَلَى نَفْ ٍي َ ،وأَنَّهُ يَسْقُطُ قَتْلُهُ ب َّ الصَّ ْلبَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِي حَقِّهِ .
حوِهِ . ثُمَّ اْل ُمحَا ِربُونَ هُمْ الَّذِينَ َيجَْتمِعُونَ َولَهُمْ مَنَعَةٌ لِأَخْذِ مَالٍ َأ ْو َن ْ
()33/7
الصحْرَاءِ فَقُطَّاعٌ اتِّفَاقًا َأوْ فِي الْبَلَدِ فَكَ َذلِكَ عِنْدَ الَْأوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ فَِإنْ كَانُوا فِي َّ إنْ لَمْ يَ ْلحَقْهُمْ َغوْثٌ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُمْ فِي اْلمُ ُدنِ َأ ْعظَمُ َذنْبًا وَبِأَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ َوبِأَنَّ هَذَا حَدٌّ فَلَا َيخْتَلِفُ
بِاْلمَكَانِ كَسَائِرِ اْلحُدُودِ .
وَقَالَ َأبُو حَنِيفَةَ وَ ُمحَمَّدٌ :لَا يَكُونُونَ قُطَّاعًا .
وَاخْتَلَفُوا فِي " َأوْ " فِي الْآيَةِ ،فَفِي ِروَايَةٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهَا قَالَ اْلحَسَنُ وَابْنُ اْلمُسَِّيبِ وَ ُمجَاهِدٌ ِلتخْيِريِ وَالِْإبَاحَةِ فَيَفْ َعلُ الْإِمَامُ بِالْقُطَّاعِ مَا شَاءَ مِنْ الْقَ ْتلِ وَمَا مَعَهُ ،وَفِي ِروَايَةٍ أُخْرَى َالنخَعِيُّ :إنَّهَا ل َّ و َّ عَنْهُ َأيْضًا :أَنَّهَا لِبَيَانِ اخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ َوتَ ْرتِيبِهَا بِاخْتِلَافِ الْجِنَايَةِ فَهِيَ لِلتَّ ْنوِيعِ ؛ فَإِذَا قَتَلُوا َوأَخَذُوا
اْلمَالَ قُتِلُوا َوصُلِبُوا َ ،وإِذَا قَتَلُوا َولَمْ يَأْخُذُوا مَالًا قُتِلُوا فَقَطْ َويََتحَتَّمُ الْقَ ْتلُ فِي هَ َذيْنِ فَلَا يَسْقُطُ بِعَ ْفوِ
اْل َولِيِّ َ ،وإِذَا أَخَذُوا اْلمَالَ فَقَطْ ُقطِعُوا مِنْ خِلَافٍ َ ،وإِذَا أَخَافُوا السَّبِيلَ نُفُوا مِنْ الْأَرْضِ َوهَذَا َقوْلُ الرأْيِ . صحَابِ َّ قَتَادَةَ وَالَْأوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَ ْحمَدَ َوَأ ْ
َسلُ َويُكَفَّنُ َويُصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصْ َلبُ وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْقَ ْتلِ وَالصَّ ْلبِ ،فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ :يُقْتَ ُل َويُغ َّ عَلَى خَشَبَةٍ مُعْتَ ِرضَةً ثَلَاثَةَ أَيَّا ٍم زَجْرًا َوتَنْكِيلًا عَنْ مِ ْثلِ فِعْلِهِ ثُمَّ يُدْفَنُ ،وَقِيلَ يُصْلَبُ حَيًّا ثُمَّ ُيطْعَنُ
حَتَّى َيمُوتَ َو ُهوَ َقوْلُ اللَّ ْيثِ .
وَقِيلَ يُصْ َلبُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَيًّا ثُمَّ يُنْزَلُ َويُقَْتلُ وَقِيلَ يُ ْق َطعُ مِنْ خِلَافٍ فَتُ ْق َطعُ يَدُهُ الُْيمْنَى ثُمَّ ُتحْسَمُ ثُمَّ
رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ ُتحْسَمُ .
وَاخْتَلَفُوا فِي النَّفْ ِي ؛ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ َو ُعمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ َ :يطْلُبُهُ الْإِمَامُ فَكُلُّ َمحَلٍّ وَجَدَهُ فِيهِ نَفَاهُ عَنْهُ .
وَقِيلَ َيطْلُبُهُ لِيُقِيمَ عَلَيْهِ اْلحَدَّ . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا ُ :هوَ َأنْ
()33/7
يُهْدِرَ الْإِمَامُ دَمَهُ فَيَقُولُ مَنْ لَقِيَهُ فَلْيَقْتُلْهُ هَذَا فِيمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ َفمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَنَفْيُهُ حَبْسُهُ ،وَقِيلَ
النَّفْيُ اْلحَبْسُ َو ُهوَ اخْتِيَارُ َأكْثَرِ َأ ْهلِ اللُّغَةِ :قَالُوا :لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ النَّفْيُ مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ فَ ُهوَ ُمحَالٌ
َأوْ إخْرَاجُهُ إلَى بَلَدٍ أُخْرَى مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّهُ ُيؤْذِيهِمْ َأيْضًا َأوْ مِنْ بِلَادِ الْكُفْرِ فَ ُهوَ َح ْملٌ لَهُ عَلَى الرِّدَّةِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنَّهُ ُيحْبَسُ وَاْل َمحْبُوسُ يُسَمَّى مَنْفِيًّا مِنْ الْأَرْضِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِشَ ْيءٍ الدنْيَا َولَذَّاتِهَا َولَا َيجَْت ِمعُ بِأَقَا ِربِهِ َوأَحِبَّائِهِ فَكَانَ كَاْلمَنْفِيِّ حَقِيقَةً ،وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا حَبَسُوا مِنْ طَيِّبَاتِ ُّ
الدنْيَا َوَنحْنُ الزنْدَقَةِ فِي حَبْسٍ ضَيِّقٍ َوطَالَ لُبْثُهُ قَالَ :خَرَجْنَا مِنْ ُّ صَاِلحَ بْنَ عَبْدِ الْقُدُّوسِ عَلَى تُ ْهمَةِ َّ مِنْ َأهْلِهَا فَلَسْنَا مِنْ اْل َم ْوتَى عَلَيْهَا َولَا الْأَحْيَاءِ إذْ جَا َءنَا السَّجَّانُ َيوْمًا ِلحَاجَةٍ َعجِبْنَا وَقُلْنَا جَاءَ هَذَا
ب { َولَهُمْ َدمُ " لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ " أَيْ فَضِيحَةٌ َو َهوَانٌ َوعَذَا ٌ الدنْيَا " َذلِكَ " أَيْ اْلجَزَاءُ اْلمُتَق ِّ مِنْ ُّ
فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ َعظِيمٌ } أَيْ إلَّا َأنْ يَعْ ُفوَ اللَّهُ عَنْهُمْ َكمَا دََّلتْ عَلَيْهِ أَدِلَّةٌ أُخْرَى خِلَافًا لِ ْلمُعْتَ ِزلَةِ قَ ْبلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ أَيْ الظَّفَرِ بِهِمْ { إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ } أَيْ لَهُمْ { رَحِيمٌ } أَيْ بِهِمْ فَيُسْقِطُ عَنْهُمْ عُقُوبَةَ َق ْطعِ الطَّرِيقِ .
ُدهُ وَقِيلَ :كُلُّ عُقُوبَةٍ وَحَقٍّ لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ َسوَاءٌ الدَّمُ وَاْلمَالُ إلَّا َأنْ يَكُونَ مَعَهُ اْلمَالُ بِعَيْنِهِ فَيَر َّ لِصَاحِبِهِ ؛ وَقِيلَ كُلُّ عُقُوبَةٍ وَحَقٍّ لِلَّهِ فَقَطْ .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ مَا صَرَّحَ بِهِ َج ْمعٌ لَكِنْ بِدُونِ الْغَايَةِ الَّتِي َذكَ ْرتُهَا فِي التَّرْ َجمَةِ وَمَا َذكَ ْرتُهُ فِيهَا ظَاهِرٌ وَالْآيَةُ نَاصَّةٌ عَلَيْهِ ،لِأَنَّهُ تَعَالَى حَكَمَ عَلَى كُلِّ َن ْوعٍ مِنْ الَْأْنوَاعِ السَّابِقَةِ مِنْ اْلمُخِيفِ لِلطَّرِيقِ فَقَطْ وَمَا قَبْلَهُ
()333/7
الدنْيَا وَالْعَذَابِ الْ َعظِيمِ فِي الْآخِرَةِ َوهَذَا َوعِيدٌ شَدِيدٌ جِدًّا ،ثُمَّ َرَأيْتُ بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِهِ بِاْلخِزْيِ فِي ُّ
حَ ْيثُ قَالَ بَعْدَ ِذكْرِهِ الْآيَةَ السَّابِقَةَ :فَِب ُمجَرَّدِ َق ْطعِ الطَّرِيقِ وَإِخَافَةِ السَّبِيلِ قَدْ ا ْرتَكَبَ الْكَبِريَةَ فَكَيْفَ
إذَا أَخَذَ اْلمَالَ َأوْ جَرَحَ َأوْ قَتَلَ َأوْ فَ َعلَ عِدَّةَ كَبَائِرَ َمعَ غَاِلبِ الْقُطَّاعِ عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ الصَّلَاةِ وَِإنْفَاقِ مَا َالزنَا َوغَيْرِ َذلِكَ انْتَهَى . خمْرِ و ِّ يَأْخُذُونَهُ فِي اْل َ
()333/7
الْكَبِريَةُ اْلحَا ِديَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَاْلخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالسَّبْعُونَ خمْرِ ُمطْلَقًا وَاْلمُسْكِرِ مِنْ غَيْ ِرهَا َالثمَانُونَ بَعْدَ الثَّلَاِثمِائَةِ ) :شُرْبُ اْل َ َالثمَانُونَ وَاْلحَا ِديَةُ وَالثَّانِيَةُ و َّ ،و َّ
حوِ شُرْبِهِ َوَلوْ َقطْرَةً إنْ كَانَ شَافِعِيًّا َوعَصْرُ أَحَ ِد ِهمَا وَاعْتِصَارُهُ بِقَيْدِهِ الْآتِي ،وَ َحمْلُهُ َوطَلَبُ َحمْلِهِ لَِن ْ ،وَسَقْيِهِ َوطَلَبُ سَقْيِ ِه َ ،وبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ َوطَ َلبُ أَحَ ِد ِهمَا َوَأ ْكلُ َثمَنِهِ َوإِمْسَاكُ أَحَ ِد ِهمَا بِقَيْدِهِ الْآتِي . جمُوعُ َذلِكَ مَا ُذكِرَ قَالَ تَعَالَى { : خمْرِ وَمِثْلُهَا فِي اْلمُسْكِرِ مِنْ غَيْ ِرهَا وَ َم ْ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ فِي اْل َ
خمْرِ وَاْلمَيْسِرِ ُقلْ فِي ِهمَا إثْمٌ كَبِريٌ وَمَنَا ِفعُ لِلنَّاسِ َوِإْثمُ ُهمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِ ِهمَا } أَيْ يَسَْألُونَك عَنْ اْل َ
ِالزبَدِ َ ،وُيطْلَقُ َمجَازًا َبلْ خمْرُ اْلمُعْتَصَرُ مِنْ الْعَِنبِ إذَا غَلَى وَقَ َذفَ ب َّ يَسَْألُونَك عَنْ حُ ْكمِ ِهمَا ،وَالْ َ حَقِيقَةً بِنَاءً عَلَى مَا يَ ْأتِي مِنْ الْأَحَادِيثِ اْلمُصَرِّحَةِ بِ َذلِكَ َ ،أوْ عَلَى الَْأصَحِّ أَنَّ اللُّغَةَ تَثُْبتُ بِالْقِيَاسِ
خمُرُ الْعَ ْقلَ :أَيْ تَسْتُرُهُ وَمِنْهُ ب ؛ وَسُمَِّيتْ بِ َذلِكَ لِأَنَّهَا َت ْ ِالزبَدِ مِنْ غَيْرِ الْعَِن ِ عَلَى مَا غَلَى وَقَذَفَ ب َّ َد وَمِنْهُ : ِخمَارُ اْلمَ ْرأَةِ لِسِتْرِهِ وَجْهَهَا ،وَاْلخَامِرُ َو ُهوَ مَنْ يَكْتُمُ شَهَا َدتَ ُه ،وَقِيلَ لِأَنَّهَا تَغَطَّى حَتَّى تَشْت َّ { خَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ } ،أَيْ غَطُّوهَا ،وَقِيلَ لِأَنَّهَا ُتخَالِطُ الْعَ ْقلَ ،وَمِنْهُ :خَامَرَهُ دَاءٌ ،أَيْ خَاَلطَهُ ، وَقِيلَ لِأَنَّهَا تُتْرَكُ حَتَّى تُدْرِكَ .
خمْرُ مَصْدَرٌ يُرَادُ بِهِ اسْمُ الْفَا ِعلِ وَمِنْهُ :اخَْتمَرَ الْ َعجِنيُ :أَيْ بَ َلغَ إدْرَاكَهُ َوهِيَ مُتَقَا ِربَةٌ َ ،وعَلَيْهَا فَاْل َ
َأوْ اْلمَفْعُولِ .
خمْرِ َي ْومَ نَزَلَ خمْرَ فِي عَصِريِ الْعَِنبِ َوغَيْرِهِ ِبحَدِيثِ َأبِي دَاوُد { :نَزَلَ َتحْ ِرميُ اْل َ وَاحْتَجَّ مَنْ عَمَّمَ اْل َ خمْرُ َالتمْرِ وَاْلحِ ْنطَةِ وَالشَّعِريِ وَالذُّ َرةِ وَاْل َ َوهِيَ مِنْ َخمْسَةٍ مِنْ الْعَِنبِ و َّ
()332/7
مَا خَامَرَ الْعَ ْقلَ } .
الصحِيحَيْنِ عَنْ ُعمَ َر َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَحَدِيثُ َّ
خمْرُ مَا سلِ وَاْلحِ ْنطَةِ وَالشَّعِريِ وَاْل َ َالتمْرِ وَالْعَ َ خمْرَ قَدْ حُرِّ َمتْ َوهِيَ مِنْ َخمْسَةٍ مِنْ الْعَِنبِ و َّ أَلَّا إنَّ اْل َ
خَامَرَ الْعَ ْقلَ َ ،وهَذَانِ صَ ِرحيَانِ فِي أَنَّ َتحْرِميَهَا يَتَنَاوَلُ َتحْ ِرميَ هَذِهِ الَْأْنوَاعِ :أَمَّا الْأَوَّلُ َفظَاهِرٌ . خمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ سَِّيمَا وَقَدْ وَافَقَ َوأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ ُعمَرَ عَالِمٌ بِاللُّغَةِ يُرْ َجعُ إلَيْهِ فِيهَا ،وَقَدْ قَالَ وَاْل َ
حَدِيثَ َأبِي دَاوُد اْلمَ ْذكُورَ .
