http://www.shamela.ws مت إعداد هذا امللف آليا بواسطة املكتبة الشاملة
الكتاب :الزواجر عن اقتراف الكبائر مصدر الكتاب :موقع اإلسالم
http://www.al-islam.com
[ الكتاب مشكول ومرقم آليا غري موافق للمطبوع ]
املؤلف :ابن حجر اهليتمي
ت ُرطُوبَةُ تِلْكَ الَْأعْضَاءِ الرئِيسِيَّةِ ،أَيْ َوإِذَا ق ََّل ْ الرطُوبَةِ فِي الَْأعْضَاءِ َّ رَدِيئَةً َوُتجَفِّفُ اْلمَنِيَّ لِقِلَّةِ ُّ الرئِيسِيَّةِ كَاَنتْ سَبَبًا ِلحُدُوثِ أَ ْخطَرِ الْأَمْرَاضِ َوأَقَْبحِ الْعِ َل ِل ،وَمِمَّا ُأنْشِدَ فِيهَا :قُلْ ِلمَنْ يَ ْأ ُكلُ َّ
ا ْلحَشِيشَةَ جَهْلًا يَا خَسِيسًا قَدْ عِشْت شَرَّ مَعِيشَةٍ ِديَةُ الْعَ ْقلِ بِدُرَّةٍ فَ ِلمَاذَا يَا سَفِيهًا قَدْ بِعْتَهُ ِبحَشِيشِهِ قَالَ :وَقَدْ بَلَغَنَا مَنْ َج ْمعٍ يَفُوقُ حَدَّ اْلحَصْرِ أَنَّ كَثِريًا مِمَّنْ عَانَاهَا مَاتَ بِهَا َفجْأَةً وَآخَرِينَ اخْتَ َلتْ عُقُولُهُمْ وَابْتُلُوا بِأَمْرَاضٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ الدَّقِّ وَالسُّلِّ وَالِاسْتِسْقَاءِ َوأَنَّهَا تَسْتُرُ الْعَ ْقلَ وَتَ ْغمُرُهُ ،وَمِمَّا ُأنْشِدَ فِيهَا َأيْضًا :يَا مَنْ غَدَا َأ ْكلُ اْلحَشِيشِ شِعَارَهُ َوغَدَا فَلَاحَ َعوَارُهُ وَ ِخمَارُهُ َأعْ َرضْت عَنْ سُنَنِ
الْهُدَى بِزَخَا ِرفَ لَمَّا اعْتَ َرضْت ِلمَا أُشِيعَ ضِرَارُهُ الْعَ ْقلُ يَنْهَى َأنْ َتمِيلَ إلَى الْ َهوَى وَالشَّ ْرعُ يَأْمُرُ َأنْ
تُبَعَّدَ دَارُهُ َفمَنْ ا ْرتَدَى بِرِدَاءِ َزهْرَةِ شَ ْهوَةٍ فِيهَا بَدَا لِلنَّاظِرِي َن خَسَارُهُ اُقْصُرْ َوُتبْ عَنْ شُ ْربِهَا مُتَعَوِّذًا الطوِيلُ عِثَارُهُ . َرهَا فَ ُهوَ َّ مِنْ ش ِّ
قَالَ بَ ْعضُ الْعُ َلمَاءِ :وَفِي َأكْلِهَا مِائَةٌ َوعِشْرُونَ مَضَرَّةً دِينِيَّةً وَ ُدنَْيوِيَّةً :مِنْهَا أَنَّهَا تُورِثُ الْفِكْرَةَ الرَّدِيئَةَ الرأْسَ الرطُوبَاتِ الْغَرِيزِيَّةِ َوتُعَرِّضُ الْبَ َدنَ ِلحُدُوثِ الْأَمْرَاضِ َ ،وتُورِثُ النِّسْيَانَ َ ،وتُصَدِّعُ َّ َ ،وُتجَفِّفُ ُّ سلَ َ ،وُتجَفِّفُ اْلمَنِيَّ َ ،وتُورِثُ َموْتَ الْ َفجْأَةِ وَاخْتِلَالَ الْعَ ْقلِ وَفَسَادَ ُه ،وَالدَّقَّ ،وَالسُّلَّ َوتَ ْق َطعُ النَّ ْ الذكْرِ َ ،وإِفْشَاءَ السِّرِّ َ ،وِإنْشَاءَ الشَّرِّ ،وَ َذهَابَ الْحَيَاءِ ، وَالِاسْتِسْقَاءَ ،وَفَسَادَ الْفِكْرِ َ ،ونِسْيَانَ ِّ
َوكَثْرَةَ اْلمِرَاءِ َ ،وعَ َدمَ اْلمُرُوءَةِ َونَ ْقضَ اْل َموَدَّةِ َ ،وكَشْفَ الْعَوْرَةِ َ ،وعَ َدمَ الْغَيْرَ ِة َ ،وِإتْلَافَ الْكِيسِ ، وَ ُمجَالَسَةَ إبْلِيسَ َ ،وتَرْكَ الصَّ َلوَاتِ ،وَاْلوُقُوعَ فِي اْل ُمحَرَّمَاتِ ،وَالْبَرَصَ ،وَاْلجُذَامَ ،وََتوَالِيَ
الْأَسْقَامِ ،
()36/2
الدوَامِ َ ،وثَ ْقبَ الْكَبِدِ ،وَاحْتِرَاقَ ال َّدمِ وَالَْبخَرَ َ ،ونَتْنَ الْفَمِ ،وَفَسَادَ الْأَسْنَانِ ، َالرعْشَةَ عَلَى َّ و َّ الن ْومِ وَالْكَسَلَ َ ،وَتجْ َعلُ شلَ َوكَثْرَةَ َّ وَسُقُوطَ شَعْرِ الْأَجْفَانِ َ ،وصُفْرَةَ الْأَسْنَانِ َ ،وعِشَاءَ الْعَيْنِ وَالْفَ َ
َالشجَاعَ جَبَانًا وَالْكَ ِرميَ مُهَانًا ،إنْ َأ َكلَ لَا الصحِيحَ عَلِيلًا و ُّ جلِ َ ،وتُعِيدُ الْعَزِيزَ َذلِيلًا وَ َّ الْأَسَدَ كَالْ ِع ْ
َالذكِيَّ َأبْلَمَ ،وَتُ ْذ ِهبُ الْ َفطِنَةَ س َمعُ َ ،تجْ َعلُ الْفَصِيحَ َأبْكَمَ و َّ يَشَْبعُ َوِإنْ ُأ ْعطِيَ لَا يَقَْنعُ َ ،وِإنْ كُلِّمَ لَا يَ ْ َ ،وُتحْدِثُ الِْبطْنَةَ ،وَتُورِثُ الْعُنَّةَ وَاللَّعْنَةَ وَالْبُعْدَ عَنْ اْلجَنَّةِ .
وَمِنْ قَبَاِئحِهَا أَنَّهَا تُنْسِي الشَّهَا َدتَيْنِ عِنْدَ اْل َموْتِ َ ،بلْ قِيلَ إنَّ هَذَا أَ ْدنَى قَبَاِئحِهَا .
سخًا حوُهُ بِأَنَّ فِيهِ مَ ْ َوهَذِهِ الْقَبَاِئحُ كُلُّهَا َموْجُودَةٌ فِي الْأَفْيُونِ َوغَيْرِهِ مِمَّا سَبَقَ َ ،بلْ يَزِيدُ الْأَفْيُونُ َوَن ْ لِ ْلخِلْقَةِ َكمَا يُشَاهَدُ مِنْ أَ ْحوَالِ آكِلِيهِ َو َعجِيبٌ ثُمَّ َعجِيبٌ مِمَّنْ يُشَاهِدُ مِنْ أَ ْحوَالِ آكِلِيهِ تِلْكَ سخُ الْبَ َدنِ وَالْعَ ْقلِ َوصَيْرُو َرتُهُمْ إلَى أَخَسِّ حَالَةٍ َوأَرَثِّ هَيْئَةٍ َوأَقْذَرِ َوصْفٍ . الْقَبَاِئحَ الَّتِي هِيَ مَ ْ
صوَابٍ َولَا يَهْتَدُونَ إلَّا إلَى َخوَا ِرمِ اْلمُرُوآت خطَابٍ َولَا َيمِيلُونَ قَطُّ إلَى َ َوأَ ْف َظعِ مُصَابٍ لَا يَتَأَهَّلُونَ ِل ِ
َو ُهوَ أَذَمُّ الْ َكمَالَاتِ وَ َفوَاحِشُ الضَّلَالَاتِ ،ثُمَّ َمعَ هَذِهِ الْ َعظَائِمِ الَّتِي نُشَاهِ ُدهَا مِنْهُمْ ُيحِبُّ اْلجَا ِهلُ َأنْ
يَنْدَرِجَ فِي زُمْ َرتِهِمْ اْلخَاسِرَةِ وَفُرْقَتِهِمْ الضَّالَّةِ اْلحَائِرَةِ مُتَعَامِيًا عَمَّا عَلَى وُجُوهِهِمْ مِنْ الْغَبَرَةِ وَمَا
حتْ لَهُ فِيهِمْ هَذِهِ ضَ يَعْتَرِيهَا مِنْ الْقَتَرَةِ َذلِكَ ُيخْشَى عَلَيْهِ َأنْ يَكُونَ مِنْ الْكَفَرَةِ الْ َفجَرَةِ َ ،فمَنْ اتَّ َ ح َوهُمْ وَحَذَا حَ ْذ َوهُمْ فَ ُهوَ اْلمَفْتُونُ اْلمَثَاِلبُ َوبَانَ عِنْدَهُ مَا اشَْتمَلُوا عَلَيْهِ مِنْ كَثِريِ اْلمَعَاِيبِ ثُمَّ َنحَا َن ْ
اْلمَغْبُونُ الَّذِي بَ َلغَ الشَّ ْيطَانُ فِيهِ غَايَةَ أَمَلَّهُ بَعْدَ َأنْ كَانَ يَتَرََّبصُ بِهِ َرْيبَ اْلمَنُونِ ،لِأَنَّهُ
()36/2
لَعَنَهُ اللَّهُ إذَا أَحَلَّ عَبْدًا فِي هَذِهِ اْلوَ ْرطَةِ لَ ِعبَ بِهِ َكمَا يَلْعَبُ الصَّبِيُّ بِالْكُرَةِ إذْ مَا يُرِيدُ مِنْهُ حِينَئِذٍ شَيْئًا إلَّا وَسَابَقَهُ إلَى فِعْلِهِ لِأَنَّ الْعَ ْقلَ الَّذِي ُهوَ آلَةُ الْ َكمَالِ زَالَ عَنْ َمحَلِّهِ فَصَارَ كَالَْأنْعَامِ بَلْ ُهوَ َأضَلُّ سَبِيلًا وَمِنْ َأ ْهلِ النِّريَانِ ،فَبِئْسَ مَا رَضِيَهُ لِنَفْسِهِ مَبِيتًا وَمَقِيلًا َوأُفٍّ ِلمَنْ بَاعَ نَعِيمَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
بِتِلْكَ الصَّفْقَةِ اْلخَاسِرَ ِة ،وَفَّقْنَا اللَّهُ ِلطَاعَتِهِ وَ َحمَانَا مِنْ ُمخَالَفَتِهِ آمِنيَ .
الذهَبِيُّ َفجَعَلَهَا خمْرِ َ ،بلْ بَاَلغَ َّ تَنْبِيهٌ :عَدُّ مَا ُذكِرَ مِنْ الْكَبَائِرِ ظَاهِرٌ َوبِهِ صَرَّحَ َأبُو زُ ْرعَةَ َوغَيْرُهُ كَاْل َ النجَاسَةِ وَاْلحَدِّ وَمَالَ فِي َذلِكَ إلَى مَا قَدَّمْته عَنْ اْلحَنَابِلَةِ َوغَيْ ِرهِمْ . خمْرِ فِي َّ كَاْل َ
قَالَ َ :وهِيَ أَخْبَثُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا تُفْسِدُ الْعَ ْقلَ وَاْلمِزَاجَ حَتَّى يَصِريَ فِي مُتَعَاطِيهَا َتخْنِيثُ أَيْ ابْنَةٍ خمْرُ أَخْبَثُ مِنْ جِهَةٍ ح ِوهَا وَ ِديَاثَةٍ وَ ِقوَادَةٍ وَفَسَادٍ فِي اْلمِزَاجِ وَالْعَ ْقلِ َوغَيْرِ َذلِكَ مِنْ الْفَسَا ِد ،وَاْل َ َوَن ْ
صمَةِ وَاْلمُقَاتَلَةِ كِلَاهُمَا يَصُدُّ عَنْ ِذكْرِ اللَّهِ َوعَنْ الصَّلَاةِ . أَنَّهَا تُفْضِي إلَى اْل ُمخَا َ
قَالَ َ :وَتوَقَّفَ بَ ْعضُ الْعُ َلمَاءِ اْلمُتَأَخِّرِينَ عَلَى اْلحَدِّ فِيهَا وَرَأَى أَنَّ فِيهَا التَّعْزِيرَ لِأَنَّهَا تُغَيِّرُ الْعَ ْقلَ مِنْ
صلُ غَيْرِ طَرَبٍ كَالْبَنْجِ َوأَنَّهُ لَمْ َيجِدْ لِلْعُ َلمَاءِ اْلمُتَقَدِّمِنيَ فِيهَا كَلَامًا َولَيْسَ كَ َذلِكَ َ ،بلْ آكِلُوهَا َيحْ ُ
ُدهُمْ عَنْ ِذكْرِ اللَّهِ َوعَنْ خمْرِ َوَأكْثَرُ حَتَّى إنَّهُمْ لَا يَصْبِرُونَ عَنْهَا َوتَص ُّ شوَةٌ وَاشْتِهَاءٌ كَشُرْبِ اْل َ لَهُمْ نَ ْ الصَّلَاةِ َ ،ولِ َك ْونِهَا جَامِدَةً َمطْعُومَةً تَنَا َزعَ الْعُ َلمَاءُ فِي َنجَاسَتِهَا عَلَى ثَلَاثَةٍ أَ ْقوَالٍ فِي مَ ْذ َهبِ أَ ْحمَدَ
َوغَيْرِهِ .
جمُو ِدهَا ،وَقِيلَ : الصحِيحُ ،وَقِيلَ :لَا ِل ُ خمْرِ اْلمَشْرُوبَةِ َوهَذَا ُهوَ الِاعْتِبَارُ َّ فَقِيلَ :هِيَ َنجِسَةٌ كَاْل َ
يُفَرَّقُ بَيْنَ جَامِ ِدهَا وَمَائِعِهَا َ ،وبِكُلِّ حَالٍ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِيمَا حَرَّمَ اللَّهُ
()36/2
خمْرِ اْلمُسْكِرِ لَ ْفظًا وَمَعْنًى ،وَقَالَ َأبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { :يَا رَسُولَ وَرَسُولُهُ مِنْ اْل َ
اللَّهِ أَفْتِنَا فِي شَرَابَيْنِ كُنَّا نَصْنَعُ ُهمَا بِالَْيمَنِ الْبِ ْتعُ َو ُهوَ مِنْ الذُّرَةِ وَالشَّعِريِ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ وَاْلمِزْرُ َو ُهوَ الذُّرَةُ وَالشَّعِريُ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ قَالَ َوكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُ ْعطِيَ َجوَا ِمعَ الْكَلِمِ
خوَاتِيمِهِ ،فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ } . ِب َ
{ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :مَا أَسْكَرَ كَثِريُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ } َ ،ولَمْ يُفَرِّقْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ خمْرَ قَدْ تُ ْؤ َكلُ بِاْلخُبْزِ وَاْلحَشِيشَةُ قَدْ تُذَابُ َن ْوعٍ َوَن ْوعٍ كَ َك ْونِهِ مَ ْأكُولًا َأوْ مَشْرُوبًا ،عَلَى أَنَّ اْل َ
َوتُشْرَبُ َوإَِّنمَا لَمْ يَ ْذكُ ْرهَا السَّلَفُ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي زَمَنِهِمْ ،وَقَدْ قِيلَ فِيهَا :فَآكِلُهَا وَزَا ِع ُمهَا حَلَالًا فَتِلْكَ عَلَى الشَّقِيِّ مُصِيبَتَانِ َفوَاَللَّهِ مَا فَرِحَ إبْلِيسٌ ِبمِ ْثلِ فَرَحِهِ بِاْلحَشِيشَةِ لِأَنَّهُ زَيَّنَهَا لِلَْأنْفُسِ
اْلخَسِيسَةِ فَاسَْتحَلُّوهَا وَاسْتَرْخَصُوهَا وَقَالُوا فِيهَا :قُلْ ِلمَنْ يَ ْأ ُكلُ الْحَشِيشَةَ عِشْت فِي َأكْلِهَا بِأَقَْبحِ الذهَبِيِّ ،وَمَا َذكَرَهُ مِنْ عِيشَهْ قِيمَةُ الْعَ ْقلِ بِدُرَّةٍ فَ ِلمَاذَا يَا أَخَا اْلجَ ْهلِ بِعْته بِحَشِيشَ ْه هَذَا كَلَامُ َّ
النجَاسَةِ وَاْلحَدِّ ضَعِيفٌ َكمَا مَرَّ . َّ
()33/2
( الْكَبِريَةُ اْلحَا ِديَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ اْلمِائَةِ :اْلمَسْفُوحُ َأوْ َلحْمُ اْلخِنْزِيرِ أَوْ اْلمَيْتَةِ وَمَا ُهلَ َالدمُ َوَلحْمُ اْلخِنْزِيرِ وَمَا أ ِّ خمَصَةٍ ) قَالَ تَعَالَى { :حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ اْلمَيْتَةُ و َّ ُأْلحِقَ بِهَا فِي غَيْرِ َم ْ
َالنطِيحَةُ وَمَا أَ َكلَ السَُّبعُ إلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ُذبِحَ عَلَى َديَةُ و َّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَاْلمُ ْنخَنِقَةُ وَاْل َموْقُوذَةُ وَاْلمُتَر ِّ سمُوا بِالْأَ ْزلَامِ َذلِكُمْ فِسْقٌ } وَقَالَ جَلَّ ِذكْرُهُ { :قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إلَيَّ صبِ َوَأنْ تَسْتَقْ ِ النُّ ُ ُمحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ َيطْ َعمُهُ إلَّا َأنْ يَكُونَ مَيْتَةً َأوْ دَمًا مَسْفُوحًا َأوْ َلحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ } قَالَ
اْلمُفَسِّرُونَ :اسْتَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُولَى مِنْ الِْإبَاحَةِ أَحَدَ عَشَرَ َن ْوعًا :اْلمَيْتَةُ ) َ :وَتحْرِميُهَا الدمَ َج ْوهَرٌ َلطِيفٌ جِدًّا ،فَإِذَا مَاتَ اْلحََيوَانُ حَتْفَ َأنْفِهِ احْتَبَسَ دَمُهُ فِي عُرُوقِهِ ُموَافِقٌ لِلْعُقُولِ لِأَنَّ َّ
صحِيحَيْنِ السمَكُ وَاْلجَرَادُ ِلحَدِيثَيْنِ َ صلَ مِنْ َأكْلِهِ مَا لَا يَنْبَغِي َ ،ويُسْتَثْنَى مِنْهَا َّ َوتَعَفَّنَ وَفَسَدَ وَحَ َ بِ ِهمَا َ ،وصَحَّ فِي اْلحَدِيثِ َأيْضًا { إنَّ َذكَاةَ اْلجَنِنيِ َذكَاةُ أُمِّهِ } .
فَإِذَا خَرَجَ جَنِنيُ مُذَكَّاةٍ مَيِّتًا أَوْ بِهِ حَيَاةٌ غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ حَلَّ تَبَعًا لَهَا َوِإنْ كَبِرَ َوكَانَ لَهُ شَعْرٌ ،وَاْلمُرَادُ
بِهَا مَا زَاَلتْ حَيَاتُهُ لَا بِ َذكَاةٍ شَ ْرعِيَّةٍ ،فَدَ َخلَ فِيهَا الَْأْنوَاعُ الْآتِيَةُ وَخَرَجَ مِنْهَا اْلجَنِنيُ اْلمَ ْذكُورُ
حوِ الْكَ ْلبِ َوغَيْرِهِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا زَالَتْ حَيَاتُهُ بِ َذكَاةٍ شَ ْرعِيَّةٍ وَالصَّيْدُ إذَا مَاتَ بِالضَّ ْغطَةِ َأوْ ثِ َقلٍ َن ْ
َوِإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إنْهَارُ َدمٍ . شوُونَهُ الدمِ َويَ ْ َالدمُ ) :وَسََببُ َتحْرِميِهِ َنجَاسَتُهُ َأيْضًا َوكَانُوا َيمْلَئُونَ اْلمِعَى َأوْ اْلمَبَاعِرَ مِنْ َّ ( و َّ
َرمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ َذلِكَ ،وَاتَّفَقَ الْعُ َلمَاءُ عَلَى َتحْرِميِهِ َوَنجَاسَتِهِ ،نَعَمْ يُعْفَى عَمَّا َويُطْ ِعمُونَهُ الضَّيْفَ َفح َّ َاللحْمِ عَلَى يَبْقَى فِي الْعُرُوقِ و َّ
()36/2
َالطحَالُ أَنَّهُ خَرَجَ بِاْلمَسْفُوحِ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى اْلمُفِيدَةِ لِِإطْلَاقِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ َ ،ويُسْتَثْنَى مِنْهُ الْكَبِدُ و ِّ جمْهُورِ الصحِيحِ بِ ِهمَا عَلَى أَنَّ ُهمَا خَرَجَا بِاْلمَسْفُوحِ َأيْضًا فَلَا اسْتِثْنَاءَ َ ،ونَ َقلَ بَعْضُهُمْ عَنْ اْل ُ لِ ْلحَدِيثِ َّ
الدمَ حَرَامٌ َوَلوْ غَيْرَ مَسْفُوحٍ . أَنَّ َّ
وَرُدَّ َقوْلُ َأبِي حَنِيفَةَ ِبحِلِّ غَيْرِ اْلمَسْفُوحِ َولَيْسَ َكمَا َزعَمَ .
( وَاْلخِنْزِيرُ ) :وَسََببُ َتحْرِميِهِ َنجَاسَتُهُ َأيْضًا .
صلَ لِ ْلمُتَغَذِّي أَخْلَاقٌ قَالَ الْعُ َلمَاءُ َ :ولِأَنَّ الْغِذَاءَ يَصِريُ َج ْوهَرًا مِنْ بَ َدنِ اْلمُتَغَذِّي فَلَا بُدَّ َوَأنْ َيحْ ُ َوصِفَاتٌ مِنْ جِنْسِ مَا كَانَ حَاصِلًا مِنْ الْغِذَاءِ ،وَاْلخِنْزِيرُ َمطْبُوعٌ عَلَى أَخْلَاقٍ ذَمِيمَةٍ جِدًّا مِنْهَا
ُرمَ َأكْلُهُ عَلَى الِْإنْسَانِ لِئَلَّا يَتَكَيَّفَ َالرغْبَةُ الشَّدِيدَةُ فِي اْلمَنْهِيَّاتِ َوعَ َدمُ الْغَيْرَةِ فَح ِّ اْلحِرْصُ الْفَاحِشُ و َّ
بِتِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ الْقَبِيحَةِ ،وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا وَا َظبَ النَّصَارَى سَِّيمَا الْفِ ِرْنجُ عَلَى َأكْلِهِ َأوْ َرثَهُمْ حِ ْرصًا َعظِيمًا الذكَرَ مِنْ جِنْسِهِ يَنْزُو عَلَى ُأنْثَاهُ َولَا يَتَعَرَّضُ لَهُ وَ َرغْبَةً شَدِيدَةً فِي اْلمَنْهِيَّاتِ َوعَ َدمَ الْغَيْرَةِ فَإِنَّهُ يَرَى َّ
صلُ ح ِوهَا فَإِنَّهَا َذوَاتٌ عَارِيَّةٌ عَنْ َجمِيعِ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَ ِة ،فَلِ َذلِكَ لَا َيحْ ُ لِعَ َدمِ غَيْ َرتِهِ ِبخِلَافِ الْغَنَمِ َوَن ْ ِالذكْرِ َمعَ أَنَّ جَمِيعَهُ حمُهُ ب ِّ لِلِْإنْسَانِ بِسَبَبِ َأكْلِهَا كَيْفِيَّةٌ خَارِجَةٌ عَنْ َأغْرَاضِهِ َوأَ ْحوَالِهِ َ ،وإَِّنمَا خُصَّ َل ْ حمَهُ ُهوَ اْلمَقْصُودُ الذَّاتِيُّ مِنْهُ . حَرَامٌ لِأَنَّ َل ْ
قَالَ الْقُ ْرطُبِيُّ َ :ولَا خِلَافَ أَنَّ ُجمْلَةَ اْلخِنْزِيرِ ُمحَرَّمَةٌ إلَّا شَ ْعرُهُ فََيجُوزُ اْلخَرَزُ بِهِ انْتَهَى ،وَمَ ْذهَبُنَا َجوَازِ اْلخَرَزِ بِهِ خِلَافًا ِلمَنْ نَ َقلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ َتحْرِميَهُ ،وَخِنْزِيرُ اْلمَاءِ مَ ْأكُولٌ عِنْ َدنَا .
()36/2
الصوْتِ وَمِنْهُ فُلَانٌ َأهَلَّ ُهلَ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ } :أَيْ ُذِبحَ عَلَى اسْمِ الصَّنَمِ ،إذْ الِْإهْلَالُ رَفْعُ َّ { وَمَا أ ِّ
بِاْلحَجِّ إذَا لَبَّى وَاسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ إذَا صَرَخَ حِنيَ ِولَا َدتِ ِه ،وَاْلهِلَالُ لِأَنَّهُ يُصْرَخُ عِنْدَ ُر ْؤيَتِهِ َوكَانُوا ُرمَ عَلَيْهِمْ . يَقُولُونَ عِنْدَ الذَّ ْبحِ بِاسْمِ اللَّاتِ وَالْعُزَّى َفح ِّ
ِلطوَاغِيتِ وَالَْأصْنَامِ قَالَهُ َج ْمعٌ ،وَقَالَ آخَرُونَ :يَعْنِي مَا ُهلَ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ } وَمَا ُذِبحَ ل َّ َفمَعْنَى { وَمَا أ ِّ ُذكِرَ عَلَيْهِ غَيْرُ اسْمِ اللَّهِ .
قَالَ الْ َفخْرُ الرَّازِيّ َوهَذَا الْ َقوْلُ َأ ْولَى لِأَنَّهُ أَشَدُّ ُمطَابَقَةً لِلَفْظِ الْآيَةِ .
قَالَ الْعُ َلمَاءُ َلوْ َذَبحَ مُسْلِمٌ ذَبِيحَةً وَقَصَدَ بِ َذْبحِهَا التَّقَرُّبَ بِهَا إلَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى صَارَ مُ ْرتَدًّا وَ َذبِيحَتُهُ
َذبِيحَةُ مُ ْرتَدٍّ ،نَعَمْ َذبَاِئحُ َأ ْهلِ الْكِتَابِ َتحِلُّ لِ َق ْولِهِ تَعَالَى َ { :وطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ }
نَعَمْ إنْ َذَبحُوهَا بِاسْمِ اْلمَسِيحِ لَمْ َتحِلَّ عِنْدَ الَْأئِمَّةِ الْأَ ْربَعَةِ َوغَيْ ِرهِمْ . وَقَالَ َج ْمعٌ َتحِلُّ ُمطْلَقًا .
َدمُ عَلَى ُعمُومِ { َوطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ُهلَ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ } خَاصٌّ فَيُق َّ وَرُدَّ بِأَنَّ { وَمَا أ ِّ
} َونَ َقلَ ابْنُ َعطِيَّةَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ اسْتَفْتَى فِي امْ َرأَةٍ مُتْرَفَةٍ َنحَرَتْ جَزُورًا لِلَعِبِهَا فَأَفْتَى بِأَنَّهُ لَا َيحِلُّ حتْ لِصَنَمٍ . َأكْلُهَا لِأَنَّهَا ُذِب َ
()36/2
( وَاْلمُ ْنخَنِقَةُ ) َ :وهِيَ الَّتِي َتمُوتُ خَنْقًا بَِأنْ يُحْبَسَ نَفَسُهَا بِفِ ْعلِ آدَمِيٍّ َأوْ غَيْرِهِ إلَى َأنْ َتمُوتَ َوكَاَنتْ اْلجَاهِلِيَّةُ َيخْنُقُونَ اْلحََيوَانَ فَإِذَا مَاتَ َأكَلُوهُ .
( وَاْل َموْقُوذَةُ ) :مِنْ وَقَذَهُ النُّعَاسُ أَيْ غَلَبَهُ َوكَأَنَّ اْلمَادَّةَ دَالَّةٌ عَلَى سُكُونٍ وَاسْتِرْخَاءٍ ؛ فَاْلمَوْقُوذَةُ هِيَ الَّتِي وُقِذَتْ أَيْ ضُ ِرَبتْ حَتَّى اسْتَرْ َختْ وَمَاَتتْ ،وَمِنْهَا اْلمَقْتُولَةُ بِالْبُنْ ُدقِ فَهِيَ فِي مَعْنَى اْلمَيْتَةِ .
سلْ دَمُهَا . وَاْلمُ ْنخَنِقَةُ لِأَنَّهَا مَاَتتْ َولَمْ يَ ِ
()67/2
َديَةُ ) :مِنْ تَرَدَّى أَيْ سَقَطَ مِنْ عُلُوٍّ فَإِذَا سَ َق َطتْ مِنْ عُلُوٍّ َكجََبلٍ َأوْ َشجَرَةٍ عَلَى أَ ْرضٍ َأوْ ( وَاْلمُتَر ِّ ت َ ،وِإنْ َأصَابَهَا سَهْمٌ لِأَنَّهَا فِي الْأَوَّلِ لَمْ تَزُلْ حَيَاتُهَا ِب ُمحَدَّدٍ َيجْرَحُ وَيَسِيلُ فِي بِئْرٍ َفمَاَتتْ حُرِّ َم ْ
بِسَبَبِهِ دَمُهَا ،وَفِي الثَّانِي شَارَكَ اْل ُمحَدَّدَ غَيْرُهُ فَآثَرَ غَيْرُهُ اْلحُرْمَةَ لِأَنَّ شَرْطَ اْلحِلِّ َكمَا مَرَّ إزَالَةُ حضِ ُمحَدَّدٍ َيجْرَحُ . اْلحَيَاةِ ِب َم ْ
()67/2
الدمِ وَدَخَ َلتْ الْهَاءُ فِي هَذِهِ الْكَ ِلمَاتِ َالنطِيحَةُ ) :الَّتِي َن َطحَتْهَا أُخْرَى فَهِيَ مَيْتَةٌ لِفَقْدِ سَيْلَانِ َّ ( و َّ
ِالذكْرِ لِأَنَّهَا مِنْ َأعَمِّ مَا ُي ْؤ َكلُ ،وَالْكَلَامُ قَدْ َيخْرُجُ عَلَى الَْأعَمِّ الَْأغْ َلبِ لِأَنَّهَا َأ ْوصَافٌ لِلشَّاةِ وَخُصَّ ب ِّ وَاْلمُرَادُ بِهِ الْكُلُّ .
النطِيحَةِ َأنْ لَا تَدْخُلُهَا هَاءٌ لِأَنَّ فَعِيلًا يَسَْتوِي فِيهِ اْلمُذَكَّرُ وَاْل ُمؤََّنثُ إلَّا أَنَّهَا لَمَّا نَعَمْ كَانَ مِنْ حَقِّ َّ جَرَتْ َمجْرَى الْأَ ْسمَاءِ خَرَجَتْ عَنْ قِيَاسِ فَعِيلٍ .
()62/2
( وَمَا َأ َكلَ السَّبُعُ ) :أَيْ َأ َكلَ بَعْضَهُ َوكَانَ َأ ْهلُ اْلجَاهِلِيَّةِ إذَا جَرَحَ السَُّبعُ شَيْئًا فَقَتَلَهُ َوَأ َكلَ بَعْضَهُ َأكَلُوا مَا بَقِيَ َفحَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .
وَاسْتُفِيدَ مِنْ َقوْله تَعَالَى { :إلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ } :أَنَّ مَا أُدْرِكَ مِنْ اْلمُ ْنخَنِقَةِ وَمَا بَعْ َدهَا َوبِهِ حَيَا ٌة مُسْتَقِرَّةٌ وَذُكِّيَ حَلَّ َوإِلَّا فَلَا .
()66/2
ضحَةٌ ،وَقِيلَ هِيَ حجَارَةُ كَانُوا يَ ْذَبحُونَ عَلَيْهَا فَعَلَى حِينَئِذٍ وَا ِ صبِ ) :قِيلَ هِيَ اْل ِ ( وَمَا ُذِبحَ عَلَى النُّ ُ صبُ لِتَعَبُّدٍ فَعَلَى ِبمَعْنَى اللَّامِ أَيْ لِأَجْلِهَا ،وَالتَّقْدِيرُ وَمَا ُذِبحَ عَلَى اعْتِقَادِ تَ ْعظِيمِهَا . الَْأصْنَامُ ،تُنْ َ
قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَابْنُ جُ َريْجٍ { :كَانَ َحوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلَاُثمِائَةٍ وَسِتُّونَ َحجَرًا مَنْصُوبَةً يَعْبُ ُدهَا َأ ْهلُ َظمُونَهَا َويَ ْذَبحُونَ لَهَا َولَيْسَتْ بَِأصْنَامٍ َّإنمَا الَْأصْنَامُ هِيَ الصُّورَةُ اْلمَنْقُوشَةُ َوكَانُوا اْلجَاهِلِيَّةِ َويُع ِّ
اللحْمَ عَلَيْهَا ،فَقَالَ اْلمُسْلِمُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ َأهْلُ اْلجَاهِلِيَّةِ َطخُونَهَا بِتِلْكَ الْأَدْمِيَةِ َويَضَعُونَ َّ يُل ِّ ت رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلَ َظمَهُ ،فَسَ َك َ ِالدمِ فََنحْنُ أَحَقُّ َأنْ نُع ِّ َظمُونَ الْبَ ْيتَ ب َّ يُع ِّ َقوْله تَعَالَى { :لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا َولَا دِمَا ُؤهَا } } .
()66/2
سمُوا بِالْأَ ْزلَامِ } النَّهْيُ عَمَّا كَانَ تَفْعَلُهُ اْلجَاهِلِيَّةُ مِنْ أَنَّ مَنْ أَرَادَ وَمَعْنَى َقوْله تَعَالَى َ { :وَأنْ تَسْتَقْ ِ
مِنْهُمْ حَاجَةً أَيَّ حَاجَةٍ كَاَنتْ جَاءَ إلَى سَا ِدنِ الْكَعْبَةِ َ ،وكَانَ عِنْدَهُ سَبْعَةُ أَقْدَاحٍ مُسَْت ِويَةٍ مِنْ َشوْحَطٍ
ُوَيتْ َ ،وكَانَ مَكْتُوبًا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا نَعَمْ وَآخَرَ لَا وَآخَرَ وَسُمَِّيتْ بِالْأَ ْزلَامِ لِأَنَّهَا زُِّل َمتْ :أَيْ س ِّ
سبُ وَآخَرَ عَ ْقلٌ :أَيْ ِديَةٌ وَآخَرَ لَا مِنْكُمْ وَآخَرَ مِنْ غَيْ ِركُمْ :أَيْ التَّزَوُّجُ ،وَآخَرَ مُلْصَقٌ أَيْ النَّ َ َملِ ِديَةٍ جَاءُوا إلَى هَُبلَ َأ ْعظَمِ َأصْنَامِهِمْ سبٍ َأوْ َتح ُّ شَ ْيءَ عَلَيْهِ ،فَإِذَا أَرَادُوا أَمْرًا َأوْ اخْتَلَفُوا فِي نَ َ
ِبمِائَةِ دِ ْرهَمٍ ،وَجَزُورٍ لِصَا ِحبِ الْقِدَاحِ حَتَّى ُيجِيلَهَا لَهُمْ ،وَيَقُولُونَ يَا آلِهَتَنَا إنَّا أَرَ ْدنَا كَذَا َوكَذَا ، َفمَا خَرَجَ فَعَلُوا بِقَضِيَّتِ ِه ،فَنَهَى اللَّهُ عَنْ َذلِكَ وَحَرَّمَهُ ،وَقَالَ { َذلِكُمْ فِسْقٌ } َووَجْهُ ِذكْ ِرهَا َمعَ هَذِهِ اْل َمطَاعِمِ أَنَّهَا كَاَنتْ تُرْ َفعُ عِنْدَ الْبَ ْيتِ مَعَهَا .
سمُونَ بِهِ الرِّ ْزقَ وَمَا يُرِيدُونَ َ ،وَنظِريُ هَذَا قَالَ الْقُ ْرطُبِيُّ :وَسُمِّيَ َذلِكَ اسْتِقْسَامًا لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَقْ ِ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ َقوْلُ اْلمُنَجِّمِ لَا َتخْرُجْ مِنْ أَ ْجلِ َنجْمِ كَذَا .
وَاخْرُجْ مِنْ أَ ْجلِ َنجْمِ كَذَا .
وَقَالَ َجمَاعَةٌ :اْلمُرَادُ بِالْآيَةِ الْ ِقمَارُ .
وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ الْأَ ْزلَامُ حَصًا بِيضٌ كَانُوا يَضْ ِربُونَ بِهَا ،وَ ُمجَاهِدٌ هِيَ كِعَابُ فَارِسٍ وَالرُّومِ يَتَقَامَرُونَ بِهَا .
وَالشَّعْبِيُّ :الْأَ ْزلَامُ لِلْعَرَبِ ،وَالْكِعَابُ لِلْ َعجَمِ .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ُهوَ ظَاهِرُ الْآيَتَيْنِ الْكَرِميَتَيْنِ ،لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهَا فِسْقًا إذْ َقوْله تَعَالَى { : جمِيعِ َكمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ َأئِمَّتِنَا . َذلِكُمْ فِسْقٌ } يَرْجِعُ لِ ْل َ
س فِي َمحَلِّهِ ،إذْ الْقَاعِدَةُ الْمُقَرَّرَةُ فِي َوأَمَّا َقوْلُ بَ ْعضِ اْلمُفَسِّرِينَ إنَّهُ يَرْ ِجعُ ِلمَا َولِيَهُ فَقَطْ ،فَلَيْ َ ُل ،فَلَا وَجْهَ الُْأصُولِ قَاضِيَةٌ بِرُجُوعِهِ لِلْك ِّ
()66/2
الدلِيلِ عَلَيْهِ َ ،ويَنْبَغِي َأنْ يَ ْلحَقَ بِهِ ِالدمِ ،وَقَدْ عَ ِلمْت قِيَامَ َّ ِلتخْصِيصِ بِالْبَ ْعضِ ،لَكِنَّهُمْ لَمْ يُصَرِّحُوا ب َّ ل َّ
َديًا ،ثُمَّ َرَأيْت التَّصْرِيحَ بِهِ الْآتِيَ قَرِيبًا . َأ ْكلُ َنجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا تَع ِّ
()63/2
الصحِيحِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ ( الْكَبِريَةُ الرَّابِعَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ اْلمِائَةِ :إحْرَاقُ اْلحََيوَانِ بِالنَّارِ ) لِ ْلحَدِيثِ َّ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :إنِّي كُنْت أَمَ ْرتُكُمْ َأنْ ُتحَرِّقُوا فُلَانًا وَفُلَانًا بِالنَّارِ َوإِنَّ النَّارَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إلَّا اللَّهُ ، فَِإنْ وَجَ ْدُتمُو ُهمَا فَاقْتُلُو ُهمَا } .
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ َ { :رأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَ ْريَةَ َن ْملٍ -أَيْ مَكَانَهُ -
قَدْ حَرَقْنَاهَا ،فَقَالَ :مَنْ حَرَقَ هَذِهِ ؟ قُلْنَا َ :نحْنُ ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :إنَّهُ لَا
يَنْبَغِي َأنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إلَّا رَبُّهَا } .
َتنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا كَبِريَةً عَلَى إطْلَاقِهِ َسوَاءٌ كَانَ مَ ْأكُولًا َأوْ غَيْرَهُ صَغِريًا َأوْ كَبِريًا ُهوَ مَا فِي الرَّ ْوضَةِ َوَأصْلِهَا عَنْ صَا ِحبِ الْعُدَّةِ .
َوَتوَقَّفَ الرَّافِعِيُّ فِي إطْلَاقِهِ َوتَبِعَهُ الْأَذْ َرعِيُّ فَقَالَ َقوْلُ صَاحِبِ الْعُدَّةِ َوإِحْرَاقُ اْلحََيوَانِ فِي إطْلَاقِهِ َنظَرٌ ح َو ُهمَا بِأَنَّهُ يَصِريُ بِ َذلِكَ فَاسِقًا فِيهِ بُعْدٌ ،وَلَا بُدَّ َأنْ ،فَإِنَّ اْلحُكْمَ عَلَى مَنْ أَحْ َرقَ َقمْلَةً َأوْ بُ ْرغُوثًا َأوْ َن ْ
َرقُ عَاِلمًا بِالنَّهْيِ عَنْ َذلِكَ َوَتحْرِميِهِ انْتَهَى َ ،وتَبِعَهُ تِ ْلمِيذُهُ فِي اْلخَا ِدمِ فََتوَقَّفَ فِي َذلِكَ يَكُونَ اْل ُمح ِّ الِْإطْلَاقِ ثُمَّ قَالَ :نَعَمْ إنْ لَمْ ُيمْكِنْ قَتْلُهُ إلَّا بِهَا فَذَاكَ ا هـ .
َوتَع ََّقبَ َذلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ :وَفِيمَا َذكَرَهُ فِي الْإِحْرَاقِ َنظَرٌ وَاْلوَجْهُ الْأَخْذُ بِالِْإطْلَاقِ َ ،وُيوَافِقُهُ جَ َريَانُ َجمَاعَةٍ مُتَأَخِّرِينَ عَلَى عَدِّ َذلِكَ َمعَ إطْلَاقِهِ كَبِريَةً َولَمْ يَ ْنظُرُوا إلَى َتوَقُّفِ الرَّافِعِيِّ َوغَيْرِهِ ،وَ َقوْلُ
الزَّ ْركَشِيُّ نَعَمْ إَلخْ صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ َأيْضًا وَشَرَطَ فِيهِ أَنَّهُ لَا ُيمْكِنُ دَفْعَهُ عَنْهُ إلَّا بِقَتْلِهِ َ ،و ُهوَ مُرَادُ الزَّ ْركَشِيّ بِ َق ْولِهِ :إنْ لَمْ ُيمْكِنْ بِقَتْلِهِ ،إلَّا بِهَا .
الن َووِيُّ الرَّافِعِيَّ فِي َتوَقُّفِهِ السَّابِقِ فَكَأَنَّهُ قَالَ اْلجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ َولَمْ يَعْتَرِضْ َّ
()66/2
خمْسُ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِإِزَالَةِ ضَرَ ِرهِنَّ الْإِحْرَاقُ بِالنَّارِ لَا ُيمَْنعُ مِنْ ا ْرتَضَاهُ َ ،وَيظْهَرُ َأنْ يُقَالَ الْ َفوَاسِقُ اْل َ
َذلِكَ ،فَأَمَّا غَيْ ُرهَا مِنْ الْآدَمِيِّ وَاْلحََيوَانِ َوَلوْ غَيْرَ مَ ْأكُولٍ فَقَدْ ُيجْ َزمُ بِ َك ْونِهِ كَبِريَةً ِلخَبَرِ مُسْلِمٍ :أَنَّ
ابْنَ ُعمَرَ { مَرَّ بِنَفَرٍ نَصَبُوا دَجَاجَةً يَتَرَا َم ْونَهَا فَلَمَّا َرَأوْهُ تَفَرَّقُوا عَنْهَا ،فَقَالَ :مَنْ فَعَلَ هَذَا إنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ مَنْ فَ َعلَ هَذَا } ؛ وَالتَّعْذِيبُ بِالنَّارِ كَالتَّعْذِيبِ بِاِِّتخَا ِذهَا غَ َرضًا َأوْ أَشَدَّ .
َذبُونَ النَّاسَ } الدنْيَا } ،وَفِي ِروَايَةٍ { :يُع ِّ َذبُونَ فِي ُّ وَ َروَى مُسْلِمٌ { :إنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُع ِّ ِالشمْسِ َفمَا الظَّنُّ بِالْإِحْرَاقِ بِالنَّارِ . َذبُونَ ب َّ وَالْأُولَى َأعَمُّ ،قَالَ َذلِكَ لَمَّا رَأَى َقوْمًا يُع ِّ
()66/2
النجَسِ وَاْلمُسْتَقْذَرِ وَاْلمُضِرِّ ) ( الْكَبِريَةُ اْلخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ اْلمِائَةِ :تَنَاوُلُ َّ َوعَدُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ُهوَ مَا صَرَّحَ بِهِ بَ ْعضُ اْلمُتَأَخِّرِينَ َويُسْتَدَلُّ فِي الْأُولَى بِأَنَّ مَا ُذكِرَ فِيهَا ُهوَ قِيَاسُ مَا
َرمْ لِضَرَ ِرهَا َبلْ لَِنجَاسَتِهَا َكمَا صَرَّحُوا بِهِ َ ،وإِذَا حُرِّمَتْ لَِنجَاسَتِهَا وَقَدْ مَرَّ فِي اْلمَيْتَةِ لِأَنَّهَا لَمْ ُتح َّ
سَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى فِسْقًا فَيَلْحَقُ بِهَا فِي َذلِكَ كُلُّ َنجَاسَةٍ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهَا َ ،فظَهَرَ وَجْهُ عَدِّ هَذِهِ كَبِريَةً .
صحَفِ َكمَا مَرَّ فِي حوِ اْلمُ ْ ِالنجَاسَةِ فِي تَ ْلطِيخِ َن ْ وَفِي الثَّانِيَةِ بِأَنَّ اْلمُسْتَقْذَرَ كَاْلمُخَاطِ وَاْلمَنِيِّ يَ ْلحَقُ ب َّ الْكَبِريَةِ الْأُولَى أَوَّلَ الْكِتَابِ فَلَا بُعْدَ فِي إْلحَاقِهِ بِهَا هُنَا َ ،وأَمَّا الثَّالِثَةُ فَاْلحُكْمُ فِيهَا ظَاهِرٌ لِأَنَّ تَنَاوُلَ
اْلمُضِرِّ مُفْسِدٌ لِلْبَ َدنِ َأوْ الْعَ ْقلِ وَ َذلِكَ َعظِيمُ الِْإثْمِ وَاْلوِزْرِ َ ،و َكمَا أَنَّ إضْرَارَ الْغَيْرِ الَّذِي لَا َيحْتَ ِملُ كَبِريَةً فَكَذَا إضْرَارُ النَّفْسِ َبلْ هَذَا َأ ْولَى لِأَنَّ حِفْظَ النَّفْسِ َأهَمُّ مِنْ حِفْظِ الْغَيْرِ .
صحَابُنَا أَنَّهُ َيحْ ُرمُ َأ ْكلُ طَاهِرٍ مُضِرٍّ بِالْبَ َدنِ كَالطِّنيِ وَالسُّمِّ كَالْأَفْيُونِ إلَّا الْقَلِيلَ مِنْ َذلِكَ فَ ْرعٌ َ :ذكَرَ َأ ْ ِلحَاجَةِ التَّدَاوِي َمعَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ َأوْ بِالْعَ ْقلِ كَنَبَاتٍ مُسْكِرٍ غَيْرِ ُمطْرِبٍ َ ،ولَهُ التَّدَاوِي بِهِ َوِإنْ أَسْكَرَ إنْ تَعَيَّنَ بَِأنْ قَالَ لَهُ طَبِيبَانِ عَ ْدلَانِ لَا يَنْ َفعُ عِلَّتُك غَيْرُهُ َ ،وَلوْ شَكَّ فِي نَبَاتٍ َهلْ ُهوَ سُمٍّ َأمْ غَيْرُهُ َأوْ
حوِ طَبِيخٍ َوتُهُرِّئَ حوُ ُذبَابٍ فِي َن ْ ُرمَ عَلَيْهِ تَنَا ُولُهُ َ ،وَلوْ وَ َقعَ َن ْ حوِ لَبَنٍ هَلْ ُهوَ مَ ْأكُولٌ َأوْ غَيْرُهُ ح ِّ فِي َن ْ
ُرئَ َ ،وَلوْ وَجَدَ َنجَاسَةً فِي طَعَامٍ طَ َرأَ عَلَيْهِ حوُ طَائِرٍ َأوْ جُ ْزءِ آدَمِيٍّ لَمْ َيحِلَّ َوِإنْ تُه ِّ فِيهِ حَلَّ َأكْلُهُ أَوْ َن ْ
صلَ طَهَا َرتُهُ َمعَ أَنَّهُ َيحَْت ِملُ أَنَّ جمُودُ وَشَكَّ َهلْ وَقَ َعتْ فِيهِ مَائِعًا َأوْ جَامِدًا حَلَّ تَنَا ُولُهُ لِأَنَّ الَْأ ْ اْل ُ
()66/2
وُقُوعَهَا فِيهِ جَامِدًا فَيَنْ ِزعُهَا وَمَا َح ْولَهَا فَقَطْ َ ،وِإنْ غَ َلبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا وَقَ َعتْ فِيهِ مَائِعًا ،وََيحْ ُرمُ الدِّ ْريَاقُ اْل َمخْلُوطُ بِ َلحْمِ اْلحَيَّاتِ إلَّا لِضَرُورَةٍ ُتجَوِّزُ َأ ْكلَ اْلمَيْتَةِ َ ،ولَوْ عَمَّ اْلحَرَامُ أَ ْرضًا َولَمْ يَبْقَ بِهَا حَلَالٌ َوُتو ُِّقعَ مَعْرِفَةُ أَ ْربَابِهِ جَازَ تَنَاوُلُ قَدْرِ اْلحَاجَةِ مِنْهُ دُونَ التَّنَعُّمِ َولَا يَُتوَقَّفُ عَلَى الضَّرُورَةِ .
خَاِتمَةٌ :اْلحََيوَانُ إمَّا يَضُرُّ َولَا يَنْ َفعُ َكحَيَّةٍ َوعَقْرَبٍ وَفَأْرَةٍ وَحِ َدأَةٍ َوكَ ْلبٍ عَقُورٍ َوغُرَابٍ غَيْرِ زَاغٍ
وَ ِذْئبٍ َوأَسَدٍ َوَنمِرٍ وَسَائِرِ السِّبَاعِ وَدُبٍّ َونَسْرٍ َوعُقَابٍ َوبُ ْرغُوثٍ َوَن ْملٍ صَغِريٍ َووَزَغٍ وَسَامٍّ َأبْرَصَ
ح ُوهَا يُسَنُّ قَتْلُهَا َوَلوْ ِل ُمحْ ِرمٍ فِي اْلحَ َرمِ . َوبَقٍّ وَ ُزنْبُورٍ ،فَهَذِهِ كُلُّهَا َوَن ْ َوأَمَّا مَا يَنْ َفعُ َويَضُرُّ كَفَهْدٍ وَصَقْرٍ َوبَازٍ فَلَا يُسَنّ قَتْلُهُ لِنَفْعِهِ َولَا يُكْرَهُ لِضَرِّهِ .
َوأَمَّا مَا لَا يَنْفَعُ َولَا يَضُرُّ َكخُنْفُسَاءَ وَجُ َعلٍ وَسَ َرطَانٍ وَرَ َخمَ ٍة فَيُكْرَهُ قَتْلُهُ ،نَعَمْ الْكَ ْلبُ الَّذِي لَا نَ ْفعَ َرقُ صحَابِ َويُف َّ جمُوعِ عَنْ الَْأ ْ فِيهِ َولَا ضَرَرَ وَ َقعَ فِي حِلِّ قَتْلِهِ تَنَا ُقضٌ ،وَاْلمُعَْتمَدُ حُرْمَتُهُ َكمَا فِي اْل َم ْ
بَيْنَهُ َوبَيْنَ مَا ُذكِرَ بِأَنَّ تِلْكَ فِي حُكْمِ اْلحَشَرَاتِ فَاغْتُفِرَ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْ ِرهَا ؛ َويُؤَيِّدُهُ َق ْولُهُمْ الن ْملِ الْكَبِريِ مَعَ أَنَّهُ لَا نَ ْفعَ فِيهِ َولَا ضَرَرَ . هُنَا َيحْ ُرمُ قَ ْتلُ َّ
حوِ الصَّيْدِ َأوْ اْلحِرَاسَةِ َوَلوْ النحْلِ وَاْلخُطَّافِ وَالصُّرَدِ وَالضِّفْدَعِ َوكَ ْلبِ َن ْ قَالُوا َ :وَيحْ ُرمُ َأيْضًا قَ ْتلُ َّ
أَ ْسوَدَ .
()67/2
الْكَبِريَةُ الثَّامِنَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ اْلمِائَةِ :بَ ْيعُ اْلحُرِّ ) أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ َوغَيْ ُر ُهمَا عَنْ َأبِي
صمُهُمْ هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :ثَلَاثٌ َأنَا خَ ْ
صمْته :رَجُلٌ َأ ْعطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ ،وَرَ ُجلٌ بَاعَ حُرًّا ثُمَّ أَ َكلَ َثمَنَهُ ، صمَهُ خَ َ َي ْومَ الْقِيَامَةِ ،وَمَنْ كُنْت خَ ْ وَرَ ُجلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِريًا فَاسَْتوْفَى مِنْهُ َولَمْ يُ ْعطِهِ أَجْرَهُ } .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا كَبِريَةً هُوَ صَرِيحُ مَا فِي هَذَا اْلحَدِيثِ مِنْ الْ َوعِيدِ الشَّدِيدِ َوبِهِ صَرَّحَ بَ ْعضُ اْلمُتَأَخِّرِينَ َو ُهوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ .
الديْنِ الَّذِي عَلَيْهِ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالُ يَقْضِيهِ بِهِ الطحَاوِيُّ َ :وكَانَ اْلحُرُّ يُبَاعُ فِي َّ قَالَ َّ سخِ ،بَلْ سخَ اللَّهُ َذلِكَ بِ َق ْولِهِ َ { :وِإنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فََنظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ } َولَمْ يَ ُقلْ َق ْومٌ بِالنَّ ْ حَتَّى نَ َ الصحَابَةِ قَالَ { :كَانَ لِرَ ُجلٍ قَالُوا إنَّ َذلِكَ بَاقٍ إلَى الْآنَ ِلمَا َروَاهُ الْبَزَّارُ وَالدَّارَ ُقطْنِيُّ عَنْ بَ ْعضِ َّ
صبْ لِي مَالًا فَبَاعَنِي عَلَيَّ مَالٌ َأوْ قَالَ َديْنٌ فَ َذ َهبَ بِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّ ُه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُ ِ مِنْهُ َأوْ بَاعَنِي لَهُ } َولَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ .
()67/2
َالثمَانُونَ بَعْدَ َالثمَانُو َن ،وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ و َّ َالثمَانُونَ وَاْلحَا ِديَةُ و َّ ( الْكَبِريَةُ التَّاسِعَةُ وَالسَّبْعُونَ و َّ
الربَا َوِإطْعَامُهُ َوكِتَابَتُهُ وَشَهَا َدتُهُ وَالسَّعْيُ فِيهِ وَالِْإعَانَةُ عَلَيْهِ ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { :الَّذِينَ اْلمِائَةِ َ :أ ْكلُ ِّ الربَا لَا يَقُومُونَ إلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخََّبطُهُ الشَّ ْيطَانُ مِنْ اْلمَسِّ َذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا َّإنمَا الْبَ ْيعُ يَ ْأكُلُونَ ِّ
الربَا َفمَنْ جَاءَهُ َم ْو ِعظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ َوأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ َرمَ ِّ الربَا َوأَحَلَّ اللَّهُ الْبَ ْيعَ وَح َّ مِ ْثلُ ِّ
الربَا َويُ ْربِي الصَّدَقَاتِ َواَللَّهُ لَا ُيحِبُّ صحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ َي ْمحَقُ اللَّهُ ِّ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ َأ ْ
الربَا إنْ كُنْتُمْ ُمؤْمِنِنيَ كُلَّ كُفَّارٍ َأثِيمٍ } ثُمَّ قَالَ { :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ ِّ فَِإنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْ َذنُوا ِبحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ َوِإنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ ُرءُوسُ أَ ْموَالِكُمْ لَا َتظْلِمُونَ َولَا
ُتظْ َلمُونَ َوِإنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فََنظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ َوَأنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْ َلمُونَ وَاتَّقُوا َيوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إلَى اللَّهِ ثُمَّ ُتوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسََبتْ َوهُمْ لَا ُيظْ َلمُونَ } وَقَالَ تَعَالَى { :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ الربَا َأضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْ ِلحُونَ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي ُأعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ آمَنُوا لَا تَ ْأكُلُوا ِّ
الربَا َ ،ويَنْكَشِفُ َذلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَى بَعْضِهَا } فَتَأ ََّملْ هَذِهِ الْآيَاتِ وَمَا اشَْتمَ َلتْ عَلَيْهِ مِنْ عُقُوبَةِ َأ ْكلِ ِّ
التمَاُثلِ فِي مِعْيَارِ الزيَادَةُ وَشَ ْرعًا عَقْدٌ عَلَى ِعوَضٍ َمخْصُوصٍ غَيْرِ مَعْلُومِ َّ الربَا لُغَةً ِّ بِاخْتِصَارٍ ،فَ ِّ
ضلِ َ :و ُهوَ الْبَ ْيعُ الشَّ ْرعِ حَالَةَ الْعَقْدِ َأوْ مَعَ تَأْخِريٍ فِي الْبَدَلَيْنِ َأوْ أَحَ ِد ِهمَا َوهُوَ ثَلَاثَةُ َأْنوَاعٍ ِ :ربَا الْفَ ْ َمعَ ِزيَادَةِ أَحَدِ الْ ِع َوضَيْنِ اْلمُتَّفِقَيْ اْلجِنْسِ عَلَى الْآخَرِ .
وَ ِربَا الْيَدِ َ :وهُوَ
()62/2
التخَايُرِ فِيهِ بِشَرْطِ ِّاتحَا ِدهِمَا َرقِ مِنْ اْل َمجْلِسِ َأوْ َّ الْبَ ْيعُ َمعَ تَأْخِريِ قَبْضِ ِهمَا َأوْ قَ ْبضِ أَحَ ِد ِهمَا عَنْ التَّف ُّ عِلَّةً بَِأنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ ُهمَا َمطْعُومًا َأوْ كُلٌّ مِنْ ُهمَا نَقْدًا َوِإنْ اخْتَلَفَ اْلجِنْسُ .
حظَةً َوإِنْ وَ ِربَا النَّسَاءِ َ :و ُهوَ الْبَ ْيعُ لِ ْل َمطْعُومِنيَ َأوْ لِلنَّقْ َديْنِ اْلمُتَّفِقَيْ اْلجِنْسِ َأوْ املختلفية لِأَ َجلٍ َوَلوْ لَ ْ اسَْت َويَا َوتَقَابَضَا فِي اْل َمجْلِسِ .
فَالْأَوَّلُ :كَبَيْعِ صَاعِ بُرٍّ بِدُونِ صَاعِ بُرٍّ َأوْ بَِأكْثَرَ َأوْ دِ ْرهَمِ فِضَّةٍ بِدُونِ دِ ْرهَمِ فِضَّةٍ َأوْ بَِأكْثَرَ َسوَاءٌ َأتَقَابَضَا َأمْ لَا ،وَ َسوَاءٌ أَجَّلَا َأمْ لَا .
وَالثَّانِي :كَبَيْعِ صَاعِ بُرٍّ بِصَاعِ بُرٍّ َ ،أوْ دِ ْرهَمِ َذ َهبٍ بِدِ ْرهَمِ َذ َهبٍ َ ،أوْ صَاعِ بُرٍّ بِصَاعِ شَعِريٍ َأوْ
التخَايُرِ . َأكْثَرَ َ ،أوْ دِ ْرهَمِ َذ َهبٍ بِدِ ْرهَمِ فِضَّةٍ َأوْ َأكْثَرَ ،لَكِنْ تَأَخَّرَ قَ ْبضُ أَحَ ِد ِهمَا عَنْ اْل َمجْلِسِ َأوْ َّ الثَّاِلثُ :كَبَيْعِ صَاعِ بُرٍّ بِصَاعِ بُرٍّ َأوْ دِ ْرهَمِ فِضَّةٍ بِدِ ْرهَمِ فِضَّةٍ ،لَكِنْ َمعَ تَأْجِيلِ أَحَ ِد ِهمَا َوَلوْ إلَى
حظَةٍ َوِإنْ تَسَا َويَا َوتَقَابَضَا فِي اْل َمجْلِسِ . َل ْ
صلُ :أَنَّهُ مَتَى أَسْتَوَى الْ ِع َوضَانِ جِنْسًا َوعِلَّةً كَبُرٍّ بِبُرٍّ َأوْ َذ َهبٍ بِ َذ َهبٍ اُشْتُرِطَ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ : وَاْلحَا ِ َرقِ ،وَمَتَى اخْتَلَفَا جِنْسًا التَّسَاوِي َوعِ ْلمُ ُهمَا بِهِ يَقِينًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَاْلحُلُولُ ،وَالتَّقَاُبضُ قَ ْبلَ التَّف ُّ
ضلُ ،وَمَتَى َاتحَدَا عِلَّةً كَبُرٍّ بِشَعِريٍ َأوْ ذَ َهبٍ بِفِضَّةٍ اُشْتُرِطَ شَ ْرطَانِ اْلحُلُولُ وَالتَّقَاُبضُ وَجَازَ التَّفَا ُ و َّ اخْتَلَفَا جِنْسًا َوعِلَّةً كَبُرٍّ بِ َذهَبٍ َأوْ َثوْبٍ لَمْ يُشْتَرَطُ شَ ْيءٌ ِمنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ؛ فَاْلمُرَادُ بِالْعِلَّةِ هُنَا إمَّا
الطَّعْمُ بِأَنْ يَقْصِدَ الشَّ ْيءَ لِلِاقْتِيَاتِ َأوْ الْأَ َدمِ َأوْ التَّفَكُّهِ أَوْ التَّدَاوِي .
الذ َهبِ وَالْفِضَّةِ مَضْرُوبَةً وَغَيْ َرهَا فَلَا ِربَا فِي الْفُلُوسِ َوِإنْ رَا َجتْ ، َوأَمَّا النَّقْدِيَّةُ َ :وهِيَ مُ ْنحَصِرَةٌ فِي َّ
وَزَادَ اْلمَُتوَلِّي َنوْعًا رَابِعًا َو ُه َو ِربَا الْقَرْضِ ،لَكِنَّهُ فِي اْلحَقِيقَةِ
()66/2
ضلِ لِأَنَّهُ الَّذِي فِيهِ شَرْطٌ َيجُرُّ نَفْعًا لِ ْلمُقْرِضِ فَكَأَنَّهُ أَقْ َرضَهُ هَذَا الشَّيْءَ ِبمِثْلِهِ َمعَ يَرْ ِجعُ إلَى ِربَا الْفَ ْ ِزيَادَةِ َذلِكَ النَّ ْفعِ الَّذِي عَادَ إلَيْهِ َ ،وكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الَْأْنوَاعِ الْأَرْبَعَةِ حَرَامٌ بِالْإِ ْجمَاعِ بِنَصِّ الْآيَاتِ
الربَا مِنْ اْل َوعِيدِ شَا ِملٌ لِلَْأْنوَاعِ الْأَ ْربَعَةِ ،نَعَمْ بَعْضُهَا اْلمَ ْذكُورَةِ وَالْأَحَادِيثِ الْآتِيَةِ َ ،وكُلُّ مَا جَاءَ فِي ِّ
ِي ،وَ ِربَا النَّسِيئَةِ ُهوَ الَّذِي كَانَ مَشْهُورًا فِي اْلجَاهِلِيَّةِ لِأَنَّ اْلوَاحِدَ مِنْهُمْ مَعْقُولُ اْلمَعْنَى َوبَعْضُهَا تَعَبُّد ٌّ
كَانَ يَدْ َفعُ مَالَهُ لِغَيْرِهِ إلَى أَ َجلٍ عَلَى َأنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كُلَّ شَهْرٍ قَدْرًا مُعَيَّنًا وَ َرأْسُ الْمَالِ بَاقٍ ِبحَالِهِ ،فَإِذَا سمِيَةُ هَذَا نَسِيئَةً َمعَ أَنَّهُ حَلَّ طَالِبُهُ بِ َرأْسِ مَالِهِ ،فَِإنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ زَادَ فِي اْلحَقِّ وَالْأَ َجلِ َ ،وتَ ْ
الن ْوعُ مَشْهُورٌ الْآنَ بَيْنَ ضلِ َأيْضًا لِأَنَّ النَّسِيئَةَ هِيَ اْلمَقْصُودَةُ فِيهِ بِالذَّاتِ َوهَذَا َّ يَصْ ُدقُ عَلَيْهِ ِربَا الْفَ ْ النَّاسِ َووَا ِقعٌ كَثِريًا .
َرمْ إلَّا ِربَا النَّسِيئَةِ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ اْلمُتَعَارَفُ بَيْنَهُمْ فَيَنْصَ ِرفُ َوكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا لَا ُيح ِّ
َحتْ الْأَحَادِيثُ بَِتحْ ِرميِ الَْأْنوَاعِ الْأَ ْربَعَةِ السَّابِقَةِ مِنْ غَيْرِ َمطْعَنٍ َولَا نِزَاعٍ لِأَحَدٍ النَّصُّ إلَيْهِ ،لَكِنْ ص َّ فِيهَا ،وَمِنْ ثَمَّ أَ ْجمَعُوا عَلَى خِلَافِ َقوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى أَنَّهُ رَ َجعَ عَنْهُ لَمَّا قَالَ لَهُ ُأبَيٌّ أَ َشهِدْت مَا لَمْ
الصرِيحَ فِي س َمعْ ثُمَّ َروَى لَهُ اْلحَدِيثَ َّ نَشْهَدْ أَ َسمِ ْعتَ مِ ْن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ نَ ْ َتحْ ِرميِ الْكُلِّ ثُمَّ قَالَ لَهُ :لَا آوَانِي َوإِيَّاكَ ظِلُّ بَ ْيتٍ مَا دُمْت عَلَى هَذَا َفحِينَئِ ٍذ رَ َجعَ ابْنُ عَبَّاسٍ . قَالَ ُمحَمَّدُ بْنُ سِريِينَ :كُنَّا فِي بَ ْيتِ عِكْرِمَةَ .
فَقَالَ لَهُ رَ ُجلٌ { :أَمَا تَ ْذكُرُ وََنحْنُ بِبَيْتِ فُلَانٍ وَمَعَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ َّإنمَا كُنْت اسَْتحْلَلْت الصَّ ْرفَ
بِ َرْأيِي ،ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ
()66/2
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَهُ فَاشْهَدُوا أَنِّي حَرَّمْته َوبَ ِرئْت إلَى اللَّهِ مِنْهُ } .
الربَا أُمُورًا غَيْرَ َمطْرَدَةٍ فِي كُلِّ َأْنوَاعِهِ ،وَمِنْ ثَمَّ قُلْت فِيمَا مَرَّ إنَّ بَعْضَهُ تَعَبُّدِيٌّ :مِنْهَا َوَأبْ َدوْا لَِتحْ ِرميِ ِّ
:أَنَّهُ إذَا بَاعَ دِ ْر َهمًا بِدِ ْر َهمَيْنِ نَقْدًا َأوْ نَسِيئَةً أَخَذَ فِي الْأَوَّلِ ِزيَادَةً مِنْ غَيْرِ ِعوَضٍ ،وَحُرْمَةُ مَالِ
اْلمُسْلِمِ َكحُرْمَةِ دَمِهِ َوكَذَا فِي الثَّانِي لِأَنَّ انْتِفَاعَ الْأَخْذِ بِالدِّ ْرهَمِ الزَّائِدِ أَمْرٌ َم ْوهُومٌ َ ،فمُقَابَلَةُ هَذَا
الِانْتِفَاعِ اْل َم ْوهُومِ بِدِ ْرهَمٍ زَائِدٍ فِيهِ ضَرَرٌ أَيُّ ضَرَرٍ . َصلُ دِ ْر َهمَيْنِ بِدِ ْرهَمٍ كَيْفَ َالتجَارَاتُ إذْ مَنْ ُيح ِّ ضلِ لََبطَ َلتْ اْلمَكَا ِسبُ و ِّ وَمِنْهَا :أَنَّهُ َلوْ حَلَّ ِربَا الْفَ ْ سبٍ َأوْ ِتجَارَةٍ َوبُِبطْلَانِ ِهمَا تَنْ َق ِطعُ مَصَاِلحُ اْلخَلْقِ ،إذْ مَصَاِلحُ الْعَالَمِ لَا تَنَْتظِمُ إلَّا يََتجَشَّمُ مَشَقَّةَ كَ ْ
ِالتجَارَاتِ وَالْ ِعمَارَاتِ وَاْلحِ َرفِ وَالصِّنَاعَاتِ . ب ِّ
الربَا يُفْضِي إلَى انْ ِقطَاعِ اْلمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ الَّذِي فِي الْقَرْضِ إذْ َلوْ حَلَّ دِ ْرهَمٌ وَمِنْهَا :أَنَّ ِّ
بِدِ ْر َهمَيْنِ مَا َس َمحَ أَحَدٌ بِِإ ْعطَاءِ دِ ْرهَمٍ ِبمِثْلِهِ . ض ،فَلَوْ مُكِّنَ الْغَنِيُّ مِنْ أَخْذِ أَكْثَرَ مِنْ اْلمِ ْثلِ َأضَرَّ وَمِنْهَا :أَنَّ الْغَاِلبَ غِنَى اْلمُقْرِضِ وَفَقْرُ اْلمُسْتَقْرِ ِ
بِالْفَقِريِ َولَمْ يُلْقَ بِرَ ْحمَةِ الرَّ ْحمَنِ الرَّحِيمِ .
()66/2
و َقوْله تَعَالَى { :لَا يَقُومُونَ } إَلخْ :أَيْ لَا يَقُومُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ { إلَّا َكمَا يَقُومُ } أَيْ مِثْلُ قِيَامِ { الَّذِي يََتخََّبطُهُ الشَّ ْيطَانُ } أَيْ يَصْ َرعُهُ الشَّ ْيطَانُ ،مِنْ خَبْطِ الْبَعِريِ بِأَخْفَافِهِ إذَا ضَرَبَ الْأَرْضَ بِهَا { مِنْ اْلمَسِّ } أَيْ مِنْ أَ ْجلِ مَسِّهِ لَهُ َأوْ مِنْ جِهَةِ اْلجُنُونِ ،فَإِذَا بَ َعثَ اللَّهُ النَّاسَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ خَرَجُوا
الربَا فَإِنَّهُمْ ك َُّلمَا قَامُوا سَ َقطُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَجَنُوبِهِمْ َوظُهُو ِرهِمْ ، مُسْ ِرعِنيَ مِنْ قُبُو ِرهِمْ إلَّا َأكَلَةَ ِّ
حتَ ِبوَجْهِ اْلمَكْرِ الس ْ صلُ لَهُ َذلِكَ ،وَسِرُّ َذلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا َأكَلُوا هَذَا اْلحَرَامَ ُّ َكمَا أَنَّ اْلمَصْرُوعَ َيحْ ُ وَاْلخِدَاعِ وَ ُمحَا َربَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ َربَا فِي ُبطُونِهِمْ وَزَادَ حَتَّى أَثْقَلَهَا ،فَلِ َذلِكَ َعجَزُوا عَنْ النُّهُوضِ َمعَ النَّاسِ َوصَارُوا ك َُّلمَا أَرَادُوا الْإِسْرَاعَ َمعَ النَّاسِ َونَهَضُوا سَ َقطُوا عَلَى َذلِكَ اْلوَجْهِ الْقَبِيحِ وََتخَلَّفُوا
عَنْهُمْ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّارَ الَّتِي َتحْشُ ُرهُمْ إلَى اْل َموْقِفِ ك َُّلمَا سَ َقطُوا وََتخَلَّعُوا َأكَلَتْهُمْ وَزَادَ عَذَابُهُمْ بِهَا ،
التخَبُّطُ وَالسُّقُوطُ فِي َذهَابِهِمْ ، الذهَابِ إلَى اْل َموْقِفِ عَذَابَيْنِ َعظِيمَيْنِ َذلِكَ َّ ج َمعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي َّ َف َ َولَ ْفحُ النَّارِ َوَأكْلُهَا لَهُمْ وَ َسوْقُهَا إيَّاهُمْ بِعُنْفٍ حَتَّى يَصِريُوا إلَى اْل َموْقِفِ فَيَكُونُونَ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ
الربَا يُبْ َعثُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ التخَبُّطِ لَِيمْتَازُوا َويَشْتَهِرُوا بَيْنَ َأ ْهلِ اْل َموْقِفِ كَمَا قَالَ قَتَادَةُ :إنَّ آ ِكلَ ِّ َّ الربَا يَعْرِفُهُمْ بِهِ َأ ْهلُ اْل َموْقِفِ . َمجْنُونًا وَ َذلِكَ عَلَمٌ لَِأكَلَةِ ِّ
َن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :لَمَّا أُسْرِيَ ِي َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :أ َّ َوعَنْ َأبِي سَعِيدٍ اْلخُدْر ِّ
الضخْمِ قَدْ مَاَلتْ بِهِمْ ُبطُونُهُمْ بِي مَرَرْت بِ َق ْومٍ ُبطُونُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ كُلُّ رَ ُجلٍ مِنْهُمْ َبطْنُهُ مِ ْثلُ الْبَ ْيتِ َّ مُنَضَّدِينَ عَلَى سَابِلَةٍ :أَيْ طَرِيقِ -آلِ فِ ْر َع ْونَ -وَآلُ فِرْ َع ْونَ يُعْ َرضُونَ عَلَى النَّارِ غُدُوًّا
()63/2
َوعَشِيًّا . صحَابُ تِلْكَ الْبُطُونِ سمَعُونَ َولَا يَعْقِلُونَ ،فَإِذَا حَسَّ بِهِمْ َأ ْ قَالَ :فَيُقْبِلُونَ مِثْلَ الِْإِبلِ اْلمُنْهَزِمَةِ لَا يَ ْ قَامُوا فََتمِيلُ بِهِمْ ُبطُونُهُمْ فَلَا يَسَْتطِيعُونَ َأنْ يَبْرَحُوا حَتَّى يَ ْغشَاهُمْ آلُ فِ ْر َع ْونَ فَُيؤْذُونَهُمْ مُقْبِلِنيَ الدنْيَا وَالْآخِرَةِ . وَمُ ْدبِرِينَ فَ َذلِكَ عَذَابُهُمْ فِي الْبَرْزَخِ بَيْنَ ُّ
الربَا لَا يَقُومُونَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :فَقُلْت مَنْ َه ُؤلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ َه ُؤلَاءِ الَّذِينَ يَ ْأكُلُونَ ِّ
إلَّا َكمَا يَقُومُ الَّذِي يََتخََّبطُهُ الشَّ ْيطَانُ مِنْ اْلمَسِّ } . ق رَأْسِي َرعْدًا السمَاءِ السَّابِعَةِ َف ْو َ وَفِي ِروَايَةٍ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :لَمَّا عُرِجَ بِي َس ِم ْعتُ فِي َّ صوَاعِقَ ،وَ َرَأْيتُ رِجَالًا ُبطُونُهُمْ بَيْنَ َأيْدِيهِمْ كَالْبُيُوتِ فِيهَا حَيَّاتٌ َوعَقَارِبُ تُرَى مِنْ ظَاهِرِ ُبطُونِهِمْ َو َ
الربَا } . فَقُلْت مَنْ َه ُؤلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ فَقَالَ َ :ه ُؤلَاءِ َأكَلَةُ ِّ
ب الَّتِي لَا تُغْفَرُ :الْغُلُو ُل َ ،فمَنْ غَلَّ شَيْئًا َالذنُو َ وَسَيَ ْأتِي هَذَانِ فِي الْأَحَادِيثِ َمعَ حَدِيثِ { :إيَّاكَ و ُّ الربَا بُعِثَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َمجْنُونًا ،ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ } . َأتَى بِهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َ ،وَأ ْكلُ الرِّبَا َ ،فمَنْ َأ َكلَ ِّ الربَا َي ْومَ الْقِيَامَةِ ُمخَبَّلًا َيجُرُّ شِقَّيْهِ ثُمَّ قَرََأهَا َأيْضًا } . وَخَبَرُ { :يَ ْأتِي آ ِكلُ ِّ
الربَا يُعَذَّبُ مِنْ حِنيَ َيمُوتُ إلَى َي ْومِ َوصَحَّ فِي اْلحَدِيثِ السَّابِقِ بِطُولِهِ أَوَّلَ كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّ آ ِكلَ ِّ
حجَا َرةَ ك َُّلمَا َألْ َقمَهُ َحجَرًا سََّبحَ بِهِ ثُمَّ عَادَ الدمِ َوأَنَّهُ يُلْقَمُ اْل ِ الْقِيَامَةِ بِالسِّبَاحَةِ فِي نَهْرٍ أَ ْحمَرَ مِ ْثلِ َّ
حجَارَةُ هِيَ َنظِريُ اْلمَالِ اْلحَرَامِ الَّذِي َجمَعَهُ فَاغِرًا فَاهُ فَيُلْقَمُ َحجَرًا آخَرَ وَهَكَذَا إلَى الْبَ ْعثِ َ ،وتِلْكَ اْل ِ حجَارَةَ النَّارِيَّةَ َويُعَذَّبُ بِهَا َكمَا حَا َز ذَلِكَ اْلمَالَ اْلحَرَامَ وَابْتَلَعَهُ ،وَسَيَ ْأتِي فِي الدنْيَا فَيُلْقَمُ تِلْكَ اْل ِ فِي ُّ
الْأَحَادِيثِ َأْنوَاعُ الْعَذَابِ الَْألِيمِ الَّتِي ُأعِدَّتْ لَهُ . و َقوْله تَعَالَى :
()66/2
َكمُوا فِيهِ { َذلِكَ بِأَنَّهُمْ } إَلخْ أَيْ أَذَاقَهُمْ اللَّهُ َذلِكَ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِسََببِ َق ْولِهِمْ الْفَاسِدِ الَّذِي ح َّ صلَ الربَا ُهوَ الَْأ ْ الربَا } َجاعِلِنيَ ِّ قِيَاسَ عُقُولِهِمْ الْقَاصِرَةِ حَتَّى قَدَّمُوهُ عَلَى النَّصِّ { َّإنمَا الْبَ ْي ُع مِ ْثلُ ِّ اْلمَقِيسَ عَلَيْهِ الْبَ ْيعُ مُبَالَغَةً فِي حِلِّهِ وَ َمحَبَّتِهِ وَالِاعْتِنَاءِ بِشَ ْأنِهِ .
َووَجْهُ َذلِكَ الْقِيَاسِ الْفَاسِدِ الَّذِي َتخَيَّلُوهُ أَنَّهُ َكمَا َيجُوزُ شِرَاءُ شَ ْيءٍ بِعَشْرَةٍ ثُمَّ بَيْعُهُ بِأَحَدَ عَشَرَ حَالاا الصوَرِ َمعَ حُصُولِ َأوْ ُمؤَجَّلًا َيجُوزُ بَ ْيعُ عَشْرَةٍ بِأَحَدَ عَشَرَ حَالاا َأوْ ُمؤَجَّلًا ،إذْ لَا فَ ْرقَ عَقْلًا بَيْنَ هَذِهِ ُّ التَّرَاضِي مِنْ اْلجَانِبَيْنِ َ ،وغَفَلُوا عَنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَدَّ لَنَا حُدُودًا َ ،ونَهَانَا عَنْ ُمجَاوَ َزتِهَا َ ،فوَ َجبَ
جبُ قَبُولُهَا َسوَاءٌ أَفَ ِهمْنَا عَلَيْنَا امْتِثَالُ َذلِكَ لِأَنَّ حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُقَاَبلُ بِقَضِيَّةِ َرأْيٍ َولَا عَ ْقلٍ َ ،بلْ َي ِ
لَهَا مَعْنًى مُنَاسِبًا َأمْ لَا .
إذْ هَذَا ُهوَ شَ ْأنُ التَّكْلِيفِ وَالتَّعَبُّدِ . َالرأْيِ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الِاسْتِسْلَامُ لَِأوَامِرِ سَيِّدِهِ الْ َقوِيِّ وَالْعَبْدُ الضَّعِيفُ الْعَاجِزُ الْقَاصِرُ الْفَهْمِ وَالْعَ ْقلِ و َّ
الْقَادِرِ الْعَلِيمِ اْلحَكِيمِ الرَّ ْحمَنِ الرَّحِيمِ اْلمُنْتَقِمِ اْلجَبَّارِ الْعَزِيزِ الْقَهَّارِ ،وَمَتَى حَكَّمَ عَقْلُهُ َ ،وعَارَضَ بِهِ
أَمْرَ سَيِّدِهِ انْتَقَمَ مِنْهُ َوَأهْلَكَهُ بِعَذَابِهِ الشَّدِيدِ { إنَّ َبطْشَ رَبِّك لَشَدِيدٌ } { إنَّ رَبَّك لَبِاْلمِ ْرصَادِ } . و َقوْله تَعَالَى َ { :فمَنْ جَاءَهُ مَ ْو ِعظَةٌ مِنْ رَبِّهِ } أَيْ وَاصِلَةٌ إلَيْهِ مِنْهُ َأوْ مِنْ َموَاعِظِ رَبِّهِ { فَانْتَهَى } أَيْ ِالربَا الربَا َفوْرًا عَ ِقبَ اْل َم ْو ِعظَةِ { َفلَهُ مَا سَلَفَ } أَيْ سَبَقَ مِمَّا أَخَذَهُ ب ِّ رَ َجعَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ أَخْذِ ِّ
قَ ْبلَ نُزُولِ آيَةِ تَحْرِميِهِ ،لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا بِهِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ َتحْرِميِهِ ،فَإِنَّ مَنْ تَابَ مِنْهُ
ِالربَا َ ،وِإنْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ يَلْزَمُهُ رَدُّ َجمِيعِ مَا أَخَذَهُ ب ِّ
()66/2
التحْ ِرميَ لَبُعْدِهِ عَنْ الْعُ َلمَاءِ لِأَنَّهُ تَعَاطَاهُ وَ ْقتَ التَّكْلِيفِ بِهِ وَاْلجَ ْهلِ الَّذِي يُعْذَرُ بِهِ صَاحِبُهُ َّإنمَا ُي ْؤثِرُ فِي َّ
رَ ْفعِ الِْإثْمِ دُونَ الْغَرَامَاتِ َوَنحْ ِوهَا مِنْ الْأَ ْموَالِ { َوأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ } أَيْ أَمْرُ مَا سَلَفَ َ ،أوْ اْلمُنْتَهِي عَنْ الربَا ؛ ثُمَّ فِي مَعْنَى ذَلِكَ وُجُوهٌ الربَا إلَى اللَّهِ فِي الْعَ ْفوِ َوعَدَمِهِ َ ،أوْ فِي اسِْتمْرَارِ َتحْ ِرميِ ِّ الربَا َأوْ ِّ ِّ
لِ ْلمُفَسِّرِينَ .
الربَا مِنْ غَيْرِ بَيَانِ أَنَّهُ تَرَكَ َأكْلَهُ قَالَ الْ َفخْرُ الرَّازِيّ َ :واَلَّذِي أَخْتَارُهُ أَنَّهَا ُمخْتَصَّةٌ ِبمَنْ تَرَكَ اسِْتحْلَالَ ِّ
َأمْ لَا :أَيْ إلَّا بِاعْتِبَارِ مَا يَ ْأتِي آخِرِ الْآيَةِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا ُمخْتَصَّةٌ ِبمَنْ تَرَكَ اسِْتحْلَالَهُ مَعَ تَعَاطِيهِ لَهُ َ ،ويَدُلُّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ الْأَوَّلِ َقوْله تَعَالَى { فَانْتَهَى } أَيْ عَمَّا دَلَّ عَلَيْهِ سَابِقُهُ َو ُهوَ َق ْولُهُ َّ { :إنمَا الربَا } مِنْ َتحْلِيلِهِ . الْبَ ْيعُ مِ ْثلُ ِّ
َدمِ َو ُهوَ { : صحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } أَيْ عَادَ إلَى الْكَلَامِ اْلمُتَق ِّ وَ َق ْولُهُ { :وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ َأ ْ الربَا } ثُمَّ إذَا انْتَهَى عَنْ اسْتِحْلَالِهِ ،فَإِمَّا أَنَّهُ انْتَهَى عَنْ َأكْلِهِ َأيْضًا َولَيْسَ مُرَادًا لِأَنَّهُ لَا َّإنمَا الْبَ ْيعُ مِ ْثلُ ِّ
يَلِيقُ بِهِ َوأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ َوإَِّنمَا يَلِيقُ بِهِ ا ْلمَدْحُ َ ،أوْ لَمْ يَنْتَهِ عَنْ َأكْلِهِ َمعَ اعْتِقَادِهِ ِلحُرْمَتِهِ ،فَهَذَا ُهوَ اْلمُرَادُ لِأَنَّهُ ُهوَ الَّذِي أَمْرُهُ إلَى اللَّهِ إنْ شَاءَ عَاقَبَهُ َوِإنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ فَ ُهوَ كَ َق ْولِهِ َ { :ويَغْفِرُ مَا دُونَ
الربَا } أَيْ مُعَامَلَةً لِفَاعِلِيهِ بِنَقِيضِ قَصْ ِدهِمْ فَإِنَّهُمْ آثَرُوهُ تَحْصِيلًا َذلِكَ ِلمَنْ يَشَاءُ } َ { ،ي ْمحَقُ اللَّهُ ِّ
الزيَادَةَ بَلْ وَاْلمَالَ مِنْ أَصْلِهِ حَتَّى ضبُ اللَّهَ تَعَالَى َ ،ف َمحَقَ تِلْكَ ِّ ِلزيَادَةِ غَيْرَ مُلْتَفِتِنيَ إلَى أَنَّ ذَلِكَ يُغْ ِ ل ِّ صَيَّرَ عَاقِبَتَهُمْ إلَى الْفَقْرِ اْلمُدْ ِقعِ َكمَا ُهوَ مُشَاهَدٌ مِنْ َأكْثَرِ َمنْ يَتَعَاطَاهُ َ ،وبِفَرْضِ أَنَّهُ مَاتَ عَلَى غُرَّةٍ
َي ْمحَقُهُ اللَّهُ مِنْ
()66/2
َأيْدِي وَ َرثَتِهِ فَلَا َيمُرُّ عَلَيْهِمْ أَ ْدنَى زَمَانٍ إلَّا وَقَدْ صَارُوا بِغَايَةِ الْفَقْرِ وَالذُّلِّ وَالْ َهوَانِ . الربَا َوِإنْ كَثُرَ فَِإلَى قُلٍّ } . قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ِّ { :
وَمِنْ اْل ُمحِقِّ َأيْضًا مَا تَرََّتبَ عَلَيْهِ مِنْ الذَّمِّ وَالْبُ ْغضِ ،وَسُقُوطِ الْعَدَالَةِ ،وَ َزوَالِ الْأَمَانَةِ ،وَحُصُولِ
سوَةِ وَالْغِ ْلظَةِ . اسْمِ الْفِسْقِ وَالْقَ ْ
َوَأيْضًا فَ ُدعَاءُ مَنْ ظُلِمَ بِأَخْذِ مَالِهِ عَلَيْهِ بِاللَّعْنَةِ وَ َذلِكَ سََببٌ لِ َزوَالِ اْلخَيْرِ وَالْبَ َركَةِ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ ،
إذْ َد ْعوَةُ اْل َمظْلُومِ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ ِحجَابٌ :أَيْ كِنَايَةٌ عَنْ قَبُولِهَا . َولِهَذَا وَرَدَ { :إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِ ْل َمظْلُومِ إذَا َدعَا عَلَى ظَاِلمِهِ لََأنْصُرَنَّكَ َوَلوْ بَعْدَ حِنيٍ } .
َوَأيْضًا َفمَنْ اشْتَهَرَ أَنَّهُ َج َمعَ مَالًا مِ ْن ِربًا تََتوَجَّهُ إلَيْهِ اْل ِمحَنُ الْكَثِريَةُ مِنْ الظَّ َلمَةِ وَاللُّصُوصِ وَغَيْ ِرهِمْ ، الدنْيَا . زَا ِعمِنيَ أَنَّ اْلمَالَ لَيْسَ لَهُ فِي اْلحَقِيقَةِ ،هَذَا كُلُّهُ َمحْقُ ُّ
َوأَمَّا َمحْقُ الْآخِرَةِ .
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا " :لَا يُقَْبلُ مِنْهُ صَدَقَةٌ َولَا جِهَادٌ َولَا حَجٌّ َولَا صِلَةٌ " . َوَأيْضًا فَإِنَّهُ َيمُوتُ َويَتْرُكُ مَالَهُ كُلَّهُ َوعَلَيْهِ عُقُوبَتُهُ َوتَبَعَتُهُ وَالْعَذَابُ الَْألِيمُ بِسَبَبِهِ .
وَمِنْ ثَمَّ وَرَدَ { :مُصِيبَتَانِ لَنْ يُصَابَ أَحَدٌ ِبمِثْلِ ِهمَا َأنْ تَتْرُكَ مَالَك كُلَّهُ َوتُعَا َقبَ عَلَيْهِ كُلَّهُ } . سمِائَةِ عَامٍ ،فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الَْأغْنِيَاءِ خمْ ِ َوَأيْضًا صَحَّ أَنَّ الَْأغْنِيَاءَ يَدْخُلُونَ اْلجَنَّةَ بَعْدَ الْفُقَرَاءِ ِب َ
حتِ ،فَ َذلِكَ كُلُّهُ ُهوَ اْل َمحْقُ وَالنُّقْصَانُ الس ْ حضِ َ ،فمَا ظَنُّك بِذِي اْلمَالِ اْلحَرَامِ ُّ بِاْلمَالِ اْلحَلَالِ اْل َم ْ سؤَالِ اْلمَلَكِ لَهُ أَنَّ الدنْيَا بِ ُ وَاْلخُسْرَانُ اْلمُبِنيُ وَالذُّلُّ وَالْ َهوَانُ َ { :ويُ ْربِي الصَّدَقَاتِ } أَيْ يَزِي ُدهَا فِي ُّ
الصحِيحَةِ { :إنَّهُ مَا مِنْ َي ْومٍ إلَّا وَفِيهِ مَلَكٌ يُنَادِي :اللَّهُمَّ اللَّه يُ ْعطِيهِ خَلَفًا َكمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ َّ َأعْطِ
()67/2
الدعَاءُ اْلخَاِلصُ لَهُ جمِيلُ ،وَمَ ْيلُ الْقُلُوبُ إلَيْ ِه ،وَ ُّ مُنْفِقًا خَلَفًا } َوبِأَنَّهُ يَزْدَادُ كُلَّ َي ْومٍ جَاهُهُ وَ ِذكْرُهُ اْل َ مِنْ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ وَانْ ِقطَاعُ الَْأ ْطمَاعِ عَنْهُ فَإِنَّهُ مَتَى اشْتَهَرَ بِإِصْلَاحِ مُهِمَّاتِ الْفُقَرَاءِ َأوْ الضُّعَفَاءِ فَكُلُّ
َوفُ مِنْ التَّعَرُّضِ إلَيْهِ ،وَفِي الْآخِرَةِ أَحَدٍ َيحْتَرِزُ عَنْ أَذِيَّتِهِ وَالتَّعَرُّضِ لَهُ َ ،وكُلُّ طَمَّاعٍ َوظَالِمٍ يََتخ َّ
الزكَاةِ { وَاَللَّهُ لَا بِتَ ْربِيَتِهَا إلَى َأنْ تَصِريَ اللُّ ْقمَةُ كَاْلجََبلِ َ ،كمَا صَحَّ فِي الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ َأوَاخِرَ َّ الربَا وَآكِلِهِ عَلَيْ ِهمَا ُيحِبُّ كُلَّ كُفَّارٍ َأثِيمٍ } كِلَا ُهمَا صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ مِنْ الْكُفْرِ وَالِْإثْمِ لِاسِْتمْرَارِ مُسَْتحِلِّ ِّ َوَتمَادِيهِ فِي َذلِكَ ،ثُمَّ يَصِحُّ رُجُوعُ ُهمَا مَعًا لِ ْلمُسَْتحِلِّ َولَا إشْكَالَ فِيهِ َأوْ الْأَوَّلُ لَهُ وَالثَّانِي لِغَيْرِهِ َولَا
إشْكَالَ َأيْضًا . َويَصِحُّ َأيْضًا رُجُوعُ ُهمَا مَعًا إلَى غَيْرِ اْلمُسَْتحِلِّ َويَكُونُ عَلَى حَدِّ { :مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ َأوْ اْلحَجَّ فَقَدْ كَفَرَ ،وَمَنْ َأتَى امْ َرَأتَهُ َوهِيَ حَاِئضٌ فَقَدْ كَفَرَ ،وَمَنْ َأتَاهَا فِي ُدبُ ِرهَا فَقَدْ كَفَرَ } :أَيْ
قَارَبَ الْكُفْرَ َكمَا مَرَّ فِي اْلحَجِّ ِ ،بمَعْنَى أَنَّ تِلْكَ الَْأ ْعمَالَ اْلخَبِيثَةَ إذَا دَا َومَ عَلَيْهَا فَاعِلُهَا أَدَّتْ بِهِ إلَى
الربَا َ ،وأَنَّهُ ُيؤَدِّي ِبمُتَعَاطِيهِ إلَى الْكُفْرِ وَسُوءِ اْلخَاِتمَةِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ،وَفِي هَذَا َتحْذِيرٌ َعظِيمٌ بَاِلغٌ مِنْ ِّ َأنْ يُوقِعَهُ فِي أَقَْبحِ َأْنوَاعِ الْكُفْرِ َوأَ ْفظَعِهَا . قَالَ تَعَالَى { :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } إَلخْ أَرْدَفَهُ تَعَالَى ِبمَا مَرَّ جَ ْريًا عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ مِنْ شَ ْفعِ الرَّهْبَةِ
ِالرغْبَةِ َوعَكْسِهِ تَ ْذكِريًا بِالْ َعوَا ِقبِ َوَتمْيِيزًا ِلمَقَامِ اْل ُمطِيعِ مِنْ الْعَاصِي ،وَمُبَالَغَةً فِي الثَّنَاءِ عَلَى َذلِكَ ب َّ
الربَا } أَيْ فِي ذِمَّةِ اْلمَدِينِ َ ،وبَيَّنَ تَعَالَى بِهَذَا َمعَ َق ْولِهِ وَفِي الذَّمِّ لِهَذَا { اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ ِّ { :فَلَهُ مَا سَلَفَ } أَنَّ نُزُولَ
()67/2
التحْ ِرميِ فَإِنَّهُ ُيحَرِّمُهُ فَلَيْسَ لَهُ التحْ ِرميِ ِ ،بخِلَافِ مَا بَقِيَ بَعْدَ َّ َرمُ مَا سَلَفَ أَخْذُهُ قَ ْبلَ َّ الربَا لَا ُيح ِّ َتحْ ِرميِ ِّ إلَّا َرأْسُ مَالِهِ فَقَطْ ،لِأَنَّهُ لَمَّا كُلِّفَ بِهِ قَبْلَ أَخْذِهِ صَارَ أَخْذُ ُه ُمحَرَّمًا عَلَيْهِ .
وَسََببُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ أَ ْهلَ مَكَّةَ َأوْ بَعْضَهُمْ َأوْ بَ ْعضَ أَ ْهلِ الطَّائِفِ كَانُوا يُرَابُونَ ،فَلَمَّا أَسْ َلمُوا
الربَا الَّذِي لَمْ يُقْبَضْ ،فَنَ َزَلتْ آ ِمرَةً لَهُمْ بِأَخْذِ ُرءُوسِ أَ ْموَالِهِمْ فَقَطْ . صمُوا فِي ِّ عِنْدَ فَ ْتحِهَا َتخَا َ
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ُخطْبَتِهِ بِعَرَفَةَ فِي حَجَّةِ اْلوَدَاعِ َ { :ألَا كُلُّ شَ ْيءٍ مِنْ أَمْرِ اْلجَاهِلِيَّةِ
ضعُ مِنْ ِربَانَا ِربَا الْعَبَّاسِ بْنِ حتَ قَدَمِي َم ْوضُوعٌ ،ثُمَّ قَالَ :وَ ِربَا اْلجَاهِلِيَّةِ َم ْوضُوعٌ ،وَأَوَّلُ ِربًا َأ َ َت ْ عَبْدِ اْلمُطَّ ِلبِ فَإِنَّهُ َم ْوضُوعٌ كُلُّهُ } . الربَا { فَأْ َذنُوا ِبحَرْبٍ مِنْ و َقوْله تَعَالَى { :إنْ كُنْتُمْ ُمؤْمِنِنيَ فَِإنْ لَمْ تَفْعَلُوا } أَيْ بَِأنْ لَمْ تَنْتَهُوا عَنْ ِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } أَيْ وَمَنْ حَا َربَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لَا يُفْلِحُ َأبَدًا .
خصٍ جبُ عَلَى حُكَّامِ الشَّرِيعَةِ أَنَّهُمْ إذَا عَ ِلمُوا مِنْ َش ْ الدنْيَا ،إذْ َي ِ ثُمَّ اْلمُرَادُ بِ َذلِكَ اْلحَرْبُ إمَّا فِي ُّ
ب ،فَِإنْ كَاَنتْ لَهُ َش ْوكَةٌ َولَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ إلَّا الربَا عَزَّرُوهُ عَلَيْهِ بِاْلحَبْسِ َوغَيْرِهِ إلَى َأنْ يَتُو َ تَعَاطِيَ ِّ الزكَاةِ . صبِ حَرْبٍ وَقِتَالٍ نَصَبُوا لَهُ اْلحَرْبَ وَالْقِتَالَ َ ،كمَا قَاَتلَ أَبُو بَكْرٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَانِعِي َّ بِنَ َ ِالربَا اُسْتُتِيبَ فَِإنْ تَابَ َوإِلَّا ضُ ِرَبتْ عُنُقُهُ ،فَُيحَْت َملُ َحمْلُهُ عَلَى وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :مَنْ عَا َملَ ب ِّ
ِل ،وَقِيلَ اْلمُسَْتحِلِّ َوُيحَْت َملُ الِْإطْلَاقُ َو ُهمَا َق ْولَانِ فِي الْآيَةِ ،فَقِيلَ اْلإِيذَانُ بِاْلحَرْبِ َّإنمَا ُهوَ لِ ْلمُسَْتح ِّ
الربَا { فَِإنْ لَمْ َبلْ لَهُ َولِغَيْرِهِ وَالْأَوَّلُ َأنْسَبُ بَِنظْمِ الْآيَةِ إذْ َق ْولُهُ { :إنْ كُنْتُمْ ُمؤْمِنِنيَ } أَيْ بَِتحْ ِرميِ ِّ تَفْعَلُوا } أَيْ فَِإنْ لَمْ ُتؤْمِنُوا بَِتحْرِميِهِ {
()62/2
َالتوَرُّطُ فِيهِ الربَا و َّ فَأْ َذنُوا } إَلخْ َ ،وأَمَّا فِي الْآخِرَةِ بَِأنْ َيخْتِمَ اللَّهُ لَهُ بِسُو ٍء ،وَمِنْ ثَمَّ كَانَ اعْتِيَادُ ِّ
عَلَامَةً عَلَى سُوءِ اْلخَاِتمَةِ ،إذْ مَنْ حَا َربَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ كَيْفَ ُيخْتَمُ لَهُ َمعَ َذلِكَ ِبخَيْرٍ ؟ َو َهلْ ُمحَا َربَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَهُ إلَّا كِنَايَةٌ عَنْ إبْعَادِهِ عَنْ َموَاطِ ِن رَ ْحمَتِهِ َوإِ ْحلَالِهِ فِي دَ َركَاتِ شَقَا َوتِهِ { َوِإنْ تُبْتُمْ }
أَيْ عَنْ اسْتِحْلَالِهِ عَلَى الْ َقوْلِ الْأَوَّلِ َأوْ عَنْ مُعَامَلَتِهِ عَلَى الْ َقوْلِ الثَّانِي { فَلَكُمْ ُرءُوسُ أَ ْموَالِكُمْ لَا
َتظْ ِلمُونَ } أَيْ الْغَ ِرميَ بِأَخْذِ ِزيَادَةٍ مِنْهُ عَلَى َرأْسِ اْلمَالِ { َولَا ُتظْ َلمُونَ } أَيْ بِنَقْصِكُمْ عَنْ رُءُوسِ أَ ْموَالِكُمْ .
َولَمَّا نَ َزلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ اْلمُرَابُونَ َبلْ نَتُوبُ إلَى اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا طَاقَةَ لَنَا ِبحَرْبِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ،فَ َرضُوا
بِ َرأْسِ اْلمَالِ فَشَكَا اْلمَدِينُونَ الِْإعْسَارَ فََأَبوْا الصَّبْرَ عَلَيْهِمْ فَنَزَلَ َ { :وِإنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى
جبُ إْنظَارُ اْلمُعْسِرِ فِي كُلِّ َديْنٍ أَخْذًا بِ ُعمُومِ مَيْسَرَةٍ } أَيْ فَيَلْزَمُكُمْ َأنْ ُتمْهِلُوهُ إلَى يَسَارِهِ َ ،وكَذَا َي ِ اللَّفْظِ لَا ِبخُصُوصِ السََّببِ وَأَخَذَ َج ْمعٌ بِهِ ،هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِبَ ْعضِ هَذِهِ الْآيَاتِ . الربَا } إَلخْ ؛ فَسََببُ َوأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْآيَةِ الْآخِرَةِ وَهِيَ َقوْله تَعَالَى { :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَ ْأكُلُوا ِّ
نُزُولِهَا أَنَّ الرَّ ُجلَ كَانَ فِي اْلجَاهِلِيَّةِ إذَا كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ مِائَةُ دِ ْرهَمٍ مَثَلًا إلَى أَ َجلٍ َوَأعْسَرَ اْلمَدِينُ قَالَ لَهُ زِ ْدنِي فِي اْلمَالِ حَتَّى أَزِيدَ فِي الْأَ َجلِ فَرَُّبمَا جَعَلَهُ مِائَتَيْنِ ،فَإِذَا حَلَّ الْأَ َجلُ الثَّانِي فَعَلَ مِ ْثلَ
َذلِكَ َ ،وهَكَذَا إلَى آجَالَ كَثِريَةٍ فَيَأْخُذُ فِي تِلْكَ اْلمِائَةِ َأضْعَافًا ،فَلِذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { :أَضْعَافًا
الربَا { لَعَلَّكُمْ تُفْ ِلحُونَ } أَيْ َتظْفَرُونَ بِبُغْيَتِكُمْ ،وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ } أَيْ بِتَرْكِ ِّ صلُ الربَا لَا َيحْ ُ مَنْ لَمْ يَتْرُكْ ِّ
()66/2
ح ،وَسَبَبُهُ مَا مَرَّ فِي تِلْكَ الْآيَةِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ حَا َربَهُ ُهوَ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ لَهُ شَ ْيءٌ مِنْ الْفَلَا ِ
وَسَلَّمَ ،وَمَنْ حَا َربَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ لَهُ فَلَاحٌ ؟ َففِي هَذِهِ الْآيَةِ َأيْضًا إميَاءٌ إلَى سُوءِ خَاِتمَتِهِ
وَ َدوَامِ عُقُوبَتِهِ .
وَمِنْ ثَمَّ قَالَ تَعَالَى عَقِبَهَا { :وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي ُأعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } أَيْ هُيَِّئتْ لَهُمْ ِبطَرِيقِ الذَّاتِ َولِغَيْ ِرهِمْ ِبطَرِيقِ التََّبعِ َ ،أوْ اْلمُرَادُ أَنَّ َأكْثَرَ دَ َركَاتِهَا ُأعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ بَ ْعضَ عُصَاةِ
الربَا يَكُونُ َمعَ الْكُفَّارِ فِي تِلْكَ النَّارِ الَّتِي اْل ُمؤْمِنِنيَ يَدْخُلُونَهَا ،فَفِيهَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَنْ بَقِيَ عَلَى ِّ
ُأعِدَّتْ لَهُمْ ِ ،لمَا تَقَرَّرَ مِنْ تِلْكَ اْل ُمحَا َربَةِ الَّتِي حَصَلَتْ لَهُ َوأَدَّتْ بِهِ إلَى سُوءِ اْلخَاِتمَةِ . { فَلَْيحْذَرْ الَّذِينَ ُيخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ َأنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ َألِيمٌ } .
َوتَأ ََّملْ َوصْفَ اللَّهِ تَعَالَى تِلْكَ النَّارَ بِ َك ْونِهَا ُأعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ،فَإِنَّ فِيهِ غَايَةَ اْل َوعِيدِ وَالزَّجْرِ لِأَنَّ اْل ُمؤْمِنِنيَ اْل ُمخَاطَبِنيَ بِاتِّقَاءِ اْلمَعَاصِي إذَا عَ ِلمُوا بِأَنَّهُمْ مَتَى فَارَقُوا التَّ ْقوَى دَخَلُوا النَّارَ اْلمُعَدَّةَ
لِلْكَافِرِينَ ،وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي عُقُولِهِمْ َع َظمَةُ عُقُوبَةِ الْكَافِرِينَ انْزَجَرُوا عَنْ اْلمَعَاصِي َأتَمَّ الِانْزِجَارِ . الربَا َيظْهَرُ لَك إنْ فَتَأ ََّملْ عَفَا اللَّهُ عَنَّا َوعَنْك مَا َذكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ َوعِيدِ آ ِكلِ ِّ
كَانَ لَك أَ ْدنَى بَصِريَةٍ قُبْحُ هَذِهِ اْلمَعْصِيَةِ وَمَزِيدُ ُفحْشِهَا َ ،و َعظِيمُ مَا يَتَرَتَّبُ مِنْ الْعُقُوبَاتِ عَلَيْهَا ، سَِّيمَا ُمحَا َربَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ اللَّ َذيْنِ لَمْ يَتَرَتَّبَا عَلَى شَ ْيءٍ مِنْ الْمَعَاصِي إلَّا مُعَادَاةَ َأ ْولِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى
اْلمُقَا ِربَةِ لِ ُفحْشِ هَذِهِ اْلجِنَايَةِ وَقُ ْبحِهَا .
الدنْيَا وَالْآخِرَةِ ، َوإِذَا ظَهَرَ لَك َذلِكَ رَجَعْت َوتُبْت إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَنْ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ اْلمُهْلِكَةِ فِي ُّ
()66/2
وَقَدْ شَرَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا َطوَى التَّصْرِيحُ بِهِ فِي تِلْكَ الْآيَاتِ مِنْ تِلْكَ
صحِيحَةٍ َوغَيْ ِرهَا أَحْبَبْت هُنَا ذِكْرَ كَثِريٍ الربَا فِي أَحَادِيثَ كَثِريَةٍ َ الْعُقُوبَاتِ وَالْقَبَاِئحِ اْلحَاصِلَةِ لَِأ ْهلِ ِّ
مِنْهَا لِيَتِمَّ ِلمَنْ َسمِعَهَا مَعَ مَا مَرَّ الِانْزِجَارُ عَنْهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
َفمِنْهَا :أَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ َوَأبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ َأبِي هُ َريْرَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ت ،قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { :اجْتَنِبُوا السَّ ْبعَ اْلمُوبِقَاتِ :أَيْ اْلمُهْلِكَا ِ الربَا َ ،وَأكْلُ مَالُ الْيَتِيمِ ، َرمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ َ ،وَأ ْكلُ ِّ َالسحْرُ ،وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي ح َّ الشِّرْكُ بِاَللَّهِ ،و ِّ
َالتوَلِّي َي ْومَ الزَّحْفِ ،وَقَ ْذفُ اْل ُمحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ اْل ُمؤْمِنَاتِ } . و َّ
َولًا َ { :رَأيْت اللَّيْلَ َة رَجُلَيْنِ َأتَيَانِي فَأَخْرَجَانِي إلَى أَرْضٍ وَالنَّسَائِيُّ ُمخْتَصَرًا وَمَرَّ فِي بَابِ الصَّلَاةِ ُمط َّ
مُقَدَّسَةٍ فَاْنطَلَقْنَا حَتَّى َأتَيْنَا عَلَى نَهْرٍ مِنْ َدمٍ فِيهِ رَ ُجلٌ قَائِمٌ َوعَلَى شَطِّ النَّهْرِ رَ ُجلٌ بَيْنَ يَ َديْهِ ِحجَارَةٌ ، حجَرٍ فِي فِيهِ فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ ، فَأَقَْبلَ الرَّ ُجلُ الَّذِي فِي النَّهْرِ فَإِذَا أَرَادَ َأنْ َيخْرُجَ رَمَى الرَّ ُجلَ ِب َ
حجَرٍ فَيَرْ ِجعُ َكمَا كَانَ . َفجَ َعلَ كُ َّلمَا جَاءَ لَِيخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ ِب َ
الربَا } . فَقُلْت مَا هَذَا الَّذِي َرَأيْته فِي النَّهْرِ ؟ قَالَ آ ِكلُ ِّ الربَا وَمُوكِلَهُ } . وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ { :لَعَ َن رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آ ِكلَ ِّ
صحِيحِهِ كُلُّهُمْ مِنْ ِروَايَةِ عَبْدِ الرَّ ْحمَنِ َححَهُ وَابْنَا خُ َزْيمَةَ وَحِبَّانَ فِي َ وَ َروَاهُ َأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَص َّ
س َمعْ مِنْهُ ،وَزَادُوا فِيهِ { :وَشَاهِدَيْهِ َوكَاتِبَهُ } . بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ َأبِيهِ َولَمْ يَ ْ
الربَا وَمُوكِلَهُ َوكَاتِبَهُ وَشَاهِ َديْهِ وَقَالَ وَمُسْلِمٌ َوغَيْرُهُ { :لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آ ِكلَ ِّ
()66/2
هُمْ َسوَاءٌ } .
َولُهُنَّ اْلإِشْرَاكُ وَالْبَزَّارُ مِ ْن ِروَايَةِ َعمْرِو بْنِ َأبِي شَيْبَةَ َ ،ولَا بَأْسَ بِهِ فِي اْلمُتَابَعَاتِ { :الْكَبَائِرُ سَ ْبعٌ أ َّ
الربَا َوَأ ْكلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَفِرَارٌ َي ْومِ الزَّحْفِ وَقَذْفُ اْل ُمحْصَنَاتِ بِاَللَّهِ وَقَ ْتلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقِّهَا َوَأ ْكلُ ِّ وَالِانْتِقَالُ إلَى الَْأعْرَابِ بَعْدَ هِجْ َرتِهِ } .
الربَا وَالُْبخَارِيُّ َوَأبُو دَاوُد { :لَعَ َن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اْلوَا ِشمَةَ وَاْلمُسَْتوْ ِشمَةَ وَآ ِكلَ ِّ سبِ الْبَغِيِّ َولَعَنَ اْلمُصَوِّرِينَ } . وَمُوكِلَهُ َ ،ونَهَى عَنْ َثمَنِ الْكَ ْلبِ َوكَ ْ
صحِيحَيْ ِهمَا مِ ْن رِوَايَةِ اْلحَارِثِ َو ُهوَ الَْأ ْعوَرُ ،وَاخْتُلِفَ َوأَ ْحمَدُ َوَأبُو يَعْلَى وَابْنَا خُ َزْيمَةَ وَحِبَّانَ فِي َ الربَا وَمُوكِلُهُ وَشَاهِدَاهُ َوكَاتِبُهُ إذَا عَ ِلمُوا فِيهِ َكمَا مَرَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :آ ِكلُ ِّ
بِهِ ،وَاْلوَا ِشمَةُ وَاْلمُسَْتوْ ِشمَةُ لِ ْلحُسْنِ َ ،ولَاوِي الصَّدَقَةِ ،وَاْلمُ ْرتَدُّ َأعْرَابِيًّا بَعْدَ الْ ِهجْرَةِ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ ُمحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } . َححَهُ . وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ فِيهِ وَاهِيًا { :أَرَْبعٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ َأنْ لَا يُدْخِلَهُمْ اْلجَنَّةَ َولَا يُذِيقَهُمْ نَعِيمَهَا :مُدْمِنُ الربَا ،وَآ ِكلُ مَالِ الْيَتِيمِ بِغَيْرِ حَقٍّ ،وَالْعَاقُّ ِلوَالِ َديْهِ } . خمْرِ وَآ ِكلُ ِّ اْل َ
صحِيحٌ وَاْلمَتْنُ صحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَقَالَ هَذَا إسْنَادٌ َ وَاْلحَاكِمُ وَقَالَ َ الربَا ثَلَاثٌ بِهَذَا مُنْكَرُ الْإِسْنَادِ َولَا َأعْ َلمُهُ إلَّا َو ْهمًا َوكَأَنَّهُ دَ َخلَ لِبَ ْعضِ ُروَاتِهِ إسْنَادٌ إلَى إسْنَادٍ ِّ { : وَسَبْعُونَ بَابًا َأيْسَ ُرهَا مِثْلُ َأنْ يَنْ ِكحَ الرَّ ُجلُ أُمَّهُ } .
ضعٌ وَسَبْعُونَ بَابًا وَالشِّرْكُ مِ ْثلُ َذلِكَ } . الربَا بِ ْ الصحِيحِ ِّ { : وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ ُروَاتُ ُه ُروَاةُ َّ صحِيحٍ وَالْبَيْهَقِيُّ { :الرِّبَا سَبْعُونَ بَابًا أَ ْدنَاهَا الَّذِي يَ َق ُع عَلَى وَ َروَى ابْنُ مَاجَهْ َشطْرَهُ الْأَوَّلَ بِسَنَدٍ َ
أُمِّهِ } َ ،روَاهُ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ
()63/2
ثُمَّ قَالَ غَرِيبٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ َ ،وإَِّنمَا يُعْ َرفُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ ِزيَادٍ عَنْ عِكْرِمَةَ يَعْنِي ابْنَ عَمَّارٍ قَالَ َ :وعَبْدُ اللَّهِ بْ ِن ِزيَادٍ هَذَا مُنْكَرُ اْلحَدِيثِ .
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِريِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :
الربَا َأ ْعظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ ثَلَاثٍ وََثلَاثِنيَ َزنْيَةً يَ ْزنِيهَا فِي الْإِسْلَامِ } ،وَفِي الدِّ ْرهَمُ يُصِيبُهُ الرَّ ُجلُ مِنْ ِّ
سَنَدِهِ انْ ِقطَاعٌ .
الصحِيحُ َ ،وهَذَا اْلمَوْقُوفُ فِي الدنْيَا وَالْبَ َغوِيُّ َوغَيْ ُر ُهمَا َموْقُوفًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ َو ُهوَ َّ وَ َروَى ابْنُ َأبِي ُّ
الزنَا لَا يُدْرَكُ إلَّا حُكْمِ اْلمَرْفُوعِ ،لِأَنَّ َك ْونَ الدِّ ْرهَمِ َأ ْعظَمَ وِزْرًا مِنْ هَذَا الْعَدَدِ اْل َمخْصُوصِ مِنْ ِّ ِبوَحْيٍ فَكَأَنَّهُ َسمِعَهُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ ،ولَفْظُ اْل َم ْوقُوفِ فِي أَحَدِ طُرُقِهِ .
الربَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ حُوبًا أَيْ بِضَمِّ اْلمُ ْه َملَةِ َوبِفَ ْتحِهَا إْثمًا َأصْغَ ُرهَا حُوبًا َكمَنْ َأتَى قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ِّ { :
ضعٍ َوثَلَاثِنيَ َزنْيَةً . الربَا أَشَدُّ مِنْ بِ ْ أُمَّهُ فِي الْإِسْلَامِ ،وَدِ ْرهَمٌ مِنْ ِّ
الربَا فَإِنَّهُ لَا يَقُومُ إلَّا َكمَا يَقُومُ الَّذِي قَالَ َ :ويَأْ َذنُ اللَّهُ لِلْبَرِّ وَالْفَاجِرِ بِالْقِيَامِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ إلَّا آ ِكلَ ِّ
يََتخََّبطُهُ الشَّ ْيطَانُ مِنْ اْلمَسِّ } .
َوأَ ْحمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ كَ ْعبِ الْأَحْبَارِ قَالَ " :لَأَنْ أَ ْزنِيَ ثَلَاثًا َوثَلَاثِنيَ َزنْيَةً أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ َأنْ آ ُكلَ دِ ْرهَمَ ِربًا يَعْلَمُ اللَّهُ أَنِّي َأكَلْته حِنيَ َأكَلْته ِربًا " .
صحِيحٍ وَالطَّبَرَانِيُّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :دِ ْرهَمُ رِبًا يَ ْأكُلُهُ الرَّ ُجلُ َو ُهوَ َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ َ
ني َزنْيَةً } . يَعْلَمُ أَشَدُّ مِنْ سِتَّةٍ َوثَلَاثِ َ
الربَا َو ِعظَمِ شَ ْأنِهِ الدنْيَا وَالْبَيْهَقِيُّ َ { :خطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَ َذكَرَ أَمْرَ ِّ وَابْنُ َأبِي ُّ
الربَا َأ ْعظَمُ عِنْدَ اللَّهِ فِي وَقَالَ :إنَّ الدِّ ْرهَمَ يُصِيبُهُ الرَّ ُجلُ مِنْ ِّ
()66/2
الربَا عِرْضُ الرَّ ُجلِ اْلمُسْلِمِ } . ني َزنْيَةً يَ ْزنِيَهَا الرَّ ُجلُ َوإِنَّ أَ ْربَى ِّ خطِيئَةِ مِنْ سِتَّةٍ َوثَلَاثِ َ اْل َ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِريِ وَالَْأوْسَطِ { :مَنْ َأعَانَ ظَاِلمًا بِبَا ِطلٍ لِيَدْ َحضَ بِهِ حَقاا فَقَدْ بَرِئَ مِنْ ذ َِّمةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
حتٍ فَالنَّارُ َأوْلَى بِهِ } . حمُهُ مِنْ سُ ْ ني َزنْيَةً وَمَنْ نََبتَ َل ْ وَمَنْ َأ َكلَ دِ ْر َهمًا مِ ْن ِربًا فَ ُهوَ مِ ْثلُ ثَلَاثٍ َوثَلَاثِ َ الربَا نَيِّفٌ وَسَبْعُونَ بَابًا َأ ْه َونُهُنَّ بَابًا مِثْلُ مَنْ َأتَى أُمَّهُ فِي الْإِسْلَامِ ،وَدِ ْرهَمٌ مِنْ رِبَا وَالْبَيْهَقِيُّ { :إنَّ ِّ
ني َزنْيَةً } اْلحَدِيثَ . أَشَدُّ مِنْ َخمْسٍ َوثَلَاثِ َ
الربَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ بَابًا أَ ْدنَاهَا مِ ْثلُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ مِنْ ِروَايَةِ َعمْرِو بْنِ رَاشِدٍ وَقَدْ وُثِّقَ ِّ { : الربَا اسِْتطَالَةُ الرَّ ُجلِ فِي عِرْضِ أَخِيهِ } . إتْيَانِ الرَّ ُجلِ أُمَّهُ َ ،وإِنَّ أَ ْربَى ِّ
وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ َأبِي مَعْشَرٍ وَقَدْ وُثِّقَ عَنْ َأبِي سَعِيدٍ اْلمَقْبُرِيِّ عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الربَا سَبْعُونَ حُوبًا َأيْسَ ُرهَا َأنْ يَنْكِحَ الرَّ ُجلُ أُمَّهُ } . قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ِّ { : َححَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ { :نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
الثمَرَةُ حَتَّى تَ ْعظُمَ } . َأنْ تُشْتَرَى َّ
َالربَا فِي قَ ْريَةٍ فَقَدْ أَحَلُّوا بَِأنْفُسِهِمْ عَذَابَ اللَّهِ } . الزنَا و ِّ وَقَالَ { :إذَا ظَهَرَ ِّ َوَأبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُو ٍد َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ ذَكَرَ حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
َالربَا إلَّا أَحَلُّوا بَِأنْفُسِهِمْ عَذَابَ اللَّهِ } . الزنَا و ِّ وَسَلَّمَ قَالَ فِيهِ { :مَا ظَهَرَ فِي َق ْومٍ ِّ
الربَا إلَّا أُخِذُوا بِالسَّنَةِ ،وَمَا مِنْ َق ْومٍ َيظْهَرُ فِيهِمْ َوأَ ْحمَدُ بِإِسْنَادٍ فِيهِ َنظَرٌ { :مَا مِنْ َق ْومٍ َيظْهَرُ فِيهِمْ ِّ ِالر ْعبِ } وَالسَّنَةُ الْعَامُ اْلمِ ْقحَطُ نَزَلَ فِيهِ غَ ْيثٌ الرُّشَا إلَّا أُخِذُوا ب ُّ
()66/2
َأمْ لَا .