التمْرِ َخمْرًا َوإِنَّ مِنْ الْعَسَلِ َخمْرًا } وَ َروَى َأبُو دَاوُد َأيْضًا حَدِيثَ { :إنَّ مِنْ الْعَِنبِ َخمْرًا َوإِنَّ مِنْ َّ خمْرِ فَإِنَّ الشَّارِعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ ،وهَذَا صَرِيحٌ َأيْضًا فِي دُخُولِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي َتحْ ِرميِ اْل َ
خمْرِ ثَاِبتٌ فِي كُلِّ مُسْكِرٍ . لَيْسَ مَقْصُودُهُ تَعْلِيمَ اللُّغَاتِ وَإَِّنمَا مُرَادُهُ بَيَانُ أَنَّ اْلحُكْمَ الثَّاِبتَ فِي اْل َ خمْسِ لَيْسَ إلَّا لِأَ ْجلِ أَنَّهَا اْلمَعْهُودَةُ فِي َذلِكَ الزَّمَانِ خمْرِ بِهَذِهِ اْل َ قَالَ اْلخَطَّابِيُّ َ :وَتخْصِيصُ اْل َ
ِالذكْرِ فِي خَبَرِ خمْرِ مِنْهَا فَكُلُّ مَا فِي مَعْنَاهَا كَ َذلِكَ َ ،كمَا أَنَّ َتخْصِيصَ الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ ب ِّ لِاِِّتخَاذِ اْل َ الربَا فِي غَيْ ِرهَا . الربَا :أَيْ السَّابِقِ فِيهِ لَا َيمَْنعُ مِنْ ثُبُوتِ حُكْمِ ِّ ِّ
وَ َروَى الشَّ ْيخَانِ َوَأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ { :كُلُّ ُمسْكِرٍ َخمْرٌ َوكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ } .
َوَأبُو دَاوُد َ { :وكُلُّ مُسْكِرٍ َخمْرٌ َوكُلُّ َخمْرٍ حَرَامٌ } .
َوأَ ْحمَدُ َوَأبُو يَعْلَى َ { :ألَا فَكُلُّ مُسْكِرٍ َخمْرٌ َوكُلُّ َخمْرٍ حَرَامٌ } .
الصحِيحَيْنِ :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { سُئِلَ عَنْ الْبِتْعِ أَيْ نَبِيذِ الْعَسَلِ ؟ فَقَالَ :كُلُّ شَرَابٍ وَفِي َّ أَسْكَرَ فَ ُهوَ حَرَامٌ } .
خمْرِ َوكَانَ َالدلَالَةُ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ :أَحَ ُد ُهمَا :أَنَّ الْآيَةَ لَمَّا دََّلتْ عَلَى َتحْ ِرميِ اْل َ قَالَ اْلخَطَّابِيُّ :و َّ
()337/7
مُسَمَّاهَا َمجْهُولًا لِلْ َق ْومِ حَسُنَ لِلشَّارِعِ َأنْ يَقُولَ مُرَادُ اللَّهِ َتعَالَى مِنْ هَذِهِ اللَّ ْفظَةِ هَذَا َويَكُونُ عَلَى
َالص ْومِ . سَبِيلِ إحْدَاثِ لُغَةٍ َكمَا فِي الصَّلَاةِ و َّ
صلَ خمْرِ فِي اْلحُرْمَةِ لِأَنَّ َق ْولَهُ هَذَا َخمْرٌ ،إنْ كَانَ حَقِيقَةً حَ َ وَاْلوَجْهُ الْآخَرُ َ :أنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَاْل َ ُدعَى َأوْ َمجَازًا فَكَ َذلِكَ فَيَكُونُ حُ ْكمُهُ َكحُ ْكمِهِ لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ الشَّارِعَ لَيْسَ مَقْصُودُهُ تَعْلِيمَ اللُّغَاتِ اْلم َّ
الصحِيحَيْنِ يُ ْب ِطلُ كُلَّ تَ ْأوِيلٍ َذكَرَهُ الْقَائِلُونَ ِبحِلِّ َبلْ تَعْلِيمَ الْأَحْكَامِ ،وَحَدِيثُ الْبِ ْتعِ اْلمَ ْذكُورِ عَنْ َّ الَْأنْبِذَةِ َويُفْسِدُ َقوْلَ مَ ْن َزعَمَ حِلَّ مَا لَا يُسْكِرُ مِنْ الَْأنْبِذَةِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ َن ْوعٍ
وَاحِدٍ مِنْ الَْأنْبِذَةِ ،فَأَجَابَ بِتَحْ ِرميِ اْلجِنْسِ الشَّا ِملِ لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِريِ َ ،وَلوْ كَانَ ثَمَّ تَفْصِيلٌ فِي شَ ْيءٍ مِنْ َأْنوَاعِهِ وَمَقَادِيرِهِ لَ َذكَرَهُ وَلَمْ يُ ْهمِلْهُ وَفِي اْلحَدِيثِ { :مَا أَسْكَرَ كَثِريُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ } .
سعُ سِتَّةَ عَشَ َر ِرطْلًا مِنْهُ فَ ِم ْلءُ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ { :مَا أَسْكَرَ الْفَ َرقُ -أَيْ بِفَتْحِ الرَّاءِ -كَ ْيلٌ يَ َ
الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ } . وَ َروَى َأبُو دَاوُد { :نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّ َم عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ } .
قَالَ اْلخَطَّابِيُّ :اْلمُفَتِّرُ كُلُّ شَرَابٍ يُورِثُ الْفُتُورَ وَاْلخَدَرَ فِي الَْأعْضَاءِ ،وَاسْتَدَلُّوا َأيْضًا بِالِاشْتِقَاقِ
خمْرِ وَاْلمَيْسِرِ َدمِ َوبِ َق ْولِهِ تَعَالَى َّ { :إنمَا يُرِيدُ الشَّ ْيطَانُ َأنْ يُو ِقعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي اْل َ اْلمُتَق ِّ ُدكُمْ عَنْ ِذكْرِ اللَّهِ َوعَنْ الصَّلَاةِ } َوهَذِهِ الْعِلَّةُ َموْجُودَةٌ فِي سَائِرِ الَْأنْبِذَةِ ،لِأَنَّهَا كُلَّهَا َمظِنَّةٌ َويَص َّ
خمْرَ مُسْلِبَةٌ لِلْعَ ْقلِ مُ ْذهِبَةٌ لِ ْلمَالِ َ ،وهَذِهِ لِ َذلِكَ َ ،وَأيْضًا فَإِنَّ ُعمَرَ وَمُعَاذًا قَالَا :يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ اْل َ النخِيلِ الْعِلَّةُ َموْجُودَةٌ فِي الَْأنْبِذَةِ وَالِاسْتِ ْدلَالُ بِآيَةِ { :وَمِنْ َثمَرَاتِ َّ
()333/7
وَالَْأعْنَابِ } مَرْدُودٌ بِأَنَّ هَذَا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الِْإثْبَاتِ .
فَِإنْ قُلْت :إنَّ َذلِكَ السُّكْرَ ُهوَ هَذَا النَّبِيذُ عَلَى أَنَّ اْلمُفَسِّرِينَ أَ ْجمَعُوا عَلَى أَنَّ هَذِهِ سَابِقَةُ النُّزُولِ خمْرِ فَهِيَ نَا ِسخَةٌ َأوْ ُمخَصِّصَةٌ لِهَذِهِ َ { ،وبِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَلَى الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى َتحْ ِرميِ اْل َ
وَسَلَّمَ َأتَى السِّقَايَةَ عَامَ حَجَّةِ اْلوَدَاعِ ،فَاسْتَنَدَ إلَيْهَا وَقَالَ :اسْقُونِي ،فَقَالَ الْعَبَّاسُ :نُسْقِيك مِمَّا َطبَ وَجْهَهُ وَرَدَّ ُه ،فَقَالَ نَنْبِذُهُ فِي بُيُوتِنَا ؟ فَقَالَ مِمَّا يُسْقَى النَّاسُ َفجَاءَهُ بِقَدَحٍ مِنْ نَبِيذٍ ،فَشَمَّهُ فَق َّ الْعَبَّاسُ :يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْسَدْت عَلَى َأ ْهلِ مَكَّةَ شَرَابَهُمْ ،فَقَالَ رُدُّوا عَلَيَّ الْقَدَحَ فَرَدَّهُ فَدَعَا ِبمَاءٍ
مِنْ زَمْ َزمَ فَصَبَّ فِيهِ وَشَرِبَ :فَقَالَ إذَا اغْتَ َل َمتْ أَيْ اشْتَدَّتْ عَلَيْكُمْ الْأَشْ ِربَةُ فَا ْقطَعُوا مُتُونَهَا بِاْلمَاءِ }
.
مَرْدُودٌ َأيْضًا بَعْدَ تَسْلِيمِ فَرْضِ صِحَّتِهِ بِأَنَّ هَذِهِ وَاقِعَةُ حَالٍ ُيحَْت َملُ أَنَّهُ كَانَ مِمَّا نُبِذَتْ فِيهِ َتمَرَاتٌ
اللطَافَةِ حمُوضَةِ َوطَبْ ُعهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَايَةِ َّ لَِتجْذِبَ مُلُوحَتَهُ فَتَغَيَّرَ طَعْمُ الْمَاءِ قَلِيلًا إلَى اْل ُ حمُوضَةِ َأوْ الرَّاِئحَةِ َ ،وبِأَنَّ فِيهِ آثَارًا َطبَ وَجْهَهُ َوإَِّنمَا صَبَّ اْلمَاءَ فِيهِ إزَالَةً لِتِلْكَ اْل ُ فَلَمْ َيحَْتمِلْهُ فَق َّ
ضوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ تَقْتَضِي اْلحِلَّ ،كَكَ ْتبِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إلَى بَ ْعضِ الصحَابَةِ ِر ْ عَنْ َّ
عُمَّالِهِ :إنَّ أَرْزَاقَ اْلمُسْ ِلمِنيَ الطِّلَاءُ َو ُهوَ مَا َذ َهبَ ثُلُثَاهُ ،وَشُرْبُ َأبِي عُبَيْدَةَ ،وَمُعَاذٍ لَهُ مَرْدُودٌ أَيْضًا
بَعْدَ فَرْضِ صِحَّتِهَا بِأَنَّهُ قَدْ عَا َرضَهَا آثَارٌ أُخَرُ ،فَتَدَافَ َعتْ َوَتسَا َق َطتْ َوبَقَِيتْ اْلحُجَّةُ فِيمَا صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ َتحْ ِرميِ كُلِّ مُسْكِرٍ قَلِيلِهِ َوِإنْ لَمْ ُيسْكِرْ َوكَثِريِهِ . وَمَرَّ أَنَّ أَخْبَارَ حُرْمَةِ َذلِكَ صَرَاِئحُ لَا َتحَْت ِملُ التَّ ْأوِيلَ َولِضَعْفِ شُبَهِ اْلحِلِّ .
قَالَ
()335/7
الشَّافِعِيُّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :أَحُدُّ مُعْتَقِدَهُ َوأَقَْبلُ شَهَا َدتَهُ َوإَِّنمَا حَدَّهُ ِلمَا ُذكِرَ مِنْ ضَعْفِ شُبْهَتِ ِه َ ،ولِأَنَّ الْعِبْرَةَ ِبمَ ْذ َهبِ اْلحَاكِمِ اْلمَرْفُوعِ إلَيْهِ لَا اْلخَصْمِ َوإَِّنمَا قَِبلَ شَهَا َدتَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَ ْرتَ ِكبْ مُفَسِّقًا فِي
اعْتِقَادِهِ ،ثُمَّ َمحَلُّ اْلخِلَافِ َكمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي شُرْبِ شَ ْيءٍ لَا يُسْكِرُ ُهوَ أَصْلًا ،فََأكْثَرُ الْعُ َلمَاءِ
خمْرِ تَثُْبتُ لَهُ َ ،وَأطَالُوا فِي رَدِّ خِلَافِ َذلِكَ َوتَ ْزيِيفِهِ . عَلَى َتحْرِميِهِ َوأَنَّ َجمِيعَ أَحْكَامِ اْل َ
()336/7
الرطَبِ إذَا أَمَّا شُرْبُ مَا يُسْكِرُ بِالْفِ ْعلِ فَهُوَ حَرَامٌ وَفِسْقٌ بِالْإِ ْجمَاعِ َ ،وكَذَا قَلِيلُ عَصِريِ الْعِنَبِ َأوْ ُّ اشْتَدَّ َوغَلَا مِنْ غَيْرِ َع َملِ النَّارِ فِيهِ فَ ُهوَ حَرَامٌ َوَنجِسٌ إ ْجمَاعًا ُيحَدُّ شَا ِربُهُ َويُفَسَّقُ َبلْ َويُكَفَّرُ إنْ
النخِيلِ } الْآيَةَ خمْرِ أَ ْرَبعُ آيَاتٍ ِبمَكَّةَ َقوْله تَعَالَى { :وَمِنْ َثمَرَاتِ َّ اسَْتحَلَّهُ ،قَالُوا َونَزَلَ فِي َتحْ ِرميِ اْل َ .
َوكَانَ اْلمُسْ ِلمُونَ يَشْ َربُونَهَا وَهِيَ لَهُمْ حَلَالٌ ،ثُمَّ إنَّ { ُعمَرَ وَمُعَاذًا وَآخَرِينَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ
خمْرِ فَإِنَّهَا مُ ْذهِبَةٌ لِلْعَ ْقلِ مُسْلِبَةٌ لِ ْلمَالِ } فَنَزَلَ َقوْله تَعَالَى { :فِي ِهمَا إثْمٌ كَبِريٌ وَمَنَا ِفعُ أَفْتِنَا فِي اْل َ
خمْرِ َفمَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَ ْيءٌ مِنْهَا َدمُ فِي َتحْ ِرميِ اْل َ لِلنَّاسِ } فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :إنَّ اللَّهَ يُق ِّ فَلْيَبِعْهُ } ،فَتَ َركَهَا َق ْومٌ لِ َق ْولِهِ { إثْمٌ كَبِريٌ } وَشَ ِربَهَا َق ْومٌ لِ َق ْولِهِ { وَمَنَا ِفعُ لِلنَّاسِ } إلَى َأنْ صََنعَ عَبْدُ خمْرٍ فَشَ ِربُوا وَسَكِرُوا الصحَابَةِ َوَأتَاهُمْ ِب َ الرَّ ْحمَنِ بْنُ َع ْوفٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ طَعَامًا فَ َدعَا نَاسًا مِنْ َّ
وَحَضَرَتْ صَلَاةُ اْلمَغْرِبِ فَتَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ فَقَ َرأَ { ُقلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ َأعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } هَكَذَا إلَى آخِرِ السُّورَةِ ِبحَذْفِ ( لَا ) فََأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى { لَا تَقْ َربُوا الصَّلَاةَ َوَأنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى
َرمَ السُّكْرَ فِي َأوْقَاتِ الصَّلَاةِ َ ،ولَمَّا نَ َزَلتْ هَذِهِ الْآيَةُ حَرَّمَهَا َق ْومٌ وَقَالُوا :لَا تَعْ َلمُوا مَا تَقُولُونَ } َفح َّ خَيْرَ فِي شَ ْيءٍ َيحُولُ بَيْنَنَا َوبَيْنَ الصَّلَاةِ َوتَ َركَهَا َق ْومٌ فِي َأوْقَاتِ الصَّلَاةِ فَقَطْ ،فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَشْرَبُ صحُو إذَا جَاءَ وَ ْقتُ الظُّهْرِ . بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَيُصِْبحُ وَقَ ْد زَالَ سُكْرُهُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّ ْبحِ فَيَ ْ
{ َواَِّتخَذَ عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ صَنِيعًا وَ َدعَا رِجَالًا مِنْ اْلمُسْ ِلمِنيَ فِيهِمْ سَعْدُ بْنُ َأبِي وَقَّاصٍ َوكَانَ قَدْ َشوَى
خمْرَ حَتَّى أَخَذَتْ لَهُمْ َرأْسَ بَعِريٍ فََأكَلُوا مِنْهُ وَشَ ِربُوا اْل َ
()333/7
مِنْهُمْ ،ثُمَّ إنَّهُمْ افَْتخَرُوا عِنْدَ َذلِكَ وَاسْتَبُّوا َوتَنَاشَدُوا الْأَشْعَارَ فََأنْشَدَ بَعْضُهُمْ قَصِيدَةً فِيهَا هِجَاءُ
ضحَةً ، الَْأنْصَارِ وَ َفخْرٌ لِ َقوْمِهِ فَأَخَذَ رَ ُجلٌ مِنْ الَْأنْصَارِ َلحْيَ الْبَعِريِ فَضَرَبَ بِهِ َرأْسَ سَعْدٍ فَشَجَّهُ مُو ِ فَاْنطَلَقَ سَعْدُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَكَا إلَيْهِ الَْأنْصَارِيَّ :فَقَالَ :اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا
خمْرُ وَاْلمَيْسِرُ وَالَْأنْصَابُ خمْرِ بَيَانًا شَافِيًا فََأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى { :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا َّإنمَا اْل َ َرْأيَك فِي اْل َ وَالْأَ ْزلَامُ رِجْسٌ مِنْ َع َملِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْ ِلحُونَ َّإنمَا يُرِيدُ الشَّ ْيطَانُ َأنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ ُدكُمْ عَنْ ِذكْرِ اللَّهِ َوعَنْ الصَّلَاةِ فَ َهلْ َأنْتُمْ مُنْتَهُونَ } } . خمْرِ وَاْلمَيْسِرِ َويَص َّ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي اْل َ
وَ َذلِكَ بَعْدَ غَ ْزوَةِ الْأَحْزَابِ بِأَيَّامٍ ،فَقَالَ ُعمَرُ :انْتَهَيْنَا يَا رَبِّ .
التحْ ِرميِ عَلَى هَذَا التَّ ْرتِيبِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلِمَ أَنَّ الْ َق ْومَ قَالَ الْ َفخْرُ الرَّازِيّ :وَاْلحِ ْكمَةُ فِي وُقُوعِ َّ
خمْرِ َوكَانَ انْتِفَاعُهُمْ بِ َذلِكَ كَثِريًا ،فَعَلِمَ أَنَّهُ َلوْ مَنَعَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً لَشَقَّ كَانُوا قَدْ َألِفُوا شُرْبَ اْل َ
خ ْمرَ َرمَ اْل َ َذلِكَ عَلَيْهِمْ فَلَا جَ َرمَ دَرَّجَهُمْ فِي ا َّلتحْ ِرميِ رِفْقًا بِهِمْ ،وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ إنَّ اللَّهَ ح َّ وَاْلمَيْسِرَ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَيْ آيَةِ الْبَقَرَةِ ،ثُمَّ نَزَلَ َق ْولُهُ { :لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ َوَأنْتُمْ سُكَارَى } فَاقْتَضَى
َتحْ ِرميَ شُ ْربِهَا َأيْضًا ،لِأَنَّ شَارِبَهَا تَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ َمعَ السُّكْرِ فَكَانَ اْلمَ ْنعُ مِنْ َذلِكَ مَنْعًا مِنْ التحْ ِرميِ . ضمْنًا ،ثُمَّ نَ َزَلتْ آيَةُ اْلمَائِدَةِ فَكَاَنتْ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ فِي َّ الشُّرْبِ ِ
جبَ مِنْهَا وَمَا حَ ُرمَ خمْرُ َولَمْ يَكُنْ َيوْمَئِذٍ لِلْعَرَبِ عَيْشٌ َأ ْع َ قَالَ َأنَسٌ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :حُرِّ َمتْ اْل َ عَلَيْهِمْ شَ ْيءٌ أَشَدُّ مِنْهَا ،وَقَالَ :مَا كَانَ لَنَا َخمْرٌ غَيْرُ فَضِيخِكُمْ فَإِنِّي لَقَائِمٌ أَسْقِي َأبَا
()333/7
خمْرُ قَالُوا َأهْ ِرقْ هَذِهِ الْقِلَالَ يَا َأنَسُ قَالَ َ :فمَا طَ ْلحَةَ وَفُلَانًا وَفُلَانًا ،إذَا جَا َء رَ ُجلٌ فَقَالَ حُرِّ َمتْ اْل َ سََألُوا عَنْهَا َولَا رَاجَعُوهَا بَعْدَ خَبَرِ الرَّ ُجلِ .
وَاْلمَيْسِرُ الْ ِقمَارُ ،وَسَيَ ْأتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي مَ ْبحَثِهِ بَابِ الشَّهَادَاتِ فِي َقوْله تَعَالَى { :فِي ِهمَا } أَيْ
الذْنبِ وَمِنْهُ تَعَاطِي ِهمَا { إثْمٌ كَبِريٌ } أَيْ بِاْل ُموَحَّدَةِ وَاْلمُثَلَّثَ ِة ،وَالِْإثْمُ يُوصَفُ بِالْكِبَرِ مُبَالَغَةً فِي تَ ْعظِيمِ َّ
خمْرِ وَالْ ِقمَارُ مِنْ الْكَبَائِرِ { :إنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِريًا } { إنْ َتجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْ َه ْونَ عَنْهُ } ،وَشُرْبُ اْل َ :فَنَا َسبَ َوصْفُ إْثمِ ِهمَا بِ َذلِكَ ،وَقَدْ اتَّفَ َقتْ السَّبْعَةُ فِي { َأكْبَرُ مِنْ نَفْعِ ِهمَا } عَلَى أَنَّهُ بِاْل ُموَحَّدَةِ .
َووَجْهُ قِرَاءَةِ الْأَ َخ َويْنِ كَثِريٌ بِالْمُثَلَّثَةِ أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الْآِثمِنيَ مِنْ الشَّا ِربِنيَ وَاْلمُقَامِرِينَ َ ،أوْ بِاعْتِبَارِ مَا
يَتَرََّتبُ عَلَى تَعَاطِي ِهمَا مِنْ َتوَالِي الْعِقَابِ َوتَضْعِيفِهِ ،أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرََّتبُ عَلَى شُ ْربِهَا وَاللَّ ِعبِ بِهِ مِنْ
الْأَ ْقوَالِ السَّيِّئَةِ وَالْأَفْعَالِ الْقَبِيحَةِ َ ،أوْ بِاعْتِبَارِ مَنْ تَدَا َولَهَا مِنْ لَ ُدنْ كَاَنتْ عِنَبًا إلَى َأنْ شُ ِرَبتْ فَقَدْ لُعِنَ خمْرُ َولُعِنَ مَعَهَا عَشْرَةٌ َكمَا سَيَ ْأتِي فَنَا َسبَ َذلِكَ َ ،أوْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْإِثْمَ مُقَاِبلٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اْل َ
حتْ الْقِرَا َءتَانِ َبلْ ضَ جمْعِيَّةِ َ ،و ُهوَ الْكَثْرَةُ فَاتَّ َ ِلمَنَا ِفعَ َو ُهوَ َج ْمعٌ فَنَا َسبَ َوصْفَ مُقَابِلِهِ ِبمَعْنَى اْل َ مَآلُ ُهمَا إلَى شَ ْيءٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْكَبِريَ كَثِريٌ َوعَكْسَهُ ،كَمَا أَنَّ الصَّغِريَ حَقِريٌ َويَسِريٌ .
جبُ عَلَى اْلمُتَكَلِّمِ فِي َتوْجِيهِ الْقِرَاءَاتِ َأنْ ُيوَجِّهَ كُلًّا مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِتَضْعِيفِ قِرَاءَةٍ مَُتوَاتِرَةٍ وَمِمَّا َي ِ ضعَ فَ ُهوَ مِ ْن َزلَلِهِمْ وَ َخطَئِهِمْ ،وَدَلَّ َق ْولُهُ تَبَارَكَ ،وَمَا وَ َقعَ مِنْ َذلِكَ لِلزَّ َمخْشَرِيِّ َوغَيْرِهِ فِي َموَا ِ
َرمَ خمْرِ بِ َدلِيلِ َقوْله تَعَالَى ُ { :قلْ َّإنمَا ح َّ ا ْسمُهُ { إثْمٌ كَبِريٌ } عَلَى َتحْرِميِ اْل َ
()333/7
رَبِّي الْ َفوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا َبطَنَ وَالِْإثْمَ } َوَأيْضًا فَالِْإثْمُ إمَّا الْعِقَابُ َأوْ سَبَبُهُ َوكُلٌّ مِنْ ُهمَا لَا
َرمُ َ ،وَأيْضًا فَقَدْ قَالَ تَعَالَى َ { :أكْبَرُ مِنْ نَفْعِ ِهمَا } فَرَ َجحَ الِْإثْمُ وَ َذلِكَ يُو ِجبُ يُوصَفُ بِهِ إلَّا اْل ُمح َّ التحْ ِرميَ . َّ
خمْرِ حَرَامٌ َبلْ عَلَى أَنَّ فِيهِ إْثمًا َ ،و َهبْ أَنَّ َذلِكَ الِْإثْمَ حَرَامٌ فَِإنْ قِيلَ :هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ شُرْبَ اْل َ السؤَالَ صلَ فِيهِ َذلِكَ الِْإثْمُ وَ َجبَ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا ؟ أُجِيبَ :بِأَنَّ ُّ خمْرِ لَمَّا حَ َ فَلِمَ قُلْتُمْ إنَّ شُرْبَ اْل َ خمْرِ ،فَلَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ فِيهِ إْثمًا كَانَ اْلمُرَادُ أَنَّ َذلِكَ الِْإثْمَ لَا ِزمٌ لَ ُه عَلَى كَانَ وَاقِعًا عَنْ ُمطْلَقِ اْل َ
خمْرِ مُسْتَلْزِمًا لِهَذِهِ اْلمُلَازَمَةِ اْل ُمحَرَّمَةِ وَمُسْتَلْ ِزمُ اْل ُمحَرَّمِ ُمحَرَّمٌ ، َجمِيعِ التَّقْدِيرَاتِ فَكَانَ شُرْبُ اْل َ
َفوَ َجبَ َأنْ يَكُونَ الشُّرْبُ ُمحَرَّمًا .
َرمُ لَيْسَ كَ َذلِكَ َولِأَنَّهُمْ لَمْ التحْ ِرميِ لِأَنَّهَا أَثْبََتتْ فِيهَا مَنَا ِفعَ وَاْل ُمح َّ فَِإنْ قِيلَ :إنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى َّ الدلَالَةِ عَلَى اْلحُرْمَةِ حَتَّى نَ َزَلتْ آيَةُ اْلمَائِدَةِ وَآيَةُ َتحْ ِرميِ الصَّلَاةِ َ ،ولِأَنَّهَا َأثْبََتتْ أَنَّ مِنْ يَقْنَعُوا بِهَا فِي َّ التحْ ِرميِ لَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ َتحِلَّ قَطُّ فِي شَرْعِنَا َولَا فِي َأ ْوصَافِهَا أَنَّ فِيهَا إْثمًا كَبِريًا ،فَ َلوْ دَلَّ عَلَى َّ
غَيْرِهِ وَ ُهوَ بَا ِطلٌ .
َوأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ :بِأَنَّ حُصُولَ النَّ ْفعِ فِيهَا غَيْرُ مَاِنعٍ مِنْ حُرْمَتِهَا لِأَنَّ صِ ْدقَ اْلخَاصِّ يُو ِجبُ صِ ْدقَ
َرمَ عَلَيْهِمْ الْعَامِّ أَيْ َولَا يَرُدُّ عَلَيْهِ َق ْولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :إنَّ اللَّهَ لَنْ َيجْ َعلَ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا ح َّ
} لِأَنَّ اْلمَنَا ِفعَ َأعَمُّ مِنْ الشِّفَاءِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِهِ نَفْيُ ُمطْلَقِ اْلمَنَا ِفعِ . َالتوَقُّفُ الَّذِي خمْرَ و َّ َوعَنْ الثَّانِي :بِأَنَّهُ جَاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا أَنَّهَا نَ َزَلتْ وَحَ َّرمَ اْل َ َذكَرُوهُ غَيْرُ مَ ْروِيٍّ عَنْهُمْ َّإنمَا كَانَ مِنْ بَعْضِهِمْ ،عَلَى أَنَّهُ
()333/7
التحْ ِرميِ َكمَا الَْتمَسَ إبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ الصحَابَةِ مَا ُهوَ آكَدُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ فِي َّ َيجُوزُ َأنْ َيطْ ُلبَ َأكَابِرُ َّ عَلَى نَبِيِّنَا َوعَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُشَاهَدَةَ إحْيَاءِ اْل َم ْوتَى ؛ لِيَزْدَادَ يَقِينًا َو ُطمَ ْأنِينَةً .
َوعَنْ الثَّاِلثِ :بِأَنَّ َقوْله تَعَالَى { :فِي ِهمَا إثْمٌ كَبِريٌ } إخْبَارٌ عَنْ اْلحَالِ لَا عَنْ اْلمَاضِي ،فَعَلَّمَ تَعَالَى خمْرِ مَفْسَدَةٌ لَهُمْ دُونَ مَنْ قَبْلَهُمْ . أَنَّ شُرْبَ اْل َ
خمْرُ عَدُوَّةً خمْرِ الْكَبِريِ إزَالَةُ الْعَ ْقلِ الَّذِي ُهوَ أَشْ َرفُ صِفَاتِ الِْإنْسَانِ َ ،وإِذَا كَاَنتْ اْل َ وَمِنْ إثْمِ اْل َ
لِلْأَشْ َرفِ لَ ِزمَ َأنْ تَكُونَ أَخَسُّ الْأُمُورِ ؛ لِأَنَّ الْعَ ْقلَ َّإنمَا سُمِّيَ عَقْلًا لِأَنَّهُ يَعْ ِقلُ أَيْ َيمَْنعُ صَاحِبَ ُه عَنْ
خمْرَ زَالَ َذلِكَ الْعَ ْقلُ اْلمَاِنعُ عَنْ الْقَبَائِحِ َوَتمَكَّنَ إلْفُهَا الْقَبَاِئحِ الَّتِي َيمِيلُ إلَيْهَا ِبطَبْعِهِ ،فَإِذَا شَرِبَ اْل َ
َو ُهوَ الطَّ ْبعُ مِنْهَا فَا ْرتَكَبَهَا َوَأكْثَرَ مِنْهَا حَتَّى يَ ْرتَدَّ إلَيْهِ عَقْلُهُ . سلُ بِهِ يَدَهُ كَهَيْئَةِ اْلمَُتوَضِّئِ وَيَقُولُ الدنْيَا :أَنَّهُ مَرَّ بِسَكْرَانَ َو ُهوَ يَبُولُ فِي يَدِهِ َويَغْ ِ َذكَرَ ابْنُ َأبِي ُّ
حمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْإِسْلَامَ نُورًا وَاْلمَاءَ طَهُورًا . اْل َ
خمْرَ فَإِنَّهَا تَزِيدُ فِي حَرَارَتِك ؟ شرَبُ اْل َ َوعَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ :أَنَّهُ قِيلَ لَهُ فِي اْلجَاهِلِيَّةِ لِمَ لَا تَ ْ
فَقَالَ مَا َأنَا بِآخِذٍ جَهْلِي بِيَدِي فَأُدْخِلُهُ فِي َجوْفِي َولَا أَ ْرضَى َأنْ ُأصِْبحُ سَيِّدَ َقوْمِي َوأُمْسِي سَفِيهَهُمْ . َدهَا عَنْ َذكَرِ اللَّهِ َوعَنْ الصَّلَاةِ َوإِيقَاعُهَا الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ َكمَا َذكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي آيَةِ وَمِنْهُ ص ُّ
اْلمَائِدَةِ ،وَمِنْهُ أَنَّ هَذِهِ اْلمَعْصِيَةَ مِنْ َخوَاصِّهَا أَنَّ الِْإنْسَانَ إذَا َألِفَهَا اشْتَدَّ مَيْلُهُ إلَيْهَا َوكَادَ َأ ْن
يَسَْتحِيلَ مُفَارَقَتُهُ لَهَا ِبخِلَافِ َأكْثَرِ اْلمَعَاصِي .