َوأَ ْحمَدُ فِي حَدِيثٍ َ ،طوِيلٍ وَابْنُ مَاجَهْ ُمخْتَصَرًا وَالَْأصْبَهَانِيّ َ { :رَأيْت لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي لَمَّا انْتَهَيْنَا إلَى
السمَاءِ السَّابِعَةِ ،فََنظَرْت َفوْقِي فَإِذَا َأنَا بِ َرعْدٍ وَبُرُوقٍ وَ َقوَاصِفَ ،قَالَ :فََأتَيْت عَلَى َق ْومٍ بُطُونُهُمْ َّ كَالْبُيُوتِ فِيهَا اْلحَيَّاتُ تُرَى مِنْ خَارِجِ ُبطُونِهِمْ .
الربَا } . قُلْت يَا جِبْرِيلُ مَنْ َه ُؤلَاءِ ؟ قَالَ َه ُؤلَاءِ َأكَلَةُ ِّ
وَالَْأصْبَهَانِيّ عَنْ َأبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :لَمَّا الدنْيَا فَإِذَا رِجَالٌ ُبطُونُهُمْ كَأَمْثَالِ الْبُيُوتِ الْ ِعظَامِ قَدْ مَاَلتْ السمَاءِ َنظَرْت فِي َسمَاءِ ُّ عُرِجَ بِي إلَى َّ
ُبطُونُهُمْ َوهُمْ مُنَضَّدُونَ عَلَى سَابِلَةِ آلِ فِ ْر َع ْونَ َموْقُوفُونَ عَلَى النَّارِ كُلَّ غَدَاةٍ َوعَشِيٍّ يَقُولُو َن رَبَّنَا لَا الربَا مِنْ أُمَّتِك لَا يَقُومُونَ إلَّا َكمَا تُقِمْ السَّاعَةَ َأبَدًا ،قُلْت يَا جِبْرِيلُ مَنْ َه ُؤلَاءِ ؟ قَالَ َه ُؤلَاءِ َ ،أكَلَةُ ِّ
يَقُومُ الَّذِي يََتخََّبطُهُ الشَّ ْيطَانُ مِنْ اْلمَسِّ } .
قَالَ الَْأصْبَهَانِيُّ َ :ق ْولُهُ مُنَضَّدُونَ :أَيْ َمطْرُوحُونَ :أَيْ طُرِحَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَ ْعضٍ ،وَالسَّابِلَةُ اْلمَارَّةُ : أَيْ َي َط ُؤهُمْ آلُ فِ ْر َع ْونَ الَّذِينَ يُعْ َرضُونَ عَلَى النَّارِ كُلَّ غَدَا ٍة َوعَشِيٍّ .
خمْرُ } . َالربَا وَاْل َ الزنَا و ِّ صحِيحٍ { :بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ َيظْهَرُ ِّ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ َ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ لَا بَأْسَ بِهِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ اْلوَرَّاقِ قَالَ َ { :رَأيْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ َأبِي َأوْفَى
َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي سُوقِ الصَّيَارِفَةِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الصَّيَارِفَةِ أَبْشِرُوا ،قَالُوا بَشَّرَك اللَّهُ بِالْجَنَّةِ ،بِمَ
تُبَشِّ ُرنَا يَا َأبَا ُمحَمَّدٍ ؟ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلصَّيَارِفَةِ َأبْشِرُوا بِالنَّارِ } . الربَا َالذنُوبَ الَّتِي لَا تُغْفَرُ الْغُلُولُ َفمَنْ غَلَّ شَيْئًا َأتَى بِهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َ ،وَأ ْكلُ ِّ وَالطَّبَرَانِيُّ { :إيَّاكَ و ُّ
الربَا بُ ِعثَ َي ْومَ َفمَنْ َأ َكلَ ِّ
()66/2
الربَا لَا يَقُومُونَ إلَّا َكمَا الْقِيَامَةِ َمجْنُونًا يََتخَبَّطُ ،ثُمَّ قَرَأَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :الَّذِينَ يَ ْأكُلُونَ ِّ
يَقُومُ الَّذِي يََتخََّبطُهُ الشَّ ْيطَانُ مِنْ اْلمَسِّ } } .
وَالَْأصْبَهَانِيّ { :يَ ْأتِي آ ِكلُ الرِّبَا َي ْومَ الْقِيَامَةِ ُمخَبَّلًا :أَيْ َمجْنُونًا َيجُرُّ شِقَّيْهِ ،ثُمَّ قَ َرأَ { :لَا يَقُومُونَ إلَّا َكمَا يَقُومُ الَّذِي يََتخََّبطُهُ الشَّ ْيطَانُ مِنْ اْلمَسِّ } } . الربَا إلَّا كَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِ إلَى قِلَّةٍ } ،وَاْلحَاكِمُ َححَهُ { :مَا أَحَدٌ َأكْثَرُ مِنْ ِّ وَابْنُ مَاجَهْ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
الربَا َوِإنْ كَثُرَ فَإِنَّ عَاقِبَتَهُ إلَى قُلٍّ } . َححَهُ َأيْضًا ِّ { : َوص َّ
جمْهُورُ عَلَى َوَأبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ كِلَا ُهمَا عَنْ اْلحَسَنِ عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ ،وَاخْتُلِفَ فِي َسمَاعِهِ مِنْهُ وَاْل ُ
الربَا َفمَنْ لَمْ يَ ْأكُلْهُ َأصَابَهُ مِنْ غُبَارِهِ } عَدَمِهِ { :لَيَ ْأتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ إلَّا َأ َكلَ ِّ . َوعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَ ْحمَدَ فِي َزوَائِدِ اْلمُسْنَدِ َ { :واَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَبِيتَنَّ ُأنَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أَشَرٍ َوَبطَرٍ خمْرَ َولَ ْهوٍ َولَ ِعبٍ فَيُصِْبحُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ بِاسْتِحْلَالِهِمْ اْل َمحَا ِرمَ َواِِّتخَا ِذهِمْ الْقَيْنَاتِ وَشُ ْربِهِمْ اْل َ
الربَا َولُبْسِهِمْ اْلحَرِيرَ } . َوبَِأكْلِهِمْ ِّ
َوأَ ْحمَدُ ُمخْتَصَرًا وَالْبَيْهَقِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ { :يَبِيتُ َق ْومٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى طُعْمٍ وَشُرْبٍ َولَ ْهوٍ َولَ ِعبٍ سخُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ َ ،ولَيُصِيبَنَّهُمْ خَسْفٌ وَقَ ْذفٌ حَتَّى يُصِْبحَ النَّاسُ فَيَقُولُونَ خُسِفَ فَيُصِْبحُونَ قَدْ مُ ِ السمَاءِ َكمَا أُرْسِ َلتْ عَلَى اللَّيْلَةَ بِبَ ْيتِ فُلَانٍ وَخُسِفَ اللَّيْلَةَ بِدَارِ فُلَانٍ َ ،ولَتُرْسَلَنَّ عَلَيْهِمْ ِحجَارَةٌ مِنْ َّ
خمْرَ َولُبْسِهِمْ اْلحَرِيرَ َواِِّتخَا ِذهِمْ الْقَيْنَاتِ َوَأكْلِهِمْ َق ْومِ لُوطٍ عَلَى قَبَائِلَ مِنْهَا َوعَلَى دُورٍ بِشُ ْربِهِمْ اْل َ
الربَا وَ َقطِيعَتِهِمْ الرَّحِمَ } وَخَصْلَةٌ نَسِيَهَا رَاوِيهِ . ِّ الْقَيْنَاتُ َج ْمعُ قَيْنَةٍ َ :وهِيَ اْلمُغَنِّيَةُ .
الربَا كَبِريَةً هُوَ تَنْبِيهٌ :عَدُّ ِّ
()777/2
سمِيَتِهِ كَبِريَةً َبلْ مِنْ َأكْبَرِ الْكَبَائِرِ الصحِيحَةِ مِنْ تَ ْ مَا َأطْبَقُوا عَلَيْهِ اتِّبَاعًا ِلمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ َّ
َوَأعْ َظمِهَا .
وَ َروَى الشَّ ْيخَانِ َوَأبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :اجْتَنِبُوا السَّبْعَ اْلمُوبِقَاتِ ،
َرمَ اللَّهُ إلَّا بِاْلحَقِّ ، َالسحْ ُر ،وَقَ ْتلُ النَّفْسِ الَّتِي ح َّ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ :الشِّرْكُ بِاَللَّهِ ،و ِّ َالتوَلِّي َي ْومَ الزَّحْفِ ،وَقَ ْذفُ الْ ُمحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ اْلمُؤْمِنَاتِ } . َالربَا ،و َّ َوَأ ْكلُ مَالِ الْيَتِي ِم ،و ِّ
الربَا } اْلحَدِيثَ سعٌ َأ ْع َظمُهُنَّ إشْرَاكٌ بِاَللَّهِ وَقَ ْتلُ نَفْسِ ُمؤْمِنٍ َوَأ ْكلُ ِّ وَفِي ِروَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ { :الْكَبَائِرُ تِ ْ .
َولُهُنَّ وَفِي ِروَايَةٍ لِلْبَزَّارِ :وَفِي سَنَ ِدهَا مَنْ ضَعَّفَهُ شُعْبَةُ َوغَيْرُهُ َووَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ َوغَيْرُهُ { :الْكَبَائِرُ أ َّ الربَا َوَأ ْكلُ مَالِ الْيَتِيمِ } اْلحَدِيثَ . الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَقَ ْتلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقِّهَا َوَأ ْكلُ ِّ وَفِي أُخْرَى لِلطَّبَرَانِيِّ فِي سَنَدِهَا ابْنُ لَهِيعَةَ { :اجْتَنِبُوا الْكَبَائِرَ السَّ ْبعَ :الشِّرْكَ بِاَللَّهِ ،وَقَ ْتلَ النَّفْسِ الربَا } اْلحَدِيثَ . ،وَالْفِرَارَ مِنْ الزَّحْفِ َ ،وَأ ْكلَ مَالِ الْيَتِيمِ َ ،وَأ ْكلَ ِّ
وَفِي أُخْرَى لِابْنِ مَرْ ُد َويْهِ فِي تَفْسِريِهِ فِي سَنَ ِدهَا ضَعِيفٌ { :كََتبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َالديَاتُ َ ،وبَ َعثَ بِهِ َعمْرَو بْنَ حَ ْزمٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، إلَى َأ ْهلِ الَْيمَنِ كِتَابًا فِيهِ الْفَرَاِئضُ وَالسُّنَنُ و ِّ
َوكَانَ فِي الْكِتَابِ :إنَّ َأكْبَرَ الْكَبَائِرِ عِنْدَ اللَّهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ إشْرَاكٌ بِاَللَّهِ ،وَقَ ْتلُ النَّفْسِ اْل ُمؤْمِنَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ ،وَالْفِرَارُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ َي ْومَ الزَّحْفِ َ ،وعُقُوقُ اْلوَالِ َديْنِ ،وَرَمْيُ اْل ُمحْصَنَةِ َوتَعَلُّمُ السِّحْرِ َوَأ ْكلُ
الربَا وَمُوكِلَهُ َوكَاتِبَهُ الربَا َ ،وَأ ْكلُ مَالِ الْيَتِيمِ } وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ أَيْضًا :أَنَّ آ ِكلَ ِّ ِّ وَشَاهِدَهُ وَالسَّاعِيَ فِيهِ وَاْلمُعِنيَ عَلَيْهِ كُلَّهُمْ
()777/2
فَسَقَةٌ َ ،وأَنَّ كُلَّ مَالِهِ دَخَلَ فِيهِ كَبِريَةٌ . وَقَدْ صَرَّحَ بِبَ ْعضِ َذلِكَ بَعْضُ َأئِمَّتِنَا َو ُهوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ فَلِ َذلِكَ عُدَّتْ تِلْكَ كُلُّهَا كَبَائِرَ .
()772/2
الربَا َوغَيْرِهِ عِنْدَ مَنْ قَالَ بَِتحْرِميِهَا ) قَالَ َالثمَانُونَ بَعْدَ اْلمِائَةِ :اْلحَِيلُ فِي ِّ ( الْكَبِريَةُ اْلخَامِسَةُ و َّ
الربَا الربَا ُيحْشَرُونَ فِي صُورَةِ الْكِلَابِ وَاْلخَنَازِيرِ مِنْ أَ ْجلِ حِيَلِهِمْ عَلَى َأ ْكلِ ِّ بَعْضُهُمْ :وَرَدَ أَنَّ َأكَلَةَ ِّ صطِيَا ِدهَا َي ْومَ صطِيَادِ اْلحِيتَانِ الَّتِي نَهَاهُمْ اللَّهُ عَنْ ا ْ صحَابُ السَّبْتِ حِنيَ َتحَيَّلُوا عَلَى ا ْ سخَ َأ ْ َكمَا مُ ِ السَّ ْبتِ َ ،فحَفَرُوا لَهَا حِيَاضًا تَ َقعُ فِيهَا َي ْومَ السَّ ْبتِ حَتَّى يَأْخُذُوهَا َي ْومَ الْأَحَدِ فَلَمَّا فَعَلُوا َذلِكَ
الربَا بَِأْنوَاعِ اْلحَِيلِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا سخَهُمْ اللَّهُ قِرَدَةً وَخَنَازِي َر َ ،وهَكَذَا الَّذِينَ يََتحَيَّلُونَ عَلَى ِّ مَ َ
َيخْفَى عَلَيْهِ حِيَلُ اْل ُمحْتَالِنيَ .
السخْتِيَانِيُّ ُ :يخَا ِدعُونَ اللَّهَ َكمَا ُيخَا ِدعُونَ آدَمِيًّا َوَلوْ َأَتوْا الْأَمْرَ عِيَانًا كَانَ َأ ْه َونَ قَالَ َأبُو أَيُّوبَ ِّ
عَلَيْهِمْ انْتَهَى .
الربَا وَغَيْرِهِ قَالَ بَِتحْرِميِهَا الْإِمَامَانِ مَالِكٌ وَأَ ْحمَدُ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا وَقِيَاسُ تَنْبِيهٌ :اْلحِيلَةُ فِي ِّ الربَا بِاْلحِيلَةِ كَبِريَةً عِنْدَ الْقَائِلِنيَ بَِتحْ ِرميِ اْلحِيلَةِ َوِإنْ وَ َقعَ الِاسْتِ ْدلَالِ لَهَا ِبمَا ُذكِرَ َأنْ يَكُونَ أَخْذُ ِّ الربَا اْلخِلَافُ فِي حِلِّهِ حِينَئِ ٍذ ؛ وَذَ َهبَ الشَّافِعِيُّ َوَأبُو حَنِيفَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا إلَى َجوَازِ اْلحِيلَةِ فِي ِّ صحَابُنَا ِلحِلِّهَا ِبمَا صَحَّ { أَنَّ عَا ِملَ خَيْبَرَ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َوغَيْرِهِ ،وَاسْتَدَلَّ َأ ْ
بَِتمْرٍ كَثِريٍ جَيِّدٍ فَقَالَ لَهُ َأكُلُّ َتمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا ؟ قَالَ لَا َوإَِّنمَا نَرُدُّ الرَّدِيءَ َونَأْخُذُ بِالصَّاعَيْنِ مِنْهُ صَاعًا
جَيِّدًا فَنَهَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ َذلِكَ َوَأعْ َلمَهُ أَنَّهُ ِربًا ثُمَّ ع ََّلمَهُ اْلحِيلَةَ فِيهِ َوهِيَ أَنَّهُ يَبِيعُ الرَّدِيءَ
بِدَرَاهِمَ َويَشْتَرِي بِهَا اْلجَيِّدَ } . َوهَذِهِ مِنْ اْلحَِيلِ الَّتِي وَ َقعَ الْخِلَافُ فِيهَا فَإِنَّ مَنْ مَعَهُ صَاعَانِ رَدِيئَانِ يُرِيدُ َأنْ يَأْخُذَ فِي مُقَابِلَتِ ِهمَا
صَاعًا جَيِّدًا لَا ُيمْكِنُهُ َذلِكَ مِنْ غَيْرِ
()776/2
َتوَسُّطِ عَقْدٍ آخَرَ لِأَنَّهُ ِربًا إ ْجمَاعًا ،فَإِذَا بَاعَهُ الرَّدِيئِنيَ بِدِ ْر َهمٍ وَاشْتَرَى بِالدِّ ْرهَمِ الَّذِي فِي ذ َِّمتِهِ اْلجَيِّدَ الربَا . خَرَجَ عَنْ ِّ
ِلتحْ ِرميِ الربَا ،فَأَيُّ وَجْهٍ ل َّ ض َمح ََّلتْ صُورَةُ ِّ إذْ لَمْ يَ َقعْ الْعَقْدُ إلَّا عَلَى َمطْعُومٍ َونَقْدٍ دُونَ َمطْعُومَيْنِ فَا ْ حِينَئِذٍ ؟ فَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ هَذِهِ اْلحِيلَةَ الَّتِي ع ََّلمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَامِلِ خَيْبَرَ
الربَا َوغَيْرِهِ إذْ لَا قَاِئلَ بِالْفَرْقِ . نَصٌّ فِي َجوَازِ ُمطْلَقِ اْلحِيلَةِ فِي ِّ
َوأَمَّا مَا اسْتَدَلَّ بِهِ أُولَئِكَ مِنْ قِصَّةِ الْيَهُودِ اْلمَ ْذكُورَةِ فَ ُهوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ شَ ْرعَ مَنْ قَبْلَنَا شَ ْرعٌ لَنَا .
وَالَْأصَحُّ اْلمُقَرَّرُ فِي الُْأصُولِ خِلَافُهُ َوعَلَى التَّنَزُّلِ َف َمحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَرِدْ فِي شَ ْرعِنَا مَا ُيخَالِفُهُ ،وَقَدْ عَ ِلمْت مِمَّا تَقَرَّرَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ وَرَدَ فِي شَ ْرعِنَا مَا ُيخَالِفُهُ ،وَ َذْيلُ الِاسْتِ ْدلَالِ فِي هَذِهِ سطِهِ كُُتبُ الْفِقْهِ وَاْلخِلَافِ . اْلمَسَْألَةِ َوغَيْ ِرهَا َطوِيلٌ ،وَمَحَلُّ بَ ْ
()776/2
حلِ ) عَنْ بُ َريْدَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ َالثمَانُونَ بَعْدَ اْلمِائَةِ :مَنْعُ الْ َف ْ ( الْكَبِريَةُ السَّادِسَةُ و َّ
حلِ } ضلِ اْلمَاءِ ،وَمَ ْنعُ اْل َف ْ وَسَلَّمَ قَالَ َ { :أكْبَرُ الْكَبَائِرِ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ َ ،وعُقُوقُ اْلوَالِ َديْنِ ،وَمَنْعُ فَ ْ َ ،روَاهُ الْبَزَّارُ .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا كَبِريَةً هُوَ مَا وَ َقعَ فِي كَلَامِ اْلجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ لَكِنَّهُ قَالَ بَعْدَ َذلِكَ إسْنَادُ حَدِيثِهِ ضَعِيفٌ َدمِ ِذكْرِهِ فِي اْلحَدِيثِ انْتَهَى . َولَا يَبْ ُلغُ ضَرَرُهُ ضَرَرَ غَيْرِهِ مِنْ الْكَبَائِرِ َ ،وإَِّنمَا َذكَ ْرنَاهُ لِتَق ُّ حلِ لِلضِّرَابِ غَايَةُ أَمْرِهِ أَنَّهُ مَكْرُو ٌه َ ،وبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ ُيمْكِنُ َحمْلُهُ عَلَى مَا َوُيؤَيِّدُهُ أَنَّ مَ ْنعَ إعَارَةِ الْ َف ْ
حلٍ لِفَقْدِ غَيْرِهِ بِنَاحِيَتِهِمْ ،فَحِينَِئذٍ لَا يَبْعُدُ الْ َقوْلُ ِبوُجُوبِ َتمْكِينِهِ مِنْ ضطُرَّ َأ ْهلُ نَاحِيَةٍ إلَى َف ْ َلوْ ُا ْ
الضِّرَابِ لِأَنَّ فِي ِولَادَةِ الِْإنَاثِ حَيَاةً لِلْأَ ْروَاحِ َولَلَْأبَدَانِ بِالَْألْبَانِ َوغَيْ ِرهَا لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ َذلِكَ مَجَّانًا .
حلِ َو ُهوَ سبِ الْ َف ْ فَِإنْ قُلْت :كَيْفَ تُتَصَوَّرُ الْإِجَارَةُ هُنَا ،وَقَدْ صَحَّ نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَ ْ
حلَ صوِي ُرهَا بَِأنْ يَسْتَأْجِرَ صَا ِحبُ الُْأنْثَى الْ َف ْ بَ ْيعُ ضِرَابِهِ َأوْ مَائِهِ َأوْ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ ؟ قُلْت ُ :يمْكِنُ تَ ْ ِبمَالٍ مُعَيَّنٍ زَمَنًا مُعَيَّنًا َوَلوْ سَاعَةً لََأنْ يَنْتَ ِفعَ بِهِ مَا شَاءَ فَتَصِحَّ هَذِهِ الْإِجَارَةُ َكمَا ُهوَ قِيَاسُ كَلَامِهِمْ فِي
حمِلَهُ عَلَى ُأنْثَاهُ لِأَنَّ مَا لَا َيجُوزُ الِاسْتِ ْئجَارُ لَهُ قَصْدًا َيجُوزُ لَهُ تَبَعًا . بَابِهَا َ ،ويَسَْتوْفِيَ مَنَافِعَهُ َوَلوْ بَِأنْ َي ْ
()776/2
َالثمَانُونَ بَعْدَ اْلمِائَةِ َ :أ ْكلُ اْلمَالِ بِالْبُيُوعَاتِ الْفَاسِدَةِ وَسَائِرِ وُجُوهِ الَْأكْسَابِ الْكَبِريَةُ السَّابِعَةُ و َّ
اْل ُمحَرَّمَةِ ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَ ْأكُلُوا أَ ْموَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ } وَاخْتَلَفُوا فِي
صبُ وَالسَّرِقَةُ وَاْلخِيَانَةُ وَشَهَادَةُ الزُّورِ َوأَخْذُ اْلمَالِ بِالَْيمِنيِ الربَا وَالْ ِقمَارُ وَالْغَ ْ اْلمُرَادِ بِهِ ،فَقِيلَ ِّ الْكَا ِذبَةِ ،وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ُ :هوَ مَا ُيؤْخَذُ مِنْ الِْإنْسَانِ بِغَيْرِ ِعوَضٍ َوعَلَيْهِ قِيلَ لَمَّا نَ َزَلتْ الْآيَةُ َتحَرَّجُوا مِنْ َأنْ يَ ْأكُلُوا عِنْدَ أَحَدٍ شَيْئًا حَتَّى نَ َزَلتْ آيَةُ النُّورِ { َولَا عَلَى َأنْفُسِكُمْ َأنْ تَ ْأكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ َأوْ
بُيُوتِ آبَائِكُمْ } إلَى آخِ ِرهَا وَقِيلَ :هُوَ الْعُقُودُ الْفَاسِدَةُ ،وَاْلوَجْهُ َقوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ إنَّهَا مُحْ َكمَةٌ مَا ش َملُ كُلَّ مَأْخُوذٍ بِغَيْرِ حَقٍّ ختْ َولَا تُنْسَخُ إلَى َي ْومِ الْقِيَامَةِ ا هـ ،وَ َذلِكَ لِأَنَّ الَْأ ْكلَ بِالْبَا ِطلِ يَ ْ سَ نُ ِ صبِ وَاْلخِيَانَةِ وَالسَّرِقَةِ ،أَوْ الْهُ ْزؤِ وَاللَّ ِعبِ كَاْلمَأْخُوذَةِ بِاْل ِقمَارِ َسوَاءٌ كَانَ عَلَى جِهَةِ الظُّلْمِ كَالْغَ ْ وَاْلمَلَاهِي وَسَيَ ْأتِي َذلِكَ كُلُّهُ َ ،أوْ عَلَى جِهَةِ اْلمَكْرِ وَاْلخَدِيعَةِ كَاْلمَأْخُوذَةِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ َوُيؤَيِّدُ مَا
ش َملُ َأ ْكلَ الِْإنْسَانِ مَالَ نَفْسِهِ بِالْبَا ِطلِ بَِأنْ يَتَفَقَّهَ فِي ُمحَرَّمٍ وَمَالِ غَيْرِهِ بِهِ َذكَرْته َقوْلُ بَعْضِهِمْ :الْآيَةُ تَ ْ كَالْأَمْثِلَةِ اْلمَ ْذكُورَةِ .
ستْ مِنْ جِنْسِ الْبَا ِطلِ بِأَيِّ التجَارَةَ لَيْ َ و َقوْله تَعَالَى { :إلَّا َأنْ تَكُونَ ِتجَارَةً } اسْتِثْنَاءٌ مُنْ َق ِطعٌ لِأَنَّ ِّ َصتْ بِعُقُودِ َالتجَارَةُ َوِإنْ اخْت َّ مَعْنًى أُرِيدَ بِهِ َوتَ ْأوِيلُهُ بِالسََّببِ لِيَكُونَ مُتَّصِلًا لَيْسَ فِي َمحَلِّهِ و ِّ حوَ الْقَرْضِ وَالْهِبَةِ مُ ْلحَقٌ بِهَا بِأَدِلَّةٍ أُخْرَى . اْلمُعَا َوضَاتِ إلَّا أَنَّ َن ْ
و َقوْله تَعَالَى { :عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } َأيْ طِيبِ نَفْسٍ عَلَى الْوَجْهِ اْلمَشْرُوعِ َ ،وَتخْصِيصُ الَْأ ْكلِ فِيهَا ِالذكْرِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ بِهِ َبلْ لِ َك ْونِهِ َأغْ َلبَ وُجُوهِ ب ِّ
()773/2
الِانْتِفَاعَاتِ عَلَى حَدِّ { إنَّ الَّذِينَ يَ ْأكُلُونَ أَ ْموَالَ الْيَتَامَى ظُ ْلمًا َّإنمَا يَ ْأكُلُونَ فِي ُبطُونِهِمْ نَارًا } َوأَدِلَّةُ حثِ وَالتَّغْلِيظَاتُ اْلوَارِدَةُ فِيهِ مِنْ السُّنَّةِ كَثِريَةٌ فَلْنَقْتَصِرْ عَلَى بَعْضِهَا . هَذَا اْلمَ ْب َ
أَخْرَجَ مُسْلِمٌ َوغَيْرُهُ عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ اللَّهَ طَِّيبٌ لَا يَقَْبلُ إلَّا طَيِّبًا ،وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ اْل ُمؤْمِنِنيَ ِبمَا أَمَرَ بِهِ اْلمُرْسَلِنيَ فَقَالَ تَعَالَى { :يَا أَيُّهَا
الرُّ ُسلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَا ْعمَلُوا صَاِلحًا } وَقَالَ تَعَالَى { :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا السمَاءِ :يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَ َمطْ َعمُهُ رَزَقْنَاكُمْ } ثُمَّ َذكَرَ الرَّ ُجلَ ُيطِيلُ السَّفَرَ أَشْ َعثَ َأغْبَرَ َيمُدُّ يَ َديْهِ إلَى َّ حَرَامٌ وَمُشْ َربُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامُ َوغُذِّيَ بِاْلحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِ َذلِكَ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ { :طَ َلبُ اْلحَلَالِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ } . وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ { :طَلَبُ اْلحَلَالِ فَرِيضَةٌ بَعْدَ الْفَرَاِئضِ } .
َححَهُ { :مَنْ َأ َكلَ طَيِّبًا َو َع ِملَ فِي سُنَّةٍ َوأَمِنَ صحِيحٌ غَرِيبٌ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ َ
النَّاسُ َبوَائِقَهُ دَ َخلَ اْلجَنَّةَ ،قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ :إنَّ هَذَا فِي أُمَّتِك الَْي ْومَ كَثِريٌ ،قَالَ وَسَيَكُونُ فِي قُرُونٍ بَعْدِي } .
الدنْيَا :حِفْظُ أَمَانَةٍ ، َوأَ ْحمَدُ َوغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ { :أَ ْرَبعٌ إذَا كُنَّ فِيك فَلَا عَلَيْك مَا فَاتَك مِنْ ُّ َوصِ ْدقُ حَدِيثٍ ،وَحُسْنُ خُلُقٍ َ ،وعِفَّةٌ فِي طُ ْعمَةٍ } .
حتْ سَرِي َرتُهُ َوكَرُ َمتْ عَلَانِيَتُهُ َوعَزَلَ عَنْ النَّاسِ شَرَّهُ . وَالطَّبَرَانِيُّ { :طُوبَى ِلمَنْ طَابَ كَسْبُهُ وَصَ َل َ ضلَ مِنْ َق ْولِهِ } . ضلَ مِنْ مَالِهِ َوأَمْسَكَ الْفَ ْ طُوبَى ِلمَنْ َع ِملَ بِعِ ْلمِهِ َوَأنْفَقَ الْفَ ْ الد ْعوَةِ . وَالطَّبَرَانِيُّ { :يَا سَعْدُ َأ ِطبْ َمطْ َعمَك تَكُنْ مُسَْتجَابَ َّ َواَلَّذِي نَفْسُ ُمحَمَّدٍ بِيَدِهِ إنَّ الْعَبْدَ لَيَقْذِفُ
()776/2
حتٍ فَالنَّارُ حمُهُ مِنْ ُس ْ اللُّ ْقمَةَ اْلحَرَامَ فِي َجوْفِهِ مَا يُتَقََّبلُ مِنْهُ َع َملٌ أَ ْربَعِنيَ َيوْمًا َ ،وأَُّيمَا عَبْدٍ نَبَتَ َل ْ
َأ ْولَى بِهِ } .
وَالْبَزَّارُ وَفِيهِ نَكَارَةٌ { :إنَّهُ لَا دِينَ ِلمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ َولَا صَلَا َة َولَا َزكَاةَ ،إنَّهُ مَنْ َأصَابَ مَالًا مِنْ حَرَامٍ فَلَبِسَ جِلْبَابًا يَعْنِي َقمِيصًا لَمْ تُقَْبلْ صَلَاتُهُ حَتَّى يُنَحِّيَ َذلِكَ الْجِلْبَابَ عَنْهُ ؛ إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ َوتَعَالَى
َأكْ َرمُ َوأَجَلُّ مِنْ َأنْ يَقَْبلَ َع َملَ رَ ُجلٍ َأوْ صَلَاتَهُ َوعَلَيْهِ جِلْبَابٌ مِنْ حَرَامٍ } .
َوأَ ْحمَدُ عَنْ ابْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ { :مَنْ اشْتَرَى َث ْوبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَفِيهِ دِ ْرهَمٌ مِنْ حَرَامٍ
صمْتًا إنْ لَمْ يَكُنْ لَمْ يَقَْبلْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ صَلَاةً مَا دَامَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَدْ َخلَ إصْبَعَيْهِ فِي أُ ُذنَيْهِ ثُمَّ قَالَ َ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َسمِعْته يَقُولُهُ } .
وَالْبَيْهَقِيُّ { :مَنْ اشْتَرَى سَرِقَةً َو ُهوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا سَرِقَةٌ فَقَدْ اشْتَرَكَ فِي عَا ِرهَا َوِإْثمِهَا } . ِلتحْسِنيِ َويُشْبِهُ َأنْ يَكُونَ َموْقُوفًا . قَالَ اْلحَافِظُ اْلمُنْذِرِيُّ :فِي إسْنَادِهِ احِْتمَالٌ ل َّ
َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ َ { :واَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لََأنْ يَأْخُذَ أَحَ ُدكُمْ حَبْلَهُ فَيَ ْذ َهبَ بِهِ إلَى اْلجَبَلِ فََيحَْت ِطبَ
َرمَ اللَّهُ عَلَيْهِ } . حمِلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَ ْأ ُكلَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ َأنْ َيجْ َعلَ فِي فِيهِ مَا ح َّ ثُمَّ يَ ْأتِيَ فََي ْ
َدقَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ صحِيحَيْ ِهمَا وَاْلحَاكِمُ { :مَنْ َج َمعَ مَالًا حَرَامًا ثُمَّ تَص َّ وَابْنَا خُ َزْيمَةَ وَحِبَّانَ فِي َ
أَجْرٌ َوكَانَ إصْرُهُ عَلَيْهِ } . صلَ مِنْ ُه رَ ِحمَهُ كَانَ َذلِكَ إصْرًا عَلَيْهِ } . سبَ مَالًا حَرَامًا فََأعْتَقَ مِنْهُ َو َو َ وَالطَّبَرَانِيُّ { :مَنْ كَ َ
َوأَ ْحمَدُ َوغَيْرُهُ بِسَنَدٍ حَسَّنَهُ بَعْضُهُمْ { :إنَّ اللَّهَ قَسَّمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ َكمَا قَسَّمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ ، الدنْيَا مَنْ ُيحِبُّ وَمَنْ لَا ُيحِبُّ َ ،ولَا يُ ْعطِي الدِّينَ إلَّا ِلمَنْ ُيحِبُّ ،وَمَنْ َأ ْعطَاهُ اللَّهُ َوإِنَّ اللَّهَ يُ ْعطِي ُّ
()776/2
الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّ ُه َ ،واَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَسْلَمَ أَوْ لَا يُسْلِمُ عَبْدٌ حَتَّى سَلِمَ َأوْ يُسْلِمُ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ َ ،ولَا
سبُ عَبْدٌ ُيؤْمِنُ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ َبوَائِقَهُ ،قَالُوا وَمَا َبوَائِقُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ غِشُّهُ َوظُ ْلمُهُ َ ،ولَا يَكْ ِ َدقُ مِنْهُ فَيُقَْبلُ مِنْهُ َولَا يُنْفِقُ مِنْهُ فَيُبَارَكُ لَهُ فِيهِ َولَا يَتْ ُركُهُ خَلْفَ ظُفْرِهِ إلَّا كَانَ زَادَهُ مَالًا مِنْ حَرَامٍ فَيَتَص َّ إلَى النَّارِ .
إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا َي ْمحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ َ ،ولَكِنْ َي ْمحُو السَّيِّئَ بِاْلحَسَنِ ،إنَّ اْلخَبِيثَ لَا َيمْحُو اْلخَبِيثَ
}.
صحِيحٌ غَرِيبٌ { :سُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ َأكْثَرِ مَا يُدْ ِخلُ النَّاسَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ َ النَّارَ ؟ قَالَ الْفَمُ وَالْفَرْجُ ،وَسُِئلَ عَنْ َأكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ اْلجَنَّةَ ؟ قَالَ تَ ْقوَى اللَّهِ وَحُسْنُ اْلخُلُقِ }
.
َححَهُ { :مَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ َي ْومَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَ ْربَعٍ :عَنْ ُعمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ ، وَالتِّرْمِذِيُّ َوص َّ َوعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا َأبْلَاهُ َ ،وعَنْ مَالِهِ مِنْ َأيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا َأنْفَقَهُ َ ،وعَنْ عِ ْلمِهِ مَاذَا َع ِملَ فِيهِ } .
سبَ فِيهَا مَالًا مِنْ حِلِّهِ َوَأنْفَقَهُ فِي حَقِّهِ َأثَابَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ الدنْيَا خَضِرَةٌ حُ ْلوَةٌ ،مَنْ اكْتَ َ وَالْبَيْهَقِيُّ ُّ { : َوَأوْرَدَهُ جَنَّتَهُ ،وَمَنْ اكْتَسَبَ فِيهَا مَالًا مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ َوَأنْفَقَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ َأوْرَدَهُ اللَّهُ دَارَ الْ َهوَانِ ،
وَرُبَّ مَُتخَوِّضٍ فِي مَالِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَهُ النَّارُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ ،يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى { :ك َُّلمَا خَبَتْ زِ ْدنَاهُمْ سَعِريًا } } . حتٍ وَالنَّارُ َأ ْولَى بِهِ } . صحِيحِهِ { :لَا يَدْ ُخلُ اْلجَنَّةَ َلحْمٌ وَدَمٌ نَبَتَا مِنْ ُس ْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
سكُونٍ َأوْ حتُ بِضَمٍّ فَ ُ َالس ْ حتٍ إلَّا كَاَنتْ النَّارُ َأ ْولَى بِهِ } ،و ُّ وَالتِّرْمِذِيُّ { :لَا يَ ْربُو َلحْمٌ نََبتَ مِنْ ُس ْ ضَمٍّ :اْلحَرَامُ ،وَقِيلَ اْلخَبِيثُ مِنْ اْلمَكَا ِسبِ .
وَفِي ِروَايَةٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ { :لَا يَدْ ُخلُ اْلجَنَّةَ جَسَدٌ
()776/2
غُذِّيَ ِبحَرَامٍ } . تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا كَبِريَةً هُوَ صَرِيحُ مَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ َو ُهوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ مِنْ َأ ْكلِ أَ ْموَالِ النَّاسِ بِالْبَا ِطلِ .
قَالَ بَعْضُهُمْ :قَالَ الْعُ َلمَاءُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ َ :ويَدْ ُخلُ فِي هَذَا الْبَابِ اْلمَكَّاسُ وَاْلخَائِنُ وَالسَّا ِرقُ
جحَدَهُ ،وَآ ِكلُ الربَا وَمُوكِلُهُ وَآ ِكلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَشَاهِدُ الزُّورِ ،وَمَنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا َف َ وَالْبَطَّاطُ وَآ ِكلُ ِّ
الرِّ ْشوَةِ ،وَمُنْتَقِصُ الْكَ ْيلِ وَاْلوَ ْزنِ ،وَمَنْ بَاعَ شَيْئًا فِيهِ عَ ْيبٌ فَغَطَّاهُ ،وَاْلمُقَامِرُ وَالسَّاحِرُ وَاْلمُنَجِّمُ وَاْلمُصَوِّرُ وَالزَّانِيَةُ وَالنَّاِئحَةُ وَالدَّلَّالُ إذَا أَخَذَ أُجْ َرتَهُ بِغَيْرِ إ ْذنِ الْبَاِئعِ ،وَ ُمخَبِّرُ الْمُشْتَرِي بِالزَّائِدِ ،
وَمَنْ بَاعَ حُرًّا فََأ َكلَ َثمَنَهُ انْتَهَى .
َوهَذَا ُيؤَيِّدُ مَا قَدَّمْته فِي تَفْسِريِ الْآيَةِ مِنْ أَنَّ الْبَا ِطلَ فِيهَا يَعُمُّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ كُلِّ
شَ ْيءٍ أُخِذَ بِغَيْرِ وَجْهِهِ الشَّ ْرعِيِّ .
وَرَدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ُ { :ي ْؤتَى َي ْومَ الْقِيَامَةِ بُِأنَاسٍ مَعَهُمْ مِنْ اْلحَسَنَاتِ كَأَمْثَالِ جِبَالِ
تِهَامَةَ حَتَّى إذَا جِيءَ بِهِمْ جَعَلَهَا اللَّهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ثُمَّ يَقْذِفُ بِهِمْ فِي النَّارِ .
قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ َذلِكَ ؟ قَالَ كَانُوا يُصَلُّونَ َويَصُومُونَ َويُزَكُّونَ َوَيحُجُّونَ غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا إذَا عَرَضَ لَهُمْ شَ ْيءٌ مِنْ اْلحَرَامِ أَخَذُوهُ فَأَحْبَطَ اللَّهُ َأ ْعمَالَهُمْ } .
الن ْومِ فَقِيلَ لَهُ مَا فَ َعلَ اللَّهُ بِك ؟ قَالَ خَيْرًا غَيْرَ أَنِّي َمحْبُوسٌ عَنْ اْلجَنَّةِ وَ ُرئِيَ بَ ْعضُ الصَّاِلحِنيَ فِي َّ
ُدهَا . بِِإبْرَةٍ اسْتَعَ ْرهتَا َولَمْ أَر َّ
الثوْبَ بِالَْبوْلِ . الثوْرِيُّ :مَنْ َأنْفَقَ اْلحَرَامَ فِي الطَّاعَةِ فَ ُهوَ َكمَنْ طَهَّرَ َّ وَقَالَ سُفْيَانُ َّ
وَقَالَ ُعمَرُ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :كُنَّا نَ َدعُ تِسْعَةَ َأعْشَارِ الْحَلَالِ َمخَافَةً مِنْ اْلوُقُوعِ فِي اْلحَرَامِ . وَقَالَ بَلْتَعَةَ بْنُ اْلوَرْدِ َ :لوْ قُمْت قِيَامَ السَّا ِريَةِ مَا نَفَعَك حَتَّى تَ ْنظُرَ مَا يَدْ ُخلُ فِي َبطْنِك .
()777/2
َذبِنيَ يُنَادِي كُلَّ َي ْومٍ َأوْ كُلَّ لَيْلَةٍ :مَنْ َأ َكلَ حَرَامًا لَمْ وَ ُروِيَ فِي حَدِيثٍ { :إنَّ مَلَكًا عَلَى بَيْتِ اْلمُع َّ
يُقَْبلْ مِنْهُ صَ ْرفٌ َولَا عَدْلٌ } .
َدقَ ِبمِائَةِ َألْفٍ وَمِائَةِ أَلْفِ وَمِائَةِ وَقَالَ ابْنُ اْلمُبَارَكِ :لََأنْ أَرُدَّ دِ ْر َهمًا مِنْ شُبْهَةٍ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ َأنْ أَتَص َّ َألْفٍ .
وَفِي حَدِيثٍ { :مَنْ َحجّ ِبمَالٍ حَرَامٍ فَقَالَ لَبَّيْكَ ،قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَا لَبَّيْكَ َولَا سَعْ َديْكَ وَحَجُّك
مَرْدُودٌ عَلَيْك } . وَقَالَ ابْنُ أَسْبَاطٍ :إذَا تَعَبَّدَ الشَّابُّ قَالَ الشَّ ْيطَانُ لَِأ ْعوَانِهِ ُ :اْنظُرُوا مِنْ َأيْنَ َمطْ َعمُهُ ،فَِإنْ كَانَ َمطْ َعمُهُ َمطْعَمَ سُوءٍ يَقُولُ َدعُوهُ يَتْ َعبُ َوَيجْتَهِدُ فَقَدْ كَفَاكُمْ نَفْسَهُ أَيْ لِأَنَّ اجْتِهَادَهُ َمعَ َأكْلِهِ اْلحَرَامَ لَا يَنْفَعُهُ .
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَ ْدهَمَ َ :أطِبْ َمطْ َعمَك وَمَا عَلَيْك َأنْ لَا تَقُومَ اللَّ ْيلَ َولَا تَصُومَ النَّهَارَ . َوصَحَّ { :لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ اْلمُتَّقِنيَ حَتَّى يَ َدعَ مَا لَا بَأْسَ بِهِ حَذَرًا ِلمَا بِهِ بَأْسٌ } . ضلِ الْعِبَادَةِ ،وَخَيْرُ دِينِكُمْ اْلوَ َرعُ } . ضلُ الْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ فَ ْ َوصَحَّ { :فَ ْ َوصَحَّ َأيْضًا َ { :دعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك ،الْبِرُّ مَا ا ْطمَأََّنتْ إلَيْهِ النَّفْسُ وَا ْطمَأَنَّ إلَيْهِ الْقَ ْلبُ ، وَالِْإثْمُ مَا حَاكَ فِي الْقَلْبِ َوتَرَدَّدَ الصَّدْرُ َوِإنْ أَفْتَاك النَّاسُ َوأَفَْتوْك } .
وَ َروَى َأبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ { :إنَّ اْلحَلَالَ بَيِّنٌ َوإِنَّ اْلحَرَامَ بَيِّنٌ َوبَيْنَ ُهمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ ،وَسََأضْرِبُ
حمَى يُوشِكُ َرمَ َوإِنَّ مَنْ يَ ْرَتعُ َحوْلَ اْل ِ لَكُمْ فِي َذلِكَ مَثَلًا :إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى ِحمًى َوإِنَّ ِحمَى اللَّهِ مَا ح َّ َأنْ ُيخَاِلطَهُ فَإِنَّهُ مَنْ ُيخَالِطُ الرِّيبَةَ يُوشِكُ أَنَّهُ َيجْسُرُ } .
وَالُْبخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ { :اْلحَلَالُ بَيِّنٌ وَاْلحَرَامُ بَيِّنٌ َوبَيْنَ ُهمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَ ٌة َ ،فمَنْ تَرَكَ مَا يُشْتَبَهُ عَلَيْهِ مِنْ الِْإثْمِ كَانَ ِلمَا اسْتَبَانَ َأتْرَكَ ،وَمَنْ اجْتَ َرأَ أَيْ بِالْ َهمْزِ أَقْ َدمَ عَلَى مَا يَشُكُّ فِيهِ مِنْ الْإِثْمِ
()777/2
َولِهِ َوثَالِثِهِ كَادَ َوأَسْ َرعَ َأنْ ُيوَا ِقعَ مَا اسْتَبَا َن ،وَاْلمَعَاصِي ِحمَى اللَّهِ وَمَنْ يَ ْرَتعُ َأوْشَكَ أَيْ بِفَتْحِ أ َّ حمَى يُوشِكُ َأنْ ُيوَاقِعَهُ } . َحوْلَ اْل ِ
()772/2
َالثمَانُونَ بَعْدَ اْلمِائَةِ الِاحْتِكَارُ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ وََأبُو دَاوُد أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْكَبِريَةُ الثَّامِنَةُ و َّ { :مَنْ احْتَكَرَ طَعَامًا فَهُوَ خَاطِئٌ } .
َححَهُ وَابْنُ مَاجَهْ { :لَا َيحْتَكِرُ إلَّا خَاطِئٌ } . وَالتِّرْمِذِيُّ َوص َّ
قَالَ َأ ْهلُ اللُّغَةِ :اْلخَاطِئُ بِالْ َهمْزَةِ الْعَاصِي الْآثِمُ .
َوأَ ْحمَدُ َوَأبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ وَاْلحَاكِمُ { :مَنْ احْتَكَرَ طَعَامًا أَ ْربَعِنيَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنْ اللَّهِ َوبَرِئَ اللَّهُ مِنْهُ َ ،وأَُّيمَا َأ ْهلُ عَ ْرصَةٍ َأصَْبحَ فِيهِمْ امْ ُرؤٌ جَائِعًا فَقَدْ بَ ِرَئتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ تَبَارَكَ َوتَعَالَى } .
قَالَ اْلحَافِظُ اْلمُنْذِرِيُّ :وَفِي هَذَا اْلمَتْنِ غَرَابَةٌ َوبَ ْعضُ أَسَانِيدِهِ جَيِّدَةٌ . وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :اْلجَاِلبُ مَرْزُوقٌ وَاْل ُمحْتَكِرُ مَلْعُونٌ } َروَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَاْلحَاكِمُ
كِلَا ُهمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَالِمٍ ،عَنْ َث ْوبَانَ ،عَنْ عَلِيِّ بْ ِن َزيْدِ ْبنِ جُ ْدعَانَ .
وَقَالَ الُْبخَارِيُّ وَالْأَزْدِيُّ لَا يُتَاَبعُ عَلِيَّ بْنَ سَالِمٍ عَلَى حَدِيثِهِ ،وَقَالَ اْلحَافِظُ اْلمُنْذِرِيُّ :لَا َأعْلَمُ لِعَلِيِّ
بْنِ سَالِمٍ غَيْرَ هَذَا اْلحَدِيثِ َو ُهوَ فِي عِدَادِ اْل َمجْهُولِنيَ انْتَهَى ،لَكِنْ َذكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَابْنُ صلٍ { :مَنْ احْتَكَرَ عَلَى اْلمُسْ ِلمِنيَ طَعَامَهُمْ ضَ َربَهُ اللَّهُ بِاْلجُذَامِ وَالْإِفْلَاسِ } مَاجَهْ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ مُتَّ ِ سجِدِ َفخَرَجَ ُعمَرُ بْنُ اْلخَطَّابِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ َو ُهوَ وَالَْأصْبَهَانِيّ { :إنَّ طَعَامًا ُألْقِيَ عَلَى بَابِ اْلمَ ْ
أَمِريُ اْل ُمؤْمِنِنيَ فَقَالَ :مَا هَذَا الطَّعَامُ ؟ فَقَالُوا طَعَامٌ جُ ِلبَ إلَيْنَا َأوْ عَلَيْنَا فَقَالَ لَهُ بَ ْعضُ الَّذِينَ مَعَهُ يَا أَمِريَ اْل ُمؤْمِنِنيَ قَدْ اُحْتُكِرَ .
قَالَ وَمَنْ احْتَكَرَهُ ؟ قَالُوا احْتَكَرَهُ فَرُّوخُ وَفُلَانٌ َم ْولَى ُعمَرَ بْنِ اْلخَطَّابِ ،فَأَرْ َسلَ إلَيْ ِهمَا فَأَتَيَاهُ فَقَالَ
مَا َحمَلَ ُكمَا عَلَى احْتِكَارِ طَعَامِ اْلمُسْ ِلمِنيَ ؟ فَقَالُوا يَا أَمِريَ اْل ُمؤْمِنِنيَ نَشْتَرِي بِأَ ْموَالِنَا َونَبِيعُ ،فَقَالَ
ُعمَرُ
()776/2
َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ َ :سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :مَنْ احْتَكَرَ عَلَى اْلمُسْ ِلمِنيَ
اللهَ طَعَامَهُمْ ضَ َربَهُ اللَّهُ بِاْلجُذَامِ وَالْإِفْلَاسِ فَقَالَ عِنْدَ َذلِكَ فَرُّوخُ يَا أَمِريَ اْل ُمؤْمِنِنيَ فَإِنِّي ُأعَاهِدُ َّ
َوُأعَاهِدُكَ عَلَى َأنْ لَا َأعُودَ إلَى احْتِكَارِ طَعَامٍ َأبَدًا فََتحَوَّلَ إلَى بَرِّ مِصْرَ َ ،وأَمَّا َم ْولَى ُعمَرَ فَقَالَ
نَشْتَرِي بِأَ ْموَالِنَا َونَبِيعُ فَ َزعَمَ أَبُو َيحْيَى أَحَ ُد ُروَاتِهِ أَنَّهُ رَأَى مَ ْولَى ُعمَرَ َمجْذُومًا مَشْدُوخًا } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ وَاهٍ { :بِئْسَ الْعَبْدُ اْل ُمحْتَكِرُ إنْ أَرْ َخصَ اللَّهُ الْأَسْعَارَ حَ ِزنَ َوِإنْ َأغْلَاهَا فَرِحَ } . وَفِي ِروَايَةٍ { :إنْ َس ِمعَ بِرُ ْخصٍ سَاءَهُ َوِإنْ َس ِمعَ بِغَلَاءٍ فَرِحَ } ،وَ ِذكْ ُر رَزِينٍ لِهَذَا اْلحَدِيثِ ُاعْتُرِضَ
بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي شَ ْيءٍ مِنْ ُأصُولِهِ .
َوأَخْرَجَ رَزِينٌ َأيْضًا وَفِيهِ الِاعْتِرَاضُ اْلمَ ْذكُورُ َ { :أ ْهلُ اْلمَدَائِنِ هُمْ اْلحُبَسَاءُ فِي اللَّهِ فَلَا َتحْتَكِرُوا
عَلَيْهِمْ الْأَ ْقوَاتَ َولَا تُغْلُوا عَلَيْهِمْ الْأَسْعَارَ فَإِنَّ مَنْ احْتَكَرَ عَلَيْهِمْ طَعَامًا أَ ْربَعِنيَ َيوْمًا ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهِ لَمْ
يَكُنْ لَهُ كَفَّارَةٌ } . َوأَخْرَجَ رَزِينٌ َأيْضًا { :يُحْشَرُ اْلحَاكِرُونَ وَقَتَلَةُ الَْأنْفُسِ فِي دَرَجَةٍ ،وَمَنْ دَ َخلَ فِي شَ ْيءٍ مِنْ سِعْرِ َذبَهُ فِي مُ ْعظَمِ النَّارِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } . اْلمُسْ ِلمِنيَ يُغْلِيهِ عَلَيْهِمْ كَانَ حَقاا عَلَى اللَّهِ َأنْ يُع ِّ
قَالَ اْلحَافِظُ اْلمُنْذِرِيُّ :وَفِي هَذَا اْلحَدِيثِ وَاْلحَدِيثَيْنِ قَبْلَهُ نَكَارَةٌ ظَاهِرَةٌ . َوأَ ْحمَدُ عَنْ اْلحَسَنِ قَالَ " :ثَ ُقلَ مَعْ ِقلُ بْنُ يَسَارٍ فََأتَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ ِزيَادٍ يَعُودُهُ ،فَقَالَ َهلْ تَعْلَمُ يَا مَعْ ِقلُ أَنِّي سَفَ ْكتُ دَمًا حَرَامًا ؟ قَالَ :لَا َأعْلَمُ .
قَالَ َ :هلْ تَعْلَمُ أَنِّي دَخَلْت فِي شَ ْيءٍ مِنْ أَسْعَارِ اْلمُسْ ِلمِنيَ ؟ قَالَ :مَا عَ ِل ْمتُ .
َدثَك َشيْئًا مَا َسمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص ََّلى اللَّهُ قَالَ أَجْلِسُونِي ،ثُمَّ قَالَ ا ْس َمعْ يَا عُبَيْدَ اللَّهِ حَتَّى أُح ِّ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً
()776/2
َرتَيْنِ َ ،سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { :مَنْ دَخَلَ فِي شَ ْيءٍ مِنْ أَسْعَارِ َولَا م َّ اْلمُسْ ِلمِنيَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ كَانَ حَقاا عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ َوتَعَالَى َأنْ يُقْعِدَهُ بِ َعظِيمٍ مِنْ النَّارِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } .
َرتَيْنِ . قَالَ َ :أْنتَ َسمِعْته مِ ْن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ :نَعَمْ غَيْرَ مَرَّةٍ َولَا م َّ
وَ َروَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِريِ وَالَْأوْسَطِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ { :كَانَ حَقاا عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ َوتَعَالَى َأنْ يَقْذِفَهُ فِي
مُ ْعظَمٍ مِنْ النَّارِ } .
وَ َروَاهُ اْلحَاكِمُ ُمخْتَصَرًا َولَ ْفظُهُ قَالَ { :مَنْ دَ َخلَ فِي شَ ْي ٍء مِنْ أَسْعَارِ اْلمُسْ ِلمِنيَ يُغْلِيهِ عَلَيْهِمْ كَانَ حَقاا عَلَى اللَّهِ َأنْ يَقْذِفَهُ فِي جَهَنَّمَ َرأْسُهُ إلَى أَسْفَلِهِ } .
قَالَ اْلحَافِظُ اْلمُنْذِرِيُّ ُ :روَاةُ هَذَا اْلحَدِيثِ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ مَعْرُوفُونَ إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ لَا َأعْرِفُهُ ،وَمَرَّ خَبَرُ { :احْتِكَارُ الطَّعَامِ ِبمَكَّةَ إْلحَادٌ } .
وَ َروَى اْلحَاكِمُ مِ ْن ِروَايَةِ مَنْ فِيهِ مَقَالٌ { :مَنْ احْتَكَرَ حُكْرَةً يُرِيدُ َأنْ يُغْلِيَ بِهَا عَلَى اْلمُسْلِمِنيَ فَ ُهوَ
خَاطِئٌ ،وَقَدْ بَ ِرَئتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ } . الصحِيحِ بَعْضُهَا مِنْ اْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ كَاللَّعْنَةِ تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا كَبِريَةً هُوَ ظَاهِرُ مَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ َّ َوبَرَاءَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْهُ وَالضَّرْبِ بِاْلجُذَامِ وَالْإِفْلَاسِ َوغَيْ ِرهَا َ ،وبَ ْعضُ هَذِهِ دَلِيلٌ عَلَى الْكَبِريَةِ ،
صغِريَةٌ ِبمَا فِيهِ . الر ْوضَةِ أَنَّهُ َ َاتجَهَ عَدُّ َذلِكَ كَبِريَةً لَكِنْ سَيَ ْأتِي قَرِيبًا عَنْ َّ ف َّ
حوِ َرمُ عِنْ َدنَا هُوَ َأنْ َيمْسِكَ مَا اشْتَرَاهُ فِي الْ َغلَاءِ لَا الرُّ ْخصِ مِنْ الْقُوتِ حَتَّى َن ْ ثُمَّ الِاحْتِكَارُ اْل ُمح َّ َالزبِيبِ بِقَصْدِ َأنْ يَبِيعَهُ بَِأغْلَى مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ عِنْدَ اشْتِدَادِ اْلحَاجَةِ إلَيْهِ . التمْرِ و َّ َّ َاللحْمِ وَالْ َفوَاكِهِ ،وَمَتَى اخْتَلَّ شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا حُرْمَةَ َوَأْلحَقَ الْغَزَالِيُّ بِالْقُوتِ كُلَّ مَا يُعِنيُ عَلَيْهِ ك َّ
كََأنْ اشْتَرَاهُ َوَلوْ زَمَنَ
()776/2
الْغَلَاءِ لَا لِيَبِيعَهُ َبلْ لَيَمْسِكَهُ لِنَفْسِهِ َوعِيَالِهِ َأوْ لِيَبِيعَهُ ِبمِ ْثلِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ َأوْ أَقَلَّ َأوْ لَمْ يَشْتَرِهِ ،كََأنْ أَمْسَكَ غَلَّةَ ضَيْعَتِهِ َوَلوْ لِيَبِيعَهَا بَِأغْلَى الَْأْثمَانِ نَعَمْ إذَا اشْتَدَّتْ ضَرُورَةُ النَّاسِ لَزِمَهُ الْبَ ْيعُ فَِإنْ َأبَى
أَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ َوعِنْدَ عَدَمِ الِاشْتِدَادِ الَْأ ْولَى لَهُ َأنْ يَبِيعَ مَا َف ْوقَ كِفَايَةِ سَنَةٍ لِنَفْسِهِ َوعِيَالِهِ مَا لَمْ َيخَفْ جَاِئحَةً فِي زَرْعِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ َ ،وإِلَّا فَلَهُ إمْسَاكُ كِفَايَتِهَا فَلَا كَرَاهَةَ َولَا احْتِكَارَ فِي غَيْرِ الْقُوتِ حوِهِ مِمَّا مَرَّ ،نَعَمْ صَرَّحَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ يُكْرَهُ إمْسَاكُ الثِّيَابِ أَيْ احْتِكَارًا . َوَن ْ
فَِإنْ قُلْت :يُنَافِي مَا قَرَّرْته أَنَّ سَعِيدَ بْنَ اْلمُسَيِّبِ رَاوِي حَدِيثِ { لَا َيحْتَكِرُ إلَّا خَاطِئٌ } قِيلَ لَهُ فَإِنَّك َتحْتَكِرُ قَالَ إنَّ مَ ْعمَرًا الَّذِي كَانَ ُيحَدِّثُ بِهَذَا اْلحَدِيثِ كَانَ َيحْتَكِرُ .
ح َملُ َذلِكَ مِنْ سَعِيدٍ عَلَيْهَا َأوْ قُلْت :قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مِنْ الْأَ ْموَالِ مَا لَا َيحْ ُرمُ احْتِكَارُهُ كَالثِّيَابِ فَُي ْ ح ِوهَا َ ،وعَلَى التَّنَزُّلِ فَشَرْطُ َتحْ ِرميِ احْتِكَارِ الْقُوتِ مَا مَرَّ َ ،فمِنْ َأيْنَ لَنَا أَنَّ ُهمَا كَانَا يَحْتَكِرَانِ َمعَ َن ْ
وُجُودِ تِلْكَ الشُّرُوطِ َ ،وعَلَى التَّنَزُّلِ فَسَعِيدٌ وَمَعْمَرٌ ُمجْتَهِدَانِ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْ ِهمَا َولَا عَلَى غَيْ ِر ِهمَا
ُم َرَأْيتُ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ وَ َجمَاعَةً آخَرِينَ غَيْرَهُ قَالُوا مَا َذكَرَهُ مُسْلِمٌ عَنْ سَعِيدٍ وَمَعْمَرٍ أَنَّ ُهمَا بِ ِهمَا ،ث َّ َالزْيتُ لَيْسَ بِقُوتٍ . الزْيتَ و َّ كَانَا َيحْتَكِرَانِ لَا يُنَافِي َذلِكَ لِأَنَّ ُهمَا َّإنمَا كَانَا َيحْتَكِرَانِ َّ
الصحِيحُ ،وَقَالَ الْقُ ْرطُبِيُّ :إنَّهُ اْلمَشْهُورُ مِنْ قَالُوا َوكَذَا َحمَلَهُ الشَّافِعِيُّ َوأَبُو حَنِيفَةَ وَآخَرُونَ َو ُهوَ َّ حمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ َيحْتَكِرُ مَا لَا يَضُرُّ مَ ْذ َهبِ مَالِكٍ ،وَ َجوَابُ سَعِيدٍ أَنَّ مَ ْعمَرًا كَانَ َيحْتَكِرُ َم ْ
حوِ َذلِكَ . َالزْيتِ وَالْأُ ُدمِ وَالثِّيَابِ َوَن ْ بِالنَّاسِ ك َّ قَالَ الْعُ َلمَاءُ :وَاْلحِ ْكمَةُ فِي تَحْ ِرميِ
()773/2
ضطُرَّ الِاحْتِكَارِ دَ ْفعُ الضَّرَرِ عَنْ عَامَّةِ النَّاسِ َكمَا أَ ْج َمعَ الْعُ َلمَاءُ َعلَى أَنَّهُ َلوْ كَانَ عِنْدَ إنْسَانٍ طَعَامٌ وَا ْ إلَيْهِ النَّاسُ ُيجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُمْ .
()776/2
حوِ الْعِتْقِ وَاْلوَقْفِ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حوِهِ لَا بِنَ ْ التَّفْرِيقُ بَيْنَ اْلوَالِدَةِ َو َولَ ِدهَا الْغَيْرِ اْل ُممَيِّزِ بِالْبَيْعِ َوَن ْ َححَهُ عَنْ َأبِي أَيُّوبَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ َ { :سمِعْت حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
َرقَ اللَّهُ بَيْنَهُ َوبَيْنَ أَحِبَّتِهِ َي ْومَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ َو َولَ ِدهَا ف َّ الْقِيَامَةِ } .
وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَ ُقطْنِيُّ { :لَعَنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْ ِه وَسَلَّمَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ اْلوَالِدَةِ َو َولَ ِدهَا َوبَيْنَ
الْأَخِ َوأَخِيهِ } . َرقَ } وَقَالَ َأبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ :هَذَا مُبْهَمٌ هُوَ عِنْ َدنَا وَفِي ِروَايَةٍ لِلدَّارَ ُقطْنِيِّ { :مَلْعُونٌ مَنْ ف َّ فِي السَّبْيِ وَاْلوَالِدِ وَفِيهِ -كَاَلَّذِي قَبْلَهُ -انْ ِقطَاعٌ .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا كَبِريَةً هُوَ ظَاهِرُ مَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ َوبِفَ ْرضِ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ إلَّا الْأَوَّلُ فَفِيهِ اْل َوعِيدُ الشَّدِيدُ َأيْضًا ،لِأَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الِْإنْسَانِ َوأَحِبَّتِهِ َذلِكَ الَْي ْو َم أَمْرٌ مُشِقٌّ عَلَى النَّفْسِ جِدًّا .
قُلْت َ :و َكمَا أَخَذُوا مِنْ هَذَا حُرْمَةَ التَّفْرِيقِ اْلمَ ْذكُورِ لِأَنَّهُ ْم فَ ِهمُوا مِنْهُ اْل َوعِيدَ ،كَ َذلِكَ نَأْخُذُ مِنْهُ
َك ْونَهُ كَبِريَةً لِأَنَّهُ حَيْثُ سُلِّمَ أَنَّهُ يُفْهَمُ اْل َوعِيدُ فَ َذلِكَ اْل َوعِيدُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهَا ظَاهِرُهُ َوعِيدٌ شَدِيدٌ .
فَِإنْ قُلْت :مَا وَجْهُ اْل َوعِيدِ فِيهِ َواَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ َ { :ي ْومَ يَفِرُّ اْلمَ ْرءُ مِنْ أَخِيهِ َوأُمِّهِ َوَأبِيهِ َوصَاحِبَتِهِ َوبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ َيوْمَئِذٍ شَ ْأنٌ يُغْنِيهِ وُجُوهٌ َيوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ } الْآيَاتِ َ ،فظَاهِ ُرهَا أَنَّ هَذَا أَمْرٌ وَا ِقعٌ
لِكُلِّ أَحَدٍ فَكَيْفَ يُفْهَمُ مِنْهُ الْ َوعِيدُ ؟ قُلْت :سِيَاقُ اْلحَدِيثِ نَصٌّ فِي أَنَّهُ َوعِيدٌ وَحِينَئِذٍ فَ ُهوَ عَلَى حَدِّ خمْرَ الدنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ ،وَمَنْ شَرِبَ اْل َ َق ْولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :مَنْ لَبِسَ اْلحَرِيرَ فِي ُّ
الدنْيَا لَمْ فِي ُّ
()776/2
يَشْ َربْهَا فِي الْآخِرَةِ جَزَاءً وِفَاقًا } .
ش َملُ اْلجَنَّةَ َ ،فمَا فِي الْآيَةِ يَكُونُ فِي اْل َموْقِفِ وَمَا فِي اْلحَدِيثِ يَكُونُ فِي وَاْلمُرَادُ بَِي ْومِ الْقِيَامَةِ مَا يَ ْ اْلجَنَّةِ َ ،و َكمَا أَخَذُوا مِنْ حَدِيثِ اْلحَرِيرِ أَنَّ لُبْسَهُ كَبِريَةٌ َكمَا مَرَّ ،كَ َذلِكَ أَخَ ْذنَا مِنْ خَبَرِ التَّفْرِيقِ أَنَّهُ
َصصٌ لِ َق ْولِهِ كَبِريَةٌ ِبجَا ِمعِ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ ُهمَا اْلجَزَاءَ عَلَى الْ َع َملِ بَِنظِريِهِ َ ،و َكمَا أَنَّ خَبَرَ اْلحَرِيرِ ُمخ ِّ َصصٌ لِ َق ْولِهِ تَعَالَى َ { :واَلَّذِينَ آمَنُوا تَعَالَى َ { :ولِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } كَ َذلِكَ خَبَرُ التَّفْرِيقِ ُمخ ِّ
وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِميَانٍ َأْلحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } وَشَرْطُ حُرْمَةِ التَّفْرِيقِ َأنْ يَكُونَ بَيْنِ أَمَةٍ َو َولَ ِدهَا الْغَيْرِ
سخٍ َوِإ ْن َرضَِيتْ الْأُمُّ ،لِأَنَّ لِ ْل َولَدِ سمَةٍ َأوْ فَ ْ حوِ بَ ْيعٍ لِغَيْرِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَوْ قِ ْ اْل ُممَيِّزِ لِصِغَرٍ َأوْ جُنُونٍ بَِن ْ
َرفُ ،وَالْأَبُ وَاْلجَدُّ وَاْلجَدَّةُ ِللْأَبِ َأوْ الْأُمِّ َوِإنْ بَعُدَا كَالْأُمِّ عِنْدَ فَقْ ِدهَا . حَقاا َأيْضًا َويَ ْب ُطلُ َذلِكَ التَّص ُّ َوَيجُوزُ بَ ْيعُ اْل َولَدِ َمعَ الْأَبِ َأوْ اْلجَدِّ َوكَذَا إنْ مَيَّزَ بَِأنْ صَارَ يَ ْأ ُكلُ وَحْدَهُ َويَشْرَبُ وَحْدَهُ وَيَسْتَ ْنجِي
خمْسِ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْ السَّبْعِ َويُكْرَهُ التَّفْرِيقُ َوَلوْ بَعْدَ حوِ اْل َ صلُ فِي َن ْ وَحْدَهُ َولَا يَتَقَيَّدُ بِسِنٍّ ،فَقَدْ َيحْ ُ
الْبُلُوغِ َوكَذَا إنْ كَانَ أَحَ ُد ُهمَا حُرًّا .
الزوْجَةِ َو َولَدِهَا ِبخِلَافِ اْل ُمطَلَّقَةِ َرمُ التَّفْرِيقُ بِالسَّفَرِ َأيْضًا بَيْنَ الْأَمَةِ َو َولَ ِدهَا الْغَيْرِ اْل ُممَيِّ ِز َوبَيْنَ َّ َوُيح َّ
ِلذْبحِ ،فَِإنْ لَمْ يَسْتَغْنِ َولَا حوَ بَ ْيعِ َولَدِ الْبَهِيمَةِ إنْ اسْتَغْنَى عَنْ اللَّبَنِ َأوْ لَمْ يَسْتَغْنِ لَ ِكنْ اشْتَرَاهُ ل َّ َن ْ حوُ الْبَ ْيعِ . ُرمَ َوَب َطلَ َن ْ الذْبحَ ح ِّ قَصَدَ َّ
()776/2
الْكَبِريَةُ التِّسْعُونَ وَاْلحَا ِديَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَاْلخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ اْلمِائَةِ ) :
َالزبِيبِ َوَنحْ ِو ِهمَا مِمَّنْ عُلِمَ أَنَّهُ يَعْصِرُهُ َخمْرًا ،وَالْأَمْرَدِ مِمَّنْ عُلِمَ أَنَّهُ يَ ْفجُرُ بِهِ ، حوُ بَ ْيعِ الْعَِنبِ و َّ َن ْ حوِهِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ آلَةَ لَ ْه ٍو ،وَالسِّلَاحِ لِ ْلحَ ْربِيِّنيَ شبِ َوَن ْ حمِلُهَا عَلَى الْبِغَاءِ ،وَاْلخَ َ وَالْأَمَةِ مِمَّنْ َي ْ
حوُ اْلحَشِيشَةِ مِمَّا مَرَّ مِمَّنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ خمْرِ مِمَّنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَشْ َربُهَا ،وََن ْ لِيَسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى قِتَالِنَا ،وَاْل َ يَسْتَ ْعمِلُهَا َوعَدُّ هَذِهِ السَّبْعِ مِنْ الْكَبَائِرِ لَمْ أَرَ ُه َ ،ولَكِنَّهُ غَيْرُ بَعِيدٍ لِ ِعظَمِ ضَرَ ِرهَا َمعَ قَاعِدَةِ أَنَّ لِ ْلوَسَاِئلِ حُكْمَ اْلمَقَاصِدِ ،وَاْلمَقَاصِدُ فِي هَذِهِ كُلِّهَا كَبَائِرُ فَلْتَكُنْ وَسَائِلُهَا كَ َذلِكَ ،وَالْأَحَادِيثُ السَّابِقَةُ قُبَ ْيلَ
كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِيمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْ ُرهَا وَوِزْرُ مَنْ يَ ْع َملُ بِهَا إلَى َي ْومِ الْقِيَامَةِ شَاهِدَةٌ لِ َذلِكَ ، ِلتحْ ِرميِ . وَالظَّنُّ فِي َذلِكَ كَالْعِلْمِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ ل َّ
حمِلُهَا عَلَى الْبِغَاءِ ، النظَرُ فِيمَا َلوْ بَاعَ أَمَتَهُ مِمَّنْ َي ْ النظَرُ فِيهِ َوكَ َذلِكَ يَتَرَدَّدُ َّ َوأَمَّا لِلْكَبِريَةِ فَيَتَرَدَّدُ َّ َالثوْرِ ِلمَنْ وَفِيمَا َلوْ بَاعَ السِّلَاحَ لِبُغَاةٍ لِيَسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى قِتَالِنَا ،وَفِي بَيْعِ الدِّيكِ ِلمَنْ يُهَارِشُ بِهِ و َّ النظَرُ فِي َك ْونِهَا كَبَائِرَ َوبَعْضُهَا أَقْرَبُ إلَى الْكَبِريَةِ مِنْ بَعْضٍ ،ثُمَّ َرَأيْت يُنَا ِطحُ بِهِ ،فَهَذِهِ كُلُّهَا يَتَرَدَّدُ َّ خمْرِ كَبِريَةٌ يَفْسُقُ مُتَعَاطِيهِ َوكَذَا يَكُونُ صحَابُ عَلَى أَنَّ بَ ْيعَ الْ َ شَ ْيخَ الْإِسْلَامِ الْعَلَائِيَّ قَالَ :نَصَّ الَْأ ْ
خمْرِ إنْ شَاءَ ح ْملِ وَالسَّعْيِ انْتَهَى ،وَسَيَ ْأتِي َذلِكَ بِ ِزيَادَةٍ فِي مَ ْبحَثِ اْل َ الثمَنِ وَاْل َ حُكْمُ الشِّرَاءِ َوَأ ْكلِ َّ
اللَّهُ تَعَالَى .
()727/2
النجْشُ وَالْبَ ْيعُ عَلَى بَيْعِ الْغَيْرِ وَالشِّرَاءُ ( الْكَبِريَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ اْلمِائَةِ ) َّ : عَلَى شِرَائِهِ َوعَدُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كَبَائِرَ ُمحَْت َملٌ لِأَنَّ فِيهَا إضْرَارًا َعظِيمًا بِالْغَيْرِ َولَا شَكَّ أَنَّ إضْرَارَ الْغَيْرِ
الَّذِي لَا ُيحَْت َملُ عَادَةً يَكُونُ كَبِريَةً َكمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ َ ،وَأيْضًا فَهَذِهِ مِنْ اْلمَكْرِ وَاْلخِدَاعِ ، الر ْوضَةِ أَنَّ مِنْ الصَّغَائِرِ الِاحْتِكَارَ وَالْبَ ْيعَ عَلَى بَ ْيعِ أَخِيهِ َ ،وكَذَا وَسَيَ ْأتِي أَنَّهُ كَبِريَةٌ لَكِنَّ الَّذِي فِي َّ
الركْبَانِ وَالتَّصْ ِريَةُ َوبَ ْيعُ اْلمَعِيبِ مِنْ غَيْرِ خطْبَةُ عَلَى ِخطْبَتِهِ وَبَ ْيعُ اْلحَاضِرِ لِلْبَادِي َ ،وتَلَقِّي ُّ الس ْومُ وَا ْل ِ َّ خمْرِ غَيْرِ اْل ُمحْتَرَمَةِ َوبَ ْيعُ الْعَبْدِ اْلمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ بَيَانِهِ َواِِّتخَاذُ الْكَ ْلبِ الَّذِي لَا يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ َوإِمْسَاكُ اْل َ صحَفُ وَسَائِرُ كُُتبِ الْعِلْمِ الشَّ ْرعِيِّ انْتَهَى وَفِي َأكْثَرِهِ َنظَرٌ َ ،وإَِّنمَا يَتَأَتَّى َذلِكَ عَلَى َ ،وكَذَا اْلمُ ْ
تَعْرِيفِ الْكَبِريَةِ بِأَنَّهَا الَّذِي فِيهِ اْلحَدُّ .
أَمَّا عَلَى تَعْرِيفِهَا بِأَنَّهَا مَا فِيهِ َوعِيدٌ شَدِيدٌ فَلَا ،وَسَيَ ْأتِي قَرِيبًا فِي الْغِشِّ اْل َوعِيدُ الشَّدِيدُ َوكَذَا فِي
إيذَاءِ اْلمُسْلِمِ الشَّدِيدِ وَمَرَّ فِي الِاحْتِكَارِ َذلِكَ َأيْضًا ،فَالَْأوْفَقُ لِلتَّعْرِيفِ بِأَنَّهَا مَا فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ مَا
َذكَرْته .
الر ْوضَةِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ ثُمَّ َرَأيْت الْأَذْ َرعِيَّ أَشَارَ إلَى مَا صَرَّحْت بِهِ فَقَالَ :وَفِي بَ ْعضِ مَا َأطْلَقَهُ فِي َّ الر ْوضَةِ لِتِلْكَ صَغِريَةٌ َنظَرٌ َوكَأَنَّ مَا َذكَرْته َوأَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْ َرعِيُّ ُهوَ سَبَبُ حَ ْذفِ بَ ْعضِ ُمخْتَصَرِي َّ الْأَمْثِلَةِ اْلمَ ْذكُورَةِ عَنْهَا .
الثمَنِ لَا لِ َرغْبَةٍ َبلْ لَِيخْ َدعَ غَيْرَهُ . َالنجْشُ ُهوَ َأنْ يَزِيدَ فِي َّ و َّ وَالْبَ ْيعُ عَلَى الْبَ ْيعِ ُهوَ َأنْ يَقُولَ لِ ْلمُشْتَرِي زَمَنَ اْلخِيَارِ رُدَّ هَذَا َوَأنَا َأبِيعُك أَحْسَنَ مِنْهُ ِبمِثْلِ َذلِكَ
الثمَنِ َأوْ مِثْلَهُ بَِأنْ َقصَ . َّ
وَالشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ َأنْ يَقُولَ لِلْبَاِئ ِع زَمَنَ
()727/2
اْلخِيَارِ افْسَخْ لِأَشْتَرِيَ مِنْك هَذَا اْلمَبِيعَ بِأَ ْزيَدَ .
الثمَنِ بَعْدَ َأنْ يُصَرِّحَا بِاسْتِقْرَارِهِ الس ْومُ عَلَى َس ْومِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إ ْذنِهِ بَِأنْ يَزِيدَ فِي َّ قَالَ َأئِمَّتُنَا َ :وَيحْ ُرمُ َّ
َأوْ يَعْرِضَ عَلَى اْلمُشْتَرِي أَرْ َخصَ مِنْهُ َ ،وَتحْرِميُهُ بَعْدَ الْبَ ْيعِ وَقَ ْبلَ لُزُومِهِ أَشَدُّ َو ُهوَ الْبَ ْيعُ عَلَى بَ ْيعِ غَيْرِهِ وَالشِّرَاءُ عَلَى شِرَاءِ غَيْرِهِ . نَعَمْ إنْ رَآهُ مَغْبُونًا جَازَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ كَجٍّ .
وَالَْأوْجَهُ اْل ُموَافِقُ لِِإطْلَاقِهِمْ وَاْلحَدِيثِ أَنَّهُ لَا فَ ْرقَ َ ،وبَ ْي ُع رَ ُجلٍ قَ ْبلَ اللُّزُومِ مِنْ اْلمُشْتَرِي عَيْنًا كَاَلَّتِي
اشْتَرَاهَا بِأَقَلَّ كَالْبَ ْيعِ عَلَى الْبَيْعِ َوطَلَبُهَا قَ ْبلَ اللُّزُومِ َأيْضًا مِنْ اْلمُشْتَرِي بَِأكْثَرَ كَالشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ صلُ الضَّرَرُ . سخِ مِنْ الصُّو َرتَيْنِ فََيحْ ُ لِأَنَّ َذلِكَ َأيْضًا ُيؤَدِّي إلَى الْفَ ْ
()722/2
( الْكَبِريَةُ اْل ُموَفِّيَةُ اْلمِائَتَيْنِ :الْغِشُّ فِي الْبَ ْيعِ َوغَيْرِهِ كَالتَّصْ ِريَةِ َوهِيَ مَ ْنعُ حَلْبِ ذَاتِ اللَّبَنِ إيهَامًا
لِكَثْ َرتِهِ ) أَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ { رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ َح َملَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا ،وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا } . وَمُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْهُ :أَنَّ { رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ
السمَاءُ -أَيْ اْل َمطَرُ فَأَدْ َخلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَاَلتْ أُصْبُعُهُ بَلَلًا فَقَالَ مَا هَذَا يَا صَا ِحبَ الطَّعَامِ ؟ قَالَ َأصَابَتْهُ َّ -يَا رَسُولَ اللَّ ِه ،قَالَ أَفَلَا جَعَلْته َف ْوقَ الطَّعَامِ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ ؟ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا } .
وَالتِّرْمِذِيُّ { :مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا } .
َوَأبُو دَاوُد { :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِرَ ُجلٍ يَبِيعُ طَعَامًا فَسََألَهُ كَيْفَ تَبِيعُ ؟ فَأَخْبَرَهُ فََأوْحَى
إلَيْهِ َأنْ أَدْ ِخلْ يَدَك فِيهِ فَإِذَا هُوَ مَبْلُولٌ ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ
}. َوأَ ْحمَدُ وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ { :مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ِبطَعَامٍ وَقَدْ حَسَّنَهُ صَاحِبُهُ
فَأَدْ َخلَ يَدَهُ فِيهِ فَإِذَا الطَّعَامُ رَدِيءٌ ،فَقَالَ ِبعْ هَذَا عَلَى حِدَةٍ َوهَذَا عَلَى حِدَةٍ َفمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا }
.
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ { :خَرَجَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى السُّوقِ فَ َرأَى طَعَامًا مُصَبَّرًا السمَاءُ . فَأَدْ َخلَ يَدَهُ فِيهِ فَأَخْرَجَ طَعَامًا َرطْبًا قَدْ َأصَابَتْهُ َّ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ مَا َحمَلَك عَلَى هَذَا ؟ قَالَ َ :واَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ إنَّهُ َلطَعَامٌ وَاحِدٌ ،قَالَ أَفَلَا عَ َزلْت
الر ْطبَ عَلَى حِ َدتِهِ وَالْيَابِسَ عَلَى حِ َدتِهِ فَتَتَبَايَعُونَ مَا تَعْرِفُونَ ،مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا } . َّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِريِ بِسَنَ ٍد ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ { :مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
()726/2
وَسَلَّمَ بِرَ ُجلٍ يَبِيعُ طَعَامًا فَقَالَ :يَا صَا ِحبَ الطَّعَامِ أَسْ َفلُ هَذَا مِ ْثلُ َأعْلَاهُ ؟ قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :مَنْ غَشَّ اْلمُسْ ِلمِنيَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ } .
وَالْبَيْهَقِيُّ وَالَْأصْبَهَانِيّ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ إلَى َأبِي هُ َريْرَةَ َموْقُوفًا عَلَيْهِ أَنَّهُ مَرَّ بِنَاحِيَةِ اْلحَرَّةِ فَإِذَا إنْسَانٌ ح ِملُ لَبَنًا يَبِيعُهُ فََنظَرَ إلَيْهِ َأبُو هُ َريْرَةَ فَإِذَا ُهوَ قَدْ خَ َلطَهُ بِاْلمَاءِ ،فَقَالَ لَهُ َأبُو هُ َريْرَةَ " :كَيْفَ بِك إذَا َي ْ قِيلَ لَك َي ْومَ الْقِيَامَةِ خ َِّلصْ اْلمَاءَ مِنْ اللَّبَنِ " .
َن رَجُلًا وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِريِ وَالْبَيْهَقِيُّ :قَالَ اْلحَافِظُ اْلمُنْذِرِيُّ َ :ولَا َأعْلَمُ فِي ِروَايَتِهِ َمجْرُوحًا { أ َّ خمْرَ بِاْلمَاءِ فَأَخَذَ خمْرَ فِي سَفِينَةٍ لَهُ وَمَعَهُ قِرْدٌ فِي السَّفِينَةِ َوكَانَ يَشُوبُ :أَيْ يَخْلِطُ اْل َ كَانَ يَبِيعُ اْل َ الْقِرْدُ الْكِيسَ فَصَعِدَ الذُّ ْروَةَ وَفََتحَ الْكِيسَ َفجَ َعلَ يَأْخُذُ دِينَارًا فَيُلْقِيهِ فِي السَّفِينَةِ وَدِينَارًا فِي الَْبحْرِ
حَتَّى جَعَلَهُ نِصْفَيْنِ :أَيْ فَعَلَ َذلِكَ عِقَابًا لِصَاحِبِهِ لَمَّا خَلَطَ َوغَشَّ } .
وَفِي ِروَايَةِ الْبَيْهَقِيّ { قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :لَا تَشُوبُوا اللَّبَنَ لِلْبَيْعِ } ثُمَّ َذكَرَ ِن رَ ُجلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ جَ َلبَ َخمْرًا إلَى قَ ْريَةٍ حَدِيثَ اْل ُمحَلَّفَةِ ثُمَّ قَالَ َم ْوصُولًا بِاْلحَدِيثِ َ { :ألَا َوإ َّ فَشَابَهَا بِاْلمَاءِ فََأضْعَفَهُ َأضْعَافًا فَاشْتَرَى قِرْدًا فَ َر ِكبَ الَْبحْرَ حَتَّى إذَا لَجَّ فِيهِ َألْهَمَ اللَّهُ الْقِرْدَ صُرَّةَ
الدنَانِريِ فَأَخَ َذهَا َوصَعِدَ الدَّ َقلَ فَفََتحَ الصُّرَّةَ َوصَاحِبُهَا يَ ْنظُرُ إلَيْهِ فَأَخَذَ دِينَارًا فَرَمَى بِهِ فِي الْبَحْرِ َّ سمَهَا نِصْفَيْنِ } . وَدِينَارًا فِي السَّفِينَةِ حَتَّى قَ َ
وَفِي ِروَايَةٍ أُخْرَى لَهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :إنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ الثمَنَ جَاءَ ثَعْلَبٌ َح َملَ َخمْرًا ثُمَّ جَ َعلَ فِي كُلِّ رِ ْزقٍ نِصْفَهُ مَاءً ثُمَّ بَاعَهُ فَلَمَّا َج َمعَ َّ
()726/2
فَأَخَذَ الْكِيسَ َوصَعِدَ الدَّ َقلَ فَجَ َعلَ يَأْخُذُ دِينَارًا َويَرْمِي بِهِ فِي السَّفِينَةِ َويَأْخُذُ دِينَارًا فَيَرْمِي بِهِ فِي اْلمَاءِ حَتَّى فَ َرغَ مَا فِي الْكِيسِ } َولَا تَنَافِيَ بَيْنَ هَذِهِ َواَلَّتِي قَبْلَهَا لِاحِْتمَالِ تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ .
صحَابِيًّا . وَالْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ { :مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا } ،وَجَاءَ هَذَا اْلمَتْنُ مِنْ ِروَايَةِ بِضْعَةَ عَشَرَ َ َوعَنْ { َأبِي سِبَاعٍ قَالَ :اشْتَرَيْت نَاقَةً مِنْ دَارِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْ َقعِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمَّا خَرَجْت بِهَا
أَدْ َركَنِي َيجُرُّ إزَارَهُ فَقَالَ اشْتَرَيْت ؟ قُلْت نَعَمْ .
سمِينَةٌ ظَاهِرَةُ الصِّحَّةِ ،قَالَ أَرَدْت بِهَا سَفَرًا َأوْ أَرَدْت قَالَ ُ :أبَيِّنُ لَك مَا فِيهَا ؟ قُلْت وَمَا فِيهَا إنَّهَا لَ َ َج ،قَالَ ا ْرَتجِعْهَا ،فَقَالَ صَاحِبُهَا مَا أَرَدْت إلَى هَذَا أَصْ َلحَك اللَّهُ ؟ حمًا ؟ قُلْت أَرَدْت بِهَا اْلح َّ َل ْ
تُفْسِدُ عَلَ َّي ،قَالَ :إنِّي َسمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :لَا َيحِلُّ لِأَحَدٍ َأنْ يَبِيعَ شَيْئًا
إلَّا بَيَّنَ مَا فِي ِه َ ،ولَا َيحِلُّ ِلمَنْ عَلِمَ َذلِكَ إلَّا بَيَّنَهُ } . َححَهُ وَالْبَيْهَقِيُّ َوكَذَا ابْنُ مَاجَهْ بِاخْتِصَارِ الْقِصَّةِ ،إلَّا أَنَّهُ قَالَ عَنْ وَاثِلَةَ { َسمِعْت َروَاهُ اْلحَاكِمُ َوص َّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :مَنْ بَاعَ عَيْبًا لَمْ يُبَيِّنْهُ لَمْ يَزَلْ فِي مَ ْقتِ اللَّهِ َ ،أوْ لَمْ تَزَلْ
اْلمَلَائِكَةُ تَلْعَنُهُ } .
صحِيحٌ عَلَى شَ ْرطِ ِهمَا { :اْلمُسْلِمُ أَخُو َوأَ ْحمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِريِ وَاْلحَاكِمِ وَقَالَ َ
اْلمُسْلِمِ َ ،ولَا َيحِلُّ ِلمُسْلِمٍ إذَا بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَ ْيبٌ َأنْ لَا يُبَيِّنَهُ } . صحَةٌ وَادُّونَ َوِإنْ بَعُدَتْ مَنَا ِزلُهُمْ َوَأبْدَانُهُمْ ، َوَأبُو الشَّ ْيخِ ابْنِ حِبَّانَ { :الْ ُمؤْمِنُونَ بَعْضُهُمْ لِبَ ْعضٍ نَ َ وَالْ َفجَرَةُ بَعْضُهُمْ لِبَ ْعضٍ غَشَشَةٌ مَُتخَا ِونُونَ َوِإنْ اقْتَ َرَبتْ مَنَا ِزلُهُمْ َوَأبْدَانُهُمْ } .
وَمُسْلِمٌ { :إنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ قُلْنَا ِلمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ :لِلَّهِ
()726/2
َولِكِتَابِهِ َولِرَسُولِهِ َولَِأئِمَّةِ اْلمُسْ ِلمِنيَ َوعَامَّتِهِمْ } .
وَالنَّسَائِيُّ بِلَفْظِ َّ { :إنمَا الدِّينُ النَّصِيحَةُ } اْلحَدِيثَ . َوَأبُو دَاوُد بِلَفْظِ { :إنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ ،إنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ إنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ } اْلحَدِيثَ . النصِيحَةُ ،قَالُوا ِلمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ َوكَذَا التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ َ { :رأْسُ الدِّينِ َّ
لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ َولِدِينِهِ َولَِأئِمَّةِ اْلمُسْ ِلمِنيَ َوعَامَّتِهِمْ } .
وَالشَّ ْيخَانِ { عَنْ جَرِيرٍ َ :أتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْت ُأبَايِعُك عَلَى الْإِسْلَامِ فَشَرَطَ سجِدِ إنِّي لَكُمْ لَنَاصِحٌ } . صحَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ ،فَبَايَعْتُهُ عَلَى هَذَا ،وَرَبِّ هَذَا اْلمَ ْ عَلَيَّ النُّ ْ
الس ْمعِ وَالطَّاعَةِ َ ،وَأنْ َوَأبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْهُ { :بَايَعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى َّ صحَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ َوكَانَ إذَا بَاعَ الشَّ ْيءَ َأوْ اشْتَرَاهُ قَالَ :مَا الَّذِي أَخَ ْذنَا مِنْك أَحَبُّ إلَيْنَا مِمَّا َأنْ َ
َأ ْعطَيْنَاك فَاخْتَرْ } .
صحُ لِي } َوأَ ْحمَدُ { قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :أَحَبُّ مَا تَعَبَّدَ لِي بِهِ عَبْدِي النُّ ْ .
صحًا لِلَّهِ َولِرَسُولِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ { :مَنْ لَا يَهْتَمُّ بِأَمْرِ اْلمُسْ ِلمِنيَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ ،وَمَنْ لَمْ يُصِْبحْ َوُيمْسِي نَا ِ َولِكِتَابِهِ َولِإِمَامِهِ َولِعَامَّةِ اْلمُسْ ِلمِنيَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ } .
وَالشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا { :لَا ُيؤْمِنُ أَحَ ُدكُمْ حَتَّى ُيحِبَّ لِأَخِي ِه مَا ُيحِبُّ لِنَفْسِهِ } .
صحِيحَةٍ { :لَا يَبْ ُلغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ الْإِميَانِ حَتَّى ُيحِبَّ لِلنَّاسِ مَا ُيحِبُّ لِنَفْسِهِ } . وَفِي ِروَايَةٍ َ ث مِنْ نَفْيِ الْإِسْلَامِ عَنْهُ َمعَ َك ْونِهِ لَمْ يَزَلْ تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا كَبِريَةً هُوَ ظَاهِرُ بَ ْعضِ مَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِي ِ الر ْوضَةِ فِي مَ ْقتِ اللَّهِ أَوْ َك ْونِ اْلمَلَائِكَةِ تَلْعَنُهُ ،ثُمَّ َرَأيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ كَبِريَةٌ لَكِنَّ الَّذِي فِي َّ
َكمَا مَرَّ أَنَّهُ صَغِريَةٌ وَفِيهِ َنظَرٌ ِلمَا ُذكِرَ
()723/2
مِنْ اْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ فِيهِ . َرمِ َأنْ يَعْلَمَ ذُو السِّلْعَةِ مِنْ َنحْوِ بَاِئعٍ َأ ْو مُشْتَرٍ فِيهَا شَيْئًا لَوْ اطَّ َلعَ عَلَيْهِ مُرِيدُ َوضَابِطُ الْغِشِّ اْل ُمح َّ
أَخْ ِذهَا مَا أَخَ َذهَا بِ َذلِكَ اْلمُقَاِبلِ ،فََيجِبُ عَلَيْهِ َأنْ يُعْ ِلمَهُ بِهِ لِيَدْ ُخلَ فِي أَخْذِهِ عَلَى بَصِريَةٍ َ ،وُيؤْخَذُ جبُ َأيْضًا عَلَى أَجْنَبِيٍّ عَلِمَ بِالسِّلْعَةِ عَيْبًا َأنْ ُيخْبِرَ صحَابُنَا أَنَّهُ َي ِ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ َوغَيْرِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ َأ ْ
خ ُطبُ امْ َرأَةً َويَعْلَمُ بِهَا َأوْ بِهِ جبُ عَلَيْهِ إذَا رَأَى إنْسَانًا َي ْ بِهِ مُرِيدَ أَخْ ِذهَا َوِإنْ لَمْ يَسَْألْهُ عَنْهَا َ ،كمَا َي ِ
حوِ عِلْمٍ َوعَلِمَ بِأَحَ ِد ِهمَا عَيْبًا عَيْبًا َ ،أوْ َرأَى إنْسَانًا يُرِيدُ َأنْ ُيخَالِطَ آخَرَ ِلمُعَامَلَةٍ َأوْ صَدَاقَةٍ َأوْ قِرَاءَةِ َن ْ
َأنْ ُيخْبِرَ بِهِ َوِإنْ لَمْ يُسْتَشَرْ بِهِ ،كُلُّ َذلِكَ أَدَاءٌ لِلنَّصِيحَةِ اْلمُتَأَكِّدِ وُجُوبُهَا ِلخَاصَّةِ اْلمُسْ ِلمِنيَ َوعَامَّتِهِمْ .
()726/2
هَذَا وَقَدْ سََألْنَا عَنْ ُسؤَالٍ َطوِيلٍ فِيهِ ِذكْرُ أَحْكَامٍ كَثِريَةٍ أَحَْببْت ِذكْرَهُ هُنَا لِ ُعمُومِ ضَرَرِ مَا فِيهِ مِمَّا
َألِفَه َويَفْعَلُهُ مَنْ لَا دِينَ لَهُ لِغَفْلَتِهِ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى َوَأوَامِرِهِ ،وَ ُهوَ :قَدْ ُاعْتِيدَ الْآنَ أَنَّ بَ ْعضَ التُّجَّارِ
حوِ َخمْسَةِ َأضْعَافِ يَشْتَرِي الْفِلْفِلَ فِي ظَرْفٍ خَفِيفٍ جِدًّا كَاْلخَصْفِ ،ثُمَّ َيجْ َعلُهُ فِي ظَ ْرفٍ ثَقِيلٍ َن ْ حوَ عِشْرِينَ مَنًّا ج َمعُ مِنْ خَيْشٍ حَتَّى يَكُونَ َن ْ اْلخَصْفِ لِأَنَّهُ غَالِبًا ثَلَاثَةُ أَمْنَا ٍن ،وَ َذلِكَ الظَّ ْرفُ الثَّقِيلُ ُي ْ الثمَنُ مُقَابِلًا لِلظَّ ْرفِ وَاْل َمظْرُوفِ ،فَهَلْ ،ثُمَّ يُبَاعُ َذلِكَ الظَّ ْرفُ وَمَا فِيهِ َويُو َزنُ ُجمْلَةُ الْكُلِّ َويَكُونُ َّ
َرمٌ يُعَزَّرُ فَاعِلُهُ ِبمَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ ضَرْبٍ َوصَ ْفعٍ َو َطوَافٍ بِهِ فِي الْأَ ْسوَاقِ هَذَا الْفِ ْعلُ جَائِزٌ َأوْ غِشٌّ ُمح َّ
.
صحِيحٌ َأوْ بَا ِطلٌ َ ،وإِذَا كَانَ وَحَبْسٍ َوأَخْذِ مَالٍ إنْ كَانَ َذلِكَ مَ ْذ َهبُ َذلِكَ اْلحَاكِمِ ؟ َو َهلْ الْبَ ْيعُ َ
بَاطِلًا فَ ُهوَ مِنْ َأ ْكلِ أَ ْموَالِ النَّاسِ بِالْبَا ِطلِ َأوْ لَا ؟ َو َهلْ َيجِبُ عَلَى َولِيِّ الْأَمْرِ َأنْ يَزْجُرَ التُّجَّارَ
ب عَلَى اْلمُتَّقِنيَ مِنْ التُّجَّارِ إذَا عَلِمُوا مِنْ ج ُ َوَيمْنَعَهُمْ عَنْ َذلِكَ َويُعَزِّرَ مَنْ فَ َعلَ مِنْهُمْ َذلِكَ ؟ َو َهلْ َي ِ إنْسَانٍ أَنَّهُ يَفْ َعلُ َذلِكَ َأنْ ُيخْبِرُوا بِهِ حُكَّامَ الشَّرِيعَةِ َأوْ السِّيَاسَةِ حَتَّى َيمْنَعُوهُ مِنْ َذلِكَ اْلمَ ْنعَ الَْأكِيدَ
َويُعَزِّرُوهُ عَلَيْهِ إنْ َأبَى التَّعْزِيرَ الشَّدِيدَ ؟ َو َهلْ َيجْرِي َذلِكَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ َنظَائِرِهَا َكمَا يَ َقعُ
حوَ سبُ مِنْهُ مَائِيَّةً تَزِيدُ فِي وَ ْزنِهِ َن ْ لِبَ ْعضِ الْعَطَّارِينَ وَالتُّجَّارِ أَنَّهُ يُقَرِّبُ بَ ْعضَ الَْأعْيَانِ إلَى اْلمَاءِ فَيَكْتَ ِ صطَِنعُ َحوَاِئجَ تَصِريُ كَصُورَةِ الزُّبَّادِ فَيَبِيعُهُ عَلَى أَنَّهُ زُبَّا ٌد َ ،وبَ ْعضُ َالزعْفَرَانِ َ ،وبَعْضُهُمْ يَ ْ الثُّ ُلثِ ك َّ
الْبَزَّازِينَ يَرْفَأُ الثِّيَابَ رَفْئًا خَفِيًّا ثُمَّ يَبِيعُهَا مِنْ غَيْرِ َأنْ يُبَيِّنَ لَك َ ،وكَذَا يَفْ َعلُ َذلِكَ فِي الْبُسُطِ َوغَيْ ِرهَا الثوْبَ خَامًا َ ،وبَعْضُهُمْ يَلْبَسُ َّ
()726/2
ُوتُهُ َجمِيعًا ثُمَّ يُقَصِّرُهُ حِينَئِذٍ َوَيجْ َعلُ فِيهِ نَشًا يُوهِمُ بِهِ أَنَّهُ جَدِيدٌ َويَبِيعُهُ عَلَى أَنَّهُ جَدِيدٌ إلَى َأنْ تَ ْذ َهبَ ق َّ
.
َوبَعْضُهُمْ يَسْعَى فِي إظْلَامِ مَحَلِّهِ إظْلَامًا كَثِريًا حَتَّى يَصِريَ الْغَلِيظُ يُرَى رَقِيقًا وَالْقَبِيحُ حَسَنًا .
الش ْمعِ الر ْؤيَةُ ُمحِيطَةً بِهِ مِنْ كَثْرَةِ َذلِكَ َّ ش ْمعٍ صِقَالًا جَيِّدًا حَتَّى لَا تَصِريَ ُّ َوبَعْضُهُمْ يَصْ ُقلُ بَزَّهُ بِ َ حوَهُ ثُمَّ يَبِيعُهُ عَلَى أَنَّهُ كُلُّهُ وَ َجوْدَةِ َذلِكَ الدَّقِّ وَالصِّقَالِ َ ،وبَ ْعضُ الصَّوَّاغِنيَ َيخْلِطُ بِالنَّقْدِ ُنحَاسًا َوَن ْ فِضَّةٌ َأوْ َذ َهبٌ .
حوَهُ َوبَعْضُهُمْ يَأْخُذُ مِمَّنْ يَسْتَأْجِرُ عَلَى صِيَاغَةٍ وَ ْزنًا مَعْلُومًا فَيَنْقُصُ مِنْهُ نَقْدًا َوَيجْ َعلُ بَ َدلَهُ ُنحَاسًا َأوْ نَ ْ َ ،وكَثِريًا مِنْ التُّجَّارِ َوَأ ْهلِ الْبَهَارِ وَاْلحَبَّابِنيَ َوغَيْ ِرهِمْ َيجْ َعلُ َأعْلَى الْبِضَاعَةِ حَسَنًا َوأَسْفَلَهَا قَبِيحًا َ ،أوْ
َيخْلِطُ بَ ْعضَ الْقَبِيحِ فِي اْلحَسَنِ حَتَّى يُرَوَّجَ َويَنْدَمِجَ عَلَى اْلمُشْتَرِي فَيَأْخُذَ الْقَبِيحَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْعُرَ الصوَرَ صوَرِ الْغِشِّ كَثِريٌ َوإَِّنمَا َذكَ ْرنَا لَكُمْ هَذِهِ ُّ بِهِ َوَلوْ شَعَرَ بِهِ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا مِنْهُ َ ،وغَيْرُ َذلِكَ مِنْ ُ
َالتجَارَاتِ وَاْلبُيُوعَاتِ لِيُعْلَمَ حُ ْكمُهَا َويُقَاسَ عَلَيْهَا مَا لَمْ نَ ْذكُرْهُ َ ،وَلوْ فَتَّشْت الصِّنَاعَاتِ وَاْلحَ ْرفَ و ِّ صوَرِ الْغِشِّ وَالتَّ ْدلِيسِ وَاْلخِيَانَةِ وَالْ ِعطَارَاتِ وَالصِّيَاغَاتِ وَالْمُصَارَفَاتِ َوغَيْ ِرهَا َلوَجَدْت عِنْ َدهُمْ مِنْ ُ ُجهُ الْأَ ْسمَاعُ ،لِأَنَّنَا َنجِ ُدهُمْ فِي مُعَامَلَاتِهِمْ َالتحَُّيلِ بِاْلحَِيلِ الْكَا ِذبَةِ مَا تَنْفِرُ عَنْهُ الطِّبَاعُ َوَتم ُّ وَاْلمَكْرِ و َّ
كَرَجُلَيْنِ مَعَ ُهمَا سَيْفَانِ مُتَقَابِلَانِ َفمَتَى قَدَرَ أَحَ ُد ُهمَا عَلَى الْآخَرِ قَتْلَهُ ِلوَقْتِهِ كَ َذلِكَ التُّجَّارُ وَاْلمُتَبَايِعُونَ الْآنَ لَا يَ ْنوِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ ُهمَا إلَّا أَنَّهُ إنْ ظَفِرَ بِصَاحِبِهِ أَخَذَ َجمِيعَ مَالِهِ ِبحَقٍّ َوبَا ِطلٍ َوأَهْلَكَهُ َوصَيَّرَهُ َوَلتْ فَقِريًا ِلوَقْتِهِ َ ،وإِذَا وَ َقعَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ شَ ْيءٌ مِنْ َذلِكَ فَرِحَ بِهِ فَرَحًا كَثِريًا ،وَس َّ
()726/2
لَهُ نَفْسُهُ اْلخَبِيثَةُ أَنَّهُ غَلَبَهُ َوظَفِرَ بِهِ ِبمَا غَشَّهُ وَاحْتَالَ عَلَيْهِ بِالْبَا ِطلِ إلَى َأنْ اسْتَ ْأصَلَ مَالَهُ َوظَفِرَ بِهِ كَكَ ْلبٍ ظَفِرَ ِبجِيفَةٍ َوَأ َكلَ مِنْهَا حَتَّى لَمْ يُبْقِ مِنْهَا شَيْئًا . صلُ مَا يَ َقعُ ُهوَ َوَأكْثَرُ مِنْهُ الْآنَ . فَهَذَا حَا ِ
فَتَفَضَّلُوا عَلَى اْلمُسْ ِلمِنيَ بِبَيَانِ أَحْكَامِ َذلِكَ حَتَّى يَعْرِفَهَا النَّاسُ ،لِيَصِريَ مَنْ خَالَفَهَا قَدْ حَقَّتْ عَلَيْهِ
سطُوا التوْفِيقِ َوأَحْيَا عَنْ بَيِّنَةٍ ،وَابْ ُ كَ ِلمَةُ الْعَذَابِ َوهَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَمَنْ وَافَقَهَا قَدْ أَسْعَفَتْهُ كَ ِلمَةُ َّ ضطَرُّونَ إلَى بَيَانِ أَحْكَامِ َذلِكَ كُلِّهِ َ ،وبَعْضَهُمْ َّإنمَا سطًا شَافِيًا ،فَإِنَّ النَّاسَ مُ ْ الْكَلَامَ عَلَى َذلِكَ بَ ْ
يَفْ َعلُ َذلِكَ جَهْلًا ِبحُرْمَتِهِ َأثَابَكُمْ اللَّهُ اْلجَنَّةَ ِبمَنِّهِ َوكَرَمِهِ آمِنيَ . السؤَالِ . صلُ هَذَا ُّ هَذَا حَا ِ
ضطِرَا ُرهُمْ صوَرِهِ وَاحْتِيَاجِ النَّاسِ ،بَلْ ا ْ َولَ َعمْرِي إنَّهُ حَقِيقٌ َأنْ يُفْرَدَ بِالتَّ ْألِيفِ لِسَعَةِ أَحْكَامِهِ َوكَثْرَةِ ُ الصوَرِ َوغَيْ ِرهَا مِمَّا لَمْ يُ ْذكَرْ َو ُهوَ كَثِريٌ جِدًّا لِغَلَبَةِ الْغِشِّ إلَى بَسْطِ الْكَلَامِ عَلَى كُلِّ صُورَةٍ مِنْ تِلْكَ ُّ
ت َ ،وَلوْ كَانَ وَاْلخِيَانَةِ عَلَى الْبَاعَةِ حَتَّى لَا يَسْلَمَ مِنْ ُهمَا إلَّا النَّادِرُ الَّذِي حَ ِفظَهُ اللَّهُ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَا ِ فِي اْلوَ ْقتِ سَعَةٌ لَأَفْرَدْت َذلِكَ بِتَ ْألِيفٍ مُسَْت ْو ِعبٍ جَا ِمعٍ لَكِنِّي أُشِريُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إلَى مَا يَنْ َفعُ
اْل ُموَفَّقَ َ ،وُيحَذِّرُ الْعَاصِيَ ،وَمَنْ لَمْ يُرِدْ اللَّهُ هِدَايَتَهُ َفمَا لَ ُه مِنْ هَادٍ .
فَأَقُولُ :أَمَّا مَسَْألَةُ بَيْعِ الظَّ ْرفِ َمعَ مَا فِيهِ فَاتَّفَقَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ مَتَى جَهِلَ وَ ْزنَ الظَّ ْرفِ عَلَى
جمْلَةِ بِكَذَا كَانَ الْبَ ْيعُ بَاطِلًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ حَيِّزِ الْغَرَرِ . انْفِرَادِهِ ،فَبِيعَ َمعَ َمظْرُوفِهِ كُلُّ ِر ْطلٍ مِنْ اْل ُ
وَقَدْ { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَ ْيعِ الْغَرَرِ } َ ،وكَذَا َلوْ جَ ِهلَ وَ ْزنَ اْل َمظْرُوفِ وَحْدَهُ َأوْ لَمْ يَكُنْ لِلظَّ ْرفِ قِيمَةٌ لِاشْتِرَاطِ الْعَقْدِ عَلَى بَذْلِ
()767/2
مَالٍ فِي مُقَابَلَةِ مَا لَيْسَ ِبمَالٍ .
السؤَالِ عَلَى ُبطْلَانِ الْبَ ْيعِ فِيهِ لِأَنَّ صُورَةَ اْلمَسَْألَةِ إذَا تَقَرَّرَ َذلِكَ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ فِيمَا ُذكِرَ أَوَّلَ ُّ َكمَا َذكَرَهُ السَّاِئلُ أَنَّ فَسَقَةَ التُّجَّارِ يَأْخُذُونَ الْفِلْ ِفلَ مَثَلًا َوَيجْعَلُونَهُ فِي خَيْشٍ مُرَقَّعٍ مِنْ دَاخِلِهِ بِرُ َقعٍ
حوَهُ مَعَ ظَرْفِهِ كُلُّ مَنٍّ بِعَشَرَةٍ مَثَلًا ،ثُمَّ يَ ِزنُونَ كَثِريَةٍ تُثْ ِقلُ جُرْمَهُ ،ثُمَّ يَبِيعُونَ َذلِكَ الْفِلْ ِفلَ َأوْ َن ْ جمْلَةُ مِائَةَ مَنٍّ كَاَنتْ بَِألْفٍ . الظَّ ْرفَ َمعَ َمظْرُوفِهِ ،فَإِذَا جَاءَتْ اْل ُ
َووَجْهُ الُْبطْلَانِ فِي هَذِهِ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الظَّ ْرفَ مِنْ ُجمْلَةِ اْلمَبِيعِ َووَ ْزنُهُ مَجْهُولٌ َبلْ فِيهِ غِشٌّ َوتَ ْدلِيسٌ
ح َوهَا مِمَّا يَقْتَضِي وَ ْزنَهُ فِي الثِّ َقلِ مِنْهُمْ ،لِأَنَّهُمْ َيجْعَلُونَهُ مِنْ دَاخِلِهِ اْل ُممَاسِّ لَهُ الْفِلْ ِفلُ مَثَلًا رُقَعًا َوَن ْ َويَتْ ُركُونَ ظَاهِرَهُ عَلَى حَالِهِ اْلمُوهِمِ لِ ْلمُشْتَرِي أَنَّهُ خَفِيفُ اْلوَ ْزنِ ِبحَ ْيثُ إنْ َرَأيْته تَ ْق َطعُ عِنْدَ َنظَرِهِ
حوَ عِشْرِينَ مَنًّا َالنظَرِ لِبَاطِنِ ِه َرَأوْهُ َن ْ ِلظَاهِرِهِ بِأَنَّهُ لَا ُيجَاوِزُ أَ ْربَعَةَ أَمْنَانٍ مَثَلًا ،فَإِذَا خَبَرُوهُ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ و َّ ،فَلِأَ ْجلِ َذلِكَ َب َطلَ الْبَ ْيعُ فِي الْكُلِّ لِهَذَا الْغَرَرِ الْ َعظِي ِم َ ،وهَذَا الْغِشُّ الْبَلِيغُ اْلمُشَْت ِملُ عَلَى خِيَانَةِ اللَّهِ
تَعَالَى وَخِيَانَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَمَرَا بِهِ َونَهَيَا عَنْهُ َ ،وكَيْفَ سَاغَ ِلمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُقْ ِدمُ حطَامِ الْفَانِي ِلوَ َرثَتِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ مِنْهُ أَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ عَلَى اللَّهِ سُ ْبحَانَهُ َوتَعَالَى َ ،ويَتْرُكُ مَا َجمَعَهُ مِنْ اْل ُ
بِهِ َ ،بلْ الْغَاِلبُ فِي َأ ْولَادِ التُّجَّارِ أَنَّهُمْ يُضَيِّعُونَهُ فِي اْلمَعَاصِي وَالْقَبَاِئحِ الَّتِي لَا َتخْفَى عَلَى أَحَدٍ َ ،فمَنْ ُهوَ بِهَذَا اْل َوصْفِ كَيْفَ يَبْ ُلغُ خِدَاعُهُ َمعَ أَخِيهِ إلَى َأنْ يَأْخُذَ مِنْهُ أَ ْربَعَةَ أَ ْخمَاسِ مَالِهِ بِهَذِهِ الْحِيلَةِ
السؤَالِ لِأَنَّ اْلمُتَبَايِعَيْنِ فِي هَذِهِ الْبَاطِلَةِ الْكَا ِذبَةِ َ ،وهَذَا ُيؤَيِّدُ مَا فِي ُّ
()767/2
الْأَزْمِنَةِ كُلٌّ مِنْ ُهمَا تَصِريُ أَ ْحوَالُهُ َمعَ الْآخَرِ َكمُتَقَابِلَيْنِ بِيَ ِد ِهمَا سَيْفَانِ َفمَنْ قَدَرَ مِنْ ُهمَا عَلَى قَ ْتلِ صَاحِبِهِ
قَتَلَهُ .
َوهَذَا لَيْسَ بِشَ ْأنِ اْلمُسْ ِلمِنيَ َولَا بِقَانُونِ اْل ُمؤْمِنِنيَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { :اْل ُمؤْمِنُ لِ ْل ُمؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا } .
وَ َق ْولُهُ { :اْل ُمؤْمِنُ أَخُو اْل ُمؤْمِنِ لَا َيظْ ِلمُهُ َولَا يَشُْتمُهُ َولَا يَبْغِي عَلَيْهِ } . صحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَبَايَعُونَ التجَارَةَ َولَا الْبَ ْيعَ وَالشِّرَاءَ ،فَقَدْ كَانَ َأ ْ َرمُ ِّ َوَنحْنُ لَا ُنح ِّ
َويََّتجِرُونَ فِي الْبَزِّ َوغَيْرِهِ مِنْ اْلمَتَاجِرِ َ ،وكَ َذلِكَ الْعُ َلمَاءُ وَالصُّ َلحَاءُ بَعْ َدهُمْ مَا زَالُوا يََّتجِرُونَ َولَكِنْ عَلَى الْقَانُونِ الشَّ ْرعِيِّ وَاْلحَالِ اْلمَ ْرضِيِّ الَّذِي أَشَارَ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ بِ َق ْولِهِ عَزَّ قَائِلًا { :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
التجَارَةَ آمَنُوا لَا تَ ْأكُلُوا أَ ْموَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَا ِطلِ إلَّا َأنْ تَكُونَ ِتجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } فَبَيَّنَ اللَّهُ أَنَّ ِّ
صلُ حَ ْيثُ لَمْ يَكُنْ حمَدُ َولَا َتحِلُّ إلَّا إنْ صَدَرَتْ عَنْ التَّرَاضِي مِنْ اْلجَانِبَيْنِ وَالتَّرَاضِي َّإنمَا َيحْ ُ لَا ُت ْ هُنَاكَ غِشٌّ َولَا تَ ْدلِيسٌ .
خصِ َو ُهوَ لَا يَشْعُرُ بِفِ ْعلِ تِلْكَ اْلحِيلَةِ الش ْ َوأَمَّا حَ ْيثُ كَانَ هُنَاكَ غِشٌّ َوتَ ْدلِيسٌ ِبحَ ْيثُ أُخِذَ َأكْثَرُ مَالِ َّ التحْرِميِ مُو ِجبٌ ِلمَ ْقتِ الْبَاطِلَةِ مَعَهُ اْلمَبْنِيَّةِ عَلَى الْغِشِّ وَ ُمخَا َدعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ،فَ َذلِكَ حَرَامٌ شَدِيدُ َّ
حتَ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ وَالْآتِيَةِ . اللَّهِ وَمَ ْقتِ رَسُولِ ِه ،وَفَاعِلُهُ دَا ِخلٌ َت ْ
فَعَلَى مَنْ أَرَا َد ِرضَا اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَسَلَامَةَ دِينِهِ وَ ُدنْيَاهُ وَمُرُو َءتِهِ َوعِ ْرضِهِ َوأُخْرَاهُ َأنْ يَتَحَرَّى لِدِينِهِ ،
َوَأنْ لَا يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْبُيُوعِ اْلمَبْنِيَّةِ عَلَى الْغِشِّ وَاْلخَدِيعَةِ َ ،وَأنْ يُبَيِّنَ وَزْنَ َذلِكَ الظَّ ْرفِ التحْرِيرِ وَالصِّ ْدقِ ،ثُمَّ إذَا بَيَّنَ لَهُ وَ ْزنَهُ جَازَ لَهُ َأنْ يَبِيعَهُ لِ ْلمُشْتَرِي عَلَى َّ
()762/2
الظَّ ْرفَ وَاْل َمظْرُوفَ بَِثمَنٍ وَاحِدٍ ،حَتَّى قَالَ الْفُقَهَاءُ لَوْ بَيَّنَ لَهُ ظَ ْرفَ اْلمِسْكِ وَزِنَتَهُ بَِأنْ قَالَ هَذَا الظَّ ْرفُ عَشَرَةُ أَمْنَانٍ َ ،وهَذَا اْلمِسْكُ عِشْرُونَ مَنًّا َ ،وبِعْتُك هَذِهِ الثَّلَاثِنيَ مَنًّا بَِألْفٍ .
الر ْؤيَةِ وَالتَّقْلِيبِ جَازَ هَذَا الْبَ ْيعُ َ ،وكَانَ بَيْعًا مَبْرُورًا لِسَلَامَتِهِ مِنْ سَائِرِ وُجُوهِ الْغِشِّ فَاشْتَرَى بَعْدَ ُّ وَاْلخِيَانَةِ وَالتَّ ْدلِيسِ لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ يُبَيِّنَ وَ ْزنَ الظَّ ْرفِ َووَ ْزنَ اْلمِسْكِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ َأنْ يَبِيعَ الْمَنَّ مِنْ الدنْيَا وَالْآخِرَةِ مَا َذكَرَهُ جمِيعِ بَِألْفٍ َأوْ مِائَةِ دِ ْرهَمٍ وَإَِّنمَا النَّارُ اْل َموْقُودَةُ وَالْقَبِيحَةُ اْلمُهْلِكَةُ فِي ُّ اْل َ
السَّاِئلُ عَمَّنْ يُدَلِّسُ فِي الظَّ ْرفِ فََيجْعَلُهُ بِصُورَةِ خَفِيفٍ فِي الظَّاهِرِ َو ُهوَ ثَقِيلٌ جِدًّا فِي نَفْسِهِ .
ثُمَّ يَبِيعُ الْكُلَّ بَِثمَنٍ وَسِعْرٍ وَاحِدٍ َمعَ جَ ْهلِ اْلمُشْتَرِي ِبظَنِّ ِه َ ،و َك ْونِ الْبَاِئعِ َتحََّيلَ عَلَيْهِ حَتَّى ظَنَّ أَنَّ وَ ْزنَهُ يَسِريٌ وَاْلحَالُ أَنَّهُ كَثِريٌ .
صلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِاْلمَسَْألَةِ الْأُولَى َأعْنِي بَ ْيعَ الظَّ ْرفِ وَاْلمَظْرُوفِ بَِثمَنٍ وَاحِدٍ . هَذَا حَا ِ ريهَا عَنْ صوَرِ الْغِشِّ الْكَثِريَةِ مِنْ تِلْكَ الْأُمُورِ الْ َعجِيبَةِ الَّتِي لَا ُيحْكَى َنظِ ُ َوأَمَّا مَا َذكَرَهُ السَّاِئلُ فِي ُ ني َ ،بلْ اْل َمحْكِيُّ عَنْ الْكُفَّارِ لَعَنَهُمْ اللَّهُ أَنَّهُمْ يََّتجِرُونَ فِي بِيَاعَاتِهِمْ َولَا الْكُفَّارِ فَضْلًا عَنْ اْل ُمؤْمِنِ َ
صوَرِ َذلِكَ السؤَالِ ،فَ َذلِكَ َأعْنِي مَا حُكِيَ مِنْ ُ يَفْعَلُونَ فِيهَا َذلِكَ الْغِشَّ الْكَثِريَ الظَّاهِرَ اْل َمحْكِيَّ فِي ُّ الْغِشِّ الَّتِي يَفْعَلُهَا التُّجَّارُ وَالْعَطَّارُونَ وَالْبَزَّازُونَ وَالصَّوَّاغُونَ وَالصَّيَارِفَةُ وَاْلحَيَّاكُونَ ،وَسَائِرُ أَ ْربَابِ التحْ ِرميِ مُو ِجبٌ لِصَاحِبِهِ أَنَّهُ فَاسِقٌ غَشَّاشٌ الْبَضَاِئعِ وَاْلمَتَاجِرِ وَاْلحِ َرفِ وَالصَّنَاِئعِ كُلُّهُ حَرَامٌ شَدِيدُ َّ خَائِنٌ يَ ْأ ُكلُ أَ ْموَالَ النَّاسِ بِالْبَا ِطلِ َ ،وُيخَا ِدعُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ َومَا ُيخَا ِدعُ إلَّا نَفْسَهُ ،لِأَنَّ عِقَابَ َذلِكَ لَيْسَ إلَّا عَلَيْهِ . َوكَثْرَةُ َذلِكَ
()766/2
تَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الزَّمَانِ وَقُرْبِ السَّاعَةِ ،وَفَسَادِ الْأَ ْموَالِ وَاْلمُعَامَلَاتِ َ ،ونَ ْزعِ الْبَ َركَاتِ مِنْ اْلمَتَاجِرِ وَالْبِيَاعَاتِ وَالزِّرَاعَاتِ َ ،بلْ وَمِنْ الْأَرَاضِيِ اْلمَزْرُوعَاتِ َ ،وتَأ ََّملَ َق ْولَهُ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
لَيْسَ الْ َقحْطُ َأنْ لَا ُت ْمطَرُوا َ ،وإَِّنمَا الْ َقحْطُ َأنْ ُت ْمطَرُوا َولَا يُبَارَكُ لَكُمْ فِيهِ } :أَيْ ِبوَا ِسطَةِ تِلْكَ الْقَبَاِئحِ وَالْ َعظِيمَاتِ الَّتِي َأنْتُمْ عَلَيْهَا فِي ِتجَارَاتِكُمْ وَمُعَامَلَاتِكُمْ َولِهَذِهِ الْقَبَاِئحِ الَّتِي ا ْرتَكَبَهَا التُّجَّارُ
وَاْلمُتَسَبَّبُونَ َوأَ ْربَابُ اْلحِ َرفِ وَالصَّنَاِئعِ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الظَّ َلمَةَ فَأَخَذُوا أَ ْموَالَهُمْ ،وَهَتَكُوا حَرِميَهُمْ
َ ،بلْ وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ الْكُفَّارَ فَأَسَرُوهُمْ وَاسْتَعْبَدُوهُمْ َ ،وأَذَاقُوهُمْ الْعَذَابَ وَالْ َهوَانَ َأْلوَانًا َ ،وكَثْرَةُ
تَسَلُّطِ الْكُفَّارِ عَلَى اْلمُسْ ِلمِنيَ بِالْأَسْرِ وَالنَّ ْهبِ َوأَخْذِ الْأَ ْموَالِ وَاْلحَ ِرميِ َّإنمَا حَدَثَ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ َوعَةِ َو َعظَائِمِ تِلْكَ اْلجِنَايَاتِ اْلمُتَأَخِّرَةِ لَمَّا َأنْ أَحْدَثَ التُّجَّارُ َوغَيْ ُرهُمْ قَبَاِئحَ ذَلِكَ الْغِشِّ الْكَثِريَةِ اْلمُتَن ِّ َالتخَيُّلَاتِ الْبَاطِلَةِ عَلَى أَخْذِ أَ ْموَالِ النَّاسِ بِأَيِّ طَرِيقٍ قَدَرُوا عَلَيْهَا ،لَا يُرَاقِبُونَ اللَّهَ وَاْل ُمخَا َدعَاتِ و َّ
ش ْونَ َس ْطوَةَ عِقَابِهِ وَمَقْتِهِ َ ،معَ أَنَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِاْلمِ ْرصَادِ { :يَعْلَمُ خَائِنَةَ اْلمُطَّ ِلعَ عَلَيْهِمْ َ ،ولَا َيخْ َ الَْأعْيُنِ وَمَا ُتخْفِي الصُّدُورُ } وَ { يَعْلَمُ السِّرَّ َوأَخْفَى } { َألَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ } .
َوَلوْ تَأ ََّملَ الْغَشَّاشُ اْلخَائِنُ الْآ ِكلُ أَ ْموَالَ النَّاسِ بِالْبَا ِطلِ مَا جَاءَ فِي إثْمِ َذلِكَ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ لَرَُّبمَا انْزَجَرَ عَنْ َذلِكَ َأوْ عَنْ بَعْضِهِ َ ،وَلوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عِقَابِهِ إلَّا َقوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :إنَّ الْعَبْدَ
حمُهُ مِنْ حَرَامٍ َليَقْ ِذفُ اللُّ ْقمَةَ مِنْ حَرَامٍ فِي َجوْفِهِ مَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُ َع َملٌ أَ ْربَعِنيَ َيوْمًا َ ،وأَُّيمَا عَبْدٍ نََبتَ لَ ْ فَالنَّارُ َأ ْولَى بِهِ }
()766/2
.
وَ َق ْولُهُ :صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّهُ لَا دِينَ ِلمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ } .
{ وَ َق ْولُهُ :إنَّ اللَّهَ َأكْ َرمُ َوأَجَلُّ مِنْ َأنْ يَقَْبلَ َع َملَ رَ ُجلٍ َأوْ صَلَاتَهُ َوعَلَيْهِ َثوْبٌ مِنْ حَرَامٍ } . { وَ َق ْولُهُ :مَنْ اشْتَرَى َث ْوبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِيهَا دِ ْرهَمٌ مِنْ حَرَامٍ لَمْ يَقَْبلْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ صَلَاةً مَا دَامَ عَلَيْهِ } .
ِب ،وَمَنْ َأ ْعطَاهُ الدنْيَا مَنْ ُيحِبُّ وَمَنْ لَا ُيحِبُّ َولَا يُ ْعطِي الدِّينَ إلَّا مَنْ ُيح ُّ وَ َق ْولُهُ { :إنَّ اللَّهَ يُ ْعطِي ُّ اللَّهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ َ ،ولَا َواَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا ُيؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ َبوَائِقَهُ .
قَالُوا وَمَا َبوَائِقُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ :غِشُّهُ َوظُ ْلمُهُ } .
{ وَ َق ْولُهُ :لَا تُزَالُ قَدَمَا عَبْدٍ يَ ْومَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَ ْرَبعٍ :عَنْ ُعمْرِهِ فِيمَا أَفْنَا ُه َ ،وعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا َأبْلَا ُه َ ،وعَنْ مَالِهِ مِنْ َأيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا َأنْفَقَهُ َ ،وعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا َع ِملَ فِيهِ ؟ } .
{ وَ َق ْولُهُ :مَنْ اكْتَسَبَ فِي الدُّنْيَا مَالًا مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ َوَأنْفَقَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ َأوْرَدَهُ دَارَ الْ َهوَانِ ،ثُمَّ رُبَّ
اللهُ { ك َُّلمَا خََبتْ زِ ْدنَاهُمْ سَعِريًا } } . مَُتخَوِّضٍ فِي مَالِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَهُ النَّارُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ َّ { وَ َق ْولُهُ ُ :ي ْؤتَى َي ْومَ الْقِيَامَةِ بُِأنَاسٍ مَعَهُمْ مِنْ اْلحَسَنَاتِ كَأَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ حَتَّى إذَا جِيءَ بِهِمْ جَعَلَهَا اللَّهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ثُمَّ يَقْ ِذفُ بِهِمْ فِي النَّا ِر ،قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ َذلِكَ ؟ قَالَ :كَانُوا
يُصَلُّونَ َويُزَكُّونَ وَيَصُومُونَ وََيحُجُّونَ ،غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا إذَا عَرَضَ لَهُمْ شَ ْيءٌ مِنْ اْلحَرَامِ أَخَذُوهُ فَأَحْبَطَ اللَّهُ َأ ْعمَالَهُمْ } .
فَتَأ ََّملْ َذلِكَ أَيُّهَا اْلمَاكِرُ اْل ُمخَا ِدعُ الْغَشَّاشُ الْآ ِكلُ أَ ْموَالَ النَّاسِ بِتِلْكَ الْبُيُوعَاتِ الْبَاطِلَةِ وَالتِّجَارَاتِ ص ْومَ َولَا حَجَّ َكمَا جَاءَ عَنْ الصَّا ِدقِ اْلمَصْدُوقِ الَّذِي الْفَاسِدَةِ ،تَعْلَمْ أَنَّهُ لَا صَلَاةَ لَك َولَا َزكَاةَ َولَا َ
()766/2
لَا يَ ْنطِقُ عَنْ الْ َهوَى َ ،ولْيَتَأ ََّملْ الْغَشَّاشُ ِبخُصُوصِهِ َق ْولَهُ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ
مِنَّا } يَعْلَمْ أَنَّ أَمْرَ الْغِشِّ َعظِيمٌ َ ،وأَنَّ عَاقِبَتَهُ وَخِيمَةٌ جِدًّا َفإِنَّهُ رَُّبمَا أَدَّتْ إلَى اْلخُرُوجِ عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى ،فَإِنَّ الْغَاِلبَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقُولُ لَيْسَ مِنَّا إلَّا فِي شَ ْيءٍ قَبِيحٍ جِدًّا
سمَع َقوْله ُيؤَدِّي بِصَاحِبِهِ إلَى أَمْرٍ َخطِريٍ َوُيخْشَى مِنْهُ الْكُفْ ُر ،فَإِنَّ َلمَنْ يُعَرِّضُ دِينَهُ إلَى َزوَالٍ َويَ ْ الدنْيَا عَلَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا } َ ،ولَا يَنْتَهِي عَنْ الْغِشِّ إيثَارًا ِل َمحَبَّةِ ُّ الدِّينِ وَ ِرضًا بِسُلُوكِ سَبِيلِ الضَّالِّنيَ .
َولْيَتَأ ََّملْ الْغَشَّاشُ َأيْضًا لَا سَِّيمَا التُّجَّارُ وَالْعَطَّارُونَ َوغَيْ ُرهُمْ مِمَّنْ َيجْ َعلُ فِي بِضَاعَتِهِ غِشًّا َيخْفَى عَلَى اْلمُشْتَرِي حَتَّى يَ َقعَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ َأنْ يَشْعُرَ َ ،وَلوْ عَلِمَ َذلِكَ الْغِشَّ فِيهِ َلمَا اشْتَرَاهُ بِ َذلِكَ الَّثمَنِ َأصْلًا .
مَا صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َكمَا مَرَّ :أَنَّهُ { مَرَّ عَلَى رَجُلٍ َوبَيْنَ يَ َديْهِ صُبْرَةٌ مِنْ حَبٍّ فََأوْحَى
َستْ يَدُهُ الشَّرِيفَةُ بِبَ َللٍ فِي بَاطِنِ تِلْكَ الصُّبْرَةِ فَأَخْرَجَ مِنْهُ وَقَالَ اللَّهُ إلَيْهِ َأنْ أَدْ ِخلْ يَدَك فِيهِ فَفَ َعلَ فَأَح َّ مَا هَذَا يَا صَا ِحبَ الطَّعَامِ ؟ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ َأصَابَهُ َمطَرٌ ،قَالَ أَفَلَا جَعَلْت اْلمُبْتَلَّ َفوْقَ الطَّعَامِ حَتَّى
يَرَاهُ النَّاسُ ،مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا } .
وَفِي ِروَايَةٍ :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَرَّ ِبطَعَامٍ وَقَدْ حَسَّنَهُ صَاحِبُهُ فَأَدْ َخلَ يَدَهُ فِيهِ فَإِذَا طَعَامٌ
رَدِيءٌ جَعَلَهُ أَسْفَلَهُ ،فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ِ :بعْ َهذَا عَلَى حِدَةٍ َوهَذَا عَلَى حِدَةٍ ،مَنْ غَشَّنَا
فَلَيْسَ مِنَّا } . وَفِي ِروَايَةٍ :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَمَّا أَدْ َخلَ يَدَهُ فِي اْلحَبِّ َوأَخْرَجَ مِنْهُ اْلمَبْلُولَ قَالَ لَهُ :مَا َحمَلَك عَلَى
()763/2
هَذَا أَيْ جَعْلِك اْلمُبْتَلَّ أَسْ َفلَ وَاْلجَافَّ َف ْوقَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ َواَلَّذِي بَعَثَك بِاْلحَقِّ إنَّهُ لَطَعَامٌ وَاحِدٌ الر ْطبَ عَلَى حِ َدتِهِ وَالْيَابِسَ عَلَى حِ َدتِهِ َفيَتَبَايَعُونَ مَا يَعْرِفُونَ ،مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا قَالَ :أَفَلَا عَ َزلْت َّ
}.
ت ِروَايَةٌ أَنَّهُ يُقَالُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ ِلمَ ْن خَلَطَ وَفِي ِروَايَةٍ { :مَنْ غَشَّ اْلمُسْ ِلمِنيَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ } ،وَسَبَ َق ْ
اللَّبَنَ بِاْلمَاءِ ثُمَّ بَاعَهُ :خَلِّصْ اْلمَاءَ مِنْ اللَّبَنِ ،أَيْ َولَيْسَ يَقْدِرُ عَلَى َذلِكَ ،فَ ُهوَ َكمَا يُقَالُ
الصوَرِ الَّتِي كُنْتُمْ تُصَوِّرُونَهَا لِ ْلمُصَوِّرِينَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ أَحْيُوا مَا صَوَّ ْرتُمْ :أَيْ ُانْ ُفخُوا الرُّوحَ فِي تِلْكَ ُّ الدنْيَا َتحْقِريًا لَهُمْ َوإِ ْذلَالًا َوبَيَانًا لِ َعجْ ِزهِمْ وَجُ ْرَأتِهِمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ،فَكَ َذلِكَ مَنْ خَلَطَ اللَّبَنَ فِي ُّ
بِاْلمَاءِ يُقَالُ لَهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ :خ َِّلصْ اللَّبَنَ مِنْ اْلمَاءِ َتحْقِريًا لَهُ وَفَضِيحَةً لَهُ عَلَى ُرءُوسِ الْأَشْهَادِ فِي ضحُهُمْ اللَّهُ الدنْيَا َ ،وكَ َذلِكَ سَائِرُ الْغَشَّاشِنيَ يَفْ َ َذلِكَ الَْي ْومِ جَزَاءً عَلَى غِشِّهِ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ فِي ُّ
تَعَالَى عَلَى ُرءُوسِ الْأَشْهَادِ فِي مُقَابَلَةِ غِشِّهِمْ لِ ْلمُسْ ِلمِنيَ .
َولْيَتَأ ََّملْ الْغَشَّاشُونَ َأيْضًا َق ْولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :لَا َيحِلُّ لِأَحَدٍ يَبِيعُ شَيْئًا إلَّا بَيَّنَ مَا فِيهِ َولَا
َيحِلُّ لِأَحَدٍ يَعْلَمُ َذلِكَ إلَّا بَيَّنَهُ } ،وَ َق ْولُهُ { :مَنْ بَاعَ عَيْبًا َولَمْ يُبَيِّنْهُ لَمْ يَزَلْ فِي مَ ْقتِ اللَّهِ َأوْ لَمْ تَزَلْ اْلمَلَائِكَةُ تَلْعَنُهُ } . صحَةٌ وَادُّونَ َوِإنْ بَعُدَتْ مَنَا ِزلُهُمْ َوَأبْدَانُهُمْ ،وَالْ َفجَرَةُ بَعْضُهُمْ وَ َق ْولُهُ { :اْل ُمؤْمِنُونَ بَعْضُهُمْ لِبَ ْعضٍ نَ َ
لِبَ ْعضٍ غَشَشَةٌ مَُتخَا ِونُونَ َوِإنْ اقْتَ َرَبتْ مَنَا ِزلُهُمْ َوَأبْدَانُهُمْ } .
َالتحْذِيرِ مِنْهُ كَثِريَةٌ مَرَّ مِنْهَا ُجمْلَةٌ َ ،فمَنْ تَأَمَّلَهَا َووَفَّقَهُ اللَّهُ لِفَ ْهمِهَا وَالْ َع َملِ وَالْأَحَادِيثُ فِي الْغِشِّ و َّ
بِهَا انْكَفَّ عَنْ الْغِشِّ َوعَلِمَ َعظِيمَ قُ ْبحِهِ وَ َخطَرِهِ َوأَنَّ اللَّهَ
()766/2
لَا بُدَّ َوَأنْ َي ْمحَقَ مَا حَصَّلَهُ الْغَاشُونَ بِغِشِّهِمْ َ ،كمَا سَبَقَ فِي قِصَّةِ الْقِرْدِ وَالثَّعْ َلبِ أَنَّ اللَّهَ سََّلطَ ُهمَا عَلَى غَشَّاشَيْنِ فَأَ ْذهَبَا َجمِيعَ مَا حَصَّلَاهُ بِالْغِشِّ بِرَمْيِهِ فِي الْبَحْرِ .
السؤَالِ مِنْ ُجمْلَةِ الْغِشِّ اْل ُمحَرَّمِ ِلمَا تَقَرَّرَ وَمَنْ تَأ ََّملَ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ عَلِمَ َأيْضًا أَنَّ َأكْثَرَ مَا حُكِيَ فِي ُّ
أَنَّهُ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَدْ َخلَ يَدَهُ الْكَرِميَةَ فِي اْلحَبِّ وَ َرأَى اْلمُبْتَلَّ أَسْفَلَهُ َأنْكَرَ عَلَى فَا ِعلِ
َذلِكَ وَقَالَ لَهُ :هَلَّا جَعَلْت الْمُبْتَلَّ وَحْدَهُ َوبِعْته وَحْدَهُ وَالْيَابِسَ وَحْدَهُ َوبِعْته وَحْدَهُ ،أَوْ جَعَلْت اْلمُبْتَلَّ فِي ظَاهِرِ اْلحَبِّ حَتَّى يَعْرِفَهُ النَّاسُ َويَشْتَرُوهُ عَلَى بَصِريَةٍ } َوعُلِمَ َأيْضًا أَنَّ كُلَّ مَنْ عَلِمَ
بِسِلْعَتِهِ عَيْبًا وَجَبَ عَلَيْهِ وُجُوبًا مُتَأَكَّدًا بَيَانُهُ لِ ْلمُشْتَرِي َ ،وكَ َذلِكَ َلوْ عَلِمَ الْعَيْبَ غَيْرُ الْبَائِعِ َكجَارِهِ
َوصَاحِبِهِ وَ َرأَى إنْسَانًا يُرِيدُ َأنْ يَشْتَرِيَ َولَا يَعْ ِرفُ َذلِكَ الْعَيْبَ وَ َجبَ عَلَيْهِ َأنْ يُبَيِّنَهُ لَهُ َكمَا قَالَ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :لَا َيحِلُّ لِأَحَدٍ يَبِيعُ شَيْئًا إلَّا بَيَّنَ مَا فِيهِ َ ،ولَا َيحِلُّ لِأَحَدٍ يَعْلَمُ َذلِكَ إلَّا بَيَّنَهُ }
خصُ مِنْهُمْ فَيَرَى رَجُلًا غِرًّا يُرِيدُ شِرَاءَ َوكَثِريٌ مِنْ النَّاسِ لَا يَهْتَدُونَ لِذَلِكَ َأوْ لَا يَعْ َلمُونَ َ ،يمُرُّ الشَّ ْ صحِهِ حَتَّى يَغُشَّهُ الْبَاِئعُ َويَأْخُذَ مَالَهُ بِالْبَا ِطلِ ،وَمَا دَرَى شَ ْيءٍ فِيهِ عَ ْيبٌ َو ُهوَ لَا يَدْرِيهِ فَيَسْكُتُونَ عَنْ نُ ْ
السَّا ِكتُ عَلَى َذلِكَ أَنَّهُ شَرِيكُ الْبَاِئعِ فِي الِْإثْمِ وَاْلحُرْمَةِ وَاْلكَبِريَةِ وَالْفِسْقِ اْلمُتَرَِّتبِ عَلَيْهِ ذَلِكَ
اْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ َ ،وهُوَ أَنَّ الْغَاشَّ الَّذِي لَمْ يُبِنْ الْعَيْبَ لِ ْلمُشْتَرِي لَا يَزَالُ فِي مَ ْقتِ اللَّهِ َأوْ لَا تَزَالُ
اْلمَلَائِكَةُ تَلْعَنُهُ َ ،وُيؤَيِّدُ َذلِكَ { َق ْولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْ ُرهَا َووِزْرُ مَنْ يَ ْع َملُ بِهَا إلَى َي ْومِ الْقِيَامَةِ } .
َولَا
()766/2
شَكَّ أَنَّ الْغَاشَّ سَنَّ تِلْكَ السُّنَّةَ السَّيِّئَةَ َو ُهوَ كََتمَهُ لِلْعَيْبِ فِي َذلِكَ اْلمَبِيعِ فَكُلُّ َع َملٍ كَ َذلِكَ فِي
َذلِكَ اْلمَبِيعِ يَكُونُ إْثمُهُ عَلَيْهِ ،وَسَيَ ْأتِي فِي بَيَانِ اْلمَكْرِ وَاْلخَدِيعَةِ مَا يَرْدَعُ الْغَشَّاشِنيَ ؛ لِأَنَّ الْغِشَّ مِنْ حَيِّزِ اْلمَكْرِ وَاْلخَدِيعَةِ ،وَقَدْ قَالَ تَعَالَى َ { :ولَا َيحِيقُ اْلمَكْرُ السَّيِّئ إلَّا بَِأهْلِهِ } { وَقَالَ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا وَاْلمَكْرُ وَاْلخَدِيعَةُ فِي النَّارِ } أَيْ صَاحِبُ ُهمَا فِي النَّارِ .
وَفِي ِروَايَةٍ { :اْلمَكْرُ وَاْلخَدِيعَةُ وَاْلخِيَانَةُ فِي النَّارِ } وَفِي ِروَايَةٍ { :لَا يَدْخُلُ اْلجَنَّةَ خِبٌّ } أَيْ مَاكِرٌ .
وَفِي أُخْرَى { :أَنَّ مِنْ ُجمْلَةِ َأ ْهلِ النَّا ِر رَجُلًا لَا يُصِْبحُ َولَا يُمْسِي إلَّا َو ُهوَ ُيخَا ِدعُك فِي َأهْلِك وَمَالِكِ } .
جوَابِ . هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا اْل َ سمَعَهُ مَنْ فِي قَلْبِهِ إميَانٌ ،وَمَنْ َيخْشَى عِقَابَ اللَّهِ وَسَ ْط َوتَهُ ، سطْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ رَجَاءَ َأنْ يَ ْ َوإَِّنمَا بَ َ صوَرِ الْغِشِّ وَمَنْ لَهُ دِينٌ وَمُرُوءَ ٌة ،وَمَنْ َيخْشَى عَلَى ذُرِّيَّتِهِ بَعْدَ َم ْوتِهِ فَيَتَّقِي اللَّهَ َويَرْ ِجعُ عَنْ سَائِرِ ُ
الدنْيَا فَانِيَةٌ وَأَنَّ اْلحِسَابَ وَا ِقعٌ عَلَى النَّقِريِ وَالْفَتِيلِ السؤَالِ َوغَيْ ِرهَا َ ،ويَعْلَمُ أَنَّ ُّ اْلمَ ْذكُورِ فِي هَذَا ُّ
وَالْ ِق ْطمِريِ َوأَنَّ الْعَ َملَ الصَّاِلحَ يَنْ َفعُ الذُّرِّيَّةَ ،فَقَدْ جَاءَ فِي َقوْله تَعَالَى َ { :وكَانَ َأبُو ُهمَا صَاِلحًا } أَنَّهُ كَانَ اْلجَدُّ السَّاِبعُ لِأُمٍّ فَنَ َفعَ اللَّهُ بِهِ َذيْنِك الْيَتِيمَيْنِ َ ،وأَنَّ الْ َع َملَ السَّيِّئ ُيؤَثِّرُ فِي الذُّرِّيَّةِ قَالَ تَعَالَى { : َولَْيخْشَ الَّذِينَ َلوْ تَ َركُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا َق ْولًا سَدِيدًا }
ريهَا ، صلَ لَهُمْ َنظِ ُ َفمَنْ تَأ ََّملَ هَذِهِ الْآيَةَ خَشِيَ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ مِنْ َأ ْعمَالِهِ السَّيِّئَةِ وَانْكَفَّ عَنْهَا حَتَّى لَا َيحْ ُ حوْلُ وَالْقُوَّةُ َوِإلَيْهِ اْلمَرْ ِجعُ وَاْلمَآبُ . ِلصوَابِ َوبِهِ اْل َ َواَللَّهُ اْل ُموَفِّقُ ل َّ
()766/2
أَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَالْأَ ْربَعَةُ عَنْ َأبِي ذَرٍّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { ،عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :ثَلَاثَةٌ لَا يَ ْنظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ َولَا يُزَكِّيهِمْ َولَهُمْ عَذَابٌ َألِيمٌ .
قَالَ :فَقَ َرَأهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
سِبلُ وَاْلمَنَّانُ وَاْلمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ قُلْت :خَابُوا وَخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ :اْلمُ ْ
الْكَاذِبِ } .
وَفِي ِروَايَةٍ { :اْلمُسْبِلُ إزَارَهُ وَاْلمَنَّانُ َعطَاءَهُ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِريِ { :ثَلَاثَةٌ لَا يَ ْنظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ َي ْومَ الْقِيَامَةِ . أُشَ ْيمِطٌ زَانٍ َ ،وعَاِئلٌ مُسْتَكْبِ ٌر ،وَرَ ُجلٌ جَ َعلَ اللَّهُ بِضَاعَتَهُ لَا يَشْتَرِي إلَّا بَِيمِينِهِ َولَا يَبِيعُ إلَّا بَِيمِينِهِ } ،
وَ َروَاهُ فِي الصَّغِريِ وَالَْأوْسَطِ بِلَفْظِ { :لَا يُك َِّلمُهُمْ اللَّهُ َولَا ُيزَكِّيهِمْ َولَهُمْ عَذَابٌ َألِيمٌ } وَ ُروَاتُهُ ُمحْتَجٌّ
َض شَعْرُ َرأْسِهِ كِبَرًا وَاخْتَلَطَ بِأَسْوَدِ ِه ، الصحِيحِ ،وَالْأُشَ ْيمِطُ مُصَغَّرُ أَ ْشمَطَ َو ُهوَ مَنْ ابْي َّ بِهِمْ فِي َّ وَالْعَاِئلُ الْفَقِريُ .
وَالطَّبَرَانِيُّ { :ثَلَاثَةٌ لَا يَ ْنظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ غَدًا :شَيْخٌ زَانٍ َ ،ورَ ُجلٌ َّاتخَذَ الَْأْيمَانَ بِضَاعَتَهُ َيحْلِفُ فِي جبٌ َفخُورٌ . كُلِّ حَقٍّ َوبَا ِطلٍ ،وَفَقِريٌ ُمخْتَالٌ } أَيْ مَنْ ُهوَ مُتَكَبِّرٌ مُ ْع َ
وَالشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا { :ثَلَاثَةٌ لَا يُك َِّلمُهُمْ اللَّهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َولَا يُزَكِّيهِمْ َولَهُمْ عَذَابٌ َألِيمٌ :رَ ُجلٌ عَلَى ضلِ مَاءٍ بِفَلَاةٍ َيمْنَعُهُ ابْنَ السَّبِيلِ } . فَ ْ
ضلَ مَا لَمْ تَ ْع َملْ يَدَاك ،وَرَ ُجلٌ بَاَيعَ وَفِي ِروَايَةٍ { :يَقُولُ اللَّهُ لَهُ الْيَ ْومَ أَمْنَعُك فَضْلِي َكمَا مَنَعْت فَ ْ ك، رَجُلًا سِلْعَةً بَعْدَ الْعَصْرِ َفحَلَفَ بِاَللَّهِ لَأَخَ َذهَا بِكَذَا َوكَذَا فَصَدَّقَهُ فَأَخَ َذهَا َو ُهوَ عَلَى غَيْرِ َذلِ َ ِلدنْيَا فَِإنْ َأ ْعطَاهُ مِنْهَا مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ َوِإنْ لَمْ يُ ْعطِهِ لَمْ يَفِ لَهُ } . وَرَ ُجلٌ بَاَيعَ إمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إلَّا ل ُّ
وَفِي ِروَايَةٍ . { وَرَ ُجلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ
()767/2
ُأ ْعطِيَ بِهَا َأكْثَرَ مِمَّا ُأ ْعطِيَ َوهُوَ كَاذِبٌ ،وَرَ ُجلٌ حَلَفَ عَلَى َيمِنيٍ كَا ِذبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ لِيَقَْت ِطعَ بِهَا مَالَ
ضلَ ضلَ مَاءٍ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ الَْي ْومَ أَمْنَعُك فَضْلِي َكمَا مَنَعْت فَ ْ امْرِئٍ مُسْلِمٍ ،وَرَ ُجلٌ مََنعَ فَ ْ
مَا لَمْ تَ ْع َملْ يَدَاك } . صحِيحِهِ { :أَ ْربَعَةٌ يُبْغِضُهُمْ اللَّهُ :الْبَاِئعُ اْلحَلَّافُ ،وَالْفَقِريُ اْل ُمخْتَالُ ، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ وَالشَّ ْيخُ الزَّانِي ،وَالْإِمَامُ اْلجَائِرُ } .
حوِهِ { :إنَّ اللَّهَ ُيحِبُّ ثَلَاثَةً َويُبْ ِغضُ ثَلَاثَةً فَ َذكَرَ َححَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَالْأَ ْربَعَةُ بَِن ْ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
اْلحَدِيثَ إلَى َأنْ قَالَ :قُ ْلتُ َفمَنْ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يُبْغِضُهُمْ اللَّهُ ؟ قَالَ :اْل ُمخْتَالُ الْ َفخُورُ َوَأنْتُمْ َتجِدُونَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ اْلمُنْزَلِ { :إنَّ اللَّهَ لَا ُيحِبُّ كُلَّ ُمخْتَالٍ َفخُورٍ } ،وَالَْبخِيلُ ،وَاْلمَنَّانُ ،وَالتَّاجِرُ َأوْ
الْبَاِئعُ اْلحَلَّافُ } .
صحِيحِهِ عَنْ { َأبِي سَعِيدٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :مَرَّ َأعْرَابِيٌّ بِشَاةٍ فَقُ ْلتُ تَبِيعُهَا بِثَلَاثِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ دَرَاهِمَ ؟ قَالَ لَا َواَللَّهِ ثُمَّ بَاعَهَا ،فَ َذكَرْتُ َذلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :بَاعَ آخِ َرتَهُ بِ ُدنْيَاهُ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ عَنْ وَاثِلَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { :كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
َيخْرُجُ إلَيْنَا َوكُنَّا تُجَّارًا َوكَانَ يَقُولُ :يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ } . وَالشَّ ْيخَانِ { :اْلحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ ُم ْمحِقَةٌ لِلْكَسْبِ } . وَفِي ِروَايَةٍ لَِأبِي دَاوُد ُ { :م ْمحِقَةٌ لِلْبَ َركَةِ } .
وَمُسْلِمٌ َوغَيْرُهُ { :إيَّاكُمْ َوكَثْرَةَ اْلحَلِفِ فِي الْبَ ْيعِ فَإِنَّهُ يُنَفِّقُ ثُمَّ َي ْمحَقُ } .
وَالتِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ { :التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الْأَمِنيُ َمعَ النَّبِِّينيَ وَالصِّدِّيقِنيَ وَالشُّهَدَاءِ } . زَادَ ابْنُ مَاجَهْ { اْلمُسْلِمُ وَقَالَ َمعَ الشُّهَدَاءِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } .
وَالَْأصْبَهَانِيّ َوغَيْرُهُ { :
()767/2
حتَ ظِلِّ الْعَرْشِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } . التَّاجِرُ الصَّدُوقُ َت ْ
َدثُوا لَمْ يَكْ ِذبُوا َ ،وإِذَا ائُْتمِنُوا لَمْ سبُ التُّجَّارِ الَّذِينَ إذَا ح َّ سبِ كَ ْ وَالْبَيْهَقِيُّ َوغَيْرُهُ { :إنَّ َأطَْيبَ الْكَ ْ َيخُونُوا َ ،وإِذَا َوعَدُوا لَمْ ُيخْلِفُوا َ ،وإِذَا اشْتَ َروْا لَمْ يَذُمُّوا َ ،وإِذَا بَاعُوا لَمْ َيمْدَحُوا َ ،وإِذَا كَانَ عَلَيْهِمْ لَمْ َي ْمطُلُوا َ ،وإِذَا كَانَ لَهُمْ لَمْ يُعَسِّرُوا } .
وَالشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا { :الْبَيِّعَانِ بِاْلخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ،فَإِ ْن صَ َدقَ الْبَيِّعَانِ َوبَيَّنَا بُورِكَ لَ ُهمَا فِي بَيْعِ ِهمَا َ ،وِإنْ كََتمَا َوكَ َذبَا فَعَسَى َأنْ يَ ْرَبحَا َوُي ْمحَقَا بَ َركَةَ بَيْعِ ِهمَا . سبِ } . الَْيمِنيُ الْفَاجِرَةُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ ُم ْمحِقَةٌ لِلْكَ ْ
َححُوهُ { :خَرَجَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى اْلمُصَلَّى فَرَأَى وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
النَّاسَ يَتَبَايَعُونَ فَقَالَ :يَا مَعْشَرَ التُّجَّا ِر ،فَاسَْتجَابُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَفَعُوا
َأعْنَاقَهُمْ َوَأبْصَا َرهُمْ إلَيْهِ ،فَقَالَ :إنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ فُجَّارًا إلَّا مَنْ اتَّقَى َوبَرَّ َوصَ َدقَ } . َححَهُ { :إنَّ التُّجَّارَ هُمْ الْفُجَّارُ ،قَالُوا :يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ اللَّهُ َوأَ ْحمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ َدثُونَ فَيَكْ ِذبُونَ } . قَدْ أَحَلَّ الْبَ ْيعَ ؟ قَالَ بَلَى َ ،ولَكِنَّهُمْ َيحْلِفُونَ فَيَ ْأَثمُونَ َوُيح ِّ
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا كَبِريَةً َوِإنْ لَمْ يَ ْذكُرُوهُ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ مِمَّا ُذكِ َر فِي الْأَحَادِيثِ الْكَثِريَةِ اْلمُصَرِّحَةِ بِشِدَّةِ اْل َوعِيدِ فِي َذلِكَ ثُمَّ َرَأْيتُ بَعْضَهُمْ َذكَرَهُ .
()762/2
قَالَ تَعَالَى َ { :ولَا َيحِيقُ اْلمَكْرُ السَّيِّئُ إلَّا بَِأهْلِهِ } وَمَرَّ الْكَلَامُ عَلَى اْلمَكْرِ قَ ْبلَ كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي
حثِ الْأَمْنِ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ . َب ْ
صحِيحِهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ َرضِيَ اللَّهُ َوأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِريِ وَالصَّغِريِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا وَاْلمَكْرُ وَاْلخِدَاعُ فِي النَّارِ } .
وَ َروَاهُ َأبُو دَاوُد عَنْ اْلحَسَنِ مُرْسَلًا ُمخْتَصَرًا قَالَ { :اْلمَ ْكرُ وَاْلخَدِيعَةُ وَاْلخِيَانَةُ فِي النَّارِ } .
وَفِي حَدِيثٍ { :لَا يَدْ ُخلُ اْلجَنَّةَ خِبٌّ :أَيْ مَكَّارٌ َ ،ولَا َبخِيلٌ َولَا مَنَّانٌ } . وَفِي آخَرَ { :اْل ُمؤْمِنُ غِرٌّ كَ ِرميٌ وَالْفَاسِقُ خِبٌّ لَئِيمٌ } .
وَقَالَ تَعَالَى عَنْ اْلمُنَافِقِنيَ { :يُخَا ِدعُونَ اللَّهَ َو ُهوَ خَا ِدعُهُ ْم } أَيْ ُمجَازِيهِمْ ِبمَا يُشْبِهُ اْلخِدَاعَ عَلَى
ضوْا عَلَى الصِّرَاطِ ُأطْفِئَ نُو ُرهُمْ خِدَاعِهِمْ لَهُ وَ َذلِكَ أَنَّهُمْ يُ ْع َط ْونَ نُورًا َكمَا يُ ْعطَى اْل ُمؤْمِنُونَ فَإِذَا مَ َ َوبَقُوا فِي الظُّ ْلمَةِ .
وَفِي حَدِيثٍ َ { :أ ْهلُ النَّارِ خَمْسَةٌ وَ َذكَرَ مِنْهُمْ رَجُلًا لَا يُصِْبحُ َولَا ُيمْسِي إلَّا َو ُهوَ ُمخَا ِدعُك عَنْ َأهْلِك وَمَالِكِ } .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا كَبِريَةً صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ َو ُهوَ ظَاهِرٌ مِنْ أَحَادِيثِ الْغِشِّ السَّابِقَةِ وَمِنْ هَذَا اْلحَدِيثِ ، إذْ َك ْونُ اْلمَكْرِ وَاْلخَدِيعَةِ فِي النَّارِ لَيْسَ اْلمُرَادُ بِ ِهمَا إلَّا أَنَّ صَاحِبَ ُهمَا فِيهَا َوهَذَا َوعِيدٌ شَدِيدٌ .
()766/2
حوِ الْكَ ْيلِ َأوْ اْلوَ ْزنِ أَوْ الذَّ ْرعِ ) قَالَ تَعَالَى َ { :وْيلٌ لِلْ ُمطَفِّفِنيَ } الْكَبِريَةُ الثَّالِثَةُ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ بَخْسُ َن ْ أَيْ الَّذِينَ يَزِيدُونَ لَِأنْفُسِهِمْ مِنْ أَ ْموَالِ النَّاسِ بَِبخْسِ الْكَ ْيلِ أَوْ اْلوَ ْزنِ َ ،ولِذَا فَسَّ َرهُمْ بِأَنَّهُمْ { الَّذِينَ إذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ } أَيْ مِنْهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ { يَسَْتوْفُونَ } حُقُوقَهُمْ مِنْهُمْ َولَمْ يَ ْذكُرْ اْلوَ ْزنَ هُنَا
اكْتِفَاءً عَنْهُ بِالْكَ ْيلِ .
إذْ كُلٌّ مِنْهُمْ يُسْتَ ْع َملُ مَكَانَ الْآخَرِ غَالِبًا .
{ َوإِذَا كَالُوهُمْ َأوْ وَ َزنُوهُمْ } أَيْ إذَا اكْتَالُوهُمْ َأوْ وَ َزنُوا لَ ُهمْ مِنْ أَ ْموَالِ َأنْفُسِهِمْ { ُيخْسِرُونَ } أَيْ يُنْقِصُونَ { َألَا َيظُنُّ أُولَئِكَ } الَّذِينَ يَفْعَلُونَ َذلِكَ { أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لَِي ْومٍ َعظِيمٍ } أَيْ َه ْولِهِ َوعَذَابِهِ { َي ْومَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَاَلمِنيَ } أَيْ مِنْ قُبُو ِرهِمْ حُفَاةً عُرَاةً غُ ْرلًا ثُمَّ ُيحْشَرُونَ َفمِنْهُمْ الرَّا ِكبُ
ِبجَاِنبٍ أَسْ َرعَ مِنْ الْبَرْقِ ،وَمِنْهُمْ اْلمَاشِي عَلَى رِجْلَيْ ِه ،وَمِنْهُمْ اْلمُنْكَبُّ وَالسَّاقِطُ عَلَى وَ ْجهِهِ تَارَةً
َيمْشِي َوتَارَةً يَزْحَفُ َوتَارَةً يَتَخَبَّطُ كَالْبَعِريِ الْهَائِمِ ،وَمِنْهُمْ الَّذِي َيمْشِي عَلَى وَجْهِهِ َ ،وكُلُّ َذلِكَ
سبِ الَْأ ْعمَالِ إلَى َأنْ يَقِفُوا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِمْ لُِيحَاسِبَهُمْ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ َأ ْعمَالِهِمْ إنْ خَيْرًا َفخَيْرٌ ِبحَ َ َوِإنْ شَرًّا فَشَرٌّ .
قَالَ السُّدِّيُّ :سََببُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَ ِدمَ اْلمَدِينَةَ كَانَ بِهَا رَ ُجلٌ يُقَالُ لَهُ َأبُو جُهَيْنَةَ لَهُ مِكْيَالَانِ يَكِيلُ بِأَحَ ِد ِهمَا َويَكْتَالُ بِالْآخَرِ فََأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْآيَةَ } َوأَخْرَجَ ابْنُ
س َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ { :لَمَّا قَ ِدمَ النَّبِيُّ صَلَّى مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّا ٍ
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اْلمَدِينَةَ كَانُوا مِنْ أَخَْبثِ النَّاسِ كَيْلًا فََأنْزَ َل اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ { َوْيلٌ لِ ْل ُمطَفِّفِنيَ } فَأَحْسَنُوا اْلمِكْيَالَ بَعْدَ ذَلِكَ } .
وَالتِّرْمِذِيُّ
()766/2
صحَابِ الْكَ ْيلِ وَاْلوَ ْزنِ :إنَّكُمْ قَدْ وُلِّيتُمْ أَمْرًا عَنْهُ قَالَ { :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَِأ ْ َححَهُ . فِيهِ هَلَ َكتْ الْأُمَمُ السَّالِفَةُ قَبْلَكُمْ } وَ َروَاهُ اْلحَاكِمُ َوص َّ
الصحِيحَ وَقْفُهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ . وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ فِيهِ مَتْرُوكًا َوبِأَنَّ َّ
صحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ . حوِهِ وَقَالَ َ وَابْنُ مَاجَهْ وَاللَّفْظُ لَهُ وَالْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَاْلحَاكِمُ بَِن ْ
عَنْ { ابْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ :أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :يَا مَعْشَرَ اْلمُهَاجِرِينَ َخمْسُ خِصَالٍ إذَا ُابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ َوَأعُوذُ بِاَللَّهِ َأنْ تُدْ ِركُوهُنَّ لَمْ َتظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي َق ْومٍ قَطُّ ضتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا َ ،ولَمْ فَيُعْلِنُوا بِهَا إلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالَْأوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَ َ
يَنْقُصُوا الْكَ ْيلَ وَاْلمِيزَانَ إلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِنيَ ،أَيْ َج ْمعُ سَنَ ٍة َوهِيَ الْعَامُ اْلمُ ْقحِطُ الَّذِي لَا تُنِْبتُ الْأَرْضُ فِيهِ شَيْئًا وَ َقعَ َمطَرٌ َأوْ لَا وَشِدَّةُ اْل ُم ْؤنَةِ وَ َجوْرُ السُّ ْلطَانِ َ ،ولَمْ َيمْنَعُوا َزكَاةَ أَ ْموَالِهِمْ إلَّا مُنِعُوا
السمَاءِ َوَل ْولَا الْبَهَائِمُ لَمْ ُي ْمطَرُوا َ ،ولَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ َوعَهْ َد رَسُولِهِ إلَّا سَلَّطَ اللَّهُ الْقَطْرَ مِنْ َّ
عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْ ِرهِمْ فَأَخَذُوا بَ ْعضَ مَا فِي َأيْدِيهِمْ ،وَمَا لَمْ َتحْكُمْ َأئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ َويََتخَيَّرُوا
فِيمَا َأنْزَلَ اللَّهُ إلَّا جَ َعلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ } .
وَمَالِكٌ َموْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَالطَّبَرَانِيُّ َوغَيْرُهُ مَرْفُوعًا { :مَا ظَهَرَ الْغُلُولُ فِي َق ْومٍ إلَّا َألْقَى اللَّهُ الزنَا فِي َق ْومٍ إلَّا كَثُرَ فِيهِمْ اْلمَوْتُ ،وَمَا نَ َقصَ َق ْومٌ اْلمِكْيَالَ وَاْلمِيزَانَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّ ْعبَ َ ،ولَا فَشَا ِّ
جمَةِ الدمُ َولَا خَتَرَ :أَيْ بِفَ ْتحِ اْلمُ ْع َ إلَّا نَ َقصَ اللَّهُ عَنْهُمْ الرِّ ْزقَ ،وَلَا حَكَمَ َق ْومٌ بِغَيْرِ حَقٍّ إلَّا فَشَا فِيهِمْ َّ
وَالْ َفوْقِيَّةِ وَالرَّاءِ نَ َقضَ َوأَخَلَّ َق ْومٌ
()766/2
بِالْعَهْدِ إلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الْعَدُوَّ } . وَالْبَيْهَقِيُّ َموْقُوفًا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ َو ُهوَ أَشْبَهَ َو ُهوَ َوغَيْرُهُ ِبمَعْنَاهُ مَرْفُوعًا { الْقَ ْتلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ الذنُوبَ كُلَّهَا إلَّا الْأَمَانَةَ ،قَالَ ُي ْؤتَى بِالْعَبْدِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َوِإنْ قُِتلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقَالُ :أَدِّ أَمَانَتَك ُّ
الدنْيَا ؟ قَالَ فَيُقَالُ اْنطَلِقُوا بِهِ إلَى الْهَا ِويَةِ فَيَ ْنطَلِقُونَ بِهِ إلَى الْهَا ِويَةِ ي رَبِّ كَيْفَ وَقَدْ َذهََبتْ ُّ فَيَقُولُ أَ ْ حمِلَهَا عَلَى َوُتمََّثلُ لَهُ أَمَانَتُهُ كَهَيْئَتِهَا َي ْومَ دُفِ َعتْ إلَيْهِ فَيَرَاهَا فَيَعْرِفُهَا فَيَ ْهوِي فِي َأثَ ِرهَا حَتَّى يُدْ ِركَهَا فََي ْ
ج زََّلتْ عَنْ مَنْكِبِهِ فَ ُهوَ يَهْوِي فِي َأثَ ِرهَا َأبَدَ الْآبِدِينَ ،ثُمَّ الصَّلَاةُ أَمَانَةٌ مَنْكِبِهِ حَتَّى إذَا ظَنَّ أَنَّهُ خَارِ ٌ وَاْل ُوضُوءُ أَمَانَةٌ وَاْلوَ ْزنُ أَمَانَةٌ وَالْكَ ْيلُ أَمَانَةٌ َوأَشْيَاءُ عَدَّ َدهَا َوأَشَدُّ َذلِكَ اْلوَدَاِئعُ قَالَ يَعْنِي زَاذَانَ :
فََأتَيْت الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ قُلْت أَلَا تَرَى إلَى مَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ كَذَا قَالَ كَذَا ؟ قَالَ :صَ َدقَ ،أَمَا
َسمِعْت اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ { :إنَّ اللَّهَ يَأْمُ ُركُمْ َأنْ ُتؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى َأهْلِهَا } } .
تَنْبِيهٌ :عُدَّ هَذَا كَبِريَةً َو ُهوَ مَا صَرَّحُوا بِهِ َو ُهوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ مِنْ َأ ْكلِ أَ ْموَالِ النَّاسِ بِالْبَا ِطلِ ،وَلِهَذَا اشْتَدَّ اْل َوعِيدُ عَلَيْهِ َكمَا عَ ِلمْته مِنْ الْآيَةِ َوهَذِهِ الْأَحَادِيثِ َ ،وَأيْضًا فَإَِّنمَا سُمِّيَ ُمطَفِّفًا لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يَأْخُذُ إلَّا الشَّ ْيءَ الطَّفِيفَ وَ َذلِكَ ضَرْبٌ مِنْ السَّرِقَةِ وَاْلخِيَانَةِ َمعَ مَا فِيهِ مِنْ الِْإنْبَاءِ عَنْ عَدَمِ الَْأنَفَةِ
وَاْلمُرُوءَةِ بِالْكُلِّيَّةِ ،وَمِنْ ثَمَّ عُو ِقبَ بِاْل َوْيلِ الَّذِي ُهوَ شِدَّةُ الْعَذَابِ َأوْ اْلوَادِي فِي جَهَنَّمَ لَوْ سُيِّرَتْ الدنْيَا لَذَاَبتْ مِنْ شِدَّةِ حَرِّهِ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ َ ،وَأيْضًا فَقَدْ شَدَّدَ اللَّهُ تَعَالَى عُقُوبَةَ َق ْومِ شُعَ ْيبٍ فِيهِ جِبَالُ ُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا َوعَلَيْهِ عَلَى َبخْسِهِمْ
()763/2
اْلمِكْيَالَ وَاْلمِيزَانَ .
صبَ مَا دُونَ ُرْبعِ دِينَارٍ لَا يَكُونُ كَبِريَةً فَقَضِيَّتُهُ َأنْ يَكُونَ هَذَا صبِ أَنَّ غَ ْ فَِإنْ قُلْت :سَيَ ْأتِي فِي الْغَ ْ
كَ َذلِكَ .
قُلْت َ :ذلِكَ مُشْكِلٌ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ بَلْ حُكِيَ الْإِ ْجمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ .
وَقَالَ الْأَذْ َرعِيُّ :إنَّهُ َتحْدِيدٌ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ انْتَهَى .
صبَ لَيْسَ مِمَّا يَ ْدعُو قَلِيلُهُ إلَى كَثِريِهِ لِأَنَّهُ َّإنمَا ُيؤْخَذُ عَلَى سَبِيلِ َرقُ بِأَنَّ الْغَ ْ َوعَلَى التَّنَزُّلِ فَقَدْ يُف َّ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ فَقَلِيلُهُ لَا يَ ْدعُو لِكَثِريِهِ بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ ُيؤْخَذُ عَلَى سَبِيلِ اْلمَكْرِ وَاْلخِيَانَةِ وَاْلحِيلَةِ فَكَانَ قَلِيلُهُ يَ ْدعُو إلَى كَثِريِهِ فَتَعَيَّنَ التَّنْفِريُ عَنْهُ بِأَنَّ كُلاا مِنْ قَلِيلِهِ َوكَثِريِهِ كَبِريَةٌ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي
خمْرِ ِلمَا تَقَرَّرَ أَنَّ قَلِيلَهُ يَ ْدعُو إلَى خمْرِ فَإِنَّهُ كَبِريَةٌ َوِإنْ لَمْ تُوجَدْ فِيهَا مَفْسَدَةُ اْل َ شُرْبِ الْ َقطْرَةِ مِنْ اْل َ صبِ َكمَا يَ ْأتِي فِيهَا ،لِأَنَّ السَّا ِرقَ كَثِريِهِ ،فَلَا يُشْ ِكلُ عَلَى هَذَا الْفَ ْرقِ إْلحَاقُ َجمَاعَةٍ السَّرِقَةَ بِالْغَ ْ
خ ْوفِ فَ ُهوَ غَيْرُ ُممَكَّنٍ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ حَتَّى يُقَالَ إنَّ الْقَلِيلَ يَ ْدعُو إلَى الْكَثِريِ ِبخِلَافِ عَلَى غَايَةٍ مِنْ اْل َ
اْل ُمطَفِّفِ فَإِنَّهُ ُممَكَّنٌ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ ،فَ ِدعَايَةُ الْقَلِيلِ فِيهِ إلَى الْكَثِريِ أَسْ َهلُ َوَأظْهَ ُر ،فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ َولَا أَشَارَ إلَيْهِ .
صبِ مَا مَرَّ َ ،و َمعَ َذلِكَ قَالُوا لَا يُشْتَرَطُ َذلِكَ فِي السَّرِقَةِ وَمِمَّا ُيؤَيِّدُ الْفَ ْرقَ أَنَّ َجمَاعَةً شَ َرطُوا فِي الْغَ ْ
صبِ يَنْدَ ِفعُ جَ ْزمُ بَ ْعضِ َوكَأَنَّهُمْ َنظَرُوا إلَى مَا َذكَرْته َ ،وِبمَا قَرَّرْته مِنْ الْفَ ْرقِ الظَّا ِهرِ بَيْنَ هَذَا وَالْغَ ْ صبِ َّإنمَا هِيَ فِي التطْفِيفَ بِالشَّ ْيءِ التَّافِهِ صَغِريَةٌ ،إلَّا َأنْ يُقَالَ اْلمُنَا َزعَةُ فِي الْغَ ْ اْلمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ َّ
التحْدِيدِ بِرَ ْفعِ دِينَارٍ . َّ
التطْفِيفُ صبُ الشَّ ْيءِ التَّافِهِ الَّذِي يُسَا َمحُ بِهِ َأكْثَرُ النَّاسِ ،فَيَنْبَغِي َأنْ يَكُونَ صَغِريَةً َ ،وكَ َذلِكَ َّ َوأَمَّا غَ ْ
()766/2
بِالشَّيْءِ التَّافِهِ الَّذِي يُسَا َمحُ بِهِ َأكْثَرُ النَّاسِ يَنْبَغِي َأنْ يَكُونَ صَغِريَةً َأيْضًا فَهَذَا غَيْرُ بَعِيدٍ ،لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الَْأكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ .
صبَ اْلحَبَّةِ وَسَرِقَتَهَا كَبِريَةٌ بِالْإِ ْجمَاعِ َ ،وكَأَنَّهُ أَخَذَ َذلِكَ مِنْ وَمِنْ ثَمَّ حَكَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ غَ ْ صبِ فَرَاجِعْهُ . إطْلَاقِ الَْأكْثَرِينَ الَّذِي أَشَرْت إلَيْهِ َ ،ويَ ْأتِي لِ َذلِكَ مَزِيدٌ فِي الْغَ ْ
قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :دَخَلْت عَلَى جَارٍ لِي وَقَدْ نَزَلَ بِهِ اْل َموْتُ َفجَ َعلَ يَقُولُ جَبَلَيْنِ مِنْ نَارٍ جَبَلَيْنِ مِنْ نَارٍ .
قَالَ :قُلْت لَهُ مَا تَقُولُ ؟ قَالَ :يَا َأبَا يَحْيَى كَانَ لِي مِكْيَالَانِ كُنْت َأكِيلُ بِأَحَ ِد ِهمَا َوَأكْتَالُ بِالْآخَرِ . قَالَ مَالِكٌ :فَ ُق ْمتُ َفجَعَ ْلتُ َأضْرِبُ أَحَ َد ُهمَا بِالْآخَرِ . فَقَالَ يَا َأبَا َيحْيَى ك َُّلمَا ضَ َرْبتَ أَحَ َد ُهمَا بِالْآخَرِ ازْدَادَ الْأَمْرُ ِع َظمًا وَشِدَّةً َفمَاتَ فِي مَ َرضِهِ .
وَقَالَ بَ ْعضُ السَّلَفِ :أَشْهَدُ عَلَى كُلِّ كَيَّالٍ َأوْ وَزَّانٍ بِالنَّارِ لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يَسْلَمُ إلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ :دَخَلْتُ عَلَى مَرِيضٍ قَدْ نَزَلَ بِهِ اْل َموْتُ فَجَلَ ْعتُ ُألَقِّنُهُ الشَّهَادَةَ َولِسَانُهُ لَا يَ ْنطِقُ بِهَا ، فَلَمَّا أَفَاقَ قُلْت لَهُ يَا أَخِي مَالِي ُألَقِّنُكَ الشَّهَادَةَ َولِسَانُك لَا يَ ْنطِقُ بِهَا ؟ قَالَ يَا أَخِي لِسَانُ اْلمِيزَانِ
النطْقِ بِهَا ،فَقُلْت لَهُ :بِاَللَّهِ َأكُ ْنتَ تَ ِزنُ نَاقِصًا ؟ فَقَالَ :لَا َواَللَّهِ ،وَلَكِنِّي عَلَى لِسَانِي َيمْنَعُنِي مِنْ ُّ كُ ْنتَ أَقِفُ مُدَّةً لَا َأعْتَبِرُ صَ ْنجَةَ مِيزَانِي ،فَإِذَا كَانَ هَذَا حَالُ مَنْ لَا يَعْتَبِرُ صَ ْنجَةَ مِيزَانِهِ ،فَكَيْفَ حَالُ مَنْ يَ ِزنُ نَاقِصًا .
وَقَالَ نَا ِفعٌ :كَانَ ابْنُ ُعمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا َيمُرُّ بِالْبَائِعِ يَقُولُ اتَّقِ اللَّهَ َوَأ ْوفِ الْكَ ْيلَ وَاْلوَ ْزنَ ،فَإِنَّ َجمُهُمْ إلَى َأنْصَافِ آذَانِهِمْ . اْل ُمطَفِّفِنيَ يُوقَفُونَ حَتَّى إنَّ الْعَ َرقَ لَيُل ِّ
َوكَالْكَيَّالِنيَ وَاْلوَزَّانِنيَ فِيمَا مَرَّ التَّاجِرُ إذَا شَدَّ يَدَهُ فِي الذِّرَاعِ وَ ْقتَ
()766/2
الْبَ ْيعِ َوأَرْخَاهَا وَقْتَ الشِّرَاءِ َ ،وهَذَا مِنْ َتطْفِيفِ فَسَقَةِ الْبَزَّازِينَ وَالتُّجَّارِ .
الس َموَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَمَا أَحْسَنَ َقوْلَ مَنْ قَالَ :اْلوَْيلُ ثُمَّ اْل َوْيلُ ِلمَنْ يَبِيعُ بِحَبَّةٍ يُنْقِصُهَا جَنَّةً عَ ْرضُهَا َّ الدنْيَا َومَا فِيهَا . َويَشْتَرِي بِحَبَّةٍ يَزِي ُدهَا وَا ِديًا فِي جَهَنَّمَ يُذِيبُ جِبَالَ ُّ
()766/2
( الْكَبِريَةُ الرَّابِعَةُ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :الْقَرْضُ الَّذِي َيجُرُّ نَفْعًا لِ ْل ُمقْرِضِ ،وَ ِذكْرُ هَذِهِ مِنْ الْكَبَائِرِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ ش َملُ فَا ِعلَ َذلِكَ فَاعْ َلمْهُ ) الربَا مِنْ اْل َوعِيدِ يَ ْ جمِيعُ مَا مَرَّ فِي ِّ َذلِكَ فِي اْلحَقِيقَ ِة ِربًا َكمَا مَرَّ فِي بَابِهِ َف َ
()767/2
( الْكَبِريَةُ اْلخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :الِاسْتِدَانَةُ َمعَ نِيَّتِهِ عَ َدمَ اْلوَفَاءِ َأوْ عَ َدمَ رَجَائِهِ بَِأنْ لَمْ
ضطَرَّ َولَا كَانَ لَهُ جِهَةٌ ظَاهِرَةٌ يَفِي مِنْهَا وَالدَّائِنُ جَا ِهلٌ ِبحَالِهِ ) . يُ ْ
أَخْرَجَ الُْبخَارِيُّ َوغَيْرُهُ { :مَنْ أَخَذَ أَ ْموَالَ النَّاسِ يُرِيدُ إتْلَا َفهَا َأتْلَفَهُ اللَّهُ } . َديَهُ أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ ،وَمَنْ اسْتَدَانَ َديْنًا وَالطَّبَرَانِيُّ { :مَنْ ادَّانَ َديْنًا َو ُهوَ َأنْ يَنْوِيَ َأنْ ُيؤ ِّ َديَهُ َفمَاتَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ :ظَنَنْت أَنِّي لَا آخُذُ لِعَبْدٍ ِبحَقِّهِ َو ُهوَ يَ ْنوِي َأنْ لَا ُيؤ ِّ
فَُيؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَُيجْ َعلُ فِي حَسَنَاتِ الْآخَرِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ الْآخَرِ فَُيجْ َعلُ عَلَيْهِ } .
صلٍ لَا بَأْسَ بِهِ إلَّا أَنَّ الُْبخَارِيَّ قَالَ فِي أَحَدِ ُروَاتِهِ فِيهِ َنظَرٌ { :أَُّيمَا وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ مُتَّ ِ ج ِمعٌ َأنْ لَا ُيوَفِّيَهُ لَقِيَ اللَّهَ سَارِقًا } . رَ ُجلٍ يَدِينُ َديْنًا َو ُهوَ ُم ْ
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ مَتْرُوكٌ َ { :وأَُّيمَا رَ ُجلٍ تَزَوَّجَ امْ َرأَةً فََنوَى َأنْ لَا يُ ْعطِيَهَا مِنْ صَدَاقِهَا شَيْئًا مَاتَ َي ْومَ َيمُوتُ َو ُهوَ زَانٍ َ ،وأَُّيمَا رَ ُجلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ بَيْعًا يَ ْنوِي َأنْ لَا يُ ْعطِيَهُ مِنْ َثمَنِهِ شَيْئًا مَاتَ َي ْومَ
َيمُوتُ َو ُهوَ خَائِنٌ وَاْلخَائِنُ فِي النَّارِ } .
وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ { :مَنْ مَاتَ َوعَلَيْهِ دِ ْرهَمٌ َأوْ دِينَارٌ قُضِيَ مِنْ حَسَنَاتِهِ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ َولَا
دِ ْرهَمٌ } .
الديْنُ َديْنَانِ فَمَنْ مَاتَ َو ُهوَ يَ ْنوِي قَضَاءَهُ فََأنَا َولِيُّهُ ،وَمَنْ مَاتَ َو ُهوَ لَا يَ ْنوِي قَضَاءَهُ وَالطَّبَرَانِيُّ َّ { :
فَ َذلِكَ الَّذِي ُيؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ لَيْسَ َيوْمَئِذٍ دِينَارٌ َولَا دِ ْرهَ ٌم } . وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِريِ وَالَْأوْسَطِ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ { :أَُّيمَا رَ ُجلٍ تَزَوَّجَ امْ َرأَةً عَلَى مَا قَلَّ مِنْ اْلمَهْرِ
َأوْ كَثُرَ لَيْسَ فِي نَفْسِهِ َأنْ ُيؤَدِّيَ إلَيْهَا حَقَّهَا خَ َدعَهَا َفمَاتَ َولَمْ
()767/2
َديَهُ إلَى ُيؤَدِّ إلَيْهَا حَقَّهَا لَقِيَ اللَّهَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َو ُهوَ زَانٍ َ ،وأَُّيمَا رَ ُجلٍ اسْتَدَانَ َديْنًا لَا يُرِيدُ َأنْ ُيؤ ِّ صَاحِبِهِ خَ َدعَهُ حَتَّى أَخَذَ مَالَهُ َفمَاتَ َولَمْ ُيؤَدِّ إلَيْهِ دَيْنَهُ لَقِيَ اللَّهَ َو ُهوَ سَا ِرقٌ } .
الديْنِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َوأَ ْحمَدُ وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ َوَأبُو نُعَيْمٍ َوإِسْنَادُ أَحَ ِدهِمْ حَسَنٌ { :يَ ْدعُو اللَّهُ بِصَا ِحبِ َّ
الديْنَ ؟ وَفِيمَ ضَيَّ ْعتَ حُقُوقَ النَّاسِ ؟ فَيَقُولُ حَتَّى يَقِفَ بَيْنَ يَ َديْهِ فَيُقَالُ :يَا ابْنَ آ َدمَ فِيمَ أَخَذْت هَذَا َّ يَا رَبِّ إنَّك تَعْلَمُ أَنِّي أَخَ ْذتُهُ فَلَمْ آ ُكلْ َولَمْ أَشْرَبْ َولَمْ َألْبَسْ َولَمْ ُأضَِّيعْ . َولَكِنْ إمَّا حَ َرقٌ َوإِمَّا سَرَقٌ َوإِمَّا َوضِيعَةٌ :أَيْ بَ ْيعٌ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَى بِهِ .
فَيَقُولُ اللَّهُ صَدَقَ عَبْدِي َأنَا أَحَقُّ مَنْ قَضَى عَنْكَ فَيَ ْدعُو اللَّهُ بِشَ ْيءٍ فَيَضَعُهُ فِي كِفَّةِ مِيزَانِهِ ،فَتَرْ َجحُ
ضلِ رَ ْحمَتِهِ } . حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ فَيَدْ ُخلُ اْلجَنَّةَ بِفَ ْ
َححَهُ { عَنْ َأبِي سَعِيدٍ اْلخُدْرِيِّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ َ :سمِ ْعتُ رَسُولَ اللَّهِ وَالنَّسَائِيُّ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ َالديْ ِن فَقَالَ رَ ُجلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ َأتَعْدِلُ الْكُفْرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ َ :أعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْكُفْرِ و َّ
الديْنِ مَأْسُورٌ بِ َديْنِهِ يَشْكُو إلَى اللَّهِ اْلوَحْدَةَ } . ِالديْنِ ؟ قَالَ :نَعَمْ } وَالطَّبَرَانِيُّ { :صَا ِحبُ َّ ب َّ
الذنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ َأنْ يَلْقَاهُ بِهَا عَبْدٌ بَعْدَ الْكَبَائِرِ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا َوَأبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ { :إنَّ َأ ْعظَمَ ُّ
َأنْ َيمُوتَ رَ ُجلٌ َوعَلَيْهِ َديْنٌ لَا يَ َدعُ لَهُ قَضَاءً } . الدنْيَا وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ لَيِّنٍ . وَابْنُ َأبِي ُّ
اْلحَدِيثُ الْآتِي ِبطُولِهِ فِي الْغِيبَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ،وَفِيهِ { :أَ ْربَعَةٌ ُيؤْذُونَ َأ ْهلَ النَّارِ عَلَى مَا بِهِمْ
جحِيمِ يَ ْدعُونَ بِاْل َوْيلِ وَالثُّبُورِ ،يَقُولُ بَ ْعضُ َأ ْهلِ النَّارِ لِبَ ْعضٍ مَا حمِيمِ وَاْل َ مِنْ الْأَذَى يَسْعُونَ مَا بَيْنَ اْل َ
بَالُ َه ُؤلَاءِ قَدْ آ َذ ْونَا عَلَى مَا بِنَا مِنْ
()762/2
الْأَذَى . قَالَ :فَرَ ُجلٌ مُعَلَّقٌ عَلَيْهِ تَابُوتٌ مِنْ َجمْرٍ ،وَرَ ُجلٌ َيجُرُّ أَمْعَاءَهُ ،وَرَجُلٌ يَسِيلُ فُوهُ قَ ْيحًا وَدَمًا ،
حمَهُ فَيُقَالُ لِصَا ِحبِ التَّابُوتِ :مَا بَالُ الَْأبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنْ الْأَذَى ؟ فَيَقُولُ وَرَ ُجلٌ يَ ْأ ُكلُ َل ْ إنَّ الَْأبْعَدَ قَدْ مَاتَ وَفِي عُنُقِهِ أَ ْموَالُ النَّاسِ لَا َيجِدُ لَهَا قَضَاءً َأوْ وَفَاءً } .
َححَهُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ ُ { :توُفِّيَ رَ ُجلٌ فَغَسَّلْنَاهُ َوكَفَّنَّاهُ وَحََّنطْنَاهُ ، َوأَ ْحمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
خطَا ُخ ْطوَةً ثُمَّ قَالَ : ثُمَّ َأتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَيْ ِه ،فَقُلْنَا تُصَلِّي عَلَيْهِ َف َ َي . َأعَلَيْهِ َديْنٌ ؟ قُلْنَا دِينَارَانِ فَانْصَ َرفَ فََتحَمَّلَ ُهمَا َأبُو قَتَادَةَ فََأتَيْنَاهُ فَقَالَ َأبُو قَتَادَةَ الدِّينَارَانِ عَل َّ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :قَدْ َأوْفَى اللَّهُ حَقَّ الْغَ ِرميِ َوبَرِئَ مِنْ ُهمَا اْلمَِّيتُ قَالَ نَعَمْ
فَصَلَّى عَلَيْهِ .
ثُمَّ قَالَ بَعْدَ َذلِكَ بَِي ْومٍ مَا فَ َعلَ الدِّينَارَانِ ؟ قُلْت َّإنمَا مَاتَ َأمْسِ قَالَ فَعَادَ إلَيْهِ مِنْ الْغَدِ فَقَالَ قَدْ قَضَيْتُ ُهمَا .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :الْآنَ َكمَا بَ ِرَئتْ جِلْ َدتُهُ } .
صحِيحٌ لَكِنَّهُ نُسِخَ . َو َك ْونُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى اْلمَدِينِ َ الديْنُ فَيَسْأَلُ َهلْ تَرَكَ فَ َروَى مُسْلِمٌ َوغَيْرُهُ { :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ ُي ْؤتَى بِاْلمَِّيتِ عَلَيْهِ َّ
لِ َديْنِهِ قَضَاءً ؟ فَِإنْ حَدَثَ أَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً يُصَلِّي عَلَيْهِ َوإِلَّا قَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ ،فَلَمَّا فََتحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَالَ َأنَا َأ ْولَى بِاْل ُمؤْمِنِنيَ مِنْ َأنْفُسِهِمْ َ ،فمَنْ ُتوُفِّيَ َوعَلَيْهِ َديْنٌ فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ ،مَنْ تَرَكَ مَالًا
َف ُهوَ ِلوَ َرثَتِهِ } .
وَ َروَى الطَّبَرَانِيُّ { :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُِئلَ َأنْ يُصَلِّيَ عَلَى مَدِينٍ فَقَالَ مَا يَنْفَعُكُمْ أَنْ ُأصَلِّيَ عَلَى رَ ُج ٍل رُوحُهُ مُ ْرتَهَنٌ فِي قَبْرِهِ لَا
()766/2
ضمِنَ رَ ُجلٌ َديْنَهُ ُقمْت فَصَلَّيْت عَلَيْهِ فَإِنَّ صَلَاتِي تَنْفَعُهُ } . السمَاءِ فَلَوْ َ تَصْعَدُ رُوحُهُ إلَى َّ
َوصَحَّ { :نَفْسُ اْل ُمؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِ َديْنِهِ :أَيْ َمحْبُوسَةٌ عَنْ مَقَامِهَا الْكَ ِرميِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ } . َوصَحَّ عِنْدَ اْلحَاكِمِ { :إنَّ صَاحِبَكُمْ حُبِسَ عَلَى بَابِ اْلجََّنةِ بِ َديْنٍ كَانَ عَلَيْهِ ،فَِإنْ شِئْتُمْ فَافْدُوهُ َوِإنْ شِئْتُمْ فَأَسْ ِلمُوهُ إلَى عَذَابِ اللَّهِ } .
َوصَحَّ { :إنَّ اللَّهَ مَعَ اْلمَدِينِ حَتَّى يَقْضِيَ َديْنَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا يَكْ َرهُهُ اللَّهُ َ ،وإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ
َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا كَانَ يَقُولُ ِلخَا ِزنِهِ :ا ْذهَبْ َفخُذْ لِي بِ َديْ ٍن ،فَإِنِّي َأكْرَهُ َأنْ َأبِيتَ لَيْلَةً إلَّا َواَللَّهُ مَعِي إذْ َسمِعْتُهُ مِ ْن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } .
َوصَحَّ { :مَنْ َح َملَ مِنْ أُمَّتِي َديْنًا ثُمَّ جَهِدَ فِي قَضَائِهِ ثُمَّ مَاتَ قَ ْبلَ َأنْ يَقْضِيَهُ فََأنَا َولِيُّهُ . الدنْيَا } َر َوتْهُ مَ ْيمُونَةُ أُمُّ مَا مِنْ أَحَدٍ يُدَانُ دَيْنًا يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهُ يُرِيدُ قَضَاءَهُ إلَّا أَدَّاهُ اللَّ ُه عَنْهُ فِي ُّ
الديْنِ َ ،ولَمَّا لِي َمتْ عَائِشَةُ َأيْضًا عَلَى الِاسْتِدَانَةِ اْل ُمؤْمِنِنيَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا لِي َمتْ عَلَى إكْثَا ِرهَا مِنْ َّ . َولَهَا عَنْهَا مَنْدُوحَ ٌة َروَتْ { :مَا مِنْ عَبْدٍ كَاَنتْ لَهُ نِيَّةٌ فِي أَدَاءِ َديْنِهِ إلَّا كَانَ لَهُ مِنْ اللَّهِ َع ْو ٌن . صحِيحٍ إلَّا أَنَّ فِيهِ انْ ِقطَاعًا . قَاَلتْ فََأنَا َألَْتمِسُ الْ َع ْونَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى } َروَاهُ أَ ْحمَدُ بِإِسْنَا ٍد َ
َو َوصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ َنظَرٌ .
وَقَالَ { :كَانَ لَهُ مِنْ اللَّهِ َع ْونٌ وَسََّببَ لَ ُه رِزْقًا } . اللهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ ،وَمَنْ مَاتَ َوصَحَّ َأيْضًا { :مَنْ حَاَلتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ َّ َوعَلَيْهِ َديْنٌ فَلَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ َولَا دِ ْرهَمٌ َولَكِنَّهَا اْلحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ .
وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَا ِطلٍ َو ُهوَ يَعْلَمُ لَمْ يَزَلْ فِي َسخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْ ِزعَ ،وَمَنْ قَالَ فِي ُمؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ حُبِسَ فِي
()766/2
رَ ْدغَةِ اْلخَبَالِ حَتَّى يَ ْأتِيَ بِاْل َمخْرَجِ مِمَّا قَالَ } .
ُوتُهُ فِي سَبِيلِ وَجَاءَ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَابْنِ مَاجَهْ { :إنَّ مِمَّنْ يَقْضِي اللَّهُ عَنْهُ َديْنَهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ مَنْ ضَعُفَتْ ق َّ اللَّهِ فَاسْتَدَانَ لِيَ ْقوَى بِهِ عَلَى عَدُوِّ اللَّهِ َوعَدُوِّهِ . وَمَنْ مَاتَ عِنْدَهُ مُسْلِمٌ لَا َيجِدُ مَا يُكَفِّنُهُ َوُيوَارِيهِ بِهَا إلَّا بِ َديْ ٍن ،وَمَنْ خَافَ الْعُزُوبَةَ فَنَ َكحَ خَشْيَةً عَلَى
دِينِهِ } .
َوصَحَّ َ { :واَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ َلوْ قُِتلَ رَجُلٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ عَاشَ ثُمَّ قُِتلَ ثُمَّ عَاشَ ثُمَّ قُِتلَ َوعَلَيْهِ َديْنٌ مَا دَ َخلَ اْلجَنَّةَ حَتَّى يَقْضِيَ َديْنَهُ } .
الديْنُ } . َوصَحَّ { لَا ُتخِيفُوا َأنْفُسَكُمْ بَعْدَ أَمْنِهَا قَالُوا وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ َّ الديْنِ تَعِشْ حُرًّا } . الذنُوبِ يَهُنْ عَلَيْك اْل َموْتُ َ ،وأَقِلَّ مِنْ َّ وَ َروَى الْبَيْهَقِيُّ { :أَقِلَّ مِنْ ُّ
الديْنُ رَايَةُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ فَإِذَا أَرَادَ َأنْ يَذِلَّ عَبْدًا َوصَحَّ عِنْدَ اْلحَاكِمِ ،وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ فِيهِ وَاهِيًا َّ { :
َوضَعَهُ فِي عُنُقِهِ } . الصحِيحَةِ مِنْ أَنَّهُ تَنْبِيهٌ :عَدُّ ذَيْنِك كَبِريَتَيْنِ ُهوَ َوإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ صَرِيحُ مَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ َّ
يَلْقَى اللَّهَ سَارِقًا .
شمَلَانِ َذيْنِك . وَاْلحَدِيثَانِ يَ ْ
ضحٌ َوأَمَّا الثَّانِي :فَكَ َذلِكَ َكمَا أَشَارَ إلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِ َق ْولِهِ { خَ َدعَهُ حَتَّى أَمَّا الْأَوَّلُ َ :فوَا ِ أَخَذَ مَالَهُ } َ ،ولَا شَكَّ أَنَّ مَنْ أَخَذَ َديْنًا لَا يَرْجُو لَهُ وَفَاءً مِنْ جِهَةِ ظَاهِرِهِ وَالدَّائِنُ جَا ِهلٌ ِبحَالِهِ فَقَدْ الديْنِ خَ َدعَ الْآخِذَ مِنْهُ حَتَّى َأ ْعطَاهُ مَالَهُ ،إذْ َل ْولَا خَدِيعَتُهُ لَهُ لَمْ يُ ْعطِهِ لَهُ ،وَ َجمِيعُ التَّغْلِيظَاتِ فِي َّ
اْلمَ ْذكُورَةِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ َوغَيْ ِرهَا يَنْبَغِي َحمْلُهَا عَلَى إحْدَى هَاتَيْنِ الصُّو َرتَيْنِ اللَّتَيْنِ َذكَ َرتْ ُهمَا فِي
التخْفِيفِ كَالِْإعَانَةِ وَالْقَضَاءِ عَنْهُ التَّرْ َجمَةِ َأوْ عَلَى مَا َلوْ اسْتَدَانَهُ لِيَصْرِفَهُ فِي مَعْصِيَةٍ وَمَا جَاءَ فِيهِ مِنْ َّ
َوغَيْ ِر ِهمَا يَنْبَغِي
()766/2
َحمْلُهُ عَلَى مَا لَوْ اسْتَدَانَهُ فِي طَاعَةٍ نَا ِويًا أَدَاءَهُ َولَهُ وَجِهَةٌ ظَاهِرَةٌ ُيؤَدِّي مِنْهَا َأوْ وَالدَّائِنُ عَالِمٌ ِبحَالِهِ ،
َوبِهَذَا الَّذِي َذكَرْته َوِإنْ لَمْ أَرَهُ َتجَْت ِمعُ الْأَحَادِيثُ َويَزُولُ مَا يُو ِهمُهُ ظَاهِ ُرهَا مِنْ التَّعَارُضِ عِنْدَ مَنْ لَمْ حوِ مَا قَرَّرْته ،فَتَأ ََّملْ َذلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ . يَتَأ ََّملْ فِيهَا عَلَى َن ْ
()763/2
( الْكَبِريَةُ السَّابِعَةُ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ َ :م ْطلُ الْغَنِيِّ بَعْدَ ُمطَالَبَتِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ) .
أَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ وَالْأَ ْربَعَةُ عَنْ أَبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْ ِه وَسَلَّمَ قَالَ : { َم ْطلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ َوإِذَا ُأتْبِعَ } :أَيْ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أُحِيلَ . َدثِنيَ التَّاءَ َخطَأٌ { أَحَ ُدكُمْ عَلَيَّ مَلِيءٍ فَلْيَتَْبعْ } . قَالَ اْلخَطَّابِيُّ َ :وتَشْدِيدُ اْلمُح ِّ
َححَهُ { :لَيُّ اْلوَاجِ ِد } :أَيْ َم ْطلُ الْقَادِرِ عَلَى وَفَاءِ َديْنِهِ { صحِيحِهِ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
ُيحِلُّ عِ ْرضَهُ َوعُقُوبَتَهُ } :أَيْ يُبِيحُ َأنْ يُ ْذكَرَ بَيْنَ النَّاسِ بِاْل َم ْطلِ وَسُوءِ اْلمُعَامَلَةِ لَا غَيْ ِر ِهمَا ،إذْ
ِالن ْوعِ الَّذِي ظَ َلمَهُ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ َ ،ويُبِيحُ َأيْضًا عُقُوبَتَهُ اْل َمظْلُومُ لَا َيجُوزُ لَهُ َأنْ يَ ْذكُرَ ظَاِلمَهُ إلَّا ب َّ
بِاْلحَبْسِ وَالضَّرْبِ َوغَيْ ِر ِهمَا .
وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ بِسَنَدٍ فِيهِ مَنْ وُثِّقَ َولَا بَأْسَ ِبهِ فِي اْلمُتَابَعَاتِ { :إنَّ اللَّهَ يُبْ ِغضُ الْغَنِيَّ الظَّلُومَ ،وَالشَّ ْيخَ اْلجَهُولَ ،وَالْعَاِئلَ اْل ُمخْتَالَ } :أَيْ الْفَقِريَ اْلمُتَكَبِّرَ .
صحِيحِهِ َ ،وكَذَا النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ حوِهِ َأبُو دَاوُد وَابْنُ خُ َزْيمَةَ فِي َ وَ َروَاهُ بَِن ْ
َححَاهُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِريِ { :مَا قَدَّسَ اللَّهُ أُمَّةً لَا يَأْخُذُ ضَعِيفُهَا اْلحَقَّ مِنْ قَوِيِّهَا غَيْرَ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
مُتَعَْتعٍ ،ثُمَّ قَالَ :مَنْ انْصَ َرفَ غَرِميُهُ َو ُهوَ عَنْهُ رَاضٍ ص ََّلتْ عَلَيْهِ َدوَابُّ الْأَرْضِ َونُونُ اْلمَاءِ :أَيْ
حُوتُهُ َولَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يُلَوِّي غَرِميَهُ َو ُهوَ َيجِدُ إلَّا كُِتبَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ َي ْومٍ َولَيْلَةٍ وَ ُجمُعَةٍ وَشَهْرٍ ظُلْمٌ } . حوِهِ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ جَيِّدٍ عَنْ َخ ْولَ َة َزوْجَةِ َحمْزَةَ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ مِنْ اُخْتُلِفَ فِي َت ْوثِيقِهِ َوأَ ْحمَدُ بَِن ْ
َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا { :أَنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسْقُ َتمْرٍ فَأَمَرَ
()766/2
َأنْصَارِيًّا َأنْ يَقْضِيَهُ فَقَضَاهُ دُونَ َتمْرِهِ فََأبَى َأنْ يَقْبِضَهُ فَقَالَ َأتَرُدُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ :نَعَمْ ،وَمَنْ أَحَقُّ بِالْعَدْلِ مِ ْن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّ َم ،فَاكْتَحَ َلتْ عَيْنَا
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدُمُوعِهِ ،ثُمَّ قَالَ صَدَقَ ،وَمَنْ أَحَقُّ بِالْعَدْلِ مِنِّي لَا قَدَّسَ اللَّهُ أُمَّةً لَا يَأْخُذُ ضَعِيفُهَا حَقَّهُ مِنْ شَدِي ِدهَا َولَا يُتَعْتِعُهُ ،ثُمَّ قَالَ يَا َخ ْولَةُ عُدِّيهِ وَاقْضِيهِ ،فَإِنَّهُ لَيْسَ مِ ْن غَ ِرميٍ
َيخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِ غَرِميُهُ رَاضِيًا إلَّا ص ََّلتْ عَلَيْهِ َدوَابُّ الْأَرْضِ وَنُونُ الِْبحَارِ َ ،ولَيْسَ مِنْ عَبْدٍ ُيلَوِّي
غَرِميَهُ َو ُهوَ َيجِدُ إلَّا كََتبَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ َي ْومٍ َولَيْلَةٍ إْثمًا } َ ،وتَعْتَعَهُ بِ َفوْقِيَّتَيْنِ وَمُ ْهمَلَتَيْنِ :أَقْلَقَهُ َوفُ . َوَأتْعَبَهُ بِكَثْرَةِ تَرَدُّدِهِ إلَيْهِ وَ َمطْلِهِ إيَّاهُ َ ،ويُلَوِّي َ :ي ْم ُطلُ َويُس ِّ
َوصَحَّ َأيْضًا .
{ لَا قُدِّ َستْ أُمَّةٌ لَا يُ ْعطَى الضَّعِيفُ فِيهَا حَقَّهُ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ } . وَ َروَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِقِصَّةٍ َ ،وهِيَ { :أَنَّ َأعْرَابِيًّا كَانَ لَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َديْنٌ فَتَقَاضَاهُ صحَابُهُ ،فَقَالُوا َوْيحَك تَدْرِي مَنْ تُكَلِّمُ ؟ إيَّاهُ وَاشْتَدَّ حَتَّى قَالَ أُحَرِّجُ عَلَيْك إلَّا قَضَيْتَنِي فَانْتَهَرَهُ َأ ْ
قَالَ إنِّي َأطْ ُلبُ حَقِّي .
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :هَلَّا َمعَ صَاحِبِ اْلحَقِّ كُنْتُمْ ؟ ثُمَّ أَرْسَلَ إلَى َخ ْولَةَ فَقَالَ لَهَا إنْ
ت :نَعَمْ بَِأبِي َأْنتَ َوأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ عِنْدَك َتمْرٌ فَأَقْ ِرضِينَا حَتَّى يَأْتِيَنَا َتمْرٌ فَنَقْضِيَك ،فَقَاَل ْ فَأَقْ َرضَتْهُ ،فَقَضَى الَْأعْرَابِيَّ وََأطْ َعمَهُ فَقَالَ َأوْفَ ْيتَ َأوْفَى اللَّهُ لَك فَقَالَ أُولَئِكَ خِيَارُ النَّاسِ إنَّهُ لَا
قُدِّ َستْ أُمَّةٌ لَا يَأْخُذُ الضَّعِيفُ فِيهَا حَقَّهُ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ } . تَنْبِيهٌ :عُدَّ هَذَا كَبِريَةً لَمْ أَرَهُ لَكِنَّهُ صَرِيحُ اْلحَدِيثِ الْأَوَّلِ َومَا بَعْدَهُ ،إذْ الظُّلْمُ
()766/2
وَحِلُّ الْعِرْضِ وَالْعُقُوبَةِ مِنْ َأكْبَرِ اْل َوعِيدِ َ ،بلْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ َأئِمَّتِنَا وَ َز َعمُوا فِيهِ الِاتِّفَاقَ بِأَنَّ مَنْ امْتََنعَ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ َمعَ قُدْ َرتِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ أَمْرِ اْلحَاكِمِ لَهُ بِهِ ،لِ ْلحَاكِمِ َأنْ يُشَدِّدَ عَلَيْهِ فِي الْعُقُوبَةِ
فَيَ ْنخُسَهُ ِبحَدِيدَةٍ إلَى َأنْ ُيؤَدِّيَ َأوْ َيمُوتَ َكمَا قِيلَ بَِنظَرِهِ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ عَلَى وَجْهٍ . قَالَ بَ ْعضُ الَْأئِمَّةِ :إنَّهُ مَقِيسٌ عَلَى مَا هُنَا ،فَ ُهوَ قِيَاسُ ضَعِيفٍ عَلَى ضَعِيفٍ لِأَنَّ الْقِيَاسَ قَدْ يَكُونُ
ضعِ َوبِهَذَا يَتَبَيَّنُ الرَّدُّ عَلَى أُولَئِكَ الَّذِينَ فَ ِهمُوا عَلَى ضَعِيفٍ َكمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي بَ ْعضِ اْل َموَا ِ َهمُوهُ أَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ أَنَّ مَا هُنَا مُعَْتمَدٌ حَيْثُ جُ ِعلَ َأصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ . مِمَّا َتو َّ
()766/2
( الْكَبِريَةُ الثَّامِنَةُ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ َ :أ ْكلُ مَالِ الْيَتِيمِ ) قَالَ تَعَالَى { :إنَّ الَّذِينَ يَ ْأكُلُونَ أَ ْموَالَ الْيَتَامَى
ظُ ْلمًا َّإنمَا يَ ْأكُلُونَ فِي ُبطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْ َل ْونَ سَعِريًا } { قَالَ قَتَادَةُ :نَ َزَلتْ فِي رَ ُجلٍ مِنْ َغطَفَانَ
وُلِّيَ مَالَ ابْنِ أَخِيهِ َو ُهوَ صَغِريٌ يَتِيمٌ فََأكَلَهُ } . وَ َق ْولُهُ { ظُ ْلمًا } :أَيْ لِأَجْلِهِ َأوْ حَالَ َك ْونِهِمْ ظَاِلمِنيَ ،وَخَرَجَ بِهِ َأكْلُهَا ِبحَقٍّ كََأ ْكلِ اْلوَالِي بِشُرُوطِهِ اْلمُقَرَّرَةِ فِي كُُتبِ الْفِقْهِ .
قَالَ تَعَالَى { :وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِريًا َفلْيَ ْأ ُكلْ بِاْلمَعْرُوفِ } أَيْ ِبمِقْدَارِ اْلحَاجَةِ ضطُرَّ فَِإنْ َأيْسَرَ قَضَاهُ وَإِلَّا فَ ُهوَ فِي حِلِّ سبُ ،أَوْ بَِأنْ يَأْخُذَ قَ ْرضًا َأوْ بِقَدْرِ أُجْرَةِ َعمَلِهِ َأوْ إنْ ُا ْ َفحَ ْ
ِالنظَرِ لَهُ فَِإنْ كَانَ غَنِيًّا لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا َرعْ ب َّ الصحِيحُ مِنْهَا عِنْ َدنَا أَنَّ اْل َولِيَّ إذَا لَمْ يَتَب َّ أَ ْقوَالٍ أَ ْربَعَةٍ َّ ، حجُورِهِ فَلَهُ َأنْ يَأْخُذَ مِنْهُ َوَلوْ بِلَا َوِإنْ كَانَ فَقِريًا ،فَِإنْ كَانَ َوصِيًّا وَشَغَلَهُ عَنْ كَسْبِهِ ا َّلنظَرُ فِي مَالِ َم ْ قَاضٍ أَقَلَّ الْأَمْ َريْنِ مِنْ أُجْ َرتِهِ بِقَدْرِ َعمَلِهِ فِي َذلِكَ وَمِنْ ُم ْؤنَِتهِ اللَّائِقَةِ بِهِ عُرْفًا َ ،ولَا َيجُوزُ لَهُ َأنْ يَأْخُذَ
َأكْثَرَ مِنْ الْأَقَلِّ .
أَمَّا الْقَاضِي فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا ُمطْلَقًا . جبُ نَفَقَتُهُمْ فِي مَالِ اْل َولَ ِد َ ،وَلوْ تَضَجَّرَ الْأَبُ َأوْ َوأَمَّا الْأَبُ وَاْلجَدُّ وَالْأُمُّ اْل َوصِيَّةُ فَلَهُمْ الْكِفَايَةُ إذْ َت ِ
َصبَ لَهُ الْقَاضِي قَِّيمًا َأوْ نَصَّبَهُ الْقَاضِي وَقَدَّرَ لَهُ أُجْرَةً مِنْ مَالِ اْل َولَدِ النظَرِ فِي مَالِ َولَدِهِ ن َّ اْلجَدُّ مِنْ َّ َرعَ َ ،ولَيْسَ لَهُ ُمطَالَبَةُ الْقَاضِي بِتَقْدِيرِ أُجْرَةٍ لَهُ وََلوْ فَقِريًا َ ،ولِ ْل َولِيِّ َأنْ يَخْلِطَ طَعَامَهُ حَ ْيثُ لَا مُتَب ِّ
ِبطَعَامِ الْيَتِيمِ َ ،وأَنْ يُضَيِّفَ مِنْ اْل َمخْلُوطِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ َأنْ يَكُونَ لَهُ فِي َذلِكَ مَصْ َلحَةٌ كََأنْ يَكُونُ َأوْفَرَ عَلَيْهِ مِمَّا َلوْ َأ َكلَ وَحْدَهُ َ ،وَأنْ تَكُونَ الضِّيَافَةُ مِمَّا زَا َد عَلَى
()737/2
قَدْرِ مَا َيخُصُّ الْيَتِيمَ َكمَا ُهوَ ظَاهِرٌ ،وَ { َّإنمَا } إَلخْ خَبَرُ ( إنَّ ) ،وَ { فِي ُبطُونِهِمْ } مُتَعَلِّقٌ بِيَ ْأكُلُونَ خِلَافًا ِلمَنْ مَنَعَهُ َأوْ حَالٌ مِنْ نَارٍ :أَيْ نَارًا كَائِنَةً فِي ُبطُونِهِمْ ،وَ ُذكِرَ تَ ْأكِيدًا َأوْ مُبَالَغَةً عَلَى حَدِّ { يَقُولُونَ بِأَ ْفوَاهِهِمْ } { َولَا طَائِرٍ َيطِريُ ِبجَنَاحَيْهِ } َوأَفَادَ َك ْونُهُ ظَرْفًا لِيَ ْأكُلُونَ أَنَّ ُبطُونَهُمْ َأ ْوعِيَةُ
النَّارِ ،إمَّا حَقِيقَةً بَِأنْ َيخْلُقَ اللَّهُ لَهُمْ نَارًا يَ ْأكُلُونَهَا فِي ُبطُونِهِمْ َأوْ َمجَازًا مِنْ إطْلَاقِ اْلمُسََّببِ َوإِرَادَةِ
السََّببِ لِ َك ْونِهِ يُفْضِي إلَيْهِ َويَسْتَلْزِمُهُ .
وَاْلمُرَادُ سَائِرُ َأْنوَاعِ الِْإتْلَافِ ،فَإِنَّ ضَرَرَ الْيَتِيمِ لَا َيخْتَلِفُ ِبكَ ْونِ إتْلَافِ مَالِهِ بَِأ ْكلٍ َأوْ غَيْرِهِ وَخَصَّ
حمُهَا َويُشْرَبُ لَبَنُهَا َ ،أوْ ِالذكْرِ لِأَنَّ عَامَّةَ أَ ْموَالِهِمْ فِي َذلِكَ اْلوَ ْقتِ الَْأنْعَامُ ،وَهِيَ ُي ْؤ َكلُ َل ْ الَْأ ْكلَ ب ِّ
ِدةِ اْل َوعِيدِ جمْرُ اْلمُتَّقِدُ مِنْ سَعَّرْت النَّارَ َأوْقَ ْدهتَا وَلِش َّ لِ َك ْونِهِ ُهوَ اْلمَقْصُودُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ ،وَالسَّعِريُ اْل َ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ َ :أ ْكلُ مَالِ الْيَتِيمِ ُمجَرَّبٌ لِسُوءِ اْلخَاِتمَةِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ . ضوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَامْتَنَعُوا مِنْ ُمخَاَلطَةِ الْيَتَامَى حَتَّى نَزَلَ الصحَابَةُ ِر ْ وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا نَ َزَلتْ الْآيَةُ َتحَرَّجَ َّ
َقوْله تَعَالَى َ { :وِإنْ ُتخَاِلطُوهُمْ فَإِ ْخوَانُكُمْ } وَ َزعْمُ أَنَّ هَذِهِ نَا ِسخَةٌ لِتِلْكَ َوهْمٌ فَاحِشٌ لِأَنَّ تِلْكَ فِي مَ ْنعِ َأكْلِهَا ظُ ْلمًا َوهَذَا لَا يُنْسَخُ َوإَِّنمَا اْلمُرَادُ أَنَّ ُمخَاَلطَتَهُمْ اْلمَمْنُوعَةَ الشَّدِيدَةَ اْل َوعِيدِ وَالْعِقَابِ
وَالْعَلَامَةَ عَلَى سُوءِ اْلخَاِتمَةِ َوتَ ْأبِيدِ الْعَذَابِ هِيَ الَّتِي عَلَى َوجْهِ الظُّلْمِ َوإِلَّا كَاَنتْ مِنْ َأعْظَمِ الْبِرِّ . فَالْآيَةُ الْأُولَى فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَالثَّانِيَةُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي َوهَذَا ظَاهِرٌ جَلِيٌّ ،وَقَدْ َج َمعَ تَعَالَى بَيْنَ ُهمَا فِي
َق ْولِهِ عَزَّ قَائِلًا َ { :ولَا تَقْ َربُوا مَالَ الْيَتِيمِ إلَّا بِاَلَّتِي
()737/2
هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْ ُلغَ أَشُدَّهُ } :وَقَدْ نَبَّهَ تَعَالَى عَلَى تَأَكُّدِ حَقِّ الَْأيْتَامِ وَمَزِيدِ الِاعْتِنَاءِ بِهِ بِ َق ْولِهِ قَ ْبلَ
ضعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ َولْيَقُولُوا هَذِهِ الْآيَةِ َ { :ولَْيخْشَ الَّذِينَ َلوْ تَ َركُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ِ
َق ْولًا سَدِيدًا } إذْ اْلمُرَادُ بِشَهَادَةِ السِّيَاقِ خِلَافًا ِلمَنْ َح َملَ الْآيَةَ عَلَى أَنَّهَا فِي اْل َوصِيَّةِ بَِأكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ خطَابِ ،فَلَا يُخَاطِبُهُ حسِنُ إلَيْهِ حَتَّى فِي اْل ِ ح ْملِ ِلمَنْ كَانَ فِي ِحجْرِهِ يَتِيمٌ عَلَى أَنَّهُ ُي ْ حوِ َذلِكَ اْل َ َأوْ َن ْ حوِ يَا بُنَيَّ مِمَّا ُيخَا ِطبُ بِهِ َأ ْولَادَهُ َ ،ويَفْ َعلُ مَعَهُ مِنْ الْبِرِّ وَاْلمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ وَالْقِيَامِ فِي مَالِهِ إلَّا بَِن ْ جبُ َأنْ يَفْ َعلَ ِبمَالِهِ َوبِذُرِّيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَإِنَّ اْلجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْ َع َملِ { مَالِكِ َي ْومِ الدِّينِ } أَيْ مَا َي ِ
اْلجَزَاءِ .
َكمَا تَدِينُ تُدَانُ :أَيْ َكمَا تَفْ َعلُ يُفْ َعلُ مَعَك . َرفٌ فِي مَالِ الْغَيْرِ َوعَلَى َأ ْولَادِ غَيْرِهِ َ ،وإِذَا بِاْل َموْتِ قَدْ حَلَّ بِهِ فََيجْزِيهِ اللَّهُ بَيَْنمَا الِْإنْسَانُ آمِنٌ مُتَص ِّ
تَعَالَى فِي مَالِهِ وَذُرِّيَّتِهِ َوعِيَالِهِ وَسَائِرِ تَعَلُّقَاتِهِ بَِنظِريِ مَا فَعَلَهُ َمعَ غَيْرِهِ ،إنْ خَيْرًا َفخَيْرٌ َ ،وِإنْ شَرًّا فَشَرٌّ .
َرفُ عَلَى الَْأيْتَامِ الَّذِينَ فِي فَلَْيخْشَ الْعَا ِقلُ عَلَى َأ ْولَادِهِ وَمَالِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَشْيَةٌ عَلَى دِينِهِ َ ،ويَتَص َّ
َرفَ َولِيُّ َأ ْولَادِهِ َلوْ كَانُوا َأيْتَامًا عَلَيْهِمْ فِي مَالِهِ . جبُ َأنْ يَتَص َّ ِحجْرِهِ ِبمَا َي ِ
وَجَاءَ { :إنَّ اللَّهَ تَعَالَى َأوْحَى إلَى دَاوُد صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا َوعَلَيْهِ :يَا دَاوُد كُنْ لِلْيَتِيمِ كَالْأَبِ الرَّحِيمِ َ ،وكُنْ لِلْأَرْمَلَةِ كَالزَّوْجِ الشَّفِيقِ } . وَاعْلَمْ أَنَّك َكمَا تَزْ َرعُ كَذَا تَحْصُدُ :أَيْ َكمَا تَفْ َعلُ يُفْ َعلُ َمعَك ،إذْ لَا بُدَّ َأنْ َتمُوتَ َويَبْقَى لَك َولَدٌ
يَتِيمٌ وَامْ َرأَةٌ أَرْمَلَةٌ .
وَجَاءَ فِي التَّشْدِيدِ فِي أَ ْموَالِ الْيَتَامَى وَالظُّلْمِ فِيهَا أَحَادِيثُ كَثِريَةٌ ُموَافِقَةٌ ِلمَا فِي الْآيَةِ مِنْ ذَلِكَ
()732/2
اْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ َتحْذِيرًا لِلنَّاسِ عَنْ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ اْلوَخِيمَةِ الْمُهْلِكَةِ . مِنْهَا :أَخْرَجَ مُسْلِمٌ َوغَيْرُهُ { :يَا َأبَا ذَرٍّ إنِّي أَرَاك ضَعِيفًا ،وَإِنِّي أُحِبُّ لَك مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي ،لَا
تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ َ ،ولَا تَلِيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ } .
وَالشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا { :اجْتَنِبُوا السَّ ْبعَ اْلمُوبِقَاتِ أَيْ اْلمُ ْهلِكَاتِ .
َرمَ اللَّهُ إلَّا بِاْلحَقِّ ، َالسحْرُ ،وَقَ ْتلُ النَّفْسِ الَّتِي ح َّ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ الشِّرْكُ بِاَللَّهِ و ِّ
الربَا َوَأ ْكلُ مَالِ الْيَتِيمِ } اْلحَدِيثَ . َوَأ ْكلُ ِّ الربَا َ ،وَأ ْكلُ مَالِ الْيَتِيمِ } وَالْبَزَّارُ { :الْكَبَائِرُ سَبْعٌ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ ،وَقَ ْتلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ َ ،وَأ ْكلُ ِّ
اْلحَدِيثَ .
َححَهُ { :أَ ْرَبعٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ َأنْ لَا يُدْخِلَهُمْ اْلجَنَّةَ َولَا يُذِيقَهُمْ نَعِيمَهَا :مُدْمِنُ َخمْرٍ ، وَاْلحَاكِمُ َوص َّ الربَا ،وَآ ِكلُ مَالِ الْيَتِيمِ بِغَيْرِ حَقٍّ ،وَالْعَاقُّ ِلوَالِ َديْهِ } . وَآ ِكلُ ِّ
صحِيحِهِ { :إنَّ مِنْ ُجمْلَةِ كِتَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَرْسَلَهُ َمعَ َعمْرِو بْنِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
حَ ْزمٍ إلَى َأ ْهلِ الَْيمَنِ َ :وإِنَّ َأكْبَرَ الْكَبَائِرِ عِنْدَ اللَّهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ ،وَقَتْلُ النَّفْسِ اْل ُمؤْمِنَةِ
َق ،وَالْفِرَارُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ َي ْومَ الزَّحْفِ َوعُقُوقُ اْلوَالِ َديْنِ ،وَرَمْيُ اْل ُمحْصَنَةِ َ ،وتَعَلُّمُ السِّحْرِ ، بِغَيْرِ ح ٍّ الربَا َ ،وَأ ْكلُ مَالِ الْيَتِيمِ } . َوَأ ْكلُ ِّ َججُ أَ ْفوَاهُهُمْ نَارًا ،فَقِيلَ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ َوَأبُو يَعْلَى { :يُبْ َعثُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َق ْومٌ فِي قُبُو ِرهِمْ تُأ َّ
قَالَ َ :ألَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ { :إنَّ الَّذِينَ يَ ْأكُلُونَ أَ ْموَالَ الْيَتَامَى ظُ ْلمًا َّإنمَا يَ ْأكُلُونَ فِي ُبطُونِهِمْ نَارًا } }.
ُكلَ بِهِمْ رِجَالٌ يَفُكُّونَ ِلحَاهُمْ ،وَآخَرُونَ وَفِي حَدِيثِ اْلمِعْرَاجِ عِنْدَ مُسْلِمٍ { :فَإِذَا َأنَا بِرِجَالٍ قَدْ و ِّ
ِالصخُورِ مِنْ النَّارِ فَيَقْذِفُونَهَا فِي أَ ْفوَاهِهِمْ فََتخْرُجُ مِنْ أَ ْدبَا ِرهِمْ . َيجِيئُونَ ب ُّ
()736/2
فَقُلْت يَا جِبْرِيلُ مَنْ َه ُؤلَاءِ ؟ قَالَ :الَّذِينَ يَ ْأكُلُونَ أَ ْموَالَ الْيَتَامَى ظُ ْلمًا َّإنمَا يَ ْأكُلُونَ فِي ُبطُونِهِمْ نَارًا } .
وَفِي تَفْسِريِ الْقُ ْرطُبِيِّ عَنْ َأبِي سَعِيدٍ اْلخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ َ { :رأَيْت لَيْلَةَ ُكلَ بِهِ ْم مَنْ يَأْخُذُ مَشَافِ َرهُمْ ،ثُمَّ َيجْعَلُ فِي أُسْرِيَ بِي َقوْمًا لَهُمْ مَشَافِرُ َكمَشَافِرِ الِْإِبلِ ،وَقَدْ و ِّ
صخْرًا مِنْ نَارٍ َتخْرُجُ مِنْ أَسَافِلِهِمْ . أَ ْفوَاهِهِمْ َ
فَقُلْت يَا جِبْرِيلُ مَنْ َه ُؤلَاءِ ؟ قَالَ :هُمْ الَّذِينَ يَ ْأكُلُونَ أَ ْموَالَ الْيَتَامَى ظُ ْلمًا } . تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا كَبِريَةً هُوَ مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ ِلمَا ُذكِرَ َ ،وظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ َأ ْكلِ قَلِيلِهِ َوكَثِريِهِ صبِ وَالسَّرِقَةِ َرقُ بَيْنَهُ َوبَيْنَ مَا سَيَ ْأتِي عَنْهُمْ فِي الْغَ ْ َوَلوْ حَبَّةً عَلَى مَا مَرَّ فِي َبخْسِ الْكَ ْيلِ وَاْلوَ ْزنِ َويُف َّ
َرفِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ َالتطْفِيفِ َكمَا مَرَّ آنِفًا فِيهِ مِنْ أَنَّهُ مَُتمَكِّنٌ مِنْ التَّص ُّ بَِنظِريِ مَا فَرَّقْت بِهِ بَيْنَ َذيْنِك و َّ ،فَ َلوْ لَمْ ُيحْكَمْ فِي الْقَلِيلِ بِكَ ْونِهِ كَبِريَةً َلجَرَّهُ َذلِكَ إلَى الْكَثِريِ إذْ لَا مَاِنعَ لَهُ لِأَنَّهُ مُسَْتوْلٍ عَلَى الْكُلِّ
فَتَعَيَّنَ اْلحُكْمُ بِالْكَبِريَةِ عَلَى أَخْذِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِريِ ِبخِلَافِهِ فِي ذَيْنِك فَإِنَّهُ لَا يَلْ َزمُ عَلَيْ ِهمَا َذلِكَ َكمَا سطْته فِي التَّ ْنظِيفِ قَرِيبًا فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ َ ،وبِهِ يَنْدَفِعُ َقوْلُ مَنْ َزعَمَ أَنَّ أَخْذَ التَّافِهِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ بَ َ صبِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِ َذلِكَ . صَغِريَةٌ ،وَسَيَ ْأتِي فِي الْغَ ْ
()736/2
خَاِتمَةٌ :فِي كَفَالَةِ الْيَتِيمِ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِ ،وَالسَّعْيِ عَلَى الْأَرْمَلَةِ :أَخْرَجَ الُْبخَارِيُّ َ { :أنَا وَكَا ِفلُ الْيَتِيمِ فِي اْلجَنَّةِ هَكَذَا َ ،وأَشَارَ بِِإصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَاْلوُ ْسطَى وَفَرَّجَ بَيْنَ ُهمَا } .
وَمُسْلِمٌ { :كَا ِفلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ َأنَا َو ُهوَ كَهَاتَيْنِ فِي اْلجَنَّةِ َوأَشَارَ مَالِكٌ بِالسَّبَّابَةِ وَاْلوُ ْسطَى } . وَالْبَزَّارُ { :مَنْ كَ َفلَ يَتِيمًا لَهُ ذُو قَرَابَةٍ َأوْ لَا قَرَابَةَ لَهُ فََأنَا َو ُهوَ فِي اْلجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ َوضَمَّ إصْبَعَيْهِ .
وَمَنْ سَعَى عَلَى ثَلَاثِ بَنَاتٍ فَ ُهوَ فِي اْلجَنَّةِ َ ،وكَانَ لَهُ كَأَجْرِ اْل ُمجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَاِئمًا قَاِئمًا } .
وَابْنُ مَاجَهْ { :مَنْ عَالَ ثَلَاثَةً مِنْ الَْأيْتَامِ كَانَ َكمَنْ قَامَ لَيْلَ ُه َوصَامَ نَهَارَهُ َوغَدَا وَرَاحَ شَاهِرًا سَيْفَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ َوكُنْت َأنَا َو ُهوَ فِي اْلجَنَّةِ أَ َخوَانِ َ ،كمَا أَنَّ هَاتَيْنِ أُخْتَانِ َ ،وَألْصَقَ إصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةَ
وَاْلوُ ْسطَى } . َححَهُ { :مَنْ قََبضَ يَتِيمًا مِنْ بَيْنِ مُسْ ِلمِنيَ إلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ اْلجََّنةَ َألْبَتَّةَ وَالتِّرْمِذِيُّ َوص َّ
إلَّا َأنْ يَ ْع َملَ َذنْبًا لَا يُغْفَرُ لَهُ } .
وَفِي ِروَايَةٍ سَنَ ُدهَا حَسَنٌ { :حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهُ وَجََبتْ لَهُ اْلجَنَّةُ َألْبَتَّةَ } .
وَابْنُ مَاجَهْ { :خَيْرُ بَيْتٍ فِي اْلمُسْ ِلمِنيَ بَ ْيتٌ فِيهِ يَتِيمٌ ُيحْسَنُ إلَيْهِ ،وَشَرُّ بَ ْيتٍ فِي اْلمُسْ ِلمِنيَ بَ ْيتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُسَاءُ إلَيْهِ } . َوَأبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ حَسَنٍ َ { :أنَا أَوَّلُ مَنْ يَفَْتحُ بَابَ اْلجَنَّةِ إلَّا أَنِّي أَرَى امْ َرأَةً تُبَادِ ُرنِي ،فَأَقُو ُل مَا لَك
وَمَنْ َأْنتِ ؟ تَقُولُ َ :أنَا امْ َرأَةٌ قَعَدْت عَلَى َأيْتَامٍ لِي } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ إلَّا وَاحِدًا وَ َمعَ َذلِكَ لَيْسَ بِاْلمَتْرُوكِ َ { :واَلَّذِي بَعَثَنِي بِاْلحَقِّ لَا يُعَذِّبُ اللَّهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ مَنْ رَحِمَ الْيَتِيمَ َولَانَ لَهُ فِي الْكَلَامِ وَرَحِمَ يُ ْتمَهُ َوضَعْفَهُ َ ،ولَمْ يََتطَاوَلْ عَلَى جَارِهِ
ضلِ مَا آتَاهُ اللَّهُ } . بِفَ ْ َوأَ ْحمَدُ
()736/2
سحْهُ إلَّا لِلَّهِ كَاَنتْ لَهُ فِي كُلِّ شَعْرَةٍ مَرَّتْ عَلَيْهَا يَدُهُ َوغَيْرُهُ { :مَنْ مَسَحَ عَلَى َرأْسِ يَتِيمٍ لَمْ َيمْ َ حَسَنَاتٌ .
وَمَنْ أَحْسَنَ إلَى يَتِيمٍ َأوْ يَتِيمَةٍ عِنْدَهُ كُنْت َأنَا َو ُهوَ فِي اْلجََّنةِ كَهَاتَيْنِ } اْلحَدِيثَ . َححَهُ اْلحَاكِمُ عَلَى احِْتمَالٍ { :إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِيَعْقُوبَ إنَّ سََببَ ذَهَابِ َوأَخْرَجَ َجمَاعَةٌ َوص َّ
بَصَرِهِ وَاْنحِنَاءِ ظَهْرِهِ وَفِ ْعلِ إ ْخوَةِ يُوسُفَ بِهِ مَا فَعَلُوا أَنَّهُ َأتَاهُ يَتِيمٌ مِسْكِنيٌ صَائِمٌ جَائِعٌ وَقَدْ َذَبحَ ُهوَ َوَأهْلُهُ شَاةً فََأكَلُوهَا َولَمْ ُيطْ ِعمُوهُ ،ثُمَّ َأعْ َلمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ لَمْ ُيحِبَّ شَيْئًا مِنْ خَلْقِهِ حُبَّهُ لِلْيَتَامَى
وَاْلمَسَاكِنيِ َوأَمَرَهُ َأنْ يَصَْنعَ طَعَامًا َويَ ْد ُعوَ اْلمَسَاكِنيَ فَفَ َعلَ } .
وَالشَّ ْيخَانِ عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ قَالَ :قَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَاْلمِسْكِنيِ كَاْل ُمجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى َوأَحْسَبُهُ قَالَ َوكَالْقَائِمِ لَا يَفْتُرُ َوكَالصَّائِمِ لَا يُ ْفطِ ُر } .
وَابْنُ مَاجَهْ { :السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَاْلمِسْكِنيِ كَاْل ُمجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ َوكَاَلَّذِي يَقُومُ اللَّ ْيلَ َويَصُومُ النَّهَارَ } .
َقالَ بَ ْعضُ السَّلَفِ :كُ ْنتُ فِي بَ ْدءِ أَمْرِي سِكِّريًا مُكِبًّا عَلَى اْلمَعَاصِي ،فَ َرَأْيتُ َيوْمًا يَتِيمًا فَأَكْرَمْتُهُ الزبَانِيَةَ أَخَذُونِي أَخْذًا مُ ْز ِعجًا إلَى جَهَنَّمَ وَإِذَا بِالْيَتِيمِ قَدْ َكمَا يُكْ َرمُ اْل َولَدُ َبلْ َأكْثَرَ ،ثُمَّ ِن ْمتُ فَ َرَأْيتُ َّ اعْتَ َرضَنِي ،فَقَالَ َدعُوهُ حَتَّى أُرَا ِجعَ رَبِّي فِيهِ فََأَبوْا .
فَإِذَا النِّدَاءُ خَلُّوا عَنْهُ فَقَدْ َوهَبْنَا لَهُ مَا كَانَ مِنْهُ بِإِحْسَانِهِ إلَيْهِ ،فَاسْتَيْ َق ْظتُ َوبَالَ ْغتُ فِي إكْرَامِ الْيَتَامَى مِنْ َيوْمَئِذٍ .
َوكَانَ لِبَ ْعضِ مَيَاسِريِ الْعَ َلوِيِّنيَ بَنَاتٌ مِنْ عَ َلوِيَّةٍ َفمَاتَ وَاشْتَدَّ بِهِنَّ الْفَقْرُ إلَى َأنْ رَحَلْنَ عَنْ َوطَنِهِنَّ الشمَاتَةِ ،فَدَخَلْنَ مَسْجِدَ بَلَدٍ مَ ْهجُورًا فَتَ َركَتْهُنَّ أُمُّهُنَّ فِيهِ وَخَرَ َجتْ َتحْتَالُ لَهُنَّ فِي الْقُوتِ َخ ْوفَ َّ
()733/2
َفمَرَّتْ بِكَبِريِ الْبَلَدِ َو ُهوَ مُسْلِ ٌم ،فَشَرَ َحتْ لَهُ حَالَهَا فَلَمْ يُصَدِّقْهَا وَقَالَ :لَا بُدَّ َأنْ تُقِيمِي عِنْدِي الْبَيِّنَةَ بِ َذلِكَ .
ق َ ،وأَرْ َسلَ بَ ْعضَ نِسَائِهِ َد َ فَقَاَلتْ َأنَا غَرِيبَةٌ فََأعْرَضَ عَنْهَا ،ثُمَّ مَرَّتْ ِب َمجُوسِيٍّ فَشَرَحَتْ لَهُ َذلِكَ فَص َّ فََأَتتْ بِهَا َوبِبَنَاتِهَا إلَى دَارِهِ فَبَاَلغَ فِي إكْرَامِهِنَّ ،فَلَمَّا مَضَى نِصْفُ اللَّ ْيلِ َرأَى َذلِكَ اْلمُسْلِمُ الْقِيَامَةَ
حمْدِ َوعِنْدَهُ قَصْرٌ َعظِيمٌ . قَدْ قَا َمتْ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْقُودٌ عَلَى َرأْسِهِ ِلوَاءُ اْل َ
فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ِلمَنْ هَذَا الْقَصْرُ ؟ قَالَ لِرَ ُجلٍ مُسْلِمٍ ،قَالَ َأنَا مُسْلِمٌ ُموَحِّدٌ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :أَقِمْ عِنْدِي الْبَيِّنَةَ بِ َذلِكَ فََتحَيَّرَ ،فَقَصَّ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ الْعَ َلوِيَّةَ ،فَانْتَبَهَ الرَّ ُجلُ
حصِ عَنْهَا حَتَّى دُلَّ عَلَيْهَا بِدَارِ اْل َمجُوسِيِّ َفطَلَبَهَا َدهَا ،ثُمَّ بَاَلغَ فِي الْ َف ْ فِي غَايَةِ اْلحُ ْزنِ وَالْكَآبَةِ إذْ ر َّ
مِنْهُ فََأبَى وَقَالَ قَدْ َلحِقَنِي مِنْ بَ َركَاتِهِنَّ ،فَقَالَ خُذْ َألْفَ دِينَارٍ وَس َِّلمْهُنَّ إلَيَّ فََأبَى ،فَأَرَادَ أَنْ يُكْ ِرهَهُ ، فَقَالَ الَّذِي تُرِيدُهُ َأنَا أَحَقُّ بِهِ ،وَالْقَصْرُ الَّذِي َرَأيْته فِي ا َّلن ْومِ خُلِقَ لِي َ ،أتَ ْفخَرُ عَلَيَّ بِإِسْلَامِك ، َف َواَللَّهِ مَا َن ُمتْ َأنَا َوَأ ْهلُ دَارِي حَتَّى أَسْ َلمْنَا كُلُّنَا عَلَى يَدِ الْعَ َلوِيَّةِ ،وَ َرَأْيتُ مِ ْثلَ مَنَامِكَ .
اللهِ . وَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :الْعَ َلوِيَّةُ َوبَنَاتُهَا عِنْدَك ؟ قُلْت نَعَمْ يَا رَسُولَ َّ
قَالَ :الْقَصْرُ لَك َولَِأ ْهلِ دَارِك فَانْصَ َرفَ اْلمُسْلِمُ َوبِهِ مِنْ اْلكَآبَةِ وَاْلحُ ْزنِ مَا لَا يَعْ َلمُهُ إلَّا اللَّ ُه تَعَالَى .
()736/2
َرمٍ َوَلوْ صَغِريَةً ) َوعَدِّي لِهَذِهِ مِنْ ( الْكَبِريَةُ التَّاسِعَةُ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :إنْفَاقُ مَالٍ َوَلوْ فَلْسًا فِي مُح َّ
حجْرِ ، الْكَبَائِرِ لَمْ أَرَهُ لَكِنَّهُ ُهوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ ،فَإِنَّهُمْ عَدُّوا َذلِكَ سَفَهًا َوتَبْذِيرًا مُوجِبًا لِ ْل َ
حجُورَ عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ َولَا يَلِي َنحْوَ نِكَاحِ ابْنَتِ ِه ،وَمَ ْنعُ َوصَرَّحُوا َمعَ َذلِكَ بِأَنَّ السَّفِيهَ اْل َم ْ
حوِ اْل ِولَايَةِ يُنْبِئُ عَنْ الْفِسْقِ ،وَمِنْ لَا ِزمِ َك ْونِ َذلِكَ فِسْقًا أَنَّهُ كَبِريَةٌ َفظَهَرَ مَا َذكَ ْرتُهُ ، الشَّهَادَةِ َمعَ َن ْ َوُيوَجَّهُ مِنْ حَ ْيثُ اْلمَعْنَى بِأَنَّهُ لَا َأعَزُّ عِنْدَ النَّفْسِ مِنْ اْلمَالِ ،فَإِذَا هَانَ عَلَيْهَا صَرْفُهُ فِي مَعْصِيَةٍ دَلَّ
عَلَى الِانْ ِهمَاكِ التَّامِّ فِي َمحَبَّةِ اْلمَعَاصِي َ ،ولَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الِانْهِمَاكَ يَنْشَأُ عَنْهُ مَفَاسِدُ َعظِيمَ ٌة جِدًّا ، َاتجَهَ أَنَّ َذلِكَ كَبِريَةٌ مِنْ حَ ْيثُ اْلمَعْنَى َأيْضًا . ف َّ
()736/2
الْكَبِريَةُ الْعَاشِرَةُ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ ) :إيذَاءُ اْلجَارِ َوَلوْ ذِمِّيًّا كََأنْ يُشْ ِرفَ عَلَى حُرَمِهِ َأوْ يَبْنِيَ مَا ُيؤْذِيهِ مِمَّا َوغُ لَهُ شَ ْرعًا أَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ لَا يُس َّ وَسَلَّمَ قَالَ { :مَنْ كَانَ ُيؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالَْي ْومِ الْآخَرِ فَلَا ُيؤْذِي جَارَهُ ،وَمَنْ كَانَ ُيؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالَْي ْومِ الْآخَرِ فَلْيُكْ ِرمْ ضَيْفَهُ ،وَمَنْ كَانَ ُيؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالَْي ْومِ الْآخَرِ فَلْيَ ُقلْ خَيْرًا َأوْ لِيَسْ ُكتْ } . وَمُسْلِمٌ { :مَنْ كَانَ ُيؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالَْي ْومِ الْآخَرِ فَلْيُحْسِنْ إلَى جَارِهِ } . وَفِي ِروَايَةٍ سَنَ ُدهَا حَسَنٌ { :فَلْيُكْ ِرمْ جَارَهُ } .
الزنَا صحَابِهِ :مَا تَقُولُونَ فِي ِّ َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ وَالطَّبَرَانِيُّ أَنَّهُ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَِأ ْ
؟ قَالُوا حَرَامٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَ ُهوَ حَرَامٌ إلَى َي ْومِ الْقِيَامَةِ .
سوَةٍ أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ َأنْ يَ ْزنِيَ بِامْ َرأَةِ جَارِهِ . فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :لََأنْ يَ ْزنِيَ الرَّ ُجلُ بِعَشْرِ نِ ْ
قَالَ َفمَا تَقُولُونَ فِي السَّرِقَةِ ؟ قَالُوا حَرَّمَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَهِيَ حَرَامٌ إلَى َي ْومِ الْقِيَامَةِ . قَالَ :لََأنْ يَسْرِقَ الرَّ ُجلُ مِنْ عَشْرَةِ َأبْيَاتٍ َأيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ َأنْ يَسْ ِرقَ مِنْ جَارِهِ } .
َوأَ ْحمَدُ وَالشَّ ْيخَانِ َ { :واَللَّهِ لَا ُيؤْمِنُ َ ،واَللَّهِ لَا ُيؤْمِنُ َ ،واَللَّهِ لَا ُيؤْمِنُ ،قَالُوا مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟
قَالَ :الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ َبوَائِقَهُ } ،زَادَ أَ ْحمَدُ { :قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا َبوَائِقُهُ ؟ قَالَ شَرُّهُ } . وَالشَّ ْيخَانِ َ { :واَللَّهِ لَا ُيؤْمِنُ َ ،واَللَّهِ لَا ُيؤْمِنُ َ ،واَللَّهِ لَا ُيؤْمِنُ .
قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ مَنْ هَذَا ؟ قَالَ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ َبوَائِقَهُ :قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا َبوَائِقُهُ ؟ قَالَ شَرُّهُ } .