َوَأيْضًا َفمُتَعَاطِيهَا لَا َيمَلُّ مِنْهَا ِبخِلَافِ سَائِرِ اْلمَعَاصِي َ ،ألَا تَرَى أَنَّ الزَّانِيَ تَفْتُ ُر َرغْبَتُهُ مِنْ مَرَّةٍ َوك َُّلمَا
زَادَ زَادَ فُتُورُهُ ،
()333/7
وَالشَّارِبُ ك َُّلمَا زَا َد زَادَ نَشَاطُهُ وَاسْتَغْرَقَتْهُ اللَّذَّةُ الْبَدَنِيَّةُ فََأعْرَضَ عَنْ تَذَكُّرِ الْآخِرَةِ وَجَعَلَهَا خَلْفَ
ظَهْرِهِ نَسْيًا مَنْسِيًّا ،فَكَانَ مِنْ الَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فََأنْسَاهُمْ َأنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ .
جمْلَةِ ؛ إذَا زَالَ الْعَ ْقلُ حَصَ َلتْ اْلخَبَاِئثُ بِأَسْ ِرهَا َ ،ولِ َذلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { : َوبِاْل ُ
خمْرَ فَإِنَّهَا أُمُّ اْلخَبَاِئثِ } . اجْتَنِبُوا اْل َ
النوَاحِي َ ،وكَانَ اْلمُشْتَرِي إذَا وَمِنْ مَنَافِعِهَا اْلمَ ْذكُورَةِ فِيهَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَغَاَل ْونَ فِيهَا إذَا َجلَبُوهَا مِنْ َّ تَرَكَ اْل ُممَاكَسَةَ فِي شِرَائِهَا عَدُّوهُ فَضِيلَةً لَهُ وَمَكْرُمَةً فَكَاَنتْ أَرْبَاحُهُمْ تَكْثُرُ بِسَبَبِ َذلِكَ ؛ وَمِنْهَا َأنْ الل ْونَ َجعَ اْلجَبَانَ َوتُصَفِّيَ َّ تُقَوِّيَ الضَّعِيفَ َوتَهْضِمَ الطَّعَامَ َوتُعِنيَ عَلَى الْبَاهِ َوتُسَلِّي اْل َمحْزُونَ َوتُش ِّ َوتُنْعِشَ اْلحَرَارَةَ الْغَرِيزِيَّةَ َوتَزِيدَ فِي الْهِمَّةِ وَالِاسْتِعْلَاءِ ؛ ثُمَّ لَمَّا حُرِّ َمتْ سَلَبَهَا َجمِيعَ هَذِهِ اْلمَنَا ِفعِ َوصَارَتْ ضَرَرًا صِرْفًا وَ َم ْوتًا حَتْفًا َأعَا َذنَا اللَّهُ مِنْ مَعَاصِيهِ ِبمَنِّهِ َوكَرَمِهِ .
خمْرِ َوبَيْ ِعهَا وَشِرَائِهَا َوعَصْ ِرهَا وَ َحمْلِهَا َوَأ ْكلِ وَجَاءَ فِي السُّنَّةِ الْغَرَّاءِ تَشْدِيدٌ َعظِيمٌ فِي شُرْبِ اْل َ َالت ْوبَةِ مِنْهُ . َثمَنِهَا َوتَ ْرغِيبٌ َعظِيمٌ فِي تَرْكِ َذلِكَ و َّ .
()332/7
أَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :لَا
خمْرَ يَ ْزنِي الزَّانِي حِنيَ يَ ْزنِي َو ُهوَ مُؤْمِنٌ َ ،ولَا يَسْ ِرقُ السَّا ِرقُ حِنيَ يَسْ ِرقُ َو ُهوَ ُمؤْمِ ٌن َ ،ولَا يَشْرَبُ اْل َ
الت ْوبَةَ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ حِنيَ يَشْرَبُ َو ُهوَ ُمؤْمِنٌ } ،زَادَ مُسْلِمٌ فِي ِروَايَةٍ لَهُ َوَأبُو دَاوُد آخِرَهُ َ { :ولَكِنَّ َّ
}. وَفِي ِروَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ :قَالَ { لَا يَ ْزنِي الزَّانِي َو ُهوَ ُمؤْمِنٌ َ ،ولَا يَسْ ِرقُ السَّارِقُ َو ُهوَ ُمؤْمِنٌ َ ،ولَا
خمْرَ َو ُهوَ ُمؤْمِنٌ ،وَ َذكَرَ رَابِعَةً فَنَسِيتهَا ،فَإِذَا فَ َعلَ َذلِكَ فَقَدْ خَلَعَ ِربْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ ، يَشْرَبُ اْل َ فَِإنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ } .
خمْرَ وَشَا ِربَهَا وَسَاقِيَهَا وَمُبْتَاعَهَا َوبَائِعَهَا َوعَاصِ َرهَا وَمُعْتَصِ َرهَا وَحَامِلَهَا َوَأبُو دَاوُد { :لَعَنَ اللَّهُ اْل َ وَاْل َمحْمُولَةَ إلَيْهِ } . وَ َروَاهُ ابْنُ مَاجَهْ :وَزَادَ " وَآ ِكلَ َثمَنِهَا " .
وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ :وَاللَّفْظُ لَهُ ،وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ . خمْرِ عَشْرَةً : قَالَ اْلحَافِظُ اْلمُنْذِرِيُّ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ { :لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اْل َ
حمُولَةَ لَهُ وَسَاقَِيهَا َوبَائِعَهَا وَآ ِكلَ َثمَنِهَا وَاْلمُشْتَرِيَ لَهَا عَاصِ َرهَا وَمُعْتَصِ َرهَا وَشَا ِربَهَا وَحَامِلَهَا وَاْل َم ْ
وَاْلمُشْتَرَى لَهُ } . َرمَ اْلخِنْزِيرَ َوَثمَنَهُ } . َرمَ اْلمَيْتَةَ َوَثمَنَهَا وَح َّ خمْرَ َوَثمَنَهَا وَح َّ َرمَ الْ َ َوَأبُو دَاوُد َوغَيْرُهُ { :إنَّ اللَّهَ ح َّ
الشحُومَ فَبَاعُوهَا َوَأكَلُوا َأْثمَانَهَا ،إنَّ اللَّهَ َرمَ عَلَيْهِمْ ُّ َوَأبُو دَاوُد { :لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ ثَلَاثًا إنَّ اللَّهَ ح َّ
َرمَ عَلَيْهِمْ َثمَنَهُ } . َرمَ عَلَى َق ْومٍ َأ ْكلَ شَ ْيءٍ ح َّ إذَا ح َّ خمْرَ فَلْيُش َِّقصْ اْلخَنَازِيرَ } . َوَأبُو دَاوُد { :مَنْ بَاعَ اْل َ
خمْرِ فَلْيَسَْتحِلَّ َأ ْكلَ التحْ ِرميِ وَالتَّغْلِيظُ فِيهِ ،يَقُولُ مَنْ اسَْتحَلَّ بَ ْيعَ اْل َ قَالَ اْلخَطَّابِيُّ :مَعْنَى هَذَا َت ْوكِيدُ َّ اْلخَنَازِيرَ فَإِنَّ ُهمَا فِي اْلحُرْمَةِ وَالِْإثْمِ َسوَاءٌ ،فَإِذَا
()337/7
خمْرِ . كُنْت لَا تَسَْتحِلُّ َأ ْكلَ َلحْمِ اْلخِنْزِيرِ فَلَا تَسَْتحِلُّ َثمَنَ اْل َ انْتَهَى .
صحِيحٍ . َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ َ
َححَهُ َ { :أتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ يَا ُمحَمَّدُ إنَّ اللَّهَ صحِيحِهِ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
حمُولَةَ إلَيْهِ َوبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَسَاقِيَهَا خمْرَ َوعَاصِ َرهَا وَمُعْتَصِ َرهَا وَشَا ِربَهَا وَحَامِلَهَا وَاْل َم ْ لَعَنَ اْل َ وَمُسْقَاهَا } .
الدنْيَا وَالْبَيْهَقِيُّ { :يَبِيتُ َق ْومٌ ِمنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى طُعْمِ وَشُرْبٍ وَلَ ِعبٍ َوأَ ْحمَدُ ُمخْتَصَرًا وَابْنُ َأبِي ُّ سخُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ َولَيُصِيبَنَّهُمْ خَسْفٌ وَقَ ْذفٌ حَتَّى يُصِْبحَ النَّاسُ فَيَقُولُونَ َولَ ْهوٍ فَيُصِْبحُوا قَدْ مُ ِ السمَاءِ َكمَا َاص َ ،ولَتُرْسَلَنَّ عَلَيْهِمْ ِحجَارَةٌ مِنْ َّ خُسِفَ اللَّيْلَةَ بِبَنِي فُلَانٍ وَخُسِفَ اللَّيْلَةَ بِدَارِ فُلَانٍ َخو َّ
أُرْسِ َلتْ عَلَى َق ْومِ لُوطٍ عَلَى قَبَاِئلَ فِيهَا َوعَلَى دُورٍ َ ،ولْتُرْ َسلَنَّ عَلَيْهِمْ الرِّيحُ الْعَقِيمُ الَّتِي َأهْلَ َكتْ عَادًا الربَا خمْرَ َولُبْسِهِمْ اْلحَرِيرَ َواِِّتخَا ِذهِمْ الْقَيْنَاتِ َوَأكْلِهِمْ ِّ عَلَى قَبَاِئلَ فِيهَا َوعَلَى دُورٍ بِشُ ْربِهِمْ اْل َ
وَ َقطِيعَتِهِمْ الرَّحِمَ } ،وَخَصْلَةٍ نَسِيَهَا جَعْفَرٌ . وَالتِّرْمِذِيُّ .
وَقَالَ غَرِيبٌ { :إذَا فَعَ َلتْ أُمَّتِي َخمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً حَلَّ بِهَا الْبَلَا ُء ،قِيلَ وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ َالزكَاةُ مَغْرَمًا َ ،وَأطَاعَ الرَّ ُجلُ زَوْجَتَهُ َ ،وعَقَّ أُمَّهُ ، قَالَ :إذَا كَانَ اْلمَغْنَمُ ُد َولًا ،وَالْأَمَانَةُ مَغَْنمًا ،و َّ صوَاتُ فِي اْلمَسَاجِدِ َ ،وكَانَ َزعِيمُ الْ َق ْومِ أَرْ َذلَهُمْ َ ،وُأكْ ِرمَ َوبَرَّ صَدِيقَهُ ،وَجَفَا َأبَاهُ ،وَارْتَفَ َعتْ الَْأ ْ
ف َ ،ولَعَنَ خمُورُ َ ،ولُبِسَ اْلحَرِيرُ َ ،واُُّتخِذَتْ الْقَيْنَاتُ ،وَاْلمَعَا ِز ُ الرَّ ُجلُ َمخَافَةَ شَرِّهِ ،وَشُ ِرَبتْ اْل ُ سخًا } . ك ِرحيًا َحمْرَاءَ َأوْ خَسْفًا َأوْ مَ ْ َولَهَا ،فَلْيَ ْرتَقِبُوا عِنْدَ َذلِ َ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أ َّ
خمْرَ نَ َزعَ اللَّهُ مِنْهُ الْإِميَانَ َكمَا َيخْ َلعُ الِْإنْسَانُ الْ َقمِيصَ مِنْ َرأْسِهِ } وَاْلحَاكِمُ { :مَنْ َزنَى َأوْ شَرِبَ اْل َ .
()333/7
خمْرَ ،مَنْ كَانَ ُيؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالَْي ْومِ وَالطَّبَرَانِيُّ { :مَنْ كَانَ ُيؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالَْي ْومِ الْآخِرِ فَلَا يَشْرَبْ اْل َ خمْرُ } . الْآخِرِ فَلَا َيجْلِسُ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْ َ
وَالشَّ ْيخَانِ َوَأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ { :كُلُّ مُسْكِرٍ َخمْرٌ َوكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ،وَمَنْ شَرِبَ
الدنْيَا َفمَاتَ َو ُهوَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَشْ َربْهَا فِي الْآخِرَةِ } . خمْرَ فِي ُّ اْل َ
الدنْيَا َولَمْ يَُتبْ لَمْ يَشْ َربْهَا فِي الْآخِرَةِ َوِإنْ دَ َخلَ اْلجَنَّةَ } . خمْرَ فِي ُّ وَالْبَيْهَقِيُّ { مَنْ شَرِبَ اْل َ الدنْيَا ثُمَّ لَمْ يَُتبْ مِنْهَا ُحرِمَهَا فِي الْآخِرَةِ } . خمْرَ فِي ُّ وَمُسْلِمٌ { :مَنْ شَرِبَ اْل َ
قَالَ اْلخَطَّابِيُّ :قَالَ الْبَ َغوِيّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ :وَفِي َق ْولِهِ { حُرِمَهَا فِي الْآخِرَةِ } َوعِيدٌ بِأَنَّهُ لَا يَدْ ُخلُ َدعُونَ عَنْهَا َولَا يُنْزِفُونَ ،وَمَنْ دَخَلَ اْلجَنَّةَ لَا اْلجَنَّةَ ؛ لِأَنَّ شَرَابَ َأ ْهلِ اْلجَنَّةِ َخمْرٌ إلَّا أَنَّهُمْ لَا يُص َّ ُيحْ َرمُ شَرَابَهَا .
انْتَهَى ،وَفِيهِ َنظَرٌ . وَحَدِيثُ الْبَيْهَقِيّ اْلمَ ْذكُورِ يَرُدُّهُ ؛ لِلتَّصْرِيحِ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا يَشْ َربُهَا َوِإنْ دَ َخلَ اْلجَنَّةَ .
َححَهُ { :ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ اْلجَنَّةَ :مُدْمِنُ صحِيحِهِ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ َوأَ ْحمَدُ َوَأبُو يَعْلَى وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ خمْرِ سَقَاهُ اللَّهُ جَلَّ َوعَلَا مِنْ نَهْرِ ِالسحْرِ ،وَمَنْ مَاتَ مُدْمِنُ اْل َ َدقٌ ب ِّ خمْرِ ،وَقَا ِطعُ الرَّحِمِ ،وَمُص ِّ اْل َ الْغُوطَةِ .
الزوَانِي ُ -يؤْذِي أَ ْهلَ النَّارِ قِيلَ :وَمَا نَهْرُ الْغُوطَةِ ؟ قَالَ :نَهْرٌ َيجْرِي مِنْ فُرُوجِ اْلمُومِسَاتِ -أَيْ َّ رِيحُ فُرُوجِهِمْ } .
وَابْنُ حِبَّانَ { :لَا يَدْ ُخلُ اْلجَنَّةَ مُدْمِنُ َخمْرٍ َ ،ولَا ُمؤْمِنٌ بِسِحْرٍ َ ،ولَا قَا ِطعُ رَحِمٍ } . َححَهُ :وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ فِيهِ مَتْرُوكًا { :أَ ْرَبعٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَلَّا يُدْخِلَهُمْ اْلجَنَّةَ َولَا يُذِيقَهُمْ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ الربَا ،وَآ ِكلُ مَالِ الْيَتِيمِ بِغَيْرِ حَقٍّ ،وَالْعَاقُّ ِلوَالِ َديْهِ } . خمْرِ ،وَآ ِكلُ ِّ نَعِيمَهَا :مُدْمِنُ اْل َ َوأَ ْحمَدُ { :لَا يَلِجُ حَائِطَ الْقُدْسِ
()335/7
مُدْمِنُ َخمْرٍ َ ،ولَا الْعَاقُّ َ ،ولَا اْلمَنَّانُ َعطَاءَهُ } . وَ َروَاهُ الْبَزَّارُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ { :لَا يَ ِلجُ جَنَّاتِ الْفِرْ َدوْسِ } .
خمْرِ إنْ مَاتَ -أَيْ مِنْ غَيْرِ َت ْوبَةٍ -لَقِيَ اللَّهَ الصحِيحِ { :مُدْمِنُ اْل َ َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ رِجَالُ َّ
كَعَابِدِ َوثَنٍ } .
صحِيحِهِ { :مَنْ لَقِيَ اللَّهَ مُدْمِنَ َخمْرٍ لَقِيَهُ كَعَابِدِ َوثَنٍ } . وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ َأبِي مُوسَى َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ :مَا ُأبَالِي أَشَ ِربْت اْلخَمْرَ َأوْ عَبَدْت هَذِهِ السَّا ِريَةَ دُونَ اللَّهِ :أَيْ أَنَّ ُهمَا فِي الِْإثْمِ مُتَقَا ِربَا ِن َ ،وكَأَنَّهُ أَخَذَ َذلِكَ مِنْ َق ْولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
الصحَابَةِ أَنَّهَا لَمَّا حُرِّمَتْ مَشَى بَعْضُهُمْ إلَى بَ ْعضٍ وَقَالُوا حُرِّ َمتْ كَعَابِدِ َوثَنٍ " ،وَمِمَّا يَ ْأتِي عَنْ َّ خمْرُ وَجُعِ َلتْ عِ ْدلًا لِلشِّرْكِ . اْل َ
س َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ عَنْ ابْنِ عَبَّا ٍ
وَسَلَّمَ { :لَا يَدْ ُخلُ اْلجَنَّةَ مُدْمِنُ َخمْرٍ َولَا عَاقٌّ َولَا مَنَّانٌ } .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :فَشَقَّ َذلِكَ عَلَيَّ لِأَنَّ اْل ُمؤْمِنِنيَ يُصِيبُونَ ُذنُوبًا حَتَّى وَجَدْت َذلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ،فِي الْعَاقِّ { :فَ َهلْ عَسَيْتُمْ إنْ تَوَلَّيْتُمْ َأنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ َوتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ } الْآيَةَ .
خمْرُ وَاْلمَيْسِرُ خمْرِ َّ { :إنمَا اْل َ وَفِي اْلمَنَّانِ { :لَا تُ ْبطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِاْلمَنِّ وَالْأَذَى } وَفِي اْل َ وَالَْأنْصَابُ وَالْأَ ْزلَامُ رِجْسٌ مِنْ َعمَلِ الشَّ ْيطَانِ } .
َححَهُ { :ثَلَاثَةٌ قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَبَارَكَ َوتَعَالَى عَلَيْهِمْ َوأَ ْحمَدُ وَاللَّفْظُ لَهُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَزَّارُ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
خمْرِ ،وَالْعَاقُّ ،وَالدَّيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ فِي َأهْلِهِ اْلخََبثَ } . اْلجَنَّةَ :مُدْمِنُ اْل َ
سمِائَةِ عَامٍ َولَا َيجِدُ ِرحيَهَا مَنَّانٌ بِ َعمَلِهِ َولَا عَاقٌّ َولَا وَالطَّبَرَانِيُّ { :يُرَاحُ رِيحَ اْلجَنَّةِ مِنْ مَسِريَةِ َخمْ ِ مُدْمِنُ َخمْرٍ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ
()336/7
.
قَالَ اْلحَافِظُ اْلمُنْذِرِيُّ :لَا َأعْلَمُ فِي ُروَاتِهِ َمجْرُوحًا َولَهُ َشوَاهِدُ كَثِريَةٌ { :ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ اْلجَنَّةَ خمْرِ فَقَدْ خمْرِ ،قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَّا مُدْمِنُ الْ َ َأبَدًا ،الدَّيُّوثُ ،وَالرَّجُلَةُ مِنْ النِّسَاءِ ،وَمُدْمِنُ اْل َ
عَرَفْنَاهُ َفمَا الدَّيُّوثُ ؟ قَالَ :الَّذِي لَا يُبَالِي مَنْ دَ َخلَ عَلَى أَهْلِهِ .
قُلْنَا َفمَا الرَّجُلَةُ مِنْ النِّسَاءِ ؟ قَالَ :الَّتِي تَشَبَّهُ بِالرِّجَالِ } . َر } . خمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ ش ٍّ َححَهُ { :اجْتَنِبُوا اْل َ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
الدنْيَا َرأْسُ كُلِّ َخطِيئَةٍ } . خمْرُ ِجمَاعُ الِْإثْمِ ،وَالنِّسَاءُ حَبَاِئلُ الشَّ ْيطَانِ ،وَحُبُّ ُّ َورَزِينٌ { :اْل َ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ َأبِي الدَّرْدَاءِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ َ { :أ ْوصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
َأنْ لَا تُشْرِكَ بِاَللَّهِ شَيْئًا َوِإنْ قُطِّعْت َوِإنْ حُرِّقْت َ ،ولَا تَتْرُكَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا َفمَنْ تَ َركَهَا مُتَعَمِّدًا خمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ } . فَقَدْ بَ ِرَئتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ َ ،ولَا تَشْرَبَ اْل َ صحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : صحِيحٍ وَاْلحَاكِمُ وَقَالَ َ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ َ
{ أَنَّ َأبَا بَكْرٍ َو ُعمَرَ َونَاسًا جَلَسُوا بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَ َذكَرُوا أَ ْعظَمَ الْكَبَائِرِ ،فَلَمْ يَكُنْ عِنْ َدهُمْ فِيهَا عِلْمٌ فَأَرْسَلُونِي إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ َعمْرٍو أَسْأَلُهُ فَأَخْبَ َرنِي أَنَّ َأ ْعظَمَ الْكَبَائِرِ شُرْبُ
خمْرِ ،فََأتَيْتهمْ فَأَخْبَرْهتمْ فََأنْكَرُوا َذلِكَ َو َوثَبُوا إلَيْهِ َجمِيعًا حَتَّى َأَتوْهُ فِي دَارِهِ فَأَخْبَ َرهُمْ أَنَّ رَسُولَ اْل َ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :إنَّ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ بَنِي إ ْسرَائِيلَ أَخَذَ رَجُلًا فَخَيَّرَهُ بَيْنَ َأنْ يَشْرَبَ
خمْرَ خمْرَ َوإِنَّهُ لَمَّا شَرِبَ اْل َ خمْرَ َأوْ يَقُْتلَ نَفْسًا َأوْ يَ ْزنِيَ َأوْ يَأْ ُكلَ َلحْمَ خِنْزِيرٍ َأوْ يَقْتُلُو ُه ،فَاخْتَارَ اْل َ اْل َ لَمْ َيمْتَِنعْ مِنْ شَ ْيءٍ أَرَادُوهُ مِنْ ُه َ ،وإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ
()333/7
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْ َربُهَا فَتُقْبَلُ لَهُ صَلَاةٌ أَ ْربَعِنيَ لَيْلَ ًة َ ،ولَا َيمُوتُ وَفِي مَثَانَتِهِ مِنْهُ شَ ْيءٌ إلَّا حُرِّ َمتْ بِهَا عَلَيْهِ اْلجَنَّةُ فَِإنْ مَاتَ فِي أَ ْربَعِنيَ لَيْلَةً مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً } .
صحِيحِهِ وَاللَّفْظُ لَهُ وَالْبَيْهَقِيُّ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ وَ َموْقُوفًا وَ َذكَرَ أَنَّهُ اْل َمحْفُوظُ { :اجْتَنِبُوا وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ أُمَّ اْلخَبَاِئثِ ،فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يَتَعَبَّدُ َويَعْتَزِلُ النَّاسَ فَعَلَّقَتْهُ امْ َرأَةٌ فَأَرْسَ َلتْ إلَيْهِ خَادِمًا إنَّا نَ ْدعُوك لِشَهَادَةٍ فَدَ َخلَ َفطَفِ َقتْ ك َُّلمَا دَ َخلَ بَابًا َأغْلَقَتْهُ دُونَهُ حَتَّى إذَا أَفْضَى إلَى امْ َرأَةٍ َوضِيئَةٍ
جَالِسَةٍ َوعِنْ َدهَا غُلَامٌ َوبَاطِيَةٌ فِيهَا َخمْرٌ فَقَاَلتْ إنَّا لَمْ نَ ْدعُك لِشَهَادَةٍ َولَكِنْ َد َع ْوتُك لِتَقُْتلَ هَذَا الْغُلَامَ
ضحْتُكَ ،فَلَمَّا َرأَى أَنَّهُ لَا ُبدَّ لَهُ مِنْ حتُ بِكَ وَفَ َ صْ خمْرِ فَِإنْ َأبَ ْيتَ ِ َوتَ َقعَ عَلَيَّ َأوْ تَشْرَبَ كَأْسًا مِنْ اْل َ خمْرِ فَقَالَ زِيدِينِي فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى وَ َقعَ عَلَيْهَا خمْرِ فَسَقَتْهُ كَأْسًا مِنْ اْل َ َذلِكَ قَالَ اسْقِينِي كَأْسًا مِنْ اْل َ
خمْرِ فِي صَدْرِ رَجُلٍ َأبَدًا لَيُوشِكَنَّ خمْرَ فَإِنَّهُ َواَللَّهِ لَا َيجَْت ِمعُ إميَانٌ َوِإدْمَانُ اْل َ وَقََتلَ النَّفْسَ ؛ فَاجْتَنِبُوا اْل َ أَحَ ُد ُهمَا ُيخْرِجُ صَاحِبَهُ } .
الصحِيحُ وَقْفُهُ عَلَى كَ ْعبٍ عَنْ ابْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا أَنَّهُ صحِيحِهِ ،وَقِيلَ َّ َوأَ ْحمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
َس ِمعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { :إنَّ آ َدمَ لَمَّا ُأهْبِطَ إلَى الْأَرْضِ قَالَتْ اْلمَلَائِكَةُ أَيْ حمْدِك َونُقَدِّسُ لَك قَالَ إنِّي َأعْلَمُ رَبِّي { َأَتجْ َعلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا َويَسْفِكُ الدِّمَاءَ َوَنحْنُ نُسَِّبحُ ِب َ
مَا لَا تَعْ َلمُونَ } قَالُوا رَبَّنَا َنحْنُ َأ ْط َوعُ لَك مِنْ بَنِي آدَمَ ،قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ِلمَلَائِكَتِهِ هَلُمُّوا مَلَكَيْنِ مِنْ اْلمَلَائِكَةِ فَنَ ْنظُرُ كَيْفَ يَ ْعمَلَانِ قَالُوا رَبَّنَا هَارُوتُ وَمَارُوتُ قَالَ فَاهِْبطَا إلَى الْأَرْضِ فََتمَثَّلَتْ
()333/7
الزهْرَةُ امْ َرأَةً مِنْ أَحْسَنِ الْبَشَرِ َفجَاءَاهَا فَسََألَاهَا نَفْسَهَا فَقَاَلتْ لَا َواَللَّهِ حَتَّى تَتَك ََّلمَا بِهَذِهِ لَ ُهمَا َّ الْكَ ِلمَةِ مِنْ الْإِشْرَاكِ قَالَا َواَللَّهِ لَا نُشْرِكُ بِاَللَّهِ َأبَدًا ،فَ َذهََبتْ عَنْ ُهمَا ثُمَّ رَجَ َعتْ إلَيْهِمَا وَمَعَهَا صَبِيٌّ
حمِلُهُ فَسََألَاهَا نَفْسَهَا ،فَقَاَلتْ لَا َواَللَّهِ حَتَّى تَقْتُلَا هَذَا الصَّبِيَّ . َت ْ
حمِلُهُ فَسََألَاهَا نَفْسَهَا ،فَقَاَلتْ لَا َواَللَّهِ فَقَالَا :لَا َواَللَّهِ لَا نَقْتُلُهُ َأبَدًا فَ َذهََبتْ ثُمَّ رَجَعَتْ بِقَدَحِ َخمْرٍ َت ْ خمْرَ فَشَ ِربَا فَسَكِرَا َفوَقَعَا عَلَيْهَا وَقَتَلَا الصَّبِيَّ ،فَلَمَّا أَفَاقَا قَاَلتْ اْلمَ ْرأَةُ َواَللَّهِ مَا حَتَّى تَشْ َربَا هَذِهِ اْل َ
تَ َركُْتمَا مِنْ شَ ْيءٍ َأبَيُْتمَا عَلَيَّ إلَّا فَعَلُْتمَا حِنيَ سَكِ ْرُتمَا ،فَخُيِّرَا عِنْدَ َذلِكَ بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا َوعَذَابِ الدنْيَا } . الْآخِرَةِ فَاخْتَارَا عَذَابَ ُّ
خمْرُ الصحِيحِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ { :لَمَّا حُرِّمَتْ اْل َ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ رِجَالُ َّ خمْرُ وَجُعِ َلتْ ب رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضُهُمْ إلَى بَ ْعضٍ وَقَالُوا حُرِّ َمتْ اْل َ صحَا ُ مَشَى َأ ْ
عِ ْدلًا لِلشِّرْكِ } .
َوأَ ْحمَدُ َوَأبُو يَعْلَى كِلَا ُهمَا عَنْ شَ ْيخٍ مِنْ ِحمْيَرَ لَمْ يُسَمِّيَاهُ عَنْ َأبِي َتمِيمٍ أَنَّهُ َس ِمعَ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ
عُبَادَةَ سَيِّدَ الَْأنْصَارِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ َو ُهوَ عَلَى مِصْرَ يَقُولُ َ :سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ضجَعًا مِنْ النَّارِ َأوْ بَيْتًا فِي جَهَنَّمَ } . َوأْ مَ ْ وَسَلَّمَ يَقُولُ { :مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ كَ ِذبَةً مُتَعَمَّدَةً فَلْيَتَب َّ
خمْرَ َأتَى َعطْشَانَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َ ،ألَا وَ َسمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { :مَنْ شَرِبَ اْل َ فَكُلُّ مُسْكِرٍ َخمْرٌ َوكُلُّ َخمْرٍ حَرَامٌ َ ،وإِيَّاكُمْ وَالْغُبَيْرَاءَ } ،وَ َسمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ُعمَرَ بَعْدَ َذلِكَ
جعٍ . يَقُولُ مِثْلَهُ لَمْ َيخْتَلِفَا إلَّا فِي بَ ْيتٍ َأوْ مَضْ َ
خمْرَ خَرَجَ نُورُ الْإِميَانِ مِنْ وَالطَّبَرَانِيُّ { :مَنْ شَرِبَ اْل َ
()333/7
َجوْفِهِ } . خمْرَ سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ َحمِيمِ جَهَنَّمَ } . وَالْبَزَّارُ { مَنْ شَرِبَ اْل َ
()323/7
وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ { :أَنَّ رَجُلًا قَ ِدمَ مِنْ جَيَشَانَ ،وَجَيَشَا ُن مِنْ الُْيمْنِ فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
اللهُ عَلَيْهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَرَابٍ يَشْ َربُونَهُ بِأَ ْرضِهِمْ مِنْ الذُّرَةِ يُقَالُ لَهُ اْلمِزْرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى َّ
وَسَلَّمَ َ :أوَ مُسْكِرٌ ُهوَ ؟ قَالَ :نَعَمْ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ َوإِنَّ عَلَى اللَّهِ عَهْدًا ِلمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ َأنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ اْلخَبَالِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طِينَةُ اْلخَبَالِ
؟ قَالَ :عَ َرقُ َأ ْهلِ النَّارِ أَوْ عُصَارَةُ َأ ْهلِ النَّارِ } .