َوَأبُو يَعْلَى { :مَا ُهوَ بِ ُمؤْمِنٍ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ َبوَائِقَهُ } . وَالَْأصْبَهَانِيّ { :إنَّ
()736/2
الرَّ ُجلَ لَا يَكُونُ ُمؤْمِنًا حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ َبوَائِقَهُ ،يَبِيتُ حِنيَ يَبِيتُ َو ُهوَ آمِنٌ مِنْ شَرِّ ِه َ ،وإِنَّ اْل ُمؤْمِنَ
الَّذِي نَفْسُهُ فِي عَنَاءٍ وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ } .
وَمُسْلِمٌ َ { :واَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا ُيؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى ُيحِبَّ ِلجَارِهِ َأوْ لِأَخِيهِ مَا ُيحِبُّ لِنَفْسِهِ } . وَالطَّبَرَانِيُّ َ { :أتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّ َم رَ ُجلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي نَ َزلْتُ فِي َمحَلَّةِ بَنِي
َدهُمْ لِي أَذًى أَقْ َربُهُمْ لِي ِجوَارًا ،فَبَعَثَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َأبَا بَكْرٍ وَ ُعمَرَ َوعَلِيًّا فُلَانٍ َ ،وإِنَّ أَش َّ
سجِدَ فَيَقُومُونَ عَلَى بَابِهِ فَيَصِيحُونَ َألَا إنَّ أَ ْربَعِنيَ دَارًا جَارٌ َ ،ولَا يَدْ ُخلُ اْلجَنَّةَ مَنْ خَافَ يَ ْأتُونَ اْلمَ ْ جَارُهُ َبوَائِقَهُ } .
الدنْيَا { :لَا يَسْتَقِيمُ إميَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ َ ،ولَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ َوأَ ْحمَدُ وَابْنُ َأبِي ُّ لِسَانُهُ َ ،ولَا يَدْ ُخلُ اْلجَنَّةَ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ َبوَائِقَهُ } .
س مِنْ َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ َوَأبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ { :اْل ُمؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ ،وَاْلمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّا ُ
لِسَانِهِ َويَدِهِ ،وَاْلمُهَاجِرُ مَنْ َهجَرَ السُّوءَ َ ،واَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْ ُخلُ اْلجَنَّةَ عَبْدٌ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ
َبوَائِقَهُ } .
َوأَ ْحمَدُ َوغَيْرُهُ { :إنَّ اللَّهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ َكمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ َ ،وإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُ ْعطِي َب َ ،فمَنْ َأ ْعطَاهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ َ ،واَلَّذِي ال ُّدنْيَا مَنْ ُيحِبُّ وَمَنْ لَا ُيحِبُّ َولَا يُ ْعطِي الدِّينَ إلَّا مَنْ أَح َّ نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُسْلِمُ عَبْدٌ حَتَّى يَسْلَمَ قَلْبُهُ َولِسَانُهُ َ ،ولَا ُيؤْمِنُ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ َبوَائِقَهُ ،قُلْتُ وَمَا
َدقُ بِهِ فَيُقَْبلُ سبُ مَالًا مِنْ حَرَامٍ فَيُنْفِقُ مِنْهُ فَيُبَارَكُ لَهُ فِيهِ َولَا يَتَص َّ َبوَائِقُهُ ؟ قَالَ غِشُّهُ َوظُ ْلمُهُ َ ،ولَا يَكْ ِ مِنْهُ َولَا يَتْ ُركُهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إلَّا كَانَ زَادَهُ إلَى النَّارِ .
إنَّ اللَّهَ لَا َي ْمحُو السَّيِّئ
()767/2
بِالسَّيِّئِ َولَكِنْ َي ْمحُو السَّيِّئ بِاْلحَسَنِ ،إنَّ اْلخَبِيثَ لَا َي ْمحُو اْلخَبِيثَ } .
َوَأبُو الشَّ ْيخِ بْنِ حِبَّانَ { :مَنْ أَذَى جَارَهُ فَقَدْ أَذَانِي ،وَمَنْ أَذَانِي فَقَدْ أَذَى اللَّهَ ،وَمَنْ حَارَبَ جَارَهُ فَقَدْ حَا َربَنِي ،وَمَنْ حَا َربَنِي فَقَدْ حَارَبَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ وَفِيهِ نَكَارَةٌ .
صحَبُنَا الَْي ْومَ مَنْ أَذَى جَارَهُ . { خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ فَقَالَ :لَا يَ ْ صحَبُنَا الَْي ْومَ } . صلِ حَائِطِ جَارِي ،فَقَالَ لَا تَ ْ فَقَالَ رَ ُجلٌ مِنْ الْ َق ْومِ َأنَا بُلْت فِي َأ ْ
صحِيحِهِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َححَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَابْنِ حِبَّانَ فِي َ وَالنَّسَائِيُّ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
َكانَ يَقُولُ :اللَّهُمَّ إنِّي َأعُوذُ بِك مِنْ جَارِ السُّوءِ فِي دَارِ اْلمُقَامَةِ فَإِنَّ جَارَ الْبَا ِديَةِ يََتحَوَّلُ } . صمَيْنِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ جَارَانِ } . َوأَ ْحمَدُ وَاللَّفْظُ لَهُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ { :أَوَّلُ خَ ْ
وَالطَّبَرَانِيُّ { :جَاءَ رَ ُجلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْكُو جَارَهُ فَقَالَ اطْرَحْ مَتَاعَك
عَلَى الطَّرِيقِ َفطَرَحَهُ َ ،فجَ َعلَ النَّاسُ َيمُرُّونَ عَلَيْهِ َويَلْعَنُونَ ُه َ ،فجَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ النَّاسِ ،فَقَالَ :وَمَا لَقِيتُ مِنْهُمْ ؟ قَالَ يَلْعَنُونِي قَالَ :لَقَدْ لَعَنَكَ اللَّهُ
قَ ْبلَ النَّاسِ قَالَ :إنِّي لَا َأعُودُ َفجَاءَ الَّذِي شَكَاهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ارْفَعْ مَتَاعَكَ فَقَدْ كُفِيتَ } . ضعْ مَتَاعَكَ عَلَى الطَّرِيقِ َأوْ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ حوِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ َ { : وَ َروَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ بِنَ ْ
َف َوضَعَهُ ،فَكَانَ كُلُّ مَنْ مَرَّ بِهِ قَالَ مَا شَ ْأنُكَ قَالَ جَارِي ُيؤْذِينِي فَيَ ْدعُو عَلَيْهِ َفجَاءَ جَارُهُ فَقَالَ :رُدَّ
مَتَاعَكَ فَلَا ُأؤْذِيك َأبَدًا } .
َححَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ { :جَاءَ رَ ُجلٌ صحِيحِهِ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ َوَأبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
يَشْكُو
()767/2
َرتَيْنِ َأوْ ثَلَاثًا ،فَقَالَ ا ْذ َهبْ فَاطْرَحْ مَتَاعَك فِي الطَّرِيقِ فَفَ َعلَ ، جَارَهُ فَقَالَ لَهُ ا ْذ َهبْ فَاصْبِرْ ،فََأتَاهُ م َّ
َفجَ َعلَ النَّاسُ َيمُرُّونَ َويَسَْألُونَهُ َوُيخْبِ ُرهُمْ خَبَرَ جَارِهِ َفجَعَلُوا يَلْعَنُونَهُ فَ َعلَ اللَّهُ بِهِ وَفَ َعلَ َ ،وبَعْضُهُمْ يَ ْدعُو عَلَيْهِ َفجَاءَ إلَيْهِ جَارُهُ فَقَالَ ارْ ِجعْ فَإِنَّك لَنْ تَرَى مِنِّي شَيْئًا تَكْ َرهُهُ } .
َححَ ُه { :قَالَ رَ ُجلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فُلَانَةَ صحِيحِهِ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ َوأَ ْحمَدُ وَالْبَزَّارُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
تُ ْذكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا َوصَدَقَتِهَا َوصِيَامِهَا غَيْرَ أَنَّهَا ُتؤْذِي جِريَانَهَا بِلِسَانِهَا قَالَ هِيَ فِي النَّارِ ،قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ فُلَانَةَ تُ ْذكَرُ مِنْ قِلَّةِ صَلَاتِهَا َوصِيَامِهَا َوإِنَّهَا تَصَ َّدقُ بِالَْأْثوَارِ مِنْ الْأَقِطِ َولَا ُتؤْذِي جِريَانَهَا قَالَ هِيَ فِي اْلجَنَّةِ } .
صحِيحَةٍ َأيْضًا { :فُلَانَةُ تَصُومُ النَّهَارَ َوتَقُومُ اللَّ ْيلَ َوُتؤْذِي جِريَانَهَا قَالَ هِيَ فِي النَّارِ . وَفِي ِروَايَةٍ َ
َدقُ بِالَْأْثوَارِ :أَيْ بِاْلمُثَلَّثَةِ َج ْمعُ َثوْرٍ َو ُهوَ اْل ِقطْعَةُ مِنْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فُلَانَةُ تُصَلِّي اْلمَكْتُوبَاتِ َوتَص َّ الْأَقِطِ َ ،ولَا ُتؤْذِي جِريَانَهَا قَالَ هِيَ فِي اْلجَنَّةِ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ { عَنْ مُعَا ِويَةَ بْنِ حَيْدَةَ :قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ اْلجَارِ عَلَى جَارِهِ ؟ قَالَ :إنْ مَرِضَ عُ ْدتَهُ َ ،وِإنْ مَاتَ شَيَّعْتَهُ َ ،وِإنْ اسْتَقْ َرضَكَ أَقْ َرضْتَهُ َ ،وِإنْ َأ ْعوَرَ سَتَ ْرتَهُ } .
وَفِي ِروَايَةٍ لَِأبِي الشَّيْخِ { :وَِإنْ اسْتَعَانَك َأعَنْته َ ،وِإنْ احْتَاجَ َأ ْعطَيْتَهُ َ ،هلْ تَفْقَهُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ لَنْ
ُيؤَدِّيَ حَقَّ اْلجَارِ إلَّا قَلِيلٌ مِمَّنْ رَحِمَ اللَّهُ } .
َزيْته وَفِي ِروَايَةٍ لِ ْلخَرَاِئطِيِّ َ { :وإِذَا افْتَقَرَ عُدْتَ عَلَيْ ِه َ ،وإِذَا َأصَابَهُ خَيْرٌ هَنَّيْتَهُ َ ،وِإنْ َأصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ ع َّ جبُ عَنْهُ الرِّيحَ إلَّا بِإِ ْذنِهِ َ ،ولَا ُتؤْذِهِ بِفَاِئحِ حُ َ ،وإِذَا مَاتَ اتَّبَعْت جِنَا َزتَهُ َ ،ولَا تَسَْت ِطلْ عَلَيْهِ بِالْبِنَاءِ فََت ْ
قِدْرِك إلَّا َأنْ تَغْ ِرفَ لَهُ مِنْهَا
()762/2
َ ،وِإنْ اشْتَ َريْت فَاكِهَةً فََأهْدِ لَهُ مِنْهَا ،فَِإنْ لَمْ تَفْ َعلْ فَأَدْخِلْهَا سِرًّا َ ،ولَا َيخْرُجُ بِهَا َولَدُك لِيَغِيظَ بِهَا
َولَدَهُ } وَ َروَاهُ الَْأصْبَهَانِيُّ بَِنحْوِهِ . قَالَ اْلحَافِظُ اْلمُنْذِرِيُّ .
َ :ولَا َيخْفَى أَنَّ كَثْرَةَ هَذِهِ الطُّ ُرقِ تُكْسِبُهُ قُوَّةً . وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ { :مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانًا وَجَارُهُ جَاِئعٌ إلَى جَنْبِهِ َو ُهوَ يَعْلَمُ } .
صحِيحَةٍ { :لَيْسَ اْل ُمؤْمِنُ الَّذِي يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَاِئعٌ } وَالطَّبَرَانِيُّ { :جَاءَ رَ ُج ٌل فَقَالَ يَا وَفِي ِروَايَةٍ َ
ضلُ َث ْوبَيْنِ ؟ رَسُولَ اللَّهِ ُاكْسُنِي فََأعْرَضَ عَنْهُ ،فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ُاكْسُنِي فَقَالَ أَمَا لَك جَارٌ لَهُ فَ ْ ج َمعُ بَيْنَك َوبَيْنَهُ فِي اْلجَنَّةِ } . قَالَ :بَلَى غَيْرُ وَاحِدٍ قَالَ فَلَا ُي ْ
وَالَْأصْبَهَانِيّ َ { :كمْ مِنْ جَارٍ مُتَعَلِّقٍ ِبجَارِهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ يَا رَبِّ َسلْ هَذَا لِمَ َأغْلَقَ عَنِّي بَابَهُ ، وَمَنَعَنِي فَضْلَهُ } .
وَالتِّرْمِذِيُّ َوغَيْرُهُ َم ْوصُولًا وَمَ ْقطُوعًا بِضَعْفٍ فِيهِ عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :مَنْ يَأْخُذُ مِنِّي هَذِهِ الْكَ ِلمَاتِ فَيَ ْع َملُ بِهِنَّ َأوْ يُعَلِّمُ مَنْ يَ ْع َملُ بِهِنَّ ؟ فَقُلْت َأنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخَذَ بِيَدِي فَعَدَّ َخمْسًا .
فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :اتَّقِ اْل َمحَا ِرمَ تَكُنْ َأعْبَدَ النَّاسِ ،وَارْضَ ِبمَا قَسَمَ اللَّهُ لَك تَكُنْ َأغْنَى النَّاسِ َ ،وأَحْسِنْ إلَى جَارِك تَكُنْ ُمؤْمِنًا َ ،وأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِك تَكُنْ مُسْ ِلمًا َ ،ولَا تُكْثِرُ
الضحِكِ ُتمِيتُ الْقَ ْلبَ } . الضحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ َّ َّ
َححَهُ عَلَى شَرْطِ صحِيحَيْ ِهمَا وَاْلحَاكِمُ َوص َّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَابْنَا خُ َزْيمَةَ وَحِبَّانَ فِي َ
صحَابِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى خَيْ ُرهُمْ لِصَاحِبِهِ ،وَخَيْرُ اْلجِريَانِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى خَيْ ُرهُمْ مُسْلِمٍ { :خَيْرُ الَْأ ْ ِلجَارِهِ } . صحِيحٍ { :إنَّ مِنْ ُجمْلَةِ مَنْ ُيحِبُّهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَ ُجلٌ كَانَ وَفِي حَدِيثٍ َ
()766/2
لَهُ جَارُ سُوءٍ ُيؤْذِيهِ فَصَبَرَ عَلَى أَذَاهُ حَتَّى يَكْفِيَهُ اللَّهُ إيَّاهُ ِبحَيَاةٍ َأوْ َموْتٍ } .
َرثُهُ } . وَالشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا { :مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِاْلجَارِ حَتَّى ظَنَنْت أَنَّهُ سَُيو ِّ الصحِيحِ { عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ :خَرَجْتُ َمعَ َأهْلِي أُرِيدُ َوأَ ْحمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَ ُروَاتُهُ ُروَاةُ َّ ستُ ، النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا بِهِ قَائِمٌ َوإِذَا رَ ُجلٌ مُقِْبلٌ عَلَيْهِ َفظَنَ ْنتُ أَنَّ لَهُ حَاجَةً َفجَلَ ْ
َف َواَللَّهِ لَقَدْ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَعَلْتُ أَ ْرثِي لَهُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ ،ثُمَّ انْصَ َرفَ فَ ُق ْمتُ إلَيْهِ فَقُ ْلتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ قَامَ بِكَ هَذَا الرَّ ُجلُ حَتَّى جَعَ ْلتُ أَ ْرثِي لَك مِنْ طُولِ الْقِيَامِ .
َرثُهُ ،أَمَا قَالَ َأتَدْرِي مَنْ هَذَا ؟ قُلْت لَا قَالَ هَذَا جِبْرِيلُ مَا زَالَ يُوصِينِي بِاْلجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُو ِّ إنَّكَ َلوْ س ََّل ْمتَ عَلَيْهِ لَرَدَّ عَلَيْك السَّلَامَ } . وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ { عَنْ َأبِي أُمَامَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ َ :سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ َو ُهوَ عَلَى نَاقَتِهِ اْلجَ ْدعَاءِ فِي حَجَّةِ اْلوَدَاعِ يَقُولُ :أُوصِيكُمْ بِاْلجَارِ حَتَّى َأكْثَرَ ،فَقُلْت إنَّهُ
َرثُهُ } . ُيو ِّ حتْ لَهُ شَاةٌ َوَأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ { :إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ُعمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا ُذبِ َ فِي َأهْلِهِ ،فَلَمَّا جَاءَ قَالَ َأهْ َديْتُمْ ِلجَا ِرنَا الْيَهُودِيِّ ؟ قُلْنَا :لَا .
قَالَ َ :سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِاْلجَارِ حَتَّى ظَنَنْت
َرثُهُ } . أَنَّهُ سَُيو ِّ
ضوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَ ْجمَعِنيَ . الصحَابَةِ ِر ْ َوطُ ُرقُ هَذَا اْلمَتْنِ كَثِريَةٌ عَنْ َجمَاعَةٍ مِنْ َّ الصحِيحِ { مِنْ سَعَادَةِ اْلمَ ْرءِ اْلجَارُ الصَّاِلحُ وَاْلمَ ْركَبُ الْهَنِيءُ وَاْلمَسْكَنُ َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ ُروَاتُ ُه ُروَاةُ َّ
اْلوَا ِسعُ } .
صحِيحِهِ { :أَ ْرَبعٌ مِنْ السَّعَادَةِ :اْلمَ ْرأَةُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
()766/2
الصَّاِلحَةُ ،وَاْلمَسْكَنُ اْلوَا ِسعُ ،وَاْلجَارُ الصَّاِلحُ ،وَاْلمَ ْر َكبُ الْهَنِيءُ .
َوأَ ْرَبعٌ مِنْ الشَّقَاءِ اْلجَارُ السُّوءُ ،وَاْلمَ ْرأَةُ السُّوءُ ،وَاْلمَ ْر َكبُ السُّوءُ ،وَاْلمَسْكَنُ الضَّيِّقُ } . وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِريِ وَالَْأوْسَطِ { :إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَدْ َفعُ بِاْلمُسْلِمِ الصَّاِلحِ عَنْ مِائَةِ َأ ْهلِ بَ ْيتٍ مِنْ جِريَانِهِ الْبَلَاءَ ،ثُمَّ قَرَأَ َ { :وَلوْلَا دَ ْفعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَ ْعضٍ لَفَسَدَتْ الْأَرْضُ } } .
وَالْبَيْهَقِيُّ { أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى َع َملٍ إذَا َعمِ ْلتُ بِهِ دَخَلْتُ اْلجَنَّةَ ؟ فَقَالَ :كُنْ ُمحْسِنًا .
فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ َأعْلَمُ أَنِّي ُمحْسِنٌ ؟ قَالَ َ :سلْ جِريَانَك ،فَِإنْ قَالُوا إنَّك ُمحْسِنٌ فََأْنتَ ُمحْسِنٌ َ ،أوْ قَالُوا إنَّك مُسِيءٌ فََأْنتَ مُسِيءٌ } . الصحِيحَةِ َوبِهِ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ . تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا كَبِريَةً هُوَ صَرِيحُ مَا فِي الْأَحَادِيثِ الْكَثِريَةِ َّ
التخْصِيصِ أَنَّ فَِإنْ قُلْت :إيذَاءُ اْلمُسْلِمِ كَبِريَةٌ ُمطْلَقًا َفمَا وَجْهُ َتخْصِيصِ اْلجَارِ ؟ قُلْت :كَأَنَّ وَجْهَ َّ
إيذَاءَ غَيْرِ اْلجَارِ لَا بُدَّ فِيهِ َأنْ يَكُونَ لَهُ وَ ْقعٌ ِبحَ ْيثُ لَا ُيحَْت َملُ عَادَةً ِبخِلَافِ إيذَاءِ اْلجَارِ فَإِنَّهُ لَا
يُشْتَرَطُ فِي َك ْونِهِ كَبِريَةً َأنْ يَصْ ُدقَ عَلَيْهِ عُرْفًا أَنَّهُ إيذَاءٌ .
الصحِيحَةِ مِنْ تَأَكُّدِ حُرْمَةِ اْلجَارِ وَاْلمُبَالَغَةِ فِي َووَجْهُ الْفَ ْرقِ بَيْنَ ُهمَا ظَاهِرٌ ِلمَا عُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ َّ ِرعَايَةِ حُقُوقِهِ .
جوَارِ وَحَقُّ الْإِسْلَامِ وَحَقُّ الْقَرَابَةِ . وَاعْلَمْ أَنَّ اْلجِريَانَ ثَلَاثَةٌ :قَرِيبٌ مُسْلِمٌ فَلَهُ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ :حَقُّ اْل ِ
ص ْونُهُ عَنْ إيذَائِهِ َ ،ويَنْبَغِي الْإِحْسَانُ َولَانِ ،وَذِمِّيٌّ فَلَهُ اْلحَقُّ الْأَوَّلُ فَيَتَعَيَّنُ َ وَمُسْلِمٌ فَقَطْ فَلَهُ اْلحَقَّانِ الْأ َّ إلَيْهِ فَإِنَّ َذلِكَ يُنِْتجُ خَيْرًا كَثِريًا َكمَا فَ َعلَ سَ ْهلٌ التُّسْتَرِيُّ ِبجَارِهِ اْل َمجُوسِيِّ فَإِنَّهُ انْفَتَحَ مِنْ خَلَائِهِ َمحَلٌّ
لِدَارِ سَ ْهلٍ يَتَسَاقَطُ مِنْهُ الْقَذَرُ ،فَأَقَامَ سَ ْهلٌ مُدَّةً يُنَحِّي
()766/2
لَيْلًا مِمَّا َيجَْت ِمعُ مِنْهُ فِي بَيْتِهِ نَهَارًا فَلَمَّا مَرِضَ أَحْضَرَ اْل َمجُوسِيَّ َوأَخْبَرَهُ وَاعْتَذَرَ بِأَنَّهُ خَشِيَ مِنْ وَ َرثَتِهِ
جبَ اْل َمجُوسِيُّ مِنْ صَبْرِهِ عَلَى هَذَا الْإِيذَاءِ الْ َعظِيمِ قَالَ لَهُ صمُونَهُ ،فَ َع ِ أَنَّهُمْ لَا َيحَْتمِلُونَ َذلِكَ فَُيخَا ِ الطوِيلِ َوَأنَا مُقِيمٌ عَلَى كُفْرِي مُدَّ يَدَك لِأُسْلِمَ َفمَدَّ يَدَهُ فَأَسْلَمَ ،ثُمَّ تُعَامِلُنِي بِ َذلِكَ مُنْذُ هَذَا الزَّمَانِ َّ مَاتَ سَ ْهلٌ رَ ِحمَهُ اللَّهُ .
فَتَأ ََّملْ نَتِيجَةَ الصَّبْرِ َوعَاقِبَتَهُ وَفَّقَنَا اللَّهُ لِ َذلِكَ َوغَيْرِهِ آمِنيَ .
()763/2
الدنْيَا عَنْ عَمَّارِ ( الْكَبِريَةُ اْلحَا ِديَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :الْبِنَاءُ َفوْقَ اْلحَاجَةِ لِ ْلخُيَلَاءِ ) أَخْرَجَ ابْنُ َأبِي ُّ
بْنِ يَاسِرٍ قَالَ " :إذَا رَفَعَ الرَّ ُجلُ بِنَاءً َف ْوقَ سَبْعَةِ أَذْ ُرعٍ نُودِيَ يَا أَفْسَقَ الْفَاسِقِنيَ إلَى َأيْنَ ؟ " وَ ُروِيَ حَدِيثًا مَرْفُوعًا لَكِنَّهُ لَمْ يَصِحَّ . َوَأبُو دَاوُد عَنْ { َأنَسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َوَنحْنُ مَعَهُ
صحَابُهُ هَذِهِ لِفُلَانٍ رَ ُجلٍ مِنْ الَْأنْصَارِ فَسَكَتَ وَ َحمَلَهَا فِي فَ َرأَى قُبَّةً مُشْرِفَةً فَقَالَ مَا هَذِهِ ؟ قَالَ َأ ْ
نَفْسِهِ حَتَّى إذَا جَاءَ صَاحِبُهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،سَلَّمَ عَلَيْهِ فِي النَّاسِ فََأعْرَضَ عَنْهُ ، صحَابِهِ ضبَ فِي وَجْهِهِ وَالِْإعْرَاضَ عَنْهُ ،فَشَكَا َذلِكَ إلَى َأ ْ صََنعَ َذلِكَ مِرَارًا حَتَّى عَ َرفَ الرَّ ُجلُ الْغَ َ
فَقَالَ َواَللَّهِ إنِّي لَُأنْكِ ُر رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،قَالُوا خَرَجَ فَ َرأَى قُبَّتَكَ ،فَرَجَعَ الرَّ ُجلُ إلَى قُبَّتِهِ فَهَدَمَهَا حَتَّى سَوَّاهَا بِالْأَرْضِ َ ،فخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَ ْومٍ فَلَمْ يَ َرهَا قَالَ مَا فَعَلَتْ الْقُبَّةُ ؟ قَالُوا شَكَا إلَيْنَا صَاحِبُهَا إعْرَاضَكَ عَنْهُ فَأَخْبَ ْرنَاهُ فَهَدَمَهَا ،فَقَالَ :أَمَا إنَّ كُلَّ
بِنَاءٍ َوبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ إلَّا مَا لَا } :أَيْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ .
وَابْنُ مَاجَهْ َ { :مرَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبَّةٍ عَلَى بَابِ رَجُلٍ مِنْ الَْأنْصَارِ فَقَالَ مَا هَذِهِ ؟ قَالُوا قُبَّةٌ
بَنَاهَا فُلَانٌ .
فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :كُلُّ مَا كَانَ هَكَذَا فَ ُهوَ َوبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ ،فَبَلَغَ الَْأنْصَارِيَّ َذلِكَ َف َوضَعَهَا َفمَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ فَلَمْ يَ َرهَا ،فَسَأَلَ عَنْهَا فَأُخْبِرَ أَنَّهُ َوضَعَهَا ِلمَا
بَلَغَهُ عَنْهُ فَقَالَ يَرْ َحمُهُ اللَّهُ } وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ { :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِبِنْيَةِ قُبَّةٍ لِرَ ُجلٍ مِنْ
()766/2
الَْأنْصَارِ فَقَالَ مَا هَذِهِ ؟ قَالُوا :قُبَّةٌ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :كُلُّ بِنَاءٍ َوأَشَارَ بِيَدِهِ الشَّرِيفَةِ عَلَى َرأْسِهِ َأكْثَرَ مِنْ هَذَا فَ ُهوَ َوبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ َولَهُ َشوَاهِدُ { :كُلُّ بُنْيَانٍ َوبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ إلَّا مَا كَانَ هَكَذَا َوأَشَارَ بِكَفِّهِ َ ،وكُلُّ عِلْمٍ َوبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ إلَّا مَنْ َعمِلَ بِهِ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي ،الثَّلَاثَةِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ { :إذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ شَرًّا أَحْضَرَ لَهُ اللَّبِنَ وَالطِّنيَ حَتَّى يَبْنِيَ }
وَفِي الَْأوْسَطِ { :إذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ َهوَانًا َأنْفَقَ مَالَهُ فِي الْبُنْيَانِ } .
حمِلَهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } . وَفِي الْكَبِريِ مُرْسَلًا بِسَنَدٍ فِيهِ انْ ِقطَاعٌ { :مَنْ بَنَى َف ْوقَ مَا يَكْفِيهِ كُلِّفَ َأنْ َي ْ
وَفِي الْكَبِريِ مُرْسَلًا بِسَنَدٍ جَيِّدٍ { :إنَّ الْعَبَّاسَ َرضِيَ اللَّهُ عَ ْنهُ بَنَى قُبَّةً ،فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ َدقَ بَِثمَنِهَا فَقَالَ َأهْدِمُهَا } . وَسَلَّمَ اهْدِمْهَا َأوْ تَص َّ
َوصَحَّ عَلَى مَا قَالَهُ اْلحَاكِمُ { :كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ ،وَمَا َأنْفَقَ الرَّ ُجلُ عَلَى َأهْلِهِ كُِتبَ لَهُ صَدَقَةً ، وَمَا َأنْفَقَ اْل ُمؤْمِنُ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّ خَلَفَهَا عَلَى اللَّهِ َ ،واَللَّهُ ضَامِنٌ إلَّا مَا كَانَ فِي بُنْيَانٍ َأوْ مَعْصِيَةٍ } . َوصَحَّ ُ { :يؤْجَرُ اْلمَ ْرءُ فِي نَفَقَتِهِ كُلِّهَا إلَّا التُّرَابَ َأوْ قَالَ فِي الْبِنَاءِ } . وَ َروَى التِّرْمِذِيُّ { النَّفَقَةُ كُلُّهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إلَّا الْبِنَاءَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ } . َوَأبُو دَاوُد مُرْسَلًا { :إنَّ شَرَّ مَا َذ َهبَ فِيهِ مَالُ اْلمَ ْرءِ اْلمُسْلِمِ الْبُنْيَانُ } .
الصحِيحِ اْلمُتَّفَقِ عَلَيْهِ { :إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ َتطَاوُلُ ِرعَاءِ الشَّاءِ فِي الْبُنْيَانِ وَفِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ َّ
}.
وَفِي ِروَايَةٍ { :اْلحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ } :أَيْ الْفُقَرَاءَ { ِرعَاءَ الشَّاءِ } .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا مِنْ الْكَبَائِرِ لَمْ أَرَهُ لَكِنْ صَرِيحُ مَا فِي الَْأثَرِ الْأَوَّلِ وَمَا بَعْدَ ُه ،وَ َذلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ
()766/2
الصحَابَةِ مِنْ َذلِكَ يَكُونُ فِي حُكْمِ اْلمَرْفُوعِ إذْ لَا َمجَالَ الرأْيِ ،وَمَا جَاءَ عَنْ َّ الَْأثَرَ لَا يُقَالُ مِنْ قَِبلِ َّ
لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ ،وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي بَعْدَهُ مِنْهَا مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي اْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ ،وَمِنْهَا مَا ُهوَ مُشِريٌ إلَى َذلِكَ .
إذْ غَضَبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َوعَ َدمُ رَدِّهِ السَّلَامَ َوعَ َدمُ ِرضَاهُ إلَّا بِالْهَ ْدمِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ َذلِكَ كَبِريَةٌ
حوُهُ َوكَذَا ،لَكِنْ يَنْبَغِي َحمْلُهُ عَلَى مَا َذكَرْته فِي التَّرْ َجمَةِ مِنْ أَنَّ َذلِكَ إنْ قُصِدَ بِهِ اْلخُيَلَاءُ َأوْ َن ْ الدلَالَةِ عَلَى اْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ . التَّعْبِريُ بِاْل َوبَالِ وَالْ َهوَانِ وَالشَّرِّ كُلُّهُ صَرِيحٌ َأوْ كَالصَّرِيحِ فِي َّ
()766/2
َدثَنِي َرمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ :ح َّ ( َتغْيِريُ مَنَارِ الْأَرْضِ ) أَخْرَجَ أَ ْحمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ { عَنْ عَلِيٍّ ك َّ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَ ْربَعِ كَ ِلمَاتٍ ،قُلْت :مَا هُنَّ يَا أَمِريَ اْل ُمؤْمِنِنيَ ؟ قَالَ :لَعَنَ اللَّهُ مَنْ َذَبحَ لِغَيْرِ اللَّهِ ،لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِ َديْهِ ،لَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى ُمحْ ِدثًا ،لَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ
ط َ ،ولَ ْفظُهُ { : اللوَا ِ الْأَرْضِ } ،وَاْلمُرَادُ بِهِ عَلَامَاتُ حُدُو ِدهَا َكمَا صَرَّحَ بِهِ اْلحَدِيثُ الْآتِي فِي ِّ مَلْعُونٌ مَنْ غَيَّرَ حُدُودَ الْأَرْضِ } .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا مِنْ الْكَبَائِرِ ُهوَ صَرِيحُ هَذَا اْلحَدِيثِ َ ،وبِهِ صَرَّحَ َجمَاعَةٌ َووَجْهُهُ أَنَّ فِيهِ َأ ْكلَ أَ ْموَالِ النَّاسِ بِالْبَا ِطلِ َأوْ إيذَاءَ اْلمُسْ ِلمِنيَ الْإِيذَاءَ الشَّدِيدَ َأوْ التَّسَُّببَ إلَى أَحَدِ الْأَمْ َريْنِ َولِ ْلوَسَاِئلِ ُحكْمُ
ش َملَ َذلِكَ مِنْ غَيْ ِرهَا مِنْ أَحَدِ الشُّ َركَاءِ َأوْ الْأَجَاِنبِ وَمَنْ تَسَبَّبَ إلَى َذلِكَ كَأَنْ َّاتخَذَ اْلمَقَاصِدِ ،فَ َ
فِي أَرْضِ الْغَيْرِ َممْشًى يَصِريُ بِسُلُوكِهِ طَرِيقًا َوإِلَّا جَازَ حَيْثُ لَا ضَرَرَ وَقَدْ وَ َقعَ لِلْقَفَّالِ مِنْ أَئِمَّتِنَا أَنَّهُ
كَانَ رَاكِبًا ِبجَاِنبِ مَلِكٍ َوبِاْلجَاِنبِ الْآخَرِ إمَامٌ حَنَفِيٌّ فَضَاقَتْ الطَّرِيقُ فَسَلَكَ الْقَفَّالُ غَيْ َرهَا ،فَقَالَ اْلحَنَفِيُّ لِ ْلمَلِكِ َ :سلْ الشَّ ْيخَ أََيجُوزُ سُلُوكُ أَرْضِ الْغَيْرِ ؟ فَسَأَلَهُ اْلمَلِكُ ؟ فَقَالَ :نَعَمْ إذَا لَمْ تَصِرْ بِهِ ح ُو زَ ْرعٍ يَضُرُّهُ السُّلُوكُ َكمَا ُهوَ ظَاهِرٌ . طَرِيقًا أَيْ َولَمْ يَكُنْ فِيهَا َن ْ
()767/2
صحَابُ السُّنَنِ أَنَّهُ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُعِنَ مَنْ َأضَلَّ ( إضْلَالُ الَْأ ْعمَى عَنْ الطَّرِيقِ ) َروَى َأ ْ
َأ ْعمَى عَنْ الطَّرِيقِ } .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا كَبِريَةً هُوَ مَا وَ َقعَ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ َوكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِمَّا َذكَرْته لِمَا مَرَّ أَنَّ اللَّعْنَ مِنْ عَلَامَاتِ الْكَبِريَةِ َووَجْهُهُ ظَاهِرٌ ،لِأَنَّهُ يَدْ ُخلُ فِي إيذَاءِ النَّاسِ الْإِيذَاءَ الْبَلِيغَ الَّذِي لَا يُحْتَ َملُ عَادَةً ،
لِأَنَّ مَنْ يُضِلُّ الَْأ ْعمَى عَنْ الطَّرِيقِ يَتَسََّببُ إلَى وُقُوعِهِ فِي مَضَارَّ وَ َمخَا ِوفَ كَثِريَةٍ َكمَا ُهوَ ظَاهِرٌ فَلَمْ يَبْعُدْ َأنْ يَكُونَ السََّببُ إلَى ذَلِكَ كَبِريَةً .
()767/2
َرفُ فِي الطَّرِيقِ الْغَيْرِ النَّافِذِ ( الْكَبِريَةُ الرَّابِعَةَ وَاْلخَامِسَةَ وَالسَّادِسَةَ عَشَرَ ،بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ ) :التَّص ُّ َرفُ فِي َرفُ فِي الشَّا ِرعِ ِبمَا يَضُرُّ اْلمَارَّةَ إضْرَارًا بَلِيغًا غَيْرُ سَاِئغٍ شَ ْرعًا ،وَالتَّص ُّ بِغَيْرِ إ ْذنِ َأهْلِهِ وَالتَّص ُّ اْلجِدَارِ اْلمُشْتَرَكِ بِغَيْرِ إ ْذنِ شَرِيكِهِ ِبمَا لَا ُيحَْت َملُ عَادَةً عِنْدَ مَنْ قَالَ ِبحُرْمَةِ َذلِكَ .
وَ ِذكْرِي لِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِمْ َوِإنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ لِأَنَّ كُلَّ َذلِكَ يَرْ ِجعُ إلَى أَذِيَّةِ النَّاسِ
َديًا َوظُ ْلمًا َ ،ولَا شَكَّ أَنَّ كُلاا مِنْ هَ َذيْنِ الْأَمْ َريْنِ الْعَامَّيْنِ الْأَذِيَّةَ الْبَالِغَةَ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَى حُقُوقِهِمْ تَع ِّ ش َملُ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ َوغَيْ َرهَا فَ ِذكْ ُرهَا َّإنمَا ُهوَ تَصْرِيحٌ ِبمَا عُلِمَ مِنْ َأعْنِي الْأَذِيَّةَ وَالِاسْتِيلَاءَ اْلمَ ْذكُو َريْنِ يَ ْ ش َملُ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ فَلَا يَ ِغبْ صبِ وَالظُّلْمِ َوغَيْ ِر ِهمَا تَ ْ كَلَامِهِمْ َكمَا تَقَرَّرَ ،وَالْأَدِلَّةُ الْآتِيَةُ فِي بَحْثَيْ الْغَ ْ صبِ خَبَرُ { مَنْ أَخَذَ مِنْ طَرِيقِ النَّاسِ شِبْرًا جَاءَ بِهِ َي ْومَ عَنْك اسِْتحْضَا ُرهَا هُنَا ،وَسَيَأْتِي فِي الْغَ ْ حمِلُهُ مِنْ سَ ْبعِ أَ َرضِنيَ } . الْقِيَامَةِ َي ْ
()762/2
صحِيحًا فِي عَقِي َدتِهِ مِنْ أَدَاءِ مَا ( الْكَبِريَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ ) :امْتِنَاعُ الضَّامِنِ ضَمَانًا َ
ضمِنَ بِإِ ْذنٍ َأمْ لَا وَ ِذكْرِي لِهَذِهِ فِي الْكَبَائِرِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ ضمُونِ لَهُ َمعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ َسوَاءٌ َأ َ ضمِنَهُ لِ ْلمَ ْ َ الديْنُ فِي ذِمَّتِهِ أَيْضًا حَقِيقَةً فَ ُهوَ مَدِينٌ فَفِيهِ َجمِيعُ مَا مَرَّ فِي َم ْطلِ الْغَنِيِّ ،لَكِنَّ وَجْهَ الضَّامِنَ يَثُْبتُ َّ
ِالضمَانِ لَا يُوقِعُهُ فِي هَذِهِ اْلوَ ْرطَةِ َرعَهُ ب َّ ِالذكْرِ خَفَاؤُهُ عَلَى َأكْثَرِ النَّاسِ ِ ،لظَنِّهِمْ أَنَّ تَب ُّ َتخْصِيصِ هَذَا ب ِّ ِالضمَانِ يَصِريُ مَ ْديُونًا حَقِيقَةً حَتَّى ُيطَاَلبَ بِهِ فِي الْآخِرَةِ َرعَ ب َّ الْ َعظِيمَةِ َولَيْسَ َكمَا ظَنُّوا لِأَنَّهُ َوِإنْ تَب َّ
َأيْضًا َكمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الَْأئِمَّةِ .
()766/2
الْكَبِريَةُ الثَّامِنَةَ وَالتَّاسِعَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ ) :خِيَانَةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِشَرِيكِهِ َأوْ اْل َوكِيلِ ِل ُموَكِّلِهِ
ري َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ أَخْرَجَ َأبُو يَعْلَى وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ النُّ ْعمَانِ بْنِ بَشِ ٍ وَسَلَّمَ { :مَنْ خَانَ شَرِيكًا فِيمَا ائَْتمَنَهُ عَلَيْهِ وَاسْتَ ْرعَاهُ لَهُ فََأنَا بَرِيءٌ مِنْهُ } َ ،ووَرَدَ { :مَنْ خَانَ مَنْ صمُهُ } . ائَْتمَنَهُ فََأنَا خَ ْ
وَفِي اْلحَدِيثِ اْلمُتَّفَقِ عَلَيْهِ { :أَ ْرَبعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ،وَمَنْ كَانَ فِيهِ خَصْلَةً مِنْهُنَّ ب َ ،وإِذَا ائُْتمِنَ خَانَ َ ،وإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، كَانَ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَ َدعَهَا :إذَا حَدَّثَ كَذَ َ
َوإِذَا خَاصَمَ َفجَرَ } .
َححَهُ { :يَقُولُ اللَّهُ َأنَا ثَاِلثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ َيخُنْ أَحَ ُد ُهمَا صَاحِبَهُ ، وَ َروَى َأبُو دَاوُد وَاْلحَاكِمُ وَص َّ
فَإِذَا خَانَ خَرَ ْجتُ مِنْ بَيْنِ ِهمَا } . ،
وَزَادَ رَزِينٌ { :وَجَاءَ الشَّ ْيطَانُ } . وَالدَّارَ ُقطْنِيُّ { :يَدُ اللَّهِ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ َيخُنْ أَحَ ُد ُهمَا صَاحِبَهُ فَإِذَا خَانَ أَحَ ُد ُهمَا صَاحِبَهُ رَفَعَهَا
َالنمُوِّ مَا دَامَا جَا ِريَيْنِ عَلَى قَانُونِ عَنْ ُهمَا } َ ،وهَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ كِنَايَةٌ عَنْ إنْزَالِ الْبَ َركَةِ وَاْلحِفْظِ و ُّ الصِّ ْدقِ وَالْأَمَانَةِ َ ،وعَنْ َمحْقِ الْبَ َركَةِ َوتَسْلِيطِ الْآفَاتِ عَلَى اْلمَالِ إذَا وَقَ َعتْ مِنْ أَحَ ِد ِهمَا خِيَانَةٌ . وَالْبَزَّارُ وَالدَّارَ ُقطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ { :اْل ُمؤْمِنُ إذَا حَدَّثَ صَ َدقَ َ ،وإِذَا عَاهَدَ لَمْ يَغْدِ ْر َ ،وإِذَا
ُا ْؤُتمِنَ لَمْ َيخُنْ } .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَ َذيْنِ مِنْ الْكَبَائِرِ ظَاهِرٌ مِنْ الْأَحَادِيثِ َوِإنْ لَمْ يَذْكُرُوهُ ِبخُصُوصِهِ لِأَنَّهُمْ َذكَرُوا مِنْ ضعَ . شمَلُهُ َكمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَ ْأتِي فِي َموَا ِ الْكَبَائِرِ مَا يَ ْ وَسَيَ ْأتِي فِي اْلوَدِيعَةِ أَحَادِيثُ أُخَرُ تَتَعَلَّقُ بِ َذلِكَ .
()766/2
( الْكَبِريَةُ الْعِشْرُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ ) :الْإِقْرَارُ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ كَ ِذبًا َأوْ لِأَجْنَبِيٍّ بِ َديْنٍ َأوْ عَيْنٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ " :الْإِضْرَارُ فِي اْل َوصِيَّةِ مِنْ الْكَبَائِرِ " . َروَاهُ الدَّارَ ُقطْنِيُّ . الصحِيحُ وَقْفُهُ . قَالَ ابْنُ َأبِي حَاتِمٍ َّ :
وَ َروَى أَ ْحمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ
{ :إنَّ الرَّ ُجلَ لَيَ ْع َملُ بِ َع َملِ اْلخَيْرِ سَبْعِنيَ سَنَةً َوإِذَا َأ ْوصَى جَارَ فِي َوصِيَّتِهِ فَُيخْتَمُ لَهُ بِشَرِّ عَمَلِهِ فَيَدْ ُخلُ النَّارَ َ ،وإِنَّ الرَّ ُجلَ لَيَعْ َملُ بِ َع َملِ َأ ْهلِ الشَّرِّ سَبْعِنيَ سَنَةً فَيَعْدِلُ فِي َوصِيَّتِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرِ
َعمَلِهِ فَيَدْ ُخلُ اْلجَنَّةَ ،ثُمَّ يَقُولُ َأبُو هُ َريْرَةَ اقْ َرءُوا إنْ شِئْتُمْ { تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ } إلَى َق ْولِهِ { :عَذَابٌ مُهِنيٌ } } .
وَفِي ِروَايَةٍ لَِأبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :إنَّ الرَّ ُجلَ لَيَ ْع َملُ َأوْ اْلمَ ْرأَةُ
جبُ لَ ُهمَا النَّارُ ،ثُمَّ قَ َرأَ َأبُو هُرَيْرَةَ َرضِيَ ِبطَاعَةِ اللَّهِ ثُمَّ َيحْضُ ُر ُهمَا اْلمَوْتُ فَيُضَارَّانِ فِي اْل َوصِيَّةِ فَتَ ِ اللَّهُ عَنْهُ { :مِنْ بَعْدِ َوصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا َأوْ َديْنٍ } إلَى َق ْولِهِ { :الْ َفوْزُ الْ َعظِيمُ } } قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ الِْإضْرَارِ فِي اْل َوصِيَّةِ كَبِريَةً هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ كَثِريُونَ وَمِنْهُ مَا َذكَرْته هُنَا ،وَسَيَ ْأتِي تَ ْتمِيمُهُ فِي بَابِ اْل َوصِيَّةِ َمعَ الْكَلَامِ عَلَى الْآيَةِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا َأبُو هُرَيْرَةَ .
()766/2
الديُونِ َأوْ عِنْدَهُ مِنْ الَْأعْيَانِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ بِهِ مِنْ غَيْرِ اْلوَ َرثَةِ مَنْ يُثْبِتُ تَرْكُ إقْرَارِ اْلمَرِيضِ ِبمَا عَلَيْهِ مِنْ ُّ بِ َق ْولِهِ َوعَدِّي لِهَذَا كَبِريَةً ظَاهِرٌ َوِإنْ لَمْ يَ ْذكُرُوهُ لِأَنَّ تَرْكَ الْإِقْرَارِ ِبمَا ُذكِرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِيهِ تَسَبُّبٌ ظَاهِرٌ إلَى ضَيَاعِ حَقِّ الْغَيْرِ وَضَيَاعُ حَقِّ الْغَيْرِ كَبِريَةٌ ،فَكَذَا التَّسَُّببُ إلَيْهِ ِلمَا مَرَّ أَنَّ لِ ْلوَسَاِئلِ حُكْمُ حوِهِ مَا يُصَرِّحُ بِ َذلِكَ . خمْرِ َوَن ْ اْلمَقَاصِدِ ،وَسَيَ ْأتِي فِي عَاصِرِ اْل َ
()763/2
الْكَبِريَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ الْإِقْرَارُ بِنَسَبٍ كَ ِذبًا َأوْ َجحْدُهُ كَ َذلِكَ أَخْرَجَ أَ ْحمَدُ
وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ َعمْرِو بْنِ شُعَ ْيبٍ عَنْ َأبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { : ادعَى نَسَبًا لَا يُعْ َرفُ } . َرأَ مِنْ نَسَبٍ َوِإنْ دَقَّ َأوْ َّ كَفَرَ مَنْ تَب َّ
جمْهُورُ عَلَى َو َعمْرُو بْنِ شُعَ ْيبِ بْنِ ُمحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ َعمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِيهِ كَلَامٌ َطوِيلٌ وَاْل ُ
َت ْوثِيقِهِ َوعَلَى الِاحِْتجَاجِ بِ ِروَايَتِهِ عَنْ َأبِيهِ عَنْ جَدِّهِ .
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ مِنْ ِروَايَةِ اْلحَجَّاجِ بْنِ أَ ْرطَاةَ وَثَّقَهُ كَثِريُونَ َوبَالَغُوا فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ . َرمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَنْ َأبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ َوك َّ
سبٍ َوِإنْ دَقَّ كَفَرَ بِاَللَّهِ } . ادعَى نَسَبًا لَا يُعْ َرفُ كَفَرَ بِاَللَّهِ ،وَمَنْ انْتَفَى مِنْ نَ َ { مَنْ َّ َوأَ ْحمَدُ { :إنَّ لِلَّهِ عِبَادًا لَا يُك َِّلمُهُمْ اللَّهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َولَا يُزَكِّيهِمْ َولَا يَ ْنظُرُ إلَيْهِمْ َولَهُمْ عَذَابٌ َألِي ٌم ، قِيلَ وَمَنْ أُولَئِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ مُتَبَرِّئٌ مِنْ وَالِ َديْهِ رَاغِبٌ عَنْ ُهمَا ،وَمُتَبَرِّئٌ مِنْ َولَدِهِ ،وَرَ ُجلٌ
َرأَ مِنْهُمْ } وَاْلمُرَادُ الِْإنْعَامُ بِالْعِتْقِ ِلخَبَرِ مُسْلِمٍ { :مَنْ َتوَلَّى َقوْمًا َأنْعَمَ عَلَيْهِ َق ْومٌ فَكَفَرَ نِ ْعمَتَهُمْ وَتَب َّ
بِغَيْرِ إ ْذنِ َموَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَاْلمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَ ْجمَعِنيَ لَا يُقَْبلُ مِنْهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ عَدْلٌ َولَا صَ ْرفٌ } .
الصحِيحَيْنِ وَمَا اشَْت َملَ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا اْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ جِدًّا مَا َذكَرْته تَنْبِيهٌ :ثَبَتَ بِهَ َذيْنِ اْلحَدِيثَيْنِ َّ
َوِإنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ مِنْ أَنَّ كُلاا مِنْ َذيْنِك كَبِريَةٌ َ ،و ُهوَ ظَاهِرٌ لَا مِ ْريَةَ فِيهِ لِ ِعظَمِ ضَرَرِ كُلٍّ مِنْ ُهمَا
وَمَا يَتَرََّتبُ عَلَيْهِ مِنْ الْقَبَائِحِ وَاْلمَفَاسِدِ َوتَغْيِريِ مَا شَ َرعَهُ اللَّهُ ،لِأَنَّ اْل َولَدَ إذَا ُأنْكِرَ كَ ِذبًا
()766/2
صَارَ فِي حُكْمِ الْأَجْنَبِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ ،وَالْأَجْنَبِيُّ إذَا جُ ِعلَ َولَدًا يَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الْ َولَدِ
ُم رََأيْت اْلجَلَالَ الْبُلْقِينِيَّ عَدَّ مِنْ الْكَبَائِرِ ظَاهِرًا ،وَفِي َذلِكَ مِنْ اْلمَضَارِّ وَاْلمَفَاسِدِ مَا لَا َيخْفَى ،ث َّ
ادعَى َأبًا فِي الْإِسْلَامِ يَعْلَمُ أَنَّهُ الصحِيحَيْنِ { :مَنْ َّ ادعَاءَ الْأَبِ َو ُهوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ َأبِيهِ وَاسْتَدَلَّ ِبخَبَرِ َّ ِّ غَيْرُ َأبِيهِ فَاْلجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ } .
()766/2
( الْكَبِريَةُ الرَّابِعَةُ وَاْلخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ ) :اسْتِ ْعمَالُ الْعَارِيَّةِ فِي غَيْرِ اْلمَنْفَعَةِ
الَّتِي اسْتَعَا َرهَا لَهَا َأوْ إعَا َرتُهَا مِنْ غَيْرِ إ ْذنِ مَالِكِهَا َأوْ عِنْدَ َمنْ قَالَ ِبمَنْعِهَا َأوْ اسْتِ ْعمَالِهَا بَعْدَ اْلمُدَّةِ صبِ وَالظُّلْمِ اْل ُمؤَقَّتَةِ بِهَا َوتَصْ ِرحيِي بِأَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ كَبَائِرُ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَا ِمهِمْ ،لِأَنَّهُ يَرْ ِجعُ إلَى الْغَ ْ
الْآتِيَيْنِ َوكُلٌّ مِنْ ُهمَا كَبِريَةٌ إ ْجمَاعًا إذْ فِيهِ ظُلْمٌ لِ ْلمَالِكِ ،وَاسْتِيلَاءٌ عَلَى حَقِّهِ وَمَالِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ ،فَكُلُّ مَا
ح َوهَا . ش َملُ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ َوَن ْ وَرَدَ فِي ِهمَا مِنْ اْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ فِي الْأَحَادِيثِ الْآتِيَةِ تَ ْ
()766/2
صبُ َ ،و ُهوَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ ظُ ْلمًا أَخْرَجَ الْكَبِريَةُ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ ) :الْغَ ْ َن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :مَنْ ظَلَمَ قَيْدَ شِبْرٍ الشَّ ْيخَانِ { عَنْ عَائِشَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أ َّ
مِنْ أَرْضٍ :أَيْ قَدْرَهُ ،طُوِّقَهُ مِنْ سَ ْبعِ أَ َرضِنيَ } .
َوقَ َحمْلَهَا َي ْومَ الْقِيَامَةِ . قِيلَ أَرَادَ َط ْوقَ التَّكْلِيفِ لَا َط ْوقَ التَّقْلِيدِ َ ،و ُهوَ َأنْ ُيط َّ
َالط ْوقِ . وَالَْأصَحُّ َكمَا قَالَهُ الْبَ َغوِيّ أَنَّهُ ُيخْسَفُ بِهِ الْأَرْضُ فَتَصِريُ الْبُ ْقعَةُ فِي عُنُقِهِ ك َّ وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِهِ خَبَرُ الطَّبَرَانِيِّ َوأَ ْحمَدَ َوغَيْرِهِ الْآتِي قَرِيبًا ،وَخَبَرُ الُْبخَارِيِّ َوغَيْرِهِ { :مَنْ أَخَذَ مِنْ الْأَرْضِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ إلَى سَبْعِ أَ َرضِنيَ } .
َوقَهُ اللَّهُ إلَى سَ ْبعِ أَ َرضِنيَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } . وَمُسْلِمٌ { :لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ إلَّا ط َّ صحِيحٍ { :مَنْ أَخَذَ مِنْ الْأَرْضِ شِبْرًا بِغَيْرِ حَقِّهِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَ َرضِنيَ } . َوأَ ْحمَدُ بِإِسْنَادٍ َ
صحِيحِهِ { :أَُّيمَا رَ ُجلٍ ظَلَمَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ كَلَّفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ َوأَ ْحمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
َأنْ َيحْفِرَ لَهُ حَتَّى يَبْ ُلغَ بِهِ سَ ْبعَ أَ َرضِنيَ ثُمَّ ُيطَوِّقَهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ } .
ح ِملَ تُرَابَهَا إلَى اْل َمحْشَرِ } . َوأَ ْحمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ { :مَنْ أَخَذَ أَ ْرضًا بِغَيْرِ حَقِّهَا كُلِّفَ َأنْ َي ْ
حمِلَهُ إلَى َوالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِريِ { :مَنْ ظَلَمَ مِنْ الْأَرْضِ شِبْرًا كُلِّفَ َأنْ َيحْفِرَهُ حَتَّى يَبْلُغَ اْلمَاءَ ،ثُمَّ َي ْ اْل َمحْشَرِ } .
َوأَ ْحمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ { :مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَ َرضِنيَ لَا يُقَْبلُ مِنْ ُه صَ ْرفٌ
َولَا عَدْلٌ } .
َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِريِ { عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ :قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ ،أَيُّ ظُلْمٍ َأظْلَ ُم ،
فَقَالَ :ذِرَاعٌ مِنْ الْأَرْضِ يَنْتَقِصُهَا اْلمَرْءُ
()767/2
اْلمُسْلِمُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَيْسَ حَصَاةٌ مِنْ الْأَرْضِ يَأْخُ ُذهَا إلَّا طُوِّقَهَا َي ْومَ الْقِيَامَةِ إلَى قَعْرِ الْأَرْضِ َ ،ولَا
يَعْلَمُ قَعْ َرهَا إلَّا اللَّهُ الَّذِي خَلَقَهَا } .
َوأَ ْحمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ َ { :أ ْعظَمُ الْغُلُولِ عِنْدَ اللَّهِ ذِرَاعٌ فِي الْأَرْضِ َتجِدُونَ الرَّجُلَيْنِ جَا َريْنِ فِي الْأَرْضِ َأوْ فِي الدَّارِ فَيَقَْت ِطعُ أَحَ ُد ُهمَا مِنْ حَظِّ صَاحِبِهِ ذِرَاعًا إذَا اقَْتطَعَهُ طُوِّقَهُ مِنْ سَ ْبعِ أَرَضِنيَ } .
صبَ رَجُلًا أَ ْرضًا ظُ ْلمًا لَقِيَ اللَّهَ َو ُهوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ } . وَالطَّبَرَانِيُّ { مَنْ غَ َ
حمِلُهُ مِنْ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِريِ وَالصَّغِريِ { :مَنْ أَخَذَ مِنْ طَرِيقِ اْلمُسْلِمِنيَ شِبْرًا جَاءَ بِهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ يَ ْ
سَ ْبعِ أَ َرضِنيَ } . اللهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ صحِيحِهِ عَنْ أَبِي ُحمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ َرضِيَ َّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :لَا َيحِلُّ ِلمُسْلِمٍ َأنْ يَأْخُذَ عَصَا أَخِيهِ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ } . َرمَ اللَّهُ مِنْ مَالِ اْلمُسْلِمِ عَلَى اْلمُسْلِمِ . قَالَ َذلِكَ لِشِدَّةِ مَا ح َّ
صبِ كَبِريَةً َأنْ يَكُونَ اْلمَالُ اْلمَغْصُوبُ ُرْبعَ دِينَارٍ . تَنْبِيهٌ :اعْتَبَرَ الْبَ َغوِيّ َوغَيْرُهُ فِي َك ْونِ الْغَ ْ وَحَكَى الْقَاضِي الْبَاقِلَّانِيُّ أَنَّ بَ ْعضَ اْلمُعْتَ ِزلَةِ اشْتَرَطَ َأنْ يَبْ ُل َغ مِائَتَيْ دِ ْرهَمٍ . َوعَنْ اْلجُبَّائِيِّ أَنَّهُ اشْتَرَطَ َأنْ يَبْ ُلغَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ .
َوعَنْ اْلجُبَّائِيِّ َوغَيْرِهِ أَنَّهُ اشْتَرَطَ بُلُوغَهُ َخمْسَةَ دَرَاهِمَ .
َوعَنْ الْبَصْرِيِّنيَ أَنَّهُمْ اشْتَ َرطُوا بُلُوغَهُ دِ ْر َهمًا .
وَقَالَ اْلحَلِيمِيُّ :إنْ كَانَ شَيْئًا تَافِهًا فَصَغِريَةٌ إلَّا َأنْ يَكُونَ صَاحِبَهُ لَا غِنَى بِهِ عَنْهُ فَكَبِريَةٌ . الصحِيحَةِ سخِ الرَّافِعِيِّ َّ ط ُرْبعِ دِينَارٍ ُهوَ مَا فِي إشْرَافِ الْهَرَوِيِّ َوغَيْرِهِ وَنُ َ قَالَ الْأَذْ َرعِيُّ :وَاشْتِرَا ُ سخٍ مِنْهُ وَفِي الرَّ ْوضَةِ َأنْ يَبْ ُلغَ دِينَارًا َو ُهوَ َتحْرِيفٌ مِنْ نَاقِلِهِ انْتَهَى . َووَ َقعَ فِي نُ َ
وَقَالَ الشَّ ْيخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ َ :ك ْونُ شَهَادَةِ الزُّورِ كَبِريَةً َكمَا فِي
()767/2
اْلخَبَرِ ظَاهِرٌ إنْ وَقَ َعتْ فِي مَالٍ َخطِريٍ ،فَإِنْ وَقَ َعتْ فِي مَا ٍل يَسِريٍ كَ َزبِيبَةٍ َأوْ َتمْرَةٍ فََيجُوزُ أَنْ ُيجْ َعلَ خمْرِ كَبِريَةً َوِإنْ لَمْ يََتحَقَّقْ مِنْ الْكَبَائِرِ َف ْطمًا عَنْ هَذِهِ اْلمَفَاسِدِ َ ،كمَا جُ ِعلَ شُرْبُ َقطْرَةٍ مِنْ اْل َ
اْلمَفْسَدَةُ َ ،ويَجُوزُ َأنْ يُضْبَطَ َذلِكَ اْلمَالُ بِنِصَابِ السَّرِقَةِ . قَالَ َ :وكَ َذلِكَ الْ َقوْلُ فِي َأ ْكلِ مَالِ الْيَتِيمِ . قَالَ فِي اْلخَا ِدمِ :وَيَشْهَدُ لِلثَّانِي مَا سَبَقَ عَنْ الْهَ َروِيِّ .
التوَسُّطِ َ :وَأْلحَقَ شُ َرْيحٌ الرُّويَانِيُّ َوغَيْرُهُ أَنَّ َأ ْكلَ أَ ْموَالِ الْيَتَامَى َوغَيْ ِرهِمْ بِالْبَا ِطلِ مِنْ وَقَالَ فِي َّ الْكَبَائِرِ ،كَأَخْ ِذهَا رِ ْشوَةً َ ،ولَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ َأنْ يَبْ ُلغَ َذلِكَ ُربْعَ دِينَارٍ َأوْ لَا َ ،وكَذَا َأطْلَقَ صَا ِحبُ
الْعُدَّةِ َأ ْكلَ مَالِ الْيَتَامَى َوأَخْذَ الرِّ ْشوَةِ وَجَرَى عَلَى إطْلَاقِهِ فِيهَا وَفِي اْلخِيَانَةِ فِي كَيْلٍ َأوْ وَ ْزنٍ الشَّ ْيخَانِ .
وَفِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ مَا يَشْهَدُ لَهُ وَ َذلِكَ يُورِثُ ضَعْفَ التَّقْيِي ِد فِي اْلمَغْصُوبِ بِ ُرْبعِ دِينَارٍ انْتَهَى .
الزكَاةِ كَبِريَةٌ ،قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَ ْرقَ بَيْنَ مَ ْنعِ الْقَلِيلِ مِنْهَا وَقَالَ َأيْضًا :وَ َقوْلُ صَا ِحبِ الْعُدَّةِ وَمَ ْنعُ َّ
وَالْكَثِريِ َو ُهوَ الظَّاهِرُ . وَقِيَاسُ اعْتِبَارِ الْهَرَوِيِّ َوغَيْرِهِ َأنْ يَكُونَ اْلمَغْصُوبُ ُرْبعَ دِينَارٍ أَنَّ مَ ْنعَ مَا دُونَ َذلِكَ .
لَيْسَ بِكَبِريَ ٍة َ ،ولَكِنَّهُ َتحْدِيدٌ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ انْتَهَى . وَ َق ْولُهُ :لَا مُسْتَنَدَ لَهُ ظَاهِرٌ .
صبَ اْلحَبَّ ِة وَسَرِقَتَهَا كَبِريَةٌ انْتَهَى . َبلْ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُمْ أَ ْجمَعُوا عَلَى أَنَّ غَ ْ َوُيوَافِقُهُ َقوْلُ الْقُ ْرطُبِيِّ أَ ْج َمعَ َأ ْهلُ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ مَنْ َأ َكلَ مَالًا حَرَامًا َ ،وَلوْ مَا يَصْ ُدقُ عَلَيْهِ اسْمُ َأ ْكلٍ فَسَقَ .
وَقَالَ بِشْرُ بْنُ اْلمُعَْتمِرِ َوطَائِفَةٌ مِنْ اْلمُعْتَ ِزلَةِ :يَفْسُقُ ِبمِائَتَيْ دِ ْرهَمٍ وَابْنُ اْلجُبَّائِيِّ بِدِ ْرهَمٍ فَصَاعِدًا
انْتَهَى .
َوكَأَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ لَمْ يَعْتَدَّ ِبمُقَابَلَةِ الْبَ َغوِيِّ وَالْهَ َروِيِّ َوغَيْ ِر ِهمَا السَّابِقَةِ لِضَعْفِ
()762/2
مَدْ َركِهَا َولِأَنَّهُ لَا مُسْتَنَدَ لَهَا َكمَا تَقَرَّرَ .
صبِ وَشَاهِدِ الزُّورِ َوَأ ْكلِ مَالِ الْيَتِيمِ وَالرِّ ْشوَةِ وَاْل ُمطَفِّفِ إذْ الْأَحَادِيثُ اْلوَارِدَةُ فِي َوعِيدِ الْغَا ِ الزكَاةِ ُمطْلَقَةٌ فَتَتَنَاوَلَ قَلِيلَ َذلِكَ َوكَثِريَهُ ،فَلَا َيجُوزُ َتخْصِيصُهَا إلَّا بِدَلِيلٍ َسمْعِيٍّ إذْ وَالسَّا ِرقِ وَمَاِنعِ َّ
اْلحُكْمُ بِاْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ اْلمُقْتَضِي لِلْكَبِريَةِ عَلَى أَحَدِ التَّعَارِيفِ السَّابِقَةِ َّإنمَا يُتَلَقَّى مِنْ الشَّا ِرعِ ،فَإِذَا صَحَّ َوعِيدٌ شَدِيدٌ فِي شَيْءٍ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِقَلِيلٍ َولَا كَثِريٍ وَ َجبَ إجْرَاءُ َذلِكَ عَلَى إطْلَاقِهِ َوعَ َدمُ
التحْدِيدِ َكمَا قَالَهُ صحِيحٍ َسمْعِيٌّ َأيْضًا ،وَحَيْثُ لَا َدلِيلَ لِ َذلِكَ فَلَا مُسْتَنَدَ لِ َذلِكَ َّ تَقْيِيدِهِ إلَّا بِ َدلِيلٍ َ الْأَذْ َرعِيُّ ،فَبَانَ أَنَّ اْلوَجْهَ أَنَّ َذلِكَ الْقَيْدَ فِي اْلمَسَاِئلِ اْلمَذْكُورَةِ كُلِّهَا ضَعِيفٌ َوأَنَّ اْلمُعَْتمَدَ أَنَّهُ لَا فَ ْرقَ فِي اْلحُكْمِ عَلَيْهَا بِ َك ْونِهَا كَبَائِرَ َوأَنَّ فَاعِلَهَا يَسَْتحِقُّ ذَلِكَ اْل َوعِيدَ الشَّدِيدَ بَيْنَ الْقَلِيلِ مِنْهَا
وَالْكَثِريِ .
نَعَمْ الشَّ ْيءُ التَّافِهُ جِدًّا الَّذِي تَقْضِي الْعَادَةُ بِاْلمُسَا َمحَةِ بِهِ كَ َزبِيبَةٍ َأوْ عِنَبَةٍ ُيمْكِنُ َأنْ يُقَالَ إنَّ غَصْبَهُ
حمِلْهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ َحمَلْنَاهُ صَغِريَةٌ ،لَكِنَّ الْإِ ْجمَاعَ السَّابِقَ ِذكْرُهُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي إنْ لَمْ َن ْ
عَلَى إ ْجمَاعِ الَْأكْثَرِينَ مِنْ الْعُلَمَاءِ يَرُدُّ َذلِكَ َويُصَرِّحُ بِأَنَّ َذِلكَ كَبِريَةٌ ُمطْلَقًا ،لِأَنَّ أَ ْموَالَ النَّاسِ حوِ كَ ْلبِ الْغَيْرِ لَا يَكُونُ كَبِريَةً َكمَا جَ َزمَ بِهِ صبُ َن ْ وَحُقُوقَهُمْ َوِإنْ ق ََّلتْ لَا يُسَا َمحُ فِيهَا بِشَ ْيءٍ نَعَمْ غَ ْ
بَعْضُهُمْ َو ُهوَ ُمحَْت َملٌ .
صبِ الْأَرْضِ قَالَ َ :هلْ يُ ْلحَقُ بِالْأَرْضِ َولَمَّا َذكَرَ اْلجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ بَ ْعضَ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ فِي غَ ْ َرقُ التحْ ِرميِ اسَْت َويَا فِي اْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ َأوْ يُف َّ التحْ ِرميِ ،فَ َكمَا اسَْت َويَا فِي َّ غَيْ ُرهَا إذْ لَا قَاِئلَ بِالْفَرْقِ فِي َّ
صبَ فِي الْأَرْضِ يَ ْعظُمُ ضَرَرُهُ ِبخِلَافِ غَيْ ِرهَا ،هَذَا بِأَنَّ الْغَ ْ
()766/2
ص ُمهُمْ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } َفإِنَّ مِنْ ُجمْلَتِهَا { رَ ُجلٌ ضعُ َنظَرٍ ،وَقَدْ ُيحْتَجُّ لِ َذلِكَ ِبحَدِيثِ { :ثَلَاثَةٌ َأنَا خَ ْ َم ْو ِ
صبِ حَقِّهِ اسْتَأْجَرَ أَجِريًا فَاسَْتوْفَى مِنْهُ الْ َع َملَ َولَمْ ُيوَفِّهِ أَجْرَهُ } فَقَدْ َتوَعَّدَ بِهَذَا اْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ فِي غَ ْ مِنْ الْأُجْرَةِ انْتَهَى .
صبِ كَبِريَةً بَيْنَ صحَابُ مُصَرِّحُونَ بِأََّنهُ لَا فَ ْرقَ فِي َك ْونِ الْغَ ْ ِلدلِيلِ َوإِلَّا فَالَْأ ْ َوهَذَا َّإنمَا َذكَرَهُ َنظَرًا ل َّ
الْأَرْضِ َوغَيْ ِرهَا مِنْ الْأَ ْموَالِ .
عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ اْلجَلَالَ لَمْ يَرَ اْلحَدِيثَ الْأَخِريَ الَّذِي َذ َكرْته قُبَ ْيلَ التَّنْبِيهِ إذْ هُوَ مُصَرِّحٌ فِي الْعَصَا
ِبمَا يُفِيدُ اْل َوعِيدَ ،فَإِذَا انْضَمَّ إلَى اْلحَدِيثِ الَّذِي َذكَرَهُ فِي الْأُجْرَةِ أَفَادَ أَنَّ اْل َوعِيدَ الشَّدِيدَ جَاءَ فِي غَيْرِ الْأَرْضِ َأيْضًا .
()766/2
( الْكَبِريَةُ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ ) :تَأْخِريُ أُجْرَةِ الْأَجِريِ َأوْ مَنْعُهُ مِنْهَا بَعْدَ فَرَاغِ َعمَلِهِ أَخْرَجَ
الُْبخَارِيُّ َوغَيْرُهُ { عَنْ َأبِي هُرَيْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :قَالَ اللَّهُ
صمْتُهُ ،رَ ُجلٌ َأ ْعطَى بِي ثُمَّ غَدَ َر ،وَرَ ُجلٌ صمَهُ خَ َ صمُهُمْ َي ْومَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ كُنْت خَ ْ تَعَالَى :ثَلَاثَةٌ َأنَا خَ ْ بَاعَ حُرًّا فََأ َكلَ َثمَنَهُ ،وَرَ ُجلٌ أُسْتَأْجَرَ أَجِريًا فَاسَْتوْفَى مِنْهُ َولَمْ يُ ْعطِهِ أَجْرَهُ } .
وَابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ ابْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالطَّبَرَانِيِّ عَنْ جَابِرٍ َوَأبُو يَعْلَى عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ :قَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ { :أ ْعطُوا الْأَجِريَ أَجْرَهُ قَبْلَ َأنْ َيجِفَّ
َعرَقُهُ } .
صبِ وَ َم ْطلِ الْغَنِيِّ َ ،وِلوُرُودِ هَذَا َر فِي الْغَ ْ تَنْبِيهٌ :مَا ُذكِرَ مِنْ َك ْونِ هَذَا كَبِريَةً هُوَ ظَاهِرٌ مَعْلُومٌ مِمَّا م َّ ِالذكْرِ ُم َرَأْيتَ بَعْضَهُمْ عَدَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ َوأَفْرَدَهُ ب ِّ ِالذكْرِ ،ث َّ اْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ فِيهِ ِبخُصُوصِهِ أَفْرَدْته ب ِّ
َكمَا فَعَ ْلتُ .
()766/2
الصحِيحُ . ضلِ اْلمَاءِ َكمَا صَرَّحَ بِهِ اْلحَدِيثُ َّ مَرَّ أَنَّ مِنْ الْكَبَائِرِ مَ ْنعَ فَ ْ
()763/2
الْبِنَاءُ بِعَرَفَةَ َأوْ مُزْ َدلِفَةَ أَوْ مِنًى عِنْدَ مَنْ قَالَ بَِتحْرِميِهِ وَ ِذكْرُ هَذَا مِنْ الْكَبَائِرِ بِنَاءً عَلَى الْ َقوْلِ بَِتحْرِميِهِ صبِ الْأَرْضِ ،وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ كَبِريَةٌ ،وَمَا مَرَّ فِيهِ مِنْ الْ َوعِيدِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الْ َقوْلِ يَكُونُ مِنْ غَ ْ
الشَّدِيدِ ،فَيَ ْأتِي َذلِكَ كُلُّهُ فِيمَنْ فَ َعلَ هَذَا مُعْتَقِدًا لَِتحْرِميِهِ .
()766/2
مَ ْنعُ النَّاسِ مِنْ الْأَشْيَاءِ اْلمُبَاحَةِ لَهُمْ عَلَى الْ ُعمُومِ َأوْ اْلخُصُوصِ كَالْأَرْضِ اْلمَيْتَةِ الَّتِي َيجُوزُ لِكُلِّ أَحَدٍ
َالربُطِ وَاْلمَعَا ِدنِ الْبَاطِنَةِ َأوْ الظَّاهِرَةِ َفمَ ْنعُ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ عَنْ َأنْ َالشوَا ِرعِ وَاْلمَسَاجِدِ و ُّ إحْيَا ُؤهَا َ ،وك َّ
صبِ ،فَ ُهوَ َكمَا َلوْ مُِنعَ الْإِنْسَانُ مِنْ يُنْتَ َفعَ بِهِ مِنْ اْلوَجْهِ اْلجَائِزِ يَنْبَغِي َأنْ يَكُونَ كَبِريَةً لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْغَ ْ مِلْكِهِ إذْ اسِْتحْقَاقُهُ لِلِانْتِفَاعِ بِشَ ْيءٍ مِنْ َذلِكَ كَاسِْتحْقَاقِهِ لِلِانْتِفَاعِ ِبمِلْكِهِ . فَ َكمَا أَنَّ مَ ْنعَ اْلمِلْكِ كَبِريَةٌ فَكَذَا مَ ْنعُ هَذَا .
()766/2
إكْرَاءُ شَ ْيءٍ مِنْ الشَّا ِرعِ َوأَخْذُ أُجْ َرتِهِ َوِإنْ كَانَ حَ ِرميَ مِلْكِهِ َأوْ دُكَّانَهُ وَعَدُّ هَذَا كَبِريَةً ُهوَ مَا وَ َقعَ فِي كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ َأئِمَّتِنَا فِي هَذَا الْبَابِ حَيْثُ قَالُوا إنَّهُ فِسْقٌ َوضَلَالٌ ،وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا
حوِ أَخْذِ أَجْرِهِ مِنْ اْلجَالِسِنيَ فِيهَا :لَا أَدْرِي بِأَيِّ وَجْهٍ الشوَا ِرعِ مِنْ َن ْ يَفْعَلُهُ ُوكَلَاءُ بَ ْيتِ اْلمَالِ فِي َّ يَلْقَى اللَّهَ مَنْ يَفْ َعلُ َذلِكَ .
()766/2
الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَاءٍ مُبَاحٍ وَمَنْعُهُ ابْنَ السَّبِيلِ أَخْرَجَ الشَّ ْيخَا ِن عَنْ َأبِي هُ َريْرَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :
اللهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َولَا يُزَكِّيهِمْ َولَهُمْ عَذَابٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :ثَلَاثَةٌ لَا يُك َِّلمُهُمْ َّ ضلِ مَاءٍ بِفَلَاةٍ َيمْنَعُهُ ابْنَ السَّبِيلِ } . َألِيمٌ :رَ ُجلٌ عَلَى فَ ْ اْلحَدِيثَ ،وَقَدْ مَرَّ َويَأْتِي .
تَنْبِيهٌ :هَذَا هُوَ صَرِيحُ هَذَا الْحَدِيثِ َ ،ولِذَا جَ َزمَ كَثِريُونَ ِبعَدِّ َذلِكَ كَبِريَةً َ ،ولَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ َذلِكَ ِبمَ ْنعٍ ُيؤَدِّي إلَى تَضَرُّرٍ شَدِيدٍ َ ،وإِلَّا َف ُمجَرَّدُ اْلمَ ْنعِ وَالتَّضَرُّرِ اْلخَفِيفِ لَا يَقْتَضِي َك ْونَ َذلِكَ كَبِريَةً .
()277/2
( الْكَبِريَةُ الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ ُ :مخَالَفَةُ شَرْطِ اْلوَاقِفِ ) وَ ِذكْرِي لِهَذَا مِنْ الْكَبَائِرِ ظَاهِرٌ َوِإنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ ،لِأَنَّ ُمخَالَفَتَهُ يَتَرََّتبُ عَلَيْهَا َأ ْكلُ أَ ْموَالِ النَّاسِ بِالْبَا ِطلِ َ ،و ُهوَ كَبِريَةٌ .
()277/2
َرفَ فِي اللُّ َقطَةِ قَ ْبلَ اسْتِيفَاءِ شَرَائِطِ ( الْكَبِريَةُ الرَّابِعَةُ وَاْلخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ ) َ :أنْ يَتَص َّ
تَعْرِيفِهَا َ ،وَتمَلُّكِهَا َ ،وكَتْمِهَا مِنْ رَبِّهَا بَعْدَ عِ ْلمِهِ بِ ِه َ ،و َك ْونُ كُلٍّ مِنْ هَ َذيْنِ كَبِريَةً ُهوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ مِنْ َأ ْكلِ أَ ْموَالِ النَّاسِ بِالْبَا ِطلِ .
()272/2
( الْكَبِريَةُ السَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :تَرْكُ الْإِشْهَادِ عِنْدَ أَخْذِ اللَّقِيطِ ) َو َك ْونُ هَذِهِ كَبِريَةً هُوَ
ِي َ ،وبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا َذكَرْته فِي الْبَابِ الَّذِي قَ ْبلَ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ مِنْ الْكَبَائِرِ ظَاهِرٌ مَا صَرَّحَ بِهِ الزَّ ْركَش ُّ
لِأَنَّهَا َأ ْولَى بِ َذلِكَ مِنْ هَذَا لِ ِعظَمِ مَفَاسِ ِدهَا َ ،وِإنْ كَانَ فِي هَذِهِ مَفْسَدَةٌ َأيْضًا َوهِيَ أَنَّ تَرْكَ الْإِشْهَادِ ادعَاءُ الرِّقِّ كَبِريَةً لِ َكوْنِهِ ُيؤَدِّي إلَى ادعَاءِ رِقِّهِ ،فَإِذَا كَانَ مَا ُيؤَدِّي إلَى مَفْسَدَةٍ هِيَ ِّ رَُّبمَا أَدَّاهُ إلَى ِّ
ادعَاءُ رِقِّ اْلحُرِّ َوَلوْ ِبطَرِيقِ الَْأصَالَةِ وَالدَّار َكمَا فِي اللَّقِيطِ فَإِنَّ اْلحُكْمَ ِبحُرِّيَّتِهِ َّإنمَا ُهوَ كَبِريَةٍ َوهِيَ ِّ
كَ َذلِكَ ،وَ َذلِكَ لِأَنَّ لِ ْلوَسَاِئلِ حُكْمُ اْلمَقَاصِدِ فََأ ْولَى مَا َذكَرْته مِمَّا سَبَقَ فَإِنَّهُ بِنَفْسِهِ مَفْسَدَةٌ أَيُّ مَفْسَدَةٍ َ ،أوْ ُيؤَدِّي إلَى مَفْسَدَةٍ َأ ْعظَمَ َأوْ أَقْرَبَ وُقُوعًا مِنْ هَذِهِ اْلمَفْسَدَةِ .
ضحُ لَك عَدِّي لِكَثِريٍ مِمَّا سَبَقَ مِنْ الْكَبَائِرِ َوِإنْ لَمْ يَ ْذكُرُوهُ َ ،أوْ َذكَرُوا مَا قَدْ يُوهِمُ خِلَافَهُ ، فَبِهَذَا يَتَّ ِ
فَتَأ ََّملْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ
()276/2
الْكَبِريَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :الِْإضْرَارُ فِي اْل َوصِيَّةِ ) قَالَ تَعَالَى { :مِنْ بَعْدِ َوصَِّيةٍ يُوصَى بِهَا َأوْ َديْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ َوصِيَّةً مِنْ اللَّهِ َواَللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ ُي ِطعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } أَيْ
فِي شَ ْأنِ اْل َموَارِيثِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ،وَالْأَحْسَنُ بَقَا ُؤهُ عَلَى ُعمُومِهِ { يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ َتجْرِي مِنْ
َتحْتِهَا الَْأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْ َفوْزُ الْ َعظِيمُ وَمَنْ يَ ْعصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } أَيْ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ مِنْ اْل َموَارِيثِ عَلَى مَا قَالَهُ ُمجَاهِدٌ وَفِيهِ مَا مَرَّ { :يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا } أَيْ َأبَدًا إنْ اسَْتحَلَّ َوإِلَّا
ضرَارَ فِي الطوِيلَةُ { َولَهُ عَذَابٌ مُهِنيٌ } أَخَذَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الِْإ ْ فَاْلمُرَادُ بِاْلخُلُودِ اْلمُدَّةُ َّ اْل َوصِيَّةِ مِنْ الْكَبَائِرِ لِأَنَّهُ تَعَالَى عَقَّبَهُ بِهَذَا اْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ قُصُورٌ ،عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ َروَى َذلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،فَقَدْ خَرَّجَ النَّسَائِيُّ عَنْهُ { عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّ ُه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :الِْإضْرَارُ فِي اْل َوصِيَّةِ مِنْ الْكَبَائِرِ } ثُمَّ تَلَا { :تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ } { فَقَدْ صَرَّحَ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ الِْإضْرَارَ فِي اْل َوصِيَّةِ مِنْ الْكَبَائِرِ وَسِيَاقُ الْآيَةِ شَاهِدٌ لِ َذلِكَ ،وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ َج ْمعٌ مِنْ
َأئِمَّتِنَا َوغَيْ ُرهُمْ بِأَنَّ َذلِكَ مِنْ الْكَبَائِرِ } .
قَالَ ابْنُ عَادِلٍ فِي تَفْسِريِهِ :اعْلَمْ أَنَّ الِْإضْرَارَ فِي اْل َوصِيَّةِ يَقَعُ عَلَى وُجُوهٍ :مِنْهَا َأنْ يُوصِيَ بَِأكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ َ ،أوْ يُقِرَّ بِكُلِّ مَالِهِ َأوْ بَعْضِهِ لِأَجْنَبِيٍّ َ ،أوْ يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِ َديْنٍ لَا حَقِيقَةَ لَهُ دَفْعًا لِ ْلمِريَاثِ الديْنَ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ اسَْتوْفَاهُ مِنْهُ َ ،أوْ يَبِيعَ شَيْئًا بَِثمَنٍ رَخِيصٍ ، عَنْ اْلوَ َرثَةِ َ ،أوْ يُقِرَّ بِأَنَّ َّ
صلَ اْلمَالُ َويَشْتَرِي شَيْئًا بَِثمَنٍ غَالٍ كُلُّ َذلِكَ لِغَرَضِ َأنْ لَا يَ ِ
()276/2
إلَى ا ْلوَ َرثَةِ َ ،أوْ يُوصِيَ بِالثُّ ُلثِ لَا ِلوَجْهِ اللَّهِ لَكِنْ لِغَرَضِ تَنْقِيصِ اْلوَ َرثَةِ فَهَذَا ُهوَ الِْإضْرَارُ فِي اْل َوصِيَّةِ .
وَ َروَى عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ { :لوْ أَنَّ الرَّ ُجلَ يَ ْع َملُ َع َملَ َأ ْهلِ الْجَنَّةِ سَبْعِنيَ سَنَةً وَحَافَ فِي َوصِيَّتِهِ خُتِمَ لَهُ بِشَرِّ َعمَلِهِ فَيَدْ ُخلُ النَّارَ ،
َوإِنَّ الرَّ ُجلَ لَيَ ْع َملُ َع َملَ َأ ْهلِ النَّارِ سَبْعِنيَ سَنَةً فَيَعْدِلُ فِي َوصِيَّتِهِ فَُيخْتَمُ لَهُ ِبخَيْرِ َعمَلِهِ فَيَدْ ُخلُ اْلجَنَّةَ
}.
ضلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامُ :مَنْ َق َطعَ مِريَاثًا فَ َرضَهُ اللَّهُ َق َطعَ اللَّهُ مِريَاثَهُ مِنْ اْلجَنَّةِ } . { وَقَالَ عَلَيْهِ أَفْ َ َويَدُلُّ عَلَى َذلِكَ َقوْله تَعَالَى بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ { :تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ } قَالَ ،ابْنُ عَبَّاسٍ فِي اْل َوصِيَّةِ { : وَمَنْ يَ ْعصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } .
قَالَ فِي اْل َوصِيَّةِ َ :وَأيْضًا َف ُمخَالَفَةُ أَمْرِ اللَّهِ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنْ اْل َموْتِ تَدُلُّ عَلَى اْلخَسَارَةِ الشَّدِيدَةِ ، وَ َذلِكَ مِنْ َأكْبَرِ الْكَبَائِرِ انْتَهَى .
وَجَرَى عَلَى َذلِكَ كُلِّهِ الزَّ ْركَشِيُّ ،فَإِنَّ بَ ْعضَ اْلمُتَأَخِّرِينَ قَالَ َ :رَأيْت ِبخَطِّ الزَّ ْركَشِيّ مَا لَ ْفظُهُ وَسَاقَ مَا َذكَرْته عَنْ ابْنِ عَادِلٍ َجمِيعَهُ إلَّا قَلِيلًا مِنْهُ ،وَ ُهوَ َعجِيبٌ مِنْ الزَّ ْركَشِيّ فَإِنَّ مَا أَطْلَقَهُ فِي
اْل َوصِيَّةِ بَِأكْثَرَ مِنْ الثُّ ُلثِ لَا يَ ْأتِي عَلَى َقوَاعِ ِدنَا لِأَنَّ َذلِكَ عِنْدَنَا مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ فَضْلًا عَنْ كَ ْونِهِ كَبِريَةً
. نَعَمْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ َيحْ ُرمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إنْ قَصَدَ حِرْمَانَ وَ َرثَتِهِ َ ،وعَلِمَ أَنَّ مَنْ َأ ْوصَى لَهُ يَسَْت ْولِي عَلَى َأكْثَرَ
مِنْ الثُّلُثِ ظُ ْلمًا َوعُ ْدوَانًا ،وَحِينَئِذٍ فَلَا يَبْعُدُ َأنْ تُعَدَّ َوصِيَّتُهُ حِينَئِذٍ كَبِريَةً لِأَنَّ فِيهِ أَبْ َلغَ الِْإضْرَارِ بِاْلوَ َرثَةِ سَِّيمَا فِي هَذِهِ اْلحَالَةِ الَّتِي يَصْ ُدقُ فِيهَا الْكَاذِبُ ،وَيَتُوبُ فِيهَا الْفَاجِرُ ،فَإِقْدَامُهُ عَلَى َذلِكَ َدلِيلٌ
سوَةِ قَلْبِهِ وَفَسَادِ لُبِّهِ َ ،وغَايَةِ ظَاهِرٌ عَلَى قَ ْ
()276/2
جُ ْرَأتِهِ ،فَلِ َذلِكَ ُيخْتَمُ لَهُ بِشَرِّ عَمَلِهِ فَيَدْ ُخلُ النَّارَ َكمَا مَرَّ فِي اْلحَدِيثِ ،وَمَا َذكَرَهُ فِي مَسَاِئلِ
الْإِقْرَارِ ظَاهِرٌ وَقَدْ قَدَّمْت الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ ،وَمَا َذكَرَهُ فِي اْل َوصِيَّةِ بِالثُّ ُلثِ يُقَيِّدُ ُه الَّذِي
َذكَرَهُ .
يَ ْأتِي فِيهِ مَا قَدَّمْته فِي اْل َوصِيَّةِ بَِأكْثَرَ مِنْ الثُّ ُلثِ . حوِ َأطْفَالِهِ مَنْ يُعْلَمُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يَ ْأ ُكلُ مَالَهُمْ َأوْ يَكُونُ وَمِنْ الِْإضْرَارِ فِي اْل َوصِيَّةِ َأنْ يُوصِيَ عَلَى َن ْ حوَ َذلِكَ ،وَمَا َذكَرْته مِنْ اْلحَدِيثَيْنِ فَالْأَوَّ ُل َروَاهُ ابْنُ َرفَ فِيهِ َأوْ َن ْ سَبَبًا لِضَيَاعِهِ لِ َك ْونِهِ لَا يُحْسِنُ التَّص ُّ
مَاجَهْ بِلَفْظِ { :إنَّ الرَّ ُجلَ لَيَعْ َملُ بِ َع َملِ َأ ْهلِ اْلجَنَّةِ سَبْعِنيَ سَنَةً فَإِذَا َأ ْوصَى خَانَ فِي َوصِيَّتِهِ فَُيخْتَمُ لَهُ
بِشَرِّ الْ َع َملِ فَيَدْ ُخلُ النَّارَ َ ،وإِنَّ الرَّ ُجلَ لَيَ ْع َملُ بِ َع َملِ َأ ْهلِ الشَّرِّ سَبْعِنيَ سَنَةً فَيَعْدِلُ فِي َوصِيَّتِهِ فَُيخْتَمُ لَهُ ِبخَيْرِ َعمَلِهِ فَيَدْخُلُ اْلجَنَّةَ } .
وَالثَّانِي َروَاهُ ابْنُ مَاجَهْ َأيْضًا بِلَفْظِ { :مَنْ فَرَّ ِبمِريَاثِ وَا ِرثِهِ َق َطعَ اللَّهُ مِريَاثَهُ مِنْ اْلجَنَّةِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ }
َ :وُيؤَيِّدُ الْأَوَّلَ خَبَرُ َأبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :إنَّ الرَّ ُجلَ لَيَعْ َملُ َأوْ اْلمَ ْرأَةَ ِبطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَبْعِنيَ اللهُ عَنْهُ : جبُ لَ ُهمَا النَّارُ ثُمَّ قَرَأَ َأبُو هُ َريْرَ َة رَضِيَ َّ سَنَةً ثُمَّ َيحْضُ ُر ُهمَا اْل َموْتُ فَيَضُرَّانِ فِي اْل َوصِيَّةِ فََت ِ { ِمنْ بَعْدِ َوصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا َأوْ َديْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ َوصِيَّةً مِنْ اللَّهِ } حَتَّى بَ َلغَ { وَ َذلِكَ الْ َفوْزُ الْ َعظِيمُ } }.
تَتِمَّةٌ :يَنْبَغِي الِاعْتِنَاءُ بِاْل َوصِيَّةِ بِالْعَدْلِ .
أَمَّا الثَّانِي فَ ِلمَا ُذكِرَ َ ،وأَمَّا الْأَوَّلُ فَ ِلخَبَرِ الشَّ ْيخَيْنِ َوغَيْ ِر ِهمَا { :مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَ ْيءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ } .
وَفِي ِروَايَةٍ { :ثَلَاثَ لَيَالٍ
()273/2
إلَّا َو َوصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ } . ،
ضتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ َسمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا " :مَا مَ َ وَسَلَّمَ إلَّا َوعِنْدِي َوصِيَّةٌ مَكْتُوبَةٌ ،وَابْنُ مَاجَهْ { :مَنْ مَاتَ عَلَى َوصِيَّةٍ مَاتَ عَلَى سَبِيلٍ وَسُنَّةٍ وَمَاتَ
عَلَى تُقًى وَشَهَادَةٍ وَمَاتَ مَغْفُورًا لَهُ } .
َوَأبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ { :اْل َمحْرُومُ مَنْ حُ ِرمَ َوصِيَّتَهُ } . الدنْيَا َونَارٌ وَشَنَارٌ فِي الْآخِرَةِ } َ ،وَلوْ صَحَّ هَذَا اْلحَدِيثُ وَالطَّبَرَانِيُّ { :تَرْكُ اْل َوصِيَّةِ عَارٌ فِي ُّ
لَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ تَرْكَ اْل َوصِيَّةِ كَبِريَةٌ .
ح َملُ عَلَى مَنْ عَلِمَ أَنَّ تَرْكَ اْل َوصِيَّةِ يَكُونُ سَبَبًا لِاسْتِيلَاءِ الظَّ َلمَةِ عَلَى مَالِهِ وَأَخْذِهِ مِنْ وَ َرثَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَُي ْ
.
َدقَ الرَّ ُجلُ فِي حَيَاتِهِ َوصِحَّتِهِ بِدِ ْرهَمٍ خَيْرٌ لَهُ صحِيحِهِ { :لََأنْ يَتَص َّ وَ َروَى َأبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ َدقَ عِنْدَ َم ْوتِهِ ِبمِائَةٍ } . مِنْ َأنْ يَتَص َّ
()276/2
( الْكَبِريَةُ الْأَ ْربَعُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :اْلخِيَانَةُ فِي الْأَمَانَاتِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْعَيْنِ اْلمَ ْرهُونَةِ َأوْ اْلمُسْتَأْجَرَةِ
َوغَيْرِ َذلِكَ ) { قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { :إنَّ اللَّهَ يَأْمُ ُركُمْ َأنْ ُتؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى َأهْلِهَا } نَ َزلَتْ فِي عُ ْثمَانَ حجَبِيِّ الدَّارِيِّ ،كَانَ سَا ِدنَ الْكَعْبَةِ َي ْومَ الْفَ ْتحِ ،فَلَمَّا دَخَلَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بْنِ طَ ْلحَةَ اْل َ
حِينَئِذٍ َأغْلَقَ بَابَ الْكَعْبَةِ وَامْتََنعَ مِنْ إ ْعطَاءِ مِفْتَاحِهَا ،زَا ِعمًا أَنَّهُ َلوْ عَلِمَ أَنَّ ُه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَنَعَهُ ،فَ َلوَى عَلِيٌّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَدَهُ َوأَخَذَهُ مِنْهُ وَفََتحَ الْبَابَ وَدَ َخلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َوصَلَّى فِيهَا .
س َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ َأنْ يُ ْعطِيَهُ اْلمِفْتَاحَ لَِيجَْت ِمعَ لَهُ السِّدَانَةُ َمعَ السِّقَايَةِ ،فََأنْزَلَ فَلَمَّا خَرَجَ سََألَهُ الْعَبَّا ُ اللَّهُ الْآيَةَ ،فَأَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا َأنْ يَرُدَّهُ إلَى عُ ْثمَانَ َويَعْتَذِرَ إلَيْهِ .
فَقَالَ لَهُ َأكْ َرهْت وَآ َذيْت ثُمَّ جِئْت تَرْفُقُ فَقَالَ لَهُ :لَقَدْ َأنْزَلَ اللَّهُ فِي شَ ْأنِك قُرْآنًا وَقَ َرأَ عَلَيْهِ الْآيَةَ فَأَسْلَمَ َوكَانَ اْلمِفْتَاحُ مَعَهُ ،فَلَمَّا مَاتَ دَفَعَهُ إلَى أَخِيهِ شَيْبَةَ ،فَالسِّدَانَةُ فِي َأ ْولَادِهِ إلَى َي ْومِ الْقِيَامَةِ لِ َق ْولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :خُذُوهَا خَالِدَةً تَالِدَةً لَا يَنْ ِزعُهَا مِنْكُمْ إلَّا ظَالِمٌ } وَقِيلَ اْلمُرَادُ مِنْ الْآيَةِ َجمِيعُ الْأَمَانَاتِ .
جمِيعِ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَابْنُ قَالَ اْلحَافِظُ َأبُو نُعَيْمٍ فِي اْلحِلْيَةِ :وَمِمَّنْ قَالَ إنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ فِي اْل َ
َالص ْومِ َالزكَاةِ و َّ مَسْعُودٍ َوُأبَيُّ بْنُ كَ ْعبٍ قَالُوا :الْأَمَانَةُ فِي كُلِّ شَ ْيءٍ فِي اْل ُوضُوءِ وَاْلجَنَابَةِ وَالصَّلَاةِ و َّ
وَالْكَ ْيلِ وَاْلوَ ْزنِ وَاْلوَدَاِئعِ .
َخصْ اللَّهُ ِلمُعْسِرٍ َولَا ِلمُوسِرٍ َأنْ َيمْسِكَ الْأَمَانَةَ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ يُر ِّ
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ :خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى فَرْجَ الِْإنْسَانِ وَقَالَ هَذِهِ أَمَانَةٌ
()276/2
خَبَّ ْأهتَا عِنْدَك فَاحْ َفظْهَا إلَّا ِبحَقِّهَا .
ت َ ،ولِلَّهِ تَعَالَى فِي وَقَالَ بَعْضُهُمْ :مُعَامَلَةُ الِْإنْسَانِ أَمَانَةٌ َمعَ رَبِّهِ بِفِ ْعلِ اْلمَأْمُورَاتِ وَاجْتِنَابِ اْلمَنْهِيَّا ِ ضوٍ مِنْ َأعْضَاءِ الِْإنْسَانِ أَمَانَةٌ . كُلِّ عُ ْ
ح ِوهَا . فَأَمَانَةُ اللِّسَانِ َأنْ لَا يَسْتَ ْعمِلَهُ فِي كَذِبٍ َوغِيبَةٍ َولَا َنمِيمَةٍ َولَا بِ ْدعَةٍ َولَا ُفحْشٍ َولَا َن ْ َرمٍ . وَالْعَيْنِ َأنْ لَا يَ ْنظُرَ بِهَا إلَى مُح َّ
َرمٍ َ ،وهَكَذَا سَائِرُ اْلأَعْضَاءِ . وَالْأُ ُذنِ َأنْ لَا يُصْغِيَ بِهَا إلَى َسمَاعِ ُمح َّ
التطْفِيفِ فِي كَيْلٍ َأوْ وَ ْزنٍ َأوْ ذَرْعٍ َ ،وبِعَدْلِ الْأُمَرَاءِ فِي ح ِو رَدِّ اْلوَدَاِئعِ َ ،وتَرْكِ َّ َوأَمَّا َمعَ النَّاسِ بَِن ْ الصحِيحَةِ ، حمِلُوهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ وَاْلأَخْلَاقِ اْلحَسَنَةِ وَالِاعْتِقَادَاتِ َّ الرعِيَّةِ ،وَالْعُ َلمَاءِ فِي الْعَامَّةِ بَِأنْ َي ْ َّ َق َزوْجِهَا بَِأنْ لَا َتخُونَهُ َويَنْ َه ْوهُمْ عَنْ اْلمَعَاصِي وَسَائِرِ الْقَبَاِئحِ ،كَالتَّعَصُّبَاتِ الْبَاطِ َلةِ ،وَاْلمَ ْرأَةِ فِي ح ِّ فِي فِرَاشِهِ َأوْ مَالِهِ وَالْقِنِّ فِي حَقِّ سَيِّدِهِ بَِأنْ لَا يُقَصِّرَ فِي خِدْمَتِهِ َ ،ولَا َيخُونَهُ فِي مَالِهِ .
وَقَدْ أَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى َذلِكَ بِ َق ْولِهِ { :كُلُّكُمْ رَاعٍ َوكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ َرعِيَّتِهِ } . َالدنْيَا َ ،وَأنْ َيجْتَهِدَ فِي ُمخَالَفَةِ َوأَمَّا َمعَ النَّفْسِ بَِأنْ لَا َيخْتَارَ لَهَا إلَّا الَْأنْ َفعَ وَالَْأصْ َلحَ فِي الدِّينِ و ُّ الدنْيَا وَالْآخِرَةِ . شَ َهوَاتِهَا َوإِرَادَاتِهَا فَإِنَّهَا السُّمُّ النَّا ِقعُ اْلمُهْلِكُ ِلمَنْ َأطَاعَهَا فِي ُّ
{ قَالَ َأنَسٌ :ق ََّلمَا َخطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا قَالَ :لَا إميَانَ ِلمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ َولَا دِينَ ِلمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ } .
وَقَالَ تَعَالَى { :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا َتخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ َوَتخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ َوَأنْتُمْ تَعْ َلمُونَ }
نَ َزَلتْ فِي َأبِي لُبَابَةَ حِنيَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى بَنِي قُ َرْيظَةَ لَمَّا حَصَ َرهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َوكَانُوا َيمِيلُونَ إلَى
()276/2
َأبِي لُبَابَةَ لِ َك ْونِ َأهْلِهِ َو َولَدِهِ فِيهِمْ .
الذْبحُ فَلَا تَفْعَلُوا ، فَقَالُوا لَهُ َ :هلْ تَرَى َأنْ نَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ ُمحَمَّدٍ ؟ فَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى حَلْقِهِ :أَيْ إنَّهُ َّ فَكَاَنتْ تِلْكَ مِنْهُ خِيَانَةً لِلَّهِ َولِرَسُولِهِ .
سجِدِ قَالَ َفمَا زَاَلتْ قَدَمَايَ مِنْ مَكَانِ ِهمَا حَتَّى عَ ِلمْت أَنِّي قَدْ خُنْت اللَّهَ وَرَسُولَهُ ،ثُمَّ َذ َهبَ إلَى اْلمَ ْ
وَ َربَطَ نَفْسَ ُه ،وَحَلَفَ َأنْ لَا يَحِلَّهَا أَحَدٌ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،ثُمَّ لَا زَالَ كَ َذلِكَ حَتَّى َأنْزَلَ اللَّهُ َت ْوبَتَهُ َفحَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ الشَّرِيفَ ِة ،وَ َقوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ { :
َوَتخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ } َعطْفٌ عَلَى النَّهْيِ أَيْ َولَا َتخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :الْأَمَانَاتُ الَْأ ْعمَالُ الَّتِي ائَْتمَنَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا الْعِبَادَ .
وَقَالَ غَيْرُهُ :أَمَّا خِيَانَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ َفمَعْصِيَتُ ُهمَا .
َوأَمَّا خِيَانَةُ الْأَمَانَاتِ فَكُلُّ أَحَدٍ ُم ْؤَتمَنٌ عَلَى مَا كَلَّفَهُ اللَّهُ بِهِ ،فَ ُهوَ سُ ْبحَانَهُ مُوقِفُهُ بَيْنَ يَ َديْهِ لَيْسَ بَيْنَهُ جبْ َوبَيْنَهُ تُرْ ُجمَانٌ وَسَائِلُهُ عَنْ َذلِكَ َهلْ حَفِظَ أَمَانَةَ اللَّهِ فِيهِ َأوْ ضَيَّعَهَا ؟ فَلْيَسْتَعِدَّ الِْإنْسَانُ ِبمَاذَا ُي ِ جحْدِ َولَا لِلِْإنْكَارِ فِي َذلِكَ الَْي ْومِ ،وَلْيَتَأَمَّلْ َقوْله اللَّهَ تَعَالَى بِهِ إذَا سََألَهُ عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا مَسَاغَ لِ ْل َ
تَعَالَى َ { :وأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ اْلخَائِنِنيَ } أَيْ لَا يُرْشِدُ كَيْدَ مَنْ خَانَ أَمَانَتَهُ َبلْ َيحْرِمُهُ هِدَايَتَهُ فِي ضحُهُ عَلَى ُرءُوسِ الْأَشْهَادِ فِي الْعُقْبَى ،فَاْلخِيَانَةُ قَبِيحَةٌ فِي كُلِّ شَ ْيءٍ ،لَكِنَّ بَعْضَهَا أَشَدُّ الدنْيَا َ ،ويَفْ َ ُّ
َوأَقَْبحُ مِنْ بَ ْعضٍ ،إذْ مَنْ خَانَك فِي فَلْسٍ لَيْسَ َكمَنْ خَانَك فِي َأهْلِك .
وَقَدْ عَظَّمَ اللَّهُ سُ ْبحَانَهُ َوتَعَالَى أَمْرَ الْأَمَانَةِ تَ ْعظِيمًا بَلِيغًا َ ،وأَكَّدَهُ تَ ْأكِيدًا شَدِيدًا .
فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ { :إنَّا عَ َرضْنَا الْأَمَانَةَ } أَيْ التَّكَالِيفَ الَّتِي كَلَّفَ اللَّهُ بِهَا
()277/2
حمِلْنَهَا الس َموَاتِ وَالْأَرْضِ وَاْلجِبَالِ فََأبَيْنَ َأنْ يَ ْ النوَاهِي { عَلَى َّ عِبَادَهُ مِنْ امْتِثَالِ الَْأوَامِرِ وَاجْتِنَابِ َّ َوأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَ َحمَلَهَا الِْإنْسَانُ } أَيْ آدَم صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا َوعَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا }
أَيْ لِنَفْسِهِ بِقَبُولِهِ تِلْكَ التَّكْلِيفَاتِ الشَّاقَّةِ جِدًّا { جَهُولًا } َأيْ ِبمَشَقَّتِهَا الَّتِي لَا تَتَنَاهَى .
خمْسَةِ أَشْيَاءَ :بِعِلْمِ الْعُ َلمَاءِ َ ،وعَدْلِ الْأُمَرَاءِ ، الدنْيَا كَالْبُسْتَانِ ،وَزَيَّنَهَا ِب َ وَ ُروِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ ُّ
َوعِبَادَةِ الصَّاِلحِنيَ َ ،ونَصِيحَةِ اْلمُسْتَشَارِ َ ،وأَدَاءِ الْأَمَانَةِ .
الريَاءَ ،وَ َمعَ النَّصِيحَةِ الْغِشَّ ، جوْرَ ،وَ َمعَ الْعِبَادَةِ ِّ فَقَ َرنَ إبْلِيسُ َمعَ الْعِلْمِ الْكِ ْتمَانَ ،وَ َمعَ الْعَدْلِ اْل َ
وَ َمعَ الْأَمَانَةِ اْلخِيَانَةَ :وَفِي الْحَدِيثِ ُ { :يطَْبعُ اْل ُمؤْمِنُ عَلَى كُلِّ خُلُقٍ لَيْسَ اْلخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ } . وَفِيهِ َأيْضًا { :أَوَّلُ مَا يُرْ َفعُ مِنْ النَّاسِ الْأَمَانَةُ ،وَآخِرُ مَا يَبْقَى الصَّلَاةُ ،وَرُبَّ مُصَلٍّ َولَا خَيْرَ فِيهِ } وَ ُذكِرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مِنْ ُجمْلَةِ َأ ْهلِ النَّارِ { رَجُلًا لَازَمَهُ َط َمعٌ َوِإنْ دَقَّ إلَّا خَانَهُ } .
َوأَخْرَجَ َأبُو يَعْلَى وَاْلحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ { :تَقَبَّلُوا لِي سِتًّا َأتَقََّبلْ لَكُمْ اْلجَنَّةَ ،إذَا حَدَّثَ أَحَدُكُمْ فَلَا
يَكْذِبْ َ ،وإِذَا َوعَدَ فَلَا يُخْلِفْ َوإِذَا ُا ْؤُتمِنَ فَلَا َيخُنْ } .
ضمَنْ لَكُمْ اْلجَنَّةَ ُ ،اصْدُقُوا ضمَنُوا لِي سِتًّا َأ ْ صحِيحِهِ وَاْلحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ { :ا ْ َوأَ ْحمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ َدثْتُمْ َ ،وَأوْفُوا إذَا َوعَ ْدتُمْ َ ،وأَدُّوا إذَا ُا ْؤُتمِنْتُمْ } اْلحَدِيثَ . إذَا ح َّ
َالزكَاةَ وَالْأَمَانَةَ وَالْفَرْجَ وَالْبَطْنَ وَالطَّبَرَانِيُّ لَا بَأْسَ بِهِ ُ { :اكْفُلُوا لِي سِتًّا َأكْ ُفلْ لَكُمْ اْلجَنَّةَ :الصَّلَاةَ و َّ وَاللِّسَانَ } .
وَمُسْلِمٌ َوغَيْرُهُ عَنْ { حُ َذيْفَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْأَمَانَةَ
نَ َزَلتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ
()277/2
جمَةِ َأصْلُهَا ،ثُمَّ نَزَلَ الْقُرْآنُ فَعَ ِلمُوا مِنْ الْقُرْآنِ َوعَ ِلمُوا مِنْ السُّنَّ ِة ، ،أَيْ بِفَ ْتحِ اْلجِيمِ وَسُكُونِ اْلمُ ْع َ
النوْمَةَ فَتُقَْبضُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فََيظَلُّ َأثَ ُرهَا فِي قَلْبِهِ مِ ْثلُ َدثَنَا عَنْ رَ ْفعِ الْأَمَانَةِ فَقَالَ :يَنَامُ الرَّ ُجلُ َّ ثُمَّ ح َّ الن ْومَ فَتُقَْبضُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ اْل َو ْكتِ :أَيْ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَ َفوْقِيَّةٍ :الَْأثَرُ الْيَسِريُ ،ثُمَّ يَنَامُ الرَّ ُجلُ َّ
جمْرٍ دَحْرَجْته جلِ :أَيْ بِفَ ْتحٍ فَسُكُونٍ لِلْجِيمِ تَنَفُّطُ الْيَدِ مِنْ الْ َع َملِ َوغَيْرِهِ َ ،ك َ فََيظَلُّ َأثَ ُرهَا مِ ْثلَ اْل َم ْ
عَلَى رِجْلِك فَنَفَطَ فَتَرَاهُ مُنْتَبِزًا :أَيْ بِالزَّايِ مُ ْرتَفِعًا } . وَالطَّبَرَانِيُّ { :لَا إميَانَ ِلمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ َ ،ولَا صَلَاةَ ِلمَنْ لَا طَهُورَ لَهُ } اْلحَدِيثَ .
َرمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ :كُنَّا جُلُوسًا َمعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّ َم َ ،فطَ َلعَ وَالْبَزَّارُ عَنْ { َعلِيٍّ ك َّ عَلَيْنَا رَ ُجلٌ مِنْ َأ ْهلِ الْعَالِيَةِ ،فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِ ْرنِي بِأَشَدِّ شَ ْيءٍ فِي هَذَا الدِّينِ َوَألْيَنِهِ ؟ فَقَالَ :
َألْيَنُهُ شَهَادَةُ َأنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ ُمحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ َ ،وأَشَدُّهُ يَا أَخَا الْعَالِيَةِ الْأَمَانَةُ ،إنَّهُ لَا دِينَ ِلمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ َ ،ولَا صَلَاةَ َولَا َزكَاةَ } اْلحَدِيثَ . وَالشَّ ْيخَانِ { :وَخَيْ ُركُمْ قَ ْرنِي ،ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ،ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ،ثُمَّ يَكُونُ بَعْ َدهُمْ َق ْو ٌم
السمَنُ } . يَشْهَدُونَ َولَا يُسْتَشْهَدُونَ ،يَخُونُونَ َولَا ُي ْؤَتمَنُونَ َ ،ويَنْذِرُونَ َولَا يُوفُونَ َ ،وَيظْهَرُ فِيهِمْ ِّ
وَالشَّ ْيخَانِ { :آيَةُ اْلمُنَافِقِ ثَلَاثٌ :إذَا حَدَّثَ كَذَبَ َ ،وإِذَا َوعَدَ أَخْلَفَ َ ،وإِذَا ُا ْؤُتمِنَ خَانَ } ،زَادَ مُسْلِمٌ َ { :وِإنْ صَامَ َوصَلَّى وَ َزعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ } .
وَالشَّ ْيخَانِ { :أَ ْربَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ،وَمَنْ كَاَنتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَ َدعَهَا :إذَا اُ ْؤُتمِنَ خَانَ َ ،وإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ َوإِذَا عَاهَدَ
()272/2
غَدَرَ َ ،وإِذَا خَاصَمَ َفجَرَ } .
َوَأبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ { :كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :اللَّهُمَّ إنِّي َأعُوذُ بِك مِنْ الضجِيعُ ،وََأعُوذُ بِك مِنْ اْلخِيَانَةِ فَإِنَّهَا بِئْسَ الِْبطَانَةُ } . اْلجُوعِ فَإِنَّهُ بِئْسَ َّ
اللهِ صَلَّى َوأَ ْحمَدُ وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ عَنْ َأنَسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :مَا َخطَبَنَا رَسُولُ َّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا قَالَ :لَا إميَانَ ِلمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ َ ،ولَا دِينَ ِلمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ } . صحِيحِهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ َ :خطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فِي ُخطْبَتِهِ وَ َروَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي َ
.
فَ َذكَرَ اْلحَدِيثَ . وَالتِّرْمِذِيُّ { :إذَا فَعَلَتْ أُمَّتِي َخمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً فَقَدْ حَلَّ بِهَا الْبَلَاءُ .
َالزكَاةُ مَغْرَمًا َ ،وَأطَاعَ وَقِيلَ وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ :إذَا كَانَ اْلمَغْنَمُ ُد َولًا ،وَالْأَمَانَةُ مَغَْنمًا ،و َّ صوَاتُ فِي اْلمَسَاجِدِ َ ،وكَانَ الرَّ ُجلُ َزوْجَتَهُ َ ،وعَقَّ أُمَّهُ َ ،وبَرَّ صَدِيقَهُ ،وَجَفَا َأبَاهُ ،وَا ْرتَفَ َعتْ الَْأ ْ
خمُورُ وَشُهِدَ بِالزُّورِ َولُبِسَ اْلحَرِيرُ َزعِيمُ الْ َق ْومِ أَرْ َذلَهُمْ َ ،وُأكْ ِرمَ الرَّ ُجلُ َمخَافَةَ شَرِّهِ ،وَشُ ِرَبتْ اْل ُ َولَهَا فَلْيَ ْرتَقِبُوا عِنْدَ َذلِكَ ِرحيًا َحمْرَاءَ ،أَوْ َواُُّتخِذَتْ الْقَيْنَاتُ وَاْلمَعَا ِزفُ َ ،ولَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أ َّ سخًا } . خَسْفًا َأوْ مَ ْ
سخًا وَخَسْفًا وَقَذْفًا وَآيَاتٍ تَتَاَبعَ كَِنظَامٍ بَالٍ ُق ِطعَ سِلْكُهُ وَفِي ِروَايَةٍ { فَلْيَ ْرتَقِبُوا عِنْدَ ذَلِكَ ِرحيًا وَمَ ْ فَتَتَاَبعَ .
}.
وَالْبَزَّارُ { :ثَلَاثٌ مُتَعَلِّقَاتٌ بِالْعَرْشِ :الرَّحِمُ تَقُولُ اللَّهُمَّ إنِّي بِك فَلَا أُ ْق َطعُ ،وَالْأَمَانَةُ تَقُولُ :اللَّهُمَّ إنِّي بِك فَلَا أُخَانُ ،وَالنِّ ْعمَةُ تَقُولُ :اللَّهُمَّ إنِّي بِك فَلَا ُأكْفَرُ } .
الذنُوبَ كُلَّهَا إلَّا الْأَمَانَةَ َوصَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُو ٍد َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " :الْقَ ْتلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ ُّ قَالَ ُ :ي ْؤتَى بِالْعَبْدِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َوِإنْ قُِتلَ فِي سَبِيلِ
()276/2
الدنْيَا ؟ فَيُقَالُ اْنطَلَقُوا بِهِ إلَى الْهَا ِويَةِ ، ي رَبِّ كَيْفَ وَقَدْ َذهََبتْ ُّ اللَّهِ فَيُقَالُ لَهُ أَدِّ أَمَانَتَك ،فَيَقُولُ أَ ْ
حمِلُهَا عَلَى َوُتمََّثلُ لَهُ الْأَمَانَةُ كَهَيْئَتِهَا َي ْومَ دُفِ َعتْ إلَيْهِ فَيَرَاهَا فَيَعْرِفُهَا فَيَ ْهوِي فِي َأثَ ِرهَا حَتَّى يُدْ ِركَهَا فَيَ ْ مَنْكِبِهِ ،حَتَّى إذَا ظَنَّ أَنَّهُ خَارِجٌ زََّلتْ عَنْ مَنْكِبِهِ فَ ُهوَ يَهْوِي فِي َأثَ ِرهَا َأبَدَ الْآبِدِينَ ،ثُمَّ قَالَ :الصَّلَاةُ أَمَانَةٌ وَاْل ُوضُوءُ أَمَانَةٌ وَاْلوَ ْزنُ أَمَانَةٌ وَالْكَ ْيلُ أَمَانَةٌ َ ،وأَشْيَاءُ عَدَّ َدهَا َوأَشَدُّ َذلِكَ اْلوَدَاِئعُ " .
قَالَ زَاذَانُ :فَأَتَيْت َزيْدَ بْنَ عَامِرٍ فَقُلْت َألَا تَرَى إلَى مَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ ؟ قَالَ :كَذَا َوكَذَا .
قَالَ :صَ َدقَ .
أَمَا َسمِعْت اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ { :إنَّ اللَّهَ يَأْمُ ُركُمْ َأنْ ُتؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى َأهْلِهَا } . تَنْبِيهٌ :عَدُّ مَا ُذكِرَ كَبِريَةً ُهوَ مَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ َ ،و ُهوَ ظَاهِرٌ مِمَّا ُذكِرَ فِي الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ .
()276/2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّ ْحمَنِ الرَّحِيمِ { قَدْ جَا َءتْكُمْ َم ْو ِعظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ ِلمَا فِي الصُّدُورِ َوهُدًى وَرَ ْحمَةٌ
لِ ْل ُمؤْمِنِنيَ } ( قُرْآنٌ كَ ِرميٌ ) .
كِتَابُ النِّكَاحِ ( الْكَبِريَةُ اْلحَا ِديَةُ وَالْأَ ْربَعُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :التَّبَُّتلُ :أَيْ تَرْكُ التَّزَوُّجِ ) َوعَدُّ هَذَا
كَبِريَةً ُهوَ صَرِيحُ كَلَامِ بَ ْعضِ اْلمُتَأَخِّرِينَ ؛ لِأَنَّهُمْ َذكَرُوا أَنَّ مِنْ إمَارَاتِ الْكَبِريَةِ :اللَّعْنَ ،وَ َذكَرَ هَذَا الْإِمَامُ فِي بَابٍ عَقَدَهُ ِلمَنْ لَعَنَ ُه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِ َق ْولِهِ َ { :ولَعَنَ اللَّهُ اْلمُتَبَتِّلِنيَ مِنْ
الرِّجَالِ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا نَتَزَوَّجُ ،وَاْلمُتَبَتِّلَاتِ اللَّاتِي يَقُلْنَ ذَلِكَ } َ ،ولَكِنَّ هَذَا لَا يَ ْأتِي عَلَى َقوَاعِ ِدنَا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ عِنْ َدنَا عَلَى الَْأصَحِّ وُجُوبُ النِّكَاحِ إلَّا بِالنَّذْ ِر ،وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ قَالَ ِبوُجُوبِهِ فِي بَ ْعضِ
حوِهِ إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ فَلَا يُعَدُّ فِي عَدِّ التَّبَُّتلِ لَهُ كَبِريَةً الزنَا َوَن ْ اْلحَالَاتِ كََأنْ ظَنَّ مِنْ نَفْسِهِ اْلوُقُوعَ فِي ِّ حوِهِ إنْ لَمْ الزنَا َأوْ َن ْ عَلَى هَذَا بِشَرْطِ َأنْ يَقْدِرَ عَلَى اْلمَهْرِ وَاْل ُم َؤنِ َوَيخْشَى َ ،بلْ َيظُنُّ مِنْ نَفْسِهِ ِّ
يَتَزَوَّجْ فَتَرْكُ التَّزَوُّجِ حِينَئِذٍ فِيهِ مَفَاسِدُ فَلَا يُعَدُّ فِي َك ْونِهِ كَبِريَةً .
()276/2
( الْكَبِريَةُ الثَّانِيَةُ وَالْأَ ْربَعُونَ وَالثَّالِثَةُ وَالْأَ ْربَعُونَ وَالرَّابِعَةُ وَالْأَ ْربَعُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ َ :نظَرُ الْأَجْنَبَِّيةِ بِشَ ْهوَةٍ شمُهُ ، َمعَ َخ ْوفِ فِتْنَةٍ َ ،وَلمْسُهَا كَ َذلِكَ َ ،وكَذَا اْلخَ ْلوَةُ بِهَا بَِأنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ ُهمَا َمحْ َرمٌ لِأَحَ ِد ِهمَا يَحْتَ ِ
َوَلوْ امْ َرأَةٌ كَ َذلِكَ َولَا َزوْجَ لِتِلْكَ الْأَجْنَبِيَّةِ ) أَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الزنَا مُدْرِكُ َذلِكَ لَا َمحَالَةَ ؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :كُِتبَ عَلَى ابْنِ آ َدمَ نَصِيبُهُ مِنْ ِّ
النظَرُ ،وَالْأُ ُذنَانِ ِزنَا ُهمَا الِاسْتِمَاعُ ،وَاللِّسَانُ ِزنَاهُ الْكَلَامُ ،وَالْيَ ُد ِزنَاهَا الْبَطْشُ ، الْعَيْنَانِ ِزنَا ُهمَا َّ َذبُهُ } . َدقُ َذلِكَ الْفَرْجُ َأوْ يُك ِّ خطَا ،وَالْقَلْبُ يَ ْهوَى َويََتمَنَّى َويُص ِّ وَالرِّ ْجلُ ِزنَاهَا اْل ُ
وَفِي ِروَايَةٍ ِلمُسْلِمٍ { :وَالْيَدَانِ تَ ْزنِيَانِ فَ ِزنَا ُهمَا الَْبطْشُ ،وَالرِّجْلَانِ تَ ْزنِيَانِ فَ ِزنَا ُهمَا اْلمَشْيُ ،وَالْفَمُ
يَ ْزنِي فَ ِزنَاهُ الْقَُبلُ } .
صحِيحَةٍ { :الْعَيْنَانِ تَ ْزنِيَانِ ،وَالرِّجْلَانِ تَ ْزنِيَا ِن ،وَالْفَرْجُ يَ ْزنِي } . وَفِي ِروَايَةٍ َ
صحِيحٍ { :لََأنْ ُيطْعَنَ فِي َرأْسِ أَحَ ِدكُمْ ِب ِمخْيَطٍ } -أَيْ بَِنحْوِ إبْرَةٍ َأوْ مِسَلَّةٍ َو ُهوَ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ َ َولِهِ وَفَ ْتحِ ثَالِثِهِ { -مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ َأنْ َيمَسَّ امْ َرأَةً لَا َتحِلُّ لَهُ } . بِكَسْرِ أ َّ وَالطَّبَرَانِيُّ { :إيَّاكُمْ وَاْلخَ ْلوَةَ بِالنِّسَاءِ َ ،واَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِ ِه مَا خَلَا رَ ُجلٌ بِامْ َرأَةٍ إلَّا دَ َخلَ الشَّ ْيطَانُ
َطخٌ ِبطِنيٍ َأوْ َحمَأَةٍ -أَيْ طِنيٍ أَ ْسوَدَ مُنْتِنٍ -خَيْرٌ لَهُ مِنْ َأنْ بَيْنَ ُهمَا َ ،ولََأنْ يَزْحَمُ رَجُلًا خِنْزِيرٌ مُتَل ِّ
يَزْحَمَ مَنْكِبُهُ امْ َرأَةً لَا َتحِلُّ لَهُ } . وَالطَّبَرَانِيُّ { :لَتَغُضُّنَّ َأبْصَا َركُمْ َولََتحْ َفظُنَّ فُرُوجَكُمْ َأوْ لَيَكْشِفَنَّ اللَّهُ وُجُوهَكُمْ } .
وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ { :يَا عَلِيُّ إنَّ لَك كَنْزًا فِي اْلجَنَّةِ َوإِنَّك ذُو قَرْنَيْهَا ،أَيْ مَالِكٌ
طَرَفَيْهَا السَّالِكُ فِي
()273/2
الشمْسِ َجمِيعِ َنوَاحِيهَا تَشْبِيهًا بِذِي الْقَ ْرنَيْنِ ،فَإِنَّهُ قِيلَ َّإنمَا سُمِّيَ بِ َذلِكَ لِ َقطْعِهِ الْأَرْضَ َوبُلُوغِهِ قَ ْرنَيْ َّ شَرْقًا َوغَ ْربًا .
ستْ لَك الْآخِرَةُ } . النظْرَةَ فَإَِّنمَا لَك الْأُولَى َولَيْ َ النظْرَةَ َّ فَلَا تُتِْبعْ َّ َححَهُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ فِيهِ وَاهِيًا عَنْ ابْنِ مَسْعُو ٍد َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ سمُومٌ مِنْ سِهَامِ النظْرَةُ سَهْمٌ مَ ْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،يَعْنِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ َّ { :
إبْلِيسَ مَنْ تَ َركَهَا مِنْ َمخَافَتِي َأبْ َدلْته إميَانًا َيجِدُ حَلَا َوتَهُ فِي قَلْبِهِ } .
َوأَ ْحمَدُ { :مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَ ْنظُرُ إلَى َمحَاسِنِ امْ َرأَةٍ ثُمَّ يَغُضُّ بَصَرَهُ إلَّا أَحْدَثَ اللَّهُ لَهُ عِبَادَةً يَجِدُ حَلَا َوتَهَا فِي قَلْبِهِ } . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ َّ :إنمَا أَرَادَ إنْ صَحَّ َ -واَللَّهُ َأعْلَمُ َ -أنْ يَ َقعَ بَصَرُهُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَيَصْ ِرفُ بَصَرَهُ
َرعًا . عَنْهَا َتو ُّ
َضتْ عَنْ َمحَا ِرمِ اللَّهِ َوعَيْنًا سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ وَالْأَصْبَهَانِيّ { :كُلُّ عَيْنٍ بَاكِيَةٌ َي ْومَ الْقِيَامَةِ إلَّا عَيْنًا غ َّ الذبَابِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } . اللَّهِ َ ،وعَيْنًا خَرَجَ مِنْهَا مِثْلُ رَأْسِ ُّ
صحِيحٍ إلَّا أَنَّ فِيهِ َمجْهُولًا { :ثَلَاثَةٌ لَا تَرَى َأعْيُنُهُمْ النَّارَ عَيْنٌ حَرَ َستْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ َ َ ،وعَيْنٌ بَ َكتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ َ ،وعَيْنٌ ك ََّفتْ عَنْ َمحَا ِرمِ اللَّهِ } .
ضمَنُ لَكُمْ اْلجَنَّةَ ضمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ َأنْفُسِكُمْ َأ ْ َوصَحَّ عِنْدَ اْلحَاكِمِ ،وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا { :ا ْ َدثْتُمْ َ ،وَأوْفُوا إذَا َوعَ ْدتُمْ َ ،وأَدُّوا إذَا ائُْتمِنْتُ ْم ،وَاحْ َفظُوا فُرُوجَكُمْ َ ،وغُضُّوا ُ :اصْدُقُوا إذَا ح َّ
َأبْصَا َركُمْ َ ،وكُفُّوا َأيْ ِديَكُمْ } .
وَمُسْلِمٌ َوغَيْرُهُ عَنْ جَرِيرٍ :سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ َنظَرِ الْ َفجْأَةِ فَقَالَ { : اصْ ِرفْ بَصَرَك } .
َوصَحَّ { :مَا مِنْ صَبَاحٍ إلَّا وَمَلَكَانِ يُنَا ِديَانِ َ :وْيلٌ لِلرِّجَا ِل مِنْ النِّسَا ِء َ ،و َوْيلٌ لِلنِّسَاءِ مِنْ
()276/2
الرِّجَالِ } . وَالطَّبَرَانِيُّ { :مَنْ كَانَ ُيؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالَْي ْومِ الْآخِرِ فَلَا َيخْ ُلوَنَّ بِامْ َرأَةٍ لَيْسَ بَيْنَهُ َوبَيْنَهَا َمحْ َرمٌ } . وَالشَّ ْيخَانِ { :إيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ .
الزوْجِ ح ْموَ ؟ -أَيْ ِبوَاوٍ َو َهمْزَةٍ َأوْ تَ ْركِ ِهمَا :أَبُو َّ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الَْأنْصَارِ :يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَ َرَأيْت اْل َ
الزوْجَةِ وَمَنْ أَ ْدلَى بِهِ وَقِيلَ الْأَوَّلُ فَقَطْ َو ُهوَ اْلمُرَادُ هُنَا ،وَقِيلَ الثَّانِي فَقَطْ -قَالَ :اْلحَ ْموُ َأوْ َّ اْل َموْتُ } .
الزوْجِ َو ُهوَ َمحْ َرمٌ فَكَيْفَ قَالَ َأبُو عُبَيْدٍ :يَعْنِي فَلَْي ُمتْ وَلَا يَفْعَلَنَّ َذلِكَ فَإِذَا كَانَ هَذَا َدأْبُهُ فِي َأبِي َّ
بِالْغَرِيبِ . تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْكَبَائِرِ ُهوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ َوكَأَنَّهُمْ أَخَذُوهُ مِنْ اْلحَدِيثِ الْأَوَّلِ الزنَا لَيْسَتْ كَبَائِرَ ،وَُيمْكِنُ وَمَا بَعْدَهُ ،لَكِنَّ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا أَنَّ مُقَدَّمَاتِ ِّ
ح ْملِ هَذَا عَلَى مَا إذَا انْتَ َفتْ الشَّ ْهوَةُ ،وَ َخ ْوفُ الْفِتْنَةِ ،وَالْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا وُجِ َدتَا َفمِنْ ثَمَّ ج ْمعُ ِب َ اْل َ
قَيَّدْت بِ ِهمَا الْأَوَّلَ حَتَّى يَكُونَ لَهُ َن ْوعُ ِّاتجَاهٍ َ ،وأَمَّا إطْلَاقُ الْكَبِريَةِ َوَلوْ مَعَ انْتِفَاءِ َذيْنِك فَبَعِيدٌ جِدًّا .
()276/2
جمِيلِ ( الْكَبِريَةُ اْلخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالْأَ ْربَعُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :فِعْلُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ َمعَ الْأَمْرَدِ اْل َ َمعَ الشَّ ْهوَةِ وَ َخ ْوفِ الْفِتْنَةِ ) َوعَدُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْكَبَائِرِ بِنَاءً عَلَى طَرِيقَةِ الْعَادِّينَ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهَا ظَاهِرٌ َاللوَاطِ كَبِريَتَيْنِ ُمخْتَلِفَتَيْنِ فَكَذَا الزنَا و ِّ ؛ لِأَنَّ الْفِتْنَةَ بِالْأَمْرَدِ أَقْرَبُ َوأَقَْبحُ َ ،وُيؤَيِّدُهُ مَا يَ ْأتِي مِنْ عَدِّ ِّ
مُقَدَّمَاتُ ُهمَا .
النظَرُ إلَى مَا لَا َدهَا صَغَائِرَ :مِنْهَا َّ ثُمَّ َرَأيْت الْأَذْ َرعِيَّ قَالَ :أَقَرَّ الشَّ ْيخَانِ صَا ِحبَ الْعُدَّةِ عَلَى أَشْيَاءَ ع َّ النظَرُ إلَيْهِ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ َوأَمْرَدَ ،فَقَدْ َأطْلَقَ اْلمَاوَرْدِيُّ َوغَيْرُهُ أَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَهُ بِشَ ْهوَةٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ َيجُوزُ َّ
َفسَقَ وَرُدَّتْ شَهَا َدتُ ُه َ ،وكَذَا َلوْ عَاوَدَهُ عَبَثًا لَا لِشَ ْهوَةٍ فِي ِه ،قَالَ الْأَذْ َرعِيُّ :وَاْل ُمخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَفْسُقُ
بِ َذلِكَ ِب ُمجَرَّدِهِ إذَا غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ َكمَا قَرَّ ْرنَاهُ فَلَا يَكُونُ َذلِكَ كَبِريَةٌ ُتخْرِجُ مِنْ الْعَدَالَةِ نَعَمْ َلوْ ظَنَّ النظَرَ فََيظْهَرُ َك ْونُهُ كَبِريَةً . الْفِتْنَةَ ثُمَّ اقَْتحَمَ َّ
انْتَهَى . وَمَا َذكَرَهُ آخِرًا ُموَافِقٌ ِلمَا بَحَثْته وَ َجمَعْت بِهِ بَيْنَ الْ َقوْلِ بِأَنَّ َذلِكَ كَبِريَ ٌة ،وَالْ َقوْلُ بِأَنَّهُ غَيْ ُر كَبِريَةٍ
فَتَأ ََّملَ َذلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ َ ،وإَِّنمَا قَيَّدْت هُنَا وَفِيمَا مَرَّ بِالشَّ ْهوَةِ وَ َخ ْوفِ الْفِتْنَةِ لِيَقْرُبَ عَدُّ تِلْكَ السِّتَّةِ مِنْ
َح حُرْمَةُ هَذِهِ كُلِّهَا َمعَ اْلمَ ْرأَةِ وَالْأَمْرَدِ َوَلوْ الْكَبَائِرِ َكمَا مَرَّ لَا لِ َك ْونِ اْلحُرْمَةِ مُقَيَّدَةٌ بِ َذلِكَ ،فَإِنَّ الَْأص َّ
النظَرِ َوَلوْ َمعَ الْأَمْنِ َلجَرَّ حوُ َّ سمًا ِلمَادَّةِ الْفَسَادِ مَا أَمْكَ َن ،إذْ َلوْ جَازَ َن ْ بِلَا شَ ْهوَةٍ َوِإنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ حَ ْ إلَى الْفَاحِشَةِ َ ،وأَدَّى إلَى الْفَسَادِ ،فَكَانَ اللَّائِقُ ِب َمحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ الِْإعْرَاضَ عَنْ تَفَاصِيلِ الْأَ ْحوَالِ النظَرَ َرمَ َأئِمَّتُنَا َّ وَسَدِّ بَابِ الْفِتْنَةِ وَمَا ُيؤَدِّي إلَيْهَا ُمطْلَقًا ،وَمِنْ ثَمَّ ح َّ
()276/2
َح مِنْ حُرْمَةِ َنظَرِ الْيَ َديْنِ وَاْلوَجْهِ ؛ لِأَنَّ ُهمَا لِقُلَامَةِ ظُفُرِ اْلمَ ْرأَةِ اْلمُنْفَصِلَةِ وََلوْ َمعَ يَ ِدهَا بِنَاءً عَلَى الَْأص ِّ النظَرِ مِنْ اْلمَ ْرأَةِ َوَلوْ أَمَةً عَلَى الَْأصَحِّ َوِإنْ كَانَا لَيْسَا َعوْرَةً مِنْ اْلحُرَّةِ فِي الصَّلَاةِ ، َعوْرَةٌ فِي َّ
صلَ مِنْهَا ؛ لِأَنَّ ُر ْؤيَةَ الْبَ ْعضِ رَُّبمَا جَرَّ إلَى ُر ْؤيَةِ الْكُلِّ فَكَانَ اللَّائِقُ حُرْمَةَ َوكَ َذلِكَ َيحْ ُرمُ سَائِرُ مَا انْفَ َ
َنظَرِهِ ُمطْلَقًا َأيْضًا َ ،و َكمَا َيحْ ُرمُ َذلِكَ عَلَى الرَّ ُجلِ لِ ْلمَ ْرأَةِ كَ َذلِكَ َيحْ ُرمُ عَلَيْهَا َأنْ تَرَى شَيْئًا مِنْهُ َوَلوْ سبٍ َأوْ ِرضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ َنظَرَ كُلٌّ إلَى مَا بِلَا شَ ْهوَةٍ َولَا َخ ْوفِ فِتْنَةٍ ،نَعَمْ إنْ كَانَ بَيْنَ ُهمَا َمحْرَمِيَّةٌ بِنَ َ الذكَرُ عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّةِ الْآخَرِ وَ ُركْبَتَهُ وَح ََّلتْ اْلخَ ْلوَةُ لِانْتِفَاءِ َمظِنَّةِ الْفَسَادِ حِينَئِذٍ َ ،وكَذَا َلوْ كَانَ َّ
َممْسُوحًا بَِأنْ لَمْ يَبْقَ شَ ْيءٌ مِنْ َذكَرِهِ َولَا بَقَِيتْ فِيهِ شَ ْهوَةٌ َومَ ْيلٌ لِلنِّسَاءِ َ ،وكَذَا َلوْ كَانَ عَبْ ُدهَا َوهِيَ
الزنَا فَقَطْ َبلْ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ صِفَةِ الْعَدَالَةِ فِي كُلٍّ َو ُهوَ ثِقَتَانِ عَ ْدلَانِ َولَا يَكْفِي َك ْونُ ُهمَا عَفِيفَيْنِ عَنْ ِّ مِنْ ُهمَا َ ،ولَيْسَ الشَّ ْيخُ الْفَانِي وَاْلمَرِيضُ وَالْعِنِّنيُ وَاْلخَصِيُّ وَاْل َمجْبُوبُ كَ َذلِكَ فََيحْ ُرمُ عَلَى كُلٍّ مِنْ
حلِ َوعَلَى َولِيِّ اْلمُرَاهِقِ وَاْلمُرَاهِقَةِ مَنْعُ ُهمَا مِمَّا ُيمَْنعُ مِنْهُ الْبَاِلغُ َه ُؤلَاءِ َنظَ ُرهَا َوعَلَيْهَا َنظَرُهُ ُمطْلَقًا كَالْ َف ْ وَالْبَالِغَةُ .
جبَ مِنْ الذِّمِّيَّةِ لِئَلَّا تَصِفَهَا إلَى جبُ عَلَى اْلمُسْ ِلمَةِ َأنْ َتحَْت ِ َوعَلَى النِّسَاءِ الِاحِْتجَابُ مِنْهُ َ ،كمَا َي ِ
جبُ عَلَى الْعَفِيفَةِ الِاحِْتجَابُ فَاسِقٍ َأوْ كَافِرٍ تُفْتَتَنُ بِ ِه ،وَمِثْلُهَا فِي َذلِكَ الْفَاسِقَةُ بِ ِزنًا َأوْ ِسحَاقٍ فََي ِ
ضطَرَّتْ اْلمَ ْرأَةُ إلَى مُدَاوَاةٍ َأوْ شَهَادَةٍ َأوْ تَعْلِيمٍ َأوْ بَ ْيعٍ َأوْ ُرهَا إلَى مِ ْثلِ قَبَائِحِهَا َ ،وإِذَا ا ْ مِنْهَا لِئَلَّا َتج َّ
حوِ َذلِكَ جَازَ َنظَ ُرهَا بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ بِتَفَاصِيلِ َذلِكَ اْلمَبْسُوطَةِ فِي كُُتبِ الْفِقْهِ ،وَقَدْ قَدَّمْت َن ْ
()227/2
عَنْ الْأَذْ َرعِيِّ أَنَّهُ نَ َقلَ عَنْ اْلمَاوَرْدِيِّ مَا يُصَرِّحُ ِبمَا َذكَ َرتْهُ فِي تِلْكَ السِّتِّ حَ ْيثُ قَالَ أَقَرَّ الشَّ ْيخَانِ
النظَرُ إلَيْهِ مِنْ النظَرُ إلَى مَا لَا َيجُوزُ َّ صَا ِحبَ الْعُدَّةِ عَلَى عِدَّةِ أَشْيَاءَ مِنْ الصَّغَائِرِ ،وَفِيهَا َنظَرٌ :مِنْهَا َّ
أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ أَمْرَدَ ،وَفِيهِ َنظَرٌ فَقَدْ َأطْلَقَ اْلمَاوَرْدِيُّ َوغَيْرُهُ أَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَ َذلِكَ بِشَ ْهوَةٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَسَقَ وَرُدَّتْ شَهَا َدتُهُ َوكَذَا َلوْ عَاوَدَهُ عَبَثًا لَا لِشَ ْهوَةٍ فِيهِ .
قَالَ الْأَذْ َرعِيُّ :وَاْل ُمخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَفْسُقُ بِ َذلِكَ ِب ُمجَرَّدِهِ إذَا غَلََبتْ طَاعَاتُهُ فَلَا يَكُونُ َذلِكَ كَبِريَةً ُتخْرِجُ عَنْ الْعَدَالَةِ .
النظَرَ فََيظْهَرُ َك ْونُهُ كَبِريَةً . نَعَمْ َلوْ ظَنَّ الْفِتْنَةَ ثُمَّ اقَْتحَمَ َّ انْتَهَى .
َالنظَرُ بِشَ ْهوَةٍ إلَى اْلمَ ْرأَةِ وَالْأَمْرَدِ ِزنًا وَ َرَأيْت بَ ْعضَ اْلمُتَأَخِّرِينَ أَشَارَ ِلمَا َذكَرْته َأيْضًا حَ ْيثُ قَالَ :و َّ
النطْقُ ، النظَ ُر ،وَ ِزنَا اللِّسَانِ ُّ ِلمَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { :زِنَا الْعَيْنِ َّ خطَا وَالنَّفْسُ تََتمَنَّى َوتَشَْتهِي } . وَ ِزنَا الْيَدِ الَْبطْشُ ،وَ ِزنَا الرِّجْلِ اْل ُ
النظَرِ إلَيْهِمْ َوعَنْ ُمخَاَلطَتِهِمْ وَمُجَالَسَتِهِمْ َولِأَ ْجلِ َذلِكَ بَاَلغَ الصَّاِلحُونَ فِي الِْإعْرَاضِ عَنْ اْلمُرْدِ َوعَنْ َّ
.
صوَرِ الْعَذَارَى َوهُمْ أَشَدُّ فِتْنَةً صوَرًا كَ ُ قَالَ اْلحَسَنُ بْنُ َذ ْكوَانَ :لَا تُجَالِسُوا َأ ْولَادَ الَْأغْنِيَاءِ فَإِنَّ لَهُمْ ُ مِنْ النِّسَاءِ وَقَالَ بَ ْعضُ التَّابِعِنيَ :مَا َأنَا بِأَ ْخوَفَ عَلَى الشَّابِّ النَّاسِكِ مِنْ سَُبعٍ ضَارٍ مِنْ الْغُلَامِ الْأَمْرَدِ
َرمَ بَ ْعضُ الْعُ َلمَاءِ الْخَ ْلوَةَ َمعَ يَقْعُدُ إلَيْهِ َوكَانَ يَقُولُ :لَا يَبِيتَنَّ رَ ُجلٌ مَعَ أَمْرَدَ فِي مَكَان وَاحِدٍ ،وَح َّ
الْأَمْرَدِ فِي بَ ْيتٍ أَوْ حَانُوتٍ َأوْ حَمَّامٍ قِيَاسًا عَلَى اْلمَ ْرأَةِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :مَا خَلَا رَجُلٌ بِامْ َرأَةٍ إلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّ ْيطَانُ } ،وَفِي اْلمُرْدِ مَنْ يَفُوقُ النِّسَاءَ ِبحُسْنِهِ
()227/2
فَالْفِتْنَةُ بِهِ َأ ْعظَمُ َولِأَنَّهُ ُيمْكِنُ فِي حَقِّهِ مِنْ الشَّرِّ مَا لَا ُيمْكِنُ فِي حَقِّ النِّسَاءِ َويَسْ ُهلُ فِي حَقِّهِ مِنْ طُ ُرقِ
ِالتحْ ِرميِ َأ ْولَى . الرِّيبَةِ وَالشَّرِّ مَا لَا يَسْ ُهلُ فِي حَقِّ اْلمَ ْرأَةِ فَ ُهوَ ب َّ
َالتحْذِيرِ مِنْ ُر ْؤيَتِهِمْ َأكْثَرُ مِنْ َأنْ ُتحْصَرَ وَسَمُّوهُمْ الَْأنْتَانَ ؛ لِأَنَّهُمْ َوأَقَاوِيلُ السَّلَفِ فِي التَّنْفِريِ مِنْهُمْ و َّ مُسْتَقْذَرُونَ شَ ْرعًا ،وَ َسوَاءٌ فِي كُلِّ مَا َذكَ ْرنَاهُ َنظَرُ اْلمَنْسُوبِ إلَى الصَّلَاحِ َوغَيْرِهِ .
الثوْرِيُّ اْلحَمَّامَ فَدَ َخلَ عَلَيْهِ صَبِيٌّ حَسَنُ اْلوَجْهِ فَقَالَ :أَخْرِجُوهُ عَنِّي فَإِنِّي أَرَى َمعَ وَدَ َخلَ سُفْيَانُ َّ
كُلِّ امْ َرأَةٍ شَ ْيطَانًا وَ َمعَ كُلِّ أَمْرَدَ سَبْعَةَ عَشَرَ شَ ْيطَانًا . وَجَاءَ رَ ُجلٌ إلَى الْإِمَامِ أَ ْحمَدَ وَمَعَهُ صَبِيٌّ حَسَنُ اْلوَجْهِ فَقَالَ لَهُ :مَنْ هَذَا مِنْك ؟ فَقَالَ ابْنُ أُخْتِي .
قَالَ :لَا َتجِيءَ بِهِ إلَيْنَا مَرَّةً أُخْرَى َ ،ولَا َتمْشِ مَعَهُ بِطَرِيقٍ لِئَلَّا َيظُنُّ بِك مَنْ لَا يَعْرِفُك َويَعْرِفُهُ سُوءًا . وَ ُروِيَ لَكِنْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ َكمَا عَبَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ َبلْ وَاهٍ َكمَا عَبَّرَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْعَسْقَلَانِيُّ { :أَنَّ
وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِيهِمْ أَمْرَدُ حَسَنٌ فَأَجْلَسَهُ صَلَّى النظَرِ } . اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَ ظَهْرِهِ وَقَالَ َّ :إنمَا كَاَنتْ فِتْنَةُ دَاوُد مِنْ َّ الزنَا . النظَرُ بَرِيدُ ِّ َوكَانَ يُقَالُ َّ
سمُومٌ مِنْ سِهَامِ إبْلِيسَ . َوُيؤَيِّدُهُ اْلحَدِيثُ السَّابِقُ أَنَّهُ سَهْمٌ مَ ْ
()222/2
( الْكَبِريَةُ الثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالْأَ ْربَعُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :الْغِيبَةُ وَالسُّكُوتُ عَلَيْهَا ِرضًا َوتَقْرِيرًا ) .
سخَرْ َق ْومٌ مِنْ َق ْومٍ عَسَى َأنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ َولَا نِسَاءٌ قَالَ -تَعَالَى { : -يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَ ْ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى َأنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ َولَا تَ ْلمِزُوا َأنْفُسَكُمْ َولَا تَنَابَزُوا بِالَْألْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْ ُفسُوقُ
بَعْدَ الْإِميَانِ وَمَنْ لَمْ يَُتبْ فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّاِلمُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِي َن آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِريًا مِنْ الظَّنِّ إنَّ بَ ْعضَ الظَّنِّ إثْمٌ َولَا َتجَسَّسُوا َولَا يَغَْتبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا َأُيحِبُّ أَحَ ُدكُمْ َأنْ يَ ْأ ُكلَ َلحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَ ِرهُْتمُوهُ
سخُورِ مِنْهُ بِعَيْنِ النَّ ْقصِ :أَيْ لَا َتحْتَقِرْ النظَرُ إلَى اْلمَ ْ َالسخْ ِريَةُ َّ : ب رَحِيمٌ } و ُّ وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ تَوَّا ٌ ضلَ َوأَقْرَبَ . غَيْرَك عَسَى َأنْ يَكُونَ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا مِنْك َوأَفْ َ
{ رُبَّ أَشْ َعثَ َأغْبَرَ ذِي ِطمْرَيْنِ لَا ُي ْؤبَهُ لَهُ َوَلوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لََأبَرَّهُ } . وَقَدْ احْتَقَرَ إبْلِيسُ اللَّعِنيُ آدَمَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا َوعَلَيْ ِه -فَبَاءَ بِاْلخَسَارِ الَْأبَدِيِّ وَفَازَ آدَم بِالْعِزِّ الَْأبَدِيِّ ،وَشَتَّانَ مَا بَيْنَ ُهمَا َ ،وُيحَْت َملُ َأنْ يَكُونَ اْلمُرَادُ بِعَسَى يَصِريُ :أَيْ لَا َتحْتَقِرْ غَيْرَك فَإِنَّهُ رَُّبمَا َالدهْرُ قَدْ رَفَعَهُ { َولَا صَارَ عَزِيزًا َوصِرْت َذلِيلًا فَيَنْتَقِمُ مِنْك :لَا تُهِنيُ الْفَقِريَ عَلَّك َأنْ تَ ْر َكعَ َيوْمًا و َّ
َاللمْزُ بِالْ َقوْلِ َوغَيْرِهِ ،وَالْ َهمْزُ بِالْ َقوْلِ فَقَطْ . تَ ْلمِزُوا َأنْفُسَكُمْ } :أَيْ لَا يَ ِعبْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَ ْعضٍ ،و َّ اللمْزُ بِاللِّسَانِ . وَ َروَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ جُ َرْيجٍ أَنَّ الْ َهمْزَ بِالْعَيْنِ وَالشَّ ْدقِ وَالْيَدِ ،وَ َّ
اللمَزَةُ الَّذِي يَعِيبُك فِي وَجْهِك ،وَالْ ُهمَزَةُ الَّذِي يَعِيبُك قَالَ الْبَيْهَقِيُّ َ :وبَلَغَنِي عَنْ اللَّ ْيثِ أَنَّهُ قَالَ ُّ : بِالْغَ ْيبِ .
وَفِي الْإِحْيَاءِ قَالَ ُمجَاهِدٌ َ { :وْيلٌ لِكُلِّ ُهمَزَةٍ ُلمَزَةٍ } الْ ُهمَزَةُ :الطَّعَّانُ فِي النَّاسِ
()226/2
َاللمَزَةُ :الَّذِي يَ ْأ ُكلُ ُلحُومَ النَّاس وَالنَّبْزُ :الطَّرْحُ . ،و ُّ وَاللَّ َقبُ :مَا أَشَعَرَ بِرِفْعَةِ اْلمُسَمَّى َأوْ ضِعَتِهِ :أَيْ لَا تَتَرَا َموْا بِهَا َو ُهوَ هُنَا َأنْ يُ ْدعَى الِْإنْسَانُ بِغَيْرِ مَا َولَهَا عَلَيْهِ الَْأكْثَرُونَ . حوِ يَا مُنَافِقُ أَوْ يَا فَاسِقُ وَقَدْ تَابَ مِنْ فِسْقِهِ َأ ْقوَالٌ أ َّ سُمِّيَ بِهِ َأوْ بَِن ْ
السخْ ِريَةُ ؛ لِأَنَّهَا َأبْ ُلغُ الثَّلَاثَةِ فِي الْأَذِيَّةِ لِاسْتِ ْدعَائِهَا تَنْقِيصَ ،الْمَ ْرءِ فِي حَضْ َرتِهِ . وَقُدِّ َمتْ ُّ
اللمْزُ ؛ لِأَنَّهُ الْعَ ْيبُ ِبمَا فِي الِْإنْسَانِ َ ،وهَذَا دُونَ الْأَوَّلِ ثُمَّ النَّبْزُ َوهَذَا نِدَاؤُهُ بِلَقَبِهِ َو ُهوَ دُونَ ثُمَّ َّ الثَّانِي إذْ لَا يَلْ َزمُ ُمطَابَقَةُ مَعْنَاهُ لِلَقَبِهِ فَقَدْ يُل ََّقبُ اْلحَسَنُ بِالْ َقبِيحِ َوعَكْسِهِ ،فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ لَا
تَتَكَبَّرُوا فَتَسَْتحْقِرُوا إ ْخوَانَكُمْ ِبحَ ْيثُ لَا تَلْتَفِتُوا إلَيْهِمْ َأصْلًا َ ،وَأيْضًا فَلَا تَعِيبُوهُمْ طَلَبًا ِلحَطِّ دَرَجَتِهِمْ َ ،وَأيْضًا فَلَا تُسَمُّوهُمْ ِبمَا يَكْ َرهُونَهُ ؛ َونَبَّهَ تَعَالَى بِ َق ْولِهِ { :أَنْفُسَكُمْ } عَلَى دَقِيقَةٍ يَنْبَغِي التَّفَطُّنُ لَهَا ، َوهِيَ أَنَّ اْل ُمؤْمِنِنيَ كُلَّهُمْ ِبمَنْ ِزلَةِ الْبَ َدنِ اْلوَاحِدِ إذْ اشْتَكَى بَ ْعضُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ .
َفمَنْ عَابَ غَيْرَهُ فَفِي اْلحَقِيقَةِ إنَّمَا عَابَ نَفْسَهُ َنظَرًا لِ َذلِكَ َ ،وَأيْضًا فَتَعْيِيبُهُ لِلْغَيْرِ تَسَبُّبٌ إلَى تَعْيِيبِ الْغَيْرِ لَهُ فَكَأَنَّهُ الَّذِي عَابَ نَفْسَهُ فَ ُهوَ عَلَى حَدِّ اْلخَبَرِ الْآتِي { :لَا يَسُبَّنَّ أَحَ ُدكُمْ َأبَاهُ ،قَالُوا :
َوكَيْفَ يَسُبُّ الرَّ ُجلُ َأبَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ :يَسُبُّ َأبَا الرَّ ُجلِ فَيَسُبُّ َأبَاهُ } َوعَلَى حَدِّ َقوْله تَعَالَى َ { :ولَا تَقْتُلُوا َأنْفُسَكُمْ } َوغَايَرَ بَيْنَ صِيغَتَيْ تَ ْلمِزُوا َوتَنَابَزُوا ؛ لِأَنَّ اْلمَ ْلمُوزَ قَدْ لَا يَقْدِرُ فِي اْلحَالِ عَلَى عَ ْيبٍ يَ ْلمِزُ بِهِ لَامِزَهُ فََيحْتَاجُ إلَى تَتَُّبعِ أَ ْحوَالِهِ حَتَّى َيظْ َفرَ بِبَ ْعضِ عُيُوبِهِ ِبخِلَافِ النَّبْزِ ،فَإِنَّ مَنْ
ل ُِّقبَ ِبمَا يَكْرَهُ قَادِرٌ عَلَى تَلْقِيبِ الْآخَرِ بَِنظِريِ َذلِكَ حَالًا َف َو َقعَ التَّفَا ُعلُ
()226/2
،وَمَعْنَى { بِئْسَ الِاسْمُ } إَلخْ :أَنَّ مَنْ فَ َعلَ إحْدَى الثَّلَاثَةِ اسَْتحَقَّ اسْمَ الْفِسْقِ َو ُهوَ غَايَةُ النَّ ْقصِ بَعْدَ
َأنْ كَانَ كَامِلًا بِالْإِميَانِ .
َوضَمَّ تَعَالَى إلَى هَذَا اْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ َق ْولَهُ { :وَمَنْ لَمْ يَُتبْ فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّاِلمُونَ } لِلْإِشَارَةِ إلَى
َع َظمَةِ إثْمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الثَّلَاثَةِ ،ثُمَّ ع ََّقبَ تَعَالَى بِأَمْرِهِ بِاجْتِنَابِ الظَّنِّ َوعَلَّلَ َذلِكَ بِأَنَّ بَ ْعضَ
الظَّنِّ إثْمٌ َو ُهوَ مَا َتخَيَّلْت وُقُوعَهُ مِنْ غَيْرِك مِنْ غَيْرِ مُسْتَنِدٍ يَقِينِيٍّ لَك عَلَيْهِ وَقَدْ صَمَّمَ عَلَيْهِ قَلْبُك أَوْ
َوغٍ شَ ْرعِيٍّ ،وَمِنْ ثَمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ تَكَلَّمَ بِهِ لِسَانُك مِنْ غَيْرِ مُس ِّ
الظَّنَّ َأكْذَبُ اْلحَدِيثِ } . فَالْعَا ِقلُ إذَا وَقَفَ أَمْرُهُ عَلَى الْيَقِنيِ ق ََّلمَا يَتَيَقَّنُ فِي أَحَدٍ عَيْبًا يَ ْلمِزُهُ بِهِ ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَصِحُّ ظَاهِرًا لَا
بَاطِنًا َوعَكْسُهُ فَلَا يَنْبَغِي حِينَئِذٍ التَّ ْعوِيلُ عَلَى الظَّنِّ َ ،وبَ ْعضُ الظَّنِّ لَيْسَ بِِإثْمٍ َبلْ مِنْهُ مَا ُهوَ وَا ِجبٌ َكظُنُونِ اْل ُمجْتَهِدِينَ فِي الْفُرُوعِ اْلمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الْأَدِلَّةِ الشَّ ْرعِيَّةِ فَيَلْزَمُهُمْ الْأَخْذُ بِهَا .
وَمِنْهُ مَا ُهوَ مَنْدُوبٌ وَمِنْهُ َق ْولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :ظُنُّوا بِاْل ُمؤْمِنِ خَيْرًا } ،وَمَا ُهوَ ُمبَاحٌ ،
ح َملُ خَبَرِ { :إنَّ مِنْ اْلحَ ْزمِ سُوءَ الظَّنِّ } أَيْ بَِأنْ يُقَدَّرَ َالرأْيَ َ ،و ُهوَ َم ْ وَقَدْ يَكُونُ ُهوَ اْلحَ ْزمَ و َّ اْلمَُتوَهَّمُ وَاقِعًا َك َم ْطلِ مُعَامِلِهِ الَّذِي َيجْ َهلُ حَتَّى يُسْلِمَ بِسََببِ َذلِكَ مِنْ َأنْ يَ ْلحَقَهُ أَذًى مِنْ غَيْرِهِ َأوْ
خَدِيعَةٌ ،فَنَتِيجَةُ هَذَا الظَّنِّ لَيْسَ إْلحَاقُ النَّ ْقصِ بِالْغَيْرِ َبلْ اْلمُبَالَغَةُ فِي حِفْظِ النَّفْسِ وَآثَارِهَا عَلَى َأنْ
يَ ْلحَقَهَا سُوءٌ .
َالتحَسُّسُ بِاْلمُ ْهمَلَةِ الْإِحْسَاسُ َالتجَسُّسُ :التَّتَبُّعُ ،وَمِنْهُ الْجَاسُوسُ وَاْلمُرَادُ تَتَُّبعُ عُيُوبِ النَّاسِ ،و َّ و َّ حوَاسُّ الظَّاهِرَةُ وَالْبَاطِنَةُ ،وَقُرِئَ شَاذاا وَالْإِدْرَاكُ ،وَمِنْهُ اْل َ
()226/2
بِاْلمُ ْهمَلَةِ فَقِيلَ مَُّتحِدَانِ وَمَعْنَاهُمَا طَ َلبُ مَعْرِفَةِ الْأَخْبَارِ . الظوَاهِرِ ،وَالثَّانِي تَتَُّبعُ الَْبوَاطِنِ . وَقِيلَ ُمخْتَلِفَانِ فَالْأَوَّلُ تَتَُّبعُ َّ
َولُ َأنْ وَقِيلَ :الْأَوَّلُ الشَّرُّ وَالثَّانِي اْلخَيْرُ وَفِيهِ َنظَ ٌر َ ،وبِفَرْضِ صِحَّتِهِ ُهوَ غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا ،وَقِيلَ الْأ َّ حصَ عَنْ الْغَيْرِ بِغَيْرِك . تَ ْف َ
حثِ عَنْ أُمُورِ النَّاسِ حصَ عَنْهُ بِنَفْسِك ؛ َوعَلَى كُلٍّ فَفِي الْآيَةِ النَّهْيُ الَْأكِيدُ عَنْ الَْب ْ وَالثَّانِي َأنْ تَ ْف َ
اْلمَسْتُورَةِ َوتَتَُّبعِ َعوْرَاتِهِمْ . قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :لَا َتجَسَّسُوا َولَا تَنَافَسُوا َولَا َتحَاسَدُوا َولَا تَبَاغَضُوا َولَا تَدَابَرُوا َوكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إ ْخوَانًا َكمَا أَمَ َركُمْ } .
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ َولَمْ يَ ِفضْ الْإِميَانُ إلَى قَلْبِهِ :لَا تَغْتَابُوا
اْلمُسْ ِلمِنيَ َولَا تَتَبَّعُوا َعوْرَاتِهِمْ فَإِنَّ مَنْ يَتَّبِعْ َعوْرَاتِ اْلمُسْ ِل ِمنيَ يَتَِّبعْ اللَّهُ َعوْ َرتَهُ وَمَنْ يَتَِّبعْ اللَّهُ َعوْ َرتَهُ
ضحْهُ َوَلوْ فِي َج ْوفِ رَحْلِهِ } . يَفْ َ وَقِيلَ لِابْنِ مَسْعُودٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :هَلْ لَك فِي اْل َولِيدِ بْنِ عُقْبَةَ َوِلحْيَتُهُ تَ ْقطُرُ َخمْرًا ؟ فَقَالَ َّ :إنمَا
التجَسُّسِ فَِإنْ ُيظْهِرْ لَنَا شَيْئًا أَخَ ْذنَاهُ بِهِ . نُهِينَا عَنْ َّ
وَ َق ْولُهُ َ { :ولَا يَغَْتبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا } أَيْ لَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ مِنْكُمْ فِي حَقِّ أَحَدٍ فِي غَيْبَتِهِ ِبمَا هُوَ فِيهِ مِمَّا يَكْ َرهُهُ َ ،وَأْلحَقَ بِهِ مَا عَلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ فِي التَّكَلُّمِ فِي حَضْ َرتِهِ بِ َذلِكَ َبلْ هُوَ َأبْ َلغُ فِي
الْأَذِيَّةِ .
َقالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ { :أتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ ؟ قَالُوا :اللَّهُ وَرَسُولُهُ َأعْلَ ُم ،قَالَ ِ :ذكْرُك أَخَاك
ِبمَا يَكْرَهُ ،قِيلَ أَفَ َرَأيْت إنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ ؟ قَالَ :إنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ اغْتَبْتَهُ َ ،وِإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ } . َروَاهُ مُسْلِمٌ َوَأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ َوغَيْ ُرهُمْ َوطُرُقُهُ
()223/2
ضوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَ ْجمَعِنيَ وَحِ ْكمَةُ َتحْرِميِهَا َمعَ أَنَّهَا صِ ْدقٌ الصحَابَةِ ِ -ر ْ كَثِريَةٌ عَنْ َجمَاعَةٍ مِنْ َّ
اْلمُبَالَغَةُ فِي حِفْظِ عِرْضِ اْل ُمؤْمِنِ ،وَالْإِشَارَةُ إلَى َعظِيمِ تَأَكُّدِ حُرْمَتِهِ وَحُقُوقِهِ ،وَزَادَ تَعَالَى َذلِكَ
خ ،فَقَالَ - حمِهِ وَدَمِهِ َمعَ اْلمُبَالَغَةِ فِي ذَلِكَ َأيْضًا بِالتَّعْبِريِ فِيهِ بِالْأَ ِ تَ ْأكِيدًا َوَتحْقِيقًا بِتَشْبِيهِ عِ ْرضِهِ بِ َل ْ عَزَّ قَائِلًا َ { : -أُيحِبُّ أَحَ ُدكُمْ َأنْ يَ ْأ ُكلَ َلحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا } وَوَجْهُ التَّشْبِيهِ أَنَّ الِْإنْسَانَ يَتَأَلَّمُ قَلْبُهُ مِنْ حمِهِ لَِأكْلِهِ َبلْ َأبْ ُلغُ ؛ لِأَنَّ عِرْضَ الْعَا ِقلِ عِنْدَهُ أَشْ َرفُ مِنْ قَرْضِ عِ ْرضِهِ َ ،كمَا يَتَأَلَّمُ بَ َدنُهُ مِنْ َق ْطعِ َل ْ حمِهِ وَدَمِهِ . َل ْ
َو َكمَا أَنَّهُ لَا َيحْسُنُ مِنْ الْعَا ِقلِ َأ ْكلُ ُلحُومِ النَّاسِ لَا َيحْسُنُ مِنْهُ قَرْضُ عِ ْرضِهِمْ بِالطَّرِيقِ الْأَ ْولَى ؛ لِأَنَّهُ ضغُ َلحْمِ أَخِيهِ فَضْلًا عَنْ َأكْلِهِ بِخِلَافِ الْعَدُوِّ آلَمْ َ ،ووَجْهُ الْآكَدِيَّةِ فِي َلحْمِ أَخِيهِ أَنَّ الْأَخَ لَا ُيمْكِنُهُ مَ ْ
فَإِنَّهُ يَ ْأ ُكلُ َلحْمَ عَدُوِّهِ مِنْ غَيْرِ َتوَقُّفٍ مِنْهُ فِي َذلِكَ ،وَانْدَ َفعَ ِبمَيِّتًا اْلحَالُ مِنْ َلحْمٍ َأوْ أَخِيهِ مَا قَدْ
يُقَالُ َّإنمَا َتحْ ُرمُ الْغِيبَةُ فِي اْلوَجْهِ ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي ُت ْؤلِمُ حِينَئِذٍ ِبخِلَافِهَا فِي الْغِيبَةِ فَإِنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لِلْمُغْتَابِ عَلَيْهَا َ ،ووَجْهُ انْدِفَاعِ هَذَا أَنَّ َأ ْكلَ َلحْمِ الْأَخِ َ ،و ُهوَ مَِّيتٌ لَا ُي ْؤلِمُ َأيْضًا ،وَ َمعَ َذلِكَ هُوَ فِي غَايَةِ
حمِهِ لَآَلمَهُ فَكَذَا الْغِيبَةُ َتحْ ُرمُ الْقُ ْبحِ َكمَا أَنَّهُ َلوْ فُرِضَ الِاطِّلَاعُ لَتَأَلَّمَ بِ ِه ،فَإِنَّ اْلمَِّيتَ َلوْ أَحَسَّ بَِأ ْكلِ َل ْ
فِي الْغَيْبَةِ ؛ لِأَنَّ ا ْلمُغْتَابَ َلوْ اطَّ َلعَ عَلَيْهَا لَتَأَلَّمَ َوَأيْضًا فَفِي الْعِرْضِ حَقٌّ ُمؤَكَّدٌ لِلَّهِ تَعَالَى .
فَ َلوْ فُرِضَ أَنَّ الْغِيبَةَ وَقَ َعتْ ِبحَ ْيثُ لَا ُيمْكِنُ اْلمُغْتَابُ الْعِلْمَ بِهَا حَرُ َمتْ َأيْضًا ِرعَايَةً ِلحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى
خوْضِ فِيهَا ِبوَجْهٍ مِنْ اْلوُجُوهِ اللَّهُمَّ إلَّا لِلْأَسْبَابِ وَفَ ْطمًا لِلنَّاسِ عَنْ الَْأعْرَاضِ وَاْل َ
()226/2
الْآتِيَةِ ؛ لِأَنَّهَا َمحَلُّ ضَرُورَةٍ فَتُبَاحُ حِينَئِذٍ ؛ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ َكمَا أَشَارَتْ الْآيَةُ إلَى َذلِكَ أَيْضًا بِ ِذكْرِ "
ضطَرُّ مَيْتَةً أُخْرَى َمعَ مَيْتَةِ مَيْتًا " ،إذْ َلحْمُ اْلمَِّيتِ َّإنمَا َيحِلُّ لِلضَّرُورَةِ إْلحَاقُهُ حَتَّى َل ْو وَجَدَ اْلمُ ْ الْآدَمِيِّ لَمْ َتحِلَّ لَهُ مَيْتَةُ الْآدَمِيِّ ِبخِلَافِ مَا َلوْ لَمْ َيجِدْ إلَّا مَيْتَةَ الْآدَمِيِّ .
اللحْمَ فَلَا تَفْعَلُوا مَا ُهوَ شَبِيهٌ بِهِ ، وقَوْله تَعَالَى { :فَكَ ِرهُْتمُوهُ } تَقْدِيرُهُ فَقَدْ كَ ِرهْتُمْ َذلِكَ الَْأ ْكلَ َأوْ َّ َوِإلَى هَذَا ُيؤَوَّلُ َقوْلُ ُمجَاهِدٍ لَمَّا قِيلَ لَهُمْ َ { :أُيحِبُّ أَحَ ُدكُمْ َأنْ يَ ْأ ُكلَ َلحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا } قَالُوا لَا ، قِيلَ { :فَكَ ِرهُْتمُوهُ } أَيْ فَكَمَا كَ ِرهْتُمْ هَذَا فَاجْتَنِبُوا ِذكْرَهُ بِالسُّوءِ .
لَا ُيحِبُّ أَحَ ُدكُمْ َأ ْكلَ َذلِكَ إذَا َهمَزَهُ َأُيحِبُّ لِلِْإنْكَارِ فَكَ ِرهْتُمُوهُ إذًا فَاكْ َرهُوا هَذَا كَ َذلِكَ ،وَقِيلَ اْلمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فَكَ ِرهُْتمُوهُ َمحْذُوفٌ أَيْ عُرِضَ عَلَيْكُمْ َذلِكَ فَكَ ِرهُْتمُوهُ أَيْ يُعْرَضُ عَلَيْكُمْ فَتَكْ َرهُونَهُ التحْذِيرِ ضمِريَ فَكَ ِرهُْتمُوهُ لِ ْلمَِّيتِ َوكَأَنَّهُ صِفَةٌ لَهُ َ ،فحِينَئِذٍ يُفِيدُ ِزيَادَةَ مُبَالَغَ ٍة فِي َّ َ ،ويَصِحُّ َأنْ يَكُونَ َ
أَيْ :أَنَّ اْلمَيْتَةَ َ ،وِإنْ ُأكِ َلتْ فِي النُّدْرَةِ لَكِنَّهَا إذَا َأنْتَنَتْ كَ ِرهَهَا كُلُّ أَحَدٍ َويَفِرُّ مِنْهَا ِبحَيْثُ يَبْعُدُ عَنْ َمحَلِّهَا َ ،ولَا يَسَْتطِيعُ دُخُولُهُ فَكَيْفَ يَقْ َربُهُ ِبحَ ْيثُ يَ ْأكُلُهُ .
فَكَذَا حَالُ الْغِيبَةِ يَنْبَغِي اْلمُبَاعَدَةُ عَنْهَا كَنَهْيٍ عَنْ اْلمَيْتَةِ اْلمُتَغَيِّرَةِ ؛ فَتَأ ََّملْ مَا أَفَا َدتْهُ هَذِهِ الْآيَ ُة َ ،واَلَّتِي قَبْلَهَا َوأَمْعِنْ فِكْرَك فِيهِ تَغْنَمْ وَتَسْلَمْ َواَللَّهُ تَعَالَى ِبحَقَائِقِ تَنْزِيلِهِ أَعْلَمُ ؛ َوتَأ ََّملْ َأيْضًا أَنَّهُ تَعَالَى خَتَمَ كُلاا
الت ْوبَةِ رَ ْحمَةً بِعِبَادِهِ َوتَعَطُّفًا عَلَيْهِمْ ،لَكِنْ لَمَّا بُ ِدَئتْ الْأُولَى بِالنَّهْيِ خُِت َمتْ بِالنَّفْيِ { مِنْ الْآيَتَيْنِ بِ ِذكْرِ َّ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ } لِتَقَا ُربِ ِهمَا ،وَلَمَّا بُ ِدَئتْ الثَّانِيَةُ بِالِْإثْبَاتِ بِالْأَمْرِ فِي
()226/2
اجْتَنِبُوا خُِت َمتْ بِهِ فِي إنَّ اللَّهَ إَلخْ َوكَأَنَّ حِ ْكمَةَ َذلِكَ التَّهْدِيدُ الشَّدِيدُ فِي الْأُولَى فَقَطْ بِ َقوْلِهِ تَعَالَى : { وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّاِلمُونَ } أَنَّ مَا فِيهَا أَ ْفحَشُ ؛ لِأَنَّهُ إيذَاءٌ فِي اْلحَضْرَةِ بِالسُّخْ ِريَةِ َأوْ َالتجَسُّسِ وَالْغِيبَةِ يَقْتَضِي اللمْزِ َأوْ النَّبْزِ ِبخِلَافِهِ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ بِأَمْرٍ خَفِيٍّ إذْ كُلٌّ مِنْ الظَّنِّ و َّ َّ
الْإِخْفَاءَ َوعَ َدمَ الْعِلْمِ بِهِ غَالِبًا .
()226/2
َوإِذَا انْتَهَى الْكَلَامُ عَلَى بَ ْعضِ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ اْلمُشَْتمِلَتَيْنِ عَلَى آدَابٍ َوأَحْكَامٍ وَحِكَمٍ َوتَشْدِيدَاتٍ َوتَهْدِيدَاتٍ لَا ُيحْصِيهَا إلَّا مُنْزِلُهَا ،فَلْنَ ْذكُرْ بَ ْعضَ الْأَحَادِيثِ اْلوَارِدَةِ فِي الْغِيبَةِ وَمُتَعَلِّقَاهتَا .
َن رَسُولَ اللَّ ِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي ُخطْبَةِ أَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ عَنْ َأبِي بَكْرٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أ َّ اْلوَدَاعِ { :إنَّ دِمَا َءكُمْ َوأَ ْموَالَكُمْ َوَأعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ َكحُرْمَةِ َيوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْ ِركُمْ هَذَا فِي
بَلَ ِدكُمْ هَذَا َ ،ألَا َهلْ بَلَّغْت } .
وَمُسْلِمٌ { :كُلُّ اْلمُسْلِمِ عَلَى اْلمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ َوعِ ْرضُهُ وَمَالُهُ } . الربَا اسِْتطَالَةُ اْلمَ ْرءِ فِي عِرْضِ أَخِيهِ } . وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ َقوِيٍّ { :مِنْ أَرْبَى ِّ
سخِ َأبِي دَاوُد إلَّا أَنَّهُ قَالَ { :إنَّ مِنْ الْكَبَائِرِ اسِْتطَالَةَ الرَّ ُجلِ فِي عِرْضِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ َو ُهوَ فِي بَ ْعضِ نُ َ
بِغَيْرِ حَقٍّ } اْلحَدِيثَ .
الربَا سَبْعُونَ حُوبًا -أَيْ بِضَمِّ اْلمُ ْهمَلَةِ إْثمًا َ -وَأيْسَ ُرهَا كَنِكَاحِ الرَّ ُجلِ أُمَّهُ الدنْيَا ِّ { : وَابْنُ َأبِي ُّ الربَا عِرْضُ الرَّ ُجلِ اْلمُسْلِمِ } . َوأَ ْربَى ِّ
الربَا عِنْدَ اللَّهِ ؟ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ َأعْلَمُ . صحِيحٍ { :أَتَدْرُونَ أَ ْربَى ِّ َوَأبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ َ الربَا عِنْدَ اللَّهِ اسِْتحْلَالُ عِرْضِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ ،ثُمَّ قَ َرَأ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَ :فَإِنَّ أَ ْربَى ِّ وَسَلَّمَ َ { :واَلَّذِينَ ُيؤْذُونَ اْل ُمؤْمِنِنيَ وَاْل ُمؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدْ احَْتمَلُوا بُهْتَانًا َوِإْثمًا مُبِينًا } } .
الربَا الِاسِْتطَالَةَ فِي عِرْضِ اْلمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ } . َوَأبُو دَاوُد { :إنَّ مِنْ أَ ْربَى ِّ
الدنْيَا عَنْ َأنَسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ َ { :خطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَ َذكَرَ أَمْرَ وَابْنُ َأبِي ُّ
خطِيئَةِ مِنْ سِتٍّ الربَا َأ ْعظَمُ عِنْدَ اللَّهِ فِي اْل َ الربَا َوعَظَّمَ شَ ْأنَهُ وَقَالَ :إنَّ الدِّ ْرهَمَ يُصِيبُهُ الرَّ ُجلُ مِنْ ِّ ِّ الربَا َوثَلَاثِنيَ َزنْيَةً يَ ْزنِيهَا الرَّ ُج ُل ،وَإِنَّ أَ ْربَى ِّ
()267/2
عِرْضُ الرَّ ُجلِ اْلمُسْلِمِ } .
الربَا اسِْتطَالَةُ الرَّ ُجلِ الربَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ بَابًا أَ ْدنَاهَا مِ ْثلُ إتْيَانِ الرَّ ُجلِ أُمَّهُ َ ،وإِنَّ أَ ْربَى ِّ وَالطَّبَرَانِيُّ ِّ { : فِي عِرْضِ أَخِيهِ } . الربَا مِ ْثلُ مَنْ َأتَى الربَا نَيِّفٌ وَسَ ْبعُونَ بَابًا َأ ْه َونُهُنَّ بَابًا مِنْ ِّ الدنْيَا وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ { :إنَّ ِّ وَابْنُ َأبِي ُّ
الربَا الربَا َوأَخْبَثُ ِّ الربَا َوأَ ْربَى ِّ ني َزنْيَ ًة َ ،وأَشَدُّ ِّ أُمَّهُ فِي الْإِسْلَامِ ،وَدِ ْرهَمُ ِربًا أَشَدُّ مِنْ َخمْسٍ َوثَلَاثِ َ
انْتِهَاكُ عِرْضِ اْلمُسْلِمِ وَانْتِهَاكُ حُرْمَتِهِ } . صحِيحٌ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ { : َوَأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ َ
الروَاةِ تَعْنِي قَصِريَةً قُلْت لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسْبُك مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا َوكَذَا -قَالَ بَ ْعضُ ُّ
ت ِرحيَهُ قَاَلتْ :وَحَكَيْت لَهُ فَقَالَ :لَقَدْ قُلْت كَ ِلمَةً لَوْ مُزِ َجتْ ِبمَاءِ الَْبحْرِ َلمَزَجَتْهُ أَيْ َلَأنْتَنَتْهُ َوغَيَّرَ ْ إنْسَانًا فَقَالَ :مَا أُحِبُّ أَنِّي حَكَيْت إنْسَانًا َوإِنَّ لِي كَذَا َو َكذَا } .
ضلُ ظَهْرٍ َوَأبُو دَاوُد عَنْ ُسمَيَّةَ عَنْهَا وَ ُسمَيَّةُ لَمْ تُنْسَبْ أَنَّهُ اعْتَلَّ بَعِريٌ ِلصَفِيَّةَ بِ ْنتِ حُيَيٍّ َوعِنْدَ زَيَْنبَ فَ ْ { فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِ َزيَْنبِ َ :أ ْعطِيهَا بَعِريًا .
ضبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَ َهجَ َرهَا ذَا الْحِجَّةِ فَقَاَلتْ َ :أنَا ُأ ْعطِي تِلْكَ الْيَهُودِيَّةَ ؟ فَغَ ِ َرمَ َوبَ ْعضَ صَفَرٍ } . وَاْل ُمح َّ
الدنْيَا عَنْهَا قَاَلتْ { :قُلْت لِامْ َرأَةٍ مَرَّةً َوَأنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :إنَّ هَذِهِ وَابْنُ َأبِي ُّ
الذْيلِ ،فَقَالَ :الْ ِفظِي الْ ِفظِي أَيْ ارْمِي مَا فِي فِيكِ -فَلَ َف َظتْ بُضْعَةً -أَيْ ِقطْعَةً مِنْ َلحْمٍ } َل َطوِيلَةُ َّ .
الدنْيَا وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ َأنَسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى َوَأبُو دَاوُد وَالطَّيَالِسِيُّ وَابْنُ َأبِي ُّ ص ْومِ َي ْومٍ وَقَالَ :لَا يُ ْفطِرَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ بِ َ
()267/2
سوْا َفجَ َعلَ الرَّ ُجلُ َيجِيءُ فَيَقُولُ :يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي ظَلَلْت حَتَّى آ َذنَ لَهُ ،فَصَامَ النَّاسُ حَتَّى إذَا أَمْ َ صَاِئمًا فَأْ َذنْ لِي فَأُ ْفطِرُ فَيَأْ َذنُ لَهُ وَالرَّ ُجلُ حَتَّى جَا َء رَ ُجلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَتَاتَانِ مِنْ َأهْلِك ظَلَّتَا
صَاِئمَتَيْنِ َوإِنَّ ُهمَا يَسَْتحْيِيَانِ َأنْ يَ ْأتِيَاك فَأْ َذنْ لَ ُهمَا فَلْيُ ْفطِرَا فََأعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ عَاوَدَهُ فََأعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ عَاوَدَهُ فََأعْرَضَ عَنْهُ فَقَالَ :إنَّ ُهمَا لَمْ يَصُومَا َ ،وكَيْفَ صَامَ مَنْ ظَلَّ هَذَا الَْي ْومَ يَ ْأ ُكلُ َلحْمَ النَّاسِ
ا ْذ َهبْ َفمُ ْر ُهمَا إنْ كَانَتَا صَاِئمَتَيْنِ فَلْتَتَقَيَّآ فَرَ َجعَ إلَيْ ِهمَا فَأَخَْبرَ ُهمَا فَاسْتِقَا َءتَا فَقَاءَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ عَلَقَةً مِنْ َدمٍ ،فَرَ َجعَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ َ :واَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ َلوْ بَقِيَتَا فِي
ُبطُونِ ِهمَا لََأكَلَتْ ُهمَا النَّارُ } .
الدنْيَا وَالْبَيْهَقِيُّ َأيْضًا مِ ْن ِروَايَةِ رَ ُج ٍل لَمْ يُسَمَّ عَنْ عُبَيْدٍ َم ْولَى رَسُولِ اللَّهِ وَ َروَاهُ أَ ْحمَدُ وَابْنُ َأبِي ُّ حوِهِ إلَّا أَنَّ أَ ْحمَدَ قَالَ :فَقَالَ لِإِحْدَا ُهمَا { قِيئِي فَقَاءَتْ قَ ْيحًا وَدَمًا َوصَدِيدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَِن ْ حمًا حَتَّى مَلَأَتْ نِصْفَ الْقَدَحِ . َوَل ْ
ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى قِيئِي فَقَاءَتْ مِنْ قَ ْيحٍ وَ َدمٍ َوصَدِيدٍ َوَلحْمٍ عَبِيطٍ َوغَيْرِهِ حَتَّى مَلَأَتْ الْقَدَحَ . َرمَ اللَّهُ عَلَيْ ِهمَا ،جَلَسَتْ إحْدَاهُمَا ثُمَّ قَالَ :إنَّ هَاتَيْنِ صَامَتَا عَمَّا أَحَلَّ اللَّهُ لَ ُهمَا َوأَ ْفطَ َرتَا عَلَى مَا ح َّ إلَى الْأُخْرَى َفجَعَلَتَا تَ ْأكُلَانِ مِنْ ُلحُومِ النَّاسِ } .
َوَأبُو يَعْلَى عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ رَ ُجلٌ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا َأ ْعجَزَ َأوْ قَالُوا مَا َأضْعَفَ فُلَانًا .
ح َمهُ } . فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :اغْتَبْتُمْ صَاحِبَكُمْ َوَأكَلْتُمْ َل ْ وَالطَّبَرَانِيُّ { :أَنَّ رَجُلًا قَامَ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَ َرَأوْا فِي قِيَامِهِ
()262/2
َعجْزًا ،فَقَالُوا مَا َأ ْعجَزَ فُلَانًا ،فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّ َم َ :أكَلْتُمْ أَخَاكُمْ وَاغْتَبُْتمُوهُ } .
وَالَْأصْبَهَانِيّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ َ { :ذكَرُوا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّ َم رَجُلًا فَقَالُوا لَا يَ ْأ ُكلُ حَتَّى َحلَ لَهُ ،فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :اغْتَبُْتمُوهُ ،قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ُيطْعَمَ َولَا يَرْ َحلُ حَتَّى يُر َّ َدثَنَا ِبمَا فِيهِ } . َّإنمَا ح َّ
الصحِيحِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { : وَابْنُ َأبِي شَيْبَةَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَ ُروَاتُ ُه ُروَاةُ َّ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ رَجُلٌ َ ،فوَ َقعَ فِيهِ رَ ُجلٌ مِنْ بَعْدِ ِه ،فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َتخ ََّللْ .
حمًا . فَقَالَ :وَمِمَّ َأتَخ ََّللُ ؟ مَا َأكَلْت َل ْ قَالَ :إنَّك َأكَلْت لَحْمَ أَخِيك } .
الدنْيَا وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَا َديْنِ َوَأبُو نُعَيْمٍ { :أَ ْربَعَةٌ ُي ْؤذُونَ َأ ْهلَ النَّارِ عَلَى مَا بِهِمْ مِنْ الْأَذَى وَابْنُ َأبِي ُّ جحِيمِ يَ ْدعُونَ بِاْل َوْيلِ وَالثُّبُورِ يَقُولُ بَ ْعضُ َأ ْهلِ النَّارِ لِبَ ْعضٍ مَا بَا ُل َه ُؤلَاءِ حمِيمِ وَاْل َ يَسْ َع ْونَ مَا بَيْنَ اْل َ قَدْ آ َذ ْونَا عَلَى مَا بِنَا مِنْ الْأَذَى .
قَالَ :فَرَ ُجلٌ مُغْلَقٌ عَلَيْهِ تَابُوتٌ مِنْ َجمْرٍ ،وَرَ ُجلٌ َيجُرُّ أَمْعَاءَهُ ،وَرَجُلٌ يَسِيلُ فُوهُ قَ ْيحًا وَدَمًا ،
حمَهُ . وَرَ ُجلٌ يَ ْأ ُكلُ َل ْ
َفيُقَالُ لِصَا ِحبِ التَّابُوتِ :مَا بَالُ الَْأبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنْ الْأَذَى ،فَيَقُولُ :إنَّ الَْأبْعَدَ قَدْ مَاتَ وَفِي عُنُقِهِ أَ ْموَالُ النَّاسِ .
ثُمَّ يُقَالُ لِلَّذِي َيجُرُّ أَمْعَاءَهُ :مَا بَالُ الَْأبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنْ الْأَذَى .
فَيَقُولُ :إنَّ الَْأبْعَدَ كَانَ لَا يُبَالِي َأيْنَ َأصَابَ الَْبوْلَ مِنْهُ . ثُمَّ يُقَالُ لِلَّذِي يَسِيلُ فُوهُ قَ ْيحًا وَدَمًا :مَا بَالُ الَْأبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنْ الْأَذَى ؟ فَيَقُولُ :إنَّ ِذهَا َكمَا يَسْتَلِذُّ الرَّ َفثَ . الَْأبْعَدَ كَانَ يَ ْنظُرُ إلَى كَ ِلمَةٍ فَيَسْتَل ُّ
حمَهُ ثُمَّ يُقَالُ لِلَّذِي يَ ْأ ُكلُ َل ْ
()266/2
:مَا بَالُ الَْأبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنْ الْأَذَى . ِالنمِيمَةِ } . فَيَقُولُ :إنَّ الَْأبْعَدَ كَانَ يَ ْأ ُكلُ ُلحُومَ النَّاسِ بِالْغِيبَةِ َوَيمْشِي ب َّ
الدنْيَا قُرِّبَ إلَيْهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ . َوَأبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ َوَأبُو الشَّ ْيخِ { :مَنْ َأ َكلَ َلحْمَ أَخِيهِ فِي ُّ
فَيُقَالُ لَهُ :كُلْهُ مَيِّتًا َكمَا َأكَلْته حَيًّا } .
جمَةِ وَاْلجِيمِ ،وَفِي ِروَايَةٍ " : فَيَ ْأكُلُهُ َويَكْ َلحُ أَيْ يَعْبَسُ َويَقِْبضُ وَجْهَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ َويَضِجُّ أَيْ بِاْلمُ ْع َ َويَصِيحُ " َو ُهمَا مُتَقَارِبَتَانِ وَالْأُولَى َأبْ ُلغُ لِإِشْعَا ِرهَا بِ ِزيَادَةِ الْ َف َزعِ وَالْقَلِقِ .
ص َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ َموْقُوفًا عَلَيْهِ " أَنَّهُ مَرَّ عَلَى بَ ْغلٍ مَِّيتٍ فَقَالَ َوَأبُو الشَّ ْيخِ َوغَيْرُهُ عَنْ َعمْرِو بْنِ الْعَا ِ
صحَابِهِ :لََأنْ يَ ْأ ُكلَ الرَّ ُجلُ مِنْ هَذَا حَتَّى َيمْلَأَ َبطْنَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ َأنْ يَ ْأ ُكلَ َلحْ َم رَ ُجلٍ مُسْلِمٍ " . لِبَ ْعضِ َأ ْ اللهِ صَلَّى صحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :جَاءَ الْأَسْ َلمِيُّ إلَى رَسُولِ َّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ ِالزنَا أَ ْربَعَ شَهَادَاتٍ يَقُولُ َ :أتَيْت امْ َرأَةً حَرَامًا ،وَفِي كُلِّ َذلِكَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْهَدُ عَلَى نَفْسِهِ ب ِّ
يُعْرِضُ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } فَ َذكَرَ اْلحَدِيثَ إلَى َأنْ قَالَ َ { :فمَا تُرِيدُ بِهَذَا الْ َقوْلِ س ِمعَ رَسُولُ ؟ قَالَ أُرِيدُ َأنْ ُتطَهِّ َرنِي ،فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َأنْ يُرْجَمَ فَرُجِمَ ،فَ َ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَيْنِ مِنْ الَْأنْصَارِ يَقُولُ أَحَ ُد ُهمَا لِصَاحِبِهِ . ب ،قَالَ فَسَ َكتَ رَسُولُ اللَّهِ ُاْنظُرْ إلَى هَذَا الَّذِي سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَدَعْ نَفْسَهُ حَتَّى رُجِ َم رَجْمَ الْكَ ْل ِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سَارَ سَاعَةً َفمَرَّ ِبجِيفَةِ ِحمَارٍ شَاِئلٍ بِرِجْلَيْهِ فَقَالَ َأيْنَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ ؟ فَقَالَا
حمَارِ ،فَقَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ غَفَرَ اللَّهُ لَك َنحْنُ بِالنُّقَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ لَ ُهمَا كُلَا مِنْ جِيفَةِ هَذَا اْل ِ مَنْ
()266/2
يَ ْأ ُكلُ مِنْ هَذَا ؟ فَقَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :مَا نِلُْتمَا مِنْ عِرْضِ هَذَا الرَّ ُجلِ آنِفًا أَشَدُّ مِنْ َأ ْكلِ هَذِهِ اْلجِيفَ ِة َ ،ف َواَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّهُ الْآنَ فِي َأنْهَارِ اْلجَنَّةِ يَنْ َغمِسُ فِيهَا } .
صحِيحٍ إلَّا ُمخْتَلَفًا فِيهِ وَثَّقَهُ كَثِريُونَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ { :لَيْلَةَ َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ َ
أُسْرِيَ بِنَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َنظَرَ فِي النَّارِ فَإِذَا َق ْومٌ يَ ْأكُلُونَ اْلجِيَفَ قَالَ مَنْ َه ُؤلَاءِ يَا
جِبْرِيلُ ؟ قَالَ َه ُؤلَاءِ الَّذِينَ يَ ْأكُلُونَ ُلحُومَ النَّاسِ ،وَ َرأَى رَجُلًا أَ ْحمَرَ أَزْ َرقَ جِدًّا قَالَ مَنْ هَذَا يَا
ِجبْرِيلُ ؟ قَالَ هَذَا عَاقِرُ النَّاقَةِ } . خمُشُونَ وُجُوهَهُمْ َوصُدُو َرهُمْ َوَأبُو دَاوُد { :لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْت بِ َق ْومٍ لَهُمْ َأظْفَارٌ مِنْ ُنحَاسٍ َي ْ فَقُلْت مَنْ َه ُؤلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ َه ُؤلَاءِ الَّذِينَ يَ ْأكُلُونَ ُلحُومَ النَّاسِ َويَقَعُونَ فِي َأعْرَاضِهِمْ } .
وَالْبَيْهَقِيُّ َم ْوصُولًا وَمُرْسَلًا { :لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْت بِرِجَالٍ تُقْرَضُ جُلُو ُدهُمْ ِبمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ فَقُلْت سمِعْت فِيهِ مَنْ َه ُؤلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ الَّذِينَ يَتَزَيَّنُونَ لِلزِّينَةِ ،قَالَ ثُمَّ مَرَرْت ِبجُبٍّ مُنْتِنِ الرِّيحِ فَ َ
صوَاتًا شَدِيدَةً فَقُلْت مَنْ َه ُؤلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ نِسَاءٌ كُنَّ يَتَزَيَّنَّ لِلزِّينَةِ َويَفْعَلْنَ مَا لَا َيحِلُّ لَهُنَّ . َأ ْ
ثُمَّ مَرَرْت عَلَى نِسَاءٍ وَرِجَالٍ مُعَلَّقِنيَ بِثَدْيِهِنَّ فَقُلْت مَنْ َه ُؤلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ فَقَالَ َه ُؤلَاءِ الْهَمَّازُونَ وَاللَّمَّازُونَ وَ َذلِكَ َق ْولُهُ -عَزَّ وَجَلَّ َ { : -وْيلٌ لِكُلِّ ُهمَزَةٍ ُلمَزَةٍ } } وَمَرَّ آنِفًا مَعْنَا ُهمَا .
صحِيحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّ ِه َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُه قَالَ { :كُنَّا َمعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ َ ت رِيحٌ مُنْتِنَةٌ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ :أتَدْرُونَ مَا هَذِهِ الرِّيحُ ؟ هَذِ ِه رِيحُ الَّذِينَ وَسَلَّمَ فَا ْرتَفَ َع ْ
يَغْتَابُونَ اْل ُمؤْمِنِنيَ } . الدنْيَا وَابْنُ َأبِي ُّ
()266/2
الزنَا ،قِيلَ َوكَيْفَ ؟ قَالَ الرَّ ُجلُ يَ ْزنِي ثُمَّ يَتُوبُ فَيَتُوبُ اللَّهُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ { :الْغِيبَةُ أَشَدُّ مِنْ ِّ عَلَيْهِ َوإِنَّ صَا ِحبَ الْغِيبَةِ لَا يُغْفَرُ لَهُ حَتَّى يَغْفِرَ لَهُ صَاحِبُهُ } .
وَ َروَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ غَيْرَ مَرْفُوعٍ .
قَالَ اْلمُنْذِرِيُّ َ :و ُهوَ الْأَشْبَهُ .
صحِيحٍ عَنْ َأبِي بَكْرَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :بَيَْنمَا َأنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى َوأَ ْحمَدُ َوغَيْرُهُ بِسَنَدٍ َ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َو ُهوَ آخِذٌ بِيَدِي وَرَ ُجلٌ عَلَى يَسَارِهِ فَإِذَا نَحْنُ بِقَبْ َريْنِ أَمَامَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى َذبَانِ فِي كَبِريٍ َوبَكَى فَأَيُّكُمْ يَ ْأتِينِي ِبجَرِيدَةٍ فَاسْتَبَقْنَا فَسَبَقْته َذبَانِ وَمَا يُع َّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :إنَّ ُهمَا لَيُع َّ
َونُ فََأتَيْته ِبجَرِيدَةٍ فَكَسَ َرهَا نِصْفَيْنِ فََألْقَى عَلَى ذَا الْقَبْرِ ِقطْعَةً َوعَلَى ذَا الْقَبْرِ ِقطْعَ ًة ،قَالَ إنَّهُ يُه َّ َذبَانِ إلَّا فِي الْغِيبَةِ وَالَْبوْلِ } . عَلَيْ ِهمَا مَا كَانَتَا َرطْبَتَيْنِ ،وَمَا يُع َّ
صمًا أَحَدَ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ قَبِلَهُ َجمَاعَةٌ وَرَدَّهُ آخَرُونَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ : َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ إلَّا عَا ِ
{ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَى قَبْرٍ يُعَذَّبُ صَاحِبُهُ فَقَالَ :إنَّ هَذَا كَانَ يَ ْأ ُكلُ ُلحُومَ النَّاسِ ثُمَّ ف عَنْهُ مَا دَا َمتْ هَذِهِ َرطْبَةً } . َدعَا ِبجَرِيدَةٍ َرطْبَةٍ َف َوضَعَهَا عَلَى الْقَبْرِ وَقَالَ لَعَلَّهُ َأنْ ُيخَفَّ َ
وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ َأبِي أُمَامَ َة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ َ { :أتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَقِيعَ الْغَرْقَدِ َفوَقَفَ عَلَى قَبْ َريْنِ ثَ َريَيْنِ فَقَالَ أَدَفَنْتُمْ فُلَانًا وَفُلَانَةَ َأوْ قَالَ فُلَانًا وَفُلَانًا قَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّ ِه ،قَالَ
ضوٌ إلَّا لَقَدْ أُقْعِدَ فُلَانٌ الْآنَ فَضُرِبَ ،ثُمَّ قَالَ َ :واَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ ضُرِبَ ضَ ْربَةً مَا بَقِيَ مِنْهُ عُ ْ خلَائِقُ إلَّا الثَّقَلَيْنِ الِْإنْسُ وَاْلجِنُّ َ ،وَل ْولَا انْ َق َطعَ َولَقَدْ َتطَايَرَ قَبْرُهُ نَارًا وَلَقَدْ صَرَخَ صَرْخَةً َسمِعَهَا اْل َ
()263/2
سمِعْتُمْ مَا أَ ْس َمعُ ،ثُمَّ قَالَ الْآنَ يُضْرَبُ هَذَا ،قَالُوا يَا َتمْرِيجٌ فِي قُلُوبِكُمْ َوتَزَيُّ ُدكُمْ فِي اْلحَدِيثِ لَ َ
رَسُولَ اللَّهِ وَمَا َذنْبُ ُهمَا ؟ قَالَ أَمَّا فُلَانٌ فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَسْتَبْرِئُ مِنْ الَْبوْلِ َ ،وأَمَّا فُلَانٌ أَوْ قَالَ فُلَانَةُ فَإِنَّهُ
كَانَ يَ ْأ ُكلُ ُلحُومَ النَّاسِ } . النمِيمَةِ وَزَادَ فِيهِ { :قَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَ َروَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جَرِيرٍ أَ ْحمَدُ لَكِنْ بِلَفْظٍ آخَرَ يَ ْأتِي فِي َّ
َذبَانِ ؟ قَالَ غَ ْيبٌ لَا يَعْ َلمُهُ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى } . حَتَّى مَتَى ُهمَا يُع َّ
الصحَاحِ َوغَيْ ِرهَا الصحَابَةِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي ِّ َوطُ ُرقُ هَذَا اْلحَدِيثِ كَثِريَةٌ مَشْهُورَةٌ عَنْ َجمَاعَةٍ مِنْ َّ
.
وَقَدَّمْت مِنْهَا طَرَفًا َأوَاِئلَ كِتَابِ الطَّهَارَةِ َ ،وبِتَأَمُّلِهَا يُعْلَمُ أَنَّ الْقِصَّةَ مُتَعَدِّدَةٌ َ ،وبِهِ يَنْدَفِعُ مَا يُو ِهمُهُ َظوَاهِ ُرهَا مِنْ التَّعَارُضِ .
النمِيمَةِ وَالَْبوْلِ . َذبَانِ فِي َّ ثُمَّ َرَأيْت اْلحَافِظَ اْلمُنْذَرِيَّ أَشَارَ لِبَ ْعضِ َذلِكَ فَقَالَ َأكْثَرُ الطُّ ُرقِ أَنَّ ُهمَا يُع َّ ِالنمِيمَةِ وَالْآخَرُ فِي الَْبوْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اتَّفَقَ مُرُورُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً بِقَبْ َريْنِ يُعَذَّبُ أَحَ ُد ُهمَا ب َّ ،وَمَرَّةً أُخْرَى بِقَبْ َريْنِ يُعَذَّبُ أَحَ ُد ُهمَا فِي الْغِيبَةِ وَالْآخَرُ فِي الَْبوْلِ .
الشجَرَةَ } . َالنمِيمَةُ َيحُتَّانِ الْإِميَانَ َكمَا يَعْضِدُ الرَّاعِي َّ وَالَْأصْبَهَانِيّ { :الْغِيبَةُ و َّ وَمُسْلِمٌ َوغَيْرُهُ َ { :أتَدْرُونَ مَنْ اْلمُفْلِسُ :قَالُوا اْلمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِ ْرهَمَ لَهُ َولَا مَتَاعَ ،فَقَالَ :إنَّ
اْلمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَ ْأتِي َي ْومَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ َوصِيَامٍ وَ َزكَا ٍة وَيَ ْأتِي وَقَدْ شَتَمَ هَذَا ،وَقَ َذفَ هَذَا ،
َوَأ َكلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ َدمَ هَذَا َ ،وضَرَبَ هَذَا ،فَيُ ْعطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ َوهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَِإنْ فَنَِيتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ َأنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ َخطَايَاهُمْ َف ُطرِ َحتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ } .
وَالَْأصْبَهَانِيّ { :إنَّ الرَّ ُجلَ لَُيؤْتَى كِتَابُهُ مَنْشُورًا فَيَقُولُ يَا
()266/2
صحِيفَتِي ،فَيَقُولُ لَهُ ُ :محَِيتْ بِاغْتِيَابِك النَّاسَ } . رَبِّ فََأيْنَ حَسَنَاتُ كَذَا َوكَذَا َعمِلْتهَا لَيْسَتْ فِي َ
وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ { :مَنْ َذكَرَ امْ َرأً بِشَ ْيءٍ لَيْسَ فِيهِ لِيَعِيبَهُ بِهِ حَبَسَهُ اللَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَ ْأتِيَ بِنَفَادِ مَا قَالَ فِيهِ } .
الدنْيَا كَانَ وَفِي ِروَايَةٍ { :أَُّيمَا رَ ُجلٍ أَشَاعَ عَلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِكَ ِلمَةٍ وَ ُهوَ مِنْهَا بَرِيءٌ يَشِينُهُ بِهَا فِي ُّ حَقاا عَلَى اللَّهِ َأنْ يُذِيبَهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ فِي النَّارِ حَتَّى يَ ْأتِيَ بِنَفَا ِد مَا قَالَ فِيهِ } .
َوَأبُو دَاوُد { :وَمَنْ قَالَ فِي مُسْلِمٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَ ْدغَةَ اْلخَبَالِ حَتَّى َيخْرُجَ مِمَّا قَالَ } زَادَ الطَّبَرَانِيُّ .
جمَتَيْنِ سَاكِنَةٍ َفمَفْتُوحَةٍ :عُصَارَةُ َأ ْهلِ النَّارِ ، " َولَيْسَ ِبخَارِجٍ " وَرَ ْدغَةُ اْلخَبَالِ بِرَاءٍ مَفْتُوحَةٍ َفمُ ْع َ
كَذَا جَاءَ مُفَسَّرًا مَرْفُوعًا . َوأَ ْحمَدُ َ { :خمْسٌ لَيْسَ لَهُنَّ كَفَّارَةٌ :الشِّرْكُ بِاَللَّ ِه ،وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ َ ،وبَهْتُ ُمؤْمِ ٍن ،وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ َ ،وَيمِنيٌ صَابِرَةٌ يَقَْت ِطعُ بِهَا مَالًا بِغَيْرِ حَقٍّ } .
َوأَ ْحمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَ َجمَاعَةٌ { :مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ بِالْغِيبَةِ كَانَ حَقاا عَلَى اللَّهِ َأنْ يُعْتِقَهُ مِنْ
النَّارِ } .
وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ { :مَ ْن رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ } . َوَأبُو الشَّ ْيخِ { :مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْهُ عَذَابَ النَّارِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َ ،وتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { َوكَانَ حَقاا عَلَيْنَا نَصْرُ اْل ُمؤْمِنِنيَ } } .
َوعَنْ َأنَسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :مَنْ َحمَى عَنْ عِرْضِ
حمِيهِ مِنْ النَّارِ } . الدنْيَا بَ َعثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَلَكًا َي ْومَ الْقِيَامَةِ َي ْ أَخِيهِ فِي ُّ
الدنْيَا وَالْآخِرَةِ َ ،وإِنْ وَالَْأصْبَهَانِيّ { :مَنْ ُاغْتِيبَ عِنْدَهُ أَخُوهُ فَاسَْتطَاعَ نُصْ َرتَهُ فَنَصَرَهُ نَصَرَهُ اللَّهُ فِي ُّ
()266/2
الدنْيَا وَالْآخِرَةِ } . لَمْ يَنْصُرْهُ أَذَلَّهُ اللَّهُ فِي ُّ
ضعٍ ُتنْتَهَكُ الدنْيَا َوغَيْ ُر ُهمَا { :مَا مِنْ امْرِئٍ مُسْلِمٍ َيخْذُلُ امْ َرأً مُسْ ِلمًا فِي َم ْو ِ َوَأبُو دَاوُد وَابْنُ َأبِي ُّ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَ َقصُ فِيهِ مِنْ عِ ْرضِهِ إلَّا خَ َذلَهُ اللَّهُ فِي َم ْوطِنٍ ُيحِبُّ فِيهِ نُصْ َرتَهُ ،وَمَا مِنْ امْرِئٍ مُسْلِمٍ
ضعٍ يُنْتَ َقصُ فِيهِ مِنْ عِ ْرضِهِ َويُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَ ْوطِنٍ ُيحِبُّ َينْصُرُ مُسْ ِلمًا فِي َم ْو ِ فِيهِ نُصْ َرتَهُ } . قَالَ قَتَادَةُ ُذكِرَ لَنَا أَنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ ثَلَاثَةُ َأثْلَاثٍ :ثُلُثٌ مِنْ الْغِيبَةِ ،وَثُ ُلثٌ مِنْ الَْبوْلِ َ ،وثُ ُلثٌ مِنْ
النمِيمَةِ . َّ
وَقَالَ اْلحَسَنُ َ :واَللَّهِ لَلْغِيبَةُ أَسْ َرعُ فَسَادًا فِي دِينِ اْلمَ ْرءِ مِنْ الَْأكَلَةِ فِي اْلجَسَدِ َ ،وكَانَ يَقُولُ :ابْنُ آ َدمَ إنَّك لَنْ تَبْ ُلغَ حَقِيقَةَ الْإِميَانِ حَتَّى لَا تَعِيبَ النَّاسَ بِعَ ْيبٍ هُوَ فِيك ،وَحَتَّى تَبْ َدأَ بِصَلَاحِ َذلِكَ الْعَ ْيبِ فَتُصْ ِلحَهُ مِنْ نَفْسِك ،فَإِذَا فَعَ ْلتَ َذلِكَ كَانَ شَغْلُك فِي خَاصَّةِ نَفْسِك . َوأَحَبُّ الْعِبَادِ إلَى اللَّهِ مَنْ كَانَ هَكَذَا .
الص ْومِ َولَا فِي الصَّلَاةِ َولَكِنْ فِي وَقَالَ بَعْضُهُمْ :أَدْرَكْنَا السَّلَفَ الصَّاِلحَ َوهُمْ لَا يَ َر ْونَ الْعِبَادَةَ فِي َّ الْكَفِّ عَنْ َأعْرَاضِ النَّاسِ .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :إذَا أَرَدْت َأنْ تَ ْذكُرَ عُيُوبَ صَاحِبِك فَاذْكُرْ عُيُوبَك . وَقَالَ َأبُو هُ َريْرَةَ :يُبْصِرُ أَحَ ُدكُمْ الْقَذَاةَ فِي عَيْنِ أَخِيهِ َولَا يُبْصِرُ اْلجِ ْذعَ فِي عَيْنِ نَفْسِ ِه ،وَ َس ِمعَ عَلِيُّ بْنُ اْلحُسَيْنِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا رَجُلًا يَغْتَابُ آخَرَ فَقَالَ :إيَّاكَ وَالْغِيبَةَ ،فَإِنَّهَا إدَامُ كِلَابِ النَّاسِ .
َوقَالَ ُعمَرُ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :عَلَيْكُمْ بِ ِذكْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ شِفَاءٌ َ ،وإِيَّاكُمْ وَ ِذكْرَ النَّاسِ فَإِنَّهُ دَاءٌ . تَنْبِيهَاتٌ :مِنْهَا :عَدُّ الْغِيبَةِ اْل ُمحَرَّمَةِ كَبِريَةٌ ُهوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ كَثِريُونَ َويَلْ َزمُ مِنْهُ أَنَّ السُّكُوتَ عَلَيْهَا ِ -رضًا بِهَا -كَبِريَةٌ َأيْضًا عَلَى أَنَّهُ يَ ْأتِي أَنَّ تَرْكَ إنْكَارِ اْلمُنْكَرِ َمعَ
()266/2
الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ مِنْ الْكَبَائِرِ ،وَالْغِيبَةُ مِنْ َعظَائِمِ اْلمُنْكَرَاتِ َكمَا يَ ْأتِي َفظَهَرَ مَا َذكَرْته فِي التَّرْجَمَةِ ،ثُمَّ
َرَأيْت الْأَذْ َرعِيَّ صَرَّحَ بِهِ حَيْثُ قَالَ َ :وأَمَّا السُّكُوتُ عَلَى الْغِيبَةِ ِ -رضًا بِهَا َ -معَ الْقُدْرَةِ عَلَى
التمَكُّنِ مُفَارَقَةُ اْلمُغْتَابِ دَفْعِهَا فَيُشْبِهُ َأنْ يَكُونَ حُ ْكمُهُ حُ ْكمَهَا ،نَعَمْ َلوْ لَمْ ُيمْكِنْهُ َدفْعُهَا فَيَلْزَمُهُ عِنْدَ َّ
َ ،وتَبِعَهُ الزَّ ْركَشِيُّ فَقَالَ :وَالْأَشْبَهُ أَنَّ السُّكُوتَ عَلَى الْغِيبَةِ َمعَ الْقُدْرَةِ عَلَى دَفْعِهَا كَبِريَةٌ .
انْتَهَى . َوأَمَّا تَقْرِيرُ الشَّ ْيخَيْنِ صَا ِحبَ الْعُدَّةِ عَلَى أَنَّ الْغِيبَةَ صَغِريَةٌ َوكَذَا السُّكُوتُ عَلَيْهَا فَاعْتَ َرضُوهُ .
قَالَ الْأَذْ َرعِيُّ :إطْلَاقُ الْ َقوْلِ بِأَنَّهَا مِنْ الصَّغَائِرِ ضَعِيفٌ َأوْ بَا ِطلٌ ،وَقَدْ نَ َقلَ الْقُ ْرطُبِيُّ اْلمُفَسِّرُ َوغَيْرُهُ صحَابِنَا َكمَا سَبَقَ فِي حَدِّ الْكَبِريَةِ ،وَقَدْ الْإِ ْجمَاعَ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْكَبَائِرِ َويُوَافِقُهُ كَلَامُ َجمَاعَةٍ مِنْ َأ ْ
غُلِّظَ أَمْ ُرهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ،وَمَنْ تَتَبَّعَ الْأَحَادِيثَ فِيهَا عَلِمَ أَنَّ ُهمَا مِنْ الْكَبَائِرِ َولَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ
جبُ أَنَّهُ َأطْلَقَ أَنَّ تَرْكَ النَّهْيَ عَنْ اْلمُنْكَرِ مِنْ بِأَنَّهَا مِنْ الصَّغَائِرِ غَيْرَ الْغَزَالِيِّ َوصَا ِحبَ الْعُدَّةِ ،وَالْ َع َ الْكَبَائِرِ ،وَقَضِيَّتُهُ َأنْ يَكُونَ السُّكُوتُ عَنْ النَّهْيِ عَنْهَا مِنْ الْكَبَائِرِ إذْ هِيَ مِنْ أَقْبَحِ اْلمُنْكَ َراتِ لَا سَِّيمَا
صلَ بَيْنَ غِيبَةٍ َوغِيبَةٍ ، ت َ ،وأَقَلُّ الدَّرَجَاتِ أَنَّهُ إنْ لَمْ َيثُْبتْ إ ْجمَاعٌ َأنْ يُفْ َ غِيبَةُ الَْأ ْولِيَاءِ َوَأ ْهلِ الْكَرَامَا ِ سبِ خِفَّتِهَا َ ،وثِقَلِهَا َوإِيذَائِهَا ،وَقَدْ فَإِنَّ مَرَاتِبَهَا وَمَفَاسِ َدهَا وَالتَّأَذِّي بِهَا َيخْتَلِفُ اخْتِلَافًا كَثِريًا بِحَ َ قَالُوا إنَّهَا ِذكْرُ الِْإنْسَانِ ِبمَا فِيهِ َسوَاءٌ كَانَ فِي دِينِهِ َأوْ دُنْيَاهُ َأوْ نَفْسِهِ َأوْ خُلُقِهِ َأوْ مَالِهِ أَوْ َولَدِهِ َأوْ
َزوْجَتِهِ َأوْ خَادِمِهِ َأوْ َممْلُوكِهِ َأوْ ِعمَامَتِهِ َأوْ َث ْوبِهِ َأوْ مَشْيِهِ َأوْ حَ َركَتِهِ َوبَشَاشَتِهِ وَخَلَاعَتِهِ
()267/2
َوعُبُوسَتِهِ َوطَلَاقَتِهِ َوغَيْرِ َذلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ . فَأَمَّا الْبَ َدنُ :فَكَ َق ْولِهِ َأ ْعمَى َأعْرَجُ َأ ْعمَشُ أَقْ َرعُ قَصِريٌ َطوِيلٌ أَ ْسوَدُ َأصْفَرُ .
النجَاسَاتِ لَيْسَ بَارًّا َوأَمَّا الدِّينُ فَكَ َق ْولِك فَاسِقٌ سَا ِرقٌ خَائِنٌ ظَالِمٌ مُتَهَا َونٌ بِالصَّلَاةِ مُتَسَا ِهلٌ فِي َّ
ِبوَالِدِيهِ َوغَيْرُ َذلِكَ مِمَّا َيطُولُ ِذكْرُهُ ؛ َولَا شَكَّ أَنَّ الْإِيذَاءَ وَالتَّأَذِّي َيخْتَلِفُ اخْتِلَافًا كَثِريًا بِاخْتِلَافِ الْغِيبَةِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ ،فَيَقْرُبُ َأنْ يُقَالَ ِذكْرُ الَْأعْرَجِ وَالَْأ ْعمَشِ وَالَْأصْفَرِ وَالْأَ ْسوَدِ َوعَ ْيبِ الْ ِعمَامَةِ
حوِ َذلِكَ مِنْ الصَّغَائِرِ ِلخِفَّةِ التَّأَذِّي بِاْل َوصْفِ بِهَا ِبخِلَافِ اْل َوصْفِ بِالْفِسْقِ وَاْلمَلْبُوسِ وَالدَّابَّةِ َوَن ْ وَالْ ُفجُورِ وَالظُّلْمِ َوعُقُوقِ اْلوَالِ َديْنِ وَالتَّهَا ُونِ بِالصَّلَاةِ َوغَيْرِ َذلِكَ مِنْ َعظَائِمِ اْلمَعَاصِي ،وَيَجُوزُ َأنْ لَا
خمْرِ ، التمْرِ َوضَرَاوَةٌ كَضَرَاوَةِ اْل َ خمْرِ َويُقَالُ لِلْغِيبَةِ حَلَاوَةٌ َكحَلَاوَةِ َّ صلَ سَدًّا لِلْبَابِ َكمَا فِي اْل َ يُفْ َ
عَافَانَا اللَّهُ -سُ ْبحَانَهُ َوتَعَالَى -مِنْهَا وَقَضَى عَنَّا حُقُوقَ أَ ْربَابِهَا فَلَا ُيحْصِيهِمْ غَيْرُهُ -سُ ْبحَانَهُ َوتَعَالَى َ -ولَا خَفَاءَ أَنَّ الْكَلَامَ حَ ْيثُ لَا سََببَ يُبِيحُهَا َأوْ يُوجِبُهَا َبلْ تَفَكُّهًا َأوْ إيذَاءً بِاْلمُغْتَابِ .
انْتَهَى كَلَامُ الْأَذْ َرعِيِّ . الصوَابُ أَنَّهَا كَبِريَةٌ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُه فِيمَا َوتَبِعَهُ تِ ْلمِيذُهُ فِي اْلخَا ِدمِ فَقَالَ َّ :
َنقَلَهُ الْكَرَابِيسِيُّ فِي كِتَابِهِ اْلمَعْرُوفُ بِأَدَبِ الْقَضَاءِ مِنْ الْقَ ِدميِ ،وَاسْتَدَلَّ بِ َق ْولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
{ :إنَّ دِمَا َءكُمْ َوَأعْرَاضَكُمْ َوأَ ْموَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ َكحُرْ َمةِ َيوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَ ِدكُمْ هَذَا فِي شَهْ ِركُمْ صلِ اْلمَعْقُودِ لِلْكَبَائِرِ َ ،وكَذَا هَذَا } وَجَ َزمَ بِهِ الْأُسْتَاذُ َأبُو إِ ْسحَاقَ الْإسْفَرايِينِيُّ فِي عَقِي َدتِهِ فِي الْفَ ْ ب َ ،وكَذَا الْ َكوَاشِيُّ فِي تَفْسِريِهِ َو ُهوَ مَعْدُودٌ مِنْ صحَا ِ اْلجِيلِيُّ فِي شَرَحَ التَّنْبِيهِ َوغَيْرُهُ مِنْ الَْأ ْ
()267/2
الذنُوبِ ،وَقَالَ بَعْضُهُمْ :إنَّهَا صَغِريَةٌ َولَمْ يُقَفْ عَلَى هَذَا النَّصِّ . الشَّافِعِيَّةِ وَقَالَ إنَّهَا مِنْ َأ ْعظَمِ ُّ
جبُ مِمَّنْ يَعُدُّ َأ ْكلَ اْلمَيْتَةِ مِنْ الْكَبَائِرِ َولَا يَعُدُّ الْغِيبَةَ كَبِريَةً َ ،واَللَّهُ تَعَالَى َأنْ َزلَهَا مَنْ ِزلَةَ َأ ْكلِ َلحْمِ وَالْ َع َ الْآدَمِيِّ فِي حَالِ َك ْونِهِ مَيِّتًا ،وَقَدْ جَ َزمَ الرَّافِعِيُّ قَ ْبلَ هَذَا بِأَنَّ اْلوَقِيعَةَ فِي َأ ْهلِ الْعِلْمِ وَ َحمَلَةِ الْقُرْآنِ
مِنْ الْكَبَائِرِ وَفَسَّرُوا اْلوَقِيعَةَ بِالْغِيبَةِ .
الصحِيحِ { :سِبَابُ اْلمُسْلِمِ وَالْقُرْآنُ وَالْأَحَادِيثُ مَُتظَافِرَةٌ عَلَى َذلِكَ أَيْ َك ْونِهَا كَبِريَةً ُمطْلَقًا ،وَفِي َّ
فُسُوقٌ } .
َوأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :إنَّ مِنْ َأكْبَرِ الْكَبَائِرِ اسِْتطَالَةَ الرَّ ُجلِ فِي عِرْضِ رَ ُجلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ } .
الصحِيحَيْنِ فِي ُخطْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَا َم حَجَّةِ اْلوَدَاعِ { :إنَّ دِمَا َءكُمْ َوأَ ْموَالَكُمْ وَفِي َّ َوَأعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ َكحُرْمَةِ َيوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْ ِركُمْ هَذَا فِي بَلَ ِدكُمْ هَذَا } .
َدعًا وَقَالَ ابْنُ اْلمُنْذِرِ فِي كِتَابِهِ اْلمُسَمَّى بِأَدَبِ الْعِبَادَةِ قَدْ حَرَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغِيبَةَ ُمو ِّ بِ َذلِكَ أُمَّتَهُ وَقَ َرنَ َتحْرِميَهَا إلَى َتحْ ِرميِ الدِّمَاءِ وَالْأَ ْموَالِ ،ثُمَّ زَادَ َتحْ ِرميُ َذلِكَ تَ ْأكِيدًا بِِإعْلَامِهِ بِأَنَّ َتحْ ِرميَ َذلِكَ َكحُرْمَةِ الْبَلَدِ اْلحَرَامِ فِي الشَّهْرِ اْلحَرَامِ .
اللهِ - الت ْوبَةُ مِنْهَا إلَى َّ جبُ َّ وَقَدْ حَكَى الْقُ ْرطُبِيُّ فِي تَفْسِريِهِ الْإِ ْجمَاعَ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْكَبَائِرِ َوأَنَّهُ َي ِ جبُ مِنْ سُكُوتِ تَعَالَى َ -ولَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِ َك ْونِهَا صَغِريَةً إلَّا صَاحِبَ الْعُدَّةِ وَالْغَزَالِيَّ ،وَالْ َع َ الرَّافِعِيِّ عَلَيْهِ .
وَقَدْ نَ َقلَ قَ ْبلَ َذلِكَ أَنَّ اْلوَقِيعَةَ فِي َأ ْهلِ الْعِلْمِ مِنْ الْكَبَائِرِ َ ،وكَذَا َق ْولُهُ هُنَا إنَّ السُّكُوتَ عَنْ الْغِيبَةِ
صَغِريَةٌ ،وَقَدْ نُ ِقلَ فِيمَا قَ ْبلُ أَنَّ السُّكُوتَ عَلَى
()262/2
تَرْكِ اْلمُنْكَرِ كَبِريَةٌ انْتَهَى . وَمَالُ اْلجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ إلَى أَنَّهَا صَغِريَةٌ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بَعْدَ َأنْ نَ َقلَ بَ ْعضَ مَا مَرَّ عَنْ الْأَذْ َرعِيِّ وَرَدَّهُ ،
صلُ عِبَا َرتِهِ َ :وأَمَّا اْلوَقِيعَةُ فِي َأ ْهلِ الْعِلْمِ الشَّرِيفِ وَ َحمَلَةِ الْقُرْآنِ الْ َعظِيمِ ،فَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا وَحَا ِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْغِيبَةَ مِنْ الصَّغَائِرِ يَعْنِي إذَا قُلْنَا الْغِيبَةُ مِنْ الْكَبَائِرِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِ َذلِكَ َوصَا ِحبُ الْعُدَّةِ
يَرَاهَا مِنْ الصَّغَائِرِ ،قَالَ :وَالْ َقوْلُ بِأَنَّهَا مِنْ الصَّغَائِرِ ضَعِيفٌ َأوْ بَا ِطلٌ ،وَقَدْ نَقَلَ الْقُ ْرطُبِيُّ اْلمُفَسِّرُ صحَابِ ،وَقَدْ غَلُظَ أَمْ ُرهَا فِي َوغَيْرُهُ الْإِ ْجمَاعَ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْكَبَائِرِ َوُيوَافِقُهُ كَلَامُ َجمَاعَةٍ مِنْ الَْأ ْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ،وَمَنْ تَتَبَّعَ الْأَحَادِيثَ فِيهَا عَلِمَ أَنَّهَا مِنْ الْكَبَائِرِ قَالَ َ :ولَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِأََّنهَا مِنْ الصَّغَائِرِ غَيْرَ الْغَزَالِيِّ َوصَا ِحبَ الْعُدَّةِ .
جبُ أَنَّهُ َأطْلَقَ أَنَّ تَرْكَ النَّهْيِ عَنْ اْلمُنْكَرِ مِنْ الْكَبَائِرِ ،وَقَضِيَّتُهُ َأنْ يَكُونَ السُّكُوتُ عَنْ النَّهْيِ وَالْ َع َ عَنْهَا مِنْ الْكَبَائِرِ إذْ هِيَ مِنْ أَقَْبحِ اْلمُنْكَرَاتِ انْتَهَى كَلَامُهُ .
ستْ اْلوَقِيعَةُ فِي َأ ْهلِ الْعِلْمِ وَ َحمَلَةِ الْقُرْآنِ مِنْ الْغِيبَةِ َبلْ هِيَ دَاخِلَةٌ َواَلَّذِي َيظْهَرُ خِلَافُ مَا قَالَهُ فَلَيْ َ
الدلِيلُ عَلَى َذلِكَ ،وَقَدْ ُيحْتَجُّ لِ َذلِكَ ِبمَا َدمَ َّ فِي سَبِّ اْلمُسْلِمِ وَالِاسِْتطَالَةِ فِي عِرْضِ اْلمُسْلِمِ وَقَدْ تَق َّ
َروَاهُ الُْبخَارِيُّ مُنْفَرِدًا بِهِ عَنْ أَبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ :مَنْ آذَى لِي َولِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِاْلحَرْبِ } .
وَالْغِيبَةُ هِيَ َأنْ تَ ْذكُرَ الِْإنْسَانَ ِبمَا لَا يَ ْرضَى اسِْتمَاعُهُ َوِإنْ كَانَ فِيهِ َ ،وإَِّنمَا قُلْنَا َذلِكَ ؛ لِأَنَّ اْلوَقِيعَةَ لَا
بُدَّ َأنْ تَكُونَ بِنَ ْقصٍ وَ َذلِكَ دَا ِخلٌ فِي سَبِّ اْلمُسْلِمِ ،وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ َ { :أتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ ؟ قَالُوا اللَّهُ
()266/2
وَرَسُولُهُ َأعْلَمُ ،قَالَ ِذكْرُك أَخَاك ِبمَا يَكْرَهُ } اْلحَدِيثَ السَّابِقَ .
وَجَ ْعلُ الْغِيبَةِ مِنْ الْكَبَائِرِ فِيهِ َنظَرٌ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى َّإنمَا شَبَّهَهَا بِكَرَاهِيَةِ َأ ْكلِ َلحْمِ الْمَيْتَةِ فَقَالَ { :
َأُيحِبُّ أَحَ ُدكُمْ َأنْ يَ ْأ ُكلَ َلحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا } قَالَ بَ ْعضُ الْعُ َلمَاءِ :قِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ لَا بُدَّ َأنْ ُيجِيبُوا بَِأنْ يَقُولُوا لَا أَحَدَ ُيحِبُّ َذلِكَ ،فَقَالَ لَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى { :فَكَرِهُْتمُوهُ } .
َوأَمَّا الْأَحَادِيثُ فَلَمْ أَرَ فِيهَا ذِكْرًا لِلْغِيبَةِ َولَا َوعِيدًا بِعَذَابٍ ،وَقَدْ َروَى أَ ْحمَدُ َوَأبُو دَاوُد عَ ْن َأنَسٍ أَنَّ خمُشُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :لَمَّا عُرِجَ بِي مَ َررْت بِ َق ْومٍ لَهُمْ َأظْفَارٌ مِنْ ُنحَاسٍ َي ْ
وُجُوهَهُمْ َوصُدُو َرهُمْ فَقُلْت مَنْ َه ُؤلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ َه ُؤلَاءِ الَّذِينَ يَ ْأكُلُونَ ُلحُومَ النَّاسِ َويَقَعُونَ فِي
َأعْرَاضِهِمْ } انْتَهَى . َوهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى َك ْونِهَا كَبِريَةً َّإنمَا يَدُلُّ عَلَى َتحْرِميِهَا وَالتَّنْفِريِ عَنْهَا وَالزَّجْرِ عَلَيْهَا .
انْتَهَى كَلَامُ الْجَلَالِ وَقَدْ اسْتَرْوَحَ فِيهِ رَ ِحمَهُ اللَّهُ .
خ ،فَيُرَدُّ بِأَنَّهَا إذَا كَاَنتْ دَاخِلَةً فِي سَبِّ ستْ اْلوَقِيعَةُ إَل ْ أَمَّا َق ْولُهُ َ :واَلَّذِي َيظْهَرُ خِلَافُ مَا قَالَهُ فَلَيْ َ ِالذكْرِ مَعَ ِذكْرِ سَبِّ اْلمُسْلِمِ . اْلمُسْلِمِ فَلِمَ أُفْرِدَتْ ب ِّ
َفمَا َأوْرَدَهُ الْأَذْ َرعِيُّ عَلَى مَنْ أَفْرَ َدهَا عَنْ الْغِيبَةِ َفجَعَلَهَا كَبِريَةً وَالْغِيبَةُ صَغِريَةٌ يُرَدُّ نَظِريُهُ عَلَى مَا قَالَهُ اْلجَلَالُ لِأَنَّ اْلوَقِيعَةَ إذَا أُرِيدَ بِهَا السَّبُّ فَهِيَ كَبِريَةٌ َوَلوْ فِي غَيْرِ الْعُ َلمَاءِ وَ َحمَلَةِ الْقُرْآنِ ،فَكَيْفَ
التخْصِيصُ بِهَا فَاْلحَقُّ أَنَّ إفْرَادَ اْلوَقِيعَةِ بِ َك ْونِهَا كَبِريَةً مُشْ ِكلٌ ُمطْلَقًا . يَسُوغُ َّ
أَمَّا عَلَى مَنْ يَقُولُ :إنَّ الْغِيبَةَ صَغِريَةٌ َويُرِيدُ بِاْلوَقِيعَةِ الْغِيبَةَ فَوَاضِحٌ إلَّا َأنْ يُقَالَ إنَّ شَ َرفَ َذْينِك اقْتَضَى التَّغْلِيظَ فِي أَمْ ِر ِهمَا ؛ لِيَنْزَجِرَ النَّاسُ عَنْهُ .
َوأَمَّا عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّ الْغِيبَةَ
()266/2
ِالذكْرِ إلَّا ُمجَرَّدَ الِاعْتِنَاءِ وَالتَّ ْأكِيدِ فِي كَبِريَةٌ َأوْ يُفَسِّرُ اْلوَقِيعَةَ بِالسَّبِّ فَلَا فَائِدَةَ لِإِفْرَادِ اْلوَقِيعَةِ ب ِّ تَغْلِيظِهَا عَلَى أَنَّهُ سَبَقَ عَنْ الزَّ ْركَشِيّ أَنَّهُمْ فَسَّرُوا اْلوَقِيعَةَ بِالْغِيبَةِ َ ،وبِهِ يَزِيدُ إيضَاحُ رَدِّ مَا قَالَهُ اْلجَلَالُ .
َوأَمَّا تَ ْنظِريُهُ فِي َك ْونِ الْغِيبَةِ مِنْ الْكَبَائِرِ ِبمَا َذكَرَهُ فِي مَعْنَى الْآيَةِ فَيُرَدُّ ِبمَا قَدَّمْته فِي مَعْنَاهَا اْلمُفِيدِ
لِغَايَةِ الزَّجْرِ وَالتَّغْلِيظِ فِي أَمْرِ الْغِيبَةِ َولِ َك ْونِهَا كَبِريَةً ؛ لِأَنَّ َأ ْكلَ َلحْمِ اْلمَيْتَةِ كَبِريَةٌ فَكَذَا مَا شُبِّهَ بِهِ َبلْ جبُ مِمَّنْ يَعُدُّ َأ ْكلَ اْلمَيْتَةِ َر عَنْهُ :وَالْ َع َ ُهوَ َأبْ َلغُ فِي اْلمَفْسَدَةِ مِنْ ُه ،وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الزَّ ْركَشِيُّ َكمَا م َّ كَبِريَةً َولَا يَعُدُّ الْغِيبَةَ كَبِريَةً َواَللَّهُ تَعَالَى َأنْ َزلَهَا مَنْ ِزلَةَ َأ ْكلِ َلحْمِ الْآدَمِيِّ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ عَنْهُ .
َوأَمَّا َق ْولُهُ َأعْنِي اْلجَلَالَ إنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الْأَحَادِيثِ َوعِيدٌ عَلَى الْغِيبَةِ بِعَذَابٍ َ ،وأَنَّ اْلحَدِيثَ الَّذِي
جبِ . َذكَرَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى َك ْونِهَا كَبِريَةً َبلْ عَلَى َتحْرِميِهَا وَالزَّجْرِ عَنْهَا فَ ُهوَ فِي غَايَةِ الْ َع َ
ضحٌ إذْ لَا َيخْفَى أَنَّ هَذَا الْعَذَابَ اْلمَ ْذكُورَ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَقَدْ مَرَّ فِي تَعْرِيفِ اْلكَبِريَةِ أَمَّا الثَّانِي َفوَا ِ أَنَّهَا مَا قُ ِرنَ بِهِ َوعِيدٌ شَدِيدٌ وَهَذَا َوعِيدٌ شَدِيدٌ . ضحٌ َأيْضًا إذْ مَنْ تَأ ََّملَ الْأَحَادِيثَ الَّتِي قَدَّمْتهَا فِيهَا عَلِمَ أَنَّ فِيهَا َأ ْعظَمَ الْعَذَابِ َوأَشَدَّ َوأَمَّا الْأَوَّلُ َفوَا ِ
ت ِرحيَهُ ،وَأَنَّ َأهْلَهَا الربَا َوأَنَّهَا َلوْ مُزِ َجتْ ِبمَاءِ الَْبحْرِ َأنْتَنَتْهُ َوغَيَّرَ ْ النَّكَالِ ،فَقَدْ صَحَّ فِيهَا أَنَّهَا أَ ْربَى ِّ
َذبُونَ فِي قُبُو ِرهِ ْم ،وَبَ ْعضُ هَذِهِ كَافِيَةٌ يَ ْأكُلُونَ اْلجِيَفَ فِي النَّا ِر َ ،وأَنَّ لَهُمْ رَاِئحَةً مُنْتِنَةً فِيهَا َوأَنَّهُمْ يُع َّ الصحِيحَةِ . فِي الْكَبِريَةِ فَكَيْفَ إذَا اجَْتمَ َعتْ ،هَذَا مَا فِي الْأَحَادِيثِ َّ َوأَمَّا مَا مَرَّ فِي غَيْ ِرهَا فَ ُهوَ َأ ْعظَمَ َوأَشَدُّ َ ،فظَهَرَ أَنَّ الَّذِي دََّلتْ
()266/2
الصحِيحَةُ الظَّاهِرَةُ أَنَّهَا كَبِريَةٌ لَكِنَّهَا تَخْتَلِفُ ِع َظمًا َوضِدَّهُ ِبحَسَبِ اخْتِلَافِ الدلَاِئلُ الْكَثِريَةُ َّ عَلَيْهِ َّ
مَفْسَ َدتِهَا َكمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْأَذْ َرعِيِّ َ ،وظَهَرَ َأيْضًا أَنَّهَا الدَّاءُ الْعُضَالُ وَالسُّمُّ الَّذِي فِي الَْألْسُنِ أَحْلَى
صبِ اْلمَالِ وَقَ ْتلِ النَّفْسِ بِ َق ْولِهِ { :كُلُّ الزلَالِ وَقَدْ جَعَلَهَا مَنْ أُوتِيَ َجوَا ِمعَ الْكَلِمِ عَدِيلَةَ غَ ْ مِنْ ُّ
اْلمُسْلِمِ عَلَى اْلمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ َوعِ ْرضُهُ } .
الربَا عِنْدَ ريتَانِ إ ْجمَاعًا فَكَذَا ثَلْمُ الْعَرْضِ ،وَفِي اْلحَدِيثِ السَّابِقِ { فَإِنَّ أَ ْربَى ِّ صبُ وَالْقَ ْتلُ كَبِ َ وَالْغَ ْ
اللَّهِ اسِْتحْلَالُ عِرْضِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ ثُمَّ تَلَا َ { :واَلَّذِينَ ُيؤْذُونَ اْل ُمؤْمِنِنيَ وَاْل ُمؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا الزنَا } . فَقَدْ احَْتمَلُوا بُهْتَانًا َوِإْثمًا مُبِينًا } } َوأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ َوغَيْ ُر ُهمَا { :الْغِيبَةُ أَشَدُّ مِنْ ِّ قَالَ فِي اْلخَا ِدمِ َو َهلْ تُ ْعطَى غِيبَةُ الصَّبِيِّ وَاْل َمجْنُونِ حُكْمَ غِيبَةِ اْلمُكَلَّفِ ؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا إلَّا
جبُ إذَا ابْنَ الْقُشَيْرِيِّ فِي اْلمُرْشِدِ فَقَالَ :وَقَدْ َأوْ َجبَ الِاعْتِذَارَ إلَى مَنْ اغْتَابَهُ َوهَذَا الِاعْتِذَارُ َّإنمَا َي ِ جبُ الِاعْتِذَارُ إلَيْهِ ضعَ الْإِسَاءَ ِة ،فَأَمَّا الطِّ ْفلُ وَاْل َمجْنُونُ فَلَا َي ِ كَانَ اْلمُسَاءُ إلَيْهِ مِمَّنْ يَصِحُّ َأنْ يَعْلَمَ َم ْو ِ
َوهَذَا َمحَلُّ التَّأ َُّملِ ،وَاْلوَجْهُ َأنْ يُقَالَ يَبْقَى حَقُّ َذلِكَ اْلمُسَاءِ إلَيْهِ وَحَقُّ اْل ُمطَالَبَةِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َوِإنْ سَقَطَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لَِتحَقُّقِ النَّ َدمِ .
انْتَهَى كَلَامُ اْلخَا ِدمِ .
وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْ َزمُ مِنْ عَ َدمِ وُجُوبِ الِاعْتِذَارِ حِلُّ غَيْبَتِ ِهمَا ظَاهِرٌ جَلِيٌّ إذْ لَا وَجْهَ لِلتَّلَازُمِ ، الت ْوبَةُ مِنْهَا فَتََتوَقَّفُ عَلَى أَ ْركَانِهَا الْآتِيَةِ حَتَّى الِاعْتِذَارِ لَكِنَّهُ إنْ فَاتَ فَاْلوَجْهُ حُرْمَةُ غِيبَتِ ِهمَا َ ،وأَمَّا َّ
الت ْوبَةِ الْبَاقِيَةِ سَقَطَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى َ ،وبَقِيَ حَقُّ الْآدَمِيِّ َكمَا حوِ َموْتٍ َووُجِدَتْ شُرُوطُ َّ بَِن ْ
()263/2
الت ْوبَةِ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ . يَ ْأتِي َذلِكَ مَبْسُوطًا فِي مَ ْبحَثِ َّ
()266/2
َصلُ إلَيْهِ إلَّا بِهَا ، صحِيحٍ شَ ْرعِيٍّ لَا يَُتو َّ جبُ َأوْ تُبَاحُ لِغَرَضٍ َ صلُ فِي الْغِيبَةِ اْلحُرْمَةُ وَقَدْ َت ِ وَمِنْهَا :الَْأ ْ َوتَ ْنحَصِرُ فِي صِحَّتِهِ َأْبوَابٌ :الْأَوَّلُ :اْلمَُتظَلِّمُ فَ ِلمَنْ ظُلِمَ َأنْ يَشْ ُكوَ ِلمَنْ َيظُنُّ أَنَّ لَهُ قُدْرَةً عَلَى إزَالَةِ ظُ ْلمِهِ َأوْ َتخْفِيفِهِ .
حوِ فُلَانٍ يَ ْع َملُ كَذَا الثَّانِي :الِاسْتِعَانَةُ عَلَى تَغْيِريِ اْلمُنْكَرِ بِ ِذكْرِهِ ِلمَنْ َيظُنُّ قُدْ َرتَهُ عَلَى إزَالَتِهِ بَِن ْ
َصلِ إلَى إزَالَةِ اْلمُنْكَرِ َوإِلَّا كَانَ غِيبَ ًة ُمحَرَّمَةً مَا لَمْ يَكُنْ الْفَاعِلُ ُمجَاهِرًا ِلمَا التو ُّ فَازْجُرْهُ عَنْهُ بِقَصْدِ َّ
يَ ْأتِي .
الثَّاِلثُ :الِاسْتِفْتَاءُ بَِأنْ يَقُولَ ِلمُ ْفتٍ ظَ َلمَنِي بِكَذَا فُلَا ٌن ،فَهَلْ َيجُوزُ لَهُ وَمَا طَرِيقِي فِي خَلَاصِي مِنْهُ
خصٍ أَ ْو َزوْجٍ كَانَ مِنْ ضلُ َأنْ يُبْ ِهمَهُ فَيَقُولَ مَا تَقُولُ فِي َش ْ حوُ َذلِكَ ،وَالْأَفْ َ َأوْ َتحْصِيلِ حَقِّي َأوْ َن ْ أَمْرِهِ كَذَا ؛ ِلحُصُولِ الْغَرَضِ بِهِ َ ،وإَِّنمَا جَازَ التَّصْرِيحُ بِا ْسمِهِ َمعَ َذلِكَ ؛ لِأَنَّ اْلمُفْتِيَ قَدْ يُدْرِكُ مِنْ
تَعْيِينِهِ مَعْنًى لَا يُدْ ِركُهُ َمعَ إبْهَامِهِ فَكَانَ فِي التَّعْيِنيِ َن ْوعُ مَصْلَحَةٍ َولِمَا يَ ْأتِي فِي خَبَرِ هِنْ ٍد َزوْجِ َأبِي سُفْيَانَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا .
الروَاةِ وَالشُّهُودِ وَاْلمُصَنِّفِنيَ وَاْلمُتَصَدِّينَ الرَّاِبعُ َ :تحْذِيرُ اْلمُسْ ِلمِنيَ مِنْ الشَّرِّ َونَصِيحَتُهُمْ َكجَرْحِ ُّ حوِ فِسْقٍ َأوْ بِ ْدعَةٍ َ ،وهُمْ ُدعَاةٌ إلَيْهَا َوَلوْ سِرًّا فََيجُوزُ إ ْجمَاعًا لِإِفْتَاءٍ َأوْ إقْرَاءٍ َمعَ عَ َدمِ أَهْلِيَّةٍ َأوْ َمعَ َن ْ جبُ َوكََأنْ يُشِريَ َوِإنْ لَمْ يُسْتَشَرْ عَلَى مُرِيدِ تَزَوُّجٍ َأوْ مُخَاَلطَةٍ لِغَيْرِهِ فِي أَمْرٍ دِينِيٍّ أَوْ ُدْنَيوِيٍّ ، َبلْ َي ِ
الزوْجِ ِلمَا يَ ْأتِي وَقَدْ عَلِمَ فِي ذَلِكَ الْغَيْرِ قَبِيحًا مُنَفِّرًا كَفِسْقٍ َأوْ بِ ْدعَةٍ أَوْ َط َمعٍ َأوْ غَيْرِ َذلِكَ كَفَقْرٍ فِي َّ حوِ لَا يَصْ ُلحُ لَك لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فِي مُعَا ِويَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِتَرْكِ تَ ْز ِوجيِهِ َأوْ ُمخَاَلطَتِهِ ،ثُمَّ إنْ اكْتَفَى بَِن ْ
الزيَادَةُ عَلَيْهِ َوِإنْ َتوَقَّفَ عَلَى ِذكْرِ عَ ْيبٍ َذكَرَهُ َ ،ولَا َتجُوزُ ِّ
()266/2
ضطَرِّ فَلَا َيجُوزُ تَنَاوُلُ شَيْءٍ مِنْهَا إلَّا َأوْ عَيْبَيْنِ اقْتَصَرَ عَلَيْ ِهمَا َوهَكَذَا ؛ لِأَنَّ َذلِكَ كَِإبَاحَةِ اْلمَيْتَةِ لِلْمُ ْ
بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ .
نَعَمْ الشَّرْطُ َأنْ يَقْصِدَ بِ َذلِكَ بَذْلَ النَّصِيحَةِ ِلوَجْهِ اللَّهِ -تَعَالَى -دُونَ حَظٍّ آخَرَ َ ،وكَثِريًا مَا يَغْ ُفلُ صحٌ صحًا َويُزَيِّنُ لَهُ أََّنهُ نُ ْ حمِلُهُ عَلَى التَّكَلُّمِ بِهِ حِينَئِذٍ لَا نُ ْ الِْإنْسَانُ عَنْ َذلِكَ فَيُلَبِّسُ عَلَيْهِ الشَّ ْيطَانُ َوَي ْ
وَخَيْرٌ . جبُ ِذكْرُ َذلِكَ ِلمَنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى وَمِنْ هَذَا َأنْ يَعْلَمَ مِنْ ذِي ِولَايَةٍ قَادِحًا فِيهَا كَفِسْقٍ َأوْ تَغ َُّفلٍ فََي ِ
صحِهِ وَحَثِّهِ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ . عَ ْزلِهِ َوَت ْولِيَةِ غَيْرِهِ َأوْ عَلَى نُ ْ
خمْرِ ظَاهِرًا وَ َذوِي اْل ِولَايَاتِ الْبَاطِلَةِ ، اْلخَامِسُ َ :أنْ يََتجَاهَرَ بِفِسْقِهِ َأوْ بِ ْدعَتِهِ كَاْلمَكَّاسِنيَ وَشَ َربَةِ اْل َ
فََيجُوزُ ِذكْ ُرهُمْ ِبمَا َتجَاهَرُوا بِهِ دُونَ غَيْرِهِ فََيحْرُمُ ِذكْ ُرهُمْ ِبعَ ْيبٍ آخَرَ إلَّا َأنْ يَكُونَ لَهُ سَبَبٌ آخَرُ مِمَّا
مَرَّ . قَالَ الْأَذْ َرعِيُّ :وَفِي أَ ْذكَارِ النَّ َووِيِّ مِمَّا يُبَاحُ مِنْ الْغِيبَةِ َأنْ يَكُونَ ُمجَاهِرًا بِفِسْقِهِ َأوْ بِ ْدعَتِهِ
خمْرِ وَمُصَادَرَةِ النَّاسِ َوأَخْذِ اْلمَكْسِ وَجِبَايَةِ الْأَ ْموَالِ ظُ ْلمًا ،فََيجُوزُ ِذكْرُهُ ِبمَا كَاْل ُمجَاهَرَةِ بِشُرْبِ اْل َ َتجَاهَرَ بِهِ َوَيحْ ُرمُ ِذكْرُهُ بِغَيْرِهِ مِنْ الْعُيُوبِ . انْتَهَى .
جوَازِ لَا لِغَرَضِ شَ ْرعِيٍّ وَإِطْلَاقُ كَثِريِينَ يَ ْأبَاهُ انْتَهَى . َو ُهوَ مُتَاِبعٌ فِي َذلِكَ لَلْغَزَالِيِّ وَفِي اْل َ وَسَيَ ْأتِي كَلَامُ الْقَفَّالِ فِي َذلِكَ ِبمَا فِيهِ .
السَّادِسُ :التَّعْرِيفُ بَِنحْوِ لَ َقبٍ كَالَْأ ْعوَرِ وَالَْأ ْعمَشِ وَالَْأصَمِّ وَالْأَقْ َرعِ فََيجُوزُ َوِإنْ أَمْكَنَ تَعْرِيفُهُ بِغَيْرِهِ ج َمعٌ تَعْرِيفَهُ بِهِ عَلَى جِهَةِ التَّعْرِيفِ لَا التَّنْقِيصِ وَالَْأ ْولَى بِغَيْرِهِ إنْ سَ ُهلَ َ ،وَأكْثَرُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ السِّتَّةِ َم ْ صحِيحَةٌ مَشْهُورَةٌ كَاَلَّذِي اسْتَأْ َذنَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ َ ،ويَدُلُّ لَهَا مِنْ السُّنَّةِ أَحَادِيثُ َ
فَقَالَ { :ائْ َذنُوا لَهُ بِئْسَ أَخُو الْعَشِريَةِ }
()266/2
الرَيبِ . ،مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ احْتَجَّ بِهِ الُْبخَارِيُّ فِي َجوَازِ غِيبَةِ َأ ْهلِ الْفَسَادِ وََأ ْهلِ ِّ وَ َروَى الُْبخَارِيُّ خَبَرَ { :مَا أَظُنُّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئًا } ،قَالَ اللَّ ْيثُ :كَانَا مُنَافِقَيْنِ ُهمَا َمخْرَمَةُ بْنُ َنوْ َفلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ الْقُرَشِيُّ َوعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ الْفَزَارِيّ .
س َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا َ { :أتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ : قَاَلتْ فَا ِطمَةُ بِ ْنتُ قَيْ ٍ
إنَّ َأبَا جَهْمٍ وَمُعَا ِويَةَ َخطَبَانِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :أَمَّا مُعَا ِويَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ
َ ،وأَمَّا َأبُو اْلجَهْمِ فَلَا يَضَعُ الْعَصَا عَنْ عَاتِقِهِ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَفِي ِروَايَةٍ ِلمُسْلِمٍ َ { :وأَمَّا َأبُو اْلجَهْمِ فَضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ } ،وَبِهِ يُرَدُّ تَفْسِريُ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ كِنَايَ ٌة عَنْ
كَثْرَةِ أَسْفَارِهِ .
َولَمَّا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ُأبَيٍّ اْلمُنَافِقُ اللَّعِنيُ فِي سَفَرٍ َأصَابَ النَّاسَ فِيهِ شِدَّةٌ { لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا } .
وَقَالَ { :لَئِنْ رَجَعْنَا إلَى اْلمَدِينَةِ لَُيخْرِجَنَّ الَْأعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ } { َأتَى َزيْدُ بْنُ أَرَقْمَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َوأَخْبَرَهُ بِ َذلِكَ ،فَأَرْسَلَ إلَى ابْنِ ُأبَيٍّ فَاجْتَهَدَ فِي الْيَمِنيِ أَنَّهُ مَا فَ َعلَ
فَقَالُوا كَذَبَ َزيْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى َأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى تَصْدِيقَهُ فِي َووْا ُرءُوسَهُمْ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . سُورَةِ اْلمُنَافِقِنيَ ثُمَّ َدعَاهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْتَغْفِرَ َلهُمْ فَل َّ وَقَاَلتْ هِنْدُ امْ َرأَةُ َأبِي سُفْيَان َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :إنَّ َأبَا سُفْيَانَ رَ ُجلٌ َشحِيحٌ َولَيْسَ يُ ْعطِينِي مَا يَكْفِينِي َو َولَدِي إلَّا مَا أَخَذْت مِنْهُ َو ُهوَ لَا يَعْلَ ُم ،قَالَ :خُذِي مَا يَكْفِيكِ
َو َولَدَكِ بِاْلمَعْرُوفِ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَمِنْهَا :
()267/2
عُلِمَ مِنْ خَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ مَعَ مَا صَرَّحَ بِهِ الَْأئِمَّةُ أَنَّ الْغِيبَةَ َأنْ تَ ْذكُرَ مُسْ ِلمًا َأوْ ذِمِّيًّا عَلَى مَا يَ ْأتِي
مُعِينًا لِلسَّا ِمعِ حَيًّا َأوْ مَيِّتًا ِبمَا يَكْرَهُ َأنْ يُ ْذكَرَ بِهِ مِمَّا ُهوَ فِي ِه ِبحَضْ َرتِهِ َأوْ غَيْبَتِهِ ،وَالتَّعْبِريُ بِالْأَخِ فِي
اْلخَبَرِ كَالْآيَةِ لِلْ َعطْفِ وَالتَّ ْذكِريِ بِالسََّببِ الْبَا ِعثِ عَلَى أَنَّ التَّرْكَ مُتَأَكَّدٌ فِي حَقِّ اْلمُسْلِمِ َأكْثَ ُر ؛ لِأَنَّهُ
ِدهَا ، أَشْ َرفُ َوَأعْظَمُ حُرْمَةً ،وَ َسوَاءٌ فِي َذلِكَ مِمَّا يَكْ َرهُهُ فِي بَ َدنِهِ كَأَ ْحوَلَ َأوْ قَصِريٍ َأوْ أَ ْسوَدَ َأوْ ض َّ ح ِو ِهمَا مِمَّا يَكْ َر ُههُ كَيْفَ كَانَ َ ،أوْ خُلُقِهِ كَسَ ْيءِ اْلخُلُقِ َأوْ فِي نَسَبِهِ كََأبُوهُ هِنْدِيٍّ َأوْ إسْكَافٍ َأوْ َن ْ عَاجِزٍ ضَعِيفٍ .
الزكَاةَ َأوْ َأوْ فِعْلِهِ الدِّينِيِّ كَكَذَّابٍ َأوْ مُتَهَا َونٍ بِالصَّلَاةِ َأوْ لَا ُيحْسِنُهَا َ ،أوْ عَاقٍّ ِلوَالِ َديْهِ َ ،أوْ لَا يُ ْعطِي َّ لَا ُيؤَدِّيهَا ِلمُسَْتحِقِّيهَا .
الن ْومِ . الدنَْيوِيِّ كَقَلِيلِ الْأَدَبِ ،أَوْ لَا يَرَى لِأَحَدٍ حَقاا عَلَى نَفْسِهِ َ ،أوْ كَثِريِ الَْأ ْكلِ َأوْ َّ َأوْ ُّ الذْيلِ قَصِريِهِ وَ َسخِهِ . َأوْ َث ْوبِهِ َك َطوِيلِ َّ
جمُوحٍ َ ،أوْ َولَدِهِ كَقَلِيلِ التَّ ْربِيَةِ َ ،أوْ َزوْجَتِهِ كَكَثِريَةِ اْلخُرُوجِ َأوْ َأوْ دَارِهِ كَقَلِيلَةِ اْلمَرَافِقِ َأوْ دَابَّتِهِ َك َ النظَافَةِ َ ،أوْ خَادِمِهِ كَآبِقٍ . َعجُوزٍ َأوْ َتحْكُمُ عَلَيْهِ َأوْ قَلِيلَةِ َّ
َأوْ غَيْرِ َذلِكَ مِنْ كُلِّ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ يَكْ َرهُهُ َلوْ بَلَغَهُ .
وَقَالَ َق ْومٌ لَا غِيبَةَ فِي الدِّينِ ؛ لِأَنَّهُ ذَمُّ مَنْ ذَمَّهُ اللَّهُ تَعَالَى .
َولِأَنَّهُ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ُذكِرَ لَهُ كَثْرَةُ عِبَادَةِ امْ َرأَةٍ َوأَنَّهَا ُتؤْذِي جِريَانَهَا فَقَالَ هِيَ فِي النَّارِ } ، َوعَنْ امْ َرأَةٍ أَنَّهَا َبخِيلَةٌ فَقَالَ َ " :فمَا خَيْ ُرهَا إذًا " .
قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ َوهَذَا فَاسِدٌ ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَ ْذكُرُو َن َذلِكَ ِلحَاجَتِهِمْ إلَى مَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ
ِالسؤَالِ َ ،ولَمْ يَكُنْ غَ َرضُهُمْ التَّنْقِيصَ َ ،ولَا ُيحْتَاجُ إلَى َذلِكَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ صَلَّى اللَّهُ ب ُّ
()267/2
َالدلِيلُ عَلَيْهِ إ ْجمَاعُ الْأُمَّةِ أَنَّ مَنْ َذكَرَ غَيْرَهُ ِبمَا يَكْ َرهُهُ فَ ُهوَ مُغْتَابٌ ؛ لِأَنَّهُ دَا ِخلٌ فِيمَا عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،و َّ َذكَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِّ الْغِيبَةِ ،وَمَرَّ فِي الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ِلمَنْ
قَالَ عَنْ امْ َرأَةٍ إنَّهَا قَصِريَةٌ َ ،وعَنْ رَ ُجلٍ مَا َأ ْعجَزَهُ إنَّ َذلِكَ غِيبَةٌ ،قَالَ اْلحَسَنُ وَ ِذكْرُ الْغَيْرِ غِيبَةٌ َأوْ
بُهْتَانٌ َأوْ إفْكٌ َ ،وكُلُّ َذلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ -تَعَالَى . -
فَالْغِيبَةُ َأنْ تَقُولَ مَا فِيهِ ،وَالْبُهْتَانُ مَا لَيْسَ فِيهِ ،وَالْإِفْكُ َأنْ تَقُولَ مَا بَلَغَك .
()262/2
وَمِنْهَا :مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْغِيبَةِ بَيْنَ َأنْ تَكُونَ فِي غَيْبَةِ اْلمُغْتَابِ َأوْ ِبحَضْ َرتِهِ ُهوَ الْمُعَْتمَدُ . وَفِي اْلخَا ِدمِ وَمِنْ اْلمُهِمِّ ضَابِطُ الْغِيبَةِ َهلْ هِيَ ِذكْرُ اْلمَسَاوِئِ فِي الْغِيبَةِ َكمَا يَقْتَضِيهِ ا ْسمُهَا َ ،أوْ لَا
السؤَالُ بَيْنَ َجمَاعَةٍ ،ثُمَّ َرَأيْت َأبَا فُورَكٍ َذكَرَ فِي مُشْ ِكلِ فَ ْرقَ بَيْنَ الْغِيبَةِ وَاْلحُضُورِ ،وَقَدْ دَارَ هَذَا ُّ
حجُرَاتِ ضَاِبطًا حَسَنًا فَقَالَ :الْغِيبَةُ ذِكْرُ الْغَيْرِ ِبظَهْرِ الْغَيْبِ . الْقُرْآنِ فِي تَفْسِريِ اْل ُ
َوكَذَا قَالَ سُلَيْمُ الرَّازِيّ فِي تَفْسِريِ الْغِيبَةِ َأنْ تَ ْذكُرَ الِْإنْسَانَ مِنْ خُلُقِهِ بِسُوءٍ َوِإنْ كَانَ فِيهِ .
انْتَهَى .
وَفِي اْل ُمحْكَمِ :لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ وَرَائِهِ َ ،ووَجَدْت ِبخَطِّ الْإِمَامِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّهُ َروَى بِسَنَدِهِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :مَا كَ ِرهْت أَنْ ُتوَاجِهَ بِهِ أَخَاك فَ ُهوَ غِيبَةٌ } ،
الزنَا فََيجُوزُ ِذكْرُهُ لِقَ ْولِهِ صَلَّى حوِ ِّ وَخَصَّصَهَا الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ بِالصِّفَاتِ الَّتِي تُذَمُّ شَ ْرعًا ِبخِلَافِ َن ْ
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :اُ ْذكُرُوا الْفَاسِقَ ِبمَا فِيهِ َيحْذَرْهُ النَّاسُ } غَيْرَ أَنَّ اْلمُسَْتحَبَّ السِّتْرُ حَ ْيثُ لَا غَرَضَ َ ،وإِلَّا كََتجْ ِرحيِهِ َأوْ إخْبَارِ ُمخَاِلطِهِ فَيَلْ َزمُ بَيَانُهُ .
انْتَهَى .
جوَازِ فِي الْأَوَّلِ لَا لِغَرَضٍ شَ ْرعِيٍّ ضَعِيفٌ لَا ُيوَافَقُ عَلَيْهِ ،وَاْلحَدِيثُ اْلمَ ْذكُورُ وَمَا َذكَرَهُ مِنْ اْل َ ضَعِيفٌ وَقَالَ أَ ْحمَدُ :مُنْكَرٌ .
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ :لَيْسَ بِشَيْءٍ فَِإنْ صَحَّ ُح ِملَ عَلَى فَاجِرٍ مُعْلِنٍ بِ ُفجُورِهِ َأوْ يَ ْأتِي بِشَهَادَةٍ َأوْ لِمَنْ يُعَْتمَدُ عَلَيْهِ فََيحْتَاجُ إلَى بَيَانِ حَالِهِ لِئَلَّا يَ َقعَ الِاعِْتمَادُ عَلَيْهِ انْتَهَى .
صحِيحٍ . َوهَذَا الَّذِي َحمَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَلَيْهِ مُتَعَيَّنٌ َ ،ونَ َقلَ عَنْ شَ ْيخِهِ اْلحَاكِمِ أَنَّهُ غَيْرُ َ
َوَأوْرَدَهُ بِلَفْظِ { :لَيْسَ لِلْفَاسِقِ غِيبَةٌ } َويَقْضِي عَلَيْهِ ُعمُو ُم خَبَرِ مُسْلِمٍ فِيهِ حَدُّ الْغِيبَةِ بِأَنَّهَا ِذكْرُك أَخَاك مَا يَكْرَهُ
()266/2
َدهَا فِي الْإِحْيَاءِ ِبمَا مَرَّ عَنْ ُه ،وَقَدْ أَ ْجمَ َعتْ الْأُمَّةُ عَلَى أََّنهَا ِذكْرُهُ ِبمَا يَكْرَهُ َ ،وبِهِ جَاءَ الْحَدِيثُ ، وَح َّ
َوهَذَا كُلُّهُ يَرُدُّ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ .
وَمِمَّا يُبِيحُ الْغِيبَةَ َ :أنْ يَكُونَ مَُتجَاهِرًا بِالْفِسْقِ ِبحَيْثُ لَا يَسْتَنْكِفُ َأنْ يُ ْذكَرَ بِهِ كَاْل ُمخََّنثِ وَاْلمَكَّاسِ
وَمُصَادِرِ النَّاسِ فَلَا إثْمَ بِ ِذكْرِ مَا يََتظَاهَرُ بِهِ لِلْخَبَرِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ { :مَنْ َألْقَى جِلْبَابَ اْلحَيَاءِ فَلَا غِيبَةَ
لَهُ } . قَالَ ابْنُ اْلمُنْذِرِ َ :ويُشْبِهُ َأنْ يَكُونَ الْإِميَاءُ إلَى الِْإنْسَانِ بِالتَّنْقِيصِ لَهُ يَقُومُ مَقَامَ الْ َقوْلِ فِيهِ ،ثُمَّ َذكَرَ
حَدِيثَ عَائِشَةَ لَمَّا أَشَارَتْ إلَى اْلمَ ْرأَةِ أَنَّهَا قَصِريَةٌ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :قَدْ اغْتَبْتِيهَا قُومِي فََتحَلَّلِيهَا } انْتَهَى كَلَامُ اْلخَا ِدمِ مُلَخَّصًا .
َوأُخِذَ مَا يَتَعَلَّقُ ِبمَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ مِنْ َقوْلِ شَ ْيخِهِ الْأَذْ َرعِيِّ ،وَمَا َذكَرَهُ الْقَفَّالُ لَا لِغَرَضٍ شَ ْرعِيٍّ ضَعِيفٌ ِبمَرَّةٍ ،وَاْلحَدِيثُ اْلمَ ْذكُورُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ َ ،وَلوْ صَحَّ لَتَعَيَّنَ َحمْلُهُ عَلَى حَالَةِ اْلحَاجَةِ .
صلَ لَهُ يُرْ َجعُ إلَيْهِ . التوَسُّطِ :وَاْلحَدِيثُ اْلمَ ْذكُورُ أَيْ فِي كَلَامِ الْقَفَّالِ لَا َأ ْ وَقَالَ فِي َّ
()266/2
وَسُِئلَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ غِيبَةِ الْكَافِرِ .
فَقَالَ :هِيَ فِي حَقِّ اْلمُسْلِمِ َمحْذُورَةٌ لِثَلَاثِ عِلَلٍ :الْإِيذَاءُ َوتَنْقِيصُ خَلْقِ اللَّهِ ،فَإِنَّ اللَّهَ خَالِقٌ لِأَفْعَالِ الْعِبَادِ َ ،وتَضْيِيعُ اْلوَ ْقتِ ِبمَا لَا يُعْنِي .
التحْ ِر ُمي ،وَالثَّانِيَةُ الْكَرَاهَةُ ،وَالثَّالِثَ ُة خِلَافُ الَْأ ْولَى . قَالَ :وَالْأُولَى تَقْتَضِي َّ َوأَمَّا الذِّمِّيُّ فَكَاْلمُسْلِمِ فِيمَا يَرْ ِجعُ إلَى اْلمَ ْنعِ مِنْ الْإِيذَاءِ ،؛ لِأَنَّ الشَّ ْرعَ عَصَمَ عِ ْرضَهُ وَدَمَهُ وَمَالَهُ .
الصوَابُ . قَالَ فِي اْلخَا ِدمِ :وَالْأُولَى هِيَ َّ
َمعَ يَهُودِيًّا َأوْ صحِيحِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :مَنْ س َّ وَقَدْ َروَى ابْنُ حِبَّانَ فِي َ
نَصْرَانِيًّا فَلَهُ النَّارُ } ،وَمَعْنَى سَمَّعَهُ أَ ْسمَعَهُ ِبمَا ُيؤْذِيهِ َ ،ولَا كَلَامَ بَعْدَ هَذَا أَيْ ِلظُهُورِ َدلَالَتِهِ عَلَى اْلحُرْمَةِ . َرمٍ عَلَى الْأُولَى َويُكْرَهُ عَلَى الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ َ ،وأَمَّا اْلمُبْتَ ِدعُ فَِإنْ قَالَ الْغَزَالِيُّ َ :وأَمَّا اْلحَ ْربِيُّ فَلَيْسَ ِب ُمح َّ كَفَرَ فَكَاْلحَ ْربِيِّ َوإِلَّا فَكَاْلمُسْلِمِ َ ،وأَمَّا ِذكْرُهُ بِبِ ْدعَتِهِ فَلَيْسَ مَكْرُوهًا .
وَقَالَ ابْنُ اْلمُنْذِرِ فِي َق ْولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ِ { :ذكْرُك أَخَاك ِبمَا يَكْرَهُ } فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ
لَيْسَ أَخَاك مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى َأوْ سَائِرِ َأ ْهلِ اْلمِلَلِ َ ،أوْ مَنْ أَخْرَجَتْهُ بِ ْدعَةٌ ابْتَ َدعَهَا إلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ لَا غِيبَةَ لَهُ .
انْتَهَى .
حوِهِ . الس ْومِ عَلَى َس ْومِ أَخِيهِ َوَن ْ قَالَ فِي اْلخَا ِدمِ َ :وهَذَا قَدْ يُنَا ِزعُ فِيهِ مَا قَالُوهُ فِي َّ ضحَةٌ . ا هـ وَاْلمُنَا َزعَةُ وَا ِ
َولًا . الصوَابُ َتحْ ِرميُ غِيبَةِ الذِّمِّيِّ َكمَا تَقَرَّرَ أ َّ فَاْلوَجْهُ َبلْ َّ
َدهِمْ السَّابِقِ لِلْغِيبَةِ أَنَّهَا َتخْتَصُّ بِاللِّسَانِ َولَيْسَ كَ َذلِكَ ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ َتحْرِميِهَا وَمِنْهَا :قَدْ يَُتوَهَّمُ مِنْ ح ِّ ب َوَلوْ الْإِيذَاءُ بِتَفْهِيمِ الْغَيْرِ نُقْصَانَ الْمُغْتَابِ َ ،وهَذَا َموْجُودٌ حَيْثُ أَفْ َهمْت الْغَيْرَ مَا يَكْ َرهُهُ اْلمُغْتَا ُ
بِالتَّعْرِيضِ َأوْ الْفِ ْعلِ َأوْ
()266/2
الْإِشَارَةِ َأوْ الْإِميَاءِ َأوْ الْ َغمْزِ َأوْ الرَّمْزِ َأوْ الْكِتَابَةِ .
َصلُ بِهِ إلَى فَهْمِ اْلمَقْصُودِ كََأنْ َيمْشِيَ مِشْيَتَهُ فَهُوَ غِيبَةٌ َبلْ الن َووِيُّ بِلَا َخ ْوفٍ َوكَذَا سَائِرُ مَا يَُتو َّ قَالَ َّ
صوِيرِ وَالتَّفْهِيمِ َوَأنْكَى لِلْقَ ْلبِ . ُهوَ َأ ْعظَمُ مِنْ الْغِيبَةِ َكمَا قَالَ الْغَزَالِيُّ ؛ لِأَنَّهُ َأبْلَغُ فِي التَّ ْ
وَ ِذكْرُ اْلمُصَنِّفِ َشخْصًا مُعَيَّنًا وَرَدُّ كَلَامِهِ غِيبَةً إلَّا َأنْ يَقْتَرِنَ بِهِ أَحَدُ الْأَسْبَابِ السِّتَّةِ اْلمُبِيحَةِ لَهَا وَقَدْ مَرَّتْ ،وَكَذَا مِنْهَا َق ْولُك فَعَلَ كَذَا بَ ْعضُ مَنْ مَرَّ بِنَا الَْي ْومَ إذَا فَهِمَ مِنْهُ اْل ُمخَا َطبُ مُعَيَّنًا َوَلوْ بِقَرِينَةٍ خَفِيَّةٍ َوإِلَّا لَمْ َيحْ ُرمْ َكمَا فِي الْإِحْيَاءِ َوغَيْرِهِ .
()263/2
فَِإنْ قُلْت :يُنَافِيهِ َق ْولُهُمْ َتحْ ُرمُ الْغِيبَةُ بِالْقَ ْلبِ َأيْضًا فَلَا عِبْرَةَ بِفَهْمِ اْل ُمخَا َطبِ . قُلْت :الْغِيبَةُ بِالْقَ ْلبِ هِيَ َأنْ َتظُنَّ بِهِ السُّوءَ َ ،وتُصَمِّمَ عَلَيْهِ بِقَلْبِك مِنْ غَيْرِ َأنْ يَسْتَنِدَ فِي ذَلِكَ إلَى َوغٍ شَ ْرعِيٍّ ،فَهَذَا ُهوَ الَّذِي يَتَعَيَّنُ َأنْ يَكُونَ مُرَا ُدهُمْ بِالْغِيبَةِ بِالْقَلْبِ َوأَمَّا ُمجَرَّدُ اْلحِكَايَةِ مِنْ مُس ِّ صمِيمُ فَافْتَرَقَا ،ثُمَّ َرَأيْت مَا مُبْهَمٍ ِل ُمخَاطِبِك َ ،ولَكِنَّهُ مُعَيَّنٌ عِنْدَك فَلَيْسَ فِيهِ َذلِكَ الِاعْتِقَادُ وَالتَّ ْ
سَأَ ْذكُرُهُ عَنْ الْإِحْيَاءِ الْغِيبَةُ بِالْقَ ْلبِ َو ُهوَ صَرِيحٌ فِيمَا َذكَرْته َ ،وأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ َح ْملُ كَلَامِهِمْ عَلَيْ ِه ؛ وَمِنْ أَخَْبثِ َأْنوَاعِ الْغِيبَةِ غِيبَةُ مَنْ يُفْهِمُ اْلمَقْصُودَ ِبطَرِيقَةِ الصَّاِلحِنيَ إظْهَارًا لِلتَّعَفُّفِ عَنْهَا َ ،ولَا يَدْرِي
الريَاءِ وَالْغِيبَةِ َ ،كمَا يَ َقعُ لِبَ ْعضِ اْلمُرَائِنيَ أَنَّهُ يُ ْذكَرُ عِنْدَهُ إنْسَانٌ فَيَقُولُ ِبجَهْلِهِ أَنَّهُ َج َمعَ بَيْنَ فَاحِشَتَيْ ِّ حمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَا ابْتَلَانَا بِقِلَّةِ اْلحَيَاءِ َأوْ بِالدُّخُولِ عَلَى السَّلَاطِنيِ َ ،ولَيْسَ قَصْدُهُ بِ ُدعَائِهِ إلَّا َأنْ يُفْهِمَ اْل َ عَ ْيبَ الْغَيْرِ .
َدمُ مَدْحَهُ حَتَّى ُيظْهِرَ تَنَصُّلَهُ مِنْ الْغِيبَةِ فََيقُولُ كَانَ ُمجْتَهِدًا فِي الْعِبَادَةِ َأوْ الْعِلْمِ وَقَدْ يَزِيدُ خُبْثُهُ فَيُق ِّ
لَكِنَّهُ فَتَرَ وَابْتُلِيَ بِمَا ُابْتُلِينَا بِهِ كُلُّنَا َو ُهوَ قِلَّةُ الصَّبْرِ فَيَ ْذكُرُ نَفْسَهُ ،وَمَقْصُودُهُ ذَمُّ غَيْرِهِ وَالتَّمَدُّحُ
َالريَاءُ َوتَ ْزكِيَةُ النَّ ْفسِ َبلْ ج َمعُ بَيْنَ ثَلَاثِ َفوَاحِشَ :الْغِيبَةُ و ِّ بِالتَّشَبُّهِ بِالصَّاِلحِنيَ فِي ذَمِّ نُفُوسِهِمْ ،فََي ْ أَ ْربَعَةٌ ؛ لِأَنَّهُ َيظُنُّ ِبجَهْلِهِ أَنَّهُ مَعَ َذلِكَ مِنْ الصَّاِلحِنيَ اْلمُتَعَفِّفِنيَ عَنْ الْغِيبَةِ وَمَنْشَأُ َذلِكَ اْلجَ ْه ِل ،فَإِنَّ ضحِكَ عَلَيْهِ وَ َسخِ َر بِهِ ،فَأَحْبَطَ َعمَلَهُ َوضََّيعَ تَعَبَهُ َوأَرْدَاهُ إلَى مَنْ تَعَبَّدَ عَلَى جَ ْهلٍ لَ ِعبَ بِهِ الشَّ ْيطَانُ َو َ دَرَجَاتِ الَْبوَارِ وَالضَّلَالِ ؛ وَمِنْ َذلِكَ َأنْ يَقُولَ سَا َءنِي مَا َو َقعَ لِصَدِيقِنَا مِنْ كَذَا ،
()266/2
فَنَسْأَلُ اللَّهَ َأنْ يُثَبِّتَهُ َو ُهوَ كَاذِبٌ فِي َذلِكَ .
ضمِريِهِ َ ،وأَنَّهُ قَدْ تَعَرَّضَ بِ َذلِكَ ِلمَ ْقتِ اللَّهِ َأ ْعظَمَ مِمَّا وَمَا دَرَى اْلجَا ِهلُ أَنَّ اللَّهَ مُطَّ ِلعٌ عَلَى خُ ْبثِ َ يَتَعَرَّضُ اْلجُهَّالُ إذَا جَاهَرُوا ،وَمِنْ َذلِكَ الِْإصْغَاءُ لِ ْلمُغْتَابِ عَلَى جِهَةِ التَّعَجُّبِ ؛ لِيَزْدَادَ نَشَاطُهُ فِي
الْغِيبَةِ ،وَمَا دَرَى اْلجَا ِهلُ أَنَّ التَّصْدِيقَ بِالْغِيبَةِ غِيبَةٌ َ ،بلْ السَّا ِكتُ عَلَيْهَا شَرِيكُ اْلمُغْتَابِ َكمَا فِي
خَبَرٍ { :اْلمُسَْت ِمعُ أَحَدُ اْلمُغْتَابِنيَ } ،فَلَا َيخْرُجُ عَنْ الشَّ ِركَةِ إلَّا َأنْ يُنْكِرَ بِلِسَانِهِ َوَلوْ بَِأنْ يَخُوضَ فِي كَلَامٍ آخَرَ فَِإنْ َعجَزَ فَبِقَلْبِهِ َ ،ويَلْزَمُهُ مُفَارَقَةُ اْل َمجْلِسِ إلَّا لِضَرُورَةٍ َ ،ولَا يَنْفَعُهُ َأنْ يَقُولَ بِلِسَانِهِ
حوِ يَدِهِ َوَلوْ َعظُمَ الِْإنْكَارُ بِلِسَانِهِ لَأَفَا َد ،وَمَرَّ فِي اُسْ ُكتْ وَقَلْبُهُ مُشْتَهٍ لِاسِْتمْرَارِ ِه َ ،ولَا َأنْ يُشِريَ بَِن ْ الدنْيَا اْلحَدِيثِ { :إنَّ مَنْ ُاغْتِيبَ عِنْدَهُ أَخُوهُ اْلمُسْلِمُ فَاسَْتطَاعَ َنصْرَهُ فَنَصَرَهُ نَصَرَهُ اللَّهُ فِي ُّ الدنْيَا وَالْآخِرَةِ } وَمَرَّتْ أَخْبَارٌ أُخَرُ بَِنحْوِ َذلِكَ . وَالْآخِرَةِ َ ،وِإنْ لَمْ يَنْصُرْهُ أَذَلَّهُ اللَّهُ فِي ُّ
وَفِي حَدِيثٍ { :مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ بِالْغِيبَةِ كَانَ حَقاا عَلَى اللَّهِ َأنْ يُعْتِقَهُ مِنْ النَّارِ } .
()266/2
وَمِنْهَا :الَْبوَا ِعثُ عَلَى الْغِيبَةِ كَثِريَةٌ . ضبُ فِي بَاطِنِهِ َويَصِريُ إمَّا تَشَفِّي الْغَيْظِ بِ ِذكْرِ مَسَاوِئِ مَنْ َأغْضَبَك ،وَقَدْ لَا يَشْفِيهِ َذلِكَ فَُيحْقَنُ الْغَ َ
ضبُ مِنْ الَْبوَا ِعثِ الْ َعظِيمَةِ عَلَى الْغِيبَةِ حِقْدًا ثَابِتًا فَيَكُونُ سَبَبًا دَاِئمًا لِ ِذكْرِ اْلمَسَاوِئِ ،وَاْلحِقْدُ وَالْغَ َ
.
شيَةَ أَنَّهُ َلوْ َوإِمَّا ُموَافَقَةُ الْإِ ْخوَانِ وَ ُمجَامَلَتُهُمْ بِالِاسْتِرْسَالِ مَعَهُمْ فِيمَا هُمْ فِيهِ َأوْ إبْدَاءِ َنظِريِ مَا أَبْدُوهُ خَ ْ
الصحْبَةِ َبلْ قَدْ سَ َكتَ َأوْ َأنْكَرَ اسْتَثْقَلُوهُ َونَفَرُوا عَنْهُ َ ،وَيظُنُّ ِبجَهْلِهِ أَنَّ هَذَا مِنْ الْ ُمجَامَلَةِ فِي ُّ
ضبُ لِغَضَبِهِمْ إظْهَارًا لِ ْلمُسَا َهمَةِ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ َ ،فَيخُوضُ مَعَهُمْ فِي ِذكْرِ اْلمَسَاوِئِ يَغْ َ وَالْعُيُوبِ فَيَهْلِكُ .
َوإِمَّا َأنْ يَسْتَشْعِرَ مِنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ تَنْقِيصَهُ َأوْ الشَّهَادَةَ عَلَ ْيهِ عِنْدَ كَبِريٍ فَيَسْبِقُهُ بِ ِذكْرِ مَسَا ِوئِهِ عِنْدَ َذلِكَ الْكَبِريِ ؛ لِيُسْ ِقطَهُ مِنْ عَيْنِهِ ،وَرَُّبمَا رَوَّجَ كَ َذبَهُ بَِأنْ يَبْ َدأَ بِ ِذكْرِ الصِّ ْدقِ مِنْ عُيُوبِهِ ثُمَّ يَتَدَرَّجُ
لِلْغَيْرِ ؛ لِيَسْتَشْهِدَ بِصِدْقِهِ فِي َذلِكَ أَنَّهُ صَا ِدقٌ فِي الْكُلِّ .
سبَ لِقَبِيحٍ فَيَتَبَرَّأُ مِنْهُ بِأَنَّ فَاعِلَهُ ُهوَ فُلَانٌ َ ،وكَا َن مِنْ حَقِّهِ التَّبَرُّؤُ مِنْهُ بِنَفْسِهِ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ َوإِمَّا َأنْ يُنْ َ
غَيْرِ ِذكْرِ فَاعِلِهِ ،وَقَدْ ُيمَهِّدُ عُذْرَهُ بِأَنَّ فُلَانًا شَرِيكَهُ فِيهِ َو ُهوَ قَبِيحٌ َأيْضًا َ ،وإِمَّا التَّصَُّنعُ َوإِرَادَةُ رِفْعَةِ ضلِ نَفْسِهِ بِسَلَامَتِهِ عَنْ تِلْكَ نَفْسِهِ وَخَ ْفضِ غَيْرِهِ كَفُلَانٍ جَا ِهلٍ َأوْ فَ ْهمُهُ َركِيكٌ تَدْ ِرجيًا إلَى إظْهَارِ فَ ْ النَّقَاِئصِ .
َوإِمَّا اْلحَسَدُ لِثَنَاءِ النَّاسِ عَلَيْهِ وَ َمحَبَّتِهِمْ لَ ُه ،فَيُرِيدُ َأنْ يُثْنِيَهُمْ عَنْهُ بِالْقَدَحِ فِيهِ حَتَّى تَزُولَ عَنْهُ نِ ْعمَةُ
ضحَكُ النَّاسُ بِهِ . ثَنَاءِ النَّاسِ وَ َمحَبَّتُهُمْ َ ،وإِمَّا اللَّ ِعبُ وَالْهَزْلُ فَيَ ْذكُرُ عَنْ غَيْرِهِ مَا يَ ْ حقِريًا لَهُ ،هَذِهِ هِيَ السخْ ِريَةُ وَالِاسْتِهْزَاءُ بِهِ فِي غَيْبَتِهِ كَ ُهوَ فِي حَضْ َرتِهِ َت ْ َوإِمَّا ُّ
()266/2
الْأَسْبَابُ الْعَامَّةُ .
جبَ مَا َرَأيْت َجبَ ذُو دِي ٍن مِنْ مُنْكَرٍ فَيَقُولُ :مَا َأ ْع َ َوبَقِيَ أَسْبَابٌ خَاصَّةٌ هِيَ أَشَرُّ َوأَخَْبثُ كََأنْ يَتَع َّ مِنْ فُلَانٍ ،فَ ُهوَ َوِإنْ صَ َدقَ فِي تَعَجُّبِهِ مِنْ اْلمُنْكَرِ لَكِنْ كَا َن حَقُّهُ َأنْ لَا يُعَيِّنَ فُلَانًا بِ َذكَرِ ا ْسمِهِ ؛ لِأَنَّهُ
ب مِنْ فُلَانٍ كَيْفَ ُيحِبُّ أَمَتَهُ َوهِيَ قَبِيحَةٌ ، صَارَ بِهِ مُغْتَابًا آِثمًا مِنْ حَ ْيثُ لَا يَدْرِي ،وَمِنْ ذَلِكَ َعجِي ٌ َوكَيْفَ يَقْ َرأُ عَلَى فُلَانٍ اْلجَاهِلِ َ ،وكََأنْ يَغْتَمَّ مِمَّا ُابْتُلِيَ بِهِ ،فَيَقُولُ مِسْكِنيٌ فُلَانٌ سَا َءنِي بَ ْلوَاهُ بِكَذَا . فَ ُهوَ َوِإنْ صَ َدقَ فِي اغِْتمَامِهِ لَهُ ،لَكِنْ كَانَ مِنْ حَقِّهِ َأنْ لَا يَذْكُرَ ا ْسمَهُ فَغَمُّهُ وَرَ ْحمَتُهُ خَيْرٌ َ ،ولَكِنَّهُ
سَاقَهُ إلَى شَرٍّ مِنْ حَ ْيثُ لَا يَدْرِي أَنَّ َذلِكَ ُممْكِنٌ دُونَ ِذكْ ِر ا ْسمِهِ فَهََّيجَهُ الشَّ ْيطَانُ عَلَى ذِكْرِ ا ْسمِهِ ؛
ضبَ لِلَّهِ مِنْ أَ ْجلِ مُقَارَفَةِ غَيْرِهِ ِلمُنْكَرٍ فََيظْهَرُ غَضَبُهُ َحمِهِ َ ،وكََأنْ يَغْ َ لِيُ ْب ِطلَ بِهِ َثوَابَ اغِْتمَامِهِ َوتَر ُّ
َويَ ْذكُرُ ا ْسمَهُ َ ،وكَانَ اْلوَاجِبُ َأنْ ُيظْهِرَ غَضَبَهُ عَلَيْهِ بِالْأَمْرِ بِاْلمَعْرُوفِ َولَا ُيظْهِرَهُ عَلَى غَيْرِهِ َأوْ يَسْتُرَ
ا ْسمَهُ َولَا يَ ْذكُرَهُ بِالسُّوءِ . ضبَ َجبَ وَالرَّ ْحمَةَ وَالْغَ َ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مِمَّا يَ ْغ ُمضُ دَ ْركُهَا عَنْ الْعُ َلمَاءِ فَضْلًا عَنْ الْ َعوَامّ ِ ،لظَنِّهِمْ أَنَّ التَّع ُّ
َخصُ فِي الْغِيبَةِ الَْأعْذَارُ السَّابِقَةُ فَقَطْ ، إذَا كَانَ لِلَّهِ كَانَ عُذْرًا فِي ذِكْرِ الِاسْمِ َو ُهوَ َخطَأٌ َ ،بلْ اْلمُر ِّ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا شَ ْيءَ مِنْهَا هُنَا .
()237/2
سخَطِ ضتْ بِهَا لِ َ وَمِنْهَا :يَتَعَيَّنُ عَلَيْك مَعْرِفَةُ عِلَاجِ الْغِيبَةِ َ ،و ُهوَ إمَّا إ ْجمَالِيٌّ بَِأنْ يَعْلَمَ أَنَّك قَدْ تَعَ َّر َ
اللَّهِ تَعَالَى َوعُقُوبَتِهِ َكمَا دََّلتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ وَالْأَخْبَارُ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا َ ،وَأيْضًا فَهِيَ ُتحْبِطُ حَسَنَاتِك ِلمَا مَرَّ
ضعَ عَلَيْهِ مِنْ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ فِي اْلمُفْلِسِ مِنْ أَنَّهُ ُتؤْخَذُ حَسَنَاتُهُ إلَى َأنْ تَفْنَى ،فَِإنْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَ ْيءٌ ُو ِ صمِهِ . سَيِّئَاتِ خَ ْ
وَمِنْ اْلمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ زَادَتْ حَسَنَاتُهُ كَانَ مِنْ َأ ْهلِ اْلجَنَّةِ َأوْ سَيِّئَاتُهُ كَانَ مِنْ َأ ْهلِ النَّارِ ،فَِإنْ اسَْت َويَا
َفمِنْ َأ ْهلِ الَْأعْرَافِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ ،فَاحْذَرْ َأنْ تَكُونَ الْغِيبَةُ سَبَبًا لِفِنَاءِ حَسَنَاتِك وَ ِزيَادَةِ
َالنمِيمَةَ َتحُتَّانِ الْإِميَانَ َكمَا يَعْضِدُ سَيِّئَاتِك فَتَكُونَ مِنْ َأ ْهلِ النَّارِ ،عَلَى أَنَّ ُه ُروِيَ { :أَنَّ الْغِيبَةَ و َّ
الشجَرَةَ } . الرَّاعِي َّ وَمِنْ ثَمَّ قَا َل رَ ُجلٌ لِلْحَسَنِ :بَلَغَنِي أَنَّك تَغْتَابُنِي .
َكمُك فِي حَسَنَاتِي . فَقَالَ مَا بَلَغَ قَدْرُك عِنْدِي أَنِّي أُح ِّ
وَمَنْ آمَنَ بِتِلْكَ الْأَخْبَارِ َفطَمَ نَفْسَهُ عَنْ الْغِيبَةِ َف ْطمًا كُلِّيًّا ،خَوْفًا مِنْ عِقَابِهَا اْلمُرََّتبِ عَلَيْهَا فِي الْأَخْبَارِ .
حتَ مَا رُوِيَ عَنْهُ الطهَارَةِ مِنْهَا ؛ لِتَدْ ُخلَ َت ْ وَمِمَّا يَنْفَعُك َأيْضًا أَنَّك تَتَدَبَّرُ فِي عُيُوبِك َ ،وَتجْتَهِدُ فِي َّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :مَنْ كَانَ ُيؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالَْي ْومِ الْآخِرِ َ ،ويَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَلْيَسَعْهُ بَيْتُهُ َولْيَبْكِ عَلَى َخطِيئَتِهِ وَمَنْ كَانَ ُيؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالَْي ْومِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا لِيَغْنَمَ َ ،أوْ لِيَسْ ُكتْ عَنْ شَرٍّ
فَيَسْلَمَ } . َوتَسَْتحْيِي مِنْ َأنْ تَذُمَّ غَيْرَك ِبمَا َأْنتَ مُتَلَبِّسٌ بِهِ َأوْ بَِنظِريِهِ ،فَِإنْ كَانَ أَمْرًا خِلْقِيًّا فَالذَّمُّ لَهُ ذَمٌّ لِ ْلخَالِقِ ،إذْ مَنْ ذَمَّ صَنْعَةً ذَمَّ صَانِعَهَا .
قَالَ رَ ُجلٌ ِلحَكِيمٍ يَا قَبِيحَ اْلوَجْهِ .
فَقَالَ مَا كَانَ خَلْقُ وَجْهِي إلَيَّ فَأُحْسِنُهُ ،فَِإنْ لَمْ َتجِدْ لَك عَيْبًا َو ُهوَ بَعِيدٌ فَاشْكُرْ اللَّهَ
()237/2
َضلَ عَلَيْك بِالنَّزَاهَةِ عَنْ الْعُيُوبِ فَلَا تَسْمُ نَفْسُك بِتَ ْعظِيمِهَا . إذْ تَف َّ
َويَنْفَعُك َأيْضًا َأنْ تَعْلَمَ أَنَّ تَأَذِّي غَيْرِك بِالْغِيبَةِ كَتَأَذِّيك بِهَا ،فَكَيْفَ تَ ْرضَى لِغَيْرِك مَا تَتَأَذَّى بِهِ . َوإِمَّا تَفْصِيلِيٌّ بَِأنْ تَ ْنظُرَ فِي بَاعِثِهَا فَتَ ْقطَعُهُ مِنْ أَصْلِهِ ،إذْ عِلَاجُ الْعِلَّةِ َّإنمَا يَكُونُ بِقَ ْطعِ سَبَبِهَا َ ،وإِذَا
ضبِ أَنَّك إنْ اسَْتحْضَرْت الَْبوَا ِعثَ عَلَيْهَا السَّابِقَةَ ظَهَرَ لَك السَّعْيُ فِي َقطْعِهَا كََأنْ تَسَْتحْضِرَ فِي الْغَ َ أَمْضَيْت غَضَبَك فِيهِ بِغِيبَةٍ أَمْضَى اللَّهُ غَضَبَهُ فِيك لِاسِْتخْفَافِك بِنَهْيِهِ ،وَجُ ْرَأتِك عَلَى َوعِيدِهِ . وَفِي حَدِيثٍ { :إنَّ ِلجَهَنَّمَ بَابًا لَا يَدْخُلُهُ إلَّا مَنْ شَفَى غَ ْيظُ ُه ِبمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى } .
ضبِ اللَّهِ عَاجَلَك بِعُقُوبَتِهِ ،إذْ لَا َأغْيَرَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى . وَفِي اْلمُرَافَقَةِ :إنَّك إذَا أَرْضَيْت اْل َمخَالِيقَ بِغَ َ َذبًا بِاْلحَسَدِ ، الدنْيَا ِبحَسَدِك لَهُ عَلَى نِ ْعمَتِهِ َو َك ْونِك مُع َّ وَفِي اْلحَسَدِ :أَنَّك َجمَ َعتْ بَيْنَ خَسَارِ ُّ
وَالْآخِرَةِ ؛ لِأَنَّك نَصْ َرتَهُ بِِإهْدَاءِ حَسَنَاتِك إلَيْهِ َ ،أوْ طَرْحِ سَيِّئَاتِهِ عَلَيْك ،فَصِرْت صَدِيقَهُ َوعَدُوَّ
جمَعْت إلَى خُبْثِ حَسَدِك جَ ْهلَ َحمَاقَتِك ،وَرَُّبمَا كَانَ َذلِكَ مِنْك سََببَ انْتِشَارِ فَضْلِهِ َكمَا نَفْسِك َف َ قِيلَ َ :وإِذَا أَرَادَ اللَّهُ نَشْرَ فَضِيلَةٍ ُط ِوَيتْ َأتَاحَ لَهَا لِسَانَ حَسُودِ .
وَفِي قَصْدِ اْلمُبَاهَاةِ َوتَ ْزكِيَةِ النَّفْسِ أَنَّك ِبمَا َذكَرْته فِيهِ أَْبطَلْت فَضْلَك عِنْدَ اللَّ ِه َ ،وَأْنتَ لَسْت عَلَى ثِقَةٍ مِنْ اعْتِقَادِ النَّاسِ فِيك ،بَلْ رَُّبمَا مَقَتُوك إذَا عَرَفُوك بِثَ ْلبِ الَْأعْرَاضِ وَقُ ْبحِ الَْأغْرَاضِ ،فَقَدْ بِعْت
مَا عِنْدَ اللَّهِ يَقِينًا ِبمَا عِنْدَ اْلمَخْلُوقِ الْعَاجِزِ وَ ْهمًا ،وَفِي الِاسْتِهْزَاءِ أَنَّك إذَا أَخْ َزيْت غَيْرَك عِنْدَ النَّاسِ
فَقَدْ أَخْ َزيْت نَفْسَك عِنْدَ اللَّهِ ،وَشَتَّانَ مَا بَيْنَ ُهمَا َوعِلَاجُ بَقَِّيةِ الَْبوَا ِعثِ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَرَّرَ فَلَا حَاجَةَ لِلِْإطَالَةِ بِهِ .
وَمِنْهَا :قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْغِيبَةَ بِالْقَ ْلبِ حَرَامٌ ،
()232/2
َوبَيَانُ مَعْنَاهُ َ ،وُيوَافِقُهُ َقوْلُ الْإِحْيَاءِ بَيَانُ َتحْ ِرميِ الْغِيبَةِ بِالْقَلْبِ .
()236/2
اعْلَمْ أَنَّ سُوءَ الظَّنِّ حَرَامٌ مِ ْثلُ سُوءِ الْ َقوْلِ َ ،ولَسْت َأعْنِي ِبهِ إلَّا عَقْدَ الْقَ ْلبِ وَحُ ْكمَهُ عَلَى غَيْرِهِ
خوَاطِرُ وَحَدِيثُ النَّفْسِ فَ ُهوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ َ ،بلْ الشَّكُّ َأيْضًا مَعْفُوٌّ عَنْهُ َ ،ولَكِنَّ اْلمَنْهِيَّ بِالسُّوءِ ،فَأَمَّا اْل َ س َ ،وَيمِيلُ إلَيْهِ الْقَ ْلبُ . عَنْهُ َأنْ َتظُنَّ ،وَالظَّنُّ عِبَارَةٌ عَمَّا تَ ْركَنُ إلَيْهِ النَّفْ ُ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { :اجْتَنِبُوا كَثِريًا مِنْ الظَّنِّ إنَّ بَ ْعضَ الظَّنِّ إثْمٌ } وَسََببُ َتحْرِميِهِ أَنَّ أَسْبَابَ الْقُلُوبِ لَا
يَعْ َلمُهَا إلَّا عَلَّامُ الْغُيُوبِ ،فَلَيْسَ لَك َأنْ تَعْقِدَ فِي غَيْرِك سُوءًا إلَّا إذَا انْكَشَفَ لَك بِعِبَارَةٍ لَا َتحَْت ِملُ التَّ ْأوِيلَ .
سمَعْهُ بِأُ ُذنِك ثُمَّ وَ َقعَ فَعِنْدَ َذلِكَ لَا ُيمْكِنُك أَلَّا تَعْتَقِدَ مَا عَ ِلمْته وَشَاهَدْته وَمَا لَمْ تُشَاهِدْهُ بِعَيْنِك َولَمْ تَ ْ َذبَهُ فَإَِّنهُ أَفْسَقُ الْفُسَّاقِ . فِي قَلْبِك ؛ فَإِنَّ الشَّ ْيطَانَ يُلْقِيهِ إلَيْك ،فَيَنْبَغِي َأنْ تُك ِّ
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى أَوَّلَ سُورَةِ تِلْكَ الْآيَةِ { :إنْ جَا َءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا } الْآيَةَ . َولَا تَغْتَرَّ ِب َمخِيلَةِ فَسَادٍ إذَا احَْت َملَ خِلَافَهَا ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ َيجُوزُ َأنْ يَصْ ُدقَ فِي خَبَرِهِ لَكِنْ لَا َيجُوزُ لَك
خمْرِ لِإِمْكَانِ أَنَّهَا مِنْ غَيْ ِرهَا . تَصْدِيقُهُ ؛ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ َتحُدَّ َأئِمَّتُنَا بِرَاِئحَةِ اْل َ
َرمَ مِنْ اْلمُسْلِمِ دَمَهُ وَمَالَهُ َ ،وَأنْ َتظُنَّ بِهِ السُّوءَ } . َوتَأ ََّملْ خَبَرَ { :إنَّ اللَّهَ ح َّ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَسُوغُ لَك ظَنُّ السُّوءِ بِهِ إلَّا مَا يَسُوغُ لَك أَخْذُ مَالِهِ مِنْ يَقِنيِ مُشَاهَدَةٍ َأوْ بَيِّنَةٍ عَا ِدلَةٍ
َ ،وإِلَّا فَبَاِلغْ فِي دَ ْفعِ الظَّنِّ عَنْك مَا أَمْكَنَك لِاحِْتمَالِ اْلخَيْرِ وَالشَّرِّ َ ،وأَمَارَةُ سُوءِ الظَّنِّ اْل ُمحَقَّقَةِ لَهُ َأنْ يَتَغَيَّرَ قَلْبُك عَلَيْهِ عَمَّا كَانَ فَتَنْفِرَ عَنْهُ َوتَسْتَثْقِلَهُ َوتَفْتُرَ عَنْ مُرَاعَاتِهِ .
وَفِي اْلخَبَرِ { :ثَلَاثٌ فِي اْل ُمؤْمِنِ َولَهُ مِنْهُنَّ َمخْرَجٌ َ ،ف َمخْرَجُهُ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ َأنْ لَا ُيحَقِّقَهُ } .
أَيْ لَا ُيحَقِّقُ مُقْتَضَاهُ فِي
()236/2
جوَارِحِ بِِإ ْعمَالِهَا ِبمُوجِبِهِ ،وَالشَّ ْيطَانُ قَدْ نَفْسِهِ بِعَقْدِ الْقَلْبِ بِتَغْيِريِهِ إلَى النُّفْرَةِ وَالْكَرَاهَةِ َولَا بِفِ ْعلِ اْل َ يُقَرِّرُ عَلَى الْقَلْبِ بِأَ ْدنَى ُمخْيَلَةٍ مَسَاءَةَ النَّاسِ َ ،ويُلْقِي إلَيْهِ أَنَّ هَذَا مِنْ مَزِيدِ ِفطْنَتِك وَسُ ْرعَةِ تَنَبُّهِك ، التحْقِيقِ نَاظِرٌ بِنُورِ الشَّيْطَانِ َوظُ ْلمَتِهِ َ ،وإِذَا أَخْبَرَك عَدْلٌ َوأَنَّ اْل ُمؤْمِنَ يَ ْنظُرُ بِنُورِ اللَّهِ َو ُهوَ عَلَى َّ
َفمِلْت إلَى تَصْدِيقِهِ َأوْ تَكْذِيبِهِ كُنْت جَانِيًا عَلَى أَحَ ِد ِهمَا بِاعْتِقَادِ السُّوءِ فِي اْل ُمخْبَرِ عَنْهُ َأوْ الْكَذِبِ
فِي اْل ُمخْبِرِ .
حوِ عَدَاوَةِ بَيْنَ ُهمَا فَِإنْ وَجَ ْدهتَا فََتوَقَّفَ وَابْقَ الْ ُمخْبِرِ عَنْهُ حثَ َهلْ ثَمَّ تُ ْهمَةٌ فِي اْل ُمخْبِرِ بَِن ْ فَعَلَيْك َأنْ تَ ْب َ صغِ ِلمَنْ َدْأبُهُ الْكَلَامُ فِي النَّاسِ ُمطْلَقًا . عَلَى مَا كَانَ عِنْدَك مِنْ عَ َدمِ ظَنِّ السُّوءِ َ ،ولَا تُ ْ
ِالدعَاءِ لَهُ بِاْلخَيْرِ ؛ لِتَغِيظَ الشَّ ْيطَانَ ، َويَنْبَغِي لَك إذَا وَرَدَ عَلَيْك خَاطِرُ سُوءٍ ِبمُسْلِمٍ َأنْ تُبَادِرَ ب ُّ َوتَ ْق َطعَ عَنْهُ إلْقَاءَهُ إلَيْك َذلِكَ مِنْ ُدعَائِك لَهُ .
صحَهُ سِرًّا قَاصِدًا َتخْلِيصَهُ ِمنْ الِْإثْمِ ُمظْهِرًا لِحُ ْزنِك عَلَى مَا َأصَابَهُ َوإِذَا عَرَفْت هَ ْفوَةَ مُسْلِمٍ َأنْ تَنْ َ
ج َمعَ بَيْنَ أَجْرِ اْل َوعْظِ َوأَجْرِ الْهَمِّ وَالِْإعَانَةِ لَهُ عَلَى دِينِهِ . َكمَا َتحْ َزنُ َلوْ َأصَابَك لَِت ْ
التجَسُّسُ فَإِنَّ الْقَ ْلبَ لَا يَقْنَعُ بِالظَّنِّ َبلْ َيطْ ُلبُ الْيَقِنيَ فَيََتجَسَّسُ ،وَمَرَّ النَّهْيُ وَمِنْ َثمَرَاتِ سُوءِ الظَّنِّ َّ َصلُ إلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا َلوْ دَامَ سِتْرُهُ حتَ سَرِي َرتِهِمْ فَيَُتو َّ التجَسُّسِ َ ،و ُهوَ َأنْ لَا يَتْرُكَ اْلخَلْقَ َت ْ عَنْ َّ
عَنْك كَانَ أَسْلَمَ لِقَلْبِك وَدِينِك ،وَ َج َمعَ َمعَ الْغِيبَةِ سُوءَ الظَّنِّ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ ِلمَا بَيْنَ ُهمَا مِنْ التَّلَازُمِ
غَالِبًا .
()236/2
الت ْوبَةِ بِشُرُوطِهَا فَيُقْ ِلعَ َويَنْ َدمَ َخوْفًا مِنْ اللَّهِ -سُ ْبحَانَهُ وَمِنْهَا َ :يجِبُ عَلَى اْلمُغْتَابِ َأنْ يُبَادِرَ إلَى َّ
َوتَعَالَى -لُِيخْرِجَ مِنْ حَقِّهِ ثُمَّ يَسَْتحِلَّ اْلمُغْتَابَ َخوْفًا َأيْضًا لَِيحِلَّهُ فََيخْرُجَ عَنْ َمظْ ِلمَتِهِ .
وَقَالَ اْلحَسَنُ :يَكْفِيهِ الِاسْتِغْفَارُ عَنْ الِاسْتِحْلَالِ ،وَاحْتَجَّ ِبخَبَرِ { :كَفَّارَةُ مَنْ اغْتَبْتَهُ َأنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُ
}.
وَقَالَ اْلحَسَنُ :كَفَّارَةُ ذَلِكَ َأنْ تُثْنِيَ عَلَيْهِ َوتَ ْد ُعوَ لَهُ بِاْلخَيْ ِر .
جبُ الِاسِْتحْلَالُ مِنْهُ ِبخِلَافِ وَالَْأصَحُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاسِْتحْلَالِ ،وَ َزعْمُ أَنَّ الْعِرْضَ لَا ِعوَضَ لَهُ فَلَا َي ِ
اْلمَالِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ وَ َجبَ فِي الْعِرْضِ حَدُّ الْقَ ْذفِ . الصحِيحَةِ الْأَمْرُ بِالِاسِْتحْلَالِ مِنْ اْل َمظَالِمِ قَ ْبلَ َي ْومٍ لَا دِ ْرهَمٌ فِيهِ َولَا دِينَارٌ ، قِيلَ َبلْ فِي الْأَحَادِيثِ َّ
َوإَِّنمَا هِيَ حَسَنَاتُ الظَّالِمِ ُتؤْخَذُ لِ ْل َمظْلُومِ ،وَسَيِّئَاتُ اْل َمظْلُومِ ُتطْرَحُ عَلَى الظَّالِمِ فَتَعَيَّنَ الِاسِْتحْلَالُ ، َالدعَاءِ . نَعَمْ الْغَاِئبُ وَاْلمَِّيتُ يَنْبَغِي َأنْ يُكْثِرَ لَ ُهمَا مِنْ الِاسْتِغْفَارِ و ُّ
ضلٌ َ ،وكَانَ َرعٌ مِنْهُ وَفَ ْ التحَلُّلِ َو ُهوَ الْعَ ْفوُ َأنْ ُيح َِّللَ َولَا يَلْزَمُهُ ؛ لِأَنَّ َذلِكَ تَب ُّ َويُنْدَبُ ِلمَنْ سُئِلَ فِي َّ
التحْلِيلِ َ ،وُيؤَيِّدُ الْأَوَّلَ خَبَرُ َ { :أيَ ْعجِزُ أَحَ ُدكُمْ َأنْ يَكُونَ كَأَبِي َج ْمعٌ مِنْ السَّلَفِ َيمْتَنِعُونَ مِنْ َّ ب َمظْ ِلمَةً ضمْضَمٍ كَانَ إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ قَالَ :إنِّي تَصَدَّقْت بِعِ ْرضِي عَلَى النَّاسِ } ،وَمَعْنَاهُ لَا َأطْلُ ُ َ
صمُهُ فِي الْقِيَامَةِ ؛ لِأَنَّ الْغِيبَةَ تَصِريُ حَلَالًا ؛ لِأَنَّ فِيهَا حَقاا لِلَّهِ َ ،ولِأَنَّهُ عَ ْف ٌو َ ،وِإبَاحَةٌ لِلشَّ ْيءِ مِنْهُ َولَا أُخَا ِ
الدنْيَا . قَ ْبلَ وُجُودِهِ ،وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَسْقُطْ بِهِ الْحَقُّ فِي ُّ
الدنْيَا َولَا فِي وَقَدْ صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّ مَنْ َأبَاحَ الْقَ ْذفَ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ مِنْ حَدِّهِ وَ َمظْ ِلمَتِهِ لَا فِي ُّ
الت ْوبَةِ مِ ْن كِتَابِ الشَّهَادَاتِ . حثِ َّ حثِ بَسْطٌ فِي مَ ْب َ الْآخِرَةِ ،وَسَيَ ْأتِي لِهَذَا اْلمَ ْب َ
()233/2
خمْسُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :التَّنَابُزُ بِالَْألْقَابِ اْلمَكْرُوهَةِ ) . ( الْكَبِريَةُ اْل َ قَالَ تَعَالَى َ { :ولَا تَنَابَزُوا بِالَْألْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِميَانِ وَمَنْ لَمْ يَُتبْ فَأُولَئِكَ هُمْ
الظَّاِلمُونَ } تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ َمعَ عَدِّ الْغِيبَةِ َأيْضًا وَفِيهِ َنظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَ ْعضِ أَقْسَامِهَا َكمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ َ ،وكَأَنَّهُمْ اقْتَدُوا بِأُسْلُوبِ الْآيَ ِة الْكَرِميَةِ فَإِنَّهُ ُذكِرَ فِيهَا كُلٌّ مِنْ التَّنَابُزِ
لذكْرِ َ ،وِإنْ كَانَ وَالْغِيبَةِ ،فَدَلَّتْ عَلَى أَنَّ بَيْنَ ُهمَا َن ْوعَ تَغَايُرٍ إلَّا َأنْ ُيجَابَ بِأَنَّ سََببَ إفْرَادِ التَّنَابُزِ بِا ِّ
مِنْ أَفْرَادِ الْغِيبَةِ اْلمَ ْذكُورَةِ َأيْضًا فَإِنَّهُ مِنْ أَفْحَشِ َأْنوَاعِهَا ،فَقَصَدَ بِإِفْرَادِهِ تَقْبِيحَ شَ ْأنِهِ مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ عَنْهُ .
الن َووِيِّ اتَّفَقَ الْعُ َلمَاءُ عَلَى َتحْ ِرميِ تَلْقِيبِ الِْإنْسَانِ ِبمَا يَكْ َرهُهُ َسوَاءٌ كَانَ صِفَةً لَهُ َأوْ لَِأبِيهِ وَفِي أَ ْذكَارِ َّ
َأوْ لِأُمِّهِ َأوْ غَيْ ِر ِهمَا مِمَّا يَكْرَهُ .
()236/2
السخْ ِريَةُ وَالِاسْتِهْزَاءُ بِاْلمُسْلِمِ ) . خمْسُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ ُّ : ( الْكَبِريَةُ اْلحَا ِديَةُ وَاْل َ سخَرْ َق ْومٌ مِنْ َق ْومٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ َولَا نِسَاءٌ مِنْ قَالَ تَعَالَى { :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَ ْ
ريهَا قَرِيبًا ،وَقَدْ قَامَ الْإِ ْجمَاعُ عَلَى َتحْ ِرميِ نِسَاءٍ عَسَى َأنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ } وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَى تَفْسِ ِ َذلِكَ .
َوأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ { :إنَّ اْلمُسْتَهْ ِزئِنيَ بِالنَّاسِ يُفَْتحُ لِأَحَ ِدهِمْ فِي الْآخِرَةِ بَابٌ مِنْ اْلجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ هَلُمَّ هَلُمَّ فََيجِيءُ بِكَ ْربِهِ َوغَمِّهِ فَإِذَا جَاءَهُ ُأغْلِقَ دُونَهُ ،ثُمَّ يُفْتَحُ َلهُ بَابٌ آخَرُ فَيُقَالُ لَهُ هَلُمَّ هَلُمَّ فََيجِيءُ بِكَ ْربِهِ َوغَمِّهِ فَإِذَا جَاءَهُ ُأغْلِقَ دُونَهُ َ ،فمَا يَزَالُ كَ َذلِكَ حَتَّى يُفَْتحَ لَهُ الْبَابُ مِنْ َأْبوَابِ اْلجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ هَلُمَّ َفمَا يَ ْأتِيهِ مِنْ الِْإيَاسِ } .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي َقوْله تَعَالَى َ { :ويَقُولُونَ يَا َويْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِريَةً َولَا كَبِريَةً إلَّا
الضحِكُ ِبحَالَةِ الِاسْتِهْزَاءِ . أَحْصَاهَا } الصَّغِريَةُ التَّبَسُّ ُم ،وَالْكَبِريَةُ َّ
وَقَالَ الْقُ ْرطُبِيُّ فِي تَفْسِريِ َقوْله تَعَالَى { :بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِميَانِ } مَنْ ل ََّقبَ أَخَاهُ وَ َسخِرَ بِهِ
فَ ُهوَ فَاسِقٌ .
ضحَكُ مِنْهُ ،وَقَدْ يَكُونُ َالسخْ ِريَةُ الِاسِْتحْقَارُ وَالِاسْتِهَانَةُ ،وَالتَّنْبِيهُ عَلَى الْعُيُوبِ وَالنَّقَاِئصِ َي ْومَ يَ ْ و ُّ الضحِكِ عَلَى كَلَامِهِ إذَا َتخَبَّطَ فِيهِ َأوْ غَلَطَ َأوْ بِاْل ُمحَاكَاةِ بِالْفِ ْعلِ َأوْ الْ َقوْلِ َأوْ الْإِشَارَةِ َأوْ الْإِميَاءِ َأوْ َّ عَلَى صَنْعَتِهِ أَوْ قَبِيحِ صُو َرتِهِ .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ مَا َذكَرَهُ بَعْضُهُمْ َمعَ ِذكْرِهِ لِلْغِيبَةِ وَفِيهِ َنظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَا ِدهَا َكمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِيهَا َ ،وكَأَنَّهُ َّإنمَا َذكَرَهُ اقْتِدَاءً بِأُسْلُوبِ الْقُرْآنِ الْكَ ِرميِ فَإِنَّهُ بَعْدَ ِذكْرِهِ َذكَرَ الْغِيبَةِ َ ،وتَنْبِيهًا عَلَى
اْلمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ عَنْهُ َنظِريُ مَا تَقَرَّرَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ .
()236/2
النمِيمَةُ ) . خمْسُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ َّ : ( الْكَبِريَةُ الثَّانِيَةُ وَاْل َ
ك َزنِيمٍ } أَيْ َدعِيٍّ ،وَاسْتَنْبَطَ قَالَ تَعَالَى { :هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بَِنمِيمٍ } ثُمَّ قَالَ بَعْدَ َذلِكَ { عُتُلٍّ بَعْدَ َذلِ َ
ِالنمِيمَةِ َدلِيلٌ عَلَى الزنَا لَا يَكْتُمُ اْلحَدِيثَ ،فَعَ َدمُ كَ ْتمِهِ اْلمُسْتَلْ ِزمُ لِ ْلمَشْيِ ب َّ مِنْهُ ابْنُ اْلمُبَارَكِ أَنَّ َولَدَ ِّ أَنَّ فَا ِعلَ َذلِكَ َولَدُ ِزنَا . اللمَزَةُ النَّمَّامُ . وَقَالَ تَعَالَى َ { :وْيلٌ لِكُلِّ ُهمَزَةٍ ُلمَزَةٍ } قِيلَ ُّ
ح َطبِ } قِيلَ كَاَنتْ نَمَّامَةٌ حَمَّالَةٌ لِ ْلحَدِيثِ إفْسَادًا بَيْنَ النَّاسِ ،وَسُمَِّيتْ وَقَالَ تَعَالَى { :حَمَّالَةَ اْل َ
النمِيمَةُ َحطَبًا ؛ لِأَنَّهَا تَنْشُرُ الْعَدَاوَةَ بَيْنَ النَّاسِ َكمَا أَنَّ اْلحَ َطبَ يَنْشُرُ النَّارَ . َّ وَقَالَ تَعَالَى َ { :فخَانَتَا ُهمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْ ُهمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئًا } أَيْ ؛ لِأَنَّ امْ َرأَةَ نُوحٍ كَاَنتْ تَقُولُ عَنْهُ َمجْنُونٌ ،وَامْ َرأَةَ لُوطٍ كَاَنتْ ُتخْبِرُ َقوْمَهَا بِضِيفَانِهِ حَتَّى يَقْصِدُوهُمْ لِتِلْكَ الْفَاحِشَةِ الْقَبِيحَةِ الَّتِي
اخْتَ ِرعُوهَا حَتَّى َأهْلَكَتْهُمْ بِ َذلِكَ الْعَذَابِ الْ َفظِيعِ .
َوأَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ { :لَا يَدْخُلُ اْلجَنَّةَ نَمَّامٌ } . وَفِي ِروَايَةٍ " :قَتَّاتٌ " َو ُهوَ النَّمَّامُ .
َدثُونَ حَدِيثًا فَيَنِمُّ عَلَيْهِمْ . وَقِيلَ :النَّمَّامُ الَّذِي يَكُونُ َمعَ َج ْمعٍ يََتح َّ وَالْقَتَّاتُ :الَّذِي يَسَْت ِمعُ عَلَيْهِمْ َوهُمْ لَا يَعْ َلمُونَ ثُمَّ يَنِمُّ .
َذبَانِ وَمَا َذبَانِ فَقَالَ إنَّ ُهمَا يُع َّ وَالشَّ ْيخَانِ وَالْأَ ْربَعَةُ َوغَيْ ُرهُمْ { :مَرَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْ َريْنِ يُع َّ
الذنُوبِ -أَمَّا أَحَ ُد ُهمَا َذبَانِ فِي كَبِريٍ -أَيْ أَمْرٍ شَاقٍّ عَلَيْ ِهمَا َلوْ فَعَلَاهُ َبلْ إنَّهُ كَبِريٌ أَيْ مِنْ كَبَائِرِ ُّ يُع َّ ِالنمِيمَةِ َ ،وأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنْ َب ْولِهِ } . فَكَانَ َيمْشِي ب َّ
اْلحَدِيثُ .
النمِيمَةِ ،وَثُلُثَهُ مِنْ الَْبوْلِ ض َع َ ،وأَنَّ ثُ ُلثَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْ الْغِيبَةِ َوثُلُثَهُ مِنْ َّ وَقَدْ تَقَدَّ َمتْ طُرُقُهُ فِي َموَا ِ .
َوأَ ْحمَدُ { :مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
()236/2
حوَ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ ،فَكَانَ النَّاسُ يَمْشُونَ خَلْفَهُ ،فَلَمَّا َس ِمعَ صَوْتَ النِّعَالِ وَسَلَّمَ فِي َي ْومٍ شَدِيدِ اْلحَرِّ َن ْ وَقَرَ َذلِكَ فِي نَفْسِهِ َ ،فجَلَسَ حَتَّى قَدَّمَهُمْ أَمَامَهُ لِئَلَّا يَ َقعَ فِي نَفْسِهِ شَ ْيءٌ مِنْ الْكِبْرِ ،فَلَمَّا مَرَّ بِبَقِيعِ
الْغَرْقَدِ إذْ بِقَبْ َريْنِ قَدْ دَفَنُوا فِي ِهمَا رَجُلَيْنِ َ ،فوَقَفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :مَنْ دَفَنْتُمْ الَْي ْومَ هَاهُنَا ؟ قَالُوا فُلَانٌ وَفُلَانٌ .
قَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ :أَمَّا أَحَ ُد ُهمَا فَكَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنْ الَْبوْلِ َ ،وأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ َيمْشِي
ِالنمِيمَةِ َ ،وأَخَذَ جَرِيدَةً َرطْبَةً فَشَقَّهَا ثُمَّ جَعَلَهَا عَلَى الْقَبْ َريْنِ . ب َّ قَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ لِمَ فَعَلْت هَذَا ؟ قَالَ لُِيخَفَّفَ عَنْ ُهمَا .
َزعُ قُلُوبِكُمْ َوتَزَيُّ ُدكُمْ فِي قَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ حَتَّى مَتَى يُعَذَّبَانِ ؟ قَالَ :غَيْبٌ لَا يَعْ َلمُهُ إلَّا اللَّهُ َوَل ْولَا َتم ُّ سمِعْتُمْ مَا أَ ْس َمعُ } . اْلحَدِيثِ لَ َ
حمِيَّةُ فِي النَّارِ } . النمِيمَةُ وَالشَّتِيمَةُ وَاْل َ وَالطَّبَرَانِيُّ َّ { : النمِيمَةُ وَاْلحِقْدُ فِي النَّارِ لَا َيجَْتمِعَانِ فِي قَلْبِ مُسْلِمٍ } . وَفِي لَفْظٍ َّ { :
ضعِ َ { :ألَا صحِيحِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ مَتْرُوكَانِ مُتَّ َهمَانِ بِاْل َو ْ َوَأبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
َالنمِيمَةَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ } . أَنَّ الْكَذِبَ يُسَوِّدُ اْلوَجْهَ ،و َّ
صحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :كُنَّا َنمْشِي َمعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َفمَرَ ْرنَا بِقَبْ َريْنِ فَقَامَ فَ ُقمْنَا مَعَهُ َفجَ َعلَ َل ْونُهُ يَتَغَيَّرُ حَتَّى َرعَدَ كُمُّ َقمِيصِهِ فَقُلْنَا مَالَك يَا َذبَانِ سمَعُونَ مَا أَ ْس َمعُ ،فَقُلْنَا وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ هَذَانِ رَجُلَانِ يُع َّ رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ أَمَا تَ ْ
فِي قُبُو ِر ِهمَا عَذَابًا شَدِيدًا فِي َذْنبٍ هَيِّنٍ أَيْ فِي ظَنِّ ِهمَا لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِلتَّصْرِيحِ فِي اْلحَدِيثِ ج َمعٌ عَلَيْهِ السَّابِقِ بِأَنَّهُ كَبِريَةٌ َو ُهوَ َم ْ
()267/2
قُلْنَا فِيمَ َذلِكَ ؟ قَالَ كَانَ أَحَ ُد ُهمَا لَا يَتَنَزَّهُ مِنْ الَْبوْلِ َ ،وكَانَ الْآخَرُ ُيؤْذِي النَّاسَ بِلِسَانِهِ وََيمْشِي
خلِ َفجَ َعلَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً قُلْنَا َو َهلْ يَنْفَعُهُمْ َذلِكَ الن ْ ِالنمِيمَ ِة ،فَ َدعَا ِبجَرِي َدتَيْنِ مِنْ جَرِيدِ َّ بَيْنَهُمْ ب َّ ؟ قَالَ :نَعَمْ ُيخَفَّفُ عَنْ ُهمَا مَا دَامَتَا َرطْبَتَيْنِ } . وَالطَّبَرَانِيُّ { :لَيْسَ مِنِّي ذُو حَسَدٍ َولَا َنمِيمَةٍ َولَا كِهَانَةٍ َولَا َأنَا مِنْهُ ،ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َقوْله تَعَالَى َ { :واَلَّذِينَ ُيؤْذُونَ اْل ُمؤْمِنِنيَ وَاْل ُمؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدْ احَْتمَلُوا بُهْتَانًا
َوِإْثمًا مُبِينًا } } .
ِالنمِيمَةِ ، َوأَ ْحمَدُ { :خِيَارُ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ إذَا ُرءُوا ُذكِرَ اللَّهُ ،وَشِرَارُ عِبَادِ اللَّهِ اْلمَشَّاءُونَ ب َّ الدنْيَا { : اْلمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ ،الْبَاغُونَ لِلْبُرَآءِ الْعََنتَ } وَفِي ِروَايَةٍ لِابْنِ َأبِي شَيْبَةَ وَابْنِ َأبِي ُّ اْلمُفْسِدُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ } .
ِالنمِيمَةِ الْبَاغُونَ لِلْبُرَآءِ الْعَ ْيبَ َيحْشُ ُرهُمْ اللَّهُ فِي َوَأبُو الشَّ ْيخِ { :الْهَمَّازُونَ وَاللَّمَّازُونَ وَاْلمَشَّاءُونَ ب َّ
وُجُوهِ الْكِلَابِ } .
َوعَنْ .
جَابِرٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :مِنْ أَحَبِّكُمْ إلَيَّ َوأَقْ َربِكُمْ مِنِّي َمجْلِسًا َي ْومَ الْقِيَامَةِ أَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقًا } .
اْلحَدِيثُ َروَاهُ التِّرْمِذِيُّ .
وَفِي ِروَايَةٍ { :إنَّ أَحَبَّكُمْ إلَيَّ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا اْل ُموَطَّئُونَ َأكْنَافًا الَّذِينَ يَ ْألَفُونَ َوُي ْؤلَفُونَ َ ،وإِنَّ ِالنمِيمَةِ اْلمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ ،اْلمُلَْتمِسُونَ لِلْبُرَآءِ الْعَيْبَ } . َأبْغَضَكُمْ إلَى اللَّهِ اْلمَشَّاءُونَ ب َّ
وَفِي أُخْرَى َ { :ألَا ُأنَبِّئُكُمْ بِشِرَا ِركُمْ ؟ قَالُوا بَلَى إنْ شِئْت يَا رَسُولَ اللَّهِ ،قَالَ :شِرَا ُركُمْ الَّذِي
يَنْزِلُ وَحْدَهُ َ ،وَيجْلِدُ عَبْدَ ُه َ ،وَيمَْنعُ رِفْدَهُ ،أَفَلَا ُأنَبِّئُكُمْ بِشَرِّ مِنْ َذلِكَ ؟ قَالُوا بَلَى إنْ شِئْت يَا رَسُولَ اللَّهِ ،قَالَ :مَنْ يُبْ ِغضُ النَّاسَ
()267/2
َويُبْغِضُونَهُ .
قَالَ :أَفَلَا ُأنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ ؟ قَالُوا بَلَى إنْ شِئْت يَا رَسُولَ اللَّهِ ،قَالَ :الَّذِينَ لَا يُقِيلُونَ عَثْرَةً ، َولَا يَقْبَلُونَ مَعْذِرَةً َ ،ولَا يَغْفِرُونَ َذنْبًا .
قَالَ :أَفَلَا ُأنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ ؟ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ،قَالَ :مَنْ لَا يُرْجَى خَيْرُهُ َولَا ُيؤْمَنُ شَرُّهُ } َ ،روَاهُ الطَّبَرَانِيُّ َوغَيْرُهُ .
ضلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ صحِيحِهِ { :أَلَّا أُخْبِ ُركُمْ بِأَفْ َ َوَأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
وَالصَّدَقَةِ ؟ قَالُوا بَلَى ،قَالَ :إصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ ،فَإِنَّ إفْسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ اْلحَالِقَةُ } . َويُ ْروَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { :هِيَ اْلحَالِقَةُ لَا أَقُولُ َتحْلِقُ الشَّعْرَ َولَكِنْ َتحْلِقُ
الدِّينَ } .
الدنْيَا ،كَانَ وَفِي خَبَرٍ { :أَُّيمَا رَ ُجلٍ أَشَاعَ عَلَى رَ ُجلٍ مُسْلِمٍ بِكَ ِلمَةٍ وَ ُهوَ مِنْهَا بَرِيءٌ يَشِينُهُ بِهَا فِي ُّ حَقاا عَلَى اللَّهِ َأنْ يُذِيبَهُ بِهَا َي ْومَ الْقِيَامَةِ فِي النَّارِ حَتَّى يَ ْأتِيَ بِنَفَاذِ مَا قَالَ } .
وَ َروَى كَ ْعبٌ :أَنَّهُ َأصَابَ بَنِي إسْرَائِيلَ َقحْطٌ ،فَاسْتَسْقَى مُوسَى -صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا َوعَلَيْهِ -مَرَّاتٍ َفمَا أُجِيبَ ،فََأوْحَى اللَّهُ -تَعَالَى -إلَيْهِ أَنِّي لَا أَسَْتجِيبُ لَك َولَا ِلمَنْ مَعَك وَفِيكُمْ
النمِيمَةِ . نَمَّامٌ قَدْ َأصَرَّ عَلَى َّ
النمِيمَةِ وََأكُونُ فَقَالَ مُوسَى يَا رَبِّ مَنْ ُهوَ حَتَّى ُنخْرِجَهُ مِنْ بَيْنِنَا ؟ فَقَالَ يَا مُوسَى َ :أنْهَاكُمْ عَنْ َّ
نَمَّامًا فَتَابُوا بِأَ ْجمَعِهِمْ فَسُقُوا .
وَزَارَ بَ ْعضَ السَّلَفِ أَخُوهُ فَنَمَّ لَهُ عَنْ صَدِيقِهِ . فَقَالَ لَهُ يَا أَخِي َأطَلْت الْغَيْبَةَ وَجِئْتَنِي بِثَلَاثِ جِنَايَاتٍ :بَغَّضْت إلَيَّ أَخِي ،وَشَغَلْت قَلْبِي بِسَبَبِهِ ، وَاتَّ َهمْت نَفْسَك الْأَمِينَةَ .
وَقِيلَ مَنْ أَخْبَرَك بِشَتْمِ غَيْرِك لَك فَ ُهوَ الشَّاتِمُ لَك ،وَجَاءَ رَ ُجلٌ إلَى عَلِيِّ بْنِ اْلحُسَيْ ِن رَضِيَ اللَّهُ خصٍ فَقَالَ ا ْذ َهبْ بِنَا إلَيْهِ فَ َذ َهبَ مَعَهُ َو ُهوَ عَنْ ُهمَا فَنَمَّ لَهُ عَنْ َش ْ
()262/2
صلَ إلَيْهِ قَالَ يَا أَخِي إنْ كَانَ مَا قُلْت فِي حَقاا يَغْفِرُ اللَّهُ لِي َ ،وِإنْ يَرَى أَنَّهُ يَنْتَصِرُ لِنَفْسِهِ ،فَلَمَّا َو َ
كَانَ مَا قُلْت فِي بَاطِلًا يَغْفِرُ اللَّهُ لَك .
َويُقَالُ َ :ع َملُ النَّمَّامِ َأضَرُّ مِنْ َع َملِ الشَّ ْيطَانِ ،فَإِنَّ َع َملَ الشَّ ْيطَانِ بِاْلوَ ْسوَسَةِ َ ،و َع َملَ النَّمَّامِ بِاْل ُموَاجَهَةِ َ ،ونُودِيَ عَلَى عَبْدٍ يُرَادُ بَيْعُهُ لَيْسَ بِهِ عَيْبٌ إلَّا أَنَّهُ نَمَّامٌ ،فَاشْتَرَاهُ مَنْ اسَْتخَفَّ بِهَذَا
الْعَ ْيبِ فَلَمْ َيمْ ُكثْ عِنْدَهُ أَيَّامًا حَتَّى نَمَّ لِ َزوْجَتِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ التَّزَوُّجَ َأوْ التَّسَرِّيَ َوأَمَرَهَا َأنْ تَأْخُذَ اْلمُوسَى سحَرَهُ لَهَا فِيهِنَّ ،فَصَدَّقَتْهُ َوعَزَ َمتْ عَلَى َذلِكَ َفجَاءَ إلَيْهِ َونَمَّ لَهُ َوَتحْلِقَ بِهَا شَعَرَاتٍ مِنْ حَلْقِهِ لِيَ ْ عَنْهَا أَنَّهَا َّاتخَذَتْ لَهَا خِ ْدنًا أَحَبَّتْهُ َوتُرِيدُ َذْبحَك اللَّيْلَةَ فَتَنَا َومْ لِتَرَى َذلِكَ فَصَدَّقَهُ فَتَنَاوَمَ َفجَاءَتْ
لَِتحْلِقَ فَقَالَ صَ َدقَ الْغُلَا ُم ،فَلَمَّا َهوَتْ إلَى حَلْقِهِ أَخَذَ اْلمُوسَى مِنْهَا وَ َذَبحَهَا بِهِ َ ،فجَاءَ َأهْلُهَا فَ َرَأ ْوهَا ش ْؤمِ َذلِكَ النَّمَّامِ . مَقْتُولَةً فَقَتَلُوهُ َفوَ َقعَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ بِ ُ
َولَقَدْ أَشَارَ اللَّهُ تَعَالَى إلَى قُبْحِ تَصْدِيقِ النَّمَّامِ َو َعظِيمِ الشَّرِّ اْلمُتَرَِّتبِ عَلَى َذلِكَ بِ َق ْولِهِ -عَزَّ قَائِلًا - { :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنْ جَا َءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا } َأوْ فَتَثَبَّتُوا { َأنْ تُصِيبُوا َقوْمًا ِبجَهَالَةٍ فَتُصِْبحُوا
عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِنيَ } عَافَانَا اللَّهُ مِنْ َذلِكَ ِبمَنِّهِ َوكَرَمِهِ آمِنيَ .
الصحِيحُ السَّابِقُ النمِيمَةِ مِنْ الْكَبَائِرِ ُهوَ مَا اتَّفَقُوا عَلَيْ ِه َ ،وبِهِ صَرَّحَ اْلحَدِيثُ َّ تَنْبِيهَاتٌ :مِنْهَا :عَدُّ َّ
بِ َق ْولِهِ " :بَلَى إنَّهُ كَبِريٌ " َكمَا مَرَّ فِيهِ .
الذنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ -عَزَّ النمِيمَةِ وَأَنَّهَا مِنْ َأ ْعظَمِ ُّ قَالَ اْلحَافِظُ اْلمُنْذِرِيُّ :أَ ْجمَ َعتْ الْأُمَّةُ عَلَى َتحْ ِرميِ َّ وَجَلَّ . -
انْتَهَى .
َذبَانِ فِي كَبِريٍ } ،أَجَابُوا عَنْهُ بِأَ ْج ِوبَةٍ مِنْهَا فِي كَبِريٍ وَخَبَرُ { :مَا يُع َّ
()266/2
تَ ْركُهُ وَالِاحْتِرَازُ عَنْهُ َ ،أوْ لَيْسَ كَبِريًا فِي اعْتِقَا ِدكُمْ َكمَا قَالَ تَعَالَى َ { :وَتحْسَبُونَهُ هَيِّنًا َو ُهوَ عِنْدَ اللَّهِ َعظِيمٌ } .
َأوْ اْلمُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ َأكْبَرَ الْكَبَائِرِ ،وَدَلَّ عَلَى َذلِكَ َق ْولُهُ فِي خَبَرِ الُْبخَارِيِّ السَّابِقِ " :بَلَى َّإنهُ كَبِريٌ " َكمَا تَقَرَّرَ .
النمِيمَةَ بِأَنَّهَا نَ ْقلُ كَلَامِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ إلَى بَ ْعضٍ عَلَى وَجْهِ الْإِفْسَادِ بَيْنَهُمْ . وَمِنْهَا :عَرَّفُوا َّ
وَقَالَ فِي الْإِحْيَاءِ هَذَا ُهوَ الَْأكْثَرُ َولَا َيخْتَصُّ بِ َذلِكَ َبلْ هِيَ كَشْفُ مَا يُكْرَهُ كَشْفُهُ َسوَاءٌ َأكْ َرهَهُ اْلمَنْقُولُ عَنْهُ َأوْ إلَيْهِ َأوْ ثَاِلثٌ ،وَ َسوَاءٌ كَانَ كَشْفُهُ بِ َقوْلٍ َأوْ كِتَابَةٍ َأوْ رَمْزٍ أَوْ إميَاءٍ ،وَ َسوَاءٌ فِي
النمِيمَةِ إفْشَاءُ السِّرِّ ، اْلمَنْقُولِ َك ْونُهُ فِعْلًا َأوْ َق ْولًا عَيْبًا َأوْ نَقْصًا فِي اْلمَقُولِ عَنْهُ َأوْ غَيْرِهِ َ ،فحَقِيقَةُ َّ َوهَتْكُ السِّتْرِ عَمَّا يُكْرَهُ كَشْفُهُ ،وَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي السُّكُوتُ عَنْ حِكَايَةِ كُلِّ شَ ْيءٍ شُوهِدَ مِنْ أَ ْحوَالِ
النَّاسِ إلَّا مَا فِي حِكَايَتِهِ نَ ْفعٌ ِلمُسْلِمٍ أَوْ دَ ْفعُ ضُرٍّ َ ،كمَا َلوْ رَأَى مَنْ يَتَنَاوَلُ مَالَ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ َأنْ يَشْهَدَ
بِهِ ِ ،بخِلَافِ مَا َل ْو َرأَى مَنْ يُخْفِي مَالَ نَفْسِهِ فَ َذكَرَهُ فَ ُهوَ َنمِيمَةٌ َوإِفْشَاءٌ لِلسِّرِّ ،فَِإنْ كَانَ مَا يَنُمُّ بِهِ
نَقْصًا َأوْ عَيْبًا فِي اْل َمحْكِيِّ عَنْهُ فَ ُهوَ غِيبَةٌ َوَنمِيمَةٌ انْتَهَى .
وَمَا َذكَرَهُ إنْ أَرَادَ بِ َك ْونِهِ َنمِيمَةً أَنَّهُ كَبِريَةٌ فِي سَائِرِ الْأَ ْحوَالِ الَّتِي َذكَ َرهَا فَفِيهِ بِِإطْلَاقِهِ َنظَرٌ ظَاهِرٌ ؛ النمِيمَةَ لَا يَخْفَى أَنَّ وَجْهَ َك ْونِهِ كَبِريَةً مَا فِيهِ مِنْ الْإِفْسَادِ اْلمُتَرَِّتبِ عَلَيْهِ مِنْ اْلمَضَارِّ لِأَنَّ مَا فَسَّرُوا بِهِ َّ وَاْلمَفَاسِدِ مَا لَا َيخْفَى .
وَاْلحُكْمُ عَلَى مَا ُهوَ كَ َذلِكَ بِأَنَّهُ كَبِريَةٌ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ وَلَيْسَ فِي مَعْنَاهُ َبلْ َولَا قَرِيبًا مِنْهُ ُمجَرَّدُ الْإِخْبَارِ
بِشَ ْيءٍ عَمَّنْ يَكْرَهُ كَشْفُهُ مِنْ غَيْرِ َأنْ يَتَرََّتبَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ َولَا ُهوَ عَ ْيبٌ َولَا نَ ْقصٌ ،فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي هَذَا
()266/2
سمِيَتَهُ َنمِيمَةً لَا يَكُونُ كَبِريَةً َ ،وُيؤَيِّدُهُ أَنَّهُ نَفْسُهُ شَرَطَ فِي َك ْونِهِ غِيبَةً َك ْونَهُ َأنَّهُ َوِإنْ سَلَّمَ لَلْغَزَالِيِّ تَ ْ
عَيْبًا َونَقْصًا حَ ْيثُ قَالَ :فَإِنْ كَانَ مَا يَنُمُّ بِهِ نَقْصًا إَلخْ ،فَإِ َذنْ لَمْ تُوجَدْ الْغِيبَةُ إلَّا َمعَ َك ْونِهِ نَقْصًا ، َالنمِيمَةُ الْأَقَْبحُ مِنْ الْغِيبَةِ ،يَنْبَغِي أَلَّا تُوجَدَ ِب َوصْفِ َك ْونِهَا كَبِريَةً إلَّا إذَا كَانَ فِيمَا يَنُمُّ بِهِ مَفْسَدَةٌ ف َّ
تُقَارِبُ مَفْسَدَةَ الْإِفْسَادِ الَّتِي صَرَّحُوا بِهَا . َرضُونَ ِلمَا فِيهِ مِمَّا نَبَّهْت فَتَأ ََّملْ َذلِكَ فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ َ ،وإَِّنمَا يَنْقُلُونَ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ َولَا يَتَع َّ
عَلَيْهِ .
النمِيمَةِ إلَّا َأنْ يَكُونَ فِيهَا مَفْسَدَةٌ نَعَمْ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْغِيبَةَ كَبِريَةٌ ُمطْلَقًا يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ فِي َّ صلْ إلَى مَفْسَدَةِ الْإِفْسَادِ بَيْنَ النَّاسِ . َكمَفْسَدَةِ الْغِيبَةِ َوِإنْ لَمْ تَ ِ
النمِيمَةِ مِنْهُ إرَادَةُ السُّوءِ بِاْل َمحْكِيِّ عَنْهُ َأوْ اْلحَبُّ لِ ْل َمحْكِيِّ لَهُ ،أَوْ الْفَرَحُ وَمِنْهَا :الْبَا ِعثُ عَلَى َّ النمِيمَةُ كَفُلَانٍ حوِ مَا مَرَّ فِي الْغِيبَةِ ،ثُمَّ عَلَى مَنْ ُحمِلَتْ إلَيْهِ َّ خوْضِ فِي الْفُضُولِ َ ،وعِلَاجُهَا بَِن ْ بِاْل َ قَالَ فِيك أَوْ َع َملَ فِي حَقِّك كَذَا سِتَّةُ أُمُورٍ َأنْ لَا يُصَدِّقَهُ ؛ لِأَنَّ النَّمَّامَ فَاسِقٌ إ ْجمَاعًا .
وَقَدْ قَالَ -تَعَالَى { : -إنْ جَا َءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ } الْآيَةَ . الت ْوبَ َة َ ،وَأنْ لَا َوَأنْ يَنْهَاهُ عَنْ الْ َعوْدِ ِلمِ ْثلِ هَذَا الْقَبِيحِ دِينًا وَ ُدنْيَا َ ،وَأنْ يُبْغِضَهُ فِي اللَّهِ إنْ لَمْ ُيظْهِرْ لَهُ َّ
حمِلَهُ مَا حُكِيَ لَهُ َيظُنَّ بِالْمَنْقُولِ عَنْهُ سُوءًا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يََتحَقَّقْ أَنَّ مَا نُ ِقلَ إلَيْهِ عَنْهُ صُدِرَ مِنْهُ َ ،وَأنْ لَا َي ْ حثِ حَتَّى يََتحَقَّقَ ؛ لِ َق ْولِهِ تَعَالَى { :اجْتَنِبُوا كَثِريًا مِنْ الظَّنِّ إنَّ بَ ْعضَ الظَّنِّ إثْمٌ التجَسُّسِ وَالَْب ْ عَلَى َّ
َولَا َتجَسَّسُوا } َوَأنْ لَا يَ ْرضَى لِنَفْسِهِ مَا نَهَى النَّمَّامَ عَنْهُ فَلَا َيحْكِي َنمِيمَتَهُ ،فَيَقُولُ :قَدْ حَكَى لِي فُلَانٌ كَذَا فَإِنَّهُ يَكُونُ بِهِ نَمَّامًا
()266/2
وَمُغْتَابًا وَآتِيًا ِبمَا عَنْهُ نَهَى . َوقَدْ قَالَ ُعمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ِلمَنْ نَمَّ لَهُ شَيْئًا :إنْ شِئْت َنظَ َرنَا فِي أَمْرِك ،فَِإنْ
كَ َذبْت فََأْنتَ مِنْ َأ ْهلِ هَذِهِ الْآيَةِ { :إنْ جَا َءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ } َوِإنْ صَدَقْت َفمِنْ َأ ْهلِ هَذِهِ الْآيَةِ { مَشَّاءٍ بَِنمِيمٍ } َوِإنْ شِئْت عَ َف ْونَا عَنْك .
ني ،لَا َأعُودُ إلَيْهِ َأبَدًا . فَقَالَ الْعَ ْفوُ يَا أَمِريَ اْل ُمؤْمِنِ َ الزهْرِيِّ فََأنْكَرَ الرَّ ُجلُ فَقَالَ لَهُ :مَنْ أَخْبَ َرنِي َوعَاَتبَ سُلَ ْيمَانُ بْنُ عَبْدِ اْلمَلِكِ مَنْ نَمَّ عَلَيْهِ ِبحَضْرَةِ ُّ
صَا ِدقٌ .
الزهْرِيُّ :النَّمَّامُ لَا يَكُونُ صَادِقًا فَقَالَ سُلَ ْيمَانُ صَدَقْت ،ا ْذ َهبْ أَيُّهَا الرَّ ُجلُ بِسَلَامٍ . فَقَالَ ُّ
وَقَالَ اْلحَسَنُ :مَنْ نَمَّ لَك نَمَّ عَلَيْك َ ،وهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ النَّمَّامَ يَنْبَغِي َأنْ يُبْ َغضَ َولَا ُي ْؤَتمَنَ َولَا
ُيوَاثَقَ بِصَدَاقَتِهِ َ ،وكَيْفَ لَا يُبْ َغضُ َو ُهوَ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَالْقَ ْذفِ وَاْلخِيَانَةِ وَالْغِلِّ صلَ وَاْلحَسَدِ وَالْإِفْسَادِ بَيْنَ النَّاسِ وَاْلخَدِيعَةِ َ ،و ُهوَ مِمَّنْ سَعَى فِي َق ْطعِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ َأنْ يُو َ َويُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ .
قَالَ تَعَالَى .
{ َّإنمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ َيظْ ِلمُونَ النَّاسَ َويَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ اْلحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ َألِيمٌ } وَالنَّمَّامُ مِنْهُمْ .
النمِيمَةِ السِّعَايَةُ ،وَسَيَ ْأتِي بَسْطُ الْكَلَامِ فِيهَا . َومِنْ َّ
()263/2
خمْسُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :كَلَامُ ذِي اللِّسَانَيْنِ َو ُهوَ ذُو اْلوَجْهَيْنِ الَّذِي لَا يَكُونُ عِنْدَ ( الْكَبِريَةُ الثَّالِثَةُ وَاْل َ
اللَّهِ وَجِيهًا ) .
أَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ { :تجِدُونَ النَّاسَ مَعَا ِدنَ خِيَا ُرهُمْ فِي اْلجَاهِلِيَّةِ خِيَا ُرهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إذَا فَقِهُوا َ ،وَتجِدُونَ خِيَارَ
َدهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً َ ،وَتجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا اْلوَجْهَيْنِ الَّذِي يَ ْأتِي َهؤُلَاءِ ِبوَجْهٍ النَّاسِ فِي هَذَا الشَّ ْأنِ أَش ُّ
َو َه ُؤلَاءِ ِبوَجْهٍ } .
َولِلُْبخَارِيِّ عَنْ ُمحَمَّدٍ بْنِ َزيْدٍ { :أَنَّ نَاسًا قَالُوا ِلجَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ُعمَ َر َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا :إنَّا
لَنَدْ ُخلُ عَلَى سُ ْلطَانِنَا فَنَقُولُ بِخِلَافِ مَا نَتَكَلَّمُ إذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ فَقَالَ :كُنَّا نَعُدُّ هَذَا نِفَاقًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ { :ذُو اْلوَجْهَيْنِ فِي الدُّنْيَا يَ ْأتِي َي ْومَ الْقِيَامَةِ َولَهُ وَجْهَانِ مِنْ نَارٍ } .
الدنْيَا كَانَ لَهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ لِسَانَانِ مِنْ َوَأبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ { :مَنْ كَانَ لَهُ وَجْهَا ِن فِي ُّ
نَارٍ } .
الدنْيَا وَالطَّبَرَانِيُّ وَالَْأصْبَهَانِيّ َوغَيْ ُرهُمْ { :مَنْ كَانَ ذَا لِسَانَيْنِ جَ َعلَ اللَّهُ لَهُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ وَابْنُ َأبِي ُّ
لِسَانَيْنِ مِنْ نَارٍ } . ِالذكْرِ ؛ الصحِيحَيْنِ َ ،وكَأَنَّهُمْ َّإنمَا لَمْ يُفْرِدُوهُ ب ِّ َولَيْنِ َّ تَنْبِيهٌ :عَدُّ مَا ُذكِرَ ُهوَ صَرِيحُ اْلحَدِيثَيْنِ الْأ َّ النمِيمَةِ ،وَفِي إطْلَاقِهِ َنظَرٌ . لِأَنَّهُمْ َرَأوْا أَنَّهُ دَا ِخلٌ فِي َّ
فَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ :ذُو اللِّسَانَيْنِ مَنْ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ مُتَعَادِيَيْنِ َويُكَلِّمُ كُلاا ِبمَا ُيوَافِقُهُ ،وَقَلَّ مَنْ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ مُتَعَا ِديَيْنِ إلَّا َو ُهوَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ َوهَذَا عَيْنُ النِّفَاقِ .
َوعَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَبَرُ َ { :تجِدُونَ مِنْ شَرِّ عِبَادِ اللَّهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ ذَا اْلوَجْهَيْنِ الَّذِي
()266/2
يَ ْأتِي َه ُؤلَاءِ ِبحَدِيثِ َه ُؤلَاءِ َ ،و َه ُؤلَاءِ ِبحَدِيثِ َه ُؤلَاءِ } . وَفِي ِروَايَةٍ { :يَ ْأتِي َه ُؤلَاءِ ِبوَجْهٍ َو َه ُؤلَاءِ ِبوَجْهٍ } .
وَقَالَ َأبُو هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " :لَا يَنْبَغِي لِذِي اْلوَجْهَيْنِ َأنْ يَكُونَ أَمِينًا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى " .
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُو ٍد َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " :لَا يَكُنْ أَحَ ُدكُمْ إمَّعَةً . قَالُوا وَمَا الْإِمَّعَةُ ؟ قَالَ َيجْرِي َمعَ كُلِّ رِيحٍ " .
قَالَ َ :أعْنِي الْغَزَالِيَّ :وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مُلَاقَاةَ اثْنَيْنِ ِبوَجْهَيْ ِن نِفَاقٌ َ ،ولِلنِّفَاقِ عَلَامَاتٌ كَثِريَ ٌة َ ،وهَذِهِ
مِنْ ُجمْلَتِهَا ،ثُمَّ قَالَ :فَِإنْ قُلْت :فِي مَاذَا يَصِريُ ذَا لِسَانَيْنِ وَمَا حَدُّ َذلِكَ ؟ فَأَقُولُ :إذَا دَ َخلَ عَلَى
مُتَعَا ِديَيْنِ وَجَا َملَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ ُهمَا َوكَانَ صَادِقًا فِيهِ لَمْ يَكُنْ مُنَافِقًا َولَا ذَا لِسَانَيْنِ ،فَإِنَّ اْلوَاحِدَ قَدْ
ضتْ يُصَا ِدقُ مُتَعَا ِديَيْنِ َولَكِنَّ صَدَاقَتَهُ ضَعِيفَةٌ لَا تَنْتَهِي إلَى حَدِّ اْلأُخُوَّةِ ،إذْ َلوْ َتحَقَّ َقتْ الصَّدَاقَةُ لَاقْتَ َ مُعَادَاةَ الَْأعْدَاءِ . النمِيمَةِ ؛ لِأَنَّهُ يَصِريُ نَمَّامًا نَعَمْ َلوْ نَ َقلَ كَلَامَ كُلِّ وَاحِدٍ إلَى الْآخَرِ فَ ُهوَ ذُو لِسَانَيْنِ وَذَلِكَ شَرٌّ مِنْ َّ
النمِيمَ ِة َ ،وِإنْ لَمْ يَنْ ُقلْ كَلَامًا ِب ُمجَرَّدِ نَقْلِهِ مِنْ أَحَدِ اْلجَانِبَيْ ِن ،فَإِذَا نَ َقلَ مِنْ كُلٍّ مِنْ ُهمَا فَ َق ْد زَادَ عَلَى َّ َ ،ولَكِنْ حَسَّنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ُهمَا مَا ُهوَ عَلَيْهِ مِنْ اْلمُعَادَاةِ َمعَ صَاحِبِهِ فَ ُهوَ ذُو لِسَانَيْنِ َأيْضًا ؛ َوكَذَا
إذَا َوعَدَ كُلاا مِنْ ُهمَا بِأَنَّهُ يَنْصُرُهُ َأوْ َأثْنَى عَلَى كُلٍّ فِي مُعَا َدلَةٍ َأوْ عَلَى أَحَ ِد ِهمَا َمعَ ذَمِّهِ لَهُ إذَا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَ ُهوَ ذُو لِسَانَيْنِ فِي كُلِّ َذلِكَ .
وَقَدْ مَرَّ عَنْ ابْنِ ُعمَرَ أَنَّ الثَّنَاءَ عَلَى الْأَمِريِ فِي حَضْ َرتِهِ وَذَمِّهِ فِي غَيْبَتِهِ نِفَاقٌ ،وَمَحَلُّهُ إنْ اسْتَغْنَى عَنْ الدُّخُولِ عَلَى الْأَمِريِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ َ ،ولَا عِبْرَةَ بِرَجَائِهِ مِنْهُ مَالًا َأوْ جَاهًا ،فَإِذَا دَ َخلَ لِضَرُورَةِ أَحَ ِد ِهمَا
َوَأثْنَى فَ ُهوَ مُنَافِقٌ َ ،وهَذَا مَعْنَى
()266/2
حَدِيثِ .
حوِجُ إلَى { حُبُّ اْلجَاهِ وَاْلمَالِ يُنْبِتَانِ النِّفَاقَ فِي الْقَ ْلبِ َكمَا يُنِْبتُ اْلمَاءُ الْبَ ْقلَ } :أَيْ :لِأَنَّهُ ُي ْ حوِ َتخْلِيصِ ضَعِيفٍ لَا يُرْجَى ضطَرَّ لِلدُّخُولِ لَِن ْ الدُّخُولِ عَلَى الْأُمَرَاءِ وَمُرَاعَاتِهِمْ وَمُرَاءَاتِهِمْ ،فَِإنْ ا ْ خَلَاصُهُ بِدُونِ َذلِكَ وَخَافَ مِنْ عَ َدمِ الثَّنَاءِ فَ ُهوَ مَعْذُورٌ ،فَإِنَّ اتِّقَاءَ الشَّرِّ جَائِزٌ .
ضحَكُ فِي وُجُوهِ أَ ْقوَامٍ َوإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ ،وَمَرَّ خَبَرُ { :أَنَّهُ قَالَ َأبُو الدَّرْدَاءِ :إنَّا لَنَكْشِرُ أَيْ نَ ْ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ِلمُسْتَأْ ِذنٍ عَلَيْهِ :ائْ َذنُوا لَهُ بِئْسَ أَخُو الْعَشِريَ ِة ،فَسََألَتْهُ عَائِشَةُ فَقَالَ :إنَّ حوِ التَّبَسُّمِ . شَرَّ النَّاسِ الَّذِي يُكْ َرمُ اتِّقَاءً لِشَرِّهِ } َ ،ولَكِنَّ هَذَا وَرَدَ فِي الْإِقْبَالِ َوَن ْ
فَأَمَّا الثَّنَاءُ فَهُوَ كَذِبٌ صَرِيحٌ فَلَا َيجُوزُ إلَّا لِضَرُورَةِ حَاجَةٍ َأوْ إكْرَاهٍ عَلَيْهِ ِبخُصُوصِهِ .
الرأْسِ إظْهَارًا لِ َذلِكَ ،بَلْ يَلْزَمُهُ حوِ تَصْدِيقٍ َأوْ تَقْرِيرٍ كَتَحْرِيكِ َّ س َمعَ بَاطِلًا فَتُقِرَّهُ بَِن ْ وَمِنْ النِّفَاقِ َأنْ تَ ْ
َأنْ يُنْكِرَ بِيَدِهِ ثُمَّ لِسَانِهِ ثُمَّ قَلْبِهِ .
()266/2
خمْسُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :الْبُ ُهتُ ) . ( الْكَبِريَةُ الرَّابِعَةُ وَاْل َ
الصحِيحِ السَّابِقِ فِي الْغِيبَةِ { :فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ } َبلْ ُهوَ أَشَدُّ مِنْ الْغِيبَ ِة ، ِلمَا فِي اْلحَدِيثِ َّ إذْ ُهوَ كَذِبٌ فَيَشُقُّ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ ِ ،بخِلَافِ الْغِيبَةِ لَا تَشُقُّ عَلَى بَ ْعضِ الْعُقَلَاءِ ؛ لِأَنَّهَا فِيهِ .
َوأَخْرَجَ أَ ْحمَدُ َ { :خمْسٌ لَيْسَ لَهُنَّ كَفَّارَةٌ :الشِّرْكُ بِاَللَّهِ ،وَقَ ْتلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ َ ،وبَ ْهتُ ُمؤْمِنٍ ، وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ َ ،وَيمِنيٌ صَابِرَةٌ يَقَْت ِطعُ بِهَا مَالًا بِغَيْرِ حَقٍّ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ { :مَنْ َذكَرَ امْ َرأً بِشَ ْيءٍ لَيْسَ فِيهِ لِيَعِيبَهُ بِهِ حَبَسَهُ اللَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَ ْأتِيَ بِنَفَاذِ مَا قَالَ فِيهِ } تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ مَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ َمعَ عَدِّهِ الْكَذِبَ كَبِريَةً أُخْرَى َ ،وكَأَنَّ وَجْهُهُ أَنَّ ِالذكْرِ . هَذَا كَذِبٌ خَاصٌّ فِيهِ هَذَا اْل َوعِيدُ الشَّدِيدُ فَلِذَا أُفْرِدَ ب ِّ
()267/2
ضلُ اْل َولِيِّ ُموَلِّيَتَهُ عَنْ النِّكَاحِ ) . خمْسُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :عَ ْ ( الْكَبِريَةُ اْلخَامِسَةُ وَاْل َ
فءٍ لَهَا َ ،وهِيَ بَالِغَةٌ عَاقِلَةٌ فَامْتََنعَ . بَِأنْ َدعَتْهُ إلَى َأنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ كُ ْ
ضلَ كَبِريَةٌ الن َووِيُّ فِي فَتَاوِيهِ فَقَالَ :أَ ْج َمعَ اْلمُسْ ِلمُونَ عَلَى أَنَّ الْعَ ْ َو َك ْونُ هَذَا كَبِريَةً ُهوَ مَا صَرَّحَ بِهِ َّ ،لَكِنَّ الَّذِي قَرَّرَهُ ُهوَ وَالَْأئِمَّةُ فِي تَصَانِيفِهِمْ أَنَّهُ صَغِريَةٌ َ ،وأَنَّ َك ْونَهُ كَبِريَةً وَجْهٌ ضَعِيفٌ ،بَلْ قَالَ
ضلُ إذَا كَانَ ثَمَّ حَاكِمٌ ،وَقَالَ غَيْرُهُ :يَنْبَغِي أَلَّا َيحْرُمَ ُمطْلَقًا إمَامُ اْلحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ :لَا َيحْ ُرمُ الْعَ ْ التحْكِيمَ :أَيْ ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ حِينَئِذٍ لَمْ يَ ْنحَصِرْ فِي الْ َولِيِّ . إذَا جَوَّ ْزنَا َّ
ضلُ الن َووِيِّ وَالرَّافِعِيِّ أَنَّ ُه يَصِريُ كَبِريَةً حَ ْيثُ قَالَ َ :ولَيْسَ الْعَ ْ َوإِذَا قُلْنَا صَغِريَةٌ فَتَكَرَّ َر َ ،فظَاهِرُ كَلَامِ َّ
ضلَ مَرَّاتٍ أَقَلُّهَا فِيمَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ ثَلَاثٌ . مِنْ الْكَبَائِرِ َوإَِّنمَا يَفْسُقُ بِهِ إذَا عَ َ
انْتَهَى . جمْهُورِ أَنَّ الطَّاعَاتِ إذَا وَرُدَّ عَلَيْ ِهمَا بِأَنَّ الَّذِي َذكَرَاهُ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ أَنَّ اْلمَنْصُوصَ وَ َقوْلَ اْل ُ
غَلََبتْ لَا تَضُرُّ اْلمُدَاوَمَةُ عَلَى َن ْوعٍ وَاحِدٍ مِنْ الصَّغَائِرِ ،وَفِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ أَنَّ اْلمُدَاوَمَةَ عَلَى َذلِكَ فِسْقٌ َ ،وِإنْ غَلََبتْ الطَّاعَاتُ .
()267/2
خطْبَةِ الْغَيْرِ اْلجَائِزَةِ الصَّ ِرحيَةِ إذَا أُجِيبَ خطْبَةُ عَلَى اْل ِ خمْسُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :اْل ِ ( الْكَبِريَةُ السَّادِسَةُ وَاْل َ إلَيْهَا صَ ِرحيًا مِمَّنْ تُعْتَبَرُ إجَابَتُهُ َولَمْ يَأْ َذنْ َولَا َأعْرَضَ ُهوَ َولَا هُمْ ) ِذكْرُ هَذَا فِي الْكَبَائِرِ ُهوَ َنظِريُ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ مِنْ الشِّرَاءِ عَلَى شِرَاءِ الْغَيْرِ فَيَ ْأتِي هُنَا َجمِيعُ مَا قَدَّمْته ثَمَّ .
()262/2
خمْسُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ َ :تخْبِيبُ اْلمَ ْرأَةِ عَلَى َزوْجِهَا :أَيْ إفْسَا ِدهَا ( الْكَبِريَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَاْل َ صحِيحٍ ،وَاللَّفْظُ لَهُ وَالْبَزَّارُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َالزوْجِ عَلَى َزوْجَتِهِ ) أَخْرَجَ أَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ َ عَلَيْهِ ،و َّ
صحِيحِهِ عَنْ بُ َريْدَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :لَيْسَ مِنَّا مَنْ َ ئ َزوْجَتَهُ َأوْ َممْلُوكَهُ َفلَيْسَ مِنَّا } . حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ ،وَمَنْ خَبَّبَ عَلَى امْرِ ٍ
َوَأبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ { :لَيْسَ مِنَّا مَنْ خََّببَ امْ َرأَةً عَلَى َزوْجِهَا َأوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ } .
صحِيحِهِ { :مَنْ خََّببَ عَبْدًا عَلَى َأهْلِهِ فَلَيْسَ مِنَّا ،وَمَنْ أَفْسَدَ امْ َرأَةً عَلَى زَوْجِهَا وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ فَلَيْسَ مِنَّا } .
ضعُ عَرْشَهُ صحِيحٍ وَمُسْلِمٌ َوغَيْرُهُ { :إنَّ إبْلِيسَ يَ َ حوِهِ َجمَاعَةٌ آخَرُونَ مِنْهُمْ َأبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ َ وَ َروَاهُ بَِن ْ
عَلَى اْلمَاءِ ثُمَّ يَبْ َعثُ سَرَايَاهُ فَأَ ْدنَاهُمْ مِنْهُ مَنْ ِزلَةً َأ ْع َظمُهُمْ فِتْنَةً َيجِيءُ أَحَ ُدهُمْ فَيَقُولُ فَعَلْت كَذَا َوكَذَا ، فَيَقُولُ مَا صَنَعْت شَيْئًا ،ثُمَّ يَجِيءُ أَحَ ُدهُمْ فَيَقُولُ مَا تَ َركْته حَتَّى فَرَّقْت بَيْنَهُ َوبَيْنَ امْ َرَأتِهِ فَيُ ْدنِيهِ مِنْهُ
َويَقُولُ نَعَمْ َأْنتَ فَيَلْتَزِمُهُ } .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ الْأُولَى كَبِريَةً هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ َج ْمعٌ وَ َر َووْا فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ مَنْ ق بِأَنَّ فَ َعلَ َذلِكَ َوُيؤَيِّدُهُ الْأَحَادِيثُ الَّتِي َذكَ ْرهتَا ،وَالثَّانِيَةُ كَالْأُولَى َكمَا ُهوَ ظَاهِرٌ َوِإنْ أَمْكَنَ الْفَ ْر ُ
ج َمعَ بَيْنَ اْلمُفْسِدِ لَهُ وَ َزوْجَتِهِ ِبخِلَافِ اْلمَ ْرأَةِ ؛ لِأَنَّ إفْسَادَ اْلمَ ْرأَةِ عَلَى زَوْجِهَا الرَّ ُجلَ ُيمْكِنُهُ َأنْ َي ْ
وَالرَّ ُجلِ عَلَى َزوْجَتِهِ َأعَمُّ مِنْ َأنْ يَكُونَ مِنْ الرَّ ُجلِ َأوْ مِنْ اْلمَ ْرأَةِ َمعَ إرَادَةِ تَ ْزوِيجٍ َأوْ تَزَوُّجٍ َأوْ لَا َمعَ إرَادَةِ شَ ْيءٍ مِنْ َذلِكَ .
()266/2
خمْسُونَ بَعْدَ اْلمَا َءيْنِ :عَقْدُ الرَّ ُجلِ عَلَى َمحْرَمِهِ بِنَسَبٍ َأوْ َرضَاعٍ َأوْ مُصَاهَرَةٍ ( الْكَبِريَةُ التَّاسِعَةُ وَاْل َ َ ،وِإنْ لَمْ َيطَأْ ) َوعَدُّ هَذَا كَبِريَةً ُهوَ مَا وَ َقعَ فِي كَلَامِ بَ ْعضِ اْلمُتَأَخِّرِينَ لَكِنَّهُ لَمْ يُعَمِّمْ اْل َمحْ َرمَ َولَا
َذكَرَ َ ،وِإنْ لَمْ َيطَأْ وَ َذلِكَ مُرَادُهُ بِلَا شَكٍّ ،ثُمَّ ِلمَا َذكَرَهُ َن ْوعُ ِّاتجَاهٍ ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَى َمحْرَمِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى خَرْقِهِ سِيَاجَ الشَّرِيعَةِ الْغَرَّاءِ مِنْ َأصْلِهِ َوأَنَّهُ لَا مُبَالَاةَ عِنْدَهُ ِبحُدُو ِدهَا سَِّيمَا مَا
الصحِيحَةُ عَلَى قُ ْبحِهِ َ ،وأَنَّهُ لَا يَصْدُرُ مِمَّنْ لَهُ أَ ْدنَى مِسْكَةٍ مِنْ مُرُوءَةٍ فَضْلًا عَنْ دِينٍ . اتَّفَ َقتْ الْعُقُولُ َّ
()266/2
ِالتحْلِيلِ َو َطوَاعِيَةُ اْلمَ ْرأَةِ ( الْكَبِريَةُ السِّتُّونَ وَاْلحَا ِديَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ ِ :رضَا اْل ُمطَلِّقُ ب َّ الزوْجِ اْل ُمح َِّللِ لَهُ ) . اْل ُمطَلَّقَةِ عَلَيْهِ وَ ِرضَا َّ
صحِيحٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { :أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَخْرَجَ أَ ْحمَدُ وَالنَّسَائِيُّ َوغَيْ ُر ُهمَا بِسَنَدٍ َ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ اْل ُمح َِّللَ وَاْل ُمح ََّللَ لَهُ } . وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ :أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ َ { :ألَا أُخْبِ ُركُمْ بِالتَّيْسِ اْلمُسْتَعَارِ ؟ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ،قَالَ ُهوَ اْل ُمح َِّللُ .
لَعَنَ اللَّهُ اْل ُمح َِّللَ وَاْل ُمح ََّللَ لَهُ } .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ :وَالْ َع َملُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ َأ ْهلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ ُعمَرُ وَابْنُهُ َوعُ ْثمَانُ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ْم َو ُهوَ َقوْلُ الْفُقَهَاءِ مِنْ التَّابِعِنيَ . َوَأبُو إِ ْسحَاقَ اْلجُوزَجَانِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ { :سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اْل ُمح َِّللِ ؟ فَقَالَ لَا ،إلَّا نِكَاحَ َرغْبَةٍ لَا نِكَاحَ ُدلْسَةٍ َولَا اسْتِهْزَاءً بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ
تَذُوقُ الْعُسَيْلَةَ } .
وَ َروَى ابْنُ اْلمُنْذِرِ وَابْنُ َأبِي شَيْبَةَ َوعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالَْأثْ َرمُ عَنْ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ :لَا أُوتَى
ِب ُمح َِّللٍ َولَا ُمح ََّللٍ لَهُ إلَّا رَ َجمْتُ ُهمَا ،فَسُِئلَ ابْنُهُ عَنْ َذلِكَ ؟ فَقَالَ :كِلَا ُهمَا زَانٍ .