َمخُ بِاْلخَلُوقِ } . صحِيحٍ { :ثَلَاثَةٌ لَا تَقْ َربُهُمْ اْلمَلَائِكَةُ اْلجُنُبُ وَالسَّكْرَانُ وَاْلمُتَض ِّ وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ َ
صحِيحَيْ ِهمَا وَالْبَيْهَقِيُّ { :ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُمْ صَلَاةً َولَا تَصْعَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنَا خُ َزْيمَةَ وَحِبَّانَ فِي َ
ضعَ يَدَهُ فِي َأيْدِيهِمْ ،وَاْلمَرْأَةُ السَّاخِطُ السمَاءِ حَسَنَةٌ الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْ ِجعَ إلَى َموَالِيهِ َفيَ َ لَهُمْ إلَى َّ حوَ } . صُ عَلَيْهَا َزوْجُهَا حَتَّى يَ ْرضَى ،وَالسَّكْرَانُ حَتَّى يَ ْ
َوأَ ْحمَدُ { :إنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي رَحْمَةً َوهُدًى لِلْعَاَلمِنيَ َوأَمَ َرنِي َأنْ أَ ْمحَقَ اْلمَزَامِريَ وَالْكَبَارَاتِ يَعْنِي الْبَرَابِطَ -أَيْ الْعِيدَانَ َج ْمعُ بَ ْربَطٍ بِفَ ْتحِ اْل ُموَحَّ َدتَيْنِ َو ُهوَ الْعُودُ وَاْلمَعَا ِزفُ وَالَْأ ْوثَانَ الَّتِي كَاَنتْ تُعْبَدُ فِي
ِزتِهِ لَا يَشْرَبُ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي جَ ْرعَةً مِنْ َخمْرٍ إلَّا سَقَيْته مَكَانَهَا مِنْ َحمِيمِ اْلجَاهِلِيَّةِ َ -وأَقْسَ َم رَبِّي بِع َّ َذبًا أَوْ مَغْفُورًا لَهُ َ ،ولَا يَ َدعُهَا عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي مِنْ مَخَافَتِي إلَّا سَقَيْته إيَّاهَا مِنْ َحظِريَةِ الْقُدْسِ جَهَنَّمَ مُع َّ
}.
خمْرَ َو ُهوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا سَقَيْتُهُ مِنْهُ مِنْ َحظِريَةِ الْقُدْسِ ،وَمَنْ وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ { :مَنْ تَرَكَ اْل َ سوْته إيَّاهُ فِي َحظِريَةِ الْقُدْسِ } . تَرَكَ اْلحَرِيرَ َو ُهوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا كَ َ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ إلَّا
()323/7
الدنْيَا ، خمْرَ فِي الْآخِرَةِ فَلْيَتْ ُركْهَا فِي ُّ شَ ْيخَهُ ،وَقَدْ وُثِّقَ َولَهُ َشوَاهِدُ { :مَنْ سَرَّهُ َأنْ يَسْقِيَهُ اللَّهُ اْل َ الدنْيَا } . سوَهُ اللَّهُ اْلحَرِيرَ فِي الْآخِرَةِ فَلْيَتْ ُركْهُ فِي ُّ وَمَنْ سَرَّهُ َأنْ يَكْ ُ
وَالطَّبَرَانِيُّ { :مَنْ شَرِبَ حَسْوَةً مِنْ َخمْرٍ لَمْ يَقَْبلْ اللَّهُ مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ صَرْفًا َولَا عَ ْدلًا ،وَمَنْ شَرِبَ خمْرَ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ َأنْ يَسْقِيَهُ مِنْ نَهْرِ اْلخَبَالِ ، كَأْسًا لَمْ يَقَْبلْ اللَّهُ صَلَاتَهُ أَ ْربَعِنيَ صَبَاحًا ،وَاْلمُدْمِنُ اْل َ
قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا نَهْرُ الْخَبَالِ ؟ قَالَ صَدِيدُ َأ ْهلِ النَّارِ } .
َوعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَ ْحمَدَ فِي ِزيَادَاتِهِ َ { :واَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَبِيتَنَّ ُأنَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أَشَرٍ َوَبطَرٍ خمْرَ َولَ ِعبٍ َولَ ْهوٍ فَيُصِْبحُونَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ بِاسْتِحْلَالِهِمْ اْل َمحَا ِرمَ َواِِّتخَا ِذهِمْ الْقَيْنَاتِ وَشُ ْربِهِمْ اْل َ
الربَا َولُبْسِهِمْ اْلحَرِيرَ } . َوَأكْلِهِمْ ِّ خمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ ا ْسمِهَا ُيضْرَبُ صحِيحِهِ { :يَشْرَبُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي اْل َ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
عَلَى ُرءُوسِهِمْ بِاْلمَعَا ِزفِ وَالْقَيْنَاتِ َيخْسِفُ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ َوَيجْ َعلُ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَاْلخَنَازِيرَ } .
وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ ِروَايَةِ عَبْدِ الْقُدُّوسِ وَقَدْ وُثِّقَ وَقَالَ غَرِيبٌ وَقَ ْد َروَى الَْأ ْعمَشُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
سخٌ وَقَذْفٌ ،قَالَ رَ ُجلٌ مِنْ اْلمُسْ ِلمِنيَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ لِنُسُكَيْهِ مُرْسَلًا { :فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَ ْ خمُورُ } . مَتَى َذلِكَ ؟ قَالَ :إذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ َأوْ الْقِيَانُ وَاْلمَعَا ِزفُ وَشُ ِرَبتْ اْل ُ
َرمَ اللَّهُ عَلَيْهِ شُ ْربَهَا فِي اْلجَنَّةِ خمْرَ ح َّ َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ { :مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي َوهُوَ يَشْ َربُ اْل َ َرمَ اللَّهُ عَلَيْهِ لِبَاسَهُ فِي اْلجَنَّةِ } . الذ َهبَ ح َّ ،وَمَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي َو ُهوَ يَتَحَلَّى َّ خمْرَ فَاجْلِدُوهُ فَِإنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ } . وَالتِّرْمِذِيُّ { :مَنْ شَرِبَ اْل َ َوَأبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ وَابْنُ حِبَّانَ
()322/7
خمْرَ فَاجْلِدُوهُمْ ،ثُمَّ إنْ شَ ِربُوا فَاجْلِدُوهُمْ ،ثُمَّ إنْ شَرِبُوا حوِهِ { :إذَا شَ ِربُوا اْل َ صحِيحِهِ بَِن ْ فِي َ فَاجْلِدُوهُمْ ،ثُمَّ إنْ شَ ِربُوا فَاقْتُلُوهُمْ } .
َوَأبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ { :إذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ إنْ سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ ،ثُمَّ إنْ سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ ،ثُمَّ إنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ } ،وَ ِروَايَةُ الْأَخِريِينَ { فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ } .
صحِيحٍ ،قَالَ الْعُ َلمَاءُ َو ُهوَ مَنْسُوخٌ . خمْرِ فِي اْلمَرَّةِ الرَّابِعَةِ مِنْ غَيْرِ مَا وَجْهٍ َ وَجَاءَ قَ ْتلُ شَارِبِ اْل َ
خمْرَ لَمْ تُقَْبلْ لَهُ صَلَاةٌ أَ ْربَعِنيَ صَبَاحًا فَِإنْ َححَهُ { :مَنْ شَرِبَ اْل َ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ،فَِإنْ عَادَ لَمْ تُقَْبلْ لَهُ صَلَاةٌ أَ ْربَعِنيَ صَبَاحًا ،فَِإنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ؛ فَِإنْ عَادَ لَمْ تُقَْبلْ لَهُ صَلَاةٌ أَ ْربَعِنيَ صَبَاحًا ،فَِإنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ،فَِإنْ عَادَ لَمْ تُقَْبلْ لَهُ صَلَاةٌ أَ ْربَعِنيَ صَبَاحًا
،فَِإنْ تَابَ لَمْ يَُتبْ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَقَاهُ مِنْ نَهْرِ اْلخَبَالِ } ،قِيلَ لِابْنِ ُعمَرَ رَاوِيهِ يَا َأبَا عَبْدِ الرَّ ْحمَنِ وَمَا
نَهْرُ اْلخَبَالِ ؟ قَالَ نَهْرٌ مِنْ صَدِيدِ َأ ْهلِ النَّارِ . خمْرَ فَلَمْ يَنْتَثِرْ لَمْ تُقَْبلْ لَهُ صَلَاةٌ مَا دَامَ فِي َجوْفِهِ َأوْ وَالنَّسَائِيُّ َموْقُوفًا عَلَى ابْنِ ُعمَرَ { :مَنْ شَرِبَ اْل َ عُرُوقِهِ مِنْهَا شَ ْيءٌ َ ،وِإنْ مَاتَ مَاتَ كَافِرًا ،فَِإنْ انْتَثَرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَ ْربَعِنيَ َيوْمًا َ ،وِإنْ مَاتَ فِيهَا
مَاتَ كَافِرًا } .
خمْرَ َفجَعَلَهَا فِي َبطْنِهِ لَمْ تُقَْبلْ مِنْهُ صَلَاةٌ سَبْعًا َ ،وِإنْ مَاتَ فِيهَا مَاتَ وَالنَّسَائِيُّ { :مَنْ شَرِبَ اْل َ كَافِرًا ،فَِإنْ أَ ْذهََبتْ عَقْلَهُ عَنْ شَ ْيءٍ مِنْ الْفَرَاِئضِ } وَفِي ِروَايَةٍ { :عَنْ الْقُرْآنِ لَمْ تُقَْبلْ لَهُ صَلَاةٌ
سَتحِلًّا لِشُ ْربِهَا َأوْ كَافِرًا لِلنِّ ْعمَةِ . أَ ْربَعِنيَ َيوْمًا َوِإنْ مَاتَ فِيهَا مَاتَ كَافِرًا } :أَيْ إنْ كَانَ مُ ْ خمْرَ فَسَكِرَ لَمْ تُقَْبلْ لَهُ صَلَاةٌ أَ ْربَعِنيَ صحِيحِهِ { :مَنْ شَرِبَ اْل َ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
()327/7
صَبَاحًا ،فَِإنْ مَاتَ دَ َخلَ النَّارَ فَِإنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ،فَِإنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقَْبلْ لَهُ صَلَاةٌ
أَ ْربَعِنيَ صَبَاحًا فَِإنْ مَاتَ دَ َخلَ النَّارَ فَِإنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ،فَِإنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقَْبلْ لَهُ
صَلَاةٌ أَ ْربَعِنيَ صَبَاحًا فَِإنْ مَاتَ دَ َخلَ النَّارَ فَِإنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ،فَِإنْ عَادَ الرَّابِعَةَ كَانَ حَقًّا عَلَى
اللَّهِ َأنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ اْلخَبَالِ ،قَالَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طِينَةُ اْلخَبَالِ ؟ قَالَ :عُصَارَةُ َأ ْهلِ النَّارِ } .
خمْرَ رَ ُجلٌ مِنْ أُمَّتِي فَتُقَْبلُ لَهُ صَلَاةٌ أَ ْربَعِنيَ صحِيحٌ عَلَى شَ ْرطِ ِهمَا { :لَا يَشْرَبُ اْل َ وَاْلحَاكِمُ وَقَالَ َ
صَبَاحًا } .
ستْ صَلَاتَهُ أَرْبَعِنيَ َوَأبُو دَاوُد { :كُلُّ ُمخَمَّرٍ َخمْرٌ َوكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ،وَمَنْ شَرِبَ مُسْكِرًا نَجَّ َ صَبَاحًا فَِإنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ،فَِإنْ عَادَ الرَّابِعَةَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ َأنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَ ِة الْخَبَالِ ، قِيلَ :وَمَا طِينَةُ اْلخَبَالِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ صَدِيدُ َأ ْهلِ النَّا ِر ،وَمَنْ سَقَى صَغِريًا لَا يَعْرِفُ حَلَالَهُ مِنْ حَرَامِهِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ َأنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ اْلخَبَالِ } .
َوأَ ْحمَدُ عَنْ أَ ْسمَاءَ بِ ْنتِ يَزِيدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ .
خمْرَ لَمْ يَرْضَ اللَّهُ عَنْهُ َوأَ ْحمَدُ وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ َأبِي ذَرٍّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ َأيْضًا { :مَنْ شَرِبَ اْل َ
أَ ْربَعِنيَ لَيْلَةً فَِإنْ مَاتَ مَاتَ كَافِرًا َوِإنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ،فَِإنْ عَادَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ َأنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ اْلخَبَالِ ،قِيلَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طِينَةُ اْلخَبَالِ ؟ قَالَ صَدِيدُ َأ ْهلِ النَّارِ } .
خمْرَ َسخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَ ْربَعِنيَ صَبَاحًا وَمَا يَدْرِيهِ لَعَلَّ مَنِيَّتَهُ تَكُونُ فِي وَالَْأصْبَهَانِيّ { :مَنْ شَرِبَ الْ َ
تِلْكَ اللَّيَالِي ،فَِإنْ عَادَ َسخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَ ْربَعِنيَ صَبَاحًا وَمَا يَدْرِيهِ لَعَلَّ مَنِيَّتَهُ تَكُونُ فِي تِلْكَ اللَّيَالِيِ ، فَِإنْ عَادَ َسخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَ ْربَعِنيَ صَبَاحًا فَهَذِهِ
()323/7
عِشْرُونَ وَمِائَةُ لَيْلَةٍ ،فَِإنْ عَادَ فَ ُهوَ فِي رَ ْدغَةِ اْلخَبَالِ ،قِيلَ :وَمَا رَ ْدغَةُ اْلخَبَا ِل ؛ قَالَ :عَ َرقُ َأ ْهلِ
النَّارِ َوصَدِي ُدهُمْ } .
الدنْيَا َو ُهوَ سَكْرَانُ دَخَلَ الْقَبْرَ سَكْرَانَ َوبُ ِعثَ سَكْرَانَ َوأُمِرَ بِهِ إلَى النَّارِ وَالَْأصْبَهَانِيّ { :مَنْ فَا َرقَ ُّ َالدمُ َو ُهوَ طَعَامُهُمْ وَشَرَابُهُمْ مَا دَا َمتْ سَكْرَانَ إلَى جََبلٍ يُقَالُ لَهُ سَكْرَانُ فِيهِ عَيْنٌ َيجْرِي مِنْهَا الْقَ ْيحُ و َّ
الس َموَاتُ وَالْأَرْضُ } . َّ
الدنْيَا وَمَا عَلَيْهَا فَسُلِبَهَا ححَهُ { :مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ سُكْرًا مَرَّةً وَاحِدَةً فَكَأََّنمَا كَاَنتْ لَهُ ُّ وَاْلحَاكِمُ َوصَ َّ ،وَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ أَ ْرَبعَ مَرَّاتٍ سُكْرًا كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ َأنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ اْلخَبَالِ ،قِيلَ :وَمَا
طِينَةُ اْلخَبَالِ ؟ قَالَ :عُصَارَةُ َأ ْهلِ جَهَنَّمَ } .
الدنْيَا وَمَا عَلَيْهَا َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ { :مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ سَكْرَانَ مَرَّ ًة وَاحِدَةً فَكَأََّنمَا كَاَنتْ لَهُ ُّ فَسُلِبَهَا } . خمُورَ َولَبِسُوا وَالْبَيْهَقِيُّ { :إذَا اسَْتحَلَّتْ أُمَّتِي َخمْسًا فَعَلَيْهِمْ الدَّمَارُ :إذَا ظَهَرَ التَّلَاعُنُ وَشَ ِربُوا اْل ُ َاتخَذُوا الْقِيَانَ وَاكْتَفَى الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ } . اْلحَرِيرَ و َّ
()325/7
تَنْبِيهٌ :عَدُّ َجمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ الْكَبَائِرِ ُهوَ صَرِيحُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ وَالْآتِيَةِ َو ُهوَ ظَاهِرٌ .