{ وَسَأَلَ رَ ُجلٌ ابْنَ ُعمَرَ فَقَالَ مَا تَقُولُ فِي امْ َرأَةٍ تَزَوَّجْتهَا لُِأحِلَّهَا لِ َزوْجِهَا لَمْ يَأْمُ ْرنِي َولَمْ يَعْلَمْ . فَقَالَ لَهُ ابْنُ ُعمَرَ :لَا إلَّا نِكَاحَ َرغْبَةٍ إنْ َأ ْعجَبَتْك أَمْسَكْتهَا وَِإنْ كَ ِرهْتهَا فَارَقْتهَا َ ،وإِنَّا كُنَّا نَعُدُّ هَذَا سِفَاحًا عَلَى عَهْ ِد رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،وَسُِئلَ عَنْ َتحْلِيلِ اْلمَ ْرأَةِ لِ َزوْجِهَا فَقَالَ َذلِكَ
ُهوَ السِّفَاحُ .
َوعَنْ رَ ُجلٍ طَلَّقَ ابْنَةَ عَمِّهِ ثُمَّ نَ ِدمَ وَ َر ِغبَ فِيهَا ،فَأَرَادَ َأنْ يََتزَوَّجَهَا رَجُلٌ
()266/2
لُِيحِلَّهَا لَهُ فَقَالَ كِلَا ُهمَا زَا ٍن َ ،وِإنْ مَكَثَا عِشْرِينَ سَنَةً َأوْ َنحْ ِوهَا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُرِيدُ َأنْ ُيحِلَّهَا } . وَسُِئلَ ابْنُ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَمَّنْ طَلَّقَ امْ َرَأتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ نَ ِدمَ فَقَالَ ُهوَ عَصَى اللَّهَ فََأنْدَمَهُ َ ،وَأطَاعَ
الشَّ ْيطَانَ فَلَمْ َيجْ َعلْ لَهُ َمخْرَجًا .
قِيلَ لَهُ :فَكَيْفَ تَرَى فِي رَ ُجلٍ ُيحِلُّهَا ؟ فَقَالَ مَنْ ُيخَا ِدعُ اللَّهَ َيخْ َدعْهُ . حمُولَانِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ َولَيْنِ مِنْ اللَّعْنِ َ ،و ُهمَا َم ْ تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا كَبِريَةً هُوَ صَرِيحُ مَا فِي اْلحَدِيثَيْنِ الْأ َّ حوَ ذَلِكَ مِنْ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى مَا إذَا شَرَطَ فِي صُ ْلبِ نِكَاحِ اْل ُمح َِّللِ أَنَّهُ ُيطَلِّقُ بَعْدَ َأنْ َيطَأَ أَوْ َن ْ
التح َُّللُ كَبِريَةٌ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ اْل ُمطَلِّقِ وَاْل ُمح َِّللِ وَاْلمَ ْرأَةِ فَاسِقًا الشُّرُوطِ اْلمُفْسِدَةِ لِلنِّكَاحِ ،وَحِينَئِذٍ َّ التحْلِيلَ كَبِريَةٌ ح َملُ إطْلَاقُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ َّ لِإِقْدَامِهِمْ عَلَى هَذِهِ الْفَاحِشَةِ َ ،وعَلَى َذلِكَ ُي ْ ضمَرُوهُ َولَا بِالشُّرُوطِ إذْ ُهوَ بِدُونِ َذلِكَ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ فَضْلًا عَنْ َك ْونِهِ كَبِريَةً َولَا عِبْرَةَ ِبمَا َأ ْ
التحَلُّلَ ُمطْلَقًا مِنْهُمْ مَنْ السَّابِقَةِ عَلَى الْعَقْدِ َ ،وأَخَذَ َجمَاعَةٌ مِنْ الَْأئِمَّةِ بِِإطْلَاقِ اْلحَدِيثَيْنِ َفحَرَّمُوا َّ
ِالتحَلُّلِ فَقَدْ أَفْسَدَ َذكَ ْرنَاهُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِنيَ وَاْلحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فَقَالَ :إذَا هَمَّ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ ب َّ الْعَقْدَ .
التحْلِيلَ فَنِكَاحُ الزوْجُ الْآخَرُ َأوْ اْلمَرْأَةُ َّ الزوْجُ الْأَوَّلُ َأوْ َّ َالنخَعِيُّ فَقَالَ :إذَا كَاَنتْ نِيَّةُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ َّ و َّ
الْآخَرِ بَا ِطلٌ َولَا َتحِلُّ لِلْأَوَّلِ .
وَابْنُ اْلمُسَِّيبِ فَقَالَ :مَنْ تَزَوَّجَ امْ َرأَةً لُِيحِلَّهَا لِ َزوْجِهَا الْأَوَّلِ لَمْ َتحِلَّ لَهُ ،وَتَبِعَهُمْ مَالِكٌ وَاللَّ ْيثُ الثوْرِيُّ َوأَ ْحمَدُ . وَسُفْيَانُ َّ
وَقَدْ سُِئلَ عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْ َرأَةً وَفِي نَفْسِهِ َأنْ ُيحِلَّهَا لِلْأَوَّلِ َولَمْ تَعْلَمْ هِيَ بِ َذلِكَ فَقَالَ ُ :هوَ ُمح َِّللٌ ، َوإِذَا أَرَادَ بِ َذلِكَ التَّحْلِيلَ
()263/2
فَ ُهوَ مَلْعُونٌ .
()266/2
( الْكَبِريَةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :إفْشَاءُ الرَّ ُجلِ سِرَّ َزوْجَتِهِ َوهِيَ سِرَّهُ بَِأنْ تَ ْذكُرَ مَا
ح ِوهَا مِمَّا َيخْفَى ) . جمَاعِ َوَن ْ يَ َقعُ بَيْنَ ُهمَا مِنْ تَفَاصِيلِ اْل ِ
ِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ َوَأبُو دَاوُد َوغَيْ ُر ُهمَا عَنْ َأبِي سَعِيدٍ اْلخُدْر ِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :إنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْ ِزلَةً يَ ْومَ الْقِيَامَةِ الرَّ ُجلَ يُفْضِي إلَى ا ْم َرَأتِهِ َأوْ
تُفْضِي إلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ أَحَ ُد ُهمَا سِرَّ صَاحِبِهِ } .
وَفِي ِروَايَةٍ لَهُمْ { :مِنْ َأ ْعظَمِ الْأَمَانَةِ عِنْدَ اللَّهِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ الرَّ ُجلُ يُفْضِي إلَى امْ َرَأتِهِ َوتُفْضِي إلَيْهِ ثُمَّ
ِرهَا } . يَنْشُرُ س َّ
َوأَ ْحمَدُ عَنْ { أَ ْسمَاءَ بِ ْنتِ يَزِيدَ أَنَّهَا كَاَنتْ عِنْ َد رَسُولِ اللَّ ِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ َل رَجُلًا يَقُولُ مَا فَ َعلَ بَِأهْلِهِ َ ،ولَعَلَّ ا ْمرَأَةً ُتخْبِرُ مَا فَعَلَتْ َمعَ َزوْجِهَا فَأَرَمَّ الْ َق ْومُ قُعُودٌ عِنْدَهُ فَقَالَ :لَع َّ حوِهِ -فَقُلْت :إي َواَللَّهِ يَا أَيْ بِفَ ْتحِ الرَّاءِ َوتَشْدِيدِ اْلمِيمِ :سَكَتُوا ،وَقِيلَ سَكَتُوا مِنْ َخ ْوفٍ َوَن ْرَسُولَ اللَّهِ إنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ َوإِنَّهُنَّ لِيَفْعَلْنَ ،قَالَ لَا تَفْعَلُوا فَإَِّنمَا مِ ْثلُ َذلِكَ مِ ْثلُ شَ ْيطَانٍ لَقِيَ شَ ْيطَانَةَ
َفغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَ ْنظُرُونَ } .
حوِهِ بِسَنَدٍ فِيهِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ َ { :ألَا عَسَى أَحَدُكُمْ َأنْ َولًا بَِن ْ وَالْبَزَّارُ َولَهُ َشوَاهِدُ تُقَوِّيهِ َوَأبُو دَاوُد ُمط َّ
صحَابَهُ بِ َذلِكَ َ ،ألَا َيخْ ُلوَ بَِأهْلِهِ يَغْلِقُ بَابًا ثُمَّ يُرْخِي سِتْرًا ثُمَّ يَقْضِي حَاجَتَهُ ،ثُمَّ إذَا خَرَجَ حَدَّثَ َأ ْ
صوَاحِبَهَا فَقَاَلتْ امْ َرأَةٌ َدَثتْ َ ضتْ حَاجَتَهَا ح َّ عَسَى إحْدَاكُنَّ َأنْ تُغْلِقَ بَابَهَا َوتُرْخِيَ سِتْ َرهَا ،فَإِذَا قَ َ َديْنِ َواَللَّهِ إنَّهُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيَفْعَلْنَ َوإِنَّهُمْ لَيَفْ َعلُونَ ،قَالَ فَلَا تَفْعَلُوا فَإَِّنمَا مِ ْثلُ َذلِكَ مِ ْثلُ سَفْعَاءُ اْلخ َّ
شَ ْيطَانٍ لَقِيَ شَ ْيطَانَةَ عَلَى قَا ِرعَةِ الطَّرِيقِ فَقَضَى
()266/2
حَاجَتَهُ مِنْهَا ثُمَّ انْصَ َرفَ َوتَ َركَهَا } .
َححَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ صَلَّى َوأَ ْحمَدُ َوَأبُو يَعْلَى وَالْبَيْهَقِيُّ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ َروَاحٍ عَنْ َأبِي الْهَيْثَمِ وَقَدْ ص َّ
جمَاعِ :أَيْ ِبمَا فِيهِ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :السِّبَاعُ حَرَامٌ } قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ يَعْنِي بِهِ الَّذِي يَفَْتخِرُ بِاْل ِ جمَةِ َوَأبُو دَاوُد هَتْكُ سِتْرٍ لَا ُمطْلَقًا َكمَا ُهوَ ظَاهِرٌ َ ،و ُهوَ بِاْلمُ ْهمَلَةِ اْلمَكْسُورَةِ فَاْل ُموَحَّدَةِ وَقِيلَ بِاْلمُ ْع َ
بِسَنَدٍ فِيهِ َمجْهُولٌ { :اْل َمجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ إلَّا ثَلَاثَةَ َمجَالِسَ ؛ سَفْكُ َدمٍ حَرَامٍ ،أَوْ فَرْجٌ حَرَامٌ َ ،أوْ اقِْتطَاعُ مَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ } .
الصحِيحَةِ َ ،و ُهوَ ظَاهِرٌ ؛ ِلمَا فِيهِ ريتَيْنِ لَمْ أَرَهُ لَكِنَّهُ صَرِيحُ مَا فِي هَذِهِ اْلأَحَادِيثِ َّ تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَ َذيْنِ كَبِ َ مِنْ إيذَاءِ اْل َمحْكِيِّ عَنْهُ َوغِيبَتِ ِه َ ،وهَتْكِ مَا أَ ْجمَ َعتْ الْعُقَلَاءُ عَلَى تَأَكُّدِ سِتْرِهِ ،وَقُبْحِ نَشْرِهِ ،وَسَيَ ْأتِي الن َووِيِّ اخْتَلَفَ فِي كَرَاهَةِ َذلِكَ وَحُرْمَتِهِ فَإِنَّهُ لِهَذَا اْل َمحَلِّ بَسْطٌ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ َ ،وأَنَّ كَلَامَ َّ ِالتحْ ِرميِ مُسْتَ ِدلاا ِبخَبَرِ مُسْلِمٍ اْلمَ ْذكُورِ َذكَرَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ أَنَّهُ يُكْرَهُ ،وَجَ َزمَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ب َّ
جمَاعِ وَاْلخَ ْلوَةِ َوأَنَّ َمحَلَّ اْلحُرْمَةِ فِيمَا إذَا َذكَرَ حَلِيلَتَهُ ِبمَا ُيخْفَى كَالْأَ ْحوَالِ الَّتِي تَ َقعُ بَيْنَ ُهمَا عِنْدَ الْ ِ ،وَالْكَرَاهَةُ فِيمَا إذَا َذكَرَ مَا لَا َيخْفَى مُرُوءَةً .
جمَاعِ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ ،ثُمَّ َرَأيْت ِذكْرَ بَعْضِهِمْ مَا ُيوَافِقُ مَا َذكَرْته فِي التَّرْ َجمَةِ . وَمِنْهُ ِذكْرُ ُمجَرَّدِ اْل ِ
()266/2
الزوْجَةِ َأوْ السُّرِّيَّةِ فِي ُدبُ ِرهَا ) . ( الْكَبِريَةُ اْلخَامِسَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ اْلمِائَةِ :إتْيَانُ َّ صحِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :لَا يَ ْنظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إلَى َر ُجلٍ َأتَى رَجُلًا َأوْ امْ َرأَةً فِي ُدبُ ِرهَا } .
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ { :مَنْ َأتَى النِّسَاءَ فِي َأ ْعجَا ِزهِنَّ فَقَدْ كَفَرَ } .
وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ { :لَا يَ ْنظُرُ اللَّهُ إلَى رَ ُجلٍ جَا َمعَ امْ َرأَةً فِي ُدبُ ِرهَا } . َوأَ ْحمَدُ َوَأبُو دَاوُد { :مَلْعُونٌ مَنْ َأتَى امْ َرأَةً فِي ُدبُ ِرهَا } .
َوأَ ْحمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ فِيهِ َمجْهُولٌ وَانْ ِقطَاعٌ { :مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْ َرأَةً فِي ُدبُ ِرهَا َأوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ كَفَرَ ِبمَا َأنْزَلَ اللَّهُ عَلَى ُمحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } .
َوكَذَا َأبُو دَاوُد إلَّا أَنَّهُ قَالَ { :فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا َأنْزَلَ اللَّهُ عَلَى ُمحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } .
الصحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ َوأَ ْحمَدُ وَالْبَزَّارُ وَرِجَالُ ُهمَا رِجَالُ َّ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { هِيَ اللُّوطِيَّةُ الصُّغْرَى } :يَعْنِي الرَّ ُجلَ يَ ْأتِي امْ َرَأتَهُ فِي ُدبُ ِرهَا . َوَأبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ { :اسْتَحْيُوا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ اْلحَقِّ ،لَا تَ ْأتُوا النِّسَاءَ فِي أَ ْدبَا ِرهِنَّ } .
وَابْنُ مَاجَهْ وَاللَّفْظُ لَهُ وَالنَّسَائِيُّ بِأَسَانِيدَ أَحَ ُدهَا صَحِيحٌ عَ ْن خُ َزْيمَةَ بْنِ ثَاِبتٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :إنَّ اللَّهَ لَا يَسَْتحْيِي مِنْ اْلحَقِّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ،لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَ ْدبَا ِرهِنَّ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ عَنْ جَابِ ٍر َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { :أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ َمحَاشِّ النِّسَاءِ } .
()267/2
وَالدَّارَ ُقطْنِيِّ { :اسَْتحْيُوا مِنْ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَسَْتحْيِي مِنْ اْلحَقِّ ،لَا َيحِلُّ مَ ْأتَاك النِّسَاءَ فِي حُشُوشِهِنَّ } .
جمَةٍ وَالطَّبَرَانِيُّ { :لَعَنَ اللَّهُ الَّذِينَ يَ ْأتُونَ النِّسَاءَ فِي َمحَاشِّهِنَّ } َوهِيَ ِبمِيمٍ مَفْتُوحَةٍ َفمُ ْهمَلَةٍ ثُمَّ مُ ْع َ الدبُرُ . َولِهِ َوكَسْرِهِ َ :وهِيَ ُّ مُشَدَّدَةٍ َج ْمعُ َمحَشَّةٍ بِفَ ْتحِ أ َّ
صحِيحِهِ { :لَا تَ ْأتُوا النِّسَاءَ فِي أَسْتَاهِهِنَّ فَإِنَّ َوأَ ْحمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
اللَّهَ لَا يَسَْتحْيِي مِنْ اْلحَقِّ } .
الصحِيحَةِ أَنَّهُ تَنْبِيهٌ :عَدَا هَذَا هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ َو ُهوَ ظَاهِرٌ ِلمَا عَ ِلمْت مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ َّ اللوَاطِيَّةُ الصُّغْرَى ،وَهَذَا مِنْ أَقْبَحِ اْل َوعِيدِ وَأَشَدِّهِ . كُفْرٌ َ ،وأَنَّ اللَّهَ لَا يَ ْنظُرُ لِفَاعِلِ ِه َ ،وأَنَّهُ ِّ فَ َقوْلُ اْلجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ فِي عَدِّ َذلِكَ كَبِريَةً فِيهِ َنظَرٌ ،وَقَدْ صَرَّحَ شَ ْيخُ الْإِسْلَامِ الْعَلَائِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ يَنْبَغِي
ِاللوَاطِ ؛ لِأَنَّهُ ثََبتَ فِي اْلحَدِيثِ لَعْنُ فَاعِلِهِ . َأنْ يُ ْلحَقَ ب ِّ
()267/2
( الْكَبِريَةُ السَّادِسَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ َ :أنْ ُيجَا ِمعَ حَلِيلَتَهُ ِبحَضْرَةِ امْ َرأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ َأوْ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ ) ضحٌ لِ َدلَالَتِهِ عَلَى قِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُ ْرتَكِبِهِ بِالدِّينِ وَرِقَّةِ الدَّيَّانَ ِة ؛ َولِأَنَّهُ يُؤَدِّي ظَنًّا َبلْ َوعَدُّ هَذَا كَبِريَةً وَا ِ
النظَرِ كَبِريَةً َكمَا مَرَّ ِبمَا فِيهِ حوَ َّ َقطْعًا إلَى إفْسَادِهِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ َأوْ إفْسَادِ الْأَجْنَبِيِّ ِبحَلِيلَتِهِ ،وَمَنْ عَدَّ َن ْ
فَالَْأ ْولَى َأنْ يُعَدَّ هَذَا ؛ لِأَنَّهُ أَقْبَحُ َوَأ ْعظَمُ مَفْسَدَةً .
()262/2
بَابُ الصَّدَاقِ ( الْكَبِريَةُ السَّابِعَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ َ :أنْ يَتَزَوَّجَ امْ َرأَةً وَفِي عَزْمِهِ أَلَّا ُيوَفِّيَهَا صَدَاقَهَا َلوْ طَلَبَتْهُ ) .
أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَ ٍد ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :أَُّيمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْ َرأَةً عَلَى مَا قَلَّ مِنْ اْلمَهْرِ َأوْ كَثُرَ وَلَيْسَ فِي نَفْسِهِ َأنْ ُيؤَدِّيَ إلَيْهَا حَقَّهَا خَ َدعَهَا َفمَاتَ َولَمْ ُيؤَدِّ إلَيْهَا حَقَّهَا لَقِيَ
اللَّهَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َو ُهوَ زَا ٍن َ ،وأَُّيمَا رَ ُجلٍ اسْتَدَانَ َديْنًا َو ُهوَ لَا يُرِيدُ َأنْ ُيؤَدِّيَ إلَى صَاحِبِهِ حَقَّ ُه خَ َدعَهُ حَتَّى أَخَذَ مَالَهُ لَقِيَ اللَّهَ َو ُهوَ سَا ِرقٌ } . َرهَا بِاَللَّهِ وَاسَْتحَلَّ فَرْجَهَا وَالْبَيْهَقِيُّ { مَنْ َأصْدَقَ امْ َرأَةً صَدَاقًا َواَللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَدَاءَهُ إلَيْهَا فَغ َّ
بِالْبَا ِطلِ لَقِيَ اللَّهَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َو ُهوَ زَانٍ } .
الذنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رَ ُجلٌ تَزَوَّجَ امْ َرأَةً فَلَمَّا قَضَى وَفِي ِروَايَةٍ أُخْرَى لَهُ َأيْضًا { :إنَّ َأ ْعظَمَ ُّ
حَاجَتَهُ مِنْهَا طَلَّقَهَا وَ َذهَبَ ِبمَهْ ِرهَا ،وَرَجُلٌ اسْتَ ْع َملَ رَجُلًا فَ َذ َهبَ بِأُجْ َرتِهِ ،وَآخَرُ يَقُْتلُ دَابَّةً عَبَثًا } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ مَتْرُوكٌ { :أَُّيمَا رَ ُجلٍ تَزَوَّجَ امْ َرأَةً يَ ْنوِي َأنْ لَا يُ ْعطِيَهَا مِنْ صَدَاقِهَا شَيْئًا مَاتَ
َي ْومَ َيمُوتُ َو ُهوَ زَانٍ } .
الصحِيحِ وَمَا بَعْدَهُ َوبِهِ جَ َزمَ بَعْضُهُمْ ،لَكِنَّهُ عَبَّرَ بِ َق ْولِهِ َأنْ تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ صَرِيحُ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ َّ يَتَزَوَّجَ امْ َرأَةً َولَيْسَ فِي نَفْسِهِ َأنْ ُيوَفِّيَهَا الصَّدَاقَ َوعَ َدلْت عَنْهُ فِي التَّرْ َجمَةِ إلَى مَا عَبَّرْت بِهِ ِلمَا ُهوَ ضحٌ أَنَّ مَنْ لَيْسَ فِي نَفْسِهِ أَدَاءٌ َولَا مَ ْنعٌ لَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ فَضْلًا عَنْ َك ْونِ َذلِكَ كَبِريَةً الَّذِي أَفْ َهمَتْهُ وَا ِ
الروَايَةِ الَّتِي هَذِهِ الْعِبَارَةُ ،لَكِنَّ قَائِلَهَا اغْتَرَّ ِبظَاهِرِ اْلحَدِيثِ الْأَوَّلِ َ ،ولَمْ يَ ْنظُرْ إلَى آخِرِهِ َولَا إلَى ِّ
بَعْدَهُ َ ،وهِيَ َ -واَللَّهُ يَعْلَمُ -أَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَدَاءَهُ
()266/2
إلَيْهَا َوَلوْ َنظَرَ لِ َذلِكَ لَعَبَّرَ ِبمَا عَبَّرْت بِهِ َ ،ووَجْهُ َك ْونِ َذلِكَ كَبِريَةً تَضَمُّنُهُ لِثَلَاثِ كَبَائِرَ :الْغَدْرُ
وَالظُّلْمُ وَاسْتِيفَاءُ مَنَا ِفعِ اْلحُرِّ بِ ِعوَضٍ ثُمَّ مَنْعُهُ مِنْهُ َ ،وإَِّنمَا قََّيدْت فِي التَّرْ َجمَةِ بِ َق ْولِي َلوْ طَلَبَتْهُ لَاحْتَرَزَ
حةِ فِي الِْإبْرَاءِ مِنْ اْلمَهْرِ ؛ َوعَ َدمِ اْل ُمطَالَبَةِ ِبهِ عَمَّا َلوْ كَانَ فِي عَزْمِهِ أَنَّهُ لَا ُيؤَدِّيهِ إلَيْهَا ؛ لِغَلَبَةِ اْلمُسَا َم َ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَ ْقضِ َذلِكَ إْثمُهُ فَضْلًا عَنْ فِسْقِهِ .
()266/2
صوِيرُ ذِي رُوحٍ عَلَى أَيِّ شَ ْيءٍ كَانَ مِنْ بَابُ اْل َولِيمَةِ ( الْكَبِريَةُ الثَّامِنَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :تَ ْ مُعَظَّمٍ َأوْ ُممْتَهَنٍ بِأَرْضٍ َأوْ غَيْ ِرهَا َوَلوْ صُورَةً لَا َنظِريَ لَهَا كَفَرَسٍ لَهَا أَجِْنحَةٌ ) قَالَ تَعَالَى { :إنَّ
الدنْيَا وَالْآخِرَةِ َوَأعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } قَالَ عِكْرِمَةُ :هُمْ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي ُّ الصوَرَ . الَّذِينَ يَصْنَعُونَ ُّ
َذبُونَ َي ْومَ الصوَرَ يُع َّ َوأَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :إنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ ُّ
الْقِيَامَةِ يُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ } . وَ َر َويَا عَنْ عَائِشَةَ قَاَلتْ { :قَ ِدمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَرْت سَ ْهوَةً لِي } ضعُ فِيهِ الشَّ ْي ُء ،وَقِيلَ الصُّفَّةُ ،وَقِيلَ اْل َمخْ َدعُ بَيْنَ -بِفَ ْتحِ اْلمُ ْهمَلَةِ قِيلَ الطَّاقُ فِي اْلحَائِطِ يُو َ
الْبَيْتَيْنِ ،وَقِيلَ بَيْتٌ صَغِريٌ كَاْلخِزَانَةِ الصَّغِريَةِ -بِقِرَامٍ -أَيْ سِتْرٍ وَقَافُهُ مَكْسُورَةٌ { -فِيهِ َتمَاثِيلُ . َونَ وَجْهُهُ وَقَالَ :يَا عَائِشَةُ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَل َّ
تَعَالَى َي ْومَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ ِبخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى قَاَلتْ فَقَطَّعْنَاهُ َ ،فجَعَلْنَا مِنْهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَا َدتَيْنِ } .
َونَ صوَ ٌر فَتَل َّ وَفِي ِروَايَةٍ لَ ُهمَا { :دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْبَ ْيتِ قِرَامٌ فِيهِ ُ وَجْهُهُ ،ثُمَّ تَنَاوَلَ السِّتْرَ فَهَتَكَهُ وَقَالَ :مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا َي ْومَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ هَذِهِ
الصُّورَةَ } .
َولِهِ َوثَالِثِهِ َوكَسْ ِر ِهمَا َوبِضَمٍّ وَفِي أُخْرَى لَ ُهمَا َأيْضًا { :أَنَّهَا اشْتَرَتْ ُنمْرُقَةً -أَيْ ِمخَدَّ ًة َو ُهوَ بِضَمِّ أ َّ
ثُمَّ بِفَ ْتحٍ -فِيهَا تَصَاوِيرُ ،فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْ ُخلْ ، فَعَرَفْت فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهَةَ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ
()266/2
َأتُوبُ إلَى اللَّهِ َوِإلَى رَسُولِهِ مَاذَا أَ ْذنَبْت ؟ فَقَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ هَذِهِ
صحَابَ هَذِهِ النمْرُقَةِ ؟ فَقُلْت اشْتَرَيْتهَا لَك لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا َوتََتوَسَّ َدهَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :إنَّ َأ ْ ُّ
َذبُونَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ ،فَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ . الصوَرِ يُع َّ ُّ الصوَرُ لَا تَدْخُلُهُ اْلمَلَائِكَةُ } . وَقَالَ إنَّ الْبَ ْيتَ الَّذِي فِيهِ ُّ
س َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا جَاءَهُ رَ ُج ٌل فَقَالَ إنِّي رَ ُجلٌ ُأصَوِّرُ هَذِهِ الصُّورَةَ وَ َر َويَا َأيْضًا :أَنَّ { ابْنَ عَبَّا ٍ فَأَفْتِنِي فِيهَا .
ضعَ يَدَهُ عَلَى َرأْسِهِ . فَقَالَ لَهُ اُ ْدنُ مِنِّي فَ َدنَا مِنْهُ ،ثُمَّ قَالَ أَ ْدنُ مِنِّي فَ َدنَا مِنْهُ حَتَّى َو َ وَقَالَ ُأنْبِئَك ِبمَا َسمِعْت مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َسمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
َذبُهُ فِي جَهَنَّمَ } . وَسَلَّمَ يَقُولُ :كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ ُيجْ َعلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّ َرهَا نَفْسًا تُع ِّ الشجَرَ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :فَِإنْ كُنْت لَا بُدَّ فَاعِلًا فَاصْنَعْ َّ
وَفِي ِروَايَةٍ لِلُْبخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَهُ َّ :إنمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي َوإِنِّي َأصَْنعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ . َدثُك إلَّا مَا َسمِعْت مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ ،سمِعْته يَقُولُ { : فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :لَا أُح ِّ َذبُهُ حَتَّى يَنْ ُفخَ فِيهَا الرُّوحَ َولَيْسَ بِنَا ِفخٍ فِيهَا َأبَدًا ،فَ َربَا الرَّ ُجلُ مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُع ِّ
َرْبوَةً شَدِيدَةً -أَيْ انْتَ َفخَ غَ ْيظًا َأوْ كِبْرًا -فَقَالَ َوْيحَك إنْ أَبَيْت إلَّا َأنْ تَصَْنعَ ،فَعَلَيْك بِهَذِهِ الشجَرَةِ َوكُلِّ شَ ْيءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ } . َّ
وَ َر َويَا َأيْضًا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ َ :سمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
{ إنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا َي ْومَ الْقِيَامَةِ اْلمُصَوِّرُونَ } .
وَ ُروِيَ َأيْضًا عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ َ :سمِعْت َرسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
()263/2
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { :قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ َذهَبَ َيخْلُقُ َكخَلْقِي فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً َأوْ
لَِيخْلُقُوا حَبَّةً َأوْ لَِيخْلُقُوا شَعِريَةً } .
صحِيحٌ غَرِيبٌ َ { :يخْرُجُ عُنُقٌ مِنْ النَّارِ َي ْومَ الْقِيَامَةِ لَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِ ِهمَا وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ َ
سمَعَانِ َولِسَانٌ يَ ْنطِقُ َويَقُولُ :إنِّي وُكِّلْت بِثَلَاثَةٍ ِ :بمَنْ جَ َعلَ َمعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ َ ،وبِكُلِّ َوأُ ُذنَانِ تَ ْ جَبَّارٍ عَنِيدٍ َ ،وبِاْلمُصَوِّرِينَ } .
وَمُسْلِمٌ عَنْ { ِعمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ :قَالَ لِي عَلِيٌّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ َ :ألَا َأبْعَثَك عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َأنْ لَا تَدَعَ صُورَةً إلَّا َطمَسْتَهَا َ ،ولَا قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَ َّويْتَهُ } .
َرمَ اللَّهُ وَجْهَهُ -قَالَ { :كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ عَلِيٍّ -ك َّ فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ :أَيُّكُمْ يَ ْنطَلِقُ إلَى اْلمَدِينَةِ فَلَا يَدَعُ بِهَا َوثَنًا إلَّا كَسَرَهُ َ ،ولَا قَبْرًا إلَّا سَوَّا ُه َ ،ولَا
َطخَهَا . صُورَةً إلَّا ل َّ اللهِ لَمْ أَدَعْ فَقَالَ رَ ُجلٌ َأنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَهَابَ َأ ْهلُ اْلمَدِينَةِ قَالَ فَاْنطَلَقَ ثُمَّ رَ َجعَ فَقَالَ يَا رَسُولَ َّ
َطخْتهَا ،ثُمَّ قَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ َويْتَهُ َ ،ولَا صُورَةً إلَّا ل َّ بِهَا َوثَنًا إلَّا كَسَرْته َ ،ولَا قَبْرًا إلَّا س َّ
وَسَلَّمَ :مَنْ عَادَ إلَى صَنْعَةِ شَ ْيءٍ مِنْ هَذَا فَقَدْ كَفَرَ ِبمَا ُأنْزِلَ عَلَى ُمحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } . وَالشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا { :لَا تَدْ ُخلُ اْلمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ َولَا صُورَةٌ } .
وَفِي ِروَايَةٍ ِلمُسْلِمٍ بَدَلَ َولَا صُورَةٌ َ { :ولَا َتمَاثِيلُ } .
وَ َر َويَا { :وَاعَ َد رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلُ َأنْ يَ ْأتِيَهُ فَرَاثَ عَلَيْهِ -أَيْ ِبمُثَلَّثَةٍ غَيْرِ مَ ْهمُوزٍ َأْبطَأَ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َفخَرَجَ فَلَقِيَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ
فَشَكَا إلَيْهِ
()266/2
فَقَالَ :إنَّا لَا نَدْ ُخلُ بَيْتًا فِيهِ كَ ْلبٌ َولَا صُورَةٌ } . صحِيحِهِ كُلُّهُمْ مِ ْن ِروَايَةِ مَنْ َنظَرَ فِيهِ الُْبخَارِيُّ { :لَا تَدْ ُخلُ َوَأبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
اْلمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ َولَا جُُنبٌ َولَا كَ ْلبٌ } .
صحِيحَيْ ِهمَا َ { :أتَانِي جِبْرِيلُ صحِيحٌ ،وَالنَّسَائِيُّ وَابْ ُن حِبَّانَ فِي َ َوَأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ َ
عَلَيْهِ السَّلَامُ ،فَقَالَ لِي َ :أتَيْتُك الْبَارِحَةَ فَلَمْ َيمْنَعْنِي َأنْ َأكُونَ دَخَلْت إلَّا أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْبَابِ َتمَاثِيلُ التمْثَالِ الَّذِي فِي الْبَ ْيتِ َوكَانَ فِي الْبَ ْيتِ قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ َتمَاثِيلُ َوكَانَ فِي الْبَ ْيتِ كَ ْلبٌ َفمُرْ بِ َرأْسِ ِّ يُ ْق َطعْ فَيَصِريُ كَهَيْئَةِ َشجَرَةٍ ؛ وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَيُ ْق َطعُ فَُيجْ َعلُ وِسَا َدتَيْنِ مَنْبُو َذتَيْنِ تُوطَآنِ وَمُرْ بِالْكَ ْلبِ فَُيخْرَجْ } .
َولَفْظُ التِّرْمِذِيِّ َ { :أتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ إنِّي كُنْت َأتَيْتُك الْبَارِحَةَ فَلَمْ َيمْنَعْنِي َأنْ َأكُونَ دَخَلْت عَلَيْك الْبَ ْيتَ الَّذِي كُنْت فِيهِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ فِي بَابِ الْبَ ْيتِ ِتمْثَالٌ لِرَجُلٍ َ ،وكَانَ فِي الْبَ ْيتِ قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ
الشجَرَةِ التمْثَالِ الَّذِي فِي الْبَابِ فَلْيُ ْق َطعْ فَيَصِريُ كَهَيْئَةِ َّ َتمَاثِيلُ َ ،وكَانَ فِي الْبَ ْيتِ كَ ْلبٌ َفمُرْ بِ َرأْسِ ِّ وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُ ْق َطعْ َوَيجْ َعلْ مِنْهُ وِسَا َدتَانِ مَنْبُو َذتَانِ تُوطَآنِ ،وَمُرْ بِالْكَ ْلبِ فَُيخْرَجْ فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ ذَلِكَ الْكَ ْلبُ جِ ْروًا لِ ْلحَسَنِ َأوْ لِ ْلحُسَيْنِ بِجَ ْنبِ نَضَدٍ لَهُ -أَيْ بِنُونٍ جمَةٍ سَرِيرٌ -فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ } . مَفْتُوحَةٍ َفمُ ْع َ
اللهُ عَنْ ُهمَا صحِيحٍ وَ َروَاهُ َجمَاعَةٌ آخَرُونَ بَِألْفَاظٍ مُتَقَا ِربَ ٍة :عَنْ { أُسَامَةَ بْنِ َزيْ ٍد َرضِيَ َّ َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ َ
قَالَ :دَخَلْت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َوعَلَيْهِ الْكَآبَةُ فَسََألْته فَقَالَ :لَمْ يَ ْأتِنِي جِبْرِيلُ مُنْذُ ثَلَاثٍ فَإِذَا جِرْوُ كَ ْلبٍ بَيْنَ يَ َديْهِ فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ ،فَبَدَا لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهَشَّ
()266/2
إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَالَك لَمْ تَ ْأتِنِي ؟ فَقَالَ :إنَّا لَا نَدْ ُخلُ بَيْتًا فِيهِ كَ ْلبٌ َولَا
تَصَاوِيرُ } .
وَمُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَاَلتْ { :وَاعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ
السَّلَامُ فِي سَاعَةٍ َأنْ يَ ْأتِيَهُ َفجَاءَتْ تِلْكَ السَّاعَةُ َولَمْ يَ ْأتِهِ قَالَتْ َوكَانَ بِيَدِهِ عَصًا َفطَرَحَهَا َو ُهوَ يَقُولُ :
حتَ سَرِيرٍ فَقَالَ مَتَى دَ َخلَ هَذَا الْكَ ْلبُ ب َت ْ مَا ُيخْلِفُ اللَّهُ َوعْدَهُ َولَا رُسُلَهُ ،ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا جِ ْروُ كَلْ ٍ ؟ فَقُلْت َواَللَّهِ مَا دَ َريْت فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ َ ،فجَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ :وعَ ْدتَنِي َفجَلَسْت لَك َولَمْ تَ ْأتِنِي .
فَقَالَ مَنَعَنِي الْكَ ْلبُ الَّذِي كَانَ فِي بَيْتِك ،إنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَ ْلبٌ َولَا صُورَةٌ } .
الصحِيحَةِ ،وَمِنْ ثَمَّ جَ َزمَ بِهِ َجمَاعَةٌ َو ُهوَ ظَاهِرٌ تَنْبِيهٌ :عَدُّ مَا ُذكِرَ كَبِريَةً ُهوَ صَرِيحُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ َّ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ؛ َوتَ ْعمِيمِي فِي التَّرْ َجمَةِ اْلحُرْمَةَ َبلْ وَالْكَبِريَةُ لِتِلْكَ الْأَقْسَامِ الَّتِي أَشَرْت إلَيْهَا ظَاهِرٌ َأيْضًا فَإِنَّ اْلمَ ْلحَظَ فِي الْكُلِّ وَاحِدٌ َ ،ولَا يُنَافِيهِ َقوْلُ الْفُقَهَاءِ َ ،وَيجُوزُ مَا عَلَى الْأَرْضِ
ح ُو ُهمَا مِنْ كُلِّ مُمْتَهَنٍ ؛ لِأَنَّ اْلمُرَادَ بِ َذلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ بَقَاؤُهُ َولَا َيجِبُ إتْلَافُهُ ،وَإِذَا كَانَ وَالْبِسَاطُ َوَن ْ
فِي َمحَلِّ َولِيمَةٍ لَا َيمَْنعُ وُجُوبَ اْلحُضُورِ فِيهِ .
صوِيرِ لِذِي الرُّوحِ فَ ُهوَ حَرَامٌ ُمطْلَقًا َ ،وِإنْ ُأغْ ِفلَ مِنْ الصُّورَةِ َأعْضَا ُؤهَا الْبَاطِنَةُ َأوْ بَ ْعضُ َوأَمَّا فِ ْعلُ التَّ ْ
الظَّاهِرَةِ مِمَّا تُوجَدُ اْلحَيَاةُ َمعَ فَقْدِهِ ،ثُمَّ َرَأيْت فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مَا يُصَرِّحُ ِبمَا َذكَرْته حَ ْيثُ قَالَ مَا
صوِيرُ صُورَةِ اْلحََيوَانِ حَرَامٌ مِنْ الْكَبَائِرِ لِ ْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ َسوَاءٌ صَنَعَهُ ِلمَا ُيمْتَهَنُ َأوْ لِغَيْرِهِ حَاصِلُهُ :تَ ْ إذْ فِيهِ مُضَاهَاةٌ لِخَلْقِ اللَّهِ ،وَ َسوَا ٌء
()266/2
ح ِوهَا . كَانَ بِبِسَاطٍ َأوْ َثوْبٍ َأوْ دِ ْرهَمٍ َأوْ دِينَارٍ أَوْ فَلْسٍ َأوْ إنَاءٍ َأوْ حَائِطٍ َأوْ ِمخَدَّةٍ َأوْ َن ْ
ح ِوهَا مِمَّا لَيْسَ ِبحََيوَانٍ فَلَيْسَ ِبحَرَامٍ . الشجَرِ َونَ ْ صوَرِ َّ صوِيرُ ُ َوأَمَّا تَ ْ
ح ِوهَا مِمَّا َوأَمَّا اْلمُصَوِّرُ صُورَةَ اْلحََيوَانِ فَِإنْ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى حَائِطٍ َأوْ مَلْبُوسًا كََثوْبٍ َأوْ ِعمَامَةٍ َأوْ َن ْ ح ِوهَا فَلَا َيحْ ُرمُ لَكِنْ َهلْ يَمَْنعُ لَا يُعَدُّ ُممْتَهَنًا َفحَرَامٌ ،أَوْ ُممْتَهَنًا كَبِسَاطٍ يُدَاسُ وَ ِمخَدَّةٍ َووِسَادَةٍ َوَن ْ دُخُولَ مَلَائِكَةِ الرَّ ْحمَةِ َذلِكَ الْبَ ْيتِ ؟ الَْأظْهَرُ أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ صُورَةٍ لِِإطْلَاقِ َق ْولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ { :لَا تَدْ ُخلُ اْلمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَ ْلبٌ َولَا صُورَةٌ } َ ،ولَا فَ ْرقَ بَيْنَ مَا لَهُ ظِلٌّ وَمَا لَا ظِلَّ لَهُ ،
الصحَابَةِ وَالتَّابِعِنيَ وَمَنْ بَعْ َدهُمْ كَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ َوَأبِي هَذَا تَ ْلخِيصُ مَ ْذ َهبِ ُجمْهُورِ عُ َلمَاءِ َّ حَنِيفَةَ َوغَيْ ِرهِ ْم َ ،وأَ ْجمَعُوا عَلَى وُجُوبِ تَغْيِريِ مَا لَهُ ظِلٌّ .
قَالَ الْقَاضِي :إلَّا مَا وَرَدَ فِي لَ ِعبِ الْبَنَاتِ الصِّغَارِ مِنْ الرُّخْصَةِ َ ،ولَكِنْ كَرِهَ مَالِكٌ شِرَاءَ الرَّ ُجلِ َادعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ إبَاحَةَ اللَّ ِعبِ لَهُنَّ بِهَا مَنْسُوخٌ ِبمَا مَرَّ . َذلِكَ لِبِنْتِهِ ،و َّ
فَائِدَةٌ :قَالَ اْلخَطَّابِيُّ َوغَيْرُهُ قَ ْولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :لَا تَدْ ُخلُ اْلمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَ ْلبٌ َولَا صُورَةٌ َولَا جُنُبٌ } . اْلمُرَادُ بِاْلمَلَائِكَةِ فِيهِ مَلَائِكَةُ الْبَ َركَةِ وَالرَّ ْحمَةِ دُونَ اْلحَ َفظَةِ فَإِنَّهُمْ لَا َيمْتَنِعُونَ لِأَ ْجلِ َذلِكَ .
سلِ سلُ َ ،بلْ مَنْ يَتَهَا َونُ بِالْغُ ْ سلَ إلَى حُضُورِ الصَّلَاةِ فَيَغْتَ ِ قِيلَ َولَيْسَ اْلمُرَادُ بِاْلجُُنبِ مِنْ ُيؤَخِّرُ الْغُ ْ
َويََّتخِذُ َذلِكَ عَادَةً فَإِنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َيطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ ،فَفِيهِ تَ ْأخِريُ
الِاغْتِسَالِ عَنْ أَوَّلِ وَ ْقتِ وُجُوبِهِ َ ،بلْ قَالَتْ عَائِشَةُ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا { :كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَنَامُ َو ُهوَ جُُنبٌ َولَا َيمَسُّ
()677/2
مَاءً } ،وَاْلمُرَادُ بِالصُّورَةِ كُلُّ مُصَوَّرٍ مِنْ َذوَاتِ الْأَ ْروَاحِ َسوَاءٌ كَاَنتْ أَ ْشخَاصًا مُنْتَصِبَةً َأوْ كَاَنتْ مَنْقُوشَةً وَفِي سَقْفٍ َأوْ جِدَارٍ َأوْ مَنْسُوجَةٍ فِي َثوْبٍ َأوْ غَيْرِ ذَلِكَ ،وَاْلمُرَادُ بِالْكَلْبِ الَّذِي لَا تَدْ ُخلُ
اْلمَلَائِكَةُ لِأَجْلِهِ َ ،ويَنْ ُقصُ بِسََببِ اقْتِنَائِهِ مِنْ َع َملِ اْلمُقْتَنِي لَهُ كُلَّ َي ْومٍ قِريَاطَانِ َكمَا فِي الْأَحَادِيثِ
الصحِيحَةِ غَيْرُ كَ ْلبِ الصَّيْدِ وَاْلحِرَاسَةِ كَذَا قِيلَ َو ُهوَ قَاصِرٌ ،فَإِنَّ َذلِكَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي نَفْسِ تِلْكَ َّ
الْأَحَادِيثِ .
أَخْرَجَ الشَّ ْيخَانِ { :مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشَِيةٍ فَإِنَّهُ يُنْ َقصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ َي ْومٍ قِريَاطَانِ } .
وَفِي ِروَايَةٍ لَ ُهمَا { :مِنْ َعمَلِهِ } . وَفِي أُخْرَى لَ ُهمَا { :كُلَّ َي ْومٍ قِريَاطٌ إلَّا كَلْبَ حَرْسٍ َأوْ مَاشِيَةٍ } . وَ ِروَايَةُ الْقِريَاطَيْنِ فِيهَا ِزيَادَةُ عِلْمٍ فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ .
وَفِي أُخْرَى ِلمُسْلِمٍ { :مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ َولَا مَاشِيَةٍ َولَا أَرْضٍ فَإِنَّهُ يُنْقَصُ مِنْ أَجْرِهِ قِريَاطَانِ كُلَّ يَ ْومٍ } .
وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ َ { :ل ْولَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ لَأَمَرْت بِقَتْلِهَا فَاقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ أَ ْسوَدَ بَهِيمٍ ،
وَمَا مِنْ َأ ْهلِ بَيْتٍ يَ ْرتَِبطُونَ كَلْبًا إلَّا نَ َقصَ مِنْ َعمَلِهِمْ كُلَّ َي ْومٍ قِريَاطٌ إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ كَ ْلبَ حَرْسٍ َأوْ كَ ْلبَ غَنَمٍ } .
()677/2
التط َُّفلُ َو ُهوَ ( الْكَبِريَةُ التَّاسِعَةُ وَالسِّتُّونَ وَالسَّبْعُونَ وَاْلحَا ِديَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ َّ :
الدُّخُولُ عَلَى طَعَامِ الْغَيْرِ ؛ لِيَ ْأ ُكلَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ إ ْذنِهِ َولَا ِرضَاهُ َوَأ ْكلُ الضَّيْفِ زَائِدًا عَلَى الشَِّبعِ مِنْ غَيْرِ َأنْ يَعْلَ َم ِرضَا اْلمُضِيفِ بِ َذلِكَ َوِإكْثَارُ الِْإنْسَانِ الَْأ ْكلَ ِمنْ مَالِ نَفْسِهِ ِبحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَضُرُّهُ ضَرَرًا َسعُ فِي اْلمَآ ِكلِ وَالْمَشَارِبِ شَ َرهًا َوَبطَرًا ) . التو ُّ بَيِّنًا وَ َّ
ضيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى صحِيحِهِ عَنْ َأبِي ُحمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ َر ِ أَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ فِي َ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا َيحِلُّ ِلمُسْلِمٍ َأنْ يَأْخُذَ عَصَا أَخِيهِ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ } . َرمَ اللَّهُ مِنْ مَالِ اْلمُسْلِمِ عَلَى اْلمُسْلِمِ . قَالَ َذلِكَ لِشِدَّةِ مَا ح َّ
وَالشَّ ْيخَانِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي ُخطْبَتِهِ فِي حَجَّةِ اْلوَدَاعِ { :إنَّ دِمَاءَكُمْ َوأَ ْموَالَكُمْ
َوَأعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ َكحُرْمَةِ َيوْمِكُمْ هَذَا ،فِي شَهْ ِركُمْ هَذَا ،فِي بَلَ ِدكُمْ هَذَا َ ،ألَا َه ْل بَلَّغْت }
. جبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَ ُه . َوَأبُو دَاوُد { :مَنْ ُدعِيَ فَلَمْ ُي ِ
وَمَنْ دَ َخلَ عَلَى غَيْرِ َد ْعوَةٍ دَ َخلَ سَارِقًا وَخَرَجَ مُغِريًا } .
وَالشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا { :اْلمُسْلِمُ يَ ْأ ُكلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ ،وَالْكَافِرُ يَ ْأ ُكلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ } .
وَمُسْلِمٌ َ { :أضَافَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَيْفًا كَافِرًا ،فَأَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ بِشَاةٍ َفحُلِبَتْ فَشَرِبَ حِلَابَهَا ،ثُمَّ أُخْرَى فَشَرِبَ حِلَابَهَا ،ثُمَّ أُخْرَى فَشَرِبَ حِلَابَهَا حَتَّى شَرِبَ حِلَابَ سَ ْبعِ شِيَاهٍ ،ثُمَّ إنَّهُ َأصْبَحَ فَأَسْلَمَ ،فَأَمَرَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ َفحُلَِبتْ فَشَرِبَ حِلَابَهَا ثُمَّ أُخْرَى فَلَمْ
يَسْتَتِمَّهُ .
فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :إنَّ اْل ُمؤْمِنَ لَيَشْرَبُ فِي مِعًى وَاحِدٍ َوإِنَّ الْكَافِرَ لَيَشْرَبُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ
}.
وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ
()672/2
سبِ ابْنِ آ َدمَ صحِيحِهِ { :مَا مَلَأَ ابْنُ آدَمَ ِوعَاءً شَرًّا مِنْ َبطْنِهِ ِ ،بحَ ْ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
َأكْلَاتٍ يُ ِقمْنَ صُلْبَهُ فَِإنْ كَانَ لَا َمحَالَةَ } وَفِي ِروَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ { :فَِإنْ غَلََبتْ الْآدَمِيَّ نَفْسُهُ فَثُ ُلثٌ ِلطَعَامِهِ َوثُ ُلثٌ لِشَرَابِهِ َوثُ ُلثٌ لِنَفَسِهِ } .
الدنْيَا َأكْثَ ُرهُمْ جُوعًا َي ْومَ الْقِيَامَةِ وَالْبَزَّارُ بِإِسْنَا َديْنِ ُروَاةُ أَحَ ِد ِهمَا ثِقَاتٌ { :فَإِنَّ َأكْثَرَ النَّاسِ شِبَعًا فِي ُّ
الدنْيَا ،كَانَ إذَا تَغَدَّى لَا } ،قَالَهُ لَِأبِي ُجحَيْفَةَ لَمَّا َتجَشَّأَ َفمَا َأ َكلَ َأبُو ُجحَيْفَةَ ِم ْلءَ َبطْنِهِ حَتَّى فَا َرقَ ُّ يَتَعَشَّى َ ،وإِذَا تَعَشَّى لَا يَتَغَدَّى .
الدنْيَا هُمْ َأ ْهلُ اْلجُوعِ غَدًا فِي الْآخِرَةِ } . وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ { :إنَّ َأ ْهلَ الشَِّبعِ فِي ُّ الدنْيَا ِسجْنُ اْل ُمؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ } . زَادَ الْبَيْهَقِيُّ ُّ { :
الدنْيَا وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَاْلحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ { :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َرأَى رَجُلًا وَابْنُ َأبِي ُّ
َعظِيمَ الَْبطْنِ فَقَالَ بُِأصْبُعِهِ لَوْ كَانَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا لَكَانَ خَيْرًا لَك } . الطوِيلِ الَْأكُولِ الشَّرُوبِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَالشَّ ْيخَانِ بِاخْتِصَارٍ { :لَُي ْؤتَيَنَّ َي ْومَ الْقِيَامَةِ بِالْ َعظِيمِ َّ فَلَا يَ ِزنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ اقْ َرءُوا إنْ شِئْتُمْ { فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ َي ْومَ الْقِيَامَةِ وَ ْزنًا } } .
الدنْيَا { :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َأصَابَهُ جُوعٌ َيوْمًا فَ َعمَدَ إلَى َحجَرٍ َفوَضَعَهُ عَلَى َبطْنِهِ وَابْنُ َأبِي ُّ
الدنْيَا جَائِعَةٍ عَارِيَّةٍ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َ ،ألَا رُبَّ مُكْ ِرمٍ لِنَفْسِهِ َو ُهوَ ثُمَّ قَالَ َ :ألَا رُبَّ نَفْسٍ طَا ِعمَةٍ نَا ِعمَةٍ فِي ُّ لَهَا مُهِنيٌ َ ،ألَا رُبَّ مُهِنيٍ لِنَفْسِهِ َو ُهوَ لَهَا مُكْ ِرمٌ } .
َوصَحَّ خَبَرٌ { :مِنْ الْإِسْرَافِ َأنْ تَ ْأ ُكلَ كُلَّ مَا اشْتَهَ ْيتَ } . وَالْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَائِشَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا { :رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ َأكَلْت فِي
()676/2
الَْي ْومِ مَرَّتَيْنِ .
َرتَيْنِ مِنْ الْإِسْرَافِ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ ،أَمَا ُتحِبِّنيَ َأنْ يَكُونَ لَك شُ ْغلٌ إلَّا َجوْفَك ،الَْأ ْكلُ فِي الَْي ْومِ م َّ
َواَللَّهُ لَا ُيحِبُّ اْلمُسْرِفِنيَ } . َوصَحَّ خَبَرٌ { :كُلُوا وَاشْ َربُوا َوتَصَدَّقُوا مَا لَمْ ُيخَاِلطْهُ إسْرَافٌ َولَا َمخِيلَةٌ } .
صحِيحٍ إلَّا مُخْتَلَفٌ فِيهِ َج ْمعٌ وَ َجمَاعَةٌ أَجِلَّاءُ ُيوَثِّقُونَهُ { :إنَّ شِرَارَ أُمَّتِي الَّذِينَ غُذُّوا وَالْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ َ
بِالنَّعِيمِ َونَبَتَتْ عَلَيْهِ أَجْسَامُهُمْ } . الدنْيَا وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِريِ وَالَْأوْسَطِ { :سَيَكُونُ رِجَالٌ مِنْ أُمَّتِي يَ ْأكُلُونَ َأْلوَانَ الطَّعَامِ ، وَابْنُ َأبِي ُّ
ب َ ،ويَتَشَدَّقُونَ فِي الْكَلَامِ ،فَأُولَئِكَ شِرَارُ أُمَّتِي } . َويَشْ َربُونَ َأْلوَانَ الشَّرَابِ َ ،ويَلْبَسُونَ َأْلوَانَ الثِّيَا ِ
اللحْمُ وَاللَّبَنُ . َوصَحَّ بِسَنَدٍ فِيهِ ُمخْتَلَفٌ فِيهِ { :يَا ضَحَّاكُ مَا طَعَامُك ؟ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ َّ
قَالَ ثُمَّ يَصِريُ إلَى مَاذَا ؟ قَالَ إلَى مَا عَ ِلمْت قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ضَرَبَ مَا َيخْرُجُ مِنْ ابْنِ آ َدمَ مَثَلًا
ِلدنْيَا } . ل ُّ َولَانِ فَلِأَنَّ ُهمَا مِنْ َأ ْكلِ أَ ْموَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ، تَنْبِيهٌ :عَدُّ الثَّلَاثَةِ الُْأوَلِ مِنْ الْكَبَائِرِ ظَاهِرٌ ،أَمَّا الْأ َّ وَخَبَرُ َأبُو دَاوُد السَّابِقُ صَرِيحٌ فِي الْأَوَّلِ لِلتَّعْبِريِ فِيهِ بِ َق ْولِهِ { :دَ َخلَ سَارِقًا وَخَرَجَ مُغِريًا } َولَمْ
يُضَعِّفْهُ َأبُو دَاوُد فَ ُهوَ صَاِلحٌ لِلِاحِْتجَاجِ بِهِ عِنْدَهُ ،لَكِنْ قَالَ غَيْرُهُ إنَّ فِيهِ َمجْهُولًا وَ ُمخْتَلِفًا فِي َت ْوثِيقِهِ
جمْهُورُ عَلَى تَضْعِيفِهِ ،وَأَمَّا الثَّاِلثُ فَلِأَنَّهُ مِنْ إضْرَارِ النَّفْسِ َو ُهوَ كَبِريَةٌ كَِإضْرَارِ الْغَيْرِ َوكَذَا عَدُّ ،وَاْل ُ
الرَّابِعَةِ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي اللِّبَاسِ ِبمَا فِيهِ مِنْ أَنَّ َت ْطوِيلَ الْإِزَارِ لِ ْلخُيَلَاءِ كَبِريَةٌ ِبجَا ِمعِ أَنَّ كُلاا مِنْ ُهمَا
ح َملُ مَا فِي هَذِهِ َالز ْهوِ وَالْكِبْرِ َ ،وعَلَى هَذَا الشِّبَعُ اْلمُضِرُّ َأوْ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ ُي ْ يُنْبِئُ عَنْ الْ ُعجْبِ و َّ الْأَحَادِيثِ مِنْ اْل َوعِيدِ َ ،وُيؤَيِّدُ َذلِكَ َقوْلُ اْلحَلِيمِيِّ فِي
()676/2
الدنْيَا وَاسَْتمْتَعْتُمْ بِهَا فَالَْي ْومَ ُتجْ َز ْونَ عَذَابَ الْهُونِ } َقوْله تَعَالَى { :أَ ْذهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ ُّ
الْآيَةَ .
حظُورَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ هَذَا اْل َوعِيدُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى َ ،وِإنْ كَانَ لِلْكُفَّارِ الَّذِينَ يُقْدِمُونَ عَلَى الطَّيِّبَاتِ اْل َم ْ
تَعَالَى { :فَالْيَ ْومَ ُتجْ َز ْونَ عَذَابَ الْهُونِ } فَقَدْ ُيخْشَى مِثْلُهُ عَلَى اْلمُنْ َهمِكِنيَ فِي الطَّيِّبَاتِ اْلمُبَاحَةِ ؛ الدنْيَا فَلَمْ يَأْمَنْ َأنْ يَ ْرتَ ِكبَ فِي الشَّ َهوَاتِ وَاْلمَلَاذِ كُلَّمَا أَجَابَ نَفْسَهُ لِأَنَّ مَنْ تَعَوَّ َدهَا مَاَلتْ نَفْسُهُ إلَى ُّ َد بَابُ إلَى وَاحِدٍ مِنْهَا َدعَتْهُ إلَى غَيْرِهِ فَيَصِريُ إلَى َأنْ لَا ُيمْكِنَهُ عِصْيَانُ نَفْسِهِ فِي َهوًى قَطُّ َ ،ويَنْس ُّ
الدنْيَا الْعِبَادَةِ دُونَهُ فَإِذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى هَذَا لَمْ يَبْعُدْ َأنْ يُقَالَ لَهُ { :أَ ْذهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ ُّ
وَاسَْتمْتَعْتُمْ بِهَا فَالَْي ْومَ ُتجْ َز ْونَ عَذَابَ الْهُونِ } فَلَا يَنْبَغِي َأنْ تُعَوَّدَ النَّفْسُ ِبمَا َتمِيلُ بِهِ إلَى الشَّرَهِ فَيَصْ ُعبُ تَدَا ُركُهَا َولْتَرْضَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ عَلَى السَّدَادِ فَإِنَّ ذَلِكَ َأ ْه َونُ مِنْ َأنْ تَدِبَّ عَلَى الْفَسَادِ ثُمَّ
َيجْتَهِدُ فِي إعَا َدتِهَا إلَى الصَّلَاحِ َواَللَّهُ َأعْلَمُ .
التط َُّفلِ ؛ وَ َذلِكَ أَنَّهُ لَمَّا حَكَى انْتَهَى :ثُمَّ َرَأيْت فِي كَلَامِ الْأَذْ َرعِيِّ وَالزَّ ْركَشِيِّ مَا ُيؤَيِّدُ مَا َذكَرْته فِي َّ
الد ْعوَةَ بِغَيْرِ ُدعَاءٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ َولَا يَسَْتحِلُّ َقوْلَ الشَّافِعِيِّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْأُمِّ :مَنْ يَغْشَى َّ الد ْعوَةُ َد ْعوَةَ رَ ُجلٍ صَا ِحبُ الطَّعَامِ فَتَتَاَبعَ َذلِكَ مِنْهُ رُدَّتْ شَهَا َدتُهُ ؛ لِأَنَّهُ يَ ْأ ُكلُ مُحَرَّمَا إذَا كَانَتْ َّ
بِعَيْنِهِ ،فَأَمَّا إذَا كَانَ طَعَامُ سُ ْلطَانٍ َأوْ رَ ُجلٍ يَتَشَبَّهُ بِسُ ْلطَانٍ فَيَ ْدعُو النَّاسَ فَهَذَا طَعَامُ عَامَّةٍ َولَا بَأْسَ بِهِ .
انْتَهَى بِلَ ْفظِهِ . الر ْوضَةِ عَنْ الشَّا ِملِ َّإنمَا اشْتَرَطَ تَكْرَارَ َذلِكَ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ شُبْهَةٌ حَتَّى َيمْنَعَهُ قَالَ :وَفِي َّ صَا ِحبُ الطَّعَامِ ،فَإِذَا تَكَرَّرَ صَارَ َدنَاءَةً
()676/2
وَقِلَّةَ مُرُوءَةٍ انْتَهَى .
الد ْعوَةِ ؛ لِأَنَّهُ يَصِريُ ثُمَّ قَالَ مَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ َّإنمَا اشْتَرَطَ التَّكْرَارَ فِي حُضُورِ َّ َدنَاءَةً وَقِلَّةَ مُرُوءَةٍ بِخِلَافِ مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ ع ََّللَ الرَّدَّ بِأَنَّهُ يَ ْأ ُكلُ مُحَرَّمًا .
َوهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الرَّدِّ مِنْ جِهَةِ إصْرَارِهِ عَلَى الصَّغِريَةِ فَإِنَّهَا تَصِريُ فِي حُكْمِ الْكَبِريَةِ لَا مِنْ التحْ ِرميَ َ ،ولَا شَكَّ أَنَّهُ مُشَْت ِملٌ عَلَى الْأَمْ َريْ ِن َ ،وهَذَا فِي الَْأ ْكلِ جِهَةِ تَرْكِ اْلمُرُوءَةِ فَإِنَّهَا لَا تَقْتَضِي َّ اْل ُمجَرَّدِ ،أَمَّا َلوْ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ انْتِهَابُ الطَّعَامِ النَّفِيسِ وَاْلحُ ْلوِ َأوْ َحمْلِهِ َكمَا يَفْعَلُهُ السَّفَلَةُ َويَشُقُّ
َذلِكَ عَلَى اْلحَاضِرِينَ َويَغُضُّونَ عَنْهُ حَيَاءً فَهُوَ خَ ْرقٌ لِ ْلمُرُوءَةِ َوِإلْقَاءٌ ِلجِلْبَابِ اْلحَيَا ِء ،فَيَكْفِي فِي رَدِّ
الشَّهَادَةِ بِهِ اْلمَرَّةُ اْلوَاحِدَةُ َولَا يُعْتَبَرُ التَّكْرَارُ .
انْتَهَى .
ُوتِهِ بَعْد إيرَادِهِ كَلَامَ ابْنِ الصَّبَّاغِ َوأَشَارَ غَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَخَذَ َذلِكَ مِنْ َقوْلِ شَ ْيخِهِ الْأَذْ َرعِيِّ فِي ق َّ إلَى أَنَّهُ صَغِريَةٌ فَإِذَا تَكَرَّرَ صَارَ فِي حُكْمِ الْكَبِريَةِ .
َرتَيْنِ لَا يَبْلُغُهُ غَالِبًا لَكِنَّهُ تَرْكُ صبِ كَبِريَةً ،وَالَْأ ْكلُ مَرَّةً َأوْ م َّ َدمَ اعْتِبَارُ ُرُبعِ دِينَارٍ فِي جَ ْعلِ الْغَ ْ وَقَدْ تَق َّ
مُرُوءَةٍ .
الد ْعوَةَ اْلخَاصَّةَ يَنْتَ ِهبُ مِنْهَا شَيْئًا كَثِريًا مِنْ نَعَمْ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ السَّفَلَةِ مِنْ اْلمَُتطَفِّلِنيَ إذَا حَضَرَ َّ الد ْعوَ ِة َ ،وإِنَّمَا يَسْ ُكتُ حمِلُهُ َويَشُقُّ َذلِكَ مَشَقَّةً شَدِيدَةً عَلَى صَا ِحبِ َّ الَْأطْ ِعمَةِ النَّفِيسَةِ وَاْلحَ ْلوَى َوَي ْ َحيَاءً مِنْ النَّاسِ وَمُرُوءَةً فَهُوَ خَ ْرقٌ لِ ْلمُرُوءَةِ َونَ ْزعٌ ِلجِلْبَابِ اْلحَيَاءِ ،فَيَكْفِي فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ اْلمَرَّةُ
اْلوَاحِدَةُ .
وَفِي اْل َموْقِفِ لِ ْلجِيلِيِّ َ :ولَا تُقَْبلُ شَهَادَةُ الطُّفَيْلِيِّ الَّذِي يَ ْأتِي طَعَامَ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ َد ْعوَ ٍة ،وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ َولَا نَعْلَمُ فِيهِ
()673/2
ُمخَالِفًا ِلمَا ُروِيَ مَرْفُوعًا { :مَنْ َأتَى طَعَامًا لَمْ يُ ْدعَ إلَيْهِ دَ َخلَ سَارِقًا وَخَرَجَ مُغِريًا } ؛ َولِأَنَّهُ يَ ْأ ُكلُ
ُمحَرَّمًا وَيَفْ َعلُ مَا فِيهِ سَفَهٌ وَ َدنَاءَةٌ وَ َذهَابُ مُرُوءَةٍ فَِإنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهُ لَمْ تُرَدَّ شَهَا َدتُهُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الصَّغَائِرِ انْتَهَى . قَالَ الْأَذْ َرعِيُّ َ :وهَذَا فِي الَْأ ْكلِ اْل ُمجَرَّدِ دُونَ النَّ ْهبِ َكمَا بَيَّنَّاهُ انْتَهَى .
خَاِتمَةٌ َ :روَى الشَّ ْيخَانِ عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َموْقُوفًا عَلَيْهِ " :شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ اْل َولِيمَةِ يُ ْدعَى إلَيْهَا الَْأغْنِيَاءُ الد ْعوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ " . َويُتْرَكُ اْلمَسَاكِنيُ ،وَمَنْ لَمْ يَأْتِ َّ
ظ { :شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ اْل َولِيمَةِ ُيمْنَعُهَا مَنْ وَ َروَاهُ مُسْلِمٌ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَفْ ِ الد ْعوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ } . جبْ َّ يَ ْأتِيهَا َويُ ْدعَى إلَيْهَا مِنْ يَ ْأبَاهَا ،وَمَنْ لَمْ ُي ِ وَالشَّ ْيخَانِ { :إذَا ُدعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى اْل َولِيمَةِ فَلْيَ ْأتِهَا } .
حوَهُ } . جبْ عُرْسًا كَانَ َأوْ َن ْ وَفِي ِروَايَةٍ ِلمُسْلِمٍ { :إذَا َدعَا أَحَ ُدكُمْ أَخَاهُ فَلُْي ِ وَفِي أُخْرَى لَهُ :إذَا ُدعِيتُمْ إلَى كَرَاعٍ -أَيْ َو ُهوَ َمحَلٌّ بِقُرْبِ خَلِيصٍ -فَأَجِيبُوا " .
وَفِي أُخْرَى لَهُ { :إذْ ُدعِيَ أَحَ ُدكُمْ إلَى طَعَامٍ فَلُْيجِبْ ،فَِإنْ شَاءَ طَعِمَ َوِإنْ شَاءَ تَرَكَ } . َوَأبُو دَاوُد { :نَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ طَعَامِ اْلمُتَبَارِينَ -أَيْ اْلمُتَبَاهِنيَ َ -أنْ ُي ْؤ َكلَ } َوَأكْثَرُ الروَاةِ عَلَى إرْسَالِهِ . ُّ
صلُ عِنْ َدنَا أَنَّ الْإِجَابَةَ ِل َولِيمَةِ الْعُرْسِ وَاجِبَةٌ بِشُرُوطِهَا اْلمُقَرَّرَةِ فِي َمحَلِّهَا َ ،ولِسَائِرِ الْ َولَائِمِ وَاْلحَا ِ غَيْ ِرهَا مُسَْتحَبَّةٌ .
َوأَخْرَجَ مُسْلِمٌ { :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلَعْقِ الَْأصَاِبعِ وَالصَّ ْفحَةِ ،وَقَالَ إنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي
أَيِّ طَعَامِكُمْ الْبَ َركَةُ } .
وَمُسْلِمٌ { :إذَا وَقَ َعتْ لُ ْقمَةُ أَحَ ِدكُمْ فَلْيَأْخُ ْذهَا فَلُْيمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى وَلْيَ ْأكُلْهَا َولَا يَ َدعُهَا
لِلشَّ ْيطَانِ َولَا
()676/2
سحْ يَدَهُ بِاْلمَنْدِيلِ حَتَّى يَلْعَقَ َأصَابِعَهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ الْبَ َركَةُ } . َيمْ َ
وَمُسْلِمٌ { :إنَّ الشَّ ْيطَانَ لََيحْضُرُ أَحَ ُدكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَ ْيءٍ مِنْ شَ ْأنِهِ حَتَّى َيحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ ،فَإِذَا سَ َق َطتْ لُ ْقمَةُ أَحَ ِدكُمْ فَلْيَأْخُ ْذهَا فَلُْيمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى ثُمَّ لِيَ ْأكُلهَا َولَا يَ َدعُهَا لِلشَّيْطَانِ فَإِذَا فَ َرغَ
فَلْيَلْعَقْ َأصَابِعَهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ الْبَ َركَةَ } وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ حِبَّانَ { :فَإِنَّ آخِرَ الطَّعَامِ الْبَ َركَةُ } . وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ { :إذَا َأ َكلَ أَحَ ُدكُمْ فَلْيَلْعَقْ َأصَابِعَهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيَّتِهِنَّ الْبَ َركَةُ } .
وَالشَّ ْيخَانِ َوَأبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ { :إذَا َأ َكلَ أَحَ ُدكُمْ طَعَامًا فَلَا َيمْسَحْ َأصَابِعَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا َأوْ يُلْعِقَهَا } .
وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ َوَأبُو دَاوُد عَنْ حُ َذيْفَةَ { :كُنَّا إذَا حَضَ ْرنَا َمعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضعْ أَحَ ُدنَا يَدَهُ حَتَّى يَبْ َدَأ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ ،وإِنَّا حَضَ ْرنَا مَعَهُ طَعَامًا َفجَاءَ طَعَامًا لَمْ يَ َ
ضعَ يَدَهُ فِي الطَّعَامِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ،ثُمَّ َأعْرَابِيٌّ كَأََّنمَا يَدْ َفعُ فَ َذ َهبَ لِيَ َ ضعَ يَ َدهَا فِي الطَّعَامِ فََأخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَتْ جَا ِريَةٌ كَأَنَّهَا تَدْ َفعُ فَذَهََبتْ لِتَ َ
بِيَ ِدهَا وَقَالَ :إنَّ الشَّ ْيطَانَ لَيَسَْتحِلُّ الطَّعَامَ الَّذِي لَمْ يُ ْذكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ َ ،وإِنَّهُ جَاءَ بِهَذَا اْلَأعْرَابِيِّ
يَسَْتحِلَّ بِهِ فَأَخَذْت بِيَدِهِ ،وَجَاءَ بِهَذِهِ اْلجَا ِريَةِ يَسَْتحِلَّ بِهَا فَأَخَذْت بِيَ ِدهَا َ ،ف َواَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّ
يَدَهُ لَفِي يَدِي مَعَ َأيْدِي ِهمَا } .
َوصَحَّ { :أَنَّ رَجُلًا َأ َكلَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَ ْنظُرُ إلَيْهِ فَلَمْ يُسَمِّ حَتَّى كَانَ فِي آخِرِ طَعَامِهِ َولِهِ وَآخِرِهِ ،فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ أ َّ
()676/2
مَا زَالَ الشَّ ْيطَانُ يَ ْأ ُكلُ مَعَهُ حَتَّى سَمَّى َفمَا بَقِيَ فِي َبطْنِهِ شَ ْيءٌ إلَّا قَاءَهُ } .
وَ َروَى الطَّبَرَانِيُّ { :مَنْ سَرَّهُ َأنْ لَا َيجِدَ الشَّ ْيطَانُ عِنْدَهُ طَعَامًا َولَا مَقِيلًا َولَا مَبِيتًا فَلْيُسَلِّمْ إذَا دَ َخلَ
بَيْتَهُ َولْيُسَمِّ عَلَى طَعَامِهِ } .
َوَأبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ عَنْ مُعَاذِ بْنِ َأنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى حمْدُ لِلَّهِ الَّذِي َأطْ َعمَنِي هَذَا الطَّعَامَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :مَنْ َأ َكلَ طَعَامًا ثُمَّ قَالَ اْل َ َدمَ مِنْ َذنْبِهِ } . غَيْرِ َحوْلٍ مِنِّي َولَا قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَق َّ
التوْرَاةِ إنَّ بَرَكَةَ الطَّعَامِ اْل ُوضُوءُ بَعْدَهُ ، َوَأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ َوضَعَّفَهُ عَنْ سَ ْلمَانَ قَالَ { :قَ َرأْت فِي َّ التوْرَاةِ ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى فَ َذكَرْت َذلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ ،وأَخْبَرْته ِبمَا َقرَأْت فِي َّ
سلُ الْيَ َديْنِ ،وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ { :مَنْ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :بَ َركَةُ الطَّعَامِ اْل ُوضُوءُ قَبْلَهُ } :أَيْ غَ ْ
أَحَبَّ َأنْ يُكْثِرَ اللَّهُ خَيْرَ بَيْتِهِ فَلْيََتوَضَّأْ إذَا حَضَرَ غَدَاؤُهُ َوإِذَا رَ َفعَ } َ ،وكَ ِرهَهُ سُفْيَانُ وَمَالِكٌ قَبْلَهُ . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ َ :وكَذَا صَاحِبُنَا الشَّافِعِيُّ اسَْتحَبَّ تَ ْركَهُ ِلخَبَرِ مُسْلِمٍ َوغَيْرِهِ { :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ُأتِيَ بِالطَّعَامِ فَقِيلَ لَهُ َألَا تََتوَضَّأُ ؟ فَقَالَ لَمْ ُأصَلِّ فََأَتوَضَّأُ } . وَفِي ِروَايَةٍ لَِأبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ َّ { :إنمَا أُمِرْت بِاْل ُوضُوءِ إذَا ُقمْت إلَى الصَّلَاةِ } َ ،وَأبُو دَاوُد
صحِيحِهِ { :مَنْ نَامَ وَفِي يَدِهِ َغمَرٌ } -أَيْ بِفَ ْتحِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
اللحْمِ وَ ُزهُومَتِهِ { -لَمْ يَغْسِلْهُ فََأصَابَهُ شَ ْيءٌ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ جمَةِ وَاْلمِيمِ بَعْ َدهَا رَاءٌ :رِيحُ َّ اْلمُ ْع َ
} وَاخْتُلِفَ فِي سَنَدِهِ .
صحِيحٍ وَمِنْ طَرِيقٍ حَسَنٍ إلَّا صلُ أَنَّهُ حَدِيثٌ َبلْ ُروِيَ َشطْرُهُ الثَّانِي مِنْ طَرِيقٍ َ وَاْلحَا ِ
()676/2
ضحٌ -أَيْ بَرَصٌ -فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ } َ ،وصَحَّ { :الْبَ َركَةُ تَنْزِلُ وَسَطَ أَنَّ فِيهِ { :فََأصَابَهُ َو َ الطَّعَامِ فَكُلُوا مِنْ حَافَّتِهِ َولَا تَ ْأكُلُوا مِنْ وَ َسطِهِ } .
لصحْفَةِ َولَكِنْ لِيَ ْأ ُكلَ مِنْ أَسْفَلِهَا } . َوصَحَّ َأيْضًا { :إذَا َأ َكلَ أَحَ ُدكُمْ طَعَامًا فَلَا يَ ْأ ُكلُ مِنْ َأعْلَى ا َّ َوصَحَّ َأيْضًا { :نِعْمَ الْإِدَامُ اْلخَلَّ } .
َادهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ َشجَرَةٍ مُبَا َركَةٍ } . الزْيتَ و َّ َححَ اْلحَاكِمُ ؟ { كُلُوا َّ َوص َّ اللحْمَ نَهْشًا فَإِنَّهُ َأهْنَأُ َوأَمْ َرأُ } . وَفِي ِروَايَةٍ { :فَإِنَّهُ طَِّيبٌ مُبَارَكٌ ،وَانْهَشُوا َّ
َوصَحَّ { :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَزَّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ فَأَ َكلَ ثُمَّ صَلَّى } .
َوأَمَّا خَبَرُ َأبِي دَاوُد َوغَيْرِهِ عَنْ َأبِي مَعْشَرٍ { :لَا تَ ْقطَعُوا اللَّحْمَ بِالسِّكِّنيِ فَإِنَّهُ مِنْ صَنِيعِ الَْأعَاجِمِ
وَانْهَشُوهُ نَهْشًا فَإِنَّهُ َأهْنَأُ َوأَمْ َرأُ } ،فََأبُو مَعْشَرٍ َوِإنْ لَمْ يُتْرَكْ لَكِنَّ هَذَا اْلحَدِيثَ مِمَّا ُأنْكِرُ عَلَيْهِ .
وَ َروَى َأبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ َوَأبُو الشَّ ْيخِ { :إنَّ أَحَبَّ الطَّعَامِ إلَى اللَّهِ مَا كَثُرَتْ عَلَيْهِ الَْأيْدِي } . صحِيحِهِ { :قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَ ْأ ُكلُ َولَا نَشَْبعُ ،قَالَ َوَأبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
َرقُ قَالَ اجَْتمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ وَا ْذكُرُوا اسْمَ اللَّهِ َتجَْتمِعُونَ عَلَى طَعَامِكُمْ َأوْ تَتَفَرَّقُونَ ؟ قَالُوا نَتَف َّ عَلَيْهِ يُبَارَكُ لَكُمْ فِيهِ } .
َوصَحَّ { :لِيَ ْأ ُكلْ أَحَ ُدكُمْ بَِيمِينِهِ َ ،ولْيَشْرَبْ بَِيمِينِهِ َ ،ولْيَأْخُذْ بَِيمِينِهِ َ ،ولْيُعْطِ بَِيمِينِهِ ،فَإِنَّ الشَّ ْيطَانَ شمَالِهِ } . شمَالِهِ َ ،ويَأْخُ ُذ بِ ِ شمَالِهِ َ ،ويُ ْعطِي بِ ِ شمَالِهِ َ ،ويَشْرَبُ بِ ِ يَ ْأ ُكلُ بِ ِ َوصَحَّ { :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ النَّ ْفخِ فِي الشَّرَابِ .
فَقَالَ رَ ُجلٌ الْقَذَاةُ أَرَاهَا فِي الْإِنَاءِ فَقَالَ َأهْرِقْهَا قَالَ :فَإِنِّي لَا أُ ْروَى مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ قَالَ فََأبِنْ الْقَدَحَ
إذًا عَنْ فِيك } .
صحِيحِهِ { :نَهَى رَسُولُ وَ َروَى َأبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
()677/2
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشُّرْبِ مِنْ ثُ ْلمَةِ الْقَدَحِ َوَأنْ يُنْ َفخَ فِي الشَّرَابِ } . وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َأنْ يُتَنَفَّسَ فِي الِْإنَاءِ َأوْ يُنْفَخَ فِيهِ } .
َوصَحَّ { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َأنْ يَشْرَبَ الرَّ ُجلُ مِنْ فِي السِّقَاءِ َوَأنْ يَتَنَفَّسَ فِي الِْإنَاءِ } .
َوصَحَّ { :كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَنَفَّسُ ثَلَاثًا } . وَفِي ِروَايَةٍ { :كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الِْإنَاءِ ثَلَاثًا َويَقُولُ ُهوَ أَمْرَأُ َوأَ ْروَى } . ِلروَايَةِ السَّابِقَةِ { :فََأبِنْ الْقَدَحَ إذًا عَنْ فِيك } . وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ يُبِنيُ الْقَدَحَ عَنْ فِيهِ ثُمَّ يَتَنَفَّسُ ل ِّ
َوصَحَّ { :نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ -يَعْنِي َأنْ تُكْسَرَ أَفْوَاهُهَا - فَيُشْرَبُ مِنْهَا } .
َوصَحَّ عَنْ َأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { :نَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َأنْ يُشْرَبَ مِنْ فِي السِّقَاءِ فَُأنْبِ ْئتُ أَنَّ رَجُلًا شَرِبَ مِنْ فِي السِّقَاءِ َفخَرَ َجتْ عَلَيْهِ حَيَّةٌ } .
()677/2
الزوْجَاتِ عَلَى الْأُخْرَى بَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ ( الْكَبِريَةُ الثَّالِثَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْ ِن :تَرْجِيحُ إحْدَى َّ ظُ ْلمًا َوعُ ْدوَانًا ) .
َححَهُ عَلَى شَ ْرطِ ِهمَا عَنْ َأبِي هُ َريْرَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ َوتَكَلَّمَ فِيهِ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :مَنْ كَاَنتْ عِنْدَهُ امْ َرَأتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَ ُهمَا جَاءَ يَ ْومَ الْقِيَامَةِ
وَشِقُّهُ سَاقِطٌ } . َوَأبُو دَاوُد { :مَنْ كَاَنتْ لَهُ امْ َرَأتَانِ َفمَالَ إلَى إحْدَا ُهمَا جَاءَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَاِئلٌ } .
وَالنَّسَائِيُّ { :مَنْ كَاَنتْ لَهُ امْ َرَأتَانِ َيمِيلُ إلَى إحْدَا ُهمَا عَلَى الْأُخْرَى جَاءَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َوأَحَدُ شِقَّيْهِ
مَاِئلٌ } .
صحِيحَيْ ِهمَا َ { :وأَحَدُ شِقَّيْهِ سَاقِطٌ } ،وَاْلمُرَادُ بِ َق ْولِهِ َفمَالَ وَفِي ِروَايَةٍ لِابْنِ مَاجَهْ وَابْنِ حِبَّانَ فِي َ َرمَ الشَّا ِرعُ التَّرْجِيحَ فِيهَا َجحَ إحْدَا ُهمَا فِي الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي ح َّ وَ َق ْولِهِ َيمِيلُ ،اْلمَ ْيلُ ِبظَاهِرِهِ بَِأنْ يُر ِّ صحِيحِهِ عَنْ عَائِشَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : صحَابِ السُّنَنِ الْأَ ْربَعَةِ وَابْنِ حِبَّانَ فِي َ ،لَا اْلمَ ْيلُ الْقَلْبِيُّ ِلخَبَرِ َأ ْ
سمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَ ُلمْنِي فِيمَا { كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ َويَقُولُ اللَّهُمَّ هَذَا قَ ْ َتمْلِكُ َولَا أَمْلِكُ } يَعْنِي الْقَ ْلبَ .
ِي ُروِيَ مُرْسَلًا وَ ُهوَ َأصَحُّ . وَقَالَ التِّرْمِذ ُّ
سطِنيَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِ َر مِنْ نُورٍ عَنْ َيمِنيِ الرَّ ْحمَنِ ،وَكِلْتَا يَ َديْهِ وَ َروَى مُسْلِمٌ َوغَيْرُهُ { :إنَّ اْلمُقْ ِ
َيمِنيٌ الَّذِينَ يَعْ ِدلُونَ فِي حُ ْكمِهِمْ َوَأهْلِيهِمْ وَمَا َولُوا } .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ قَضِيَّةُ هَذَا اْل َوعِيدِ الَّذِي فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ َو ُهوَ ظَاهِرٌ َوِإنْ لَمْ يَ ْذكُرُوهُ لِمَا فِيهِ ِمنْ الْإِيذَاءِ الْ َعظِيمِ الَّذِي لَا ُيحَْت َملُ .
()672/2
ق َزوْجَتِهِ اْلوَاجِبَةِ لَهَا ( الْكَبِريَةُ الرَّابِعَةُ وَاْلخَامِسَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ مَ ْنعُ الزَّوْجِ حَقاا مِنْ حُقُو ِ
َالتمَُّتعِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ شَ ْرعِيٍّ ) . عَلَيْهِ كَاْلمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَمَنْعُهَا حَقاا لَهُ عَلَيْهَا كَ َذلِكَ ،ك َّ
قَالَ تَعَالَى َ { :ولَهُنَّ مِ ْثلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِاْلمَعْرُوفِ َولِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } َذكَرَهُ تَعَالَى عَ ِقبَ َق ْولِهِ َ { :وبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي َذلِكَ إنْ أَرَادُوا إصْلَاحًا } لِأَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ اْلمَقْصُودَ مِنْ اْلمُرَاجَعَةِ الزوْجَيْنِ حَقاا عَلَى الْآخَرِ . إصْلَاحُ حَالِهَا لَا إيصَالُ الضَّرَرِ إلَيْهَا بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ َّ
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إنِّي لََأتَزَيَّنُ لِامْ َرَأتِي َكمَا تَتَزَيَّنُ لِي لِهَذِهِ الْآيَةِ .
جبُ عَلَيْهَا الِانْقِيَادُ وَالطَّاعَةُ لَهُ ،وَقِيلَ : جبُ عَلَيْهِ َأنْ يَقُومَ ِبحَقِّهَا وَمَصَاِلحِهَا َ ،وَي ِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ َ :ي ِ الزوْجِ إرَادَةُ الِْإصْلَاحِ عِنْدَ اْلمُرَاجَعَةِ َ ،وعَلَيْهِنَّ تَرْكُ الْكِ ْتمَانِ فِيمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ لَهُنَّ عَلَى َّ .
وَالَْأ ْولَى إبْقَاءُ الْآيَةِ عَلَى الْ ُعمُومِ َوِإنْ كَانَ صَدْ ُرهَا ُيؤَيِّدُ هَذَا الْ َقوْلَ ،ثُمَّ دَرَجَةُ الرَّ ُجلِ عَلَيْهَا ؛ لِ َك ْونِهِ
َأ ْك َملَ مِنْهَا فَضْلًا َوعَقْلًا وَ ِديَةً وَمِريَاثًا َوغَنِيمَةً َ ،و َك ْونِهِ يَصْ ُلحُ لِلْإِمَامَةِ وَالْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ َ ،و َك ْونِهِ يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا َويَتَسَرَّى َ ،ويَقْدِرُ عَلَى طَلَاقِهَا وَرَجْعَتِهَا ،وَِإنْ َأَبتْ َولَا عَكْسَ َ ،وَأيْضًا فَ ُهوَ أَخَصُّ
بَِأْنوَاعٍ مِنْ الرَّ ْحمَةِ وَالِْإصْلَاحِ كَالْتِزَامِ اْلمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالذَّبِّ عَنْهَا ،وَالْقِيَامِ ِبمَصَاِلحِهَا ،وَمَنْعِهَا مِنْ َموَا ِقعِ الْآفَاتِ ،فَكَانَ قِيَامُهَا ِبخِدْمَتِهِ آكَدُ لِهَذِهِ اْلحُقُوقِ الزَّائِدَةِ َكمَا قَالَ تَعَالَى { :الرِّجَالُ قَوَّامُونَ َضلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَ ْعضٍ َوِبمَا َأنْفَقُوا ِمنْ أَ ْموَالِهِمْ } . عَلَى النِّسَاءِ ِبمَا ف َّ
وَمِنْ ثَمَّ قَالَ اْلمُفَسِّرُونَ فِي تَفْسِريِ هَذِهِ الْآيَةِ :تَفْضِيلُ
()676/2
الرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ مِنْ وُجُوهٍ كَثِريَةٍ حَقِيقِيَّةٍ وَشَ ْرعِيَّةٍ َ :فمِنْ الْأَوَّلِ :أَنَّ عُقُولَهُمْ َوعُلُومَهُمْ َأكْثَرُ وَقُلُوبَهُمْ عَلَى الَْأ ْعمَالِ الشَّاقَّةِ َأصْبَرُ وَكَ َذلِكَ الْقُوَّةُ وَالْكِتَابَةُ غَالِبًا وَالْفُرُوسِيَّةُ وَالرَّمْيُ ،وَفِيهِمْ الْعُ َلمَاءُ وَالْإِمَامَةُ جمُعَةُ وَالِاعْتِكَافُ وَالشَّهَادَةُ فِي اْلحُدُودِ خطْبَةُ وَاْل ُ الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى وَاْلجِهَادُ وَالْأَذَانُ وَاْل ُ
الديَةِ َ ،و ِولَايَةُ النِّكَاحِ َملُ ِّ ح ُوهَا ،وَ ِزيَادَةُ اْلمِريَاثِ ،وَالتَّعْصِيبُ َوَتح ُّ وَالْقِصَاصُ وَالَْأنْ ِكحَةُ َوَن ْ
ح ِو ِهمَا ، وَالطَّلَاقِ ،وَالرَّجْعَةُ َوعَدَدُ الْأَ ْزوَاجِ َوِإلَيْهِمْ الِانْتِسَابُ وَمِنْ الثَّانِي َ :عطِيَّةُ اْلمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ َونَ ْ
سجُ ْدنَ لِأَ ْزوَاجِهِنَّ ِلمَا سجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْت النِّسَاءَ َأنْ يَ ْ وَفِي اْلحَدِيثِ َ { :لوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا َأنْ يَ ْ جَ َعلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ اْلحَقِّ } َ ،فحِينَئِذٍ اْلمَ ْرأَةُ كَالْأَسِريِ الْعَاجِزِ فِي يَدِ الرَّ ُجلِ َ ،ولِهَذَا أَمَرَ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاْل َوصِيَّةِ بِهِنَّ خَيْرًا فَقَالَ { :وَاسَْت ْوصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإَِّنمَا هُنَّ َعوَانٌ عِنْ َدكُمْ } . أَيْ أَسِريَاتٌ .
وَقَالَ { :اتَّقُوا اللَّهَ فِي الضَّعِيفَيْنِ اْل َممْلُوكِ وَاْلمَ ْرأَةِ } . وَقَالَ تَعَالَى َ { :وعَاشِرُوهُنَّ بِاْلمَعْرُوفِ } قَالَ الزَّجَّاجُ ُ :هوَ النَّصَفَةُ فِي النَّفَقَةِ وَالْبَيْتِ ،وَالْإِ ْجمَالُ فِي الْ َقوْلِ ،وَقِيلَ ُ :هوَ َأنْ يَتَصََّنعَ لَهَا َكمَا تَتَصََّنعُ لَهُ .
َونَ َقلَ الْقُ ْرطُبِيُّ عَنْ عُ َلمَائِهِمْ أَنَّهُمْ اسْتَدَلُّوا بِهَذَا عَلَى أَنَّ اْل َم ْرأَةَ إذَا لَمْ يَكْفِهَا إلَّا َأكْثَرُ مِنْ خَا ِدمٍ وَ َجبَ ،ثُمَّ غَلَّطَ الشَّافِعِيُّ َأبَا حَنِيفَةَ َرضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ُهمَا فِي َق ْولِ ِهمَا :لَا َيجِبُ لَهَا إلَّا خَا ِدمٌ
وَاحِدٌ إذْ مَا مِنْ امْ َرأَةٍ فِي الْعَالَمِ إلَّا َويَكْفِيهَا خَادِمٌ وَاحِدٌ بِأَنَّ بَنَاتِ اْلمُلُوكِ اللَّاتِي لَهُنَّ شَ ْأنٌ كَبِريٌ لَا سلِ ثِيَابِهَا ،وَيُرَدُّ بِأَنَّ تَغْلِيظَ الَْأئِمَّةِ يَكْفِي اْلوَاحِدَةَ مِنْهُنَّ خَادِمٌ وَاحِدٌ ِلطَ ْبخِهَا َوغَ ْ
()676/2
الزوْجِيَّةُ ث َّ الزوْجِ مِنْ حَ ْي ُ جبُ عَلَى َّ ِب ُمجَرَّدِ هَذَا اْلخَيَالِ ُهوَ عَيْنُ اْلخَبَالِ ،لِأَنَّ الْكَلَامَ َّإنمَا ُهوَ فِيمَا َي ِ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ اْلوَا ِجبَ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ اْلحَيْثِيَّةِ َّإنمَا ُهوَ مَا َتحْتَاجُهُ اْلمَ ْرأَةُ فِي ذَاتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا َولَا
شَكَّ أَنَّ هَذَا يَكْفِي لَِتحْصِيلِهِ خَا ِدمٌ وَاحِدٌ .
الزوْجِيَّةِ فَكِفَايَتُهَا عَلَيْهَا َأوْ ِلزيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ فَِإنْ كَانَ لِأُمُورٍ تَتَعَلَّقُ بِهَا خَارِجَةٍ عَنْ َّ َوأَمَّا احْتِيَاجُهَا ل ِّ ضحَ تَ ْغلِيطُ مَنْ الزوْجِيَّةُ َفظَهَرَ صِحَّةُ مَا قَالَهُ الْإِمَامَانِ وَاتَّ َ تَتَعَلَّقُ بِهِ كَ َذلِكَ فَكِفَايَتُهَا عَلَيْهِ لَا مِنْ حَيْثُ َّ غ ََّلطَ ُهمَا َ ،وعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالتَّأَدُّبُ َمعَ الَْأئِمَّةِ ُهوَ اْلخَيْرُ كُلُّهُ .
وَجَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي َذلِكَ أَحَادِيثُ :أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِريِ وَالَْأوْسَطِ بِسَنَدٍ
ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :أَُّيمَا رَ ُجلٍ تَزَوَّجَ امْ َرأَةً عَلَى مَا قَلَّ مِنْ اْلمَهْرِ َأوْ كَثُرَ
لَيْسَ فِي نَفْسِهِ َأنْ ُيؤَدِّيَ إلَيْهَا حَقَّهَا خَ َدعَهَا َفمَاتَ َولَمْ ُيؤَدِّ إلَيْهَا حَقَّهَا لَقِيَ اللَّهَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َو ُهوَ زَانٍ } اْلحَدِيثَ .
وَالشَّ ْيخَانِ { :كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَ ْن َرعِيَّتِهِ ،الْإِمَا ُم رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَ ْن َرعِيَّتِ ِه ،وَاْلمَ ْرأَ ُة رَاعِيَةٌ فِي بَ ْيتِ َزوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَ ْن َرعِيَّتِهَا ،وَالرَّ ُج ُل رَاعٍ فِي َأهْلِهِ وَمَسْئُولٌ عَ ْن َرعِيَّتِهِ وَاْلخَا ِدمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَ ْن َرعِيَّتِهِ َوكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَ ْن َرعِيَّتِ ِه } .
َححَهُ . وَالتِّرْمِذِيُّ َوص َّ
{ َأ ْك َملُ الْ ُمؤْمِنِنيَ إميَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقَا وَخِيَا ُركُمْ خِيَا ُركُمْ لِنِسَائِهِمْ } َوصَحَّ َأيْضًا { :إنَّ مِنْ َأ ْك َملِ اْل ُمؤْمِنِنيَ إميَانًا أَحْسَنَهُمْ خُلُقًا َوَأْلطَفَهُمْ بَِأهْلِهِ } . َوصَحَّحَ ابْنُ حِبَّانَ { خَيْ ُركُمْ خَيْ ُركُمْ لَِأهْلِهِ } ،وَفِي ِروَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ َ { :وَأنَا خَيْ ُركُمْ لَِأهْلِي } . صحِيحِهِ { :إنَّ وَ َروَى ابْنُ حِبَّانَ فِي َ
()676/2
اْلمَ ْرأَةَ خُلِ َقتْ مِنْ ضِ ْلعٍ َأ ْعوَجَ فَِإنْ أَ َقمْتَهَا كَسَ ْرتَهَا فَدَا ِرهَا تَعِشْ بِهَا } .
وَالشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا { :اسْتَ ْوصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ اْلمَ ْرأَةَ خُلِ َقتْ مِنْ ضِلَعٍ َأ ْعوَجَ َوإِنَّ َأ ْعوَجَ مَا فِي الضِّ َلعِ َأعْلَاهُ فَِإنْ َذهَبْت تُقِيمُهُ كَسَرْته َوِإنْ تَ َركْته لَمْ يَزَلْ َأ ْعوَجَ فَاسَْت ْوصُوا بِالنِّسَاءِ } .
صحُ َأوْ فَ ْتحٍ فَسُكُونٍ -لَنْ تَسْتَقِيمَ وَمُسْلِمٌ { :إنَّ اْلمَ ْرأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِ َلعٍ } -أَيْ بِكَسْرٍ َو ُهوَ أَفْ َ
لَك عَلَى طَرِيقَةٍ { ،فَِإنْ اسَْتمَعْت بِهَا اسَْتمْتَعْت بِهَا وَفِيهَا ِعوَجٌ َوِإنْ َذهَبْت تُقِيمُهَا كَسَ ْرهتَا َوكَسْ ُرهَا طَلَاقُهَا } .
صبِ كَالدِّينِ وَاْلخُلُقِ وَالْأَرْضِ َوإِلَّا كَالْعَصَا فَ ُهوَ وَالْ ِعوَجُ بِكَسْرٍ فَفَ ْتحٍ ،وَقِيلَ هَذَا فِي غَيْرِ اْلمُنْتَ ِ
بِفَ ْتحِ ِهمَا .
وَمُسْلِمٌ { :لَا يَفْرَكْ } -أَيْ بِفَ ْتحٍ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ وَشَذَّ الضَّمُّ يَبْ ُغضُ ُ { -مؤْمِنٌ ُمؤْمِنَةً إنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا َرضِيَ مِنْهَا آخَرَ َأوْ َكمَا قَالَ غَيْرُهُ } . َق َزوْجَةِ أَحَ ِدنَا عَلَيْهِ ؟ قَالَ َ :أنْ تُطْ ِعمَهَا َوَأبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ { :يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ح ُّ
سمِعْهَا مَكْرُوهًا كَقَبَّحَكِ س َوهَا إذَا اكْتَسَيْت َ ،ولَا تَضْرِبْ اْلوَجْهَ َولَا تُقَِّبحْ أَيْ لَا تُ ْ إذَا طَ ِعمْت َ ،وتَكْ ُ
اللَّهُ َولَا تَ ْهجُرْ إلَّا فِي الْبَيْتِ } .
صحِيحٌ غَرِيبٌ وَابْنُ مَاجَهْ { :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي حَجَّةِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ َ
اْلوَدَاعِ بَعْدَ َأنْ َحمِدَ اللَّهَ تَعَالَى َوَأثْنَى عَلَيْهِ وَذَكَّرَ َو َوعَظَ َ :ألَا فَاسَْت ْوصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإَِّنمَا هُنَّ
َعوَانٌ عِنْ َدكُمْ لَيْسَ َتمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ َذلِكَ إلَّا َأنْ يَ ْأتِنيَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَِإنْ فَعَلْنَ فَا ْهجُرُوهُنَّ فِي اْلمَضَا ِجعِ وَاضْ ِربُوهُنَّ ضَ ْربًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ فَِإنْ َأطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا َ ،ألَا إنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقاا َولِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقاا ؛ َفحَقُّكُمْ عَلَيْهِنَّ َأنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْ َرهُونَ َولَا يَأْذَنَّ فِي
()673/2
بُيُوتِكُمْ ِلمَنْ تَكْ َرهُونَ .
س َوتِهِنَّ َوطَعَامِهِنَّ } . َألَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ َأنْ ُتحْسِنُوا إلَيْهِنَّ فِي كِ ْ َححَهُ { :أَُّيمَا امْ َرأَةٍ مَاَتتْ وَ َزوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَ َلتْ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ اْلجَنَّةَ } .
صحِيحِهِ { :إذَا ص ََّلتْ اْلمَ ْرأَةُ َخمْسَهَا وَحَصََّنتْ فَرْجَهَا َوَأطَا َعتْ بَعْلَهَا دَخَ َلتْ مِنْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
أَيِّ َأْبوَابِ اْلجَنَّةِ شَاءَتْ } .
الصحِيحِ إلَّا ابْنَ لَهِيعَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ فِي اْلمُتَابَعَاتِ { :إذَا ص ََّلتْ اْلمَ ْرأَةُ َوأَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ ُروَاتُ ُه ُروَاةُ َّ
َخمْسَهَا َوصَا َمتْ شَهْ َرهَا وَحَ ِف َظتْ فَرْجَهَا َوَأطَا َعتْ َزوْجَهَا قِيلَ لَهَا اُدْخُلِي اْلجَنَّةَ مِنْ أَيِّ َأْبوَابِ اْلجَنَّةِ شِ ْئتِ } .
َوصَحَّ { :أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ِلمُزَوَّجَةٍ :فََأيْنَ َأنْتِ مِنْهُ ؟ قَالَتْ مَا آلُوهُ -أَيْ مَا أُقَصِّرُ
فِي خِدْمَتِهِ إلَّا مَا َعجَزْت عَنْهُ -قَالَ فَكَيْفَ َأنْتِ لَهُ فَإِنَّهُ جَنَّتُك َونَارُك } . اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ َأ ْعظَمُ وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ { عَائِشَةَ قَاَلتْ :سََألْت رَسُولَ َّ حَقاا عَلَى اْلمَ ْرأَةِ ؟ قَالَ َ :زوْجُهَا ،قُلْت فَأَيُّ النَّاسِ َأ ْعظَمُ حَقاا عَلَى الرَّ ُجلِ ؟ قَالَ أُمُّهُ } .
وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ { :أَنَّ امْرَأَةً قَاَلتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ َأنَا وَافِدَةُ النِّسَاءِ إلَيْك ثُمَّ َذكَرَتْ مَا لِلرِّجَالِ فِي
اْلجِهَادِ مِنْ الْأَجْرِ وَالْغَنِيمَةِ ثُمَّ قَاَلتْ َفمَا لَنَا مِنْ َذلِكَ ؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َأبْلِغِي مَنْ لَقِيتِ الزوْجِ وَاعْتِرَافًا ِبحَقِّهِ يَعْدِلُ َذلِكَ وَقَلِيلٌ مِنْكُنَّ مَنْ يَفْعَلُهُ } . مِنْ النِّسَاءِ أَنَّ طَاعَةَ َّ صحِيحِهِ َ { :أتَى رَ ُجلٌ بِابْنَتِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ مَشْهُورُونَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
ج ،فَقَالَ لَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ :أطِيعِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إنَّ ابْنَتِي هَذِهِ َأَبتْ َأنْ تَتَزَوَّ َ
َأبَاك ،فَقَاَلتْ َواَلَّذِي بَعَثَك بِاْلحَقِّ لَا َأتَزَوَّجُ
()676/2
الزوْجِ عَلَى َزوْجَتِهِ لَوْ كَاَنتْ بِهِ قُرْحَةٌ فَ َلحَسَتْهَا الزوْجِ عَلَى َزوْجَتِهِ ؟ قَالَ حَقُّ َّ حَتَّى ُتخْبِ َرنِي مَا حَقُّ َّ
َأوْ انْتَشَرَ مَ ْنخَرَاهُ صَدِيدًا وَدَمًا ثُمَّ ابْتَلَعَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ ،قَالَتْ َواَلَّذِي بَعَثَك بِاْلحَقِّ لَا َأتَزَوَّجُ َأبَدًا ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :لَا تُنْ ِكحُوهُنَّ إلَّا بِإِ ْذنِهِنَّ } .
َححَهُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ فِيهِ وَاهِيًا { :أَنَّ امْ َرأَةً قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا فُلَانَةُ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ بِ ْنتُ فُلَانٍ ،قَالَ قَدْ عَرَفْتُك فَمَا حَاجَتُك ؟ قَاَلتْ حَاجَتِي إلَى ابْنِ عَمِّي فُلَانٍ الْعَابِدِ ،قَالَ قَدْ عَرَفْته
الزوْجَةِ ؟ فَِإنْ كَانَ شَيْئًا ُأطِيقُهُ تَزَوَّجْته ،قَالَ مِنْ حَقِّهِ الزوْجِ عَلَى َّ خطُبُنِي فَأَخْبِ ْرنِي مَا حَقُّ َّ ،قَالَ َي ْ
َأنْ َلوْ سَالَ مَ ْنخَرَاهُ دَمًا وَقَ ْيحًا فَ َلحَسَتْهُ بِلِسَانِهَا مَا أَدَّتْ حَقَّهُ .
سجُدَ لِ َزوْجِهَا إذَا دَ َخلَ عَلَيْهَا ِلمَا فَضَّلَهُ اللَّهُ سجُدَ لِبَشَرٍ لَأَمَرْت اْلمَ ْرأَةَ َأنْ تَ ْ َلوْ كَانَ يَنْبَغِي لِبَشَرٍ َأنْ يَ ْ الدنْيَا } . عَلَيْهَا ،قَاَلتْ َواَلَّذِي بَعَثَك بِاْلحَقِّ لَا َأتَزَوَّجُ مَا بَقِيَتْ ُّ
َوأَ ْحمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ مَشْهُورُونَ عَنْ َأنَسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :كَانَ َأ ْهلُ الْبَ ْيتِ مِنْ الَْأنْصَارِ لَهُمْ َج َملٌ يَسْنُونَ عَلَيْهِ -أَيْ يَسْقُونَ عَلَيْهِ اْلمَاءَ مِنْ الْبِئْرِ َ -وأَنَّهُ اُسْتُصْ ِعبَ عَلَيْهِمْ َفمَنَعَهُمْ
ظَهْرَهُ َوأَنَّ الَْأنْصَارَ جَاءُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا إنَّهُ كَانَ لَنَا َج َملٌ نَسْنِي عَلَيْهِ خ ُل ،فَقَا َل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ َالن ْ َوإِنَّهُ اُسْتُصْ ِعبَ عَلَيْنَا وَمَنَعَنَا ظَهْرَهُ وَقَدْ َعطِشَ الزَّ ْرعُ و َّ ج َملُ فِي نَاحِيَةٍ َفمَشَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ صحَابِهِ قُومُوا فَقَامُوا فَدَخَلُوا اْلحَائِطَ ،وَاْل َ وَسَلَّمَ لَِأ ْ
ص ْولَتَهُ ،قَالَ لَيْسَ حوَهُ ،فَقَاَلتْ الَْأنْصَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ صَارَ مِثْلَ الْكَ ْلبِ َوَنخَافُ عَلَيْك َ وَسَلَّمَ َن ْ عَلَيَّ مِنْهُ بَأْسٌ فَلَمَّا
()676/2
حوَهُ حَتَّى خَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ يَ َديْهِ فَأَخَذَ رَسُولُ ج َملُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ َن ْ َنظَرَ اْل َ صحَابُهُ يَا اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَاصِيَتِهِ أَذَلَّ مَا كَاَنتْ قَطُّ حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي الْ َع َملِ فَقَالَ لَهُ َأ ْ
سجُدَ لَك ،قَالَ :لَا يَصْ ُلحُ سجُدُ لَك َوَنحْنُ نَعْ ِقلُ فََنحْنُ أَحَقُّ َأنْ نَ ْ رَسُولَ اللَّهِ هَذَا بَهِيمَةٌ لَا يَعْ ِقلُ يَ ْ سجُدَ لِ َزوْجِهَا لِ ِعظَمِ حَقِّهِ سجُدَ لِبَشَرٍ لَأَمَرْت اْلمَ ْرأَةَ َأنْ تَ ْ سجُدَ لِبَشَرٍ وََلوْ صَ ُلحَ لِبَشَرٍ َأنْ يَ ْ لِبَشَرٍ َأنْ يَ ْ عَلَيْهَا َ ،لوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ إلَى مَفْ ِرقِ َرأْسِهِ قُرْحَةٌ تَنَْبجِسُ -أَيْ تَتَفَجَّرُ -بِالْقَ ْيحِ وَالصَّدِيدِ ثُمَّ
اسْتَقْبَلَتْهُ فَلَحَسَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ } .
سجُ ْدنَ سجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْت النِّسَاءَ َأنْ يَ ْ َوَأبُو دَاوُد بِسَنَدٍ صَحِيحٍ َ { :لوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا َأنْ يَ ْ
لِأَ ْزوَاجِهِنَّ ِلمَا جَ َعلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِ مِنْ اْلحَقِّ .
سجُدُونَ ِلمَرْ ُزبَانٍ لَهُمْ فََأْنتَ أَحَقُّ َأنْ قَالَهُ لَمَّا قَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْ ٍد َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا َرأَى َأ ْهلُ اْلحِريَةِ يَ ْ
سجَدَ لَك } . يُ ْ صحِيحِهِ عَنْ ابْنِ َأبِي َأوْفَى َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { :لَمَّا قَ ِدمَ مُعَاذُ بْنُ جََبلٍ مِنْ الشَّامِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ َسجَدَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هَذَا ؟ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدِمْت
سجُدُونَ لَِبطَارِقَتِهِمْ َوأَسَاقِفَتِهِمْ فَأَرَدْت َأنْ أَفْ َعلَ َذلِكَ بِك ،قَالَ :فَلَا تَفْ َعلْ فَإِنِّي َلوْ الشَّامَ فَ َرَأيْتهمْ يَ ْ
سجُدَ لِ َزوْجِهَا َ ،واَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا ُتؤَدِّي اْلمَ ْرأَةُ سجُدَ لِشَ ْيءٍ لَأَمَرْت اْلمَ ْرأَةَ َأنْ تَ ْ أَمَرْت شَيْئًا َأنْ يَ ْ َق َزوْجِهَا } . حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى ُتؤَدِّيَ ح َّ سجُدَ سجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْت اْلمَ ْرأَةَ َأنْ تَ ْ وَاْلحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ مَرْفُوعًا َ { :لوْ أَمَرْت أَحَدًا َأنْ َي ْ
لِ َزوْجِهَا مِنْ ِعظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا َ ،ولَا َتجِدُ امْ َرأَةٌ حَلَاوَةَ الْإِميَا ِن حَتَّى ُتؤَدِّيَ حَقَّ َزوْجِهَا َولَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا
()676/2
َوهِيَ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ } . ف فِيهِ عَلَى جَرْحٍ َولَا تَعْدِيلٍ { :أَلَا صحِيحٍ إلَّا وَاحِدًا ،قَالَ اْلمُنْذِرِيُّ لَمْ أَقِ ْ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ َ
أُخْبِ ُركُمْ بِنِسَائِكُمْ فِي اْلجَنَّةِ ؟ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ،قَالَ كُلُّ وَدُودٍ َولُودٍ إذَا غَضَِبتْ َأوْ أُسِيءَ حلُ بِ َغ ْمضٍ حَتَّى تَ ْرضَى } . ضبَ َزوْجُهَا ،قَالَتْ هَذِهِ يَدِي فِي يَدِك لَا َأكَْت ِ إلَيْهَا َأوْ غَ ِ
َححَهُ { :لَا َيحِلُّ لِامْ َرأَةٍ ُتؤْمِنُ بِاَللَّهِ َأنْ تَأْ َذنَ فِي بَيْتِ َزوْجِهَا َو ُهوَ كَارِهٌ َولَا تَخْرُجُ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ َو ُهوَ كَارِهٌ َولَا ُتطِيعُ فِيهِ أَحَدًا َولَا تَعْتَزِلُ فِرَاشَهُ َولَا تَضُرُّ بِهِ فَِإنْ كَانَ ُهوَ َأظْلَمَ فَلْتَ ْأتِهِ حَتَّى تُ ْرضِيَهُ فَِإنْ قَِبلَ مِنْهَا فَبِهَا َونِ ْع َمتْ وَقَبِلَ اللَّهُ عُذْ َرهَا َوأَفْلَجَ حُجَّتَهَا -أَيْ بِاْلجِيمِ َأظْهَ َرهَا وَقَوَّاهَا َ -ولَا إثْمَ
عَلَيْهَا َوِإنْ ُهوَ لَمْ يَرْضَ فَقَدْ أَبْلَ َغتْ عِنْدَ اللَّهِ عُذْ َرهَا } .
الزوْجِ عَلَى َزوْجَتِهِ إنْ سََألَهَا نَفْسَهَا َوهِيَ عَلَى ظَهْرِ قََتبٍ َأنْ لَا َتمْنَعَهُ نَفْسَهَا وَالطَّبَرَانِيُّ { :إنَّ حَقَّ َّ شتْ وَلَا تُقَْبلُ َوعًا إلَّا بِإِ ْذنِهِ فَِإنْ فَعَ َلتْ جَا َعتْ َو َعطِ َ الزوْجَةِ َأنْ لَا تَصُومَ َتط ُّ الزوْجِ عَلَى َّ ،وَمِنْ حَقِّ َّ
السمَاءِ وَمَلَائِكَةُ الْأَرْضِ وَمَلَائِكَةُ مِنْهَا َ ،ولَا َتخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا إلَّا بِإِ ْذنِهِ فَِإنْ فَعَ َلتْ لَعَنَتْهَا مَلَائِ َكةُ َّ
الرَّ ْحمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ حَتَّى تَرْ ِجعَ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ { :اْلمَ ْرأَةُ لَا ُتؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ عَلَيْهَا حَتَّى ُتؤَدِّيَ حَقَّ َزوْجِهَا كُلَّهُ َلوْ سََألَهَا َوهِيَ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ لَمْ َتمْنَعْهُ نَفْسَهَا } .
َوصَحَّ { :لَا يَ ْنظُرُ اللَّهُ تَبَارَكَ َوتَعَالَى إلَى امْ َرأَةٍ لَا تَشْكُرُ لِ َزوْجِهَا َوهِيَ لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ } . وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ { :لَا ُتؤْذِي امْ َرأَ ٌة َزوْجَهَا فِي الدُّنْيَا إلَّا قَاَلتْ َزوْجَتُهُ مِنْ اْلحُورِ الْعِنيِ لَا ُتؤْذِيهِ قَاتَلَك اللَّهُ فَإَِّنمَا ُهوَ عِنْدَك دَخِيلٌ يُوشِكُ َأنْ يُفَارِقَك إلَيْنَا } .
َوصَحَّ { :إذَا َدعَا الرَّ ُج ُل َزوْجَتَهُ
()627/2
ِلحَاجَتِهِ فَلْتَ ْأتِهِ وَِإنْ كَاَنتْ عَلَى التَّنُّورِ } .
وَالشَّ ْيخَانِ { :إذَا َدعَا الرَّ ُجلُ امْ َرَأتَهُ إلَى فِرَاشِهِ فَلَمْ تَ ْأتِهِ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا اْلمَلَائِكَةُ حَتَّى
تُصِْبحَ } .
وَ َر َويَا َ { :واَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِ ْن رَ ُجلٍ يَدْعُو امْ َرَأتَهُ إلَى فِرَاشِهِ فَتَ ْأبَى عَلَيْهِ إلَّا كَانَ الَّذِي فِي السمَاءِ -أَيْ أَمْرُهُ وَسُ ْلطَانُهُ -سَا ِخطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَ ْرضَى عَنْهَا } أَيْ َزوْجُهَا . َّ
وَ َر َويَا { إذَا بَاَتتْ اْلمَ ْرأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ َزوْجِهَا لَعَنَتْهَا اْلمَلَاِئكَةُ حَتَّى تُصِْبحَ } .
صحِيحٍ { :ثَلَاثَةٌ لَا تُرْ َفعُ صَلَاتُهُمْ َف ْوقَ ُرءُوسِهِمْ شِبْرًا َ ،وعَدَّ مِنْهُمْ امْ َرأَةً بَاَتتْ وَمَرَّ فِي حَدِيثٍ َ وَ َزوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ } .
السمَاءِ حَسَنَةٌ َوعَدَّ مِنْهُمْ اْلمَ ْرأَةَ صحِيحٍ { :ثَلَاثَةٌ لَا تُقَْبلُ لَهُمْ صَلَاةٌ َولَا يَصْعَدُ لَهُمْ إلَى َّ وَفِي حَدِيثٍ َ السَّاخِطَ عَلَيْهَا َزوْجُهَا حَتَّى يَ ْرضَى } .
صحِيحٌ إلَّا أَنَّ فِيهِ وَاحِدًا ُمخْتَلَفًا فِيهِ { :إنَّ اْلمَ ْرأَةَ إذَا خَرَ َجتْ مِنْ بَيْتِهَا وَ َزوْجُهَا وَفِي حَدِيثٍ سَنَدُهُ َ السمَاءِ َوكُلُّ شَ ْيءٍ مَرَّتْ عَلَيْهِ غَيْرَ اْلجِنِّ وَالِْإنْسِ حَتَّى تَرْ ِجعَ } . كَارِهٌ لَعَنَهَا كُلُّ مَلَكٍ فِي َّ
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَ َذيْنِ ُهوَ صَرِيحُ مَا فِي أَوَّلِ الْأَحَادِيثِ إذْ فِيهِ { :لَقِيَ اللَّهَ َي ْومَ الْقِيَامَةِ َو ُه َو زَانٍ } ،
َوهَذَا غَايَةُ اْل َوعِيدِ َوأَشَدُّهُ ،وَآخِ ُرهَا إذْ فِيهَا لَعْنَتُهَا مِنْ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَ َجمِيعِ خَلْقِهِ غَيْرِ الثَّقَلَيْنِ ،
ريتَيْنِ َوِإنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِ َذلِكَ عَلَى ضحَ بِ َذلِكَ َك ْونُ هَ َذيْنِ كَبِ َ َوهَذَا غَايَةٌ فِي شِدَّةِ اْل َوعِيدِ أَيْضًا ،فَاتَّ َ
اْلوَجْهِ الَّذِي َذكَرْته فِي التَّرْجَمَةِ .
()627/2
( الْكَبِريَةُ السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :التَّهَاجُرُ بَِأنْ يَ ْهجُرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ َفوْقَ
ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَ ْرعِيٍّ وَالتَّدَابُرُ َو ُهوَ الِْإعْرَاضُ عَنْ اْلمُسْلِمِ بَِأنْ يَلْقَاهُ فَيُعْرِضُ عَنْهُ ِبوَجْهِهِ وَالتَّشَاحُنُ َو ُهوَ تَغَيُّرُ الْقُلُوبِ اْل ُمؤَدِّي إلَى أَحَدِ َذيْنِك ) .
صحِيحٍ َوَأبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ { :لَا َيحِلُّ ِلمُسْلِمٍ َأنْ يَ ْهجُرَ مُسْ ِلمًا َف ْوقَ ثَلَاثِ أَخْرَجَ أَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ َ َولُ ُهمَا فَيْئًا -أَيْ لَيَالٍ فَإِنَّ ُهمَا نَاكِبَانِ عَنْ اْلحَقِّ } -أَيْ مَائِلَانِ عَنْهُ مَا دَامَا عَلَى صِرَامِ ِهمَا َ -وأ َّ
رُجُوعًا إلَى الصُّ ْلحِ ،يَكُونُ سَبْقُهُ بِالْفَ ْيءِ كَفَّارَةً لَهُ َوِإنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَقَْبلْ َولَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ سَلَامَهُ رَدَّتْ عَلَيْهِ اْلمَلَائِكَةُ َويَرُدُّ عَلَى الْآخَرِ الشَّ ْيطَانُ ،فَِإنْ مَاتَا عَلَى صِرَامِ ِهمَا لَمْ يَدْخُلَا اْلجَنَّةَ َجمِيعًا َأبَدًا
.
صحِيحَةٍ { :لَمْ يَدْخُلَا اْلجَنَّةَ َولَمْ َيجَْتمِعَا فِي اْلجَنَّةِ } . وَفِي ِروَايَةٍ َ صطَرَمَا َف ْوقَ ثَلَاثٍ لَمْ َيجَْتمِعَا فِي اْلجَنَّةِ َأبَدًا صطَرِمَا َف ْوقَ ثَلَاثٍ فَِإنْ ا ْ وَابْنُ َأبِي شَيْبَةَ { :لَا َيحِلُّ َأنْ يَ ْ َ ،وأَيُّ ُهمَا بَ َدأَ صَاحِبَهُ كُفِّرَتْ ذُنُوبُهُ فَِإنْ ُهوَ سَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ َولَمْ يَقَْبلْ سَلَامَ ُه رَدَّ عَلَيْهِ اْلمَلَائِكَةُ
وَرَدَّ عَلَى َذلِكَ الشَّ ْيطَانُ } . س َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ َححَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّا ٍ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ وَاْلحَاكِمُ َوص َّ
وَسَلَّمَ قَالَ { :لَا َتحِلُّ الْ ِهجْرَةُ َف ْوقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَِإنْ الْتَقَيَا فَسَلَّمَ أَحَ ُد ُهمَا فَرَدَّ الْآخَرُ اشْتَ َركَا فِي الْأَجْرِ
َ ،وِإنْ لَمْ يَرُدَّ بَرِئَ هَذَا مِنْ الْإِثْمِ َوبَاءَ بِهِ الْآخَرُ } َ ،وأَحْسَبُهُ قَالَ َ { :وِإنْ مَاتَا َو ُهمَا مُتَهَاجِرَانِ لَا َيجَْتمِعَانِ فِي اْلجَنَّةِ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ { :لَا تَدَابَرُوا َولَا تَقَاطَعُوا َوكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إ ْخوَانًا َ ،هجْرُ الْ ُمؤْمِنِنيَ ثَلَاثٌ فَِإنْ تَك ََّلمَا
َوإِلَّا َأعْرَضَ
()622/2
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ُهمَا حَتَّى يَتَكََّلمَا } . صحِيحٍ { :مَنْ َهجَرَ أَخَاهُ َف ْوقَ ثَلَاثٍ فَ ُهوَ فِي النَّارِ إلَّا َأنْ يَتَدَا َركَهُ اللَّهُ بِرَ ْحمَتِهِ } . وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ َ َوَأبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ { :مَنْ َهجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَ ُهوَ كَسَفْكِ َدمِهِ } .