خمْرِ َوَلوْ َقطْرَةً مِنْهَا فَكَبِريَةٌ إ ْجمَاعًا َويَ ْلحَقُ بِ َذِلكَ شُرْبُ اْلمُسْكِرِ مِنْ غَيْ ِرهَا ،وَفِي أَمَّا شُرْبُ اْل َ
خمْرِ َأكْبَرَ الْكَبَائِرِ . سمِيَةُ اْل َ إْلحَاقِ غَيْرِ اْلمُسْكِرِ خِلَافٌ وَالَْأصَحُّ إْلحَاقُهُ إنْ كَانَ شَافِعِيًّا وَقَدْ جَاءَ تَ ْ
وَ َروَى ابْنُ َأبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِريِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ َعمْرِو بْنِ الْعَاصِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ { :سََأْلتُ
خمْرِ فَقَالَ هِيَ َأكْبَرُ الْكَبَائِرِ َوأُمُّ الْ َفوَاحِشِ ،مَنْ شَرِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اْل َ خمْرَ تَرَكَ الصَّلَاةَ َووَ َقعَ عَلَى أُمِّهِ وَخَالَتِهِ َوعَمَّتِهِ } . اْل َ
خمْرِ َّإنمَا يَكُونُ كَبِريَةً إذَا سَكِرَ مِنْهُ َفمَرْدُودٌ بِأَنَّ َوأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ مِنْ أَنَّ شُرْبَ غَيْرِ اْل َ
خمْرِ عَلَى اْلمَشْهُورِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ ثُبُوتِ اللُّغَةِ قِيَاسًا وَفِيهِ حتَ اْل َ الْقَدْرَ الَّذِي لَا يُسْكِرُ دَا ِخلٌ َت ْ اْلحَدُّ عِنْ َدهُمْ أَيْضًا :أَيْ وَاْلحَدُّ مِنْ الْعَلَامَاتِ الْ َقطْعِيَّةِ عَلَى َك ْونِ الشَّ ْيءِ اْل َمحْدُودِ عَلَيْهِ كَبِريَةً ،
فَسُكُوتُ الرَّافِعِيِّ عَلَى كَلَامِ الرُّويَانِيِّ ضَعِيفٌ َوكَ َذلِكَ َقوْلُ اْلحَلِيمِيِّ :لَوْ خَلَطَ َخمْرًا ِبمِثْلِهَا مِنْ
ِدتُهَا وَشَ ِربَهَا فَصَغِريَةٌ . اْلمَاءِ فَ َذهََبتْ ش َّ انْتَهَى .
صحَابُ بِذَلِكَ فِيمَا أَرَاهُ ،وَقَدْ قَالُوا إنَّ شُرْبَ س َمحُ الَْأ ْ وَقَدْ قَالَ الْأَذْ َرعِيُّ عَقِبَهُ وَفِيهِ َنظَرٌ َولَا يَ ْ التحْ ِرميَ أَمَّا مَنْ الْ َقطْرَةِ مِنْهُ كَبِريَةٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا لَا ُتؤَثِّرُ ،انْتَهَى َ ،و ُهوَ ظَاهِرٌ َ ،وهَذَا فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَقِدُ َّ
يَعْتَقِدُ اْلحِلَّ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَحُدُّهُ َوأَقَْبلُ شَهَادَتَهُ ،وَمَرَّ بَيَانُ َذلِكَ .
وَمِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ كَبِريَةٌ فِي عَقِي َدتِهِ ،عَلَى أَنَّ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الرُّويَانِيِّ َذكَرَ مِثْلَهُ الْقَاضِي َأبُو َجحْ مِنْهُ سَعِيدٍ الْهَ َروِيُّ وَحَكَمَ اْلخِلَافَ َولَمْ يُر ِّ
()326/7
خمْرِ وَاْلمُسْكِرِ مِنْ غَيْرِهِ وَفِي الْيَسِريِ مِنْهُ خِلَافٌ إذَا كَانَ شَيْئًا فَقَالَ فِي تَعْدَادِ الْكَبَائِرِ وَشُرْبُ اْل َ
شَافِعِيًّا . انْتَهَى .
وَالْأَرْ َجحُ مَا ُذكِرَ أَنَّهُ كَبِريَةٌ أَيْضًا . خمْرِ كَبِريَ ٌة ،فَِإنْ اسْتَكْثَرَ مِنْهُ حَتَّى سَكِرَ َأوْ جَاهَرَ بِهِ فَفَاحِشَةٌ ،فَِإنْ َوأَمَّا َقوْلُ اْلحَلِيمِيِّ شُرْبُ اْل َ
الصوَابُ ِدتُهَا َوضَرَ ُرهَا فَ َذلِكَ مِنْ الصَّغَائِرِ َفمَرْدُودٌ َأيْضًا َ ،بلْ َّ مَزَجَ َخمْرًا ِبمِثْلِهَا مِنْ اْلمَاءِ فَ َذ َهبَ ش َّ
خمْرِ ِبمِثْلِهَا اْلجَ ْزمُ ِبخِلَافِ مَا س َمحُونَ ِبمَا قَالَهُ فِي مَزْجِ اْل َ صحَابَ لَا يَ ْ مَا قَالَهُ اْلجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الَْأ ْ قَالَهُ َوأَنَّ َذلِكَ كَبِريَةٌ لَا َمحَالَةَ .
وَمَرَّ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ اخْتَارَ ضَبْطَ الْكَبِريَةِ ِبمَا يُشْعِرُ بِتَهَا ُونِ مُ ْرتَكِبِهَا بِدِينِهِ إشْعَارَ َأصْغَرِ الْكَبَائِرِ
اْلمَنْصُوصِ عَلَيْهَا وَقَرَّرَ َذلِكَ إلَى َأنْ قَالَ :فَعَلَى هَذَا كُلُّ َذْنبٍ يُعْلَمُ أَنَّ مَفْسَ َدتَهُ َكمَفْسَدَةِ مَا اقْتَ َرنَ
بِهِ َوعِيدٌ َأوْ لَعْنٌ أَوْ حَدٌّ َأوْ كَانَ َأكْثَرَ مَفْسَدَةً مِنْهُ فَ ُهوَ كَبِريَةٌ . انْتَهَى .
وَذََّيلَ عَلَيْهِ تِلْمِيذُهُ الْإِمَامُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّهُ لَا بُدَّ َأنْ تُوجَدَ اْلمَفْسَدَةُ ُمجَرَّدَةً عَمَّا يَقْتَ ِرنُ بِهَا مِنْ أَمْرٍ خمْرِ السُّكْرُ الذهْنِ فِي مَفْسَدَةِ الْ َ آخَرَ فَإِنَّهُ قَدْ يَقَعُ الْغَلَطُ فِي ذَلِكَ ،قَالَ َ :ألَا تَرَى أَنَّ السَّاِبقَ إلَى ِّ
ُوهَا عَنْ َوتَشَوُّشُ الْعَ ْقلِ ،فَِإنْ أَخَ ْذنَا ِب ُمجَرَّدِهِ لَ ِزمَ َأنْ لَا يَكُونَ شُرْبُ الْ َقطْرَةِ اْلوَاحِدَةِ مِنْهُ كَبِريَةً ِلخُل ِّ التجَرُّؤُ عَلَى شُرْبِ الْكَثِريِ اْل َموْ ِقعِ فِي اْلمَفْسَدَةِ اْلمَ ْذكُورَةِ فِيهَا لَكِنَّهَا كَبِريَةٌ ِلمَفْسَدَةٍ أُخْرَى َوهِيَ َّ
اْلمَفْسَدَةِ فَهَذَا الِاقْتِرَانُ يُصَيِّرُهُ كَبِريَةً . انْتَهَى .
()323/7
وَفِي اْلخَا ِدمِ َ :وأَمَّا النَّبِيذُ اْلمُخْتَلَفُ فِيهِ إذَا شَرِبَ الْيَسِريَ مِنْهُ مُعْتَقِدًا َتحْرِميَهُ فَفِي َك ْونِهِ كَبِريَةً خِلَافٌ مِنْ أَ ْجلِ اخْتِلَافِ الْعُ َلمَاءِ فِيهِ ؛ وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِيمَا بَعْدُ بِأَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ َوأَنَّ الَْأكْثَرِينَ عَلَى
ِالتحْ ِرميِ ،فَُيحَْت َملُ خمْرُ لِلتَّدَاوِي عَلَى الْ َقوْلِ ب َّ الرَّدِّ :أَيْ رَدِّ الشَّهَادَةِ بِهِ لِأَنَّهُ فِسْقٌ ؛ َوَلوْ اُسْتُ ْعمِ َلتْ اْل َ الن َووِيُّ َ ،وُيحَْت َملُ خِلَافُهُ لِ ْلجُ ْرأَةِ . َححَهُ َّ جبُ فِيهِ اْلحَدُّ َكمَا ص َّ َأنْ يُقَالَ لَيْسَ بِكَبِريَةٍ إذَا قُلْنَا لَا َي ِ انْتَهَى .
خمْرِ َوَلوْ َقطْرَةً كَبِريَةٌ َوكَذَا شُرْبُ كُلِّ مُسْكِرٍ َوَلوْ قَالَ غَيْرُهُ وَالَْأوْجَهُ الْأَوَّلُ َ :وإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ شُرْبَ اْل َ خمْرِ َوهِيَ جَا ِريَةٌ فِي غَيْ ِرهَا ، حوِ عَشَرَةٍ فِي اْل َ َقطْرَةً َأيْضًا عَلَى مَا تَقَرَّرَ َ ،فجَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ لَعْنُ َن ْ
إمَّا ِبطَرِيقِ النَّصِّ بِنَاءً عَلَى الَْأصَحِّ السَّابِقِ أَنَّ اللُّغَةَ ثَبَتَتْ قِيَاسًا َوإِمَّا ِبطَرِيقِ الْقِيَاسِ ِلمَا عُلِمَ مِنْ تَسَاوِي ِهمَا فِي الْأَحْكَامِ .
خمْرِ عَشَرَةً : قَالَ شَ ْيخُ الْإِسْلَامِ الْعَلَائِيُّ :رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنَّهُ لَعَنَ فِي اْل َ حمُولَةَ إلَيْهِ وَسَاقِيَهَا َوبَائِعَهَا وَآ ِكلَ َثمَنِهَا وَاْلمُشْتَرِيَ لَهَا عَاصِ َرهَا وَمُعْتَصِ َرهَا وَشَا ِربَهَا وَحَامِلَهَا وَاْل َم ْ
وَاْلمُشْتَرَى لَهُ } َروَاهُ َأبُو دَاوُد ا هـ .
قَالَ اْلجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ َ :وهَذَا اْلحَدِيثُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ لَيْسَ بِهَذَا اللَّفْظِ الَّذِي َذكَرَهُ َّ ،إنمَا َروَى الْإِمَامُ أَ ْحمَدُ َوَأبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ُهمَا قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
خمْرُ بِعَيْنِهَا وَشَا ِربِهَا وَسَاقِيهَا َوبَائِعِهَا خمْرُ عَلَى عَشَرَةِ وُجُوهٍ ،لُعَِنتْ اْل َ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :لُعِنَتْ اْل َ الروَايَةُ تَشَْت ِملُ حمُولَةِ إلَيْهِ وَآ ِكلِ َثمَنِهَا } ؛ َوهَذِهِ ِّ وَمُشْتَرِيهَا َوعَاصِ ِرهَا وَمُعْتَصِ ِرهَا وَحَامِلِهَا وَاْل َم ْ
عَلَى َثمَانِيَةٍ مِنْ اْلمَلْعُونِنيَ غَيْرِ الشَّارِبِ ،
()323/7
هَذَا لَفْظُ أَ ْحمَدَ . خمْرَ وَشَا ِربَهَا وَسَاقَِيهَا َوبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا َوعَاصِ َرهَا وَمُعْتَصِ َرهَا َولَِأبِي دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ { :لَعَنَ اللَّهُ اْل َ
حمُولَةَ إلَيْهِ } ،هَذَا لَفْظُ َأبِي دَاوُد . َوحَامِلَهَا وَاْل َم ْ
الروَايَةُ اشَْتمَ َلتْ عَلَى َثمَانِيَةٍ غَيْرِ الشَّارِبِ َأيْضًا . حوُهُ وَزَادَ " :وَآ ِكلَ َثمَنِهَا " َ ،وهَذِهِ ِّ َولِابْنِ مَاجَهْ َن ْ
وَ َروَى التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَرِيبٌ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ َأنَسٍ قَالَ { :لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حمُولَةَ إلَيْهِ َوبَائِعَهَا وَآكِلَ َثمَنِهَا خمْرِ عَشَرَةً عَاصِ َرهَا وَمُعْتَصِ َرهَا وَشَا ِربَهَا وَسَاقِيَهَا وَحَامِ َلهَا وَاْل َم ْ اْل َ
وَاْلمُشْتَرِيَ لَهَا وَاْلمُشْتَرَى لَهُ } .
الروَايَةُ مُشَْتمِلَةٌ عَلَى تِسْعَةٍ غَيْرِ الشَّارِبِ . حوِهِ َوهَذِهِ ِّ َوأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ بَِن ْ
انْتَهَى .
خمْرِ عَشَرَةً : الصحِيحِ { :لَعَ َن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اْل َ وَقُدِّ َمتْ فِي َأوَاِئلِ اْلحَدِيثِ َّ حمُولَةَ إلَيْهِ وَسَاقِيَهَا َوبَائِعَهَا وَآ ِكلَ َثمَنِهَا وَاْلمُشْتَرِيَ لَهَا عَاصِ َرهَا وَمُعْتَصِ َرهَا وَشَا ِربَهَا وَحَامِلَهَا وَاْل َم ْ
وَاْلمُشْتَرَى لَهُ } .
خمْرَ َوعَاصِ َرهَا الصحِيحُ َأيْضًا َ { :أتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ يَا ُمحَمَّدُ إنَّ اللَّهَ لَعَنَ اْل َ وَاْلحَدِيثُ َّ حمُولَةَ إلَيْهِ َوبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَسَاقِيَهَا وَمُسْتَقَاهَا } . وَمُعْتَصِ َرهَا وَشَا ِربَهَا وَحَامِلَهَا وَاْل َم ْ
خمْرَ َوعَاصِ َرهَا وَمُعْتَصِ َرهَا َوبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَشَا ِربَهَا وَآ ِكلَ وَفِي ِروَايَةٍ { :يَا ُمحَمَّدُ إنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْ َ حمُولَةَ إلَيْهِ وَسَاقِيَهَا وَمُسْتَقَاهَا } . َثمَنِهَا وَحَامِلَهَا وَاْل َم ْ
صحَابَ صَرَّحُوا بَِأكْثَرِهِ جمُوعِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ يُعْلَمُ مِنْهَا مَا َذكَرْته فِي التَّرْ َجمَةِ ،عَلَى أَنَّ الَْأ ْ َوِب َم ْ
خمْرِ كَبِريَةٌ يُفَسَّقُ مُتَعَاطِيهِ َوكَ َذلِكَ يَكُونُ صحَابُ عَلَى أَنَّ بَ ْيعَ الْ َ فَقَدْ قَالَ الصَّلَاحُ الْعَلَائِيُّ :نَصَّ الَْأ ْ ح ْملُ وَالسَّقْيُ ؛ َوأَمَّا عَاصِ ُرهَا وَمُعْتَصِ ُرهَا فَقَالُوا الثمَنِ وَاْل َ حُكْمُ الشِّرَاءِ َوَأ ْكلُ َّ
()323/7
خمْرَ دَ َخلَ فِي حُكْمِ لَا يَفْسُقُ بِ َذلِكَ ،وَيَنْبَغِي َأنْ يَكُونَ َذلِكَ دَائِرًا َمعَ الْقَصْدِ ،فَِإنْ َنوَى بِهِ اْل َ اْلحَدِيثِ َ ،وِإنْ َنوَى بِهِ شَيْئًا غَيْرَهُ لَمْ يَدْ ُخلْ .