التحْرِيشِ بَيْنَهُمْ وَمُسْلِمٌ { :إنَّ الشَّ ْيطَانَ قَدْ يَئِسَ َأنْ يَعْبُدَهُ اْلمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ َ ،ولَكِنْ فِي َّ
} :أَيْ الِْإغْرَاءِ َوتَغْيِريِ الْقُلُوبِ وَالتَّقَا ُطعِ .
وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُو ٍد َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ َموْقُوفًا بِسَنَدٍ جَيِّدٍ " :لَا يَتَهَاجَرُ الرَّجُلَانِ قَدْ دَخَلَا فِي
الْإِسْلَامِ إلَّا خَرَجَ أَحَ ُد ُهمَا مِنْهُ حَتَّى يَرْ ِجعَ إلَى مَا خَرَجَ مِنْهُ وَرُجُوعُهُ َأنْ يَ ْأتِيَهُ فَيُسَلِّمَ عَلَيْهِ " .
صحِيحٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ َ { :ل ْو أَنَّ رَجُلَيْنِ دَخَلَا فِي الْإِسْلَامِ فَاهَْتجَرَا وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ َ لَكَانَ أَحَ ُد ُهمَا خَارِجًا عَنْ الْإِسْلَامِ حَتَّى يَرْجِعَ } ،يَعْنِي الظَّالِمَ مِنْ ُهمَا .
وَالُْبخَارِيُّ َوغَيْرُهُ { :لَا تَقَاطَعُوا َولَا تَدَابَرُوا َولَا تَبَاغَضُوا َولَا َتحَاسَدُوا َوكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إ ْخوَانًا ، َولَا َيحِلُّ ِلمُسْلِمٍ َأنْ يَ ْهجُرَ أَخَاهُ َف ْوقَ ثَلَاثٍ } .
َزادَ الطَّبَرَانِيُّ { :يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا َويُعْرِضُ هَذَا َواَلَّذِي يَبْ َدأُ بِالسَّلَامِ يَسْبِقُ إلَى اْلجَنَّةِ } . قَالَ مَالِكٌ َ :ولَا أَحْسَبُ التَّدَابُرَ إلَّا الِْإعْرَاضَ عَنْ اْلمُسْلِمِ يُ ْدبِرُ عَنْهُ ِبوَجْهِهِ . وَالشَّ ْيخَانِ { :لَا َيحِلُّ ِلمُسْلِمٍ َأنْ يَ ْهجُرَ أَخَاهُ َفوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا َويُعْرِضُ هَذَا وَخَيْ ُر ُهمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ } .
َوأَخَذَ مِنْهُ الْعُ َلمَاءُ أَنَّ السَّلَامَ يَرْ َفعُ إثْمَ الْ َهجْرِ .
َوَأبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّ ْيخَيْنِ { :لَا َيحِلُّ ِلمُسْلِمٍ َأنْ يَ ْهجُرَ أَخَاهُ َف ْوقَ ثَلَاثٍ ، َفمَنْ َهجَرَ َف ْوقَ ثَلَاثٍ َفمَاتَ دَ َخلَ النَّارَ } . َوَأبُو دَاوُد { :لَا َيحِلُّ ِل ُمؤْمِنٍ َأنْ يَ ْهجُرَ ُمؤْمِنًا َف ْوقَ ثَلَاثٍ فَإِنْ
()626/2
مَرَّتْ بِهِ ثَلَاثٌ فَلْيَلْقَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ ،فَِإنْ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ فَقَدْ اشْتَ َركَا فِي الْأَجْرِ َ ،وِإنْ لَمْ يَرُدَّ فَقَدْ
بَاءَ بِالِْإثْمِ وَخَرَجَ اْلمُسَلِّمُ مِنْ الْ َهجْرِ } .
وَمُسْلِمٌ َوغَيْرُهُ { :تُعْرَضُ الَْأ ْعمَالُ فِي كُلِّ اثْنَيْنِ وَ َخمِيسٍ فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي َذلِكَ الْيَ ْومِ لِكُلِّ
صطَ ِلحَا امْرِئٍ لَا يُشْرِكُ بِاَللَّهِ شَيْئًا إلَّا امْ َرأً كَاَنتْ بَيْنَهُ َوبَيْنَ أَخِيهِ َشحْنَاءُ فَيَقُولُ ُ :اتْ ُركُوا هَ َذيْنِ حَتَّى يَ ْ
}. خمِيسِ فَيَغْفِرُ اللَّهُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاَللَّهِ وَفِي ِروَايَةٍ ِلمُسْلِمٍ { :تُفْتَحُ أَْبوَابُ اْلجَنَّةِ َي ْومَ الِاثْنَيْنِ وَاْل َ
صطَ ِلحَا َ ،أْنظِرُوا هَ َذيْنِ حَتَّى شَيْئًا إلَّا رَجُلًا كَانَ بَيْنَهُ َوبَيْنَ أَخِيهِ َشحْنَاءُ فَيُقَالُ َ :أْنظِرُوا هَ َذيْنِ حَتَّى يَ ْ
صطَ ِلحَا } . صطَ ِلحَا َأْنظِرُوا هَ َذيْنِ حَتَّى يَ ْ يَ ْ
السمَاءِ فِي كُلِّ اثْنَيْنِ وَ َخمِيسٍ فَيُغْفَرُ سخُ َدوَاوِينُ َأ ْهلِ الْأَرْضِ فِي َدوَاوِينِ َأ ْهلِ َّ وَالطَّبَرَانِيُّ { :تُنْ َ
لِكُلِّ مُسْلِمٍ لَا يُشْرِكُ بِاَللَّهِ شَيْئًا إلَّا رَجُلًا بَيْنَهُ َوبَيْنَ أَخِيهِ َشحْنَاءُ } . خمِيسِ َفمِنْ مُسْتَغْفِرٍ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الَْأوْسَطِ بِسَنَدٍ ُروَاتُهُ ثِقَاتٌ { :تُعْرَضُ الَْأ ْعمَالُ َي ْومَ الِاثْنَيْنِ وَاْل َ
فَيُغْفَرُ لَهُ وَمِنْ تَاِئبٍ فَيُتَابُ عَلَيْهِ َويُرَدُّ َأ ْهلُ الضَّغَائِنِ لِضَغَائِنِهِمْ -أَيْ أَحْقَا ِدهِمْ -حَتَّى يَتُوبُوا } .
صحِيحِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ { :يَطَّ ِلعُ اللَّهُ إلَى َجمِيعِ خَلْقِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ جمِيعِ خَلْقِهِ إلَّا ِلمُشْرِكٍ َأوْ مُشَاحِنٍ } . فَيَغْفِرُ ِل َ
حوِهِ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ . وَالْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ بَِن ْ
ضعَ َي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َف َو َ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ { عَائِشَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :دَخَلَ عَل َّ ص َوْيحِبَاتِي عَنْهُ َث ْوبَيْهِ ثُمَّ لَمْ يَسْتَتِمَّ َأنْ قَامَ فَلَبِسَ ُهمَا فَأَخَذَتْنِي غَيْرَةٌ شَدِيدَةٌ ظَنَنْت أَنَّهُ يَ ْأتِي بَ ْعضَ ُ َفخَرَجْت َأتْبَعُهُ فَأَدْ َركْته بِالْبَقِيعِ الْغَرْقَدِ
()626/2
يَسْتَغْفِرُ لِلْ ُمؤْمِنِنيَ وَاْل ُمؤْمِنَاتِ وَالشُّهَدَاءِ فَقُلْت بَِأبِي َأْنتَ َوأُمِّي َأْنتَ فِي حَاجَ ِة رَبِّك َوَأنَا فِي حَاجَةِ
الدنْيَا فَانْصَ َرفَ فَدَخَلْت ُحجْرَتِي َولِي نَفَسٌ عَالٍ َوَلحِقَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ُّ
مَا هَذَا النَّفَسُ يَا عَائِشَةُ ؟ فَقُلْت :بَِأبِي َأْنتَ َوأُمِّي أَتَيْتَنِي َف َوضَعْت عَنْك َث ْوبَيْك ثُمَّ لَمْ تَسْتَتِمَّ َأنْ ص َوْيحِبَاتِي ،حَتَّى َرَأيْتُك بِالْبَقِيعِ تَصَْنعُ ُقمْت فَلَبِسْتَ ُهمَا فَأَخَ َذتْنِي غَيْرَةٌ شَدِيدَةٌ ظَنَنْت أَنَّك تَ ْأتِي بَ ْعضَ ُ مَا تَصَْنعُ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إنْ كُنْت َتخَافِنيَ َأنْ َيحِيفَ اللَّهُ عَ َليْك وَرَسُولُهُ ؟ َأتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ
فَقَالَ هَذِهِ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ َولِلَّهِ فِيهَا عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ بِعَدَدِ شُعُورِ غَنَمِ كَ ْلبٍ لَا يَ ْنظُرُ اللَّهُ فِيهَا إلَى مُشْرِكٍ َولَا إلَى مُشَاحِنٍ َولَا إلَى قَا ِطعِ رَحِمٍ َولَا إلَى مُسْبِلٍ -أَيْ إزَارَهُ َ -ولَا إلَى عَاقٍّ ِلوَالِ َديْهِ
ضعَ عَنْهُ َث ْوبَيْهِ فَقَالَ لِي يَا عَائِشَةُ َأتَأْ َذنِنيَ لِي فِي قِيَامِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ ؟ َولَا إلَى مُدْمِنِ َخمْرٍ قَاَلتْ :ثُمَّ َو َ سجَدَ َطوِيلًا حَتَّى ظَنَنْت أَنَّهُ قَدْ قُبِضَ فَ ُقمْت َألَْتمِسُهُ َووَضَعْت قُلْت :نَعَمْ بَِأبِي َأْنتَ َوأُمِّي فَقَامَ فَ َ
يَدِي عَلَى بَاطِنِ قَدَمَيْهِ فََتحَرَّكَ فَفَرِحْت وَ َسمِعْته يَقُولُ فِي سُجُودِهِ َ :أعُوذُ بِعَ ْفوِك مِنْ عِقَابِك ،
خطِك َ ،وَأعُوذُ بِك مِنْك جَلَّ وَجْهُك ،لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك َأْنتَ َكمَا َأثْنَيْت َوَأعُوذُ بِ ِرضَاك مِنْ َس َ عَلَى نَفْسِك فَلَمَّا َأصَْبحَ َذكَرْهتنَّ لَهُ قَالَ :يَا عَائِشَةُ تَع ََّلمِيهُنَّ َوع َِّلمِيهِنَّ فَإِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ السجُودِ } . ع ََّلمَنِيهِنَّ َوأَمَ َرنِي َأنْ أُرَدِّ َدهُنَّ فِي ُّ
َوأَ ْحمَدُ بِإِسْنَادٍ لَيِّنٍ { :يَطَّ ِلعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إلَى خَلْقِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِعِبَادِهِ إلَّا اثْنَيْنِ : مُشَاحِنٌ وَقَاِتلُ نَفْسٍ } .
وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ مُرْ َسلٌ جَيِّدٌ { :فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ يَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
()626/2
لَِأ ْهلِ الْأَرْضِ إلَّا ِلمُشْرِكٍ َأوْ مُشَاحِنٍ } . وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ مَ ْكحُولٍ عَنْ َأبِي ثَعْلَبَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
{ يَطَّ ِلعُ اللَّهُ إلَى عِبَادِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِ ْل ُمؤْمِنِنيَ َوُيمْ ِهلُ الْكَافِرِينَ َويَ َدعُ َأ ْهلَ اْلحِقْدِ ِبحِقْ ِدهِمْ حَتَّى يَ ْدعُوهُ } .
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِريِ وَالَْأوْسَطِ مِ ْن ِروَايَةِ لَ ْيثِ بْنِ َأبِي سُلَيْمٍ . وَاخْتُلِفَ فِي َت ْوثِيقِهِ وَ َمعَ َذلِكَ حَدَّثَ عَنْهُ النَّاسُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا قَالَ :قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :ثَلَاثٌ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لَهُ مَا ِسوَى َذلِكَ
السحَرَةَ َ ،ولَمْ َيحْقِدْ عَلَى أَخِيهِ } ِلمَنْ يَشَاءُ :مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاَللَّهِ شَيْئًا َ ،ولَمْ يَكُنْ سَاحِرًا يَتَْبعُ َّ .
وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ مُرْ َسلٌ جَيِّدٌ عَنْ عَائِشَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَاَلتْ { :قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
لسجُودَ حَتَّى ظَنَنْت أَنَّهُ قَدْ قُِبضَ ،فَلَمَّا َرَأيْت َذلِكَ ُقمْت حَتَّى وَسَلَّمَ مِنْ اللَّ ْيلِ فَصَلَّى فََأطَالَ ا ُّ السجُودِ وَفَ َرغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ :يَا عَائِشَةُ َأوْ َركْت إبْهَامَهُ فََتحَرَّكَ فَرَجَعْت ،فَلَمَّا رَ َف َع َرأْسَهُ مِنْ ُّ ح َّ
جمَةٍ ثُمَّ مُ ْهمَلَةٍ :أَيْ غَدَرَ بِك يَا ُحمَيْرَاءُ ظَنَنْت أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَاسَ -أَيْ ِبمُ ْع َ
فَلَمْ ُيوَفِّكِ حَقَّك -قُلْت :لَا َواَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ َولَكِنِّي ظَنَنْت أَنَّك قَدْ قُبِضْت ِلطُولِ ُسجُودِك ، فَقَالَ َ :أتَدْرِينَ أَيُّ لَيْلَةٍ هَذِهِ ؟ قُلْت :اللَّهُ وَرَسُولُهُ َأعْلَمُ ،قَالَ :هَذِهِ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ ،إنَّ
ستَرْ ِحمِنيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَطَّ ِلعُ عَلَى عِبَادِهِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِ ْلمُسْتَغْفِ َريْنِ َويَرْحَمُ اْلمُ ْ
َوُيؤَخِّرُ َأ ْهلَ اْلحِقْدِ َكمَا هُمْ } .
ق ُرءُوسِهِمْ شِبْرًا :رَ ُجلٌ وَابْنُ مَاجَهْ { :ثَلَاثَةٌ لَا تُرْفَعُ صَلَاتُهُمْ َف ْو َ
()623/2
أَمَّ َقوْمًا َوهُمْ لَهُ كَا ِرهُونَ ،وَامْ َرأَةٌ بَاَتتْ وَ َزوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ َ ،وأَ َخوَانِ مُتَصَارِمَانِ } .
حثِ اْلحَسَدِ أَوَّلَ حوَهُ ،وَمَرَّ فِي مَ ْب َ صحِيحِهِ { :ثَلَاثَةٌ لَا تُقَْبلُ لَهُمْ صَلَاةٌ } وَ َذكَرَ َن ْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
الْكِتَابِ حَدِيثُ { الَْأنْصَارِيِّ الَّذِي أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مِنْ َأ ْهلِ اْلجَنَّةِ فَبَاتَ عِنْدَهُ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا لِيَ ْنظُرَ َعمَلَهُ فَلَمْ يَرَ لَهُ كَبِريَ َع َملٍ فَقَالَ لَهُ :مَا الَّذِي بَ َلغَ بِك مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ :مَا ُهوَ إلَّا مَا رََأيْت غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ
مِنْ اْلمُسْ ِلمِنيَ غِشًّا َولَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ َأ ْعطَاهُ اللَّهُ إيَّا ُه ،فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ :هَذِهِ الَّتِي بَلَغْت بِك
َوهِيَ الَّتِي لَا ُتطِيقُ } . الصحِيحَةِ مِنْ اْل َوعِيدِ الشَّدِيدِ َ ،ألَا تَرَى إلَى تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ُهوَ صَرِيحُ مَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ َّ َق ْولِهِ فِي أَوَّلِ الْأَحَادِيثِ وَمَا بَعْدَهُ { :لَمْ يَدْخُلَا اْلجَنَّةَ َجمِيعًا َأبَدًا } ،وَ َق ْولُهُ { :فَهُوَ فِي النَّارِ }
وَ َق ْولُهُ { :كَسَفْكِ دَمِهِ } .
وَ َق ْولُهُ { :خَارِجًا مِنْ الْإِسْلَامِ حَتَّى يَرْ ِجعَ } . وَ َق ْولُهُ َ { :فمَاتَ دَ َخلَ النَّارَ } َوغَيْرُ َذلِكَ مِمَّا مَرَّ ؛ َوأَمَّا قَوْلُ صَا ِحبِ الْعُدَّةِ :إنَّ َهجْرَ اْلمُسْلِمِ ُم َرَأيْت بَعْضَهُمْ جَ َزمَ بِأَنَّ الْ ِهجْرَةَ َف ْوقَ ثَلَاثٍ صَغِريَةٌ فَ ُهوَ بَعِيدٌ جِدًّا َوِإنْ سَ َكتَ عَلَيْهِ الشَّ ْيخَانِ ،ث َّ
اْلمَ ْذكُورَةَ كَبِريَةٌ َولَمْ يَلْتَ ِفتْ إلَى مَقَالَةِ صَا ِحبِ الْعُدَّةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَقَالَ :مَا َذكَرَهُ مِنْ َك ْونِ َهجْرِ اْلمُسْلِمِ َف ْوقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ الصَّغَائِرِ فِيهِ َنظَرٌ ،وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ كَبِريَةٌ ِلمَا فِيهِ مِنْ التَّقَاطُعِ وَالْإِيذَاءِ
وَالْفَسَادِ إلَّا َأنْ يُقَالَ َمجِيءُ ذَلِكَ مِنْ الِْإصْرَارِ عَلَيْهَا . ا هـ .
وَ َق ْولُهُ " إلَّا " إَلخْ فِيهِ َنظَرٌ ،وَلَئِنْ س ََّلمْنَاهُ فَهُوَ لَا يُنَافِي مَا قُلْنَاهُ إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ
()626/2
مَعْنَى َك ْونِ َذلِكَ كَبِريَةً َهلْ ُهوَ مَا فِيهِ مِمَّا ُذكِرَ َأوْ الِْإصْرَارُ عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ ،وَاْلوَجْهُ الْأَوَّلُ
.
صلِ اْلحُرْمَ ِة ؛ لِأَنَّ ِبمُضِيِّهَا يََتحَقَّقُ الْإِفْسَادُ وَالتَّقَا ُطعُ ِبخِلَافِهِ قَبْلَهَا فَلَا إصْرَارَ هُنَا . إذْ الثَّلَاثَةُ قَيْدٌ لَِأ ْ
َويُسْتَثْنَى مِنْ َتحْ ِرميِ الْ َهجْرِ َكمَا أَشَرْت إلَيْهِ فِي التَّرْ َجمَةِ مَسَاِئلُ ذَكَ َرهَا الَْأئِمَّةُ ،وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ مَتَى عَادَ إلَى صَلَاحِ دِينِ الْهَاجِرِ وَاْلمَ ْهجُورِ جَازَ َوإِلَّا فَلَا .
()626/2
الزوْجِ ) ( الْكَبِريَةُ التَّاسِعَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :خُرُوجُ اْلمَ ْرأَةِ مِنْ بَيْتِهَا مُتَعَطِّرَةً مُتَزَيِّنَةً َوَلوْ بِإِ ْذنِ َّ .
أَخْرَجَ َأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :كُلُّ عَيْ ٍن زَانِيَةٌ وَاْلمَ ْرأَةُ إذَا اسْتَ ْعطَرَتْ َفمَرَّتْ بِاْل َمجْلِسِ فَهِيَ كَذَا َوكَذَا } يَعْنِي زَانِيَةَ . صحِيحَيْ ِهمَا { :أَُّيمَا امْ َرأَةٍ اسْتَ ْعطَرَتْ َفمَرَّتْ عَلَى َق ْومٍ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ خُ َزْيمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي َ
لَِيجِدُوا ِرحيَهَا فَهِ َي زَانِيَةٌ َوكُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ } . َححَهُ . وَ َروَاهُ اْلحَاكِمُ َوص َّ
َوصَحَّ عَلَى كَلَامٍ فِيهِ لَا يَضُرُّ { :أَنَّ امْ َرأَةً مَرَّتْ بَِأبِي هُ َريْرَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَ ِرحيُهَا يَعْصِفُ فَقَالَ لَهَا سجِدِ ؛ قَالَ َوَتطَيَّبْت لَهُ ؟ قَاَلتْ :نَعَمْ . َأيْنَ تُرِيدِينَ يَا أَمَةَ اْلجَبَّارِ ؟ قَاَلتْ إلَى اْلمَ ْ
َقالَ :فَارْجِعِي فَاغْتَسِلِي فَإِنِّي َسمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :لَا يَقَْبلُ اللَّهُ مِنْ سجِدِ لِصَلَاةٍ وَ ِرحيُهَا يَعْصِفُ حَتَّى تَرْ ِجعَ فَتَغْتَسِلَ } . امْ َرأَةٍ خَرَ َجتْ إلَى اْلمَ ْ
وَاحْتَجَّ بِهِ ابْنُ خُ َزْيمَةَ إنْ صَحَّ .
سلَ َ ،ولَيْسَ سلِ عَلَيْهَا َونَفْيِ قَبُولِ صَلَاتِهَا إنْ ص ََّلتْ قَ ْبلَ َأنْ تَغْتَ ِ وَقَدْ عَ ِلمْت أَنَّهُ صَحَّ عَلَى إجيَابِ الْغُ ْ
سلِ َبلْ إ ْذهَابُ رَاِئحَتِهَا . اْلمُرَادُ خُصُوصَ الْغُ ْ
سجِدِ دَخَ َلتْ امْ َرأَةٌ مِنْ مُ َزيْنَةَ وَابْنُ مَاجَهْ { :بَيَْنمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي اْلمَ ْ سجِ ِد ،فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :يَا أَيُّهَا النَّاسُ انْ َهوْا نِسَا َءكُمْ عَنْ تَرْ ُفلُ فِي زِينَةٍ لَهَا فِي اْلمَ ْ سجِدِ ،فَإِنَّ بَنِي إسْرَائِيلَ لَمْ يُلْعَنُوا حَتَّى لَبِسَ نِسَا ُؤهُمْ الزِّينَةَ وَتََبخْتَ ْرنَ لُبْسِ الزِّينَةِ وَالتََّبخْتُرِ فِي اْلمَ ْ سجِدِ } . فِي اْلمَ ْ
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا ُهوَ صَرِيحُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ َ ،ويَنْبَغِي َحمْلُهُ لُِيوَافِقَ َقوَاعِ َدنَا عَلَى مَا إذَا َتحَقَّ َقتْ الْفِتْنَةُ ،أَمَّا َمعَ ُمجَرَّدِ خَشْيَتِهَا
()626/2
فَ ُهوَ مَكْرُوهٌ َأوْ َمعَ ظَنِّهَا فَ ُهوَ حَرَامٌ غَيْرُ كَبِريَةٍ َكمَا ُهوَ ظَا ِهرٌ .
()667/2
الثمَانُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :نُشُوزُ اْلمَ ْرأَةِ بَِنحْوِ خُرُوجِهَا مِنْ مَنْ ِزلِهَا بِغَيْرِ إ ْذنِ َزوْجِهَا وَ ِرضَاهُ ( الْكَبِريَةُ َّ حوَ انْهِدَامِ مَنْ ِزلِهَا ) . لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ شَ ْرعِيَّةٍ كَاسْتِفْتَاءٍ لَمْ يَكْفِهَا إيَّاهُ َأوْ خَشْيَةٍ كََأ ْن خَشَِيتْ َفجَرَةً َأوْ َن ْ َضلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَ ْعضٍ َوِبمَا َأنْفَقُوا مِنْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { :الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ِبمَا ف َّ
أَ ْموَالِهِمْ فَالصَّاِلحَاتُ قَانِتَاتٌ حَا ِفظَاتٌ لِلْغَ ْيبِ ِبمَا حَفِظَ اللَّ ُه َواَللَّاتِي َتخَافُونَ نُشُو َزهُنَّ فَعِظُوهُنَّ
وَا ْهجُرُوهُنَّ فِي اْلمَضَا ِجعِ وَاضْ ِربُوهُنَّ فَِإنْ َأطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِريًا }
لَمَّا تَكَلَّمَ النِّسَاءُ فِي تَفْضِيلِ الرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ فِي اْلمِريَاثِ َوغَيْرِهِ َوأُجِبْنَ بِ َق ْولِهِ تَعَالَى َ { :ولَا تََتمََّنوْا مَا َضلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَ ْعضٍ } إَلخْ . ف َّ
جمِيعُ بَيَّنَ اللَّهُ -تَعَالَى -فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ َّإنمَا فَضَلَّهُمْ عَلَيْهِنَّ فِي َذلِكَ لِأَنَّهُمْ قَوَّامُونَ عَلَيْهِنَّ ،فَاْل َ َوِإنْ اشْتَ َركُوا فِي التَّمَُّتعِ لَكِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى -أَمَرَ الرِّجَالَ بِالْقِيَامِ عَلَى النِّسَاءِ بِِإصْلَاحِهِنَّ َوتَأْدِيبِهِنَّ
وَدَ ْفعِ النَّفَقَةِ وَاْلمَهْرِ إلَيْهِنَّ .
َالتوَقِّي مِنْ إذْ الْقَوَّامُ الَْأبْ َلغُ مِنْ الْقَيِّمِ ُهوَ الْقَائِمُ بَِأتَمِّ اْلمَصَاِلحِ وَالتَّ ْدبِريِ وَالتَّأْدِيبِ وَالِاهِْتمَامِ بِاْلحِفْظِ و َّ
الربِيعِ أَحَدِ نُقَبَاءِ الَْأنْصَارِ ،نَشَزَتْ َزوْجَتُهُ فَ َل َطمَهَا َفجَاءَ بِهَا َأبُوهَا الْآفَاتِ ،نَ َزَلتْ فِي { سَعْدِ بْنِ َّ
الل ْطمَةِ ِبوَجْهِهَا فَقَالَ لَهَا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :افْتَرَشَتْهُ كَرِميَتِي فَ َل َطمَهَا َوإِنَّ َأثَرَ َّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :اقْتَصِّي مِنْهُ ،ثُمَّ قَالَ لَهَا :اصْبِرِي حَتَّى انَْتظَرَ فَنَ َزَلتْ هَذِهِ الْآيَةُ ،
فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :أَرَ ْدنَا أَمْرًا َوأَرَادَ اللَّهُ -تَعَالَى -أَمْرًا َواَلَّذِي أَرَادَ اللَّهُ خَيْرٌ } ،فَعُلِمَ أَنَّ
()667/2
فِي الْآيَةِ َدلِيلًا عَلَى أَنَّ الرَّ ُجلَ ُيؤَدِّبُ َزوْجَتَهُ َوأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي َأنْ يُسِيءَ عِشْ َرتَهَا َكمَا أَفْهَم َذلِكَ َقوْله
تَعَالَى { قَوَّامُونَ } .
وَفِي َقوْله تَعَالَى َ { :وِبمَا َأنْفَقُوا مِنْ أَ ْموَالِهِمْ } َدلِيلٌ عَلَى انْتِفَاءِ ِقوَامِيَّتِهِ بِانْتِفَاءِ إنْفَاقِهِ لِِإعْسَارِهِ ،
سخُ الْعَقْدِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ َوغَيْرِهِ إلَّا َأبَا حَنِيفَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِ َزوَالِ َوإِذَا انْتَ َفتْ ِقوَامِيَّتُهُ عَلَيْهَا فَلَهَا فَ ْ اْلمَقْصُودِ الَّذِي شُ ِرعَ لَهُ النِّكَاحُ ،و َقوْله تَعَالَى { :فََنظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ } عَامٌّ َمخْصُوصٌ بِذَلِكَ َوغَيْرِهِ َ ،ولَفْظُ الْقُنُوتِ يُفِيدُ الطَّاعَةَ لِلَّهِ -تَعَالَى َ -ولِلْأَ ْزوَاجِ ِب َطوَاعِيَتِهِمْ فِي حُضُو ِرهِمْ وَحِ ْفظِهِمْ الزنَا لِئَلَّا يَلَْتحِقَ بِهِ الْعَارُ َأوْ َولَدُ غَيْرِهِ . عِنْدَ غَيْبَتِهِمْ فِي مَالِهِمْ وَمَنْ ِزلِهِمْ َوَأبْضَاعِهِنَّ عَنْ ِّ
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :مَا اسْتَفَادَ اْل ُمؤْمِنُ بَعْدَ تَ ْقوَى اللَّهِ خَيْرًا لَهُ مِ ْن َزوْجَةٍ صَاِلحَ ٍة ،إنْ
صحَتْهُ فِي نَفْسِهَا َرتْهُ َ ،وِإنْ غَابَ عَنْهَا نَ َ َرتْهُ َ ،وِإنْ أَقْسَمَ عَلَيْهَا َأب َّ أَمَ َرهَا َأطَاعَتْهُ َوِإنْ َنظَرَ إلَيْهَا س َّ وَمَالِهِ } َ ،وتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ " .
ثُمَّ لَمَّا َذكَرَ اللَّهُ -تَعَالَى -الصَّاِلحَاتِ َوبَيَّنَهُنَّ بِ ِذكْرِ َوصْفَيْ الْقُنُوتِ وَاْلحِفْظِ الشَّامِلَيْنِ لِكُلِّ َكمَالٍ الزوْجِ َذكَرَ َوصْفَ غَيْرِ الصَّاِلحَاتِ بِ َق ْولِهِ َ { :واَللَّاتِي َالدنْيَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا َوِإلَى َّ يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ و ُّ
صلُ فِي الْقَ ْلبِ عِنْدَ حُدُوثِ أَمْرٍ مَكْرُوهٍ فِي اْلمُسْتَقَْبلِ . خ ْوفُ حَالَةٌ َتحْ ُ َتخَافُونَ نُشُو َزهُنَّ } وَاْل َ
ضعُ لَهُ بِالْ َقوْلِ إذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ َ :دلَالَةٌ تَكُونُ بِالْ َقوْلِ كََأنْ كَاَنتْ تُلَبِّيهِ إذَا َدعَاهَا َوَتخْ َ خَاطَبَهَا ثُمَّ تَغَيَّرَتْ َ ،وبِالْفِ ْعلِ كََأنْ كَاَنتْ تَقُومُ لَهُ إذَا دَ َخلَ إلَيْهَا َوتُسَارِعُ إلَى أَمْرِهِ َوتُبَادِرُ إلَى فِرَاشِهِ
بِاسْتِبْشَارٍ إذَا َلمَسَهَا ثُمَّ تَغَيَّرَتْ فَهَذِهِ مُقَدِّمَاتٌ تُو ِجبُ َخ ْوفَ النُّشُوزِ ؛ فَأَمَّا
()662/2
حَقِيقَةُ النُّشُوزِ فَهِيَ مَعْصِيَةٌ وَ ُمخَالَفَةٌ ،مِنْ نَشَزَ إذَا ا ْرتَ َفعَ فَكَأَنَّهَا بِهِ تَرَفَّ َعتْ عَلَيْهِ .
الطوَاعِيَةِ ،وَاْل َوعْظِ وَقَالَ َعطَاءٌ ُ :هوَ َأنْ لَا تَتَعَطَّرَ لَهُ َوَتمْنَعَهُ نَفْسَهَا َوتَتَغَيَّرَ عَمَّا كَاَنتْ تَفْعَلُهُ مِنْ َّ خوِيفِ بِالْ َعوَا ِقبِ كََأنْ يَقُولَ لَهَا اتَّقِي اللَّهَ فِي حَقِّي اْلوَا ِجبِ عَلَيْك وَاخْشِ َس ْطوَةَ انْتِقَامِهِ َ ،ولَهُ أَنْ الت ْ َّ
جعِ بَِأنْ ُيوَلِّيهَا ظَهْرَهُ فِي الْفِرَاشِ َولَا يُك َِّلمُهَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ َأوْ يَعْتَزِلُ عَنْهَا فِي ضَ يَ ْهجُ َرهَا فِي اْلمَ ْ
صحِيحٌ ،وَالثَّانِي َأبْ َلغُ فِي الزَّجْرِ وَ َذلِكَ لِأَنَّهَا إنْ أَحَبَّتْهُ شَقَّ عَلَيْهَا فِرَاشٍ آخَرَ َكمَا قَالَهُ غَيْرُهُ وَالْكُلُّ َ َهجْرُهُ فَتَرْ ِجعُ عَنْ النُّشُوزِ َأوْ كَ ِرهَتْهُ فَقَدْ وَافَقَ غَ َرضَهَا فَيََتحَقَّقُ نُشُو ُزهَا حِينَئِذٍ .
وَقِيلَ ُا ْهجُرُوهُنَّ مِنْ الْ َهجْرِ بِضَمِّ الْهَاءِ َو ُهوَ الْقَبِيحُ مِنْ الْ َق ْولِ ،أَيْ َأغْ ِلظُوا عَلَيْهِنَّ فِي الْ َقوْلِ
ي َرَبطَهُ جمَاعِ َوغَيْرِهِ ،وَقِيلَ اْلمُرَادُ بِهِ شِدُّوهُنَّ ِوثَاقًا فِي بُيُوتِهِنَّ مِنْ َهجَرَ الْبَعِريَ أَ ْ َوضَاجِرُوهُنَّ لِ ْل ِ بِالْ ِهجَارِ َو ُهوَ حَ ْبلٌ يُشَدُّ بِهِ الْبَعِريُ َ ،وهَذَا الْ َقوْلُ فِي غَايَةِ الُْبعْدِ وَالشُّذُوذِ َوِإنْ اخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ
الطَّبَرِيُّ ،وَمِنْ ثَمَّ قَالَ َأبُو بَكْرِ بْنُ الْعَ َربِيِّ :لَهَا مِنْ هَ ْفوَةِ عَالِمٍ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ،لَكِنَّ اْلحَا ِملَ لَهُ
عَلَى هَذَا التَّ ْأوِيلِ حَدِيثٌ غَرِيبٌ َروَاهُ ابْنُ َو ْهبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَ ْسمَاءَ بِ ْنتِ َأبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ امْ َرأَةِ
الزبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ . ُّ
قَالَ الْقُ ْرطُبِيُّ َ :وهَذَا الْ َهجْرُ غَايَتُهُ عِنْدَ الْعُ َلمَاءِ شَهْرٌ َكمَا فَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِنيَ أَسَرَّ إلَى َرمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك } فَأَفْشَتْهُ حَفْصَةَ حَدِيثًا أَيْ َتحْ ِرميَ مَا ِريَةَ أَمَتِهِ النَّازِلُ فِيهَا { :يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ ُتح ِّ
إلَى عَائِشَةَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا . ا هـ .
َوكَأَنَّهُ أَرَادَ عُ َلمَاءَ مَ ْذهَبِهِ .
َأمَّا عُ َلمَا ُؤنَا فَعِنْدَهُ مَا أَنَّهُ لَا غَايَةَ
()666/2
لَهُ لِأَنَّهُ ِلحَاجَةِ صَلَاحِهَا َ ،فمَتَى لَمْ تَصْ ُلحْ تُ ْهجَرُ َ ،وِإنْ بَلَغَ سِنِنيَ وَمَتَى صَ ُلحَتْ فَلَا َهجْرَ كَمَا قَالَ تَعَالَى { :فَِإنْ َأطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا } وَ ( فِي ) إمَّا ظَ ْرفٌ عَلَى بَابِهِ مُتَعَلِّقٌ بِا ْهجُرُوهُنَّ :
أَيْ ُاتْ ُركُوا مُضَاجَعَتَهُنَّ أَيْ النَّ ْومَ مَعَهُنَّ ،أَوْ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ ُا ْهجُرُوهُنَّ مِنْ أَ ْجلِ َتخَلُّفِهِنَّ عَنْ الْمُضَاجَعَةِ مَعَكُمْ ،قِيلَ َ :وهَذَا مُتَعَيَّنٌ ؛ لِأَنَّ فِي اْلمَضَا ِجعِ لَيْسَ ظَرْفًا لِلْ َهجْرِ َوإَِّنمَا ُهوَ سََببٌ لَهُ .
ا هـ .
صحِيحَةٌ ،وَالْ َهجْرُ وَا ِقعٌ فِيهَا ،وَقِيلَ ُهوَ مُتَعَلِّقٌ بِنُشُوزِهِنَّ َ ،ولَيْسَ َولَيْسَ كَ َذلِكَ َبلْ الظَّرْفِيَّةُ هُنَا َ جعِ َولَيْسَ كَ َذلِكَ َكمَا مَرَّ َولَا ضَ صحِيحٍ َأيْضًا مَعْنًى ؛ لِإِيهَامِهِ قَصْرَ النُّشُوزِ عَلَى الْعِصْيَانِ فِي اْلمَ ْ بِ َ
ِن :أَيْ صلَ بَيْنَ اْلمَصْدَرِ وَمَ ْعمُولِهِ بِأَجْنَبِيٍّ ،وَقِيلَ يُقَدَّرُ َمحْذُوفٌ بَعْدَ نُشُو ِزه َّ صِنَاعَةَ ؛ لِأَنَّ فِيهِ الْفَ ْ
َواَللَّاتِي َتخَافُونَ نُشُو َزهُنَّ َونَشَ ْزنَ َوإَِّنمَا يَفِرُّ لِ َذلِكَ مَنْ لَا ُيجَوِّزُ الْإِقْدَامَ عَلَى اْل َوعْظِ وَالْ َهجْرِ ِب ُمجَرَّدِ س َرضِيَ اللَّهُ خ ْوفَ هُنَا ِبمَعْنَى الْيَقِنيِ َونُ ِقلَ عَنْ ابْنِ عَبَّا ٍ خ ْوفِ وَمَ ْذهَبُنَا خِلَافُهُ ،عَلَى أَنَّهُ قِيلَ إنَّ اْل َ اْل َ
عَنْ ُهمَا ،وَقِيلَ غَلَبَةُ الظَّنِّ كَافِيَةٌ فِي َذلِكَ وَاضْ ِربُوهُنَّ أَيْ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ َولَا شَائِنٍ . ِالسوَاكِ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا :مِ ْثلُ اللَّكْزَةِ وَقَالَ َعطَاءٌ ضَرْبٌ ب ِّ وَفِي اْلحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ ضَرْبِ اْلوَجْهِ َولَا تَضْرِبْ إلَّا فِي اْلبَ ْيتِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ :يَكُونُ دُونَ الْأَ ْربَعِنيَ لِأَنَّهَا أَقَلُّ حُدُودِ اْلحُرِّ . ضعٍ وَقَالَ غَيْرُهُ دُونَ الْعِشْرِينَ ؛ لِأَنَّهُ حَدٌّ كَا ِملٌ فِي حَقِّ الْقِنِّ َوُيفَرِّقُهَا عَلَى بَ َدنِهَا َولَا ُيوَالِيهِ فِي َم ْو ِ
لِئَلَّا يَ ْعظُمَ ضَرَرُهُ َويَتَّقِي اْلوَجْهَ وَاْلمَقَاِتلَ .
قَالَ بَ ْعضُ الْعُ َلمَاءِ :يَكُونُ ِبمِنْدِيلٍ مَ ْلوِيٍّ أَوْ بِيَدِهِ لَا بِسَوْطٍ َولَا بِعَصًا َ ،وكَأَنَّ قَاِئلَ َذلِكَ أَخَذَهُ مِمَّا
()666/2
مَرَّ عَنْ َعطَاءٍ . َالتخْفِيفُ يُرَاعَى فِي هَذَا الْبَابِ ،وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :تَرْكُ الضَّرْبِ جمْلَةِ :ف َّ َوبِاْل ُ
ضلُ . بِالْكُلِّيَّةِ أَفْ َ
َرمَ اللَّهُ وَجْهَهُ : -يَعِظُهَا وَاخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ َهلْ هِيَ عَلَى التَّ ْرتِيبِ َأمْ لَا ؟ قَالَ عَلِيٌّ -ك َّ
جعِ فَِإنْ َأَبتْ ضَ َربَهَا فَِإنْ لَمْ تَتَّعِظْ بِالضَّرْبِ بَ َعثَ اْلحَكَمَ . ضَ بِلِسَانِهِ فَِإنْ َأَبتْ َهجَ َرهَا فِي اْلمَ ْ
ج ْمعُ بَيْنَ الْكُلِّ وَقَالَ آخَرُونَ :هَذَا التَّرْتِيبُ مُرَاعًى عِنْدَ َخ ْوفِ النُّشُوزِ ،أَمَّا عِنْدَ َتحَقُّقِهِ فَلَا بَأْسَ اْل َ
،وَمَعْنَى " لَا تَبْغُوا " أَيْ لَا َتطْلُبُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا أَيْ لَا تُكَلِّفُوهُنَّ َمحَبَّتَكُمْ فَإِنَّ الْقَ ْلبَ لَيْسَ بَِأيْدِيهِنَّ ،
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ ،وَالَْأ ْولَى تَفْسِريُهُ بَِأعَمَّ مِنْ َذلِكَ :أَيْ لَا َتطْلُبُوا مِنْهُنَّ مَا لَا يَلْزَمُهُنَّ شَ ْرعًا بَلْ ريتِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ جُبِلْنَ طَبْعًا عَلَى التَّبَرُّعِ بِكَثِريٍ مِنْ اْلحُقُوقِ وَاْلخِدْمَةِ الَّتِي لَا تَلْزَمُهُنَّ ، ُاتْ ُركُوهُنَّ إلَى خِ َ وَخَتَمَ الْآيَةَ بِ َذيْنِك الِا ْسمَيْنِ فِي َتمَامِ اْلمُنَاسَبَةِ ؛ لِأَنَّ مَعْنَا ُهمَا أَنَّهُ -تَعَالَى َ -معَ عُلُوِّهِ َوكِبْ ِريَائِهِ لَمْ
يُكَلِّفْ عِبَادَهُ مَا لَا ُيطِيقُونَهُ إذْ لَا ُيؤَاخَذُ الْعَاصِي إذَا تَابَ فَأَنْتُمْ َأ ْولَى َأنْ لَا تُكَلِّفُوهُنَّ مَا لَا ُيطِقْنَ َوَأنْ
تَقْبَلُوا َت ْوبَتَهُنَّ عَنْ نُشُو ِزهِنَّ .
وَقِيلَ :إنَّهُنَّ إنْ ضَعُفْنَ عَنْ دَ ْفعِ ظُ ْلمِكُمْ فَاَللَّهُ عَلِيٌّ كَبِريٌ قَادِرٌ يَنْتَصِفُ لَهُنَّ مِنْكُمْ . صوَرِ النُّشُوزِ َ ،ويُقَاسُ بِهِ بَاقِيهَا َ ،فمِنْ الصحِيحَةِ اْل َوعِيدُ الشَّدِيدُ عَلَى بَ ْعضِ ُ وَمَرَّ آنِفًا فِي الْأَحَادِيثِ َّ الصحِيحَيْنِ { :إذَا َدعَا الرَّ ُجلُ امْ َرَأتَهُ إلَى فِرَاشِهِ فَلَمْ تَ ْأتِهِ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا َذلِكَ حَدِيثُ َّ
اْلمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصِْبحَ } .
ش َزوْجِهَا لَعَنَتْهَا اْلمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصِْبحَ } . وَفِي ِروَايَةٍ لَ ُهمَا َولِلنَّسَائِيِّ { :إذَا بَاَتتْ اْلمَ ْرأَةُ هَاجِرَةً فِرَا َ وَفِي ِروَايَةٍ لِلُْبخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ { :مَا مِنْ
()666/2
السمَاءِ -أَيْ أَمْرُهُ وَسُ ْلطَانُهُ -سَا ِخطًا عَلَيْهَا رَ ُجلٍ يَ ْدعُو امْرََأتَهُ إلَى فِرَاشِهَا فَتَ ْأبَى إلَّا كَانَ الَّذِي فِي َّ
حَتَّى يَ ْرضَى عَنْهَا َزوْجُهَا } .
سخَطُ عَلَيْهَا َزوْجُهَا لَا تُقْبَ ُل صَلَاتُهَا حَتَّى يَ ْرضَى عَنْهَا . وَمَرَّتْ الْأَحَادِيثُ فِي أَنَّ الَّتِي يَ ْ
َدثَنِي مَنْ َس ِمعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :أَوَّلُ مَا تُسْأَلُ وَجَاءَ عَنْ { اْلحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ :ح َّ اْلمَ ْرأَةُ َي ْومَ الْقِيَامَةِ عَنْ صَلَاتِهَا َوعَنْ بَعْلِهَا } . وَمَرَّ فِي خَبَرٍ لِلُْبخَارِيِّ أَنَّهُ لَا َيحِلُّ لَهَا َأنْ تَصُومَ وَ َزوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِ ْذنِهِ َ ،ولَا تَأْ َذنُ فِي بَيْتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ .
َسعٌ فَلَا تَصُومُهُ َو ُهوَ حَاضِرٌ بِالْبَلْدَةِ َ ،وِإنْ كَانَ لَهَا ضَرَّةٌ َو ُهوَ َوعٍ َأوْ فَرْضٍ ُمو َّ ص ْومِ َتط ُّ وَ َمحَلُّهُ فِي َ
ِلتمَُّتعِ بِهَا حَتَّى َرتِهَا َيوْمَهَا َكمَا َشمِلَهُ كَلَامُهُمْ لِاحِْتمَالِ َأنْ تَأْ َذنَ لَهُ فِي اْل َمجِيءِ إلَى عِنْ َدهَا ل َّ عِنْدَ ض َّ صوْمِهَا َ ،ولَا َنظَرَ إلَى أَنَّهُ َيجُوزُ التمَتُّعَ بِهَا فََيمْتَِنعُ مِنْهُ لِأَ ْجلِ َ يَأْ َذنَ لَهَا َأوْ تَعْلَمَ ِرضَاهُ ،؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ َّ لَهُ َو ْط ُؤهَا َوإِفْسَادُهُ ؛ لِأَنَّ الْغَاِلبَ أَنَّ الِْإنْسَانَ يَهَابُ إفْسَادَ الْعِبَادَةِ .
ِالسجُودِ وَمَرَّ مِنْ الْأَحَادِيثِ اْلمَ ْذكُورَةِ فِي وُجُوبِ طَاعَتِهِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َلوْ أَمَرَ أَحَدًا ب ُّ
سجُدَ لِ َزوْجِهَا لِ ِعظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا } . لِأَحَدٍ لَأَمَرَ اْلمَ ْرأَةَ َأنْ تَ ْ
{ وَ َذكَرَتْ امْ َرأَةٌ َزوْجَهَا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ َ :أيْنَ َأْنتِ مِنْهُ ؟ فَإِنَّهُ جَنَّتُك َونَارُك }
أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ .
وَمَرَّ خَبَرُ { :إنَّ اللَّهَ لَا يَ ْنظُرُ إلَى امْ َرأَةٍ لَا تَشْكُرُ لِ َزوْجِهَا َوهِيَ لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ } .
وَجَاءَ فِي اْلحَدِيثِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ { :أَنَّ امْ َرأَةً مِنْ خَثْعَمَ أََتتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزوْجَةِ ؟ فَإِنِّي امْ َرأَةٌ أَيِّمٌ فَِإنْ اسَْتطَعْت وَإِلَّا الزوْجِ عَلَى َّ فَقَاَلتْ :يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِ ْرنِي مَا حَقُّ َّ
()663/2
الزوْجِ عَلَى َزوْجَتِهِ إنْ سََألَهَا نَفْسَهَا َوهِيَ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ َأنْ لَا َتمْنَعَهُ جَلَسْت أَِّيمًا ؟ قَالَ :فَإِنَّ حَقَّ َّ
شتْ َولَا َوعًا إلَّا بِإِ ْذنِهِ فَِإنْ فَعَ َلتْ جَا َعتْ َوعَطِ َ الزوْجَةِ َأنْ لَا تَصُومَ َتط ُّ الزوْجِ عَلَى َّ نَفْسَهَا ،وَمِنْ حَقِّ َّ السمَاءِ وَمَلَائِكَةُ الْأَرْضِ وَمَلَائِكَةُ يُقَْبلُ مِنْهَا َ ،ولَا َتخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا إلَّا بِإِ ْذنِهِ فَِإنْ فَعَ َلتْ لَعَنَتْهَا مَلَائِكَةُ َّ
جبُ وُجُوبًا مُتَأَكَّدًا عَلَى اْلمَ ْرأَةِ َأنْ تََتحَرَّى ِرضَا الرَّ ْحمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ حَتَّى تَرْ ِجعَ } ،فَعُلِمَ أَنَّهُ َي ِ خطَهُ مَا أَمْكَنَ . َزوْجِهَا َوَتجْتَنِبَ َس َ
سلِ َوَلوْ طءِ حَاِئضٍ َأوْ نُفَسَاءَ قَبْلَ الْ ُغ ْ وَمِنْ َذلِكَ أَنَّهَا لَا َتمْنَعُهُ مِنْ َتمَُّتعٍ مُبَاحٍ ِبخِلَافِ غَيْرِ اْلمُبَاحِ َكوَ ْ الدمِ عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ . بَعْدَ انْ ِقطَاعِ َّ
َرفُ فِي شَ ْيءٍ مِنْ مَالِهِ إلَّا بِإِ ْذنِهِ ،بَلَى قَالَ ِلزوْجِ فَلَا تَتَص َّ َويَنْبَغِي لَهَا َأنْ تَعْ ِرفَ أَنَّهَا كَاْل َممْلُوكِ ل َّ
َدمَ حجُورَةِ لَهُ َ ،ويَلْزَمُهَا َأنْ تُق ِّ َرفُ َأيْضًا فِي مَالِهَا إلَّا بِإِ ْذنِهِ كَاْل َم ْ َجمَاعَةٌ مِنْ الْعُ َلمَاءِ إنَّهَا لَا تَتَص َّ
الصوَرِ َ ،وَأنْ تَكُونَ مُسْتَعِدَّةً لَِتمَتُّعِهِ بِهَا حُقُوقَهُ عَلَى حُقُوقِ أَقَا ِربِهَا َبلْ َوعَلَى حُقُوقِ نَفْسِهَا فِي بَ ْعضِ ُّ
جمَالِهَا َولَا تَعِيبُهُ بِقَبِيحٍ فِيهِ . النظَافَةِ َ ،ولَا تَفَْتخِرُ عَلَيْهِ ِب َ ِبمَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ أَسْبَابِ َّ صمَعِيُّ " :دَخَلْت الْبَادِيَةَ فَإِذَا امْ َرأَةٌ حَسْنَاءُ لَهَا بَ ْعلٌ قَبِيحٌ ،فَقُلْت لَهَا كَيْفَ تَ ْرضِنيَ لِنَفْسِك قَالَ الَْأ ْ
حتَ هَذَا ؟ قَاَلتْ ا ْس َمعْ يَا هَذَا :لَعَلَّهُ أَحْسَنَ فِيمَا بَيْنَهُ َوبَيْنَ خَالِقِهِ َفجَعَلَنِي َثوَابَهُ ، َأنْ تَكُونِي َت ْ َولَعَلِّي أَسَأْت َفجَعَلَهُ عُقُوبَتِي " .
وَقَاَلتْ عَائِشَةُ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا :يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ َلوْ تَعْ َلمْنَ بِحَقِّ أَ ْزوَاجِكُنَّ عَلَيْكُنَّ َلجَعَ َلتْ اْلمَ ْرأَةَ سحُ الْغُبَارَ عَنْ قَدَمَ ْي َزوْجِهَا ِبحُرِّ وَجْهِهَا . مِنْكُنَّ َتمْ َ
وَفِي حَدِيثٍ َ { :ألَا أُخْبِ ُركُمْ بِنِسَائِكُمْ فِي اْلجَنَّةِ ؟
()666/2
ضبَ َزوْجُهَا قَاَلتْ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ،قَالَ كُلُّ وَدُودٍ َولُودٍ إذَا َأغْضََبتْ َأوْ أُسِيءَ إلَيْهَا َأوْ غَ ِ
حلُ بِ َغ ْمضٍ حَتَّى تَ ْرضَى } . هَذِهِ يَدِي فِي يَدِك لَا َأكَْت ِ
جبُ عَلَى اْلمَ ْرأَةِ َدوَامُ اْلحَيَاءِ مِ ْن َزوْجِهَا َوغَضُّ طَرْفِهَا قُدَّامَهُ وَالطَّاعَةُ لِأَمْرِهِ قَالَ بَ ْعضُ الْعُ َلمَاءِ َ :وَي ِ
الن ْومِ َوتَرْكُ وَالسُّكُوتُ عِنْدَ كَلَامِ ِه ،وَالْقِيَامُ عِنْدَ قُدُومِهِ َوعِنْدَ خُرُوجِهِ َوعَرْضُ نَفْسِهَا عَلَيْهِ عِنْدَ َّ ِالسوَاكِ وَالطِّيبِ ، اْلخِيَانَةِ لَهُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ فِي فِرَاشِهِ َأوْ مَالِهِ َ ،وطِيبُ الرَّاِئحَةِ لَهُ َ ،وتَعَاهُدُ الْفَمِ ب ِّ وَ َدوَامُ الزِّينَةِ ِبحَضْ َرتِهِ َ ،وتَ ْركُهَا فِي غَيْبَتِهِ َ ،وِإكْرَامُ َأهْلِهِ َوأَقَا ِربِهِ َوتَرَى الْقَلِيلَ مِنْهُ كَثِريًا .
ا هـ .
قَالَ َ :ويَنْبَغِي لِ ْلمَ ْرأَةِ اْلخَائِفَةِ مِنْ اللَّهِ -تَعَالَى َ -أنْ َتجْتَهِدَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ َوطَاعَةِ َزوْجِهَا َوَتطْ ُلبَ
ِرضَاهُ جَهْ َدهَا فَهُوَ جَنَّتُهَا َونَارُهَا ؛ لِ َق ْولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :أَُّيمَا امْ َرأَةٍ مَاتَتْ وَ َزوْجُهَا عَنْهَا
رَاضٍ دَخَلَتْ اْلجَنَّةَ } . ت شَهْ َرهَا وَحَ ِف َظتْ فَرْجَهَا َوَأطَا َعتْ َزوْجَهَا وَفِي اْلحَدِيثِ َأيْضًا { :إذَا ص ََّلتْ اْلمَ ْرأَةُ َخمْسَهَا َوصَا َم ْ قِيلَ لَهَا اُدْخُلِي اْلجَنَّةَ مِنْ أَيِّ َأْبوَابِ اْلجَنَّةِ شِئْت } .
قَالَ :وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنَّهُ قَالَ { :يَسْتَغْفِرُ لِ ْلمَ ْرأَةِ الْ ُمطِيعَةِ لِ َزوْجِهَا الطَّيْرُ فِي َالشمْسُ وَالْ َقمَرُ مَا دَا َمتْ فِي ِرضَا َزوْجِهَا َ ،وأَُّيمَا السمَاءِ و َّ الْ َهوَاءِ وَاْلحِيتَانُ فِي اْلمَاءِ وَالْمَلَائِكَةُ فِي َّ
صتْ َزوْجَهَا فَعَلَيْهَا لَعْنَةُ اللَّهِ وَاْلمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَ ْجمَعِنيَ َ ،وأَُّيمَا امْ َرأَةٍ كَ َلحَتْ فِي وَجْهِ امْ َرأَةٍ عَ َ
َزوْجِهَا فَهِيَ فِي َسخَطِ اللَّهِ إلَى َأنْ تُضَاحِكَهُ َوتَسْتَ ْرضِيَ ُه َ ،وأَُّيمَا امْ َرأَةٍ خَرَ َجتْ مِنْ دَا ِرهَا بِغَيْرِ إ ْذنِ
َزوْجِهَا لَعَنَتْهَا اْلمَلَائِكَةُ حَتَّى تَرْ ِجعَ } .
وَجَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َأيْضًا أَنَّهُ قَالَ { :أَ ْربَعَةٌ مِنْ
()666/2
اللوَاتِي فِي اْلجَنَّةِ امْ َرأَةً عَفِيفَةً طَائِعَةً لِلَّهِ النِّسَاءِ فِي اْلجَنَّةِ َوأَ ْربَعَةٌ فِي النَّارِ ،وَ َذكَرَ مِنْ الْأَ ْربَعَةِ َّ َولِ َزوْجِهَا َولُودًا صَابِرَةً قَانِعَةً بِالْيَسِريِ َمعَ َزوْجِهَا ذَاتَ حَيَا ٍء إنْ غَابَ عَنْهَا َزوْجُهَا حَ ِف َظتْ نَفْسَهَا ستْ وَمَالَهُ َ ،وِإنْ حَضَرَ أَمْسَ َكتْ لِسَانَهَا عَنْ ُه ،وَامْ َرأَةً مَاتَ عَنْهَا َزوْجُهَا َولَهَا َأ ْولَادٌ صِغَارٌ َفحَبَ َ
نَفْسَهَا عَلَى َأ ْولَا ِدهَا وَرَبَّتْهُمْ َوأَحْسََنتْ إلَيْهِمْ َولَمْ تَتَزَوَّجْ َخشْيَةَ َأنْ يَضِيعُوا .
اللوَاتِي فِي النَّارِ فَامْ َرأَةٌ بَذِيئَةُ اللِّسَانِ عَلَى َزوْجِهَا إنْ غَابَ عَنْهَا لَمْ تَصُنْ نَفْسَهَا َوِإنْ َوأَمَّا الْأَ ْربَعَةُ َّ حَضَرَ آ َذتْهُ بِلِسَانِهَا ،وَامْ َرأَةٌ تُكَلِّفُ َزوْجَهَا مَا لَا ُيطِيقُ ،وَامْ َرأَةٌ لَا تَسْتُرُ نَفْسَهَا مِنْ الرِّجَالِ َوَتخْرُجُ
َالن ْومُ َولَيْسَ لَهَا َرغْبَةٌ فِي صَلَاةٍ َولَا فِي مِنْ بَيْتِهَا مُتَبَهْرِجَةً ،وَامْ َرأَةٌ لَيْسَ لَهَا هَمٌّ إلَّا الَْأ ْكلُ وَالشُّرْبُ و َّ طَاعَةِ اللَّهِ َولَا طَاعَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َولَا فِي طَاعَةِ َزوْجِهَا } .
فَاْلمَ ْرأَةُ إذَا كَاَنتْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ كَاَنتْ مَلْعُونَةً مِنْ َأ ْهلِ النَّارِ إلَّا َأنْ تَتُوبَ َ ،ولِ َذلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :اطَّلَعْت فِي النَّارِ فَ َرَأيْت َأكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَا َء } ،وَ َذلِكَ بِسََببِ قِلَّةِ طَاعَتِهِنَّ لِلَّهِ
ستْ أَ ْفخَرَ َولِرَسُولِهِ َولِأَ ْزوَاجِهِنَّ َوكَثْرَةِ تَبَهْرُجِهِنَّ ،وَالتَّبَهْرُجُ ُهوَ إذَا أَرَادَتْ اْلخُرُوجَ مِنْ بَيْتِهَا لَبِ َ ثِيَابِهَا َوَتجَمَّ َلتْ َوَتحَسَّنَتْ وَخَرَ َجتْ تَفْتِنُ النَّاسَ بِنَفْسِهَا ،فَِإنْ سَ ِل َمتْ فِي نَفْسِهَا لَمْ يَسْلَمْ النَّاسُ
مِنْهَا .
َولِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :الْمَ ْرأَةُ َعوْرَةٌ فَإِذَا خَ َر َجتْ مِنْ بَيْتِهَا اسْتَشْرَفَهَا الشَّ ْيطَانُ
َوأَقْرَبُ مَا تَكُونُ اْلمَ ْرأَةُ مِنْ اللَّهِ -تَعَالَى -إذَا كَاَنتْ فِي بَيْتِهَا } .
وَفِي اْلحَدِيثِ َأيْضًا { :اْلمَ ْرأَةُ َعوْرَةٌ فَاحْبِسُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ فَإِنَّ اْلمَ ْرأَةَ إذَا خَرَ َجتْ لِلطَّرِيقِ قَالَ لَهَا
()666/2
َأهْلُهَا َأيْنَ تُرِيدِينَ ؟ قَاَلتْ َأعُودُ مَرِيضًا أُشَِّيعُ جِنَازَةً فَلَا يَزَالُ بِهَا الشَّ ْيطَانُ حَتَّى ُتخْرِجَ ذِرَاعَهَا ،وَمَا ستْ اْلمَ ْرأَةُ وَجْهَ اللَّهِ ِبمِثْلِ أَنْ تَقْعُدَ فِي بَيْتِهَا َوتَعْبُدَ رَبَّهَا َوُتطِيعَ بَعْلَهَا } . الَْتمَ َ
وَقَالَ عَلِيٌّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِزَوْجَتِهِ فَا ِطمَةَ بِ ْنتِ سَيِّدِ اْلمُرْسَلِنيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
:مَا خَيْرُ لِ ْلمَ ْرأَةِ ؟ قَاَلتْ َأنْ لَا تَرَى الرِّجَالَ َولَا يَ َر ْوهَا .
َوكَانَ عَلِيٌّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ َ :ألَا تَسَْتحُونَ َألَا تَغَارُونَ ؟ يَتْرُكُ أَحَ ُدكُمْ امْ َرَأتَهُ َتخْرُجُ بَيْنَ الرِّجَالِ تَ ْنظُرُ إلَيْهِمْ َويَ ْنظُرُونَ إلَيْهَا .
{ َوكَاَنتْ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ جَالِسَتَيْنِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ َعلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الَْأ ْعمَى فَأَمَ َر ُهمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالِاحِْتجَابِ مِنْ ُه ،فَقَالَتَا :إنَّهُ َأ ْعمَى لَا يُبْصِ ُرنَا َولَا يَعْرِفُنَا فَقَالَ
جبُ عَلَى الرَّ ُجلِ َأنْ يَغُضَّ طَرْفَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفَ َعمْيَاوَانِ َأنُْتمَا َألَسُْتمَا تُبْصِرَانِ } ،فَ َكمَا َي ِ جبُ عَلَى اْلمَ ْرأَةِ َأنْ تَغُضَّ طَرْفَهَا عَنْ الرِّجَالِ . عَنْ النِّسَاءِ كَ َذلِكَ َي ِ ضطَرَّتْ امْ َرأَةٌ لِ ْلخُرُوجِ لِ ِزيَارَةِ وَالِدٍ َأوْ حَمَّامٍ خَرَجَتْ بِإِ ْذنِ َزوْجِهَا غَيْرَ مُتَبَهْرِجَةٍ فِي مِلْحَفَةٍ َوإِذَا ا ْ َوثِيَابٍ بَ ْذلَةٍ َوتَغُضُّ طَرْفَهَا فِي مِشْيَتِهَا َولَا تَ ْنظُرُ َيمِينًا َولَا ِشمَالًا َوإِلَّا كَاَنتْ عَاصِيَةً .
ب رِقَاقٍ فَهََّبتْ رِيحٌ ضتْ عَلَى اللَّهِ فِي ثِيَا ٍ الن ْومِ وَقَدْ عُ ِر َ وَمَاَتتْ مُتَبَهْرِجَةً فَرَآهَا بَ ْعضُ َأهْلِهَا فِي َّ
الشمَالِ إلَى النَّارِ فَإِنَّهَا كَاَنتْ مِنْ اْلمُتَبَهْرِجَاتِ فِي فَكَشَفَتْهَا فََأعْرَضَ عَنْهَا وَقَالَ خُذُوا بِهَا ذَاتَ ِّ الدنْيَا . ُّ
َرمَ اللَّهُ وَجْهَهُ : -دَخَلْت عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َأنَا وَفَا ِطمَةُ َرضِيَ اللَّهُ { وَقَالَ عَلِيٌّ -ك َّ عَنْ ُهمَا َفوَجَ ْدنَاهُ يَبْكِي بُكَاءً شَدِيدًا ،فَقُلْت :فِدَاك َأبِي َوأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا
()667/2
َذبْنَ بَِأْنوَاعِ الْعَذَابِ السمَاءِ َرَأْيتُ نِسَاءً مِنْ أُمَّتِي يُع َّ الَّذِي َأبْكَاك ؟ قَالَ :يَا عَلِيُّ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي إلَى َّ
فَبَكَيْت ِلمَا َرَأيْت مِنْ شِدَّةِ عَذَابِهِنَّ َ ،رَأيْت امْ َرأَةً مُعَلَّقَةً بِشَعْ ِرهَا يَغْلِي دِمَاغُهَا ،وَ َرَأيْت امْ َرأَةً مُعَلَّقَةً
ُد رِجْلَاهَا إلَى ثَ ْديَيْهَا َويَدَاهَا إلَى نَاصِيَتِهَا حمِيمُ يُصَبُّ فِي حَلْقِهَا ،وَ َرَأيْت امْ َرأَةً قَدْ ش َّ بِلِسَانِهَا وَاْل َ
وَقَدْ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهَا اْلحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ ،وَ َرَأيْت امْ َرأَةً مُعَلَّقَةً بِثَ ْديَيْهَا ،وَ َرَأيْت امْ َرأَ ًة َرأْسُهَا بِ َرأْسِ ب ،وَ َرَأيْت امْ َرأَةً عَلَى صُورَةِ الْكَ ْلبِ خِنْزِيرٍ َوبَ َدنُهَا بَ َدنَ ِحمَارٍ َوعَلَيْهَا َألْفُ َألْفُ َل ْونٍ مِنْ الْعَذَا ِ
ت فَا ِطمَةُ وَالنَّارُ تَدْ ُخلُ مِنْ فِيهَا َوَتخْرُجُ مِنْ ُدبُ ِرهَا وَاْلمَلَائِكَةُ يَضْ ِربُونَ َرأْسَهَا ِبمَقَا ِمعَ مِنْ نَارٍ ،فَقَامَ ْ
الزهْرَاءُ َرضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا وَقَاَلتْ :يَا حَبِيبِي وَقُرَّةَ عَيْنِي مَا كَانَ َأ ْعمَالُ َه ُؤلَاءِ حَتَّى وَ َقعَ عَلَيْهِنَّ َّ هَذَا الْعَذَابُ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :يَا بُنَيَّةُ أَمَّا اْلمُعَلَّقَةُ بِشَعْ ِرهَا فَإِنَّهَا كَاَنتْ لَا تُغَطِّي شَعْ َرهَا مِنْ الرِّجَالِ َ ،وأَمَّا اْلمُعَلَّقَةُ بِلِسَانِهَا فَإِنَّهَا كَاَنتْ ُتؤْذِي َزوْجَهَا َ ،وأَمَّا اْلمُعَلَّقَةُ بِثَ ْديَيْهَا فَإِنَّهَا
ُد رِجْلَاهَا إلَى ثَ ْديَيْهَا َويَدَاهَا إلَى نَاصِيَتِهَا وَقَدْ سَلَّطَ اللَّهُ كَاَنتْ ُتؤْذِي فِرَاشَ َزوْجِهَا َ ،وأَمَّا الَّتِي ش َّ
سلُ مِنْ اْلجَنَابَةِ وَاْلحَ ْيضِ َوتَسْتَهْزِئُ بِالصَّلَاةِ ،وَأَمَّا الَّتِي عَلَيْهَا اْلحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ فَإِنَّهَا كَاَنتْ لَا تَغْتَ ِ َرأْسُهَا َرأْسُ خِنْزِيرٍ َوبَ َدنُهَا بَدَنُ ِحمَارٍ فَإِنَّهَا كَاَنتْ نَمَّامَةً كَذَّابَةً َ ،وأَمَّا الَّتِي عَلَى صُورَةِ الْكَ ْلبِ وَالنَّارُ تَدْ ُخلُ مِنْ فِيهَا َوَتخْرُجُ مِنْ ُدبُ ِرهَا فَإِنَّهَا كَاَنتْ مَنَّانَةً حَسَّادَةً .
يَا بُنَيَّةُ اْل َوْيلُ لِامْ َرأَةٍ تَعْصِي َزوْجَهَا } .
ا هـ مَا َذكَرَهُ َذلِكَ الْإِمَامُ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ .
الزوْجَةُ بِبَذْلِ َتمَامِ َوإِذَا أُمِرَتْ َّ
()667/2
سوَةً الطَّاعَةِ وَالِاسْتِرْضَاءِ لِ َزوْجِهَا فَ ُهوَ مَأْمُورٌ َأيْضًا بِالْإِحْسَانِ إلَيْهَا بِإِيصَالِهَا حَقَّهَا نَفَقَةً وَ ُم ْؤنَةً َوكِ ْ
حوِ سُوءِ خُلُقِهَا . بِ ِرضًا َوطِيبِ نَفْسٍ َولِنيِ َقوْلٍ َوبِالصَّبْرِ عَلَى َن ْ
وَمَرَّ فِي اْلحَدِيثِ الْأَمْرُ بِاْل َوصِيَّةِ بِهِنَّ َوأَنَّهُنَّ َعوَانٌ أُخِ ْذنَ بِأَمَانَةِ اللَّهِ َج ْمعُ عَانِيَةٍ َوهِيَ الْأَسِريَ ُة ،شَبَّهَ حتَ حُكْمِ الرَّ ُجلِ وَقَهْرِهِ بِالْأَسِريِ . النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اْلمَ ْرأَةَ فِي دُخُولِهَا َت ْ
وَمَرَّ فِي اْلحَدِيثِ { :خَيْرُكُمْ خَيْ ُركُمْ لَِأهْلِهِ } . وَفِي ِروَايَةٍ َ { :أْلطَفُكُمْ بَِأهْلِهِ } .
حوَ َذلِكَ . اللطْفِ بِالنِّسَاءِ ،قَالَ ذَلِكَ الْإِمَامُ بَعْدَ ِذكْرِهِ َن ْ َوكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيدَ ُّ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :أَُّيمَا رَ ُجلٍ صَبَرَ عَلَى سُوءِ خُلُقِ امْ َرَأتِهِ َأ ْعطَاهُ اللَّهُ مِنْ الْأَجْرِ مِنْ مِ ْثلِ مَا َأ ْعطَى أَيُّوبَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى بَلَائِهِ َ ،وأَُّيمَا امْ َرأَةٍ صَبَرَتْ عَلَى سُوءِ خُلُقِ
َزوْجِهَا َأ ْعطَاهَا اللَّهُ مِنْ الْأَجْرِ مَا َأ ْعطَى آسِيَةَ بِ ْنتَ مُزَاحِمٍ امْرَأَةَ فِ ْر َع ْونَ } .
س ِمعَ وَ ُروِيَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِيَشْكُوَ إلَيْهِ خُلُقَ َزوْجَتِهِ َفوَقَفَ بِبَابِهِ يَنْتَظِرُهُ فَ َ
امْ َرَأتَهُ تَسَْتطِيلُ عَلَيْهِ بِلِسَانِهَا َو ُهوَ سَا ِكتٌ لَا يَرُدُّ عَلَيْهَا فَانْصَ َرفَ قَائِلًا :إذَا كَانَ هَذَا حَالَ أَمِريِ اْل ُمؤْمِنِنيَ فَكَيْفَ حَالِي َ ،فخَرَجَ ُعمَرُ فَرَآهُ ُموَلِّيًا فَنَادَاهُ مَا حَاجَتُك ؟ فَقَالَ :يَا أَمِريَ اْل ُمؤْمِنِنيَ جِئْت
سمِعْت َزوْجَتَك كَ َذلِكَ فَرَجَعْت وَقُلْت :إذَا كَانَ هَذَا أَشْكُو إلَيْك خُلُقَ َزوْجَتِي وَاسِْتطَالَتَهَا عَلَيَّ فَ َ
حَالَ أَمِريِ اْل ُمؤْمِنِنيَ َم َع َزوْجَتِهِ فَكَيْفَ حَالِي ؟ فَقَالَ لَهُ ُعمَ ُر :يَا أَخِي إنِّي احَْتمَلْتُهَا ِلحُقُوقٍ لَهَا عَلَيَّ ،إنَّهَا طَبَّاخَةٌ ِلطَعَامِي خَبَّازَةٌ لِخُبْزِي غَسَّالَةٌ لِثِيَابِي مُ ْرضِعَةٌ ِل َولَدِي َولَيْسَ َذلِكَ ِبوَا ِجبٍ عَلَيْهَا وَيَسْكُنُ
قَلْبِي بِهَا عَنْ اْلحَرَامِ فََأنَا
()662/2
ك ،فَقَالَ الرَّ ُجلُ :يَا أَمِريَ اْلمُومِنِنيَ وَكَ َذلِكَ َزوْجَتِي قَالَ :فَاحَْتمِلْهَا يَا أَخِي فَإَِّنمَا هِيَ أَحَْتمِلُهَا لِ َذلِ َ مُدَّةٌ يَسِريَةٌ .
َوكَانَ لِبَ ْعضِ الصَّاِلحِنيَ أَخٌ صَاِلحٌ يَزُورُهُ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّ ًة َ ،فجَاءَ مَرَّةً لِ ِزيَا َرتِهِ َفطَ َرقَ بَابَهُ فَقَالَتْ َزوْجَتُهُ
:مَنْ ؟ فَقَالَ :أَخُو َزوْجِك فِي اللَّهِ جَاءَ لِ ِزيَا َرتِهِ فَقَاَلتْ ذَ َهبَ َيحَْت ِطبُ لَا رَدَّهُ اللَّهُ َوبَالَ َغتْ فِي شَ ْتمِهِ صلَ سَلَّمَ َملَ الْأَسَدَ حُزْمَ َة َح َطبٍ َو ُهوَ مُقِْبلٌ بِهِ ،فَلَمَّا وَ َ وَسَبِّهِ ،فَبَيَْنمَا هُوَ كَ َذلِكَ َوإِذَا بِأَخِيهِ قَدْ ح َّ
ح َطبَ عَنْ ظَهْرِ الْأَسَدِ وَقَالَ لَهُ :ا ْذ َهبْ بَارَكَ اللَّهُ فِيك ثُمَّ أَدْ َخلَ أَخَاهُ َحبَ بِهِ ،ثُمَّ َأنْزَلَ الْ َ عَلَيْهِ وَر َّ َجبِ مِنْ صَبْرِهِ عَلَيْهَا ثُمَّ جَاءَ فِي َدعَهُ وَانْصَ َرفَ عَلَى غَايَةِ التَّع ُّ َوهِيَ تَسُبُّهُ فَلَا ُيجِيبُهَا فََأطْ َعمَهُ ثُمَّ و َّ
الْعَامِ الثَّانِي فَدَقَّ الْبَابَ فَقَاَلتْ امْ َرأَةٌ :مَنْ ؟ قَالَ أَخُو َزوْجِك جَاءَ يَزُورُهُ .
ح َطبُ عَلَى ظَهْرِهِ فَأَدْخَلَهُ قَاَلتْ :مَرْحَبًا َوبَالَ َغتْ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْ ِهمَا َوأَمَ َرتْهُ بِانِْتظَارِهِ ،فَجَاءَ أَخُوهُ وَاْل َ َوَأطْ َعمَهُ َوهِيَ تُبَاِلغُ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْ ِهمَا ،فَلَمَّا أَرَادَ مُفَارَقَتَهُ سََألَهُ عَمَّا َرأَى مِنْ تِلْكَ وَمِنْ هَذِهِ وَمِنْ
َح ْملِ الْأَسَدِ َحطَبَهُ زَمَنَ تِلْكَ الْبَذِيئَةِ اللِّسَانِ الْقَلِيلَةِ الْإِحْسَا ِن ،وَ َحمْلِهِ لَهُ عَلَى ظَهْرِ ِه زَمَنَ هَذِهِ
السَّهْلَةِ اللَّيِّنَةِ اْلمُثْنِيَةِ اْل ُمؤْمِنَةِ َفمَا السََّببُ ؟ قَالَ يَا أَخِي ُتو ُِّفَيتْ تِلْكَ الشَّرِسَةُ َوكُنْت صَابِرًا عَلَى
ح َطبَ لِصَبْرِي عَلَيْهَا ،ثُمَّ ح ِملُ اْل َ ُشؤْمِهَا َوتَعَبِهَا فَسَخَّرَ اللَّهُ -تَعَالَى -لِي الْأَسَدَ الَّذِي َرَأيْته َي ْ
تَزَوَّجْت هَذِهِ الصَّاِلحَةَ َوَأنَا فِي رَاحَةٍ مَعَهَا فَانْ َق َطعَ عَنِّي الْأَسَدُ فَاحَْتجْت َأنْ أَ ْح ِملَ عَلَى ظَهْرِي لِأَ ْجلِ رَاحَتِي َمعَ هَذِهِ الصَّاِلحَةِ .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ النُّشُوزِ كَبِريَةً هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ َج ْمعٌ َولَمْ يُرِدْ الشَّ ْيخَانِ بِ َق ْولِ ِهمَا :امْتِنَاعُ اْلمَ ْرأَةِ مِنْ َزوْجِهَا بِلَا
()666/2
شمَلُهُ ،لَكِنْ ِلمَا فِي هَذَا صوَرِ النُّشُوزِ وَقَدَّمْت مَا يَ ْ سََببٍ كَبِريَةٌ خُصُوصَةً َ ،بلْ نَبَّهَا بِهِ عَلَى سَائِرِ ُ ِالذكْرِ . سطْته فِيهِ أَفْرَدْته ب ِّ مِمَّا بَ َ
وَمَرَّ أَنَّ فِيهِ َوعِيدًا شَدِيدًا كَلَعْنِ اْلمَلَائِكَةِ لَهَا إذَا َأبَتْ مِ ْن زَوْجِهَا بِلَا عُذْرٍ شَ ْرعِيٍّ .
قَالَ اْلجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ َ :وكَانَ شَ ْيخُ الْإِسْلَامِ اْلوَالِدُ رَ ِحمَهُ اللَّهُ تَعَالَى َيحْتَجُّ ِبحَدِيثِ لَعْنِ اْلمَلَائِكَةِ عَلَى َجوَازِ لَعْنِ الْعَاصِي اْلمُعَيَّنِ َوبَحَثْت مَعَهُ فِي َذلِكَ بِاحِْتمَالِ َأنْ يَكُونَ لَعْنُهُمْ لَهَا لَيْسَ بِاْلخُصُوصِ َبلْ
بِالْ ُعمُومِ بَِأنْ يُقَالَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ بَاَتتْ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ َزوْجِهَا .
()666/2
َالثمَانُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ ُ :سؤَالُ اْلمَ ْرأَةِ َزوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ ) بَابُ الطَّلَاقِ ( الْكَبِريَةُ اْلحَا ِديَةُ و َّ .
صحِيحَيْ ِهمَا ،عَنْ َث ْوبَانَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْرَجَ َأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنَا خُ َزْيمَةَ وَحِبَّانَ فِي َ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { :أَُّيمَا امْ َرأَةٍ سَأََلتْ َزوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ َفحَرَامٌ
عَلَيْهَا رَاِئحَةُ اْلجَنَّةِ } .
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي حَدِيثٍ قَالَ َ { :وإِنَّ اْل ُمخْتَلِعَاتِ هُنَّ اْلمُنَافِقَاتُ ،وَمَا مِنْ امْ َرأَةٍ تَسْأَ ُل َزوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فََتجِدُ رِيحَ اْلجَنَّةِ َأوْ قَالَ رَاِئحَةَ اْلجَنَّةِ } .
الصحِيحِ ِلمَا فِيهِ مِنْ هَذَا اْل َوعِيدِ الشَّدِي ِد ،لَكِنَّهُ تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَذَا كَبِريَةً هُوَ صَرِيحُ هَذَا اْلحَدِيثِ َّ مُشْ ِكلٌ عَلَى َقوَاعِدِ مَ ْذهَبِنَا اْل ُمؤَيَّدَةِ بِ َق ْولِهِ -تَعَالَى َ { : -فلَا جُنَاحَ عَلَيْ ِهمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ }
جوَازِ َبلْ لِنَفْيِ كَرَاهِيَةِ الطَّلَاقِ َ ،وبِ َق ْولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { :خُذْ اْلحَدِيقَةَ وَالشَّرْطُ قَبْلَهُ لَيْسَ لِ ْل َ ح ْملِ اْلحَدِيثِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ َذلِكَ كَبِريَةٌ عَلَى مَا إذَا َأْلجََأتْهُ إلَى َوطَلِّقْهَا َتطْلِيقَةً } ،وَقَدْ ُيجَابُ ِب َ َذيًا شَدِيدًا َحتْ عَلَيْ ِه فِي طَلَبِهِ َمعَ عِ ْلمِهَا بِتَأَذِّيهِ بِهِ تَأ ِّ ح َملُ عَلَيْهِ عُرْفًا كََأنْ َأل َّ الطَّلَاقِ بَِأنْ تَفْ َعلَ مَعَهُ مَا ُي ْ
َ ،ولَيْسَ لَهَا عُذْرٌ شَ ْرعِيٌّ فِي طَلَبِهِ .
()666/2
الديَاثَةُ وَالْقِيَادَةُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ َأوْ َالثمَانُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ ِّ : الثمَانُونَ وَالثَّالِثَةُ و َّ ( الْكَبِريَةُ الثَّانِيَةُ وَ َّ
بَيْنَهُمْ َوبَيْنَ اْلمُرْدِ ) .
عَنْ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { :ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ اْلجَنَّةَ :الْعَاقُّ ِلوَالِ َديْهِ وَالدَّيُّوثُ ،وَالرَّجُلَةُ مِنْ النِّسَاءِ } َروَاهُ اْلحَاكِمُ فِي مُسْتَدْ َركِهِ مِنْ طَرِيقَيْنِ :إحْدَا ُهمَا هَذِهِ ، الذهَبِيُّ :إسْنَادُ َححَ الثَّانِيَةَ ،قَالَ :وَالْقَ ْلبُ إلَى الْأُولَى أَمَْيلُ ،وَقَالَ َّ وَالثَّانِيَةُ عَنْ ابْنِ ُعمَرَ َ ،وص َّ
اْلحَدِيثِ صَاِلحٌ .
َن رَسُولَ اللَّهِ وَ َروَى أَ ْحمَدُ بِسَنَدٍ فِيهِ َمجْهُولٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ َعمْرِو بْنِ الْعَاصِ َرضِيَ اللَّهُ عَنْ ُهمَا أ َّ
خمْرِ ،وَالْعَاقُّ َرمَ اللَّهُ -تَعَالَى -عَلَيْهِمْ اْلجَنَّةَ :مُدْمِنُ اْل َ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :ثَلَاثَةٌ ح َّ ِلوَالِ َديْهِ ،وَالدَّيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ اْلخََبثَ فِي َأهْلِهِ } .
صلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ َوسَلَّمَ قَالَ { :ثَلَاثَةٌ لَا يَ ْنظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ َي ْومَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْهُ َأيْضًا بِسَنَدٍ مُتَّ ِ
خمْرِ ،وَاْلمَنَّانُ َعطَاءَهُ َ ،وثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ اْلجَنَّةَ :الْعَاقُّ ِلوَالِ َديْهِ الْقِيَامَةِ :الْعَاقُّ ِلوَالِ َديْهِ ،وَمُدْمِنُ اْل َ ،وَالدَّيُّوثُ ،وَالرَّجُلَةُ مِنْ النِّسَاءِ } .
َرمَ اللَّهُ تَبَارَكَ صحِيحُ الْإِسْنَادِ { :ثَلَاثَةٌ قَدْ ح َّ َوأَ ْحمَدُ وَاللَّفْظُ لَهُ ،وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَزَّارُ وَاْلحَاكِمُ ،وَقَالَ َ
خمْرِ ،وَالْعَاقُّ ِلوَالِ َديْهِ ،وَالدَّيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ فِي َأهْلِهِ اْلخََبثَ } . َوتَعَالَى عَلَيْهِمْ اْلجَنَّةَ :مُدْمِنُ اْل َ
َوأَخْرَجَ أَ ْحمَدُ { :ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ اْلجَنَّةَ َولَا يَ ْنظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ َي ْومَ الْقِيَامَةِ :الْعَاقُّ ِلوَالِ َديْهِ ،وَاْلمَ ْرأَةُ اْلمُتَرَجِّلَةُ اْلمُتَشَبِّهَةُ بِالرِّجَالِ ،وَالدَّيُّوثُ َوثَلَاثَةٌ لَا يَ ْنظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ َي ْومَ الْقِيَامَةِ :الْعَاقُّ ِلوَالِ َديْهِ ، خمْرِ ،وَاْلمَنَّانُ وَمُدْمِنُ اْل َ
()663/2
ِبمَا َأ ْعطَى } .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ،قَالَ اْلحَافِظُ اْلمُنْذِرِيُّ :لَا َأعْلَمُ فِيهِ َمجْرُوحًا َولَهُ َشوَاهِدُ كَثِريَةٌ { :ثَلَاثَةٌ لَا
خمْرِ ،قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ :أَمَّا ث ،وَالرَّجُلَةُ مِنْ النِّسَاءِ ،وَمُ ْدمِنُ اْل َ يَدْخُلُونَ اْلجَنَّةَ َأبَدًا :الدَّيُّو ُ
خمْرِ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ َفمَا الدَّيُّوثُ ؟ قَالَ :الَّذِي لَا يُبَالِي مَنْ دَ َخلَ عَلَى أَهْلِهِ ،قِيلَ :فَمَا الرَّجُلَةُ مُدْمِنُ اْل َ مِنْ النِّسَاءِ ؟ قَالَ :الَّتِي تُشَبَّهُ بِالرِّجَالِ } .
تَنْبِيهٌ :عَدُّ هَ َذيْنِ ُهوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّ ْيخَانِ َوغَيْ ُر ُهمَا ،وَقَالَ الْعُ َلمَاءُ :الدَّيُّوثُ الَّذِي لَا غَيْرَةَ لَهُ ج ْمعُ بَيْنَ النَّاسِ وَاسِْتمَاعُ اْلمَكْرُوهِ وَالْبَا ِطلِ . الديَاثَةُ هِيَ اْل َ جوَاهِرِ ِّ : عَلَى َأ ْهلِ بَيْتِهِ ،وَفِي اْل َ خصٌ لَا يَعْ ِرفُ الْغِنَاءَ َوإَِّنمَا مَعَهُ مَنْ يُغَنِّي ثُمَّ َيمْضِي بِهِ إلَى قَالَ الشَّافِعِيُّ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :إذَا كَانَ َش ْ النَّاسِ فَ ُهوَ فَاسِقٌ َوهَذِهِ ِديَاثَةٌ .
ف َوإَِّنمَا اْلمَعْرُوفُ مَا مَرَّ عَنْ الْعُ َلمَاءِ ِلديَاثَةِ ِبمَا َذكَرَ غَيْرُ مَعْرُو ٍ جوَاهِرِ ،وَحَدُّهُ ل ِّ انْتَهَى كَلَامُ اْل َ الصحِيحِ اْلمَ ْذكُورِ آنِفًا . اْل ُموَافِقُ لِ ْلحَدِيثِ َّ
ِالديَاثَةِ ،وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ :وَالدَّيُّوثُ حمُولٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ اْلحَالَةَ تَ ْلحَقُ ب ِّ َوأَمَّا كَلَامُ الشَّافِعِيِّ فَ ُهوَ َم ْ
الْقَوَّادُ عَلَى َأهْلِهِ َواَلَّذِي لَا يَغَارُ عَلَى َأهْلِهِ وَالتَّ ْدثِيثُ الْقِيَادَ ُة .
وَفِي اْل ُمحْكَمِ :الدَّيُّوثُ الَّذِي يَدْ ُخلُ الرِّجَالُ عَلَى حَرَمِهِ ِبحَ ْيثُ يَرَاهُمْ ،وَقَالَ ثَعْ َلبُ ُ :هوَ الَّذِي صلُ اْلحَ ْرفِ بِالسُّ ْريَانِيَّةِ َوعُرِّبَ . ُي ْؤتَى َأهْلُهُ َو ُهوَ يَعْلَمُ َوَأ ْ انْتَهَى .
الديَاثَةُ الْقِيَادَةَ ش َملُ ِّ أَيْ فَعَلَى هَذَا ُهوَ سُ ْريَانِيٌّ مُعَرَّبٌ ثُمَّ عَلَى مَا قَالَهُ صَاحِبُ لِسَانِ الْعَرَبِ ثَانِيًا تَ ْ الديَاثَةَ بِالْقِيَادَةِ عَلَى الَْأ ْهلِ َ ،واَلَّذِي َص فِيهِ ِّ َولًا َفخ َّ ج ْمعُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ َ ،وأَمَّا مَا قَالَهُ أ َّ َوهِيَ اْل َ
جَرَى عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ َوغَيْرُهُ اْلمُغَايَرَةُ بَيْنَ ُهمَا وَتَبِعْتهمْ فِي
()666/2
التَّرْ َجمَةِ .
ح ِملُ الرِّجَالَ إلَى َأهْلِهِ َوُيخَلِّي بَيْنَهُمْ َوبَيْنَ الَْأ ْهلِ ثُمَّ قَالَ الر ْوضَةِ عَنْ التَّتِمَّةِ الْقَوَّادُ مَنْ َي ْ صلِ َّ َوعِبَارَةُ َأ ْ ج َمعُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي اْلحَرَامِ ،ثُمَّ حَكَى عَنْ َويُشْبِهُ َأنْ لَا َيخْنَسَ بِالَْأ ْه ِل َ ،بلْ ُهوَ الَّذِي َي ْ
التَّتِمَّةِ أَنَّ الدَّيُّوثَ مَنْ لَا َيمَْنعُ النَّاسَ الدُّخُولَ عَلَى َزوْجَتِهِ َ ،وعَنْ إبْرَاهِيمَ الْعَبَّادِيِّ أَنَّهُ الَّذِي يَشْتَرِي جَا ِريَةً تُغَنِّي لِلنَّاسِ انْتَهَتْ .
َرقَ بَيْنَ ُهمَا فَ ْرقَ مَا بَيْنَ الْعَامِّ وَاْلخَاصِّ . وَقَضِيَّتُهَا َأنْ يُف َّ
الديَاثَةُ اسْتِحْسَانُ الرَّ ُجلِ عَلَى َأهْلِهِ ،وَالْقِيَادَةُ اسِْتحْسَانُهُ عَلَى أَجْنَبِيَّةٍ . وَقَالَ الزَّ ْركَشِيُّ ِّ : انْتَهَى .
شمَ ْل ُهمَا ، صلُ :أَنَّ الِاسْمَ إنْ َشمِلَ ُهمَا لِتَرَادُفِ ِهمَا فَالْأَحَادِيثُ السَّابِقَةُ نَصٌّ فِي ِهمَا َ ،وِإنْ لَمْ يَ ْ وَاْلحَا ِ فَالْقِيَادَةُ مِنْ َخوَا ِرمِ اْلمُرُوءَةِ ِلظُهُورِ قِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُتَعَاطِيهَا ِبمُرُو َءتِهِ ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الَْأنْسَابِ َمطْلُوبٌ شَ ْرعًا ،وَفِي الطِّبَاعِ الْبَشَرِيَّةِ مَا يَقْتَضِيهِ فَفَا ِعلُ َذلِكَ ُمخَالِفٌ لِلشَّ ْرعِ وَالطَّ ْبعِ وَفِيهَا إعَانَةٌ عَلَى
اْلحَرَامِ . قَالَ اْلجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ بَعْدَ ِذكْرِهِ َذلِكَ :فَهَذِهِ كَبِريَةٌ بِلَا نِزَاعٍ وَمَفْسَ َدتُهَا َعظِيمَةٌ ،قَالَ بَعْضُهُمْ َ :ولَا حَاجَةَ إلَى التَّقْيِيدِ بِ َك ْونِهَا بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ َبلْ هِيَ بَيْنَ ُهمَا َوبَيْنَ اْلمُرْدِ أَقَْبحُ .
()666/2
َالثمَانُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :وَطْءُ الرَّجْعِيَّةِ قَبْلَ ا ْرِتجَاعِهَا مِمَّنْ يَعْتَقِدُ بَابُ الرَّجْعَةِ ( الْكَبِريَةُ الرَّابِعَةُ و َّ َتحْرِميَهُ ) .
جبْ فِيهِ حَدٌّ ،؛ لِأَنَّ عَ َدمَ وُجُوبِهِ َوعَدُّ هَذَا كَبِريَةً إذَا صَدَرَ مِنْ مُعْتَقِدِ َتحْرِميَهُ غَيْرُ بَعِيدٍ َوِإنْ لَمْ َي ِ
ِلمَعْنًى ُهوَ الشُّبْهَةُ َوهِيَ لِ َك ْونِ اْلحُدُودِ مَبْنِيَّةً عَلَى الدَّرْءِ مَا أَمْكَنَ تُسْقِطُ اْلحَدَّ َولَا تَقْتَضِي خِفَّةَ
طءَ الْأَمَةِ اْلمُشْتَ َركَةِ كَبِريَةٌ َكمَا ُهوَ ظَاهِرٌ َولَا َنظَرَ لِ َك ْونِ شُبْهَةِ اْلمِلْكِ الَّذِي اْلحُرْمَةِ َ ،ألَا تَرَى أَنَّ وَ ْ
لَهُ فِيهَا مُسْ ِقطَةً لِ ْلحَدِّ .
طءِ الرَّجْعِيَّةِ خِلَافٌ فِي اْلحِلِّ فَكَيْفَ يَكُونُ َمعَ َذلِكَ كَبِريَةً ؟ . فَِإنْ قُلْت :جَرَى فِي وَ ْ
قُلْت :لَيْسَ َذلِكَ بِغَرِيبٍ فَإِنَّ النَّبِيذَ جَرَى فِيمَا لَا يُسْكِرُ مِنْهُ خِلَافٌ وَ َمعَ َذلِكَ ُهوَ كَبِريَةٌ عِنْ َدنَا َكمَا يَ ْأتِي .
()666/2
الزوْجَةِ بِأَنْ َيحْلِفَ لََيمْتَنِعَنَّ مِنْ َالثمَانُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :الْإِيلَاءُ مِنْ َّ بَابُ الْإِيلَاءِ ( الْكَبِريَةُ اْلخَامِسَةُ و َّ َوطْئِهَا َأكْثَرَ مِنْ أَ ْربَعَةِ أَشْهُرٍ ) .
ِلزوْجَةِ ؛ َوعَدِّي لِهَذَا كَبِريَةً غَيْرُ بَعِيدٍ َ ،وِإنْ لَمْ أَرَ مَنْ َذكَرَهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُضَارَّةً َعظِيمَةً ل َّ لِأَنَّ صَبْ َرهَا عَنْ الرَّ ُجلِ يَفْنَى بَعْدَ الْأَ ْربَعَةِ أَشْهُرٍ َكمَا قَالَتْهُ حَفْصَةُ أُمُّ اْل ُمؤْمِنِنيَ لَِأبِيهَا ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ
عَنْ ُهمَا فَأَمَرَ َأنْ لَا يَغِيبَ أَحَدٌ عَنْ َزوْجَتِهِ َذلِكَ َ ،ولِ َعظِيمِ هَذِهِ اْلمَضَرَّةِ َأبَاحَ الشَّا ِرعُ لِلْقَاضِي إذَا لَمْ
الزوْجُ بَعْدَ الْأَ ْربَعَةِ أَشْهُرٍ َأنْ ُيطَلِّقَ عَلَيْهِ طَلْقَةً َولَا يُنَافِي َذلِكَ َقوْلَ َأئِمَّتِنَا :لَا َيجِبُ عَلَى الرَّ ُجلِ َيطَأْ َّ
طءُ َزوْجَتِ ِه َ ،وَلوْ مَرَّةً وَاحِدَةً ؛ لِأَنَّهُمْ اكْتَ َفوْا فِي َذلِكَ بِدَاعِيَةِ الطَّبْعِ إذْ اْلمَ ْرأَةُ مَا دَامَ لَمْ يَ َقعْ حَلِفٌ وَ ْ ستْ َكمَا هُنَا َ ،و َكمَا َلوْ َتحَقَّقَتْ عُنَّتَهُ صلُ لَهَا كَبِريُ ضَرَرٍ ِبخِلَافِ مَا إذَا َأيِ َ طءَ فَلَا َيحْ ُ هِيَ تَتَرَجَّى اْلوَ ْ سخِ عَلَيْهِ بِشَرْطٍ ،وَمَكَّنَ الْقَاضِي هُنَا مِنْ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ بِشَ ْرطِهِ دَفْعًا لِ َذلِكَ فَإِنَّ الشَّا ِرعَ مَكَّنَهَا مِنْ الْفَ ْ
الضَّرَرِ الْ َعظِيمِ عَنْهَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ .
()667/2
َالثمَانُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :الظِّهَارُ ) قَالَ -تَعَالَى { : -الَّذِينَ بَابُ الظِّهَارِ ( الْكَبِريَةُ السَّادِسَةُ و َّ ُيظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتُهُمْ إنْ أُمَّهَاتُهُمْ إلَّا اللَّائِي َولَ ْدنَهُمْ َوإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنْ الْ َقوْلِ وَزُورًا َوإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } .
وَحِ ْكمَةُ { مِنْكُمْ } َت ْوبِيخُ الْعَرَبِ َوتَهَجُّنُ عَا َدتِهِمْ فِي الظِّهَارِ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ َأْيمَانِ اْلجَاهِلِيَّةِ خَاصَّةً دُونَ سَائِرِ الْأُمَمِ { مَا هُنَّ أُمَّهَاتُهُمْ } أَيْ مَا نِسَا ُؤهُمْ بِأُمَّهَاتِهِمْ حَتَّى يُشَبِّهُونَهُنَّ بِهِنَّ ،إذْ حَقِيقَةُ
ح َوهَا . الظِّهَارِ َأنْ يَقُولَ لِ َزوْجَتِهِ َأْنتِ عَلَيَّ َكظَهْرِ أُمِّي َأوْ َن ْ { إنْ أُمَّهَاتُهُمْ إلَّا اللَّائِي َولَ ْدنَهُمْ } أَيْ مَا أُمَّهَاتُهُمْ إلَّا وَالِدَاتُهُمْ َأوْ مَنْ فِي حُ ْكمِهِنَّ كَاْلمُ ْرضِعَةِ {
َوإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا } أَيْ شَ ْيءٌ مِنْ الْ َقوْلِ مُنْكَرًا وَزُورًا :أَيْ بُهْتَانًا َوكَ ِذبًا إذْ اْلمُنْكَرُ مَا لَا يُعْ َرفُ فِي الشَّرْعِ .
وَالزُّورُ الْكَذِبُ { َوإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } إذْ جَ َعلَ الْكَفَّارَةَ ُمخَلِّصَةً لَهُمْ مِنْ هَذَا الْ َقوْلِ اْلمُنْكَرِ وَالزُّورِ .
حوِ أُمِّهِ فَأَيُّ مُنْكَرٍ وَزُورٍ فِيهِ ؟ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنْ قَصَدَ بِهِ اْلإِخْبَارَ لَا يُقَالُ اْل ُمظَاهِرُ َّإنمَا شَبَّهَ َزوْجَتَهُ بَِن ْ ِلتحْ ِرميِ ،وَالشَّ ْرعُ لَمْ َيجْعَلْهُ كَ َذلِكَ ضحٌ أَنَّهُ مُنْكَرٌ َوكَذِبٌ َأوْ الِْإنْشَاءَ فَكَ َذلِكَ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ سَبَبًا ل َّ َفوَا ِ َ ،وهَذَا غَايَةٌ فِي قُبْحِ اْل ُمخَالَفَةِ وَ ُفحْشِهَا ،وَمِنْ ثَمَّ اُُّتجِهَ بِ َذلِكَ َك ْونُ الظِّهَارِ كَبِريَةً ؛ لِأَنَّ اللَّهَ -
تَعَالَى -سَمَّا ُه زُورًا ،وَالزُّورُ كَبِريَةٌ َكمَا يَ ْأتِي .
َوُيوَافِقُ َذلِكَ مَا نُ ِقلَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّ الظِّهَارَ مِنْ الْكَبَائِرِ .
()667/2
َالثمَانُونَ بَعْدَ اْلمِائَتَيْنِ :قَذْفُ اْل ُمحْصَنِ َأوْ اْلمُحْصَنَةِ بِ ِزنًا َأوْ بَابُ اللِّعَانِ ( الْكَبِريَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ و َّ ِلوَاطٍ وَالسُّكُوتُ عَلَى َذلِكَ ) .
قَالَ -تَعَالَى َ { : -واَلَّذِينَ يَرْمُونَ اْل ُمحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَ ْأتُوا بِأَ ْربَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ َثمَانِنيَ جَلْدَةً َولَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً َأبَدًا َوأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ إلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ َذلِكَ َوَأصْ َلحُوا فَإِنَّ اللَّهَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ } .
الدنْيَا وَالْآخِرَةِ وَقَالَ -تَعَالَى { : -إنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ اْل ُمحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ اْل ُمؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي ُّ َولَهُمْ عَذَابٌ َعظِيمٌ َي ْومَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ َألْسِنَتُهُمْ َوَأيْدِيهِمْ َوأَرْجُلُهُمْ ِبمَا كَانُوا يَ ْعمَلُونَ َيوْمَئِذٍ ُيوَفِّيهِمْ
اللَّهُ دِينَهُمْ اْلحَقَّ َويَعْ َلمُونَ أَنَّ اللَّهَ ُهوَ اْلحَقُّ اْلمُبِنيُ } أَ ْج َمعَ الْعُ َلمَاءُ عَلَى أَنَّ اْلمُرَادَ مِنْ الرَّمْيِ فِي
ِاللوَاطِ كَيَا زَانِيَةُ َأوْ بَغِيَّةُ َأوْ َقحْبَةُ َ ،أوْ لِزَوْجِهَا كَيَا زَوْجَ ش َملُ الرَّمْيَ ب ِّ ِالزنَا َو ُهوَ يَ ْ الْآيَةِ الرَّمْيُ ب ِّ الْ َقحْبَةِ َ ،أوْ ِل َولَ ِدهَا كَيَا َولَدَ الْ َقحْبَةِ ،أَوْ لِبِنْتِهَا كَيَا بِ ْنتَ الزِّنَا ،فَهَذَا كُلُّهُ قَذْفٌ لِلْأُمِّ َ ،أوْ لِرَ ُجلٍ يَا زَانِي َأوْ مَنْكُوحُ .
قَالَ بَعْضُهُمْ َ :أوْ يَقُولُ لَهُ يَا عِلْقُ .
انْتَهَى .
َوكَأَنَّهُ أَخَذَ َذلِكَ مِنْ شُهْرَةِ اسْتِ ْعمَالِ َذلِكَ فِي الْقَ ْذفِ وَالشُّهْرَةُ تُو ِجبُ الصَّرَاحَةَ عَلَى مَا قَالَهُ َج ْمعٌ لَكِنَّ اْلمُعَْتمَدَ خِلَافُهُ ،فَاَلَّذِي يَُّتجَهُ أَنَّ َذلِكَ كِنَايَةٌ .
و َقوْله تَعَالَى { :اْل ُمحْصَنَاتِ } أَيْ الَْأنْفُسُ اْل ُمحْصَنَاتُ فَيَعُمُّ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ َ ،أوْ التَّقْدِيرُ
ف ،وَاْلمُرَادُ بِالْإِحْصَانِ هُنَا اْلحُرِّيَّةُ الن ْوعَيْنِ فِي الْقَ ْذ ِ وَاْل ُمحْصَنِنيَ لِلْإِ ْجمَاعِ عَلَى اسِْتوَاءِ حُكْمِ َّ
طءِ َزوْجَةٍ َأوْ َممْلُوكَةٍ فِي دُبُ ِرهَا َ ،فمَنْ طءٍ ُيحَدُّ بِهِ َ ،وعَنْ وَ ْ وَالْإِسْلَامُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَ ْقلُ وَالْعِفَّةُ عَنْ وَ ْ
فَ َعلَ وَطْئًا ُيحَدُّ بِهِ أَوْ َوطِئَ حَلِيلَتَهُ فِي ُدبُ ِرهَا لَمْ َيجِبْ عَلَى
()662/2
ِالزنَا حَدُّ الْقَ ْذفِ َ ،وِإنْ تَابَ َوصَ ُلحَ حَالُهُ ؛ لِأَنَّ الْعِرْضَ إذَا اْنخَ َرمَ لَا يَلْتَئِمُ خَرْقُهُ أَبَدًا ،نَعَمْ رَامِيهِ ب ِّ سبِ . حوُهُ كَبِريَةٌ َكمَا ُهوَ ظَاهِرٌ يَ ْأتِي فِي النَّ َ ِالزنَا َأوْ نَ ْ قَذْفُهُ ب ِّ
َوعُلِمَ مِنْ َقوْله تَعَالَى { :ثُمَّ لَمْ يَ ْأتُوا } إلَى آخِرِهِ أَنَّ سََببَ اْلحَدِّ هُنَا َّإنمَا ُهوَ إظْهَارُ تَكْذِيبِهِ وَافْتِرَائِهِ َ ،فمَنْ ثَبَتَ صِدْقُهُ بَِأنْ أَقَامَ أَرْبَعَةَ شُهَدَاءَ عُدُولٍ .
ُدعِيَ أَنَّهُ زَانٍ وَقَالَ َأبُو حَنِيفَةَ :يَكْفِي هُنَا الْفُسَّاقُ يَشْهَدُونَ بِ ِزنَا اْلمَقْذُوفِ َأوْ رَجُلَيْنِ بِإِقْرَارِهِ َ ،أوْ ا ُّ َدهَا عَلَى الْقَاذِفِ َفحَلَفَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ ،وَشَرْطُ اْلحُرْمَةِ وَاْلحَدِّ َأنْ َفوُجِّ َهتْ إلَيْهِ الَْيمِنيُ أَنَّهُ لَمْ يَ ْزنِ فَر َّ يَصْدُرَ الْقَ ْذفُ مِنْ بَاِلغٍ عَا ِقلٍ َولَا يَتَكَرَّرُ اْلحَدُّ بِتَكَرُّرِ الْقَ ْذفِ مِرَارًا َ ،وِإنْ اخْتَلَ َفتْ كَ َزنَيْت بِفُلَانَةَ ثُمَّ قَالَ َزنَيْت بِأُخْرَى َوهَكَذَا ،نَعَمْ إنْ حُدَّ فَقَذَفَهُ بَعْدُ عُزِّرَ وَقِيلَ يَتَعَدَّدُ اْلحَدُّ بِالتَّعَدُّدِ ُمطْلَقًا ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ َالديُونِ َ ،وإِذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الْإِحْصَانِ السَّابِقَةِ وَ َجبَ التَّعْزِيرُ . آدَمِيٍّ فَلَا يَتَدَا َخلُ ك ُّ
َوأَمَّا الْكَبِريَةُ فَهِيَ بَاقِيَةٌ َكمَا هُوَ ظَاهِرٌ َنظِريُ مَا مَرَّ .
الزنَا تَعَرُّضُهُمْ لِلزَّانِي وَاْلمَ ْزنِيِّ بِهِ ،إذْ قَدْ يَرَى عَلَى أُمِّهِ ابْنَهُ فََيظُنُّ أَنَّهُ ِزنًا َويُشْتَرَطُ فِي شُهُودِ ِّ َوكَ َك ْونِ َذكَرِهِ فِي فَرْجِهَا َويُنْدَبُ .
جبُ َأنْ يَقُولُوا َرَأيْنَا َذكَرَهُ يَدْخُلُ فِي فَرْجِهَا دُخُولَ اْلمِيلِ فِي اْلمُ ْكحُلَةِ ،فَلَا يَكْفِي وَقَالَ َجمَاعَةٌ َي ِ
َق ْولُهُمْ َزنَى فَقَطْ بِخِلَافِ الْقَا ِذفِ ُيحَدُّ بِ َق ْولِهِ لِغَيْرِهِ َزنَيْت َولَا يَسْتَفْسِرُ َ ،وَلوْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا جبُ َكمَا فِي الْقَ ْذفِ ،وَالْأَوَّلُ ُهوَ الَْأصَحُّ عِنْدَنَا ، جبُ اسْتِفْسَارُهُ كَالشُّهُودِ ،وَقِيلَ لَا َي ِ فَقِيلَ َي ِ
وَفَا َرقَ الْقَ ْذفَ َعمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ فِي ِهمَا إذْ ُهوَ فِي حَدِّ الْقَ ْذفِ عَ َدمُ َتوَقُّفِهِ عَلَى اسْتِفْسَارٍ مُبَالَغَةً فِي
الزَّجْرِ عَنْهُ ؛
()666/2
لِ َك ْونِهِ حَقَّ آدَمِيٍّ ،وَفِي الْإِقْرَارِ َتوَقُّفُهُ عَلَيْهِ مُبَالَغَةٌ فِي سَتْرِ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ الَّتِي هِيَ حَقُّ اللَّهِ -تَعَالَى َ ، -ولَا فَ ْرقَ عِنْ َدنَا بَيْنَ شَهَادَتِهِمْ ُمجَْتمَعِنيَ َأوْ مُتَفَرِّقِنيَ َوكَذَا عِنْدَ َأكْثَرِ الْعُ َلمَاءِ .
َولَيْنِ أَنَّ التَّفْرِيقَ َأبْعَدُ وَقَالَ َأبُو حَنِيفَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :إنْ تَفَرَّقُوا لَ َغتْ شَهَا َدتُهُمْ وَحُدُّوا ،حُجَّةُ الْأ َّ ض ،وَمِنْ ثَمَّ إذَا ا ْرتَابَ فِي التُّ ْهمَةِ َوَأبْ َلغُ فِي ظُهُورِ الصِّ ْدقِ لِانْتِفَاءِ احِْتمَالِ تَلَقُّفِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَ ْع ٍ
َرقَ بَيْنَهُ ْم َ ،وَأيْضًا فَالتَّفْرِيقُ لَا بُدَّ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُمْ َوِإنْ اجَْتمَعُوا عِنْدَ الْقَاضِي َأوْ نَائِبِهِ الْقَاضِي فِي شُهُودٍ ف َّ
تَقَدَّمُوا وَاحِدًا َفوَاحِدًا لِتَعَسُّرِ شَهَا َدتِهِمْ مَعًا .
َولًا ثُمَّ ثَانِيًا َ ،وهَكَذَا يَصْ ُدقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ أَنَّهُ قَذَفَ َولَمْ يَأْتِ بِأَ ْربَعَةِ شُهَدَاءَ وَحُجَّتُهُ أَنَّ مَنْ شَهِدَ أ َّ
فَُيحَدُّ لِلْآيَةِ َولَا َأثَرَ ؛ لِِإتْيَانِهِمْ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ َوإِلَّا لَاُُّتخِذَ ذَرِيعَةً إلَى قَ ْذفِ اْلمُسْ ِلمِنيَ َ ،وَأيْضًا فَلِأَنَّ ِالزنَا أَ ْربَعَةٌ عِنْدَ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَبُو بَكْرَ َة ،وَشِ ْبلُ اْلمُغِريَةَ بْنَ شُعْبَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَهِدَ عَلَيْهِ ب ِّ
بْنُ مَعْبَ ٍد َ ،ونَا ِفعٌ َ ،ونُفَ ْيعٌ .
لَكِنْ قَالَ رَابِعُهُمْ َرَأيْت اسْتًا يَنْبُو َونَفَسًا يَعْلُو وَرِجْلَاهَا عَلَى عَاتِقَيْهِ كَأُ ُذنَيْ ِحمَارٍ َولَا أَدْرِي مَا وَرَاءَ َذلِكَ َفحَدَّ ُعمَرُ الثَّلَاثَةَ َولَمْ يَسْأَلْ َهلْ مَعَهُمْ شَاهِدٌ رَاِبعٌ فَلَوْ قَِبلَ بَعْدَ َذلِكَ شَهَادَةَ غَيْ ِرهِمْ لَتَوَقَّفَ
أَدَاءُ اْلحَدِّ عَلَيْهِ . َوِبمَا فِي هَذِهِ اْلوَاقِعَةِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ قَالَ لَا حَدَّ عَلَيْهِمْ َ ،وِإنْ لَمْ يَ ْك ُملْ النِّصَابُ ؛ لِأَنَّهُمْ جَاءُوا َمجِيءَ
الزنَا ؛ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَا يَأْمَنُ َأنْ لَا ُيوَافِقَهُ الشُّهُودِ َ ،ولِأَنَّهُمْ َلوْ حُدُّوا لَانْسَدَّ بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى ِّ صَاحِبُهُ فَيَلْزَمُهُ اْلحَدُّ َ ،ويُرَدُّ مَا ع ََّللَ بِهِ بِأَنَّ الْقَصْدَ سَتْرُ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ مَا أَمْكَنَ َ ،ولِذَا َتمَيَّزَتْ
()666/2
َعنْ سَائِرِ الْأَفْعَالِ وَالْأَ ْقوَالِ بِاشْتِرَاطِ أَ ْربَعَةٍ يَشْهَدُونَ بِهَا . و َقوْله تَعَالَى { :فَاجْلِدُوهُمْ } اْلمُرَادُ مِنْهُ الْإِمَامُ َأوْ نَائِبُهُ َ ،وكَذَا السَّيِّدُ فِي قِنِّهِ . قَالَ بَ ْعضُ اْلمُفَسِّرِينَ :أَوْ رَ ُجلٌ صَاِلحٌ إذَا فُقِدَ الْإِمَامُ وَمَ ْذ َهبُنَا لَا ُيوَافِقُ َذلِكَ .
وَ َق ْولُهُ -عَزَّ وَجَلَّ َ { : -ثمَانِنيَ جَلْدَةً } َمحَلُّهُ فِي كَا ِملِ اْلحُرِّيَّةِ فَغَيْرُهُ يُجْلَدُ أَ ْربَعِنيَ وَفِي غَيْرِ اْلوَالِدِ َوِإنْ عَلَا فَلَا ُيحَدُّ بِقَ ْذفِ فَ ْرعِهِ َكمَا لَا يُقَْتلُ بِهِ َبلْ يُعَزَّرُ َ ،وكَذَا السَّيِّدُ مَعَ قِنِّهِ .
خمْرِ َوكَأَنَّهُمْ لَمْ يَ ْذكُرُوا حَدَّ الْكُفْرِ ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الزنَا ،ثُمَّ الْقَ ْذفِ ،ثُمَّ اْل َ َوأَشَدُّ اْلحُدُودِ حَدُّ ِّ التحَتُّمُ الَّذِي ُهوَ حُدُودِ اْلمُسْ ِلمِنيَ َ ،ولَا حَدَّ عَلَى قَا ِطعِ الطَّرِيقِ ؛ لِأَنَّهُ َقوَدٌ لَا حَدٌّ َ ،وِإنْ وَ َجبَ فِيهِ َّ
حَقُّ اللَّهِ -تَعَالَى . -
الزنَا أَنَّهُ جِنَايَةٌ عَلَى الَْأنْسَابِ الَّتِي هِيَ شَقَائِقُ النُّفُوسِ ،ثُمَّ الْقَ ْذفِ أَنَّهُ جِنَايَةٌ عَلَى َووَجْهُ أَشَدِّيَّةِ ِّ
الرعَايَةِ عِنْدَ َذوِي اْلمُرُوآتِ َمعَ َتمَحُّضِهَا ِلحَقِّ الْآدَمِيِّ . الَْأعْرَاضِ الْ َعظِيمَةِ ِّ
و َقوْله تَعَالَى َ { :وأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ } فِيهِ أَشَدُّ الْعُقُوبَةِ َوَأبْ َلغُ الزَّجْرِ َوَأكْبَرُ اْلمَ ْقتِ لِلْقَاذِفِنيَ .
َو َق ْولُهُ -جَلَّ َوعَلَا { : -إلَّا الَّذِينَ تَابُوا } إَلخْ اخْتَلَفُوا فِيهِ .
ج ْملَةِ الْأَخِريَةِ َوهِيَ اْلحُكْمُ عَلَيْهِمْ بِالْفِسْقِ ، فَقَالَ َأبُو حَنِيفَ َة َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَآخَرُونَ :إنَّهُ خَاصٌّ بِاْل ُ فَالْقَا ِذفُ فَاسِقٌ إلَّا إنْ تَابَ ؛ َوأَمَّا رَدُّ شَهَا َدتِهِ فَ ُهوَ مُعَلَّقٌ عَلَى حَدِّهِ فَِإنْ حُدَّ فِي الْقَ ْذفِ لَمْ تُقَْبلْ لَهُ
بَعْدُ شَهَادَةٌ َأبَدًا .
الصحَابَةِ وَالتَّابِعِنيَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ :الِاسْتِثْنَا ُء رَا ِجعٌ لِ ْلجَمِي ِع َ ،فمَتَى تَابَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ َوَأكْثَرُ َّ
صحِيحَةً زَالَ فِسْقُهُ وَقُبِ َلتْ شَهَا َدتُهُ . الْقَا ِذفُ َت ْوبَةً َ
َفمَعْنَى َأبَدًا :أَيْ مَا دَامَ قَاذِفًا :أَيْ مُصِرًّا عَلَى قَذْفِ ِه َ ،وبِالتَّ ْوبَةِ زَالَ َأثَرُ
()666/2
الْقَ ْذفِ فَزَالَ مَا تَرََّتبَ عَلَيْهِ مِنْ رَدِّ الشَّهَادَةِ .
ج َملِ الثَّلَاثَةِ َبلْ الظَّاهِرُ ُهوَ مَا يَعْضُدُهُ وَ َقوْلُ َأبِي حَيَّانَ :لَيْسَ ظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي َعوْدَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى اْل ُ كَلَامُ الْعَرَبِ َو ُهوَ الرُّجُوعُ إلَى الْأَخِريَةِ َممْنُوعٌ بِإِطْلَاقِهِ َ ،بلْ قَاعِدَةُ الْعَرَبِ اْلمُقَرَّرَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي
ح َو ُهمَا مِنْ الْمُتَعَلِّقَاتِ تَرْجِعُ إلَى َجمِيعِ مَا تَقَدَّمَهَا ، بَابِ اْلوَقْفِ َوغَيْرِهِ :أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ وَاْل َوصْفَ َوَن ْ َس َطتْ رَجَ َعتْ إلَى الْكُلِّ َأيْضًا َبلْ َوِإلَى َجمِيعِ مَا تَأَخَّرَ مِنْهَا َ ،بلْ قَالَ َجمْعٌ مِنْ َأئِمَّتِنَا َوغَيْ ِرهِمْ َلوْ َتو َّ ج َملِ ؛ لِأَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ ِلمَا قَبْلَهَا مُتَأَخِّرَةٌ َوِلمَا بَعْ َدهَا مُتَقَدِّمَةٌ ،فَكَانَ الْقِيَاسُ فِي الْآيَةِ عَوْدَهُ إلَى اْل ُ
الثَّلَاثَةِ . ِالت ْوبَةِ ،فَبَقِيَ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ َعوْدِهِ إلَى الْأُولَى َوهِيَ { فَاجْلِدُوهُمْ } مَاِنعٌ ُهوَ عَ َدمُ سُقُوطِ حَدِّ الْقَ ْذفِ ب َّ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْأُخْ َريَيْ ِن َ ،و ُهمَا رَدُّ الشَّهَادَةِ وَالْفِسْقُ ،وَمِنْ ثَمَّ جَاءَ عَنْ ُعمَرَ َرضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّهُ قَالَ فِي قِصَّةِ اْلمُغِريَةِ السَّابِقَةِ :مَنْ َأكْذَبَ نَفْسَهُ قُبِلَتْ شَهَا َدتُهُ فََأكْذَبَ شِ ْبلٌ َونَا ِفعٌ َأنْفُسَ ُهمَا فَكَانَ يَقَْبلُ شَهَا َدتَ ُهمَا عَلَى أَنَّ الشَّعْبِيَّ قَالَ بِرُجُوعِهِ إلَى الْأُولَى َأيْضًا .
فَقَالَ :إذَا تَابَ الْقَا ِذفُ سَقَطَ اْلحَدُّ عَنْهُ . تَنْبِيهٌ :مَنْ قَ َذفَ آخَرَ بَيْنَ يَدَيْ حَاكِمٍ لَزِمَهُ َأنْ يَبْ َعثَ إلَيْهِ َويُخْبِرَهُ بِهِ لُِيطَاِلبَ بِهِ إنْ شَاءَ َكمَا َلوْ ثََبتَ عِنْدَهُ مَالٌ عَلَى آخَرَ َو ُهوَ لَا يَعْلَمُ يَلْزَمُهُ إعْلَامُهُ بِ ِه َ ،ولَيْسَ لِلْإِمَامِ َونَائِبِهِ إذَا رُمِيَ رَ ُجلٌ بِ ِزنًا َأنْ يُرْ ِسلَ
يَسْأَلُ عَنْ َذلِكَ .
و َقوْله تَعَالَى { :الْغَافِلَاتِ } أَيْ عَنْ الْفَاحِشَةِ بَِأنْ لَا يَ َقعَ مِثْلُهَا مِنْهُنَّ فَ ُهوَ كِنَايَةٌ عَنْ مَزِيدِ عِفَّتِهِنَّ َوطَهَا َرتِهِنَّ َ ،وهَذِهِ الْآيَةُ عَامَّةٌ َوِإنْ نَ َزَلتْ فِي عَائِشَةَ َرضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا .
قَاَلتْ { :رُمِيت َوَأنَا غَافِلَةٌ َوإَِّنمَا
()663/2