خمْرِ لَيْسَ بِكَبِريَةٍ َوَيجُوزُ إمْسَاكُهَا لِتَنْقَلِبَ خَلًّا . وَحَكَى ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّ ُمجَرَّدَ إمْسَاكِ اْل َ وَقَالَ اْلمَاوَرْدِيُّ :إنَّ إمْسَاكَهَا لِ َذلِكَ لَمْ َيحْ ُرمْ َوِإنْ قَصَدَ ادِّخَا َرهَا عَلَى حَالِهَا فَيُفَسَّقُ بِ ِه َ ،وهَذَا
ُموَافِقٌ ِلمَا أَشَ ْرنَا إلَيْهِ مِنْ مَعْنَى الْقَصْدِ .
انْتَهَى . الصوَابُ أَمَّا اْلخَالِي عَنْ الْقَصْدِ َأوْ لِقَصْدِ اْلخَلِّ قَالَ اْلجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ :وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ الْقَصْدِ ُهوَ َّ
فَلَا .
انْتَهَى .
التحْ ِرميِ كَبِريَ ٌة َوكَذَا خمْرِ َأوْ النَّبِيذِ َوَلوْ َمطْبُوخًا َمعَ عِلْمِ َّ صلُ ؛ أَنَّ تَعَمُّدَ شُرْبِ الْقَلِيلِ مِنْ اْل َ وَاْلحَا ِ
ح ُو ُهمَا مِمَّا مَرَّ إنْ بَيْعُهَا وَشِرَا ُؤهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَتَدَاوٍ َأوْ قَصْدِ َتخ َُّللٍ َوكَذَا عَصْ ُرهَا وَاعْتِصَا ُرهَا َوَن ْ حوِ إمْسَاكِهَا لِقَصْدِ َتخْلِيلٍ َأوْ َتخَلُّلٍ . قَصَدَ بِهِ شُ ْربَهَا َأوْ الِْإعَانَةَ عَلَيْهِ ِبخِلَافِ َن ْ
خَاِتمَةٌ َ :ذكَرَ بَعْضُهُمْ تَتِمَّاتٍ ِلمَا سَبَقَ فَأَ ْذكُ ُرهَا َوِإنْ كَانَ فِي خِلَالِهَا بَ ْعضُ مَا مَرَّ لِتَبْقَى عُهْدَةُ غَيْرِ مَا خمْرُ وَاْلمَيْسِرُ } إلَى َقوْله تَعَالَى { سَبَقَ عَلَيْهِ قَالَ مَا حَاصِلُهُ :نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِ َق ْولِهِ َّ { :إنمَا اْل َ خمْرِ وَحَذَّرَ مِنْهَا . فَ َهلْ َأنْتُمْ مُنْتَهُونَ } فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَنْ اْل َ
ث َفمَنْ لَمْ َيجْتَنِبْهَا فَقَدْ عَصَى اللَّهَ عَزَّ خمْرَ أُمَّ اْلخَبَاِئ ِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :اجْتَنِبُوا اْل َ
وَجَلَّ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسَْتحَقَّ الْعَذَابَ ِبمَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
{ :وَمَنْ يَ ْعصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا َولَهُ عَذَابٌ مُهِنيٌ } } . خمْرُ وَجُعِ َلتْ عِ ْدلًا الصحَابَةُ بَعْضُهُمْ إلَى بَ ْعضٍ َوقَالُوا حُرِّ َمتْ اْل َ خمْرِ مَشَى َّ َولَمَّا نَزَلَ َتحْ ِرميُ اْل َ
لِلشِّرْكِ .
()373/7
خمْرِ كَعَابِدِ اْل َوثَنِ َوإِذَا مَاتَ َولَمْ يَُتبْ لَا يَدْخُلُ اْلجَنَّةَ َكمَا مَرَّ فِي أَحَادِيثَ :أَيْ إنْ َومُدْمِنُ اْل َ اسَْتحَلَّهَا .
خمْرَ َأكْبَرُ الْكَبَائِرِ َوهِيَ بِلَا َريْبٍ أُمُّ اْلخَبَاِئثِ وَ َذ َهبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا إلَى أَنَّ اْل َ
حوُهُ فِي أَحَادِيثَ كَثِريَةٍ ،وَمَرَّ فِي اْلحَدِيثِ أَنَّ السَّكْرَانَ لَا تُقَْبلُ لَهُ صَلَاةٌ أَ ْربَعِنيَ وَقَدْ لُعِنَ شَا ِربُهَا َوَن ْ
السمَاءِ حَسَنَةٌ . َيوْمًا َولَا تُرْ َفعُ لَهُ إلَى َّ
خمْرَ َولَمْ يَسْكَرْ َأعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ أَ ْربَعِنيَ لَيْلَةً ،وَمَنْ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :مَنْ شَرِبَ اْل َ ني لَيْلَةً فَِإنْ مَاتَ فِيهَا مَاتَ كَعَابِدِ َوثَنٍ خمْرَ وَسَكِرَ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ لَهُ صَرْفًا َولَا عَ ْدلًا أَ ْربَعِ َ شَرِبَ اْل َ
َوكَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ َأنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ اْلخَبَالِ قِيلَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طِينَةُ اْلخَبَالِ ؟ قَالَ : َالدمُ } . عُصَارَةُ َأ ْهلِ النَّارِ الْقَيْحُ و َّ
خمْرِ ُهوَ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ َأبِي َأوْفَى :مَنْ مَاتَ مُدْمِنَ َخمْرٍ كَعَابِدِ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ،قِيلَ مُدْمِنُ اْل َ الَّذِي لَا يَسْتَفِيقُ مِنْ شُ ْربِهَا قَالَ لَا َولَكِنْ ُهوَ الَّذِي يَشْ َربُهَا إذَا وَجَ َدهَا َوَلوْ بَعْدَ سِنِنيَ .
خمْرَ ُممْسِيًا َأصَْبحَ مُشْ ِركًا ،وَمَنْ شَ ِربَهَا مُصِْبحًا أَمْسَى مُشْ ِركًا } . وَفِي اْلحَدِيثِ { :مَنْ شَرِبَ اْل َ خمْرِ إذَا مَ ِرضُوا . َوعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ :لَا تَعُودُوا شَ َربَةَ اْل َ
خمْ ِر . قَالَ الُْبخَارِيُّ وَقَالَ ابْنُ ُعمَرَ :لَا تُس َِّلمُوا عَلَى شَ َربَةِ اْل َ
خمْرِ وَلَا تَعُودُوا مَ َرضَاهُمْ َ ،ولَا تَشْهَدُوا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :لَا ُتجَالِسُوا شُرَّابَ اْل َ سوَدًّا وَجْهُهُ مُ ْدلِعًا لِسَانَهُ عَلَى صَدْرِهِ يَسِيلُ لُعَابُهُ خمْرِ َيجِيءُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ مُ ْ جَنَائِ َزهُمْ َ ،وإِنَّ شَارِبَ اْل َ
يُقَذِّرُهُ كُلُّ مَ ْن رَآهُ } .
خمْرِ فَاسِقٌ مَلْعُونٌ قَدْ قَالَ بَ ْعضُ الْعُ َلمَاءِ َ :وإَِّنمَا نَهَى عَنْ عِيَا َدتِهِمْ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّ شَارِبَ اْل َ
لَعَنَهُ اللَّهُ
()373/7
َرتَيْنِ َ ،وِإنْ سَقَاهَا لِغَيْرِهِ كَانَ مَلْعُونًا ثَلَاثَ وَرَسُولُهُ َكمَا مَرَّ ،فَِإنْ اشْتَرَاهَا َوعَصَ َرهَا كَانَ مَلْعُونًا م َّ مَرَّاتٍ ،فَلِ َذلِكَ نَهَى عَنْ عِيَادَتِهِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ إلَّا َأنْ يَتُوبَ فَِإنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ .
()372/7
َولَا َيحِلُّ التَّدَاوِي بِهَا ،فَعَنْ { أُمِّ سَ َلمَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَاَلتْ :اشْتَكَتْ بِ ْنتٌ لِي فَنَبَذْت لَهَا فِي
َي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َو ُهوَ يَ ْغلِي قَالَ مَا هَذَا يَا أُمَّ سَ َلمَةَ ؟ فَ َذكَرْت لَهُ كُوزٍ فَدَ َخلَ عَل َّ
َرمَ أَنِّي أُدَاوِي ،بِهِ ابْنَتِي فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ َيجْ َعلْ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا ح َّ عَلَيْهَا } .
خمْرِ أَحَادِيثُ مُتَفَرِّقَةٌ :مِنْ َذلِكَ مَا َذكَرَهُ َأبُو نُعَيْمٍ فِي اْلحِلْيَةِ عَنْ َأبِي مُوسَى َرضِيَ اللَّهُ وَ ُروِيَ فِي اْل َ
عَنْهُ قَالَ ُ { :أتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَبِيذٍ فِي جَرَّةٍ لَهُ نَشِيشٌ فَقَالَ اضْ ِربُوا بِهَذَا اْلحَائِطَ فَإِنَّ هَذَا شَرَابُ مَنْ لَا ُيؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالَْي ْومِ الْآخِرِ } ،وَقَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ كَانَ خمْرَ َيجِيءُ كُلُّ حَ ْرفٍ مِنْ تِلْكَ الْآيَةِ فَيَأْخُذُ بِنَاصِيَتِهِ فِي صَدْرِهِ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ َوصَبَّ عَلَيْهَا اْل َ
صمَهُ الْقُرْآنُ خُصِمَ ،فَاْل َوْيلُ ِلمَنْ كَانَ الْقُرْآنُ صمُهُ وَمَنْ خَا َ حَتَّى يُوقِفَهُ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ تَعَالَى فَُيخَا ِ
صمَهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } . خَ ْ الدنْيَا إلَّا وَجَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { :مَا مِنْ َق ْومٍ اجَْتمَعُوا عَلَى مُسْكِرٍ فِي ُّ
َجمَعَهُمْ اللَّهُ فِي النَّارِ فَيُقِْبلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَ ْعضٍ يَتَلَاوَمُونَ يَقُولُ أَحَ ُدهُمْ لِلْآخَرِ يَا فُلَانُ لَا جَزَاكَ اللَّهُ عَنِّي خَيْرًا فََأْنتَ الَّذِي َأوْرَ ْدتَنِي هَذَا اْل َموْرِدَ فَيَقُولُ لَهُ الْآخَرُ مِ ْثلَ َذلِكَ } .
الدنْيَا سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ سُمِّ الْأَسَاوِدِ خمْرَ فِي ُّ وَجَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { :مَنْ شَرِبَ اْل َ حمُهُ وَجِلْدُهُ يَتَأَذَّى بِهِ شَ ْربَةً يَتَسَاقَطُ مِنْهَا َلحْمُ وَجْهِهِ فِي الِْإنَاءِ قَ ْبلَ َأنْ يَشْ َربَهَا فَإِذَا شَ ِربَهَا يَتَسَاقَطُ َل ْ حمُولَةَ إلَيْهِ وَآ ِكلَ َثمَنِهَا شُ َركَاءُ فِي َأ ْهلُ النَّارِ َ ،ألَا َوإِنَّ شَا ِربَهَا َوعَاصِ َرهَا وَمُعْتَصِ َرهَا وَحَامِلَهَا وَاْل َم ْ إْثمِهَا لَا
()377/7
الت ْوبَةِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ َأنْ صوْمًا َولَا حَجًّا حَتَّى يَتُوبُوا فَِإنْ مَاتُوا قَ ْبلَ َّ يَقَْبلُ اللَّهُ مِنْهُمْ صَلَاةً َولَا َ
الدنْيَا مِنْ صَدِيدِ جَهَنَّمَ َ ،ألَا َوكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ َوكُلُّ َخمْرٍ حَرَامٌ } يَسْقِيَهُمْ بِكُلِّ جَ ْرعَةٍ شَ ِربُوهَا فِي ُّ
.
الزبَانِيَةُ إلَى نَهْرِ اْلخَبَالِ فَيُسْ َق ْونَ بِكُلِّ خمْرِ إذَا أََتوْا عَلَى الصِّرَاطِ َتخَطَّفَهُمْ َّ وَ ُروِيَ { أَنَّ شَ َربَةَ اْل َ السمَاءِ لَاحْتَرَ َقتْ خمْرِ شَ ْربَةً مِنْ نَهْرِ اْلخَبَالِ ،فَ َلوْ أَنَّ تِلْكَ الشَّ ْربَةَ تُصَبُّ مِنْ َّ كَأْسٍ شَ ِربُوا مِنْ اْل َ
َرهَا نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهَا } . الس َموَاتُ مِنْ ح ِّ َّ
خمْرِ فَادْفِنُوهُ وَجَاءَ فِيهَا آثَارٌ عَنْ السَّلَفِ ،فَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :إذَا مَاتَ شَارِبُ اْل َ
ثُمَّ ُاصْلُبُونِي عَلَى خَشَبَةٍ ثُمَّ ُانْبُشُوا عَنْهُ قَبْرَهُ فَِإنْ َلوْ تَ َروْا وَجْهَهُ مَصْرُوفًا عَنْ الْقِبْلَةِ َوإِلَّا فَاتْ ُركُونِي مَصْلُوبًا .
َوعَنْ الْفُضَ ْيلِ بْنِ عِيَاضٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ حَضَرَ عِنْدَ تِ ْلمِيذٍ لَهُ حَضَرَهُ اْل َموْتُ َفجَ َعلَ يُلَقِّنُهُ الشَّهَادَةَ
َولِسَانُهُ لَا يَ ْنطِقُ بِهَا فَكَرَّ َرهَا عَلَيْهِ فَقَالَ لَا أَقُولُهَا َوَأنَا بَرِيءٌ مِنْهَا ثُمَّ مَاتَ َفخَرَجَ الْفُضَ ْيلُ مِنْ عِنْدِهِ ت مِنْك حبُ بِهِ فِي النَّارِ فَقَالَ لَهُ يَا مِسْكِنيُ بِمَ نُزِعَ ْ سَ َو ُهوَ يَبْكِي ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ مُدَّةٍ فِي مَنَامِهِ َو ُهوَ يُ ْ
اْلمَعْرِفَةُ ؟ فَقَالَ :يَا أُسْتَاذُ كَانَ بِي عِلَّةٌ فَأَتَيْت بَ ْعضَ الَْأطِبَّاءِ فَقَالَ لِي تَشْرَبُ فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدَحًا مِنْ خمْرِ َوِإنْ لَمْ تَفْ َعلْ تَبْقَ بِك عِلَّتُكَ فَكُ ْنتُ أَشْ َربُهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ ؛ لِأَ ْجلِ التَّدَاوِي فَهَذَا حَالُ مَنْ اْل َ شَ ِربَهَا لِلتَّدَاوِي فَكَيْفَ حَالُ مَنْ يَشْ َربُهَا لِغَيْرِ َذلِكَ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ مِنْ كُلِّ بَلَاءٍ وَ ِمحْنَةٍ .
وَسُِئلَ بَ ْعضُ التَّائِبِنيَ عَنْ سََببِ َت ْوبَتِهِ فَقَالَ كُ ْنتُ َأنْبُشُ الْقُبُورَ فَ َرَأيْت فِيهَا أَ ْموَاتًا مَصْرُوفِنيَ عَنْ الْقِبْلَةِ الدنْيَا وَمَاتُوا مِنْ غَيْرِ خمْرَ فِي ُّ فَسََأْلتُ َأهَالِيَهُمْ عَنْهُمْ فَقَالُوا كَانُوا يَشْ َربُونَ اْل َ
()373/